الحمد لله رب العالمين ،والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين ، نبينا
محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .. أما بعد:
فإن من المعلوم أن المرأة في الجاهلية كانت مهانة ذليلة ، ويعتبرها وليّها مصدر
عار ومذلة لا تفارقه إلا بالخلاص منها ، فهي لا تقاتل عدوا ، ولا تجلب مالا ،
بل ربما جلبت له الهوان . ولذا فموتها - في نظره - خير من حياتها، كما أخبر
تعالى : ( وإذا بشّر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتوارى من القوم من
سوء ما بشِّر به ) .
ثم بعث اللهُ نبيَّه محمدا عليه الصلاة والسلام رحمة مهداة للعالمين كلهم ،
فحرّم هذا التعدي وهذا الظلم الجائر على البنات ، فحرّم وأد البنات كما قال
تعالى في نهاية الآية المذكورة آنفا : ( يتوارى من القوم من سوء ما بشّر به
أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون ) . وقال أيضا
: ( وإذا الموءودة سئلت بأي ذنب قتلت؟) . وقال أيضا: ( ولا تقتلوا
أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطئا كبيرا )
ويدخل في ذلك الذكور والإناث .. وغير ذلك من الآيات .
ثم اعتنى الإسلام بالمرأة حيث جعلها أما وأختا وزوجة وبنتا ، عزيزة الجانب ، ودرة
مصونة .. فمن إكرامهن أن جعل صلى الله عليه وسلم لمن رزق بهن مع الإحسان إليهن
أن يكنّ له سترا من النار ، فقال: ( من ابتلي من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن
كنّ له سترا من النار ) ثم أكرمهن وهن جوارٍ فقال صلى الله عليه وسلم : (من عال
جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين . وضم أصابعه ) رواه مسلم.**
ولم يكلفها الإسلام بشيء من النفقة .. بل جعل نفقتها وطعامها وكسوتها ولباسها
على ولي أمرها ، فهو المسؤول عنها ، وليست هي مسؤولة عن شيء من ذلك ، بل هي درة
مصونة ، وجوهرة مكنونة ، تجلس في خدرها تعبد ربها وتطيع والديها بالمعروف .
ثم أكرمها بأن جعل رضاها شرطا لصحة الزواج ، وحثّ وليها أن يزوجها من التقي
الذي يصونها ويحفظ دينها وعرضها ، فقال صلى الله عليه وسلم : ( إذا جاءكم من
ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير ) .
ثم أكرمها الإسلام وهي زوجة ، فأمر الزوج بإكرامها وعشرتها بالمعروف ، قال الله
عز وجل : ( وعاشروهن بالمعروف) ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم
: ( خيركم خيركم لأهله ) ، وقوله : ( اتقوا الله في النساء فإنهن عوانٍ عندكم )
.
ثم أكرمها الإسلام وهي أمّ ، فأمر الأولاد ببرها والإحسان إليها ، بل قرن
إكرامها بعبادته سبحانه .. قال تعالى : (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه
وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا
تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما
كما ربياني صغيرا ) .
بل وجعل النصيب الأكبر في بر الأولاد للأم ، كما جاء في الحديث : ( يارسول
الله أ ي الناس أحق بصحبتي ؟ قال : أمك . قال : ثم من ؟ قال أمك . قال : ثم من
؟ قال : أمك . قال : ثم من ؟ قال أبوك ).
وجعل عقوقها من الكبائر العظيمة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ألا
أنبئكم بأكبر الكبائر ؟ قالوا بلى يا رسول الله . قال : الشرك بالله ، وعقوق
الوالدين ...).
ثم إنه خلف من بعدهم أناس من بني جلدتنا ، يتكلمون بألسنتنا ، أجسادهم معنا
،وقلوبهم مملوءة بحب الغربي الكافر ، لا يتبعون شريعة ناسخة ولا منسوخة ، ولا
ينقادون لفضيلة ، لا يرون إلا ما يراه الكافر ، يأمرون بالمنكر وينهون عن
المعروف ، فالحق ما قاله الغرب ، والباطل ما قاله علماء الإسلام .
يرددون كلامهم بسوء فهم أو سوء قصد ، يظنون ذلك تطورا وحضارة وتقدما . وما
علموا أن الحضارة والتطور في ديننا الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من
خلفه .
زعموا أن المرأة مظلومة مضطهدة مقيدة ، فبدأ هؤلاء يرددون نفس الكلام ، بدون
وعي ولا فهم .
لا هم لهم سوى إخراج المرأة من بيتها ، وتجاوزها لولي أمرها ،واختلاطها بالرجال
وسفرها بدون قيد أو شرط وقيادتها للسيارة ، ونزعها لحجاب وجهها الذي ا فترضه
الله من فوق سبع سموات .. كل هذا بدعوى التسامح والوسطية في الدين ، وهذا لعمر
الله تفسخ وتبرج وانسلاخ تدريجي من الدين وأحكام الشريعة .
لا يرضون من المرأة إلا برؤيتها عارية عن الأخلاق التي أمرها ربُّها من الحياء
والعفة ، تزاحم الرجال يمنة ويسرة ، ولا يرضيهم إلا أن تكون خرّاجة ولّاجة ، لا
تقرّ في بيتها ، ولا تسكن إلى زوجها .
يسيرون بخطى حثيثة مدروسة ، للنيل من عفة المرأة وحشمتها ، كل يوم يوقعوننا في
فتنة ومأزق شرعي ، يوم اختلاط وآخر تولي امرأة للمناصب ، وثالث تنقصها بوليها ،
وآخر المشاكل : فرضها على المجتمع بأن تكون (محاسبة كاشير ) ! تخالط الرجال
الأجانب، وتجادلهم ، وتكثر كلامها معهم بدعوى ضرورة البيع والشراء ، وهذا سيكسر
حاجز الحياء والعفة عندها ، وكثرة الإمساس تقلل الإحساس .. والله المستعان.
ونرى أن من الواجب علينا - معاشر النساء - وعلى المسلمين عموما ، ألا ينخدعوا
بالشعارات الزائفة التي يروجها المنافقون في بلادنا ؛ بدعوى عمل المرأة ، وحرية
المرأة ، وظلم المرأة ، وحاجتها للعمل ( وفق ضوابط الشريعة السمحة ! ) .. فكل
هذا من المكر والكيد بالمرأة ليخرجوها عن بيتها الذي أمرها الله بالقرار فيه :
(وقرنْ في بيوتكن ) .. كما أننا نوقن أعلى درجات اليقين أن
المكر السيئ لا يحيق إلا بأهله .
ونحث علماءنا ومشائخنا من الرجال والنساء أن يشاركوا في صد هذه الحملات الشرسة
على عفاف نسائنا الطاهرات ، وأن ينصحوا الناس ويبينوا للأمة خطر هذه الدعوات
الآثمة .. كما قال تعالى عن أصحاب السبت: ( وإذ قالت أمة منهم لم تعظون قوما
الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا ؟ قالوا معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون )
الأعراف 164 ].
نسأل الله أن يحفظ أعراضنا وأخواتنا المسلمات في كل مكان .. إنه ولي ذلك
والقادر عليه .
وصلى الله وسلم على نبيه محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
د. ريم بنت صالح الراشد.
د. بشرى بنت محمد العنزي.
د/ أمل بنت عبد الله الحسين.
د. هيفاء بنت سعود العتيبي.
الأستاذة / نوال بنت سعد الأحمد.
الأستاذة / نوف بنت محمد العثمان.
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة
واجعل الموضوع هذا في ميزان حسناته
قولوا امين