يوميات مديرة ( 1)

الأدب النبطي والفصيح

في كل يوم كانت تطلع علي شمس كنت أدعو الله أن يعطيني خير هذا اليوم ويجنبني شره .
اليوم : هو أصعب يوم في حياة كل من دخل فناء هذه المدرسة الواسعة ,من أصغر تلميذ عندي إلى أكبر فرد سنا ووظيفة... إنه أول يوم في المدرسة .
الساعة السادسة والنصف صباحا : دخلت مكتبي وجلست على كرسيي الضخم وأحسست أنه يبتلعني ولولا دخول فنجان القهوة العزيز على نفسي لغادرته إلى غير رجعة .كان بخار فنجان قهوتي يتمايل أمامي يكتب في الهواء حروفا ساخنة ضبابية لم أكد أحل شفرتها حتى خرق تأملي صوت الجرس , فتبدد الضباب واتضحت الرؤيا فلا مفر علي أن أخرج للساحة حيث المئات من التلاميذ والتلميذات بإنتظاري .
ومن بين الأكوام التي تزدحم على سطح مكتبي , ومن بين الجداول والأوراق الرسمية انتزعت نفسي وحاولت القيام ! ولكن ! ماذا يحدث إن رجلاي لا تكادان تقوى على حمل همتي وجعلني أغادر هذا المكتب إلى الخارج ... مستحيل ماذا يحدث ؟ الكل بانتظاري لأرحب بالصغار المستجدين وأضع بعض التعليمات.وو... وللأسف لم أستطع وتجمدت مكاني مثل أية قطعة في مكتبي وسمعت دقات قلبي وصوت جسدي الذي عاد إلى ذلك المقعد الضخم مرتميا عليه, نظرت إليه ورجوته الآن أن يبتلعني ولكنه لم يفعل ..أبدا لم يحرك ساكنا.. ودفنت رأسي بين يدي وصرت أحاور ذلك القابع في أعماق نفسي منذ الصغر ,أما زال أول يوم في المدرسة يخيفك أيتها المديرة ؟ ؟ وكادت السنون أن تنقلني في نفقها الطويل لولا أن شعرت بهزة صغيرة تحرك كرسي الهزاز , التفت وإذا بطفل أسمر ضئيل الحجم يلبس ملابس المدرسة يقف أمامي ,عيناه كأنهما الربيع في أحلى أيامه ,شعره قد أعطى للحرير إجازة لينال هو التسمية و لم يكن ربيع عينيه خاليا من الندى ,وكأن قطرات الدموع كانت تبث حديثا بلا حروف .
أأأريد ماما... قالها أو لم يقلها ربما ظننت أنه قالها فأنا لم أسمع شيئا... تلخصت سنيني كلها في هذا التلميذ الصغير. أحتضنته....أخرجت له بعض الحلوى من حقيبتي ..هز رأسه رافضا ,وضعت يدي على شعره .. توقفت الدموع وقال لي :
أنت المديرة ؟ ابتسمت لم ينتظر الإجابة , أمسك بيدي وأشار برأسه أن هيا ..فقلت له إذهب إلى الساحة سآتي الآن .هز رأسه بعنف رافضا وشد على يدي ..أحسست بألمه يسري في قلبي.. في كياني وانهارت الدموع مرة أخرى ,لم أستطع تحمل رؤيتها وهو يستجديني للخروج معه . نهضت ونظرت إلى ذلك المقعد الضخم كم أصبح صغيرا . وأمسكت بيد التلميذ الصغير وإذا بسعادة غامرة تعتريني لما أشرقت الدنيا بابتسامته .
و خرجت إلى الجميع فاحتضنتهم بعيوني وأسكنتهم قلبي فكم كنت بحاجة إليهم ... وكم كانوا بحاجة إلي .
4
1K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

عطاء
عطاء
حين نمر بفترات من الضعف فتضعف ثقتنا بأنفسنا 00ليس لأننا لانستطيع


الإمساك بزمام الأمور ودفة السفينة ولكنها هيبة الموقف 00وثقل


المسؤولية 00يسوق الله لنا ومن تدبيره ,من يأخذ بأيدينا بلطف دون أن


يكشف ذلك الضجيج من المشاعر داخل نفوسنا000لطف خفي000فسبحان من


يعلمنا ويهدينا00ويلطف بنا00ويعيننا00سبحانه!!!
أحلام اليقظة
أحلام اليقظة
السلام عليكم

روعة الاسلوب توقف تدفق حروفي

وترشقني قطرات الوصف برذاذٍ يوقظ الحلم

الذي ترامى بكسل

في أحضان الوسن

بانتظار بقية اليوميات

علها تزيح دثار الصمت الذي لف كلماتي

وفقك ِ الله لما يحب ويرضى
بحور 217
بحور 217
أسلوب رائع في وصف تجربة أروع ..

المسؤولية وثقلها وإحساسنا بالضعف ..

وروعة الطفولة حين تمنحنا القوة رغم أنها أضعف خلق الله إنسانا ..

جزاك الله خيرا ..

ننتظر منك المزيد .
صباح الضامن
صباح الضامن
إلى العزبزة عطاء
أعطيت من طيب ما عندك فوفيت وإن ما أراه من كتابتك ألمس فيه الدخول المباشر إلى المقصود فبارك الله فيك وفي قلمك الوضاء الهادف المشرق
اليك يا أحلام
فرح كلماتي كان وما يزال من حروف أخياتي اللواتي تتدفق في يوم عز فيه الفرح فلك يا أخيتي كل الشكر رغم أنني اخجل عندما أرى عمق ما تكتبين ويدفعني ذلك إلى شحذ تفكيري كي أصل معك إلى الرقي الذي تتمتعين به
وإليك يا بحور ثلاث كلمات أعقب فيهن على الثلاثة من سطورك :
لا ضعف ما دام الله معنا ويسخر لنا من يعينناأمثالك يا عزيزتي
ولا ضعف ما دامت البحور تعطي قوة لكل من يحتاج
ولا ضعف ما دام القلم يجاوره قلم يدعو الله له فجزيت خيرا يا أخية وجزى اله كل من يساعد غيره .