يوميات مديرة (6) بشــــــــــــار !!!

الأدب النبطي والفصيح

في كل مرة أمسك بالقلم حتى اتوقف , فكم حاولت ان لا ابدأ بحرف جر ولكنني اتمرد على سطوري وابتديْء بحرف جر عله يجر إلى حقلي كلمات أزرعها وأتعهدها لترسم معي لوحة ذات ألوان مبهرة . وكم من مرة تنتابني نزعة طفولية أن أخفي هذه الكلمات في حقلي ولكنني أعود فأظهرها عل ناظريها تتأرجح فيهم أحلام طفولة ..أو أنس صبا ... أو تغريد شجي لبلبل طفل على غصن دافيء ...
وتمنيت أن يكون هذا اليوم فيه مما ذكرت لأطرز به ورقي الأبيض ولم يكن أملي كبيرا فاليوم سنأخذ خمسين تلميذا وتلميذة في رحلة أسميتها ( رحلة الصداع) . فقبل أن أسمح لخيالي أن يصور ما سنلاقي من هذا الحشد الصغير( سنا ...) وصلت إلى ساحة المدرسة لأرى العيون الصغيرة تلاحقني أينما اتجهت والأسئلة الطفلة تتراشق :
- متى ستذهب ؟؟ هل الطريق طويل ؟؟ هل سيسمحوا لنا بلمس الفراخ الصغيرة ؟؟ وو وطبعا الرحلة كانت لمزرعة دجاج كبيرة ...!!!!
وابتدأنا , ازدحمت الحافلة بالرؤؤس الصغيرة السمراء والشقراء ولقد أحسست بدفء غريب يسري في المكان فحماس الصغار وعيونهم المتلألئة وذهنهم المتقد كانوا أسياد الحالة .
قرأنا دعاء الركوب وشرعت الحناجر الصغيرة تنشد الاناشيد المختلفة ولكنها ما لبثت أن خفتت ليحل محلها المشاكسات والأحاديث الجانبية والبكاء أحيانا أو الشجار ..أو الشكوى , ومع قليل من التهديد بالعودة كان الهدوء يعم للحظات .
ألقيت برأسي على زجاج النافذة عل برودة الهواء تخفف قليلا من غليانه ونظرت إلى الصور المتلاحقة بسرعة فما تكاد ترسم لوحة حتى تأتي ريشة التعود وتزيلها ..فلا جديد إلا أنني أحسست أن هناك من يتحرك بجانبي فاستدرت لأرى فتى صغيرا لا يتعدى السابعة يجلس .. وأين على مقعد العقاب !نظرت إليه وهو يحمل كنزه الثمين ( علبة غذائه ) بادلني النظرات بتحد وجرأة وقليل من ابتسام ..
- لم جلست هنا سألته هل طلب أحد منك ذلك ونظرت إلى المعلمة مستفهمة فأشارت بالنفي .
- لا .. ولكن سيطلبوا مني ذلك أليس هذا مقعد المشاغبين ؟
- وهل شاغبت ؟
- لا ولكنني سأفعل فالطريق طويلة .
ضحكت في سري وقلت له : لا عندما تشاغب ستجلس هنا.
جر فشله بين أقرانه وجلس قليلا ثم عاد ..
- ولكن المقعد خال وهناك الكثير من المشاغبين .. وعاجلته بنظرة حازمة تنهد إثرها ورجع مكانه .
اقتربت المعلمة مني ضاحكة : إنه بشار ألا تعرفينه , لقد أكد لزملائه أنه لا يخاف من مقعدك وسيجلس عليه سواء كان مشاغبا أو لا !!
ووضعت يدي على مقعدي وكأنني سأفقده وبقليل من حرج فتحت النافذة عل الهواء يحرر ولو قليلا من نفسي الأسيرة فقد تخيلت أنني أمشي والقيود تكبلني , ويبدو أن أسري لتلك الأرواح الصغيرة المنطلقة وكبحها بهذه الطريقة كانت هي السبب , فقررت شيئا عند العودة ..
توقفت الحافلة أخيرا أمام المزرعة وغنى الصغار فرحا فالتجربة الفريدة أمامهم وتزاحمت الأرجل الصغيرة ولن يصدق أحد أنني كنت أسمع دقات قلوبهم الطفلة . طالبتهم بالهدوء وقلت لهم ممازحة أنني سأستبدلهم بالدجاج إن عمت الفوضى . وبنظرة جانبية لمحت بشارا يرفع حاجبيه ويهز رأسه ..!!
ونجحت الرحلة وكان صاحب المزرعة كريما فقد أهدى كل تلميذ وتلميذة صندوقا فيه فراخ ملونة , وحتى المعلمات كان لهن نصيب .
وما ان استقر التلاميذ في الحافلة وبدأت رحلة العودة حتى اقترب بشار مني قائلا
- هل لا زلت تريدين إستبدالنا بالدجاج و
- ومع رائحة الدجاج وومع أصواتها ونقيقها لا وألف لا .. أجبته ضاحكة
- لقد علمت أنه تهديد فقط . أجابني منتصرا !!
استنجدت بسنيني كلها التي قضيتها أضع النظريات وأطبقها علها تسعفني فأنا أمام معلم كبير لا طفل في السابعة . وبما تبقى لي من هيبة قلت للجميع : إن مقعد العقاب ما عاد كذلك وهو الآن لأفضل تلميذ وأهدأ تلميذ ..
غنى الصغار أغنية الفرح وامتدت الأيدي الصغيرة منطلقة تداعب الفراخ الملونة ونظرت من النافذة لأرى ألوان الطيف تلوح في الأفق في كل لون جميل وجه طفل فرح وروح تطير محلقة آمنة من كل قهر ..
ولا زال بشار واقفا وسالني هذه المرة
-لماذا لم يعطك صاحب المزرعة فراخا مثلنا لا يجوز لقد تعبت كثيرا وهي جميلة .. جميلة جدا
وما كان الصغير يعرف أنني أخاف من كل ذي شعر أو فرو بدءا من الفرخ الصغير وحتى الدب الكبير . وتملصت من الإجابة ليعود إلى مكانه وما روي فضوله .
وما أن انتهى كل شيء وعاد الجميع عرجت على مكتبي لعلي أحظى بشيء من الروتين الهاديء لأفاجأ أن هناك صندوقا صغيرا يتوسط المكتب , اقتربت بحذر ومددت يدي وحركت الصندوق فإذا بفرخ صغير أحمر اللون يقفز منه ويضع بصماته على أوراقي هنا وهناك وقفزت إلى الوراء مع صيحة خفيفة لأرتطم بشيء خلفي
إنه بشــــــــار !!
وقع أرضا عندما ارتطمت به , أمسكت بالصغير وأنا أتصبب عرقا من كل شيء أقله الإحراج . نظر إلي منفعلا :
إذن فأنت تخافين منه !!
مالحيلة الآن حدثت نفسي وهربت كل المفردات من قاموسي حتى صديقتي جروف الجر لم تسعفني فما جرت شيئا, وكان لا بد من الصدق ...
واستمع جيدا ثم أمسك بالفرخ الصغير قائلا:
- حزنت لأن صاحب المزرعة لم يعطك فراخا مثلنا ولأنني أحبك فقد قسمت الفراخ بيني وبينك , انظري لا تخافي إنها جميلة ولطيفة ووضعها في حجري
نظرت في عينيه وفيهما رجاء وأمام هذا المعلم الصغير الكبير كبر في التحدي وبيد راجفة لمست الفرخ الصغير فإذا به يثني رأسه ويداعب كفي فغادرت أوهامي القديمة الخائفة إلى غير رجعة على يد هذا الشجاع الصغير.. على يد بشــــار ز
5
984

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

بحور 217
بحور 217
جميل أن يعترف الإنسان بحاجته للتعلم ..

ومن أي مصدر مهما بدا صغيرا ...

ومن لم تمنعه هيبته المتوهمة من الفائدة فهو الكبير حقا ..

أتعلمين يا أروع مديرة .. أن غيرك كان سيتخذ إجراء صارما مع هذا الطفل المسكين منذ أن جلس على الكرسي وتحدى العقاب .. العقاب بالقرب منك ..

إنه فقط امتلك حسا أدرك به إنسانية المديرة وحسها المرهف الذي ربما يختفي خلف اللقب أو خلف فارق السن ..

من حسن حظ هذا الفتى أنه قابل صباح ذات صباح ..

:43:
6aif Alislam
6aif Alislam
dear Sabah,
when life runs so fast where I want to catch, I 'd rather like to stop my time clock ..enrich my soul..feed my mind with you life-full experiences
I try to listen to the meanings inside your words taking from it as if preparing my luggage for the long journy of life.
Your warm words take me far beyond my small house limits lifting me to a world where sensation is all whats around me.
Sometimes I laugh , sometimes I cry...
and whatever my writing language is all what I am asking you is
keep on teaching me...........please...
sencerely yours,
6aif Alislam
:37:
صباح الضامن
صباح الضامن
dear saif alislam
whoever you are , where ever you are iam glad that my words touch your heart and Iam writing for you in English incase your computer cant receive our beloved language
my dear
when ur deepest feelings gathered here on these electronic pages all the joy raced to my heart and the encouragement you gave me will be my light to guide my words
Allah be with you where ever you are
إلى سيف الاسلام
هذا الإسم الجميل لا بد وأن يدل على صاحبه فلنكن كلنا في خدمة الله كل حسب قدرته وطاقته
كلماتك انعشتني وجعلت لكتابتي المتواضعة هدفا وفائدة بارك الله فيك وأعانني على ما سيأتي
لك مني الدعاء والله يعطيك حتى يرضيك ويعينك على طاعته
صباح الضامن
صباح الضامن
الى التي تغني مفرداتي بملاحظاتها القيمة لا أملك إلا أن أقول
أنعم الله عليك بكل حرف أجرا وبارك فيك
ريــآالسنين
ريــآالسنين
يااااااااه قصة جميلة ...

لم اكن اتوقعها هكذا .....

لا أعرف ما أقول غير أنك أنسانة مبدعة أستطعتي تطويع الحروف ..