يوميات مديرة 23 (( الأيــــــــدي الصغيرة )

الأدب النبطي والفصيح

يوميات مديرة 23
الأيدي الصغيرة
مسافات شاسعة تبعدني أحيانا عن فهم أمور كثيرة , فذاك المجهول الذي لا نعرفه ويترامى إلى أبعد من قدرتنا على تلمس أبعاده هو ضرورة حتمية ليشحذ قوتنا على التأمل والتفكر ..
وعندما يعيينا القصور في الفهم نعزو ذلك إلى المجهول حتى نريح أنفسنا ونزرعه في غياهب الفضاءات ونستسلم . وما أن تأتينا رسالة من الخارج حتى نسارع في في تلوها فإن تناولت رموزا لا نفهمها نقول في دواخلنا ليس باليد حيلة ونرميها جانبا لنرى أكداسا من الرسائل تطلب قارئا .. وحيلة من هذا القاريء .
والرسائل الصوتية والمرئية في هذا الصباح تصم أذني تطلب مني عدم الإذعان للكسل الجميل في السرير الوثير
فبائع الكعك المحترم وبصوته الحاد يخرق أجوائي ويمزق صوت كسلي ..
تمنيت أن أشتري منه الكعك كله ولكني خشيت أن يعود بغيره ولا يبقى عندي غير هذا الكوم الهائل من الكعك..!!!
صغير كان البائع نظرت إليه من النافذة وقد تجمع حوله الصغار الذاهبون إلى المدرسة ليشتروا منه , كانوا كلهم في عمره تقريبا
وعجبت , ألا يشعر الصغير بالأسى وهو يرى أمثاله يمرحون ويلهون وقد صودرت طفولته خلف عربة الكعك , وذاك الحزن المرتسم على ملامحه كان إجابة .. لي
ولأرى هذا الأسى أيضا عند إشارة المرور فما أن وقفت السيارة حتى تكاثر الصغار من حولي منهم من يمسح الزجاج ومنهم من يعرض بضاعته يتقافزون هنا وهناك يخلو قفزهم من مرح الطفولة .
واحمرار الإشارة القاني اخضرار لأيديهم السائلة الصغيرة , واخضرارها جدب لحاجتهم الملحة . فيبتعدوا عن خطر العجلات الدائرة لتدور أعمالهم مرة أخرى عند توقف السيارات .
نظرت إلى الشمس من خلال زجاج سيارتي أستمد منها هروبا لدفء ولكنها تكسرت مبتعدة عني وكأني لا أستحق دفئها ..
أرسلت آهة عاجزة فما أرى من حرمان الطفولة يدمي القلب , فليس باليد حيلة واستسلمت للسير الأعمى خلف السيارات لأصل للمدرسة !
وعلى بابها فوجئت بمجموعة من صغار الباعة ينتشرون هنا وهناك وأيديهم الصغيرة تمتد محملة بحلوى رخيصة للتلاميذ , ورأيت القروش الحمراء والبيضاء تتدافع في صناديقهم ورنينها يمزق صمتا اصطنعته حتى لا يؤلمني ..
وما أن رأوني بدأوا يتغامزون لحبك مؤامرة إما للهرب أو لمفاجأتي والثانية كانت هي المتسيدة ,,!
اقترب أحدهم .. أسمر نحيل الجسد يلبس الجينز المهتريء وقميصا لا يكاد يستر شيئا من جسده وشعره طويل متناثر هنا وهناك على رأسه كأنه نسي مفردات النظام في زمن الفوضى , عيناه كانتا تتقدان عزما وتصميما والشر والشرر في خطواته الحذرة نحوي .
أما خلفه فقد كان الجنود الصغار ينتظرون انحسار المعركة حتى تطلق الأرجل الصغيرة وتنشد النجاة من المديرة المخيفة .
وانتظرت الخطوة من القائد المشاكس ولم يكن لدي أدنى فكرة عن السلاح المستخدم لمفاجأتي وخوفا من أن يكون عنصر المفاجأة من المعتدي الصغير مفاجئا لدرجة تمنعني من الرد قررت المبادرة .
اندفعت نحوه وارتفع الصراخ من الميسرة والميمنة بأن الهجوم قد بدأ فانقضوا ...!!!!!!
لم يكن في نيتي مهاجمتهم كل ما كان يدور في خلدي أن أضع عنصر المفاجأة للحفاظ على هيبتي أمام جمهور النظارة من التلاميذ الذي كانوا ينتظرون على الباب متفرجين
وانطلقت يد القائد في صندوقه برقية السرعة وعنيفة الحركة حتى خلت أنه سيرمي شيئا منها ويهرب
وحدث ما توقعت وإن كان أسوأ مما توقعت
هذه الهيبة التي خفت عليها تبعثرت
وتبعثر معها كل شيء إذ انطلقت من علبة القائد الصغير عشرات من النحل المدوي وكأنها كانت مدربة في اتجاهي ورسمت بيني وبينهم حاجزا طنانا كان يتقدم بسرعة نحوي لأطلق ساقي للريح هربا منهم نحو باب المدرسة فيفتح بسرعة وأدخل
لم ألسع ولكن هيبتي هي التي لسعت , فمن بين الضحكات المكتومة والابتسامات المكشوفة والتعليقات الحماسية من التلاميذ شققت طريقي باتجاه المكتب لألقي بما تبقى لدي من ,,, كل شيء
من هيبة
من خوف
ومن حزن
نعم حزنت على هؤلاء الصغار كيف توجه هذا الذكاء , وأسفت لعدم استطاعتي الإمساك بهم .
أرخيت رأسي المثقل قليلا واحتضنته يداي لأرى ملفا لرسوم أطفال يتوسط مكتبي
ملف للمشاركة بمعرض الدولة ... السنوي
فتحته وإذا به رسوم مترفة , صورة عائلة تمرح وتغذي أولادها حبا وحنانا
صور أولاد في عمر أولئك الباعة ولكنهم يجلسون على مقاعد الدراسة وعلى سجل أيامهم رسوما لمستقبلهم
وصور للربيع بأحلى حلة
ثم ....صورة فارغة لم أجد عليها إلا عبارة واحدة

المحرومــــــــــــون .. ولم أستطع رسمهم
فهم هكذا ....... بلا ألوان .
6
740

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

نــــور
نــــور
كلمات أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها ...












تـــــــــــلـــــــــــــــسع




نعم .. تلسع الوجدان و الضمير

تلسع العقول المتجاهلة لهذا الكم الهائل من البراءة المهدورة
وتلسع فينا إيماننا ... حين نتحدث عن منجزاتنا وما حققناه
ونعجز عن التكلم عن هؤلاء ....

في يوم من أيام شهر رمضان المبارك سرت في الطريق .. وكان الوقت يشارف على الغروب
وهؤلاء المساكين كانوا لا يزالون يعملون في البناء
فما كان مني إلا و أطلقت زفرة حزن عليهم و على حالهم
تشققت شفاههم وبدا التعب واضحا في قسماتهم
فما كان إلا و أن سمعت كلمة باردة .. برود هذا الزمن
قالت حروفها ( هم متعودون على ذلك )
تسائلت وقتها في نفسي .. هل حقا اعتادوا على ذلك ؟؟
وهل يعتاد أحد على الشقاء
أم ترانا نحن الذين اختلقنا أعذارا تريحنا و تقتلهم
ويبقى الجواب معلقا كإجابات كثيرة تنتظر المنقذ ..

أيتها الرائعة دائما ..
عذرا للإطالة .. فقد أثارت أمومتك في قلبي مشاعر كثيرة ..
قطر الغمام
قطر الغمام
عند إشارة المرور ...
وفي أزقة السوق ...
وأمام المساجد ..
حتى الحرم ..
أجدهم هنا وهناك ... وهم من بائع إلى متسول
مازالت صورة الطفلة الصغيرة التي أمسكت بي أمام الحرم في مكة وهي ترجوني أن أشتري منها طعام الحمام
مازالت صورتها في ذكراتي
رجاؤها ...
حزنها
خجلها ...
كأنها تقول ... أنقذيني ولو بريال فإن فيه عيشي
أمام كل هذا أتذكر أطفالنا هم يغضبون لأنهم لم يحصلوا على اللعبة الفلانية وعندهم غيرها كثير ...
أولأنهم لم يذهبوا للمطعم الفلاني مع أن الأكل أمامهم يرجوهم ان يتذوقوه
الله المستعان ...
هنا وهناك ... الطفولة تنتحر
هناك على أبواب الفقر والجوع والعوز
وهنا على أبواب البطر والترف

ــــــــــــــــــــــــــــ
بوركت أنامل الصباح ولا حرمنا الله هذا المداد
بحور 217
بحور 217
متجددة دوما يا صباحنا ...

كل يوم تلمسين جرحا غائرا نسيناه ...

ولن تنتهي الجراح !!!!!

وما ذكرته نور واقع متكرر ...

هذا ما اعتدنا نحن عليه أن نبرر ما نراه من لوحات مشوهة فقدت كل ألوانها بأعذار لانملك إلا أن نقتنع بها هربا من قلوبنا .

تذكرت هنا ذلك البيت الذي رمته لنا فتاتنا :

قالت الضفدع قولا صدقته الحكماء ******* في فمي ماء وهل ينطق من في فيه ماء ؟؟؟!!!!
صباح الضامن
صباح الضامن
نور

تلسع الكلمات
كما الأحداث

ونستعين بها دواء لما نرى
فلا دواءغير التأفف

فالنخر عميق
بوركت يا بنيتي

ويا قطر
كأني بأمثلتك أسائل نفسي من السبب يا ترى
ترف البعض تحول إلى بلادة في الشعور
أم هو تعود اللامبالاة بالغير

سيان فالنتيجة واحدة
التكافل غير موجود والسبب كلنا
سلمت على هذه المشاركة يا بنيتي

بحور

رأى أحدهم رجلا يقف على رأسه ورجليه إلى أعلى
فقال له :يا هذا إعدل ياقة قميصك

فمر حكيم عليهما قائلا أما تقول له إعدل نفسك أولا !!!

هذه الحالة التي ذكرتها في اليومية إنما هي جزئية من انقلاب أحوالنا ولا ينفع أن نعين هؤلاء المحرومين إلا إذا عدلنا أنفسنا ورجعنا إلى مبدأ التكافل الاجتماعي الذي حثنا عليه ديننـــــا
فمتى !!!

شكرا لك على مرورك الكريم
ايمان خالد
ايمان خالد
ضحك وحزن وضيق عميق بعثته لنا يا أمي
أضحكتني عندما رسمت لي صورتك و أنت تفرين من بين الصغار وهالة النحل تجري خلفك :21:
و أحزنتني لموقفك الصعب بذهاب ولو جزء بسيط من هيبتك التي ما فتئت تحافظين عليها في كل المحافل
:(
وتركتك في هذا الموقف وكلي أسى وغضب من نفسي أولا ومن أهل هؤلاء العصافير البريئه ..فماذا وكيف وإلى متى سيبقى حالنا هكذا ...إلى متى يا أمي إلى متى...

سأودع صفحتك هذه بفيض من دمع ..ولكن من سيودع حزن ويكفكف دمع عيون المحروميين!!:44: