أخواتي العزيزات : من مجموعة قصصية معروفة انتقيت لكن هذه التحفة الأدبية , لا أبالغ في وصفها بذلك , وها أنذا أضعها بين أيديكن - بتصرف بسيط جدا - وأرحب بأية رؤية ناقدة لها , وسوف أرجئ الآن ذكر اسم مبدعها , والمجموعة الأم لها , عل اٍحداكن أن تتعرف عليهما دون حاجة لذكرهما , على أني أعد بذكرهما حين انتهائي من كتابتها ...
وهذه هي القصة :
يوم العيد
جاء يوم العيد , يوم الخروج من الزمن اٍلى زمن وحده , لا يستمر أكثر من يوم أو يومين .
زمن قصير ظريف ضاحك , تتيحه الأديان للناس , ليكون لهم بين الحين والحين : يوم طبيعي في هذه الحياة التي انتقلت عن طبيعتها .
يوم السلام , والبشر , والضحك , والوفاء , والاٍخاء , وقول الاٍنسان لأخيه الاٍنسان : وأنتم بخير .
يوم الثياب الجديدة على الكل اٍشعاراً لهم بأن الوجه الاٍنساني جديد في هذا اليوم .
يوم الزينة التي لا يُراد منها اٍلا اٍظهار أثرها على النفس , ليكون الناس جميعا في يوم حب .
يوم العيد : يوم تقديم الحلوى اٍلى كل فم , لتحلو الكلمات فيه ...
يوم تعم فيه الناس ألفاظ الدعاء والتهنئة , مرتفعة بقوة اٍلهية فوق منازعات الحياة .
ذلك اليوم الذي ينظر فيه الاٍنسان اٍلى نفسه نظرةً تلمح السعادة , واٍلى أهله نظرةً تبصر الاٍعزاز , واٍلى داره نظرةً تدرك الجمال , واٍلى الناس نظرة ترى الصداقة .
ومن كل هذه النظرات تستوي له النظرة الجميلة اٍلى الحياة والعالم , فتبتهج نفسُه بالعالم والحياة .
وما أسماها نظرةً تكشف للاٍنسان : أن الكل جماله في الكل !!.
وخرجت أجتلي العيد في مظهره الحقيقي على هؤلاء الأطفال السعداء .
على هذه الوجوه النضرة التي كبرت فيها ابتسامات الرضاع فصارت ضحكات .
وهذه العيون الحالمة الحالمة التي اٍذا بكت : بكت بدموع لا ثقل لها .
وهذه الأفواه الصغيرة التي تنطق بأصوات لا تزال فيها نبرات الحنان من تقليد لغة الأم .
وهذه الأجسام الغضة القريبة العهد بالضمات واللثمات , فلا يزال حولها جو القلب .
على هؤلاء الأطفال السعداء الذين لا يعرفون قياساً للزمن اٍلا بالسرور , وكل منهم مَلكٌ في مملكة , وظرفهم هو أمرهم الملوكي .
هؤلاء المجتمعين في ثيابهم الجديدة المصبّغة : اجتماع قوس قزح في ألوانه .
ثيابٌ عملت فيها المصانع والقلوب , فلا يتم جمالها اٍلا بأن يراها الأب والأم على أطفالهما .
ثيابٌ جديدةٌ يلبسونها , فيكونون هم أنفسهم ثوباً جديداً على الدنيا .
هؤلاء السحرة الصغار الذين يُخرجون لأنفسهم معنى الكنز الثمين من قرشين ...
ويسحرون العيد , فاٍذا هو يوم صغير مثلهم , جاء يدعوهم اٍلى اللعب .
وينتبهون في هذا اليوم مع الفجر , فيبقى الفجر على قلوبهم اٍلى غروب الشمس .
ويُلقون بأنفسهم على العالم المنظور , فيبنون كل شيء على أحد المعنيين الثابتين في نفس الطفل : الحب الخالص , واللهو الخالص .
ويبتعدون بطبيعتهم عن أكاذيب الحياة , فيكون هذا بعينه هو قربهم من حقيقتها السعيدة ...
تتبع ...:39: :26: ;) :24: :)
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
عطاء
•
نحن نتابع..أكملي بارك الله فيك...يا عزيزتي أماني طيبة:26:
عزيزتي : عطاء , جزيت كل خير , فقد بعثت الأمل في نفسي بأن ثمة من يهتم لشأن تلك المقطوعة الجميلة بعدما كاد -أوكان- يحتضر ... وأنتظر منك لذلك تعليقاً بعد فراغي من كتابتها الآن , ودمت سالمة ...
بقية قصة : يوم العيد
هؤلاء الفلاسفة الذين تقوم فلسفتهم على قاعدة عملية , وهي : أن الأشياء الكثيرة لا تكثر في النفس المطمئنة .
وبذلك تعيش النفس هادئة مستريحة , كأن ليس في الدنيا اٍلا أشياؤها المُيَسَّرة .
أما النفوس المضطربة بأطماعها وشهواتها فهي التي تُبتَلى بهموم الكثرة الخيالية .
ومثلها في الهم مثل : طفيلي مغفل يَحزن لأنه لا يأكل في بطنين !!.
واٍذا لم تكثر الأشياء الكثيرة في النفس , كثرت السعادة ولو من قلة .
فالطفل يقلب عينيه في نساء كثيرات , ولكن أمه هي أجملهن , واٍن كانت شوهاء .
فأمه وحدها هي هي أم قلبه , لا معنى للكثرة في هذا القلب .
هذا هو السر , خذوه أيها الحكماء عن الطفل الصغير !.
وتأملت الأطفال , وأثر العيد على نفوسهم التي وسعت من البشاشة فوق ملئها .
فاٍذا لسان حالهم يقول للكبار: أيها المغفلون , انتبهوا من غفلتكم ولو يوماً ...
أيها الناس , انطلقوا في الدنيا انطلاق الأطفال يوجدون حقيقتهم البريئةالضاحكة , لا كما تصنعون , اٍذ تنطلقون انطلاق الوحش يُوجد حقيقته المفترسة .
أحرار حرية نشاط الكون ينبعث كالفوضى , ولكن في أدق النواميس .
يثيرون السخط بالضجيج والحركة , فيكونون مع الناس على خلاف , لأنهم على وفاق مع الطبيعة .
وتحتدم بينهم المعارك , ولكن لا تتحطم فيها اٍلا اللعب ...
أما الكبار فيصنعون المدفع الضخم من الحديد , للجسم اللين من اللحم والعظم .
لا يفرح أطفال الدار كفرحهم بطفل يُولد , فهم يستقبلونه كأنه محتاج اٍلى عقولهم الصغيرة .
ويملؤهم الشعور بالفرح الحقيقي الكامن في سر الخلق , لقربهم من هذا السر .
وكذلك تحمل السنة , ثم تلد للأطفال : يوم العيد , فيستقبلونه كأنه محتاج اٍلى لهوهم الطبيعي .
ويملؤهم الشعور بالفرح الحقيقي الكامن في سر العالم لقربهم من هذا السر .
فيا أسفاً علينا نحن الكبار ! ما أبعدنا عن سر الخلق بآثام العمر !.
وما أبعدنا عن سر العالم , بهذه الشهوات الكافرة التي لا تؤمن اٍلا بالمادة !.
يا أسفاً علينا نحن الكبار ! ما أبعدنا عن حقيقة الفرح !.
تكاد آثامنا - والله - تجعل لنا في كل فرحة خجلة !!!.
أيتها الطيور المغردة بألحانها ,
أيتها الأشجار المصفقة بأغصانها ,
أيتها النجوم المتلألئة بالنور الدائم ,
أنت شتى , ولكنك جميعاً في هؤلاء الأطفال يوم العيد .
انتهت ...:41:
بقية قصة : يوم العيد
هؤلاء الفلاسفة الذين تقوم فلسفتهم على قاعدة عملية , وهي : أن الأشياء الكثيرة لا تكثر في النفس المطمئنة .
وبذلك تعيش النفس هادئة مستريحة , كأن ليس في الدنيا اٍلا أشياؤها المُيَسَّرة .
أما النفوس المضطربة بأطماعها وشهواتها فهي التي تُبتَلى بهموم الكثرة الخيالية .
ومثلها في الهم مثل : طفيلي مغفل يَحزن لأنه لا يأكل في بطنين !!.
واٍذا لم تكثر الأشياء الكثيرة في النفس , كثرت السعادة ولو من قلة .
فالطفل يقلب عينيه في نساء كثيرات , ولكن أمه هي أجملهن , واٍن كانت شوهاء .
فأمه وحدها هي هي أم قلبه , لا معنى للكثرة في هذا القلب .
هذا هو السر , خذوه أيها الحكماء عن الطفل الصغير !.
وتأملت الأطفال , وأثر العيد على نفوسهم التي وسعت من البشاشة فوق ملئها .
فاٍذا لسان حالهم يقول للكبار: أيها المغفلون , انتبهوا من غفلتكم ولو يوماً ...
أيها الناس , انطلقوا في الدنيا انطلاق الأطفال يوجدون حقيقتهم البريئةالضاحكة , لا كما تصنعون , اٍذ تنطلقون انطلاق الوحش يُوجد حقيقته المفترسة .
أحرار حرية نشاط الكون ينبعث كالفوضى , ولكن في أدق النواميس .
يثيرون السخط بالضجيج والحركة , فيكونون مع الناس على خلاف , لأنهم على وفاق مع الطبيعة .
وتحتدم بينهم المعارك , ولكن لا تتحطم فيها اٍلا اللعب ...
أما الكبار فيصنعون المدفع الضخم من الحديد , للجسم اللين من اللحم والعظم .
لا يفرح أطفال الدار كفرحهم بطفل يُولد , فهم يستقبلونه كأنه محتاج اٍلى عقولهم الصغيرة .
ويملؤهم الشعور بالفرح الحقيقي الكامن في سر الخلق , لقربهم من هذا السر .
وكذلك تحمل السنة , ثم تلد للأطفال : يوم العيد , فيستقبلونه كأنه محتاج اٍلى لهوهم الطبيعي .
ويملؤهم الشعور بالفرح الحقيقي الكامن في سر العالم لقربهم من هذا السر .
فيا أسفاً علينا نحن الكبار ! ما أبعدنا عن سر الخلق بآثام العمر !.
وما أبعدنا عن سر العالم , بهذه الشهوات الكافرة التي لا تؤمن اٍلا بالمادة !.
يا أسفاً علينا نحن الكبار ! ما أبعدنا عن حقيقة الفرح !.
تكاد آثامنا - والله - تجعل لنا في كل فرحة خجلة !!!.
أيتها الطيور المغردة بألحانها ,
أيتها الأشجار المصفقة بأغصانها ,
أيتها النجوم المتلألئة بالنور الدائم ,
أنت شتى , ولكنك جميعاً في هؤلاء الأطفال يوم العيد .
انتهت ...:41:
بحور 217
•
رائعة يا أماني في اختيارك كما انت رائعة فيما خطه قلمك ..
كم يحتوي عالم الأطفال على جمال افتقدناه واسرار نسيناها عندما كبرنا ...
من مبدع هذه اللوحة يا أماني ؟؟ :27:
كم يحتوي عالم الأطفال على جمال افتقدناه واسرار نسيناها عندما كبرنا ...
من مبدع هذه اللوحة يا أماني ؟؟ :27:
عزيزتي : بحور
أشكر لك ثناءك الجميل ... كما أقدر لك اهتمامك بتلك المقطوعة الأدبية الرائقة
أما هذه اللوحة الفنية فهي للأديب الفنان المبدع : " مصطفى صادق الرافعي " .
وأما الكتاب الأم الذي احتوى تلك اللوحة الجميلة - كما غيرها من اللوحات - فهو كتاب : " وحي القلم " .
وأما اسم المقطوعة الأصلي كما اختاره صاحبها في كتابه فهو : " اجتلاء العيد " , وقد استعملت لفظ "يوم" بدلاً من "اجتلاء" خوفا من حدوث صعوبة لدى البعض في الوصول اٍلى مغزاه .
ولعل مقصود الأديب هنا ب"اجتلاء" يكون : استيضاح حقيقة الشيء واستكشافها .
ومرة أخرى أشكرك عزيزتي بحور ... وأسأل الله لي ولك التوفيق والسداد والعافية .:26:
أشكر لك ثناءك الجميل ... كما أقدر لك اهتمامك بتلك المقطوعة الأدبية الرائقة
أما هذه اللوحة الفنية فهي للأديب الفنان المبدع : " مصطفى صادق الرافعي " .
وأما الكتاب الأم الذي احتوى تلك اللوحة الجميلة - كما غيرها من اللوحات - فهو كتاب : " وحي القلم " .
وأما اسم المقطوعة الأصلي كما اختاره صاحبها في كتابه فهو : " اجتلاء العيد " , وقد استعملت لفظ "يوم" بدلاً من "اجتلاء" خوفا من حدوث صعوبة لدى البعض في الوصول اٍلى مغزاه .
ولعل مقصود الأديب هنا ب"اجتلاء" يكون : استيضاح حقيقة الشيء واستكشافها .
ومرة أخرى أشكرك عزيزتي بحور ... وأسأل الله لي ولك التوفيق والسداد والعافية .:26:
نــــور
•
اختيار رائع جدا قد نجح في أن يعبث بمشاعرنا و أن يسافر بها إلى دنيا نحن إليها دوما ونشتاقها دوما
سلمت يمينك على هذا الاختيار الموفق
وبارك الله بك:26:
سلمت يمينك على هذا الاختيار الموفق
وبارك الله بك:26:
الصفحة الأخيرة