يوميات مديرة الجزء الثاني ( اليومية الأولى )....رهـــــــف !

الأدب النبطي والفصيح

يوميات مديرة الجزء الثاني
بعد أن صدر الجزء الأول من يوميات مديرة ها انا أطل عليكم في يوميات جديدة قديمة عاشت معي زمنا في الصدور والصحاف وبين طيات ذاكرة زمني وزمن من كان معي
أكتبها لكم الآن وكما تعودت منكم تفاعلا آمل ان أراه في نقد وتعقيب
فكوني معي أحبتي


يوميات مديرة 1 (( رهـــــــــــــــــــــف ))
قبل أن يقتحم الضوء عالم الكبار مؤذنا بافتتاح نهارهم أطلت علي والسوسنة المتعانقة لنافذة غرفتي تكاد تنبيء بسرها
طفلة في السادسة أو أقل بقليل عبث الهواء بخفة بشعرها فأطاح خصله يمنة ويسرة ترتفع وتنخفض تبعا لعبث نسائمي يشاكس الصغيرة فتعيده إلى مكانه متعللة بضيق مفهمة من أحاط بها وبالشجر وبالمرج أنها لن تسمح له
فلا يأبه لتحذيراتها فتستسلم متنهدة وترسل من فمها البرعمي زفرة تنقر على شباكي ولاحت لي أصابعها الطفلة كأنها ترسم سلطة عفوية بسيطة مؤذنة لي بأن تفاعلي .
ومن خلف الزجاج اللامع لمحت اخضرار الشجر وكان عملاقا يتسامق حتى يصل إلى حيث لا تصله أحلامي القاصرة
وبين شجر الحور الباسق تتسابق شجيرات صغيرة منطلقة بحياء حولها وتميل قليلا إلى الأرض تحتضن السوسن المتناثر هنا وهناك , تحميه من هبات الريح العابثة بوريقاته يمنة ويسرة
هذه الهبات التي قذفت بسوسنة صغيرة في الخامسة أمام نافذتي فهربت طواعية من احتواء الشجيرات الصغيرة وإحاطة الكبار
لم أشر لسوسنتي الهشة الرقيقة بالدخول وانتظرت فإذا بها تكتب على أوراقها بداية انحناء , فخشيت عليها من انكسار في انتظار واقتحمت عالمها الصغير بهذا الحوار .....من خلف نافذتي الكبيرة
- ما اسمك ؟
- رهف
وما بيدك يا رهف ؟
ابتسمت وهب هواء رقيق يحمل شذى وكأني للمرة الأولى أرى فيها الشذى يكتب في الأثير قصة .........
وأجابتني
- إنها زهرة من هناك من ذاك البستان
- أتعرفين ما اسم الزهرة ؟
-لا
- إنها زهر السوسن
ابتسمت
-لم قطفتها يا رهف ؟
- أحببت منظرها .
- وهل ستبقينها في يدك طوال النهار ؟؟
احمرت وجنتاها وأطرقت وكأنها فهمت مغزى سؤالي ثم رفعت رأسها بحركة سريعة رشيقة قائلة
- لا لا . سأضعها في الماء حتى لا تذبل
- وكم ستعيش في الماء يا رهف ؟؟
احتارت واستدارت عيناها وشعتا استفهاما فبديا لي كأنهما نجمتان في سماء وجهها الملائكي
لم تجب, وطال صمتها ثم رفعت السوسنة ونظرت إليها وابتسمت
وفجأة رأيت السوسنة ترفع إلى فمها بحركة سريعة آملة وأخذت تنفخ عليها من أنفاسها الغضة
وقالت :
-الأن سأوشوشها وأقول لها لا تحزني سأسقيك قريبا . وانطلقت قبل أن أجيبها
وأيقنت أن هناك لقاءات ستتوالى
وفي معرض القلب وجدت صورتها تتردد علي في نهاري الممل المزدحم بأوراق تطلب مني سقيا من قلمي ولا تجد فتموت الإجابات لما لم تجد من يحييهاويبثها على الورق .
وبين الحلم بظهور سحرها المتقد وحقيقة ما أنا فيه , ظهرت لتقف هذه المرة أمام الباب دامعة العينين
- ماتت السوسنة
وبنظرة إلى يدها المتدلية كتلك الزهرة أحسست أن مهمتي لن تكون سهلة
فالصغيرة أمام حقيقة الموت
- لقد ماتت قالت والدموع لا تسقي أملها بإحياء سوسنتها
ماتت لم تنتظر أن أرويها بالماء لم ألحقها لم لم تنتظر ؟ لم ماتت ؟
وألقت بنفسها بين أحضاني
لتضيف إلى عالمي هما جديدا
كيف أعلمها أن المحبة هي التي تجعلنا نتجاوز عن رغباتنا في امتلاك الغير
المحبة التي نترك فيها من نحب إلى ما يحب ونبقى نراعيه بحبنا
كيف أعلمها أن الموت سيأتي لزهرتها سواء أخرجتها من أثيرها أو لا
......؟؟ كيف
لم أستطع حشو المعلومات كلها في ذهن حزين
كل ما فعلته أني حملت لها زهرتها الذابلة ووضعتها لها بين طيات ورق وردي آمل أن أضمد فيها جراحا ربما عاشت فيها الصغيرة مع الذكرى
ففهمت سر الخلود
وحكمة الموت .
__________________
11
1K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

لحظةشروق
لحظةشروق
اختي صباح الضامن ...

لن تتصوري فرحتي بعودتك...

واحسن الله عزائك...
عطاء
عطاء
كم من العبر الجديرة بالتأمل نثرت على رق..
أأعجب..من ذلك العالم المتفرد لذي كنا نعيشه كلاً ..كما عاشته هذه الصغيرة
في سوسنتها..فكأنما جمعت الحياة والموت والبقاء والفناء في قصة السوسنة..!!
أم أعجب..من موت الكلم حروفاً تتناثر هباءً قبل أن تهرق روحاً تحكي بقاءً على رق!!
أم أعجب من لحظات ضعفٍ وقوة تتصارع..لنكون هزيمة أو نجاحاً في عمر الوجود!!

سلمت يمينك..يا أم إيمان..
فتاة اللغة العربية
رهف وسوسنتها :

يومية نقلتنا من محيط صغير إلى محيط أكبر

من حدود مدرسة إلى حدود عالم بأكمله

فهي ليست توجيها تربويا فحسب

بل بعدا لعاطفة إنسانية عامة

تقف حائرة أمام الموت والحياة

أمام البقاء والفناء

خبئ في لوحة جمعت بين الحرف المبدع والتجربة الصادقة

اشترك في إبداعها القلب والعقل

القلب بعاطفته الجياشة

والعقل بفهمه للحياة وفلسفتها كما هي .




...
رهف فجرت في أعماقي تساؤلات

وخلقت في نفسي تموجات مختلفة

لذا قد تكون لي عودة أخرى .




بانتظار إشراقة بقية اليوميات
بحور 217
بحور 217
ليس العجب من رهف وزهرتها

وإنما العجب من المديرة التي تنظر في الأعماق

وتهتم بخفايا الأثر الذي ستتركه

زهرة السوسن ما ماتت لأنها بقيت خالدة في يومياتك يا صباحنا


في انتظارك بشغف :26:
أحلام اليقظة
أحلام اليقظة
كيف أعلمها أن....

المحبة هي التي تجعلنا نتجاوز عن رغباتنا في امتلاك الغير

المحبة التي نترك فيها من نحب إلى ما يحب ونبقى نراعيه بحبنا

كل مافيها جميل والأجمل .... ما سُطِر بالأعلى ...

:26:


عودا ً حميدا ً ليومياتك ِ الرائعة صباحنا الوضئ