الوجـــود

الوجـــود @alogod

عضوة فعالة

يدا بيد نحو ثقافة و اطلاع لنعلم مجريات الأمور من حولنا و أسبابها

الملتقى العام




من يقرأ كتب العقيدة والفقه والسيرة والتاريخ فضلا عن القرآن العظيم وتفسيره ، يتبين له أن العلم والمعرفة يهتكان الكثير من أستار الجهل بأمور الحياة الأخرى ، ويزداد المرء بهما إيمانا ويقينا وصلة بربه وثباتا على دينه وقراءة وبيان وتفصيل ما هو مكشوف أصلا في القرآن والسنة ، من علم الغيب مما أوحى سبحانه وتعالى لرسوله عليه الصلاة والسلام
يقول سبحانه وتعالى ( كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ ءَايَاتِنَا ، وَيُزَكِّيكُمْ ، وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ، وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (151 البقرة ) لم يُبعث عليه الصلاة والسلام فقط ليتلو علينا القرآن ، بل بُعث أيضا ليُزكينا وليعلمنا الكتاب والحكمة ، وليعلمنا ما لم نكن نعلم من قبل ، لنخلص من هذه الآية وغيرها من الآيات التي جاءت بنفس النص ، أن هناك شيء اسمه الحكمة ، يراد لنا أن نتعلمه من القرآن والسنة ، لكل ما ورد فيها من تشريعات وحدود وأوامر ونواهي وأخبار الماضي والمستقبل
يقول سبحانه وتعالى ( وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ ، ... ( 59 الأنعام ) ، ويقول ( قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (65 النمل ) وقد جاء أسلوب النفي ومن ثم الإثبات في هذين الموضعين ليفيد الحصر ، أي حصر علم الغيب بالله دون غيره ممن في السموات والأرض ، وهذا ما يعلمه عامة الناس ويرددونه عن ظهر قلب ، وهذا مما لا خلاف فيه ولكن السؤال الذي يطرح نفسه ، هل هذا الحصر مطلق ؟

فإن كانت الإجابة بنعم ، فما القول في الاستثناء الذي جاء في قوله تعالى ( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ ، وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ ( 179 آل عمران ) وفي قوله ( عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ ، … (27 الجن ) حيث استثنى سبحانه وتعالى الرسل عليهم السلام من تلك القاعدة ، إذ يقول ( تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ ، مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا ، فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ (49 هود ) ويقول ( وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا ، مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ ، وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا ، وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (52 الشورى ) ليتبين لنا أن الله سبحانه وتعالى أطلع على غيبه من شاء من رسله ، وبذلك لم يحجب علم الغيب بالكلية عن البشر ، والإتيان بالحصر ثم الاستثناء يفيد بأن مرد العلم بالغيب أولا وأخيرا هو علام الغيوب ، وخاب وخسر من استقى علم الغيب من غيره .

أما ما كُشف للرسل فهو بعض من علم الله ، بما كان وما هو كائن وما سيكون ، مما اقتضت الحكمة الإلهية كشفه للناس عن طريق الوحي ، وكثير من هذا الغيب مخطوط فيما ورثته البشرية من كتب الأنبياء ، وفضلا عما جاء به القرآن من أنباء الغيب ، فقد أخبر عليه الصلاة والسلام بالكثير من أنباء الغيب ماضيا وحاضرا ومستقبلا ، وأفاضت الأحاديث النبوية في ذكر ما سيقع في مستقبل الأمة من فتوحات وفتن وابتلاءات ومحن وأشراط وأمارات للساعة .

وأما قوله سبحانه وتعالى لرسوله الكريم ( قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ ، وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ ، وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ ، إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ ، قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ (50 الأنعام ) ، وقوله : ( قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا ، إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ، وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ ، لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ ، وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ ، إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (188 الأعراف ) لا ينفي علمه عليه الصلاة والسلام لبعض الغيب ، وما قيل له ذلك إلا ليجيب من يسأله عما لم يعلم من أنباء الغيب ، أو ما لا حكمة في الإخبار عنه مما علم .

تميّزت النصوص النبوية التي تتحدث عن أحداث المستقبل ، سواء في القرآن والسنة أو في التوراة والإنجيل بالتلميح لا بالتصريح ، فهي غالبا ما تصف الشخوص والأزمان والأماكن والظروف والنتائج ، باستخدام عدة أساليب لغوية ، كالاستعارة والتشبيه والالتفات والاعتراض وما إلى ذلك ، مما هو غير مألوف لأناس هذا الزمان ، وخير مثال على ذلك هو ذكر اسم رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام في التوراة والإنجيل ( أحمد ) بالمعنى لا باللفظ ، وأحمد لغة هي اسم التفضيل من ( حمد ) ومعناها أحمد الناس أو أكثر الناس حمدا ، مع أن اسمه - محمد - في الواقع جاء بنفس المعنى مع اختلاف اللفظ .

والحكمة التي قد لا يدركها الكثير من الناس ، من عدم وضوح النصوص النبوية ، هو بقاء نسبة ضئيلة من الشك ، لحرمان الناس ذوي العلاقة من الدافع لتعطيل مجريات الأمور ، إذ لا بد للأسباب والمسببات أن تأخذ مجراها ، من حيث الزمان والمكان والشخوص ، حتى تتحقق النبوءات كما تم الإخبار عنها .

ونحن كمسلمين مطلوب منا أن نؤمن بالغيب المخبر عنه في القرآن والسنة ، لقوله تعالى ( الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3 البقرة ) وأعظم الغيب هو وجود الله ، ونحن وآباؤنا لم نعلم بوجود الله ولم نعرفه حق المعرفة ، ولم نعلم باليوم الآخر وما سيجري فيه من بعث وحساب وثواب وعقاب ، إلا من خلال القرآن الموحى به من عند الله جل وعلا إلى محمد عليه الصلاة والسلام ، وما دمنا آمنا بالله وباليوم الآخر من خلال كتابه ، فما لنا لا نؤمن بما سواها من أخبار الغيب مما حواه هذا القرآن العظيم بين جنباته .

نعلم أن الرسول لم ينطق عن الهوى و إن هو إلا وحي يوحى فلنقرأ بعض ما جاء من أحاديثه عليه الصلاة و السلام بما يخبرنا فيه عن بعض الأمور الغيبية و هي أحاديث صحيحة و مغيبة عنا لانجرافنا وراء الحضارة و العلوم الغربية.
1- الشر المنتظر والهرْج الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم( بين يدي الساعة أيام الهرْج) (صحيح الجامع) يصفه النبي صلى الله عليه وسلم بأنه "القتل، القتل" البخاري يقول عنه " ليس بقتل المشركين ولكن يقتل بعضكم بعضا حتى يقتل الرجل جاره وابن عمه وذا قرابته فقال بعض القوم يا رسول الله ومعنا عقولنا ذلك اليوم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ،تنزع عقول أكثر ذلك الزمان ويخلف له هباء من الناس لا عقول لهم" (صحيح ابن ماجه).
2- قول النبي صلى الله عليه وسلم "عبادة في الهرج كهجرة إلي" (مسلم)
3- براءته صلى الله عليه وسلم ممن يقيم بين أظهر الكفار في بلادهم "أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين قالوا يا رسول الله ولم ؟ قال :لا تراءى نارهما" (السلسلة الصحيحة) فإن لم يبادر المقيمين في هذه البلاد بالهجرة أو لم يستعدوا لها فإنهم سيعيدون مأساة الأندلس في صورة أبشع ووجه أقبح وما مذابح البوسنة عنا ببعيد فكيف بزمن الهرج و أفضل الهجرة، الهجرة إلى بلاد الشام أو اليمن لدعاء النبي صلى الله عليه وسلم لهما بالبركة في قوله "اللهم بارك لنا في شامنا وبارك لنا في يمننا"(البخاري) وقوله صلى الله عليه وسلم : "ألا وإن الإيمان إذا وقعت الفتن بالشام" (رواه أحمد، وهو في صحيح الترغيب)
4- ) وقوله صلى الله عليه وسلم:"سيصير الأمر إلى أن تكونوا جنوداً مجنّدة،جندٌ بالشام وجندٌ باليمن وجندٌ بالعراق، قال ابن حوالة : خِرْ لي يا رسول الله إن أدركت ذلك، فقال: عليك بالشام ) وفي رواية أحمد ثلاثا فإِنها خيرة الله من أرضه، يجتبى إليها خيرته من عباده، فأما إن أبيتم فعليكم بيمنكم،واسقوا من غدركم، فإِن الله توكَّل لي بالشام وأهله"(صحيح أبي داوود)
5- يقول النبي صلى الله عليه وسلم "إن بين يدي الساعة أياما يرفع فيها العلم، وينزل فيها الجهل، ويكثر فيها الهرج. والهرج القتل" (متفق عليه)
6- وقال عليه الصلاة و السلام )إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقاً عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم ،وينذرهم شر ما يعلمه لهم .وإن أمتكم هذه جعل عافيتها في أولها . وسيصب آخرها بلاء وأمور تنكرونها ، وتجيء فتنة فيرقق بعضها بعضاً ، وتجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه مهلكتي ، ثم تنكشف، وتجيء الفتنة فيقول المؤمن هذه هذه ، فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة ،فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه ...الحديث (

سبحان الله وبحمده .. سبحان ربي العظيم
دمتم بحفظ الرحمن
إن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان
والحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
2
374

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

دافديل
دافديل
بارك الله فيك
{ NORA}
{ NORA}
جزيتي خيراَ