بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
غثاء الألسنة
--------------------------------------------------------------------------------
الغُثاء بالمد والضم: ما يجيء فوق السيل، مما يحمله من الزبد والوسخ وغيره
والغث: هو الرديء من كل شيء
وغث حديث القوم: فسد، وردأ
وغث فلان في حديثه: إذا جاء بكلام غث، لامعنى له.
وما أكثر الكلام الفاسد الذي يدور في مجالس المسلمين أيًا كانوا كبارًا أو صغارًا، رجالا أو نساء، إن غثاء الألسنة اليوم يزكم الأنوف، ويصم الآذان، ويصيبك الغثيان والدوار وأنت تسمع حديث المجالس اليوم، لانقول ذلك في مجالس العامة ودهماء الناس فقط بل وللأسف حتى في مجالس الصالحين، وفي مجالس المعلمين والمتعلمين.
غثاء الألسنة: في الكذب، والنفاق، والغش، والخداع...
غثاء الألسنة: في الغيبة، والنميمة، والقيل، والقال...
غثاء الألسنة: في أعراض الصالحين والمصلحين، والدعاة والعلماء، في الوقت الذي سلم فيه أعداء الإسلام من اليهود والنصارى، والرافضة والمنافقين...
غثاء الألسنة: في التدليس، والتلبيس، وتزييف الحقائق، وتقليب الأمور...
غثاء الألسنة: في التجريح، والهمز، واللمز، وسوء الظن...
غثاء الألسنة: في الدخول في المقاصد والنيات، وفقه الباطن...
غثاء الألسنة: بكل ما تحمله هذه الكلمة من غثائية وغثيان.
وما هي النتيجة؟ النتيجة: بث الوهم، والفرقة، والخصام والنزاع بين المسلمين، وقطع الطريق على العاملين، وإخماد العزائم بالقيل والقال . إنك ما إن ترى الرجل حسن المظهر، وسيماه الخير، وقد تمسك بالسنة في ظاهره؛ إلا وتقع الهيبة في قلبك والاحترام والتقدير في نفسك، وما أن يتكلم، فيجرح فلاناً، ويعرض بعلان، وينتقص عمراً، ويصنف زيداً إلا وتنزع المهابة من قلبك، ويسقط من عينك... وإن كان حقًا ما يقول، وإن كان صادقًا فيه، فلا حاجة شرعية دعت لذلك، وإن دعت تلك الحاجة، فبالضوابط الشرعية، وبالقواعد الحديثية، فإن لم تعلمها أيها الأخ الحبيب، وإن لم تعلميها أيتها المسلمة، فما نستطيع أن نقول إلا: أمسك عليك لسانك .
إن المصنفات في الجرح والتعديل مئات المجلدات، لكن اقرأ وتمعن: كيف كان الجرح فيها؟ فشتان بين الجرحين، لقد كان خوف الله عز وجل ميزاناً دقيقاً لألسنتهم رحمهم الله تعالى، وكان هدفهم هو تمييز صحيح السنة من سقيمها ولكن ما هو الهدف اليوم؟ نعوذ بالله من الهوى والحسد، ومن الشقاق والنفاق، ومساوئ الأخلاق .
إلى متى، ونحن نجهل أو نتجاهل، أو نغفل أو نتغافل عن خطورة هذا اللسان؟ مهما كان صلاحك و عبادتك، وخيرك وعلمك، ومهما كانت نيتك، فرحم الله ابن القيم يوم أن قال في" الجواب الكافي":" من العجب أن الإنسان يهون عليه التحفظ والاحتراز من أكل الحرام، والظلم، والسرقة، وشرب الخمر، ومن النظر المحرم، وغير ذلك ويصعب عليه التحفظ من حركة لسانه حتى ترى الرجل يشار إليه بالدين والزهد والعبادة، وهو يتكلم بالكلمات من سخط الله لا يلقي لها بالا؛ يذل بالكلمة الواحدة أبعد مما بين المشرق والمغرب والعياذ بالله" وقال أيضًا في الكتاب نفسه:" إن العبد ليأتي يوم القيامة بحسنات أمثال الجبال، فيجد لسانه قد هدمها عليه كلها، ويأتي بسيئات أمثال الجبال، فيجد لسانه قد هدمها من كثرة ذكر الله تعالى وما اتصل به".
وما أجمل هذا الكلام ولذلك أقول: احذر لسانك، وانتبهي للسانك، واحبس لسانك، وأمسك عليك لسانك، فعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: قُلْت:ُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا النَّجَاةُ؟ قَالَ: رواه الترمذي وأحمد،وهو صحيح بشواهده . وأنا لا أدعوك للعزلة، وإنما أقول: أمسك عليك لسانك إلا من خير كما في الحديث الآخر:رواه أحمد وابن حبان، وهو صحيح .
وحفظ اللسان على الناس أشد من حفظ الدنانير والدراهم كما يقول محمد بن واسع رحمه الله تعالى، ولأن كثرة الكلام تذهب بالوقار، ومن كثر كلامه؛ كثر سقطه، ولأننا نرى الناس أطلقوا العنان لألسنتهم، فأصبح ذلك اللسان سلاحًا لبث الفرقة والنزاع والخصام والشتائم، وفي مجالات الحياة كلها، وبين الرجال والنساء بحد سواء، ولكثرة الجلسات، ولأن الكلام فاكهة لهذه الجلسات كان لابد من وضع ضابط، ولابد من تحذير وتذكير للناس في مثل هذه الجلسات .
أدلة خطر اللسان
--------------------------------------------------------------------------------
من الكتاب:
قال تعالى: ( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ(18) )
( إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ(37))
إنها رقابة شديدة، دقيقة، رهيبة، تطبق عليك إطباقا كاملًا شاملًا،كل نَفَسٍ معدود، وكل هاجسة معلومة، وكل لفظ مكتوب، وكل حركة محسوبة في كل وقت، وفي كل حال، وفي أي مكان، فقل ما شئت، وحدث بما شئت، وتكلم فيمن شئت، ولكن اعلم أن هناك من يراقبك، ويعد عليك هذه الألفاظ
( إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ(17)مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ(18))
هذه الآيات، والله إنها لتهز النفس هزاً، وترجها رجاً، وتثير فيها رعشة الخوف من الله عز وجل، قال ابن عباس: يكتب كل ما تكلموا به من خير وشر، حتى إنه ليكتب قوله: أكلت، شربت، ذهبت، جئت، رأيت، حتى إذا كان يوم الخميس عُرِضَ قوله وعمله، فأقر فيه ما كان من خير أو شر ،وألقي سائره" .
قال تعالى:
( وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ(10)كِرَامًا كَاتِبِينَ(11) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ(12))
(وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا(58) ) .
(وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا(36)) .
(إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ(23)يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ(24)) .
من السنة:
عَنْ بِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ الْمُزَنِي قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:رواه الترمذي وابن ماجه ومالك وأحمد .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أنه سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: رواه البخاري، ومسلم واللفظ له، والترمذي ومالك وأحمد .
حديث معاذ،وفيه:قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : قُلْتُ: بَلَى يَا نَبِيَّ اللَّهِ، فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ قَالَ: فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟ فَقَالَ: رواه الترمذي وابن ماجه وأحمد .
وعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: رواه البخاري والترمذي وأحمد .
وفي حديث سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيِّ قَالَ في آخره: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَخْوَفُ مَا تَخَافُ عَلَيَّ فَأَخَذَ بِلِسَانِ نَفْسِهِ ثُمَّ قَالَ: رواه الترمذي وابن ماجه وأحمد وأصله رواه مسلم .
القاعدة الشرعية في الكلام والسكوت:
--------------------------------------------------------------------------------
وجه المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم لأمته تلك القاعدة الشرعية، والمعيار الدقيق، فقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: رواه البخاري ومسلم وأحمد . قاعدة شرعية، تربوية، منهجية، ومعيار دقيق لك أيها المسلم ولك أيتها المسلمة يوم أن تجلس مجلسًا: ربى هذه القلوب باليوم الآخر ؛ ولأن النفوس اليوم غفلت عن اليوم الآخر، وتعلقت بالدنيا وشهواتها ولذاتها؛ غفلت عن هذه القاعدة الشرعية النبوية، ونسيت الحساب والعذاب في اليوم الآخر، ونسيت الجنة والنار، أو غفلت عنها، وبالتالي انطلق اللسان يفري في لحوم العباد فريًا بدون ضوابط، ولاخوف ولا وجل .
لماذا هذه القاعدة؟
--------------------------------------------------------------------------------
لأنه لا يصح أبدًا أن يؤذي المسلم إخوانه بلسانه، ولأن المسلم الصادق، والمحب الناصح هو من سلم المسلمون من لسانه ويده كما في حديث أبي موسى الأشعري المتفق عليه. والأحاديث في الباب كثيرة مستفيضة، وكم نحن بحاجة إلى من يردد هذه الأحاديث على مسامع الناس، كم نحن بحاجة أيها الأخيار إلى من يردد على المسلمين والمسلمات أمثال هذه الأحاديث؛ ليتذكروها، وليفهموها جيدًا حتى تتذكر النفس فكلما أراد اللسان أن ينطلق بكلمة؛ يحسب لها حسابها قبل أن يخرج لسانه بهذه الكلمات .
نتيجة الغثاء
--------------------------------------------------------------------------------
ضياع الحسنات في الآخرة
إن من جلس مجلسًا، ثم أطلق للسانه العنان، فهذه علامة أكيدة على إفلاسه في الدنيا والآخرة، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ فَقَالَ: رواه مسلم . وعَنْه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: رواه مسلم . حتى البهائم يفصل بينها يوم القيامة فاحفظ حسناتك فأنت أحوج لها .
الفضيحة وهتك ستره
فالجزاء من جنس العمل، فَعَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: رواه أبو داود وأحمد، وهو صحيح بمجموع طرقه. والواقع يشهد بذلك: فكم فضح الله حقيقة أولئك الذين آذوا إخوانهم بألسنتهم حتى عرفهم الناس وانكشف أمرهم .
يجتنبه الناس اتقاء شره
ويحذرونه اتقاء فحشه، وإن جلس معهم في مجالسهم، وإن ضحكوا، وإن جاملوه؛ فإنه اتقاءً لفحشه، ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة: رواه البخاري ومسلم .
البلاء موكل بالقول
فيُبْلَى المتكلم بما كان يذكره في أخيه، فاحذر أيها المسلم، واحذري أيتها المسلمة:أن تظهر الشماتة بأخ أو بأخت لك، فيعافيها الله، ثم يبتليك بما كان فيها؛ فالبلاء موكل بالقول فروي عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:رواه الترمذي و قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ . وقال إبراهيم التيمي:" إني أجد نفسي تحدثني بالشيء فلا يمنعني أن أتكلم به إلا مخافة أن أبتلى به" . وقال ابن مسعود:" البلاء موكل بالقول ولو سخرت من كلب لخشيت أن أحول كلباً" . وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً .
من محاضرة: غثاء الألسن للشيخ إبراهيم الدويش
منقوووووووووول
استغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه
لا تنسوني من صالح دعواتكم لي بالهدايه الله يغفرلكم ويرحمكم .....,

كلّي •¸¸• دلال @kly_dlal_3
عضوة فعالة
يا أخواتي لأني أحيكم أبيكم تقرأون إلى الاخير الله يرضى عليكم الموضوع والله خطير
8
699
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

السندريلا الصغيره
•
جزاك الله خير


صحن فتوش
•
جزاك الله الجنه ورفع الله قدرك بالدنيا والاخره وهداكي الله لما فيه الخير والصلاح وجعل ما نقلتيه بميزان حسناتك اللهم امين
فعلاااااااااا اللسان شأنه عظيم يا اخواتي الغاليات
نسأل الله ان يحفظ السنتنا عن كل سوء ويجعلها تردد ذكر الله دائما وابدا
فعلاااااااااا اللسان شأنه عظيم يا اخواتي الغاليات
نسأل الله ان يحفظ السنتنا عن كل سوء ويجعلها تردد ذكر الله دائما وابدا


الصفحة الأخيرة