الجـمــ ام ـــــان
وليس المقصود باللين عدم إنكار المنكر ، وإنما اللين في الأسلوب حيث يغني اللين ويحقق الغرض ، وذلك باستنفاذ جميع الوسائل الممكنة التي تضمن الاستجابة ، ولا تستعدي الآخرين ، وراجع ـ إن شئت ـ حديث البخاري في قصة الرجل الذي جامع أهله في نهار رمضان ، كيف عرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم عدداً من الخيارات للتكفير عن ذنبه فقال له : ( هل تجد رقبة تعتقها ؟ قال لا ، قال : فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين ؟ قال :لا قال : فهل تجد إطعام ستين مسكينا ؟ قال : لا ) فجاء النبي صلى الله عليه وسلم تمر ، فأعطاه للرجل ، وقال له : ( خذ هذا فتصدق به فقال الرجل : على أفقر مني يا رسول الله ، والله ما بين لابتيها أهل بيت أفقر من أهل بيتي ، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه ، ثم قال : أطعمه أهلك . ) ( البخاري ) .
فاللين صورة من صور الرحمة يضعها الله في قلب العبد ، قال تعالى ( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) .
والرفيق الرحيم أحق الناس برحمة الله عز وجل كما في الحديث : " الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى . ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ".( صحيح الجامع 3522).

ولذلك فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( كان أرحم الناس بالصبيان والعيال ) ( صحيح الجامع 4797) ونفى كمال الإيمان عمن لا يرحم ، حيث قال عليه الصلاة والسلام : ( ليس منا من لم يرحم صغيرنا ، ويعرف شرف كبيرنا ) ( صحيح الجامع 5444) .
وحتى الرحمة بالمخلوقات من أسباب استحقاق رحمة الله في الآخرة ، كما في قوله صلى الله عليه وسلم : ( من رحم ولو ذبيحة عصفور ، رحمه الله يوم القيامة) (حسنه الألباني ) .
والعلاقات الأسرية مع الأهل وذوي الرحم ، ينبغي أن يسودها الرفق واللين ؛ للمحافظة على تماسك بنيان الأسرة المسلمة وصفاء أجوائها ، كما في الحديث :
( إذا أراد الله بأهل بيت خيراً أدخل عليهم الرفق ) . رواه أحمد

والهين اللين ينسحب رفقه على كل صور حياته ، التي تقتضي السماحة واللين في التعامل مع المؤمنين ، حتى يحظى بمحبة الله سبحانه وتعالى ( إن الله تعالى يحب الرفق في الأمر كله ) رواه البخاري. كما نحظى بعون الله عز وجل يقول رسول صلى الله عليه وسلم : ( إن الله رفيق يحب الرفق ، ويرضاه ، ويعين عليه ما لا يعين على العنف ... ) .
وصورة الشديد الغليظ ، الغاضب العنيف ، صورة مشينة معيبة تنفر منها الطباع البشرية ، بينما صورة السهل الرفيق ، اللين اللطيف، صورة تزين صاحبها ، وترتاح إليها النفوس ، وتأنس إليها القلوب ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما كان الرفق في شيء إلا زانه ، ولا نزع من شيء إلا شانه )
( صحيح الجامع 5654).
ولا ينفي كل ما مضى أن المؤمنين أشداء على الكفار رحماء بينهم، ولا أنهم يغضبون لله ، كما أنهم يلينون لوجه الله عز وجل.

م/ن
الجـمــ ام ـــــان
الجـمــ ام ـــــان
*هبة
*هبة
=
*هبة
*هبة
==