
فصول نافعة في تربية الأطفال تحمد عواقبها عند الكبر

فصل
ينبغي أن يكون رضاع المولود من غير أمه بعد وضعه يومين أو ثلاثة
و هذا الأجود ، لما في لبنها ذلك الوقت من الغلظ و الأخلاط بخلاف لبن من قد استقلت على الرضاع
و كل العرب تعتني بذلك حتى تسترضع أولادها عند نساء البوادي كما استرضع النبي في بني سعد.

فصل
و ينبغي أن يمنع حمله ، و الطواف بهم ، حتى يأتي عليهم ثلاثة أشهر فصاعدًا
قرب عهدهم ببطون أمهاتهم ، و ضعف أبدانهم
.

فصل
و ينبغي أن يقتصر بهم على اللبن وحده إلى نبات أسنانهم
لضعف معدتهم ، و قوتهم الهاضمة على الطعام
فإذا نبتت أسنانه قويت معدته و تغذى بالطعام
فإن الله سبحانه أخر إنباتها إلى وقت حاجته إلى الطعام لحكمته و لطفه
و رحمة منه بالأم و حلمة ثديها ؛ فلا يعضه الولد بأسنانه.

فصل
و ينبغي تدريجهم في الغذاء ؛ فأول ما يطعمونهم: الغذاء اللين
فيطعمونهم الخبز المنقوع في الماء الحار و اللبن والحليب
ثم بعد ذلك الطبيخ و الأمراق الخالية من اللحم
ثم بعد ذلك ما لطف جدًا من اللحم بعد إحكام مضغه أو رضه رضًا ناعمًا.

فإذا قربوا من وقت التكلم و أريد تسهيل الكلام عليهم ؛ فيدلك ألسنتهم بالعسل
و الماء الحار ، و الملح الأندراني ؛ لما فيهما من الجلاء للرطوبات الثقيلة المانعة من الكلام
فإذا كان وقت نطقهم ؛ فليلقنوا لا إلاه إلا الله ، محمد رسول الله
و ليكن أول ما يقرع مسامعهم معرفة الله سبحانه
و توحيده و أنه سبحانه فوق عرشه ينظر إليهم و يسمع كلامهم و هو معهم أينما كانوا
و كان بنو إسرائيل كثيرا ما يسمون أولادهم بِ" عمانويل"
و معنى هذه الكلمة : إلهنا معنا ؛ و لهذا كان أحب الأسماء إلى الله
: عبد الله ، و عبد الرحمن ؛ بحيث إذا وعى الطفل و عقل علم أنه عبد الله ، و أن الله هو سيدُه و مولاه.
فصل
فإذا حضر وقت نبات الأسنان ؛ فينبغي أن يدلك لثاتهم كل يوم بالزبد أو السمن
و يمرخ خرز العنق تمريخًا كثيرًا ، و يحذر عليهم كل الحذر وقت نباتها إلى حين تكاملها
و قوتها من الأشياء الصلبة ، و يمنعون منها كل المنع ؛ لما في التمكن منها من تعريض الأسنان
لفسادها و تعويجها و خللها.
فصل
و لا ينبغي أن يشق على الأبوين بُكاء الطفل و سراخه و لا سيما قبل شربه اللبن إذا جاع
فإنه ينتفع بذلك البكاء انتفاعًا عظيمًا ؛ فإنه يروض أعضاءه ، و يوسع أمعاءه
و يفسح صدره ، و يسخن دماغه ، و يحمي مزاجه ، و يثير حرارته الغريزية
و يحرك الطبيعة ؛ لما فيها من فضول ، و يدفع فضلات الدماغ من المخاط و غيره.
فصل
و ينبغي أن لا يهمل أمر قماطه و رباطه و لو شق عليه إلى أن يصلب بدنه و تقوى أعضاءه
و يجلس على الأرض ؛ فحينئذ يُمَرَّن ، و يُدَرَّب على الحركة و لا يستعجل
و كذا القيام قليلاً قليلاً إلى أن يصير له ملكة و قوة يفعل ذلك بنفسه.