عطر الزمن
عطر الزمن
المرأة والمعرفة الدينية


هل المؤسسة الدينية العلمية مؤسسة ذكورية لا مكان فيها للمرأة؟

وهل أن حركة الاجتهاد والفقاهة محصورة في الرجال محظورة على النساء؟

ولماذا لا نجد للمرأة المسلمة المعاصرة دورا في المعاهد العلمية والمؤسسات الدينية وساحة النشاط الفكري الإسلامي؟

تفرض هذه الأسئلة نفسها من عدة منطلقات:

أولا: إن المرأة مخاطبة بالدين كالرجل تماما، فالدين يخاطب الانسان بقسميه الذكر والأنثى على حد سواء، وهو ليس للذكر أولا وللأنثى ثانيا، ولا أن المرأة مخاطبة عبر الرجل وبالتبع له، بل هي مكلفة مباشرة من قبل الله تعالى ومحاسبة أمامه يوم القيامة كما هو الرجل.

وحينما يأتي في القرآن نداء للناس، أو لبني آدم، أو للعباد، أو للإنسان، فإنه موجه بالطبع للذكور والإناث، كقوله تعال: (يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم) وقوله تعالى: (ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان)وقوله تعالى: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله) وقوله تعالى: (يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه).

إن هذه الآيات ومثيلاها نداءات من قبل الله تعالى للرجل والمرأة، وكذلك فالتكاليف والأحكام الشرعية موجهة لهما معا.

وباعتبارها مخاطبة ومكلفة فهي معنية بتلقي الخطاب وفهمه، وبمعرفة التكليف وتبينه.

ثانيا:مشاركة المرأة في الحركة العلمية، والنشاط الفكري والشرعي الاسلامي، يعني مضاعفة الجهود التي تبذل في هذا الميدان، فالمرأة نصف المجتمع، وتمتلك الطاقة والكفاءة، فإذا ما وجهت قدراتها و إمكانيتها الذهنية والفكرية، في خدمة البحث العلمي الديني، أضافت إليه رصيدا كبيرا، و أثراء عظيما بينما انكفاؤها عن هذا الميدان يعني خسارة ونقصا.

وقد تكون عدم مشاركة المرأة في ميدان العلوم الدينية خسارة نوعية في بعض الأحيان، لأن مشاركتها لا تضيف رصيدا كميا في الجهود العلمية المبذولة فقط، بل قد تقوم المرأة بدور مميز، خاصة في تنقيح الأحكام والموضوعات المرتبطة بشؤون المرأة، والقضايا المختصة بها، فالفقيه في ممارسته لاستنباط الحكم الشرعي ليس جهاز حاسوب آلي، ينجز مهامه بعيدا عن أي تأثير، بل هو بشر تنعكس الأجواء المحيطة به، والمشاعر والتصورات التي يحملها على رأيه ورؤيته، بشكل او بآخر، خاصة في مجال تنقيح الموضوعات الخارجية. فإذا امتلكت المرأة قدرة الاجتهاد والاستنباط، وتصدت لبحث القضايا والأحكام المرتبطة بها، ضمن الضوابط المقررة، فقد يكون تشخيصها أعمق وأدق في تلك الموضوعات.

ثالثا:في هذا العصر وحيث أصبح موضوع المرأة معركة صراع بين الحضارات والتوجهات، ووظفت الحضارة المادية وسائل الإعلام والمعلومات المتطورة، للتبشير برؤيتها وثقافتها, ولترويج أنماط السلوك الاجتماعية المنبثقة عنها، فإن من الضروري جدا أن تتسلح المرأة المسلمة برؤية الاسلام، وأن تتحصن بمفاهيمه ومناهجه، حتى لا تقع فريسة لتأثيرات الأفكار والبرامج الوافدة، خاصة وأنها تستهدف المرأة بدرجة أساسية، وأيضا لتكون المرأة المسلمة هي خط الدفاع عن تعاليم الاسلام، والمبشرة بمفاهيمه وقيمه الأخلاقية الاجتماعية، على مستوى العالم.

إن مؤتمرات كبرى عالمية تعقد حول موضوع المرأة، كمؤتمر (نيروبي) عام 1975م، ومؤتمر (بكين) عام 1995م، ضمن سياق إبراز النموذج الغربي للمرأة، وتعميمه لكل المجتمعات البشرية، وهناك سيل لا ينقطع من البرامج الإعلامية والثقافية، عبر الأفلام والمجلات، والمؤسسات الاجتماعية الضخمة، التي تدفع بهذا الاتجاه.

فإذا ما كانت المرأة محدودة المعرفة و الوعي الديني، أو لم تكن مفاهيم الإسلام واضحة وراسخة في ذهنها وفكرها، فإنها لن تصمد أمام هذه الثقافة الغربية الزاحفة.

إن تفقه المرأة في الدين، وإلمامها بمعارفه، وتعمقها في فهم أحكامه ومناهجه، هو الذي يؤهلها للقيام بدور الدعوة إلى الإسلام، والتبشير بنموذجه للمرأة على الصعيد العالمي.

بالعلم تميز الإنسان على غيره من المخلوقات، ونال الجدارة من الله سبحانه بأن يكون خليفته في الأرض (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة) ولما تساءلت الملائكة عن مدى صلاحية الإنسان للقيام بهذا الدور، وهو ينطوي على غرائز وشهوات قد تقوده إلى الإفساد في الأرض؟ أجابهم الخالق القدير بإظهار ما منحه تعالى للإنسان من قدرة على التعلم، وكفاءة في كسب المعرفة، يقول تعالى: (وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين. قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني ألم غيب السماوات والأرض).

هكذا أصبح العلم ميزة للإنسان، وصفة نال بها الجدارة للخلافة في الأرض، وكلما زاد علمه زاد تميزه، واتسعت قدراته لتسخير قوى الطبيعة، واستثمار طاقات الكون والحياة.

وكما تميز الإنسان على غيره بالعلم. فإن أفراد الإنسان يتمايزون فيما بينهم ويتفاضلون بالعلم أيضا: (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات)، (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون).

فباب العلم مفتوح للراغبين فيه وساحته ميدان سباق، بما منحه الله تعالى من نعمة إدراك وتعقل، دونما فرق بين شقيه الذكر والأنثى.

فالمرأة كالرجل، توازيه في إنسانيته، وتشاركه في القيام بدور الخلافة، وتحمل مسؤولية عمارة الأرض، وقد منحها الله تعالى كالرجل نعمة العقل، وقدرة الإدراك والمعرفة، ولا تختلف عنه في كونها تملك استعدادا وقابلية تامة لإدراك الحقائق والمفاهيم، وتملك القدرة على العمل والتعلم، والسير في هذا الطريق إلى أقصى غاياته.

بل إن دماغ النساء يحتوي على خلايا الدماغ المسماة العصبونات، بنسبة تزيد بحوالي 10% عن دماغ الرجال، بالرغم من أن الرجال بصفة عامة أكبر حجما من النساء، وأدمغتهم كذلك أكبر حجما.

والتفاوت في حجم الدماغ لا يؤثر في مستوى فعاليته، وإلا فدماغ الفيل يزن حوالي 6 كيلوغرامات بينما دماغ الإنسان لايزن أكثر من 1300 غرام.

وقد نشرت الدكتورة (كيمورا) الباحثة في الأسس العصبية والهرمونية للوظائف الفكرية ـ الذهنية ـ لدى الإنسان، وهي أستاذة في علم النفس في جامعة غربي اونتاريو، نشرت بحثا علميا حول الفوارق في الدماغ بين الجنسين، أكدت فيه وجود تفاوت متبادل في بعض الجوانب والمهارات، حيث يقابل تفوق كل طرف في جانب، تفوق الطرف الآخر في جانب آخر، وخلصت إلى ) ان الفوارق الجوهرية بين الجنسين، تكمن في الطرز المختلفة للمهارات الفكرية التي يتمتع بها كل منهما، أكثر مما هو راجع إلى المستوى العام للذكاء (حاصل الذكاء ، فمن المعروف أن هناك تفاوتا بين الناس في قدراتهم الذهنية: فمنهم من يبرع في الجوانب اللغوية، ومنهم من يجيد الأعمال اليدوية، وهكذا يمكن لشخصين أن يتمتعا بمستوى واحد من الذكاء، مع اختلاف في نمط المهارات التي يجيدها كل منهما.

يتبع...........المرأة والدور القيادي
عطر الزمن
عطر الزمن
المرأة والدور القيادي

هل يمكن للمرأة أن تكون صاحبة رأي في مجال الفكر والتشريع الإسلامي؟

وهل يحق لها المشاركة في حركة الاجتهاد واستنباط الحكم الشرعي؟

أم أن أنوثتها تقصر بها عن بلوغ هذا المقام وتبقيها ضمن حدود الاتباع والتقليد للرجل؟

من المعلوم أن مفاهيم الدين وأحكامه تؤخذ من الكتاب والسنة، وهما خطاب مفتوح لكل ذي عقل، وموجهان لكل إنسان، ووعيهما والتدبر فيهما مطلوب من كل مكلف، ذكراً كان أو أنثى،

فحينما يقول تعالى: ( هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ )

ويقول تعالى: (أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ )

ويقـول تعـالى) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقـُرْآنَ لِلذِّكْـرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ )

وحينما يقول النبي (ص): " نضر الله امرءاً سمع مقالتي فوعاها ثم أداها إلى من لم يسمعها "

فهذه الخطابات والأوامر لا تختص بالرجال دون النساء.

فكما يتفهّم الرجل آيات الكتاب العزيز، وأحاديث الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم)، ويعرف منهما واجبه وتكليفه، فكذلك الحال بالنسبة للمرأة، وهذا ما كان معمولاً به في عصر النبوة والإمامة.

وإذا كانت المسافة الزمنية التي تفصلنا عن عصر التشريع، قد جعلت عملية فهم النص الشرعي، ومعرفة الوظيفة من خلاله، تحتاج إلى درجة من الخبرة في بعض العلوم كأرضية ومقدمات لتحصيل القدرة على استنباط الحكم الشرعي من مصادرة المقرره، كاللغة العربية، وتفسير القرآن، وعلم الدراية، وعلم الأصول.

فإن التوفّر على هذه الخبرة العلمية، إنما يستلزم حركة وقدرة ذهنية تمتلكها المرأة، كما يمتلكها الرجل. وبالتالي فبإمكان المرأة أن تصل إلى مستوى الفقاهة والاجتهاد، فتتعامل مع النص الشرعي مباشرة، وتستنبط المفاهيم والأحكام، وحينئذ ليست المسألة أنه يصح لها العمل بما يؤدي إليه رأيها واجتهادها، بل إنه يجب عليها ذلك.

لأن المجتهد - رجلاً كان أو امرأة - إذا استنبط الحكم بالفعل، فلا يجوز له أن يترك ما اتضح له أنه حكم الشرع، ويعمل برأي آخر.

فالمرأة يمكن أن تكون فقيهة مجتهدة، وأن تعمل برأيها وحسب اجتهادها.

المرأة والمرجعية:

ناقش الفقهاء مسألة أهلية المرأة للتصدي للمرجعية والتقليد، بحيث يعتمد الآخرون على فتاواها، وتصبح مرجعية دينية تؤخذ منها الأحكام الشرعية.

والرأي السائد لدى الفقهاء والذي يذكرونه في رسائلهم العملية، هو عدم جواز تقليد المرأة، وإن اجتمعت فيها كل الشروط والمواصفات، على أساس أن الذكورة شرط في المرجعية.

لكن الملفت للنظر، أن أغلب أولئك الفقهاء حينما يناقشون المسألة علمياً وعلى صعيد الاستدلال والبحث، يعترفون بعدم وجود دليل مقنع للمنع من تقليد المرأة، ولسلبها أهلية المرجعية والإفتاء.

وعلى هذا اتفق الفقهاء وعلماء الحديث في باب الرواية.

والعمدة في المسألة بناء العقلاء، هذا مضافاً إلى أن أدلة حجية الرواية هي أدلة حجية الفتوى ومشروعية التقليد، ولا يمكن تجزئة دلالة الأدلة إلا بدليل مقيد أو مخصص، وقد تبين عدم وجود دليل من هذا القبيل.

أما عند فقهاء السنة وهو الرأي الأرجح فهم متفقون على أن الذكورة ليست من شروط الإفتاء والمفتي، وبالتالي فهم يقبلون مرجعية المرأة في الأحكام الشرعية.

جاء في الموسوعة الفقهية: (لا يشترط في المفتي الحرية والذكورية والنطق اتفاقاً، فتصح فتيا العبد والمرأة والأخرس).

يتبع..................المرأة وقوة الشخصية
عطر الزمن
عطر الزمن
المرأة وقوة الشخصية

هل تحتاج المرأة إلى قوة الشخصية؟

وهل تنسجم قوة الشخصية مع طبيعتها الأنثوية الناعمة ؟

أو تتناسب مع دور الأمومة العظيم الموكل إليها والذي يتطلب أعلى درجات العطف والحنان؟

لمناقشة هذا الموضوع، والإجابة على التساؤلات التي يثيرها، لابد أولاً من تحديد المقصود بقوة الشخصية.

معنى قوة الشخصية:

إننا نفرّق بين نوعين من الأجسام: جسم قوي، وجسم ضعيف، وتقاس قوة الجسم بدرجة مناعته تجاه الجراثيم والمكروبات، وتقلبات المناخ،و بمستوى أداء أجهزته وأعضائه لمهامها ووظائفها.

كما نفرّق بين نوعين من الشخصيات: شخصية قوية، وأخرى ضعيفة، ولو تأملنا الفرق بين هاتين الشخصيتين، لتبيّن لنا أن الشخصية القوية تمتاز بالسمات التالية:

-1- الثقة بالنفس: فكلما كان الإنسان أكثر ثقة بنفسه كانت شخصيته أقوى، حين يدرك ما ينطوي عليه من كفاءات وقدرات، ويعرف ما يجب أن يتمتع به من حقوق وامتيازات، ويقدّر ما حباه الله تعالى من نعم، ويحترم إنجازاته ومكاسبه، فتتجلى قوة شخصيته، وثقته بنفسه.

في المقابل فإن غفلة الإنسان عن مؤهلاته، وعدم توجهه إلى ما يكتنز من طاقات، وانبهاره بما لدى الآخرين، هو الذي يفقده الثقة بنفسه، ويصيبه بضعف الشخصية.

- 2- التعبير عن الذات: تدور في ذهن كل إنسان آراء وتصورات، وترتسم في نفسه مشاعر وأحاسيس، تجاه أحداث أو أشخاص أو قضايا، لكن القليل من الناس هو من يعبرّ عن أفكاره وأحاسيسه في المواقف المناسبة، وتلك هي سمة من سمات قوة الشخصية.

إن الكثيرين يكتمون أراءهم، ويحبسون مشاعرهم، خجلاً من إبدائها، أو تهيّباً من عدم رضا الآخرين عنها، أو تشكيكاً منهم في قيمة ما لديهم من أفكار وانطباعات، وما إذا كانت تستحق الاهتمام أم لا؟

ويحدث أحيانا أن يضم الإنسان مجلس يُناقش فيه أمر من الأمور، ويكون له رأي في ذلك الأمر، لكنه يتردد في التعبير عنه، ثم يُفاجأ بطرح نفس الرأي من شخص آخر، واهتمام الحاضرين به، فيأسف لتفويته الفرصة على نفسه.

وقد يستمع الإنسان لخطيبٍ أو متحدثٍ حول موضوع ما، وتكون لديه مناقشة أو نقد أو تساؤل، لكنه لا يجرؤ على الطرح، فإذاما خرج من المكان، رفع صوته معترضاً منتقدا.

والبعض من الناس يصعب عليه التعبير عن مشاعر الارتياح والرضا حتى أمام القريبين منه، فلا يقدم الشكر لزوجته، ولا يبدي التقدير لولده، ولا يثني على جهود زميله، في مواقف وتجاه خدمات تملأ نفسه بالراحة والإعجاب. وهو مؤشر واضح على ضعف الشخصية.

- 3- الدفاع عن المصالح: يتحمل الإنسان مسؤولية الدفاع عن ذاته، وحماية مصالحه وحقوقه المشروعة، فكما لا يجوز له الاعتداء على حقوق الآخرين، كذلك لا يصح له التفريط بحقوقه، وتضييع مصالحه، ورد في أحد الأدعية المأثورة: " اللهم إني أعوذ بك أن أَظِلمَ أو أُظلم، أو أعتدي أو يُعتدى عليّ".

إن البعض من الناس تتعرض مصالحه للخطر، ويُعتدى على حقوقه، فيتألم ويتأذى، لكن دون أن يتخذ أي موقف للدفاع عن الذات، أو لحماية المصالح والحقوق، لشعوره بالعجز والضعف، وحتى في المواقف البسيطة، والحالات العادية، كالبيع والشراء، وأمور الخدمات، فيبيع شيئاً او يشتري شيئاً بثمن معين، ثم يتأسف لأنه إنما قبل خجلاً من فلان، أو تحت إلحاح فلان!!

إنه يتحمل التزامات ترهقه، أو يتنازل عن مصالح تهمه لأن أحداً قد طلب منه ذلك و ألح عليه، بدافع الحياء أو الخجل أو الإحراج، مع عدم اقتناعه ورضاه، وقد تسمع من يقول ما كنت ارغب في هذا الأمر لكن ماذا أصنع وقد ضغط علي فلان؟

بالطبع لا مانع من التسامح مع الآخرين،وتقديم التنازلات، إذا كان ذلك بقرار واختيار ذاتي، وعن قناعة ورضى، بل هو أمر مطلوب ومرغوب.

أما أن يستجيب الإنسان ويتنازل من منطلق الشعور بالعجز والخجل، والتساهل بحقوقه، فذلك دليل ضعف الشخصية واهتزازها.

لذلك يروي الحسين عن أبيه عن جده رسول الله أنه قال: " المغبون لا محمود ولا مأجور"
فالذي يفرّط في حقوقه ومصالحه، ويتيح الفرصة لتلاعب الآخرين عليه، هذا لا يجعله في موقع التقدير والاحترام، ولا يكسبه الأجر من الله.

شخصية المرأة:


ربما يُفضّل أغلب الرجال لو خيرّ بين امرأة قوية الشخصية، وأخرى ضعيفة الشخصية، لاختار النمط الثاني، لأنه يريد امرأة تعطيه الفرصة أكثر لممارسة سلطته عليها، وتكون خاضعة له بشكل تام، دون أي مناقشة أو اعتراض.

وربما ناقش كثيرون في مدى تناسب صفة قوة الشخصية مع طبيعة المرأة، ومهامها الأساسية في الحياة الاجتماعية؟

فهي يجب أن تكون زوجة متوافقة مع زوجها، خاضعة لقيمومته عليها، وأن تكون أُماً تفيض على أبنائها العطف والحنان، وتغمرهم بالحب والرأفة.

وإذا كان الرجل يحتاج إلى قوة الشخصية لمواجهة أزمات الحياة ومشاكلها، فإن المرأة تحت حماية الرجل، وهو الذي يدرأ عنها المصاعب والأخطار.

لكن هذا الطرح فيه تسطيح لدور المرأة، وتجاهل لمقومات إنسانيتها، فهي إنسان أولاً وقبل كل شيء، حباها الله تعالى كل الاستعدادات والمؤهلات الخيرّة، لكي تنطلق بها في إنسانيتها، تماماً كالرجل.

وقوة الشخصية سمة تقدم، وضمانة نجاح للإنسان في هذه الحياة، بشقيه الذكر والأنثى.

ويمكننا أن نتلّمس بعض موارد الأهمية لهذه الصفة في حياة المرأة، وانعكاسها على أداء دورها الاجتماعي بشكل أفضل و أتقن، عبر الحقائق التالية:



وهذا ما سنبينه في الرد القادم ..............تابعوني.........
عطر الزمن
عطر الزمن
الأمومة وظيفة أرقى

في السنوات الأولى من عمر الإنسان تتشكل ملامح شخصيته، وتنغرس بذور صفاتها الأساسية، لذلك يسميها خبراء التربية بالسنوات التأسيسية، وفي تلك السنوات لا أحد أقرب إلى الطفل وأشد التصاقاً به من الأم، وبذلك تكون هي الجهة الأكثر تأثيراً في تشكيل شخصيته و صناعتها.

ويتيح لها الارتباط العضوي والنفسي بينها وبين الطفل أكبر فرصة للتأثير، فهو في الأساس جزء منها، تكّون في أحشائها، وتغذّى من دمها، ثم ينشأ في حضنها، وينمو جسمه من لبنها، فمن الطبيعي أن تتعلق به، وأن ينشدّ إليها، هذه العلقة الخاصة،والانشداد الوثيق، هي التي تجعل بيد الأم أدوات الرسم والتشكيل لشخصية الولد.

ولا تستطيع أي جهة أخرى أن تأخذ نفس مكانة الأم وتأثيرها، حتى وإن مارست وظائف الأم العملية، كالإرضاع والحضانة، لأنها لا تملك آليات التفاعل والارتباط النفسي والعاطفي الموجود لدى الأم، بل يمكن القول إن هناك برمجة غريزية، أودعها الخالق جلّ وعلا للاستجابة والتفاعل بين الأم ووليدها، ليس في عالم الإنسان فقط، بل في عوالم سائر الحيوانات أيضاً، فحتى عند الثدييات الدنيا مثلاً يبدأ التعلق مباشرة بعد الولادة، فالصغير يتعرف على أمه ويبقى إلى جانبها دون غيرها، والأم بدورها ترعى وتغذي وتحمي وليدها دون غيره.

لقد حاولت بعض النظريات في مجالات التربية وعلم النفس، أن تقصر تفسير ظاهرة التعلق والانشداد، بين الطفل والأم، على أساس تلبية الأم للحاجات البيولوجية للطفل، حيث توفرله متطلباته الأساسية. لكن هذه النظريات لم تصمد أمام النقد العلمي، والملاحظة التجريبية، ويرى "بولبي" ومجموعة من العلماء المتخصصين:

أن هذه النظريات ليست مقنعة في تفسيرها لظاهرة التعلّق عند الإنسان، ويستند "بولبي" إلى نتائج البحوث والدراسات، التي تبين أن التعلق يمكن أن ينمو ويتطور تجاه أفراد غير معنيين بالعناية الجسدية للطفل وتطور العلاقة بين الأم والطفل يتجاوز تلبية الحاجات البيولوجية،

ويعتمد إلى حد كبير على طبيعة التفاعل بين الجانبين، فإرضاء حاجات الطفل الأساسية عملية ضرورية، ولكنها غير كافية لنمو التعلق بين الأم والطفل، وغالباً مايكون إرضاء هذه الحاجات فرصة للتفاعل المتبادل بكل أشكاله. فعندما ترضع الأم طفلها، تشعره بحرارة جسدها، و بحنو لمساتها، وبرقة عباراتها ومناغاتها، ويظهر الطفل بدوره علامات الرضى و الارتياح، مما يشجعها على الاستمرار في التفاعل معه.

الإشباع العاطفي:

أصبح من الواضح علمياً كما هو ملحوظ وجدانياً، مدى حاجة الطفل إلى الحنان والعطف الذي تفيضه عليه الأم، بشكل خاص، والذي لا يعوضّ عنه أي بديل، وإن توفير الاحتياجات الجسدية للطفل، لايمكن أن يغنيه عن حب أمه وحنانها،ذلك الحب والحنان المميّز الذي لا يصطنع ولا يستبدل.

حتى أن أبحاثاً علمية حديثة تشير إلى خطأ دارج من قبل المستشفيات التي يتم فيها التوليد بإشراف طبي، حيث يفصل الصغير عن الأم مباشرة بعد الولادة، لأسباب العناية الصحية، لكن نتائج هذه الأبحاث تخلص إلى القول: بوجوب وضع الوليد على تماس حسّي مع الأم بعد الولادة مباشرة، وذلك لأهمية هذه اللحظات في العلاقات اللاحقة بين الطفل والأم، وأهمية توفير الفرصة للأم لرؤية الطفل وملامسته بعد الولادة مباشرة، فهي في أشد الحاجة لتحسه وتتلمسه وتشمه، لذا يجب المزيد من الحذر قبل التفكير بفصل الطفل عن الأم بعد الولادة مباشرة.

إن الطفل يحتاج إلى الغذاء، ويمكن توفير حاجته الغذائية من أي مصدر، لكن أي تغذية للطفل، لا يمكن أن تكون بمستوى لبن الأم، لا من حيث القيمة الغذائية فقط، بل لما يوفره من فرصة للإشباع العاطفي، ولإفاضة الحنان والحب على المولود، إضافة إلى ماتشعر به الأم من سعادة وسرور.

فحليب الأم تتناسب مركباته وحاجات الطفل خاصة في الأشهر الأولى، فهو قد صمم وركب ليفي بحاجات الطفل يوماً بيوم، ويعتبر رابطة فيزيولوجية محسوسة بين الطفل والأم، وامتداداً لحبل الولادة. وفوق ذلك كله، فإن قطرات حليب الأم التي يجتذبها الطفل، تصحبها دفقات عظيمة من العطف والحنان، تغذي نفسه إلى جانب تغذيته الجسدية.

ونفس الشيء يقال عن الحضانة، فقد يتوفر من يقوم بشؤون الطفل غير الأم، لكن لا أحد يوفّر له ماتغدقه عليه الأم من حب وشفقة، وعطف وحنان.

لذلك قرر الإسلام أولوية الأم بإرضاع طفلها، وأحقيتها بحضانته في السنوات الأولى من عمره، على خلاف بين المذاهب و الفقهاء في تحديد تلك السنوات.

إن إنفصال الطفل عن الأم، وحرمانه من فيض حبها وعطفها، يحدث آثاراً سلبية عميقة في نفسه، تنعكس على تشكيل شخصيته، و مستقبل سلوكه، وسيرته في الحياة.

وكان العرب حينما تعجبهم متانة شخصية إنسان وقوتها، يصفونه بأنه "شبعان من حليب أمه" للتعبير عن ارتواء نفسيته، عطفاً وحناناً في صغره، مما جعله قوي الشخصية والجنان في ما بعد.

وتناقش دراسات تربوية واجتماعية حديثة، تأثير ابتعاد الأم العاملة عن وليدها عند ذهابها للعمل، و خاصة قبل إكمال السنة الأولى، وأن ذلك يعود بآثار سلبية على الأم والطفل، ومن الأفضل أن تمدد إجازة الأمومة إلى سنة كاملة. وفي تقريره إلى منظمة الصحة العالمية قدم "بولبي" براهين عدة، تبيّن أن اضطراب الشخصية والعصاب، تكونان غالباً نتيجة الحرمان من عناية الأم، أو نتيجة لعلاقة متقطعة زمنيا،ً وغير دائمة بين الطفل والأم، وأن انقطاع العلاقة بينهما يعود بالنتائج السلبية على الطفل.

إن فيض حنان الأم يمنح نفس الطفل الأمن والاستقرار، ويغذّي مشاعره بالطمأنينة والاستقامة، ويصلّب شخصيته تجاه ما يستقبله في الحياة من مشاكل وأزمات.

البناء الثقافي والمعرفي:

يبدو العالم غريباً على الطفل حينما يتفتق إحساسه، ويبدأ وعيه، وتكون الأم هي أقرب شيء إليه، ينظر إلى ما يحيط به، ويتعامل معه من خلالها، فمنها يتعلم اللغة والكلام، وبواسطتها يتفهم مايدور حوله.

وبإمكان الأم الواعية أن تقوم بدور كبير في تنمية معارف طفلها، وزرع حب المعرفة في نفسه، وتربيته على التفكير، وتقوية مداركه العلمية، عبر التحادث معه، وإثارة اهتماماته، وتشجيعه على الاستفهام والبحث.

إن حالة الفضول والسؤال عن كل شيء، حالة طبيعية، تحصل عند الطفل مبكراً، وفي العوائل المتخلفة، قد تقمع هذه الحالة الإيجابية عند الطفل، ويستثقل الوالدان كثرة تساؤلاته، وقد ينظر إليها باستخفاف، أو يجاب عليها بشكل خاطئ.

بينما يفترض أن يتيح فضول التساؤل عند الطفل فرصة مناسبة لتنمية معارفه، وتشجيع قدراته الذهنية.

والأم صاحبة الدور الأكبر في هذا المجال، ولا يصح أبداً أن تترك عقل ونفس طفلها ساحة مفتوحة أمام برامج التلفزيون، لتتشكل ثقافته ومعارفه وفق توجيهات قد لا تكون منسجمة مع نظام القيم الديني والاجتماعي.

كما لا ينبغي الاستهانة بقدرات الطفل على الفهم والاستيعاب، إن حقائق كثيرة، ومفاهيم مختلفة، يمكن تقديمها للطفل، عبر أساليب التوضيح والتبيين، وبواسطة التكرار والإعادة.

وكثيراً ما يكون نبوغ بعض الأطفال وتفوقهم الدراسي، ناتج عن التشجيع والاهتمام من قبل العائلة بالنمو المعرفي والبناء الثقافي.

التوجيه السلوكي:

كما يكتسب الطفل لغة الكلام من المحيط الذي يعيش فيه، كذلك يأخذ سلوكه وأسلوب تعامله وتعاطيه، من خلال ملاحظته وتقليده للقريبين منه، إنه يأتي للحياة صفحة بيضاء فارغة، ثم تبدأ رسوم العادات والتقاليد التي ينشأ في أجوائها، تنعكس وترتسم على صفحة نفسه وسلوكه.

ولأن الطفل يتأثر بالأقرب إليه، والأكثر التصاقاً به، فإن الأم هي المؤثر الأكبر في سلوكه في السنوات التأسيسية من عمره، تلك السنوات التي تتحكم في بناء شخصيته المستقبلية.

فالطفل شديد الملاحظة والتأمل في تصرفات أمه وحركاتها، ومن ثم يندفع لمحاكاتها وتقليدها، وتبقى في أعماق نفسه، وخبايا مشاعره، الكثير من الانطباعات عن مشاهداته ومعايشاته لسلوك المحيطين به فترة صغره، وخاصة الأم. هذه الانطباعات قد تصبح له مصدر توجيه وإلهام فيما يواجهه من مواقف وظروف.

وإذا كان بعض العظماء والمفكرين والأدباء، قد تحدثوا عن بعض ما علق بذاكرتهم من فترة طفولتهم، وعن تأثيرات تلك الفترة في تشكيل شخصياتهم، فإنما هم يتحدثون عن ظاهرة عامة، لكل أبناء البشر، وميزة هؤلاء تعبيرهم عن هذه الظاهرة.

انطلاقاً من هذه الحقيقة فإن الأم الواعية، ذات السلوك القويم، والتوجيه التربوي، تصنع شخصيات أبنائها في مستوى رفيع، وبكفائة عالية.

أمهات العظماء:

إن دراسة حياة العظماء في نشأتهم، والتأمل في ظروف تربيتهم العائلية، يكشف في غالب الأحيان عن دور الأمهات في صناعة شخصيات هؤلاء العظماء.

لقد تحدث القرآن الكريم عن نبي الله موسى وظروف ولادته ونشأته، في آيات كثيرة، نقرأ فيها حضوراً فاعلاً لأمه، دون أي إشارة أو ذكر لأبيه عمران، مع تأكيد المصادر التاريخية على وجوده عند ولادة موسى ، وأن عمره آنذاك كان سبعين سنة، كما في تاريخ الطبري والكامل لابن الأثير.

أما نبي الله عيسى ابن مريم ، فلم يكن له أب، وانفردت أمه برعايته وتربيته، وجاء ذكرها بالتعظيم والتقديس في القرآن الكريم، بل خصصت سورة باسمها: سورة مريم.

وينقل عن "نابليون بونابارت 1769-1821م" والذي أسس امبراطورية عظيمة شملت معظم أرجاء أوربا، ينقل عنه قوله: "إن ما توصلت إليه اليوم هو من عند أمي"

وكتب أحد الباحثين: " تستطيع الأم الفاضلة أن تؤدي مهمة مائة أستاذ من أساتذة المدارس. هذا ما قاله الشاعر الانجليزي جورج هربرت، وهذا ما أثبته التاريخ.

ويصدق ذلك كثيراً او قليلاً على عدد من أعلام الأدب والعلم والشعر عبر التاريخ. نذكر منهم على سبيل المثال: جوته، وجرين، وشيللر، وبيكون، وارسكني.

فلولا تربية امهاتهم لهم لما احتل هؤلاء مكانتهم بين أعلام المبدعين"

إن كل أم ترغب الخير لولدها، وتتمنى أن يكون متقدماً متفوقاً، عليها أن تعلم أن ذلك رهن بحسن تربيتها، وإتقان رعايتها واهتمامها بتوجيهه، وتهذيب سلوكه.

أين دور الأب؟:


لا يمكن إنكار دور الأب، ولا تجاهل تأثيره في تربية الأبناء، والحديث عن دور الأم انما هو باعتبارها الأكثر التصاقاً بالولد، خاصة في الفترة الأولى من عمره، والتي يطلق عليها علماء التربية والنفس، أنها السنوات التأسيسية لتشكيل شخصية الإنسان.

لذلك نجد النصوص الدينية تؤكد على مكانة الأم، وحقها الكبير على الإنسان، فأتعابها وتضحياتها تجاه الولد، اثناء الحمل والولادة والحضانة، لا تقاس بأي جهد آخر، حتى جهد الأب.



وواضح أن العلاقة بين الطفل والأم خاصة في السنوات الأولى، هي أوثق و أقوى من علاقته مع الاب، بسبب طبيعة دور الأم، لذلك تكون هي الاكثر تأثيراً عليه، وقدرة على صناعة شخصيته.

الوظيفة الأرقى:

تقاس أهمية أي وظيفة بعدة مقاييس من أبرزها ما يلي:

1- أهمية الإنجاز الذي تنتجه الوظيفة.

2- مدى الجهد المبذول في القيام بها، والكفاءة المؤهلة لذلك.

3- نسبة توفير البدائل والخيارات لادائها.

فكلما كان الإنجاز أهم، والجهد المبذول أكبر، والتأهيل المطلوب أرفع، والبدائل أقل، كانت الوظيفة أرقى و أعلى.

على أساس هذه المقاييس فإنه يمكن اعتبار الأمومة أرقى وظيفة في المجتمع البشري، فهي ترتبط بإنتاج الإنسان نفسه، وصنع شخصيته، وذلك إنجاز لا يدانيه أي إنجاز.

أما الجهد الذي تتطلبه مهمة الأمومة من حمل وولادة ورضاعة وحضانة، ففيه درجة قصوى من الخطورة والعناء والمشقة. ويعبرّ القرآن الكريم عن ذلك بقوله تعالى: ( حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا ) (سورة الأحقاف آية15) وفي آية أخرى ( حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ )(سورة لقمان آيه14).

كما أن مؤهلات دور الأمومة صفات نفسية فطرية لا يمكن توفيرها بأي ثمن، إنها الحب الحقيقي، والحنان الصادق، والتّحمل للعناء بكل رضا وسرور.

وعلى صعيد توفير البدائل والخيارات فإن من الواضح وجداناً وتجربة أن لا أحد يملأ مكان الأم، ولا يستطيع تقمّص دورها المتميّز.

فالأمومة هي الوظيفة الأرقى، و الأم التي تحسن أداء هذه الوظيفة، لا يمكن تثمين دورها بأي ثمن، ولا تحديد أجرها بأي مقابل، وكل إنسان مطوّق بفضلها، ومهما عمل وقدم لأمه فلن يستطيع مكافأتها. قال رجل لرسول الله :إنّ والدتي بلغها الكبر وهي عندي الآن أحملها على ظهري، واطعمها من كسبي، واميط عنها الاذى بيدي، وأصرف عنها مع ذلك وجهي استحياءً منها وإعظاماً لها، فهل كافأتها؟ قال:" لا لأن بطنها كان لك وعاء وثديها كان لك سقاء، وقدمها لك حذاء، ويدها لك وقاء، وحجرها لك حواء، وكانت تصنع ذلك لك وهي تمنّى حياتك، وأنت تصنع هذابها وتحبّ مماتها."

ومن المؤسف جداً ما تعيشه أغلب المجتمعات في هذا العصر، من إعلاء شأن الاهتمامات المادية والشهوانية، على حساب النوازع الإنسانية النبيلة، حيث ترّوج بعض الأفكار والتصورات التي تقلّل من قيمة دور الأمومة وتستخف به، في مقابل الإشادة بالأعمال الوظيفية الأخرى، التي تُدفع المرأة للقيام بها، واصبحن بعض النساء يشعرن بالهامشية والتخلف والخجل، إذا كان دورهن متركزاً على القيام بمهمة الأمومة، بينما الوظيفة الأخرى مدعاة للفخر والإعتزاز.

إنه لا مانع من عمل المرأة في أي مجال من مجالات الحياة، لكن لا ينبغي أن يكون على حساب دور الأمومة، ولا يصح أبدا أن يستهان بقيمة هذا الدور.

وكما تطالب المنظمات الإنسانية والتربوية، فإنه ينبغي سّن القوانين والتشريعات، التي تمكّن المرأة العاملة من أداء وظيفة الأمومة المقدسة بالشكل المناسب.

إن الضعف والتقصير في أداء مهام الأمومة، ينعكس سلباً على شخصيات ونفسيات الجيل القادم. فلا بد من تعبئة وتوعية واسعة، تعيد هذه الوظيفة إلى مركز الصدارة في اهتمام إمرأة اليوم.

التربية الصالحة:

إلى جانب إغداق الحنان والعطف، وتقديم الرعاية اللازمة للطفل، يجب أن تهتم الأم بغرس بذور الاستقامة والصلاح في نفسية وليدها، وأن تسعى لإعداده للرقي في مدارج الكمال، إنها بسلوكها وسيرتها تستطيع أن تكون نموذجاً يحرص أبناؤها على الاحتذاء به، ومحاكاته، فاهتمامها بالمعرفة، والتزامها بالخلق القويم، وأداؤها للواجبات الدينية، يخلق في نفوس أبنائها نفس هذه التوجهات، ويدفعهم للأخذ بها.

كما أن محادثة الأم مع الأبناء، وتقديمها النصائح والإرشادات، وشرح حقائق الحياة ومعادلاتها لهم بلغة واضحة رقيقة، يسهم كثيراً في بناء شخصياتهم الواعية الناضجة.

جزى الله الأمهات عنا كل خير، و وفقنا للقيام بواجب بّرهن،و أعان نساءنا على أداء مهام التربية الصالحة.


وكما قال الشاعر:

الام مدرسة إذا اعددتها .......................أ‘ددت شعبا طيب الاعراق ِ



يتبع..............تحرير المراءة
عطر الزمن
عطر الزمن
لا يمكنك مشاهدة هذا التعليق لانتهاكه شروط الاستخدام.
واياكي ..ومشكورة