يوميات عانس ( الحلقة الرابعة )

مذكرات عانس ( الحلقة الرابعة )

( المشهد الأول )
" ارتعش قلبي كما كفي ، اضطرب تاريخي كله ، حدق في عيني مليا ، سكب كل حنان الكون في عيني ، وظل صامتا وترك العيون تتكلم .."
ابتسمت نجلاء بلهفة :
- وبعدين شصار ؟
أجبتها بتنهيدة يائسة :
- وبعدين !! ماقال شي !!
جاءنا صوت جدتي الدافىء تدعونا لتناول العشاء ، فقطعت علينا أحاديث المساء ، ولم يكن بد من إجابتها سريعا ، فقد بدأت عصافير بطوننا تغرد !!
+++
وضعت رأسي على الوسادة ، لا ، بل وضعت أحلام وأفكار على الوسادة ، وبدت السعادة تملأ كياني وكأنني في مهرجان لذيذ ساحر أرى فيه أجمل الألوان وأعذب الصور والأصوات ..
ذكرت الله ونمت متشوقة للقاء أحلامي !!

( المشهد الثاني )
استيقظت على رنين عذب يداعب نافذتي ، فتحت عيناي بتثاقل .. ( ماأجمل هذا الصباح وقد توشى بالمطر والغيوم )!
رفعت شعري بشريطة وسارعت الخطا أتامل ماوراء النافذة ..
شارع مليء بالمطر وسيارات تغدوا وتجيء وابتسامات تتهلل على الأوجه مرحبة برزق الله السمائي ..
- صباح الورد ..
ابتسمت منتشية :
- صباح ممطر بالخير مثل هذا الصبح ..
تقدمت نجلاء سريعا تتأمل معي ماوراء النافذة :
- أخيرا مطر ! وغيوم ! أخيرا بنشغل الدفاية ونلبس الجاكيتات الثقيلة اللي زرعت بكباتتنا !!
- وانتي هذا همج ؟!
- وانتي شنو همج ؟!!
وحدقت فيني صامتة ، حاولت أن تسرق ماسطرته عيناي من أحلام وأفكار ، التفت سريعا :
- بسرعة ، أكيد جدتي قعدت .. خلينا نفطرها .!

( المشهد الثالث )
تأملتني جدتي خلسة وأنا أهتم بطيورها اصطنع عدم الاهتمام ..
ثم رفعت بصرها للسماء الملبدة بالغيوم .. التفت لها .. وتفاجأت بعينيها ..وقد غاصتا بالدموع وتجاعيد الزمن تحتضن بإصرار جوانب عينيها وخديها ..
- جداااه !!ِِ
مسحت بطرف شيلتها دموعها بهدوء واستسلام .. " آه لمنظر العجوز عندما يبكي ، يدمر في كل خلايا الصمود ، يجعلني انهار أتصدع .."
اقتربت بلهفة فطارت الحمامة من بين يدي :
- شفيج جد ااه ؟!!
رفعت يدها للسماء :ِ
- " الله يرزقك يامنار .. وأشوف عيالج قبل لاموت " ..
تأملت يدي وقد تساقطت عليها قطرات المطر .. رفعت بصري للسماء ثم التفت لها :
- يابعد عمري ياجداه .. فديت دموعج أنا..!!


( المشهد الرابع )

حدق في عيني مليا ، كأنني أملك أجمل عينان في الوجود .. ابتعدت قليلا ورحت أتامل أحلامي فيه ، خرجت من صدري نفخة صغيرة ، أمسكت بحقيبتي ، أخرجت منديلا مسحت به رطوبة كفي بعد أن شعرت بالحرج !
وظل مشغولا عني لحظات .. " يالك من حلم جميل ، أنا أرسمه واسعد بتفاصيله ! "
التفت لي بوجهه الجميل ، غضضت طرفي حياءا ، سلمني الورقة برقة قائلا بأدب جم :
-الحمدلله ، سليمة النتيجة ، ونظرك قاعد يتحسن بشكل ملحوظ ، فماتحتاجين لزيارة ثانية ، بس استمري على العلاج .. ألف سلامة لك يامنار !!
استلمت منه الورقة وأسدلت أجفاني على أحلامي ، وخرجت كما دخلت بأحلامي الخاصة .. وأنا ابتسم لروعة الأحلام التي تصادقت معها وأصبحت أنيسي ..:26: