يوم العيد...........

ملتقى الإيمان



الحمد لله، الحمد الله الذي كان بعباده خبيراً بصيراً.. وتبارك الذي جعل في السماء بروجاً وجعل فيها سراجاً وقمراً منيراً.. وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً..
والصلاة والسلام على من بعثه ربه هادياً ومبشراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً.. بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حتى أتاه اليقين، فصلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
وبعد:
ففي صباح يوم تطل شمس العيد، ويبزغ نورها وترسل أشعتها، في ذاك الوقت الباكر الساحر تتنزل الملائكة من السماء، زرافات ووحداناً، تتنزل ملائكة الرحمة في ثوب جميل بهي، تتنزل الملائكة في صباح عيد المسلمين.. ومعها الصحف. فتقف على السكك، والمنحنيات، والطرقات، وبمداخل الشوارع، تسجل الذاهبين إلى المصلى، وترسل إليهم الهدايا المعنوية، والجوائز الرمزية، التي كلفهم الله بإعطائها للعباد.
فمن آخذ جائزته بيمينه فمقبول وسعيد.. ومن مطرود خائف شقي.
والملائكة يوم ينصرف الناس من المصلى يشهدون للمقبولين بالقبول، والمردودين بالرد، فلا إله إلا الله، كم من مقبول يوم العيد قد فرح وسر، وكم من مطرود يوم العيد قد خاب وخسر.
فمن قضى الشهر في الصيام والقيام، والذكر والتلاوة، والعبادة والخشوع، قبله الله يوم العيد، وألبسه جديد التوبة مع جديد الثياب. وجعله الله في دار المغفرة والرضوان.. ومن ضيع عمره في رمضان، وعصى الله، واجترأ على حرمة الشهر، وتعدى حدود الله، وانتهك محارم الله، لا ينفعه والله لبس الجديد، بل يعود نادماً خاسراً فاشلاً.
يوم العيد سر من أسرار هذه الأمة، فيه تخرج الأمة الإسلامية معلنة تضامنها والتزامها وتكافلها.
يوم العيد يكون ترنيمنا ونشيدنا الخالد.. (الله أكبر كبيراً)، فالله أكبر من كل قوة، والله أكبر من كل هيئة، والله أكبر من كل كيان.. (الله أكبر) له البقاء والرفعة، (الله أكبر) له الثناء والمجد، (الله أكبر) له البقاء أبداً سرمداً..
والتكبير يوم العيد سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، في المناسبات وغيرها، فكأنما نقول للناس: يا من تكبر وتجبر إن الله أكبر منك، ويا من غفل وسها وتمرد على الله، الله أكبر منك.
في العيد نلبس الجديد ونظهر النعمة التي أنعم الله بها علينا، فنقول بلسان الحال: يا رب هذه نعمك علينا، يا رب هذا اللباس الذي ألبستنا.
ونقول للناس: انظروا لنعم الله علينا، انظروا لفضل الله علينا، انظروا لكرم الله علينا. فقد قال صلى الله عليه وسلم: (إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده) (1)
وقال: (إذا أتاك الله مالاً، فلير أثر نعمة الله عليك وكرامته) (1) .
وقد خرج صلى الله عليه وسلم يوم العيد ليصلي بالأمة الإسلامية، وليقود الجماهير لخطبة عاطرة رضية، فلبس خلة حمراء من أحسن الحلل، ليظهر جمال الإسلام.
وفي يوم العيد نتوضأ ونغتسل لأن ذلك سنة، ونخرج ونقول:
يا رب طهرنا الأجساد فطهر القلوب، طهرنا الظاهر فطهر الباطن.. طهرنا ما ظهر للناس، فطهر ما خفي عنهم.
وفي يوم العيد نخرج من طريق ونرجع من طريق آخر، والأحسن أن نأتي مشاة، لنقول لكل عدو للإسلام: ها نحن الأمة المسلمة خرجنا إلى الله، منيبين إليه، شاكرين نعماءه، ونمشي على الأرض، وهو الأفضل؟
لنطلب الثواب من الله عز وجل، ولنقول: عليك أيتها الأرض نمشي، وعلى ظهرك نأكل ونشرب، وفي باطنك نقبر، فنحن عباد من تراب..
ونعود يوم العيد من طريق ليرانا الذين لم يرونا من الطريق الأولى، فكأننا حشود منظمة، أو كتائب منسجمة، أو إطلال من إطلالات الفجر، أو شعاع من شعاعات النور..
وفي يوم العيد أمرنا صلى الله عليه وسلم بزكاة الفطر، لنغني الفقراء، فلا يصح أبداً أن نلبس الملابس الغالية، ونركب المراكب الفخمة، ونسكن القصور الشاهقة، والفقراء يموتون على الأرصفة جوعاً وبرداً وعطشاً.
وأجل معاني العيد يا أمة العيد، أن نعود إلى الحي القيوم.. فمن لا يعود إلى الله، ولا يعلن العودة إلى الله فليس له عيد.
لماذا يفرح وقد ابتعد عن الله؟
لماذا يفرح وقد قطع الحبال بينه وبين الله؟
لماذا يفرح وقد أوصد أبواب التوبة بينه وبين الله؟
فمعنى العيد: أن تعود إلى الله، وتعلن توبتك، كما يفر العبد فيعود إلى مولاه عبداً آبقاً خائفاً.
ومن معاني العيد: أن نقف صفوفاً في المصلى وكأننا نقول: يا رب إن قبلت فزدنا قبولاً، وإن غضبت فآتنا رضاك، وإن أذنبنا فتب علينا.
ومن أجل أسرار العيد، أن نتواصل فيما بيننا ونتزاور.
ولا نكون كمن قال الله فيهم: ((فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ))، ((وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ)).
فحينما تأتي يوم العيد فتزور أباك، وأمك، وأخاك، وأختك، وعمك وعمتك، وخالك وخالتك، وكل قريب يقرب منك، وصلك الله بوشيجة منه، فإن الله لما خلق الرحم قال: تكلمي.
قالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة. وتعلقت بالعرش.
فقال الله: ألا ترضين أن أصل من وصلك، وأن أقطع من قطعك؟
قالت: بلى.
قال: فذاك لك (1)
فأنزل الله الرحم، فمن وصلها وصله الله، ومن قطعها قطعه الله.
والذي لا يصل رحمه يوم العيد كأنه ما فعل شيئاً، فإن من أسرار العيد أن تصل رحمك، وأن تدخل السرور على من جعل الله بينك وبينهم وشائج قربى.. وأن تريهم نفسك، وأن يسمعوا حديثك، وتسمع حديثهم، لأن الحياة قصيرة فلا تقطعها بالقطيعة.
ومن أسرار العيد أن تعود إلى صف المسلمين، في الجمع والجماعات، في المناسبات، في الأعطيات، والتبرعات، وأن تقف معهم صفاً واحداً، فأنت عضو حساس من أعضائهم، وأنت مضغة من جسمهم، وأنت ذرة من هذا الكيان الخالد.
وبؤساً للقوم الذين لا يعرفون الله إلا في رمضان، وبؤساً للعبد الذي إذا أتى رمضان، صام وقام، وتلا آيات الواحد العلام، ثم رجع يوم العيد إلى ما كان عليه من البعد والضياع.
لما سمع الإعلان يوم العيد تمرد على رب العبيد، أليس رب رمضان هو رب شعبان وشوال؟
.. أليس رب رمضان هو الذي يدرك السر وما يدور في الخلدان؟
.. أليس رب رمضان هو المطلع على ما تخفيه الضمائر في الوجدان؟
فيا عباد الله، من عرف الله في رمضان فليصل بمعرفته كل آن.. ومن تاب إلى الله في رمضان فليواصل توبته إلى الله في كل زمان ومكان.. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم



منقوووووووووول
9
881

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

حكايه صبر
حكايه صبر
( `•.¸
`•.¸ )
¸.•
(`'•.¸(` '•. ¸ * ¸.•'´)¸.•'´)
«´¨`.¸.*جزاج البارئ خير الجزاء *. ¸.´¨`»
«´¨`.¸.* *. ¸.´¨`»
(¸. •'´(¸.•'´ * `'•.¸)`'•.¸ )
.•´ `•.¸
`•.¸ )
نور نور الدنيا
جزااك الله خير الجزاء وأفاض عليك من نعمه ظاهرة وباطنة
وأسأل الله باسمه العظيم الأعظم أن ينير بصرك وبصيرتك
بنور اليقين
وأن يجعله فى ميزان حسناتك
مشتاقة الجنه
مشتاقة الجنه
جزاك الله خيرالجزاءوأسأل الله ان يغفر لك ولوالديك

ويجعل مانقلتي حجة لك وان يهدينا الي مافيه خيروصلاح ديننا ودنيانا
*عبير المسك*
*عبير المسك*
<<سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته >>

الله يعطيك العافيه
جنات 1990
جنات 1990
( `•.¸ `•.¸ ) ¸.• (`'•.¸(` '•. ¸ * ¸.•'´)¸.•'´) «´¨`.¸.*جزاج البارئ خير الجزاء *. ¸.´¨`» «´¨`.¸.* *. ¸.´¨`» (¸. •'´(¸.•'´ * `'•.¸)`'•.¸ ) .•´ `•.¸ `•.¸ )
( `•.¸ `•.¸ ) ¸.• (`'•.¸(` '•. ¸ * ¸.•'´)¸.•'´) «´¨`.¸.*جزاج البارئ خير الجزاء *....
وجزاك خيرا اختي الغالية
اشكرك على مرورك الطيب