يا بني..الصدى..يا أبتِ..

يا بني..تعال يا حبيبي..اجلس بجواري..
مالك يا بني..إني أراك واجما حزينا..تكلم حبيبي.. قل ما في نفسك..قل لا تتردد!!..
فقلبي مفتوح بين يديك..وكلي أذان صاغية ..لا تتردد..افتح لي قلبك..
وتكلم بما في نفسك..لا تخش شيئا يا حبيبي..سأساعدك ولو ببذل روحي..
استرخ وبح لي بما في نفسك..

يا أبت..كم أحبك ..وكم أنا مدين بفضلك..لقد فتحت لي قلبك..وأصغيت لي بكل جوارحك..
كم أشكرك أبتِ..فلكم ضمدت جراح نفسي..ونفست آهات صدري..
لقد أحطتني بحبك وحنانك..وجعلتني أرعى وأرتع في جميل جنانك..
كم أشكرك أبتِ..فلطالما أحاطت بي الشدائد.. فألجأ إليك بعد الله فتفتح لي قلبك..وتشعرني
بالهدوء والسكينة..ولطالما أذكر ذلك المشهد .."اجلس يا بني..تعال يا حبيبي..اجلس بجواري
قلبي مفتوح بين يديك........"لا يزال صدى عباراتك يرن في أذني.."اجلس يا حبيبي..اجلس يا حبيبي ..اجلس يا حبيبي...."
إنها تشعرني بالطمأنينة..
فلا أكاد أنصرف من بين يديك..إلا وأنا ثابت الجأش..طلق المحيا..قد نسيت همومي..
وانتهت أحزاني..نعم لقد ضمدت كلماتك الجراح..وعلمني هدوءك كيف أتصرف حيال ما يواجهني..أبتِ..كم أحبك..نعم..لم تكن أبا كالآباء!..كلا.. إنك عملة نادرة..فقد كنت الأب والأخ والصديق.. لا زلت أذكر يا أبت تلك الليلة..لقد كان عندي اختبار من الغد..أغراني الشيطان فأهملت حتى اقترب الموعد وقد بقي علي الكثير..فنزل بي من الهم ما الله به عليم..نعم أعلم أنه لو كان غيرك يا أبت لتعامل مع ولده بغلظة وجفاء ولهدد وتوعد..ولكنك يا أبت..طلبت مني الهدوء والاسترخاء وبدأت في بث رسائلك الإيجابية إلى نفسي..لا تخش شيئا يا بني ..بإمكانك عمل شيء..إني واثق في قدراتك يا بني..لا تخف يا بني اقرأ بهدوء..واستعن بالله ولا تخش شيئا..لا زلت أذكر يا أبت عندما تشاجرت مع إخوتي..لا أنسى صوتك الندي..خالد ..نعم يا أبتِ..
اجلس يا بني..إنك يا بني رجل عاقل..إن إخوتك بحاجة إلى عطفك وحنانك..إنهم لا يستغنون عنك يا بني كما أنك لا تستغني عنهم..أتعرف فلان؟! ..انظر إليه إنه لا إخوة له ..يتمنى لو أنه مثلك يشارك إخوته اللعب..اذهب الآن يا بني واشتر لك ولإخوتك..نعم يا أبتِ إنك لم تعنفني..لقد تعاملت معي بهدوء..بل استغليت الموقف..وعلمتني بحوارك الجميل أن أبذل العطف والحنان..لقد علمتني كيف أتعامل مع الصغير والكبير..
يا أبتِ كم أنا ممتن لك ..لا أزال أذكر حين عنفني ذلك المعلم ووصفني بالغبي..آآآآآه..يا أبت..
لقد أحسست وكأنه طعنني بخنجر في صدري..رجعت المنزل واجما حزينا..لم تباشرني الكلام لكنك بعد أن تناولنا الغداء..أخذتني جانبا..وطلبت مني الجلوس بجوارك كعادتك..جلست بجوارك نعم يا أبت ماذا تريد؟!!..مالي أرى الوجوم على شفتيك..والحزن يفيض من عينيك؟؟!!!..
ما بك يا حبيبي؟؟..
ليس بي شيء يا أبت؟؟..بلى يا خالد إني أعرفك جيدا..تكلم يا حبيبي..لا تخش شيئا..بح لي بما في نفسك..ثق تماما أن حزنك يا خالد يصيبني بالحزن!..ثق أني سأساعدك يا خالد..
لقد فتحت لي يا أبتِ قلبك الكبير ..وصدرك الرحيب..لقد بعثت في نفسي الطمأنينة بأن أبوح لك بأمري..ولا أنسى عندما ذكرت لك موقفي مع أستاذي..نعم لا أنسى عندما سألتني..وهل أنت غبي يا حبيبي؟!!!..لقد أجبتك ونفسي تتقطع حسرات..لا..لا يا أبت !!..ثم انفجرت باكيا..نعم لا أنسى حين ضممتني إلى صدرك الحنون..وبعثت في الثقة..إني أؤمل فيك يا خالد الخير الكثير..لا تلق لكلامه بالا..إنك ذكي يا خالد..نعم ..إني لا أنسى مواقفك المشرفة يا حبيبي..ثم قلت لي..والآن أنت مجهد يا خالد..اذهب ونم قليللا..ثم صحبتني إلى سريري..وبعد أن استلقيت على فراشي ..جلست بجواري..وقلت لي ..إذا أغمضت عينيك يا بني فانس ما حولك..اعتبر أن الدنيا كالأضواء إذا انطفأت..انس كل شيء واسترخ على فراشك تماما..
نعم يا أبتِ..أتريدني أن أنسى عطفك وحنانك..أتريدني أن أنسى بذلك وعطاءك..
أتريدني أن أنسىقلبك الطيب وصدرك الحنون..
كلا يا أبتِ ..لن أنساك أبدا..نعم يا أبت..إن سكن جسدك الثرى ..فإنك تسكن في صدري..
وإن اختفى عن الدنيا..فإني لا أزال أراك في عيني لا تفارقني..
نعم يا أبتِ..لقد كنت أبا متميزا..

ما أحوج الأبناء لأن يفتح لهم الآباء صدورهم..وأن يستمعوا لهم بقلوبهم قبل آذانهم..
إن البعض من الآباء لا يجلس حتى مع أبنائه فضلا عن محاورتهم..نعم يصفهم "بالبزارين"..
تبيني أجلس مع صغار..وكأن مهمته فقط توفير المسكن والمأكل والمشرب..
إن الكثير من الأبناء ..عندما لا يجد الصدر الرحيب من أبيه..فإنه يلجأ في استشارته إلى أصدقائه..فيبثهم همومه وتطلعاته..وكان الأحرى بالآباء أن يعيشوا مع أبنائهم همومهم..
وأن ينزلوا إلى مستواهم..ويعالجوا مشاكلهم بحكمة وروية..فإن بعض الآباء إذا رأى هم ولده
من كلمة قيلت له..أو عبارة خدشت قلبه الصغير أو نحوها..قال روح صحيح والله إنكم بزران..
روح بلا دلع وكلام فاضي..فيزيد جرحه جراحا..وألمه آلاما..
نعم ما أحوج الأبناء إلى كلمة.."يا بني ..يا حبيبي"..
وما أحوجهم عندما يصيب أحدهم هم ..أو ينزل به غم..أو يقع في مشكلة..
ما أحوجه إلى أن يجد قلبا مفتوحا..يقول له : "يا أبتِ"