
فضل الإنفاق في الشدائد، ونماذج من أحوال السلف :
ريب أن الجود في حال الشدائد له مزيته على غيره ، فقد دلت نصوص الكتاب والسنة على ذلك دلالة أكيدة ، كما أن النفوس تتشوف في حال الشدائد إلى من يجعله الله سبباً في تفريج كَربِها وتيسير أمرِها .
ومن دلائل فضل الإنفاق والمعروف والجود في أحوال الشدة : قول الله تعالى : (فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ . وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ . فَكُّ رَقَبَةٍ . أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ . يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ . أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ ) (سورة البلد ، الآيات : 11ـ 16 ) .
قال الحافظ ابن كثير ـ رحمه الله ـ : قوله تعالى : (أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ) قال ابن عباس : ذي مجاعة ، وكذا قال غير واحد ، والسَّغَب هو الجوع . وقال إبراهيم النخعي : في يومٍ الطعامُ فيه عزيز .
وقال قتادة : في يومٍ يُشْتَهَى فيه الطعام .
وقوله تعالى : (يَتِيماً ) أي أطعم في مثل هذا اليوم يتيماً (ذَا مَقْرَبَةٍ ) أي : ذا قرابة منه قاله ابن عباس وغيره ، كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد عن حفصة بنت سيرين عن سلمان بن عامر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " الصدقة على المسكين صدقة ، وعلى ذي الرحم اثنان صدقة وصلة " .
وقوله تعالى: (أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ ) أي فقيراً مُدْقِعَاً لاصِقَاً بالتراب، وهو الدَّقْعَاء أيضاً.
قال ابن عباس : ذا متربة هو المطروح في الطريق ، الذي لابيت له ، ولا شيء يقيه من التراب .
ودل على فضل نفقة الشدة أو حال الضَّن بالمال وإمساكه قول الله تعالى : (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ) .
وفي الصحيح : " أفضل الصدقة أن تصدق وأنت صحيح شحيح ، تأمل الغنى وتخشى الفقر" .
أي : في حال محبتك للمال ، وحرصك عليه وحاجتك إليه ، ولهذا قال : (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً ) .
وروى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من نفَّس عن مؤمنٍ كُربةً من كُرب الدنيا ، نفَّس الله عنه كُربةً من كُرب يوم القيامة .. " الحديث.
وروى البيهقي من طريق الأعمش عن نافع قال : مرض ابن عمر فاشتهى عنباً أول ما جاء العنب ، فأرسلت صفية ، يعني امرأته ، فاشترت عنقوداً بدرهم ، فاتَّبَعَ الرسولُ سائلٌ ، فلما دخل قال السائل : السائل. فقال ابن عمر : أعطوه إياه ، فأعطوه إياه ، ثم أرسلت بدرهم آخر فاشترت عنقوداً ، فاتبع الرسول السائل ، فلما دخل به قال السائل : السائل ، فقال ابن عمر : أعطوه إياه ، فأعطوه إياه ، فأرسلت صفية إلى السائل فقالت : والله إن عدت لا تصيب منه خيراً أبداً ، ثم أرسلت بدرهم آخر فاشترت به .
8/ كيف نغيث شعب النيجر الجائع :
يجب على كل مسلم ومسلمة أن يقوم بواجبه نحو إخوانه المكلومين بحسب ما يستطيعه ، ويمكنه ذلك عبر عدد من الأساليب ، ومنها :
أولاً : دعاء الله تعالى لهم ، وهو أعظم الأسباب وأجلها شأناً ، فقد أمر الله به في كتابه ، وبين حسن عاقبته ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يفزع إلى ربه في كل الملمات ، كما كان في بدر وحنين ، وكما في دعائه بانجاء المستضعفين بمكة ، ودعائه في سرية القراء ، وفي غيرها مما هو ثابت في الصحاح والمسانيد والسنن . ثانياً : توجه الجمعيات والمؤسسات الإغاثية من الدول الإسلامية إلى النيجر لمباشرة الإغاثة بأنفسهم .
ثالثاً : تبرع تجار المواد الغذائية والدوائية والإيوائية بما يناسب إخواننا في تلك الديار ، والترتيب لشحنها إليها بالتعاون مع الجمعيات الإغاثية العاملة هناك .
رابعاً : التبرع النقدي عبر الجهات المرخصة من قبل الحكومات الإسلامية ، وينبغي على حكومة النيجر أن تعلن الجمعيات التي رخَّصت لها بالعمل على أراضيها ، حتى يتم ضبط الأمور ، ولا تستغل التبرعات لأغراض أخرى .
خامساً : التغطية الإعلامية عبر ما يمكن من وسائل الإعلام ووسائل الاتصال لمحنة إخواننا في النيجر .
