يكفيك حب الله عز وجل

الملتقى العام


يكفيك حب الله عز وجل

بسم الله الرحمن الرحيم

إن مما يتمناه كل مؤمن في هذه الدنيا التيقن من حب الله عز وجل، فتجده في كل مواقف حياته يتلمس هذا الحب ويبحث عنه، فإذا وقع في أمرٍ ما تدبّره وحاول الوقوف على خفاياه باحثاً دون ملل عن أثر حب الله له، فإذا أصابته مصيبة صبر لله تعالى واستشعر لطف الله عز وجل فيها حيث كان يمكن أن يأتي وقعها أشد مما أتت عليه، وإذا أصابته منحة خير وعطاء شكر الله سبحانه وتعالى خائفاً من أن يكون هذا العطاء استدراجاً منه عز وجل، فقديماً قيل: "كل منحة وافقت هواك فهي محنة وكل محنة خالفت هواك فهي منحة".
لهذا؛ فإن المؤمن في حال من الترقب والمحاسبة لا تكاد تفارقه في نهاره وليله، ففيما يظن الكافر أن عطاء الله إنما هو دليل محبة وتكريم، يؤمن المسلم أن لا علاقة للمنع والعطاء بالحب والبغض لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لايحب ولا يعطي الإيمان إلا من أحب" .
بل إن حب الله لا يُستجلب إلا بمتابعة منهجه الذي ورد ذكره في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، فإن اتباع هذا المنهج هو الذي يوصل إلى محبته تعالى: "لأن حقيقة المحبة لا تتم إلا بموالاة المحبوب، وهي موافقته في ما يُحب ويُبغض ما يبغض، والله يحب الإيمان والتقوى ويبغض الكفر والفسوق والعصيان"
والوصول إلى محبة الله عز وجل يستوجب أيضاً أن يترافق حب العبد لله مع حبه لرسوله عليه الصلاة والسلام، قال تعالى: "قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله"


مراتب حب الله عز وجل
إن حب الله لعباده هو أعلى مراتب ودرجات متصلة بحب العبد لله، فكلما زاد حب العبد لله ورسوله زاد حب الله عز وجل لهذا العبد، وأول من يستحق هذا الحب هم أنبياء الله سبحانه وتعالى الذين جعلهم الله سبحانه وتعالى أخلاّءه فقال عز وجل: "واتخذ الله إبراهيم خليلاً"
وقال رسول الله عليه الصلاة والسلام: "إن الله اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً" .
والخُلّة: "أخصُّ من مطلق المحبة بحيث هي من كمالها، وتخلّلها الحب حتى يكون المحبوب بها محبوباً لذاته لا شيء آخر". .

ويأتي بعد ذلك حب المؤمنين وهم أولياء الله المتقين.
ويتفاوت المؤمنون في هذا الحب بتفاوت أعمالهم التي تقربهم إلى الله عز وجل، قال سبحانه وتعالى في الحديث القدسي: "من تقرب إليّ شبراً تقربت إليه ذراعاً، ومن تقرّب إليّ ذراعاً تقربت إليه باعاً، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة" .
وهذا التقرب يدرك العبد كيفيته بالاطلاع على أوامر الله ونواهيه، فينفذ الأمر ويتجنب النهي، ويترك المكروه، كما يفعل المحبوب، جاء في الحديث القدسي "وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضته عليه". وقال عز وجل في تتمة هذا الحديث القدسي "ولا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به" .
وقد عدّد القرآن الكريم الخصال التي تقرب المؤمنين إلى الله وتجعلهم يفوزون بحبه، فورد في كتابه الكريم أنه سبحانه وتعالى يحب التوّابين ويحب المتطهّرين، ويحب المتقين، ويحب الصابرين ويحب المتوكلين، ويحب المقسطين، ويحب المحسنين...
فعلى العبد أن ينمّي علاقته بربه وأن يحاول جاهداً أن يتصف بالصفات التي تقربه منه عز وجل وتقوّي في نفسه محبته، فإذا قويت هذه المحبة أصبح ممن يستحقون حب الله ورضوانه.


التماس حب الله عز وجل
يستطيع المؤمن الذي اتخذ من القرآن والسنة منهجاً لحياته أن يتلمس أثر حب الله ورضاه في نفسه، وذلك بطرق مختلفة أهمها رضاه عن الله عز وجل، فمن كان راضياً عن الله عز وجل كان ذلك من أبلغ الدلائل على رضا الله عنه.
وقد أكّد ابن قيم الجوزية أن العبد يستطيع أن يتلمس أثر حب الله في قلبه في مواطن عديدة منها:

الموطن الأول: عند أخذ المضجع حيث لا ينام إلا على ذكر من يحبه وشغل قلبه به.
الموطن الثاني: عند انتباهه من النوم، فأول شيء يسبق إلى قلبه ذكر محبوبه.
الموطن الثالث: عند دخوله في الصلاة، فإنها محكُ الأحوال وميزان الإيمان... فلا شيء أهم عند المؤمن من الصلاة، كأنه في سجن وغمّ حتى تحضر الصلاة، فتجد قلبه قد انفسح وانشرح واستراح، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لبلال: "قم يا بلال فأرحنا بالصلاة".
الموطن الرابع: عند الشدائد والأهوال، فإن القلب في هذا الموطن لا يذكر إلا أحب الأشياء إليه ولا يهرب إلا إلى محبوبه الأعظم عنده.



فوائد حب الله عز وجل
إن أول فائدة تعود على المؤمن الذي يحبه الله عز وجل هي أن يجعله من عباده المخلصين، فيصرف بذلك عنه السوء والفحشاء، قال تعالى: "كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين" .
وهذا الإخلاص يحصل للمقربين الذين جاهدوا في الله حق جهاده، أما المؤمن فينال من هذا الإخلاص على قدر قربه من الله، إلا أن علامات حب الله عز وجل ان يجعل الله له المحبة في أهل الأرض، جاء في صحيح مسلم تعليقاً على قوله تعالى: "إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودّاً " . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في هذه الآية: "إذا أحب الله عبداً نادى جبريل: إني أحببت فلاناً فأحبه فينادي في السماء ثم ينزل له المحبة في أهل الأرض"

ومن فوائد حب الله عز وجل التي يجنيها المؤمن في الآخرة غفران الذنوب، لقوله تعالى: "قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم" .

ومنها الفوز والنجاة من عذاب يوم القيامة، يروى أنه سئل يعض العلماء أين تجد في القرآن أن الحبيب لا يعذب حبيبه؟ فقال في قوله تعالى: "وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم؟! بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء) .
لهذا أدرك علماء الإسلام أهمية حب الله عز وجل فكانوا يسألونه تعالى هذا الحب في دعائهم، ومن أدعيتهم في هذا المجال: "اللهم إني أسألك حبك وحب من يحبك وحب عمل يقربني إلى حبك، اللهم ما رزقتني مما أحب فاجعله قوة لي فيما تحب، وما زويت عني مما أحب فاجعله فراغاً لي فيما تحب، اللهم اجعل حبك أحبّ إليّ من أهلي ومالي ومن الماء البارد على الظمأ، اللهم حببني إلى ملائكتك وأنبيائك ورسلك وعبادك الصالحين، اللهم اجعلني أحبك بقلبي كله وأرضيك بجهدي كله، اللهم اجعل حبي كله لك، وسعيي كله من مرضاتك".

فليس بعد هذا الدعاء إلا التأكيد على أن من لم يكفه حب الله فلا شيء يكفيه، ومن لم يستغن بالله فلا شيء يغنيه.
7
2K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

شواخه
شواخه
اللهم دلنا على ما يرضيك ، وأعنا على فعله ، اللهم إني أسلك حبك ، وحب كل عمل يقربنا إلى حبك ، اللهم توفنى وأنت

راضٍ عنا ، اللهم إرزقنا التوبة والإنابة وإجعلنا من عبداك الشاكرين الذكرين،،،



:26: .. بارك الله فيك .. مشاركه جميله
طيف الأحبة
طيف الأحبة
يكفينا حب الله تعالى

شكرا لك وجزاك الله كل خير
حكيم
حكيم
لكل قلب إذا ما حب أسرار

الحمد لله الذي أغدق علينا نعمه ظاهرة وباطنة والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الحب: هو عبارة عن ميل الطبع إلى الشيء فإن تأكد ذلك الميل وقوي سمي عشقا، والبغض عبارة عن نفرة الطبع عن المؤلم الصعب فإن قوي سمي مقتا.

والانسان بطبعه يحب من أحسن اليه ولا طفله وواساه وأعانه على جمع أغراضه فالإنسان يحب نفسه وبقائه وكماله ويكره ضد ذلك من الهلاك والعدم وهذا يقتضي غاية المحبة لله عز وجل فإن الإنسان إذا عرف ربه عرف قطعا ان وجوده ودوامه وكماله من الله وعلم إن المحسن اليه وهو الله سبحانه وتعالى فقط وإن أنواع احسانه لا يحيط بها حصر قال تعالى (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها).

نعم المحبة يا سؤلي محبتكم حب يقود الى خير واحسان

الى نعيم وعيش لا زوال له في جنة الخلد ملك ليس بالفاني

وأعلم أن محبة الله تعالى هي الغاية القصوى من المقامات فما بعد إدراك المحبة مقام إلا وهو ثمرة من ثمارها كالشوق والأنس والرضا، ولا قبل المحبة مقام إلا وهو من مقدمتها كالتوبة والصبر والزهد. يقول الله تعالى في محكم كتابه: (يحبهم ويحبونه) ويقول أيضا (والذين آمنوا أشد حبا لله) سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الساعة فقال الرسول صلى الله عليه وسلم (ما أعددت لها) قال: يا رسول الله ما أعددت لها من كثرة صلاة ولا صيام إلا إني أحب الله ورسوله، فقال رسول الله: المرء مع من أحب.

ولقد روي أن ملك الموت جاء الى الخليل إبراهيم عليه السلام ليقبض روحه فقال له هل رأيت خليلا يميت خليلا؟ فأوصى الله إليه هل رأيت حبيبا يكره لقاء حبيبه؟ فقال يا ملك الموت اقبض.

فالمؤمن إذا عرف ربه عزوجل أحبه وإذا أحبه أقبل عليه وإذا وجد حلاوة الإقبال لم ينظر الى الدنيا بعين الشهوة ولم ينظر الى الآخر بعين الحسرة.

وقال يحيى بن معاذ: عفوه يستغرق الذنوب فكيف رضوانه؟ ورضوانه يستغرق الآمال فكيف حبه؟ وحبه يدهش العقول فكيف وده؟ ووده ينسي ما دونه فكيف لطفه؟ فمن أحب غير الله تعالى فذلك لجهله وقصور معرفته فأما حب الرسول صلى الله عليه وسلم فذلك لا يكون إلا عن حب الله تعالى، وكذلك حب العلماء والأتقياء فإن محبوب المحبوب بحبوبا بل إن ما يفعل المحبوب محبوب، ورسول المحبوب محبوب وكل ذلك يرجع الى حب الأصل.

لكل قلب إذا ما حب أسرار وكل حب لغير الله ينهار

ويروى أن الثوري قال لرابعه: ما حقيقة إيمانك؟ قالت ما عبدته خوفا من ناره ولا حبا لجنته فاكون كالأجير السوء بل عبدته حبا له شوقا اليه وهي القائلة في معنى المحبة نظما

أحبك حبين حب الهوى وحبا لأنك أهل لذاكا

فمتى حصلت محبة الله تعالى لشخص صار قلبه مستغرقا بها.

فمن أسرار حب الله تعالى أن لا يعصي العبد ربه إلا أن العصيان لا ينافي اصل المحبة لكنه يضاد كمالها فكم من انسان يحب الصحة ويأكل ما يضره. ومن أسرار المحبة أيضا أن لا يستهتر العبد بذكره لله تعالى وأن لا يخلو قلبه من ذاك فأن الإنسان إذا أحب شيئا أكثر من ذكره فعلامة حب الله ذكره وحب القرآن وحب الرسول عليه الصلاة والسلام ومنها أن يأنس العبد بالخلوة ومناجاة الله تعالى وتلاوة كتابه فيواظب على التهجد ويغتنم هدوء الليل وصفاء الوقت بانقطاع العوائق فإن أقل درجات الحب التلذذ بالخلوة بالحبيب والتنعم بمناجاته.

يا حبيب القلوب أنت حبيب أنت انسي وأنت مني قريب

يا طبيبا بذكره يتداوى كل ذي علة فنعم الطبيب

طلعت شمس من أحبك ليلا واستنارت فما تلاها غروب

إن شمس النهار تغرب بالليل وشمس القلوب ليس تغيب

فإذا ما الظلام أسبل سترا فإلى ربها تحن القلوب

فكيف يلذ في ظلم الليل المنام لمن علم أن حبيبه لا ينام؟ ومن الأسرار أيضا أن يتأسف العبد على ما يفوته من ذكر الله تعالى وأن يتنعم بالطاعة ولا يستثقلها ومنها أن يكون العبد شفيقا على جميع عباد الله شديدا على أعدائه لا تأخذه في الله لومة لائم ومنها أيضا كتمان الحب، والتوقي من إظهار الوجد والمحبة تعظيما للمحبوب وهيبة وغيرة على سره فإن الحب سر من أسرار الحبيب وقد يقع المحب فيظهر عليه الحب من غير قصد كما جاء في تخميس بردة البصيري في مدح الرسول عليه الصلاة والسلام.

أخفيت ود أحبائي عن البشر فنم حالي بما في النفس من خبر

فصار ما كان مخفيا كمشتهر عدتك حالي ما سرى بمستتر

عن الوشاة ولا دائي بمنحسم

إذا فالسبب المودي الى قوة المحبة هو قوة المعرفه بالله فإذا حصلت المعرفه تبعتها المحبة ولا يحصل ذلك إلا بعد الانقطاع عن شواغل الدنيا والذكر الدائم والفكر الصافي التشمير في الطلب وأعلم يا أخي انك إذا أحببت الله حق المحبه فإن ذلك مدعاة لحب الله لك فالله عز وجل يقول في كتابه العزيز (يحبهم ويحبونه) ويقول عز وجل (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله) وكذلك قوله (إن الله يحب التوابين ويحب المطهرين) وفي الهدي النبوي قوله عليه الصلاة والسلام (مازال عبدي يتقرب الي بالنوافل حتى أحبه) إلى آخر الحديث وعلامة حب الله للعبد قوله عليه الصلاة والسلام (إن الله إذا أحب عبدأ ابتلاه) فمن أقوى العلامات على حب الله لك حسن تدبيره لك بأن يكتب الايمان في قلبك وينور لك عقلك فتتبع كل ما يقربك منه ثم يتولاك بتيسير أمورك من غير ذل للخلق ويسدد ظاهرك وباطنك فإن كل خير ولذة وسعادة وهو نعمه ولكن النعمة الحقيقية هي السعادة الأخروية. فالعبد إذا بث بذر الايمان وسقاه بماء الطاعات، وطهر القلوب من شوك الأخلاق الرديئة وأنتظر فضل الله تعالى تثبيته على ذلك الى الموت وحسن الخاتمة كان انتظاره ذلك باعثا على المواظبة على الطاعات والقيام بمقتضى الايمان لكنه إن قطع بذر الايمان تعهده بماء الطاعات وترك القلب مشحونا برذائل الأخلاق وأنهمك في طلب لذات الدنيا ثم أنتظر المغفرة كان ذلك حمقا وغرورا.

اللهم أعنا على ديننا بالدنيا وعلى الدنيا بالتقوى وعلى التقوى بالعمل وعلى العمل بالتوفيق وعلى جميع ذلك بلطفك المفضي الى رضاك المنهي الى جنتك يا الله، يارباه، ياغوثاه.
عشبة
عشبة
الله يعطيك العافية وجزاك الله الف خير :26:
الزهره الحزينه
اللهم أجعلنا من أقرب عبادك لديك وأقربهم منزلة منك وأخصهم زلفى لديك يا أرحم الراحمين يارب العالمين يا الله ...



جزاك الله خيرا ...


وجعله في ميزان حسناتك ...