يعيش مليكنا " قصة قصيرة"

الأدب النبطي والفصيح


هناك من قال محض اسطورة,,,

و من قال بل تحدث كل يوم في سائر ارجاء المعمورة.!



يحكى أن,,,,

حدث في غابر العصور، أن جنة على الأرض سكنها امبراطور، قيل عنه أحمق و قيل مغرور.

عنده لكل صبيحة يوم ثوب مخصوص، مطرز من الياقوت و الزمرد فصوص فصوص، قيل محال أن يفنى كنزه ولا هو بمنقوص.

قصره الفاخر لا تضم اروقته دولابا، هو ليس له في حاجة، فهو لا يكنز ثيابا.

و من خلفه شعبه، شتى الوان المهانة ذاق، شب و نما على الجوع و طأطأة الأعناق، الرضا و الخنوع ديدنه و إلا شُد عليه الوثاق.

هيا,,, شنفوا اذان مليككُم بمعسول الثناء، للتأكيد على ديمومة التأييد و الولاء,,

هيا اطربوني و اشدو بجمال حاكمكم المتأنق، و يا ويحه من يقول ذاك تملق.

جيل بعد جيل، يتعالى الهتاف,,,مليكنا مليكنا ، أنت أنت، غايتنا و المراد من رب العباد، و دونك حياتنا علقم و سم زعاف.

مرت أعوام و أعوام، و الحال على نفس المنوال، إلى أن سمع به معدم محتال...

فجاء من أقصى المدينة يسعى،و قال ادخلوني على البلاط، أنا اسمي ماهر و عملي خياط، و بهاء مليككم بي وحدي مناط، له عندي ثوب أبدا لن يشبهه سائر الأنماط.

قالوا على الرحب و السعة، حللت أهلا و نزلت بنا سهلا، و هل يؤرق مضجعنا إلا بهاء مولانا...

قال آتُونِي من كل النفيس أصناف و ألوان، و من الحرير و الذهب و الزبرجد و المرجان، و من كل ما خُلق ما هو ذو قيمة و شأن، أحيك للمليك ثوبا لم يرى مثله في العالمين انس ولا جان.

فقط تدركه أبصار ذوي الحكمة و الألباب، يتجلى لكل متقن و من للحظة الحساب يرتاب.

و إن توارى عن الأحمق فلا تثريب عليه، فما كان من أمره إلا صنيع يديه.

و لا تنسونا بالدسم من الطعام، و اللوزيج و حلو الشام، لعمري فمثلكم ضيفه لا يضام.

نزل الخياط المحتال، ضيفا معززا مكرما ببرج عال، لشهور يهرج و يمرج و يدعي "احيك ثوبا حسنه لن يخطر على بال"، و في ليلة أكتفى فيها بما قد نال.

قال: يا حاجب، اشهد، إني انتهيت و اكتفيت، فاجعلني صباحا بين يدي مولانا، البسه ثوبا به يزدان

قالوا: هيا,, إلى قاعة العرش خذوه، و على مولانا باكرا أعرضوه

و عندما جاء الصباح، و ضوء الفجر لاح، دلف المحتال القصر باسط ذراعيه، و كأنه يحمل ثوبا ثقيلا عليه.

و بين يدي السلطان، زف له خبر أن وقت الأناقة قد حان,,,

لا لا ,,,عفوا سيدي ،مُد يديك الكريمة,,

نعم، هكذا,,, و رجليك المهيبة

في غضون لحظات، كان المحتال قد البسه الخيبة، و فر بالزكائب المحملة بلا أمل في آيبة.



كل من رآه قال يالا العجب، أهو قصور في البصر أم من فرط النصب.

فقير وزير الكل قال:

ويحي,,,, إن قلت لا أرى سأكون من الجهلاء أو في زمرة الأعتاء، و حينها ليس لي إلا السياء.

و ما كان من السلطان إلا كما من الشعب قد كان، ارتدى الوهم و قلبه به من الصميم فرحان، ارتدى خيبة لم ترد لمثله على مر الزمان، خرج على شعبه يميس بخيلاء و هو في الأصل عريان.

و راح الشعب يردد و يصفق ، يعيش قائدنا النيق الأنيق، يعيش مليكنا المهيب الهمام

يعيش يعيش مليكنا، بعقله الراجح يعيش، ليته الف سنة يعيش..!!!


*************************


فكرة القصة من التراث العالمي كتبتها بقلمي/ نسرين مصطفى حسن
2
314

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

فيضٌ وعِطرْ
فيضٌ وعِطرْ
الأخت نسرين :
قرأت القصة منذ سنوااات طوال وأنا طفلة ...
وها أنت تعيدينها بأسلوب جديد ...وبقلم متمكن من تطويع الحرف
والتعبير الدقيق ..المتقن ..
فتحت لي نافذة الذكريات
بارك الله بك ... !
نور يتلألأ
نور يتلألأ
بالرغم من أني قد قرأت القصة من قبل
ولكني استمتعت بقراءتها بأسلوبك الجميل
دمت بخير