بسم الله الرحمن الرحيم
من محب ناصح إلى من يراه من المسلمين والمسلمات:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛ أما بعد:
فقد ثبت في الصحيحين من حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)، ولمسلم وعلقه البخاري: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد).
وثبت عن ابن مسعود ــ رضي الله عنه ــ أنه قال: (اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كُفيتم) أخرجه أبو خيثمة في "العلم (54)"، ووكيع في "الزهد (315)" وغيرهما.
وقال ابن عمر ــ رضي الله عنهما ــ: (كل بدعة ضلالة، وإن رآها الناس حسنة) أخرجه اللالكائي(126) بسند صحيح ، وقال حسان بن عطية ــ رحمه الله ـ: (ما ابتدع قوم بدعة في دينهم إلا نزع الله عنهم من سنتهم مثلها ثم لا يعيدها إليهم إلى يوم القيامة) أخرجه الدارمي(99) بسند صحيح.
وقال مالك بن أنس ــ رحمه الله ــ: (من أحدث في هذه الأمة اليوم شيئاً لم يكن عليه سلفها فقد زعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خان الرسالة؛ لأن الله تعالى يقول{ اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً}، فما لم يكن يومئذ ديناً لا يكون اليوم ديناً) أخرجه ابن حزم في الإحكام 6/225.
وقال ابن تيمية ــ رحمه الله ــ: (أهل البدع شر من أهل المعاصي الشهوانية بالسنة والإجماع).
من هذه النقول وغيرها تتضح لنا خطورة البدع، لاسيما وأنها تشتمل على شيء من الخير في ظاهرها، لذا يسارع قليلو العلم إليها ويسهل انتشارها بينهم كما قرره الإمام ابن تيمية .
وصدق الإمام الحافظ أبو زرعة الرازي ــ رحمه الله ــ حين قال: (ما أسرع الناس إلى البدع!!). .
والقاعدة الشرعية: أن كل عمل يتقرب به المسلم إلى ربه ويرجو منه أجراً وثواباً لم يفعله النبي × ولا أصحابه مع إمكانهم فعله وعدم وجود مانع من ذلك فهو من جملة المحدثات والبدع.
ومن البدع التي انتشرت في هذه الأزمان المتأخرة تَقَصُّدُ بعض الناس وتخصيصُهم آخر كل عام هجري بأداء بعض العبادات كالصيام والدعاء والاستغفار، وربما أوصى بعضهم بعضاً بذلك في المجالس أو عن طريق رسائل الجوال أو غيرها، ودافعهم إلى ذلك اعتقادهم أن صحائف أعمال كل سنة تطوى في آخرها فيحبون أن تكون خاتمة صحائفهم خيراً، وهذا العمل منهم ــ وإن كان ظاهره خيراً ــ هو من جملة الأعمال المحدثة المبتدعة المخالفة للسنة لأسباب منها:
1- أن العبادة إذا ورد الأمر بها مطلقاً دون تحديد لوقتها،فإن تقصد تخصيص وقت لها بلا دليل يعتبر من البدع. أفاده الأئمة ابن تيمية وابن القيم والشاطبي والألباني وابن عثيمين ــ رحمهم الله ـ
، وهذا هو الحاصل تماماًً في ختم آخر السنة بتلك العبادات، فما دليل مشروعية تخصيصها في هذا الوقت؟
2- أن هذا الفعل لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولاعن أصحابه والتابعين وأئمة الإسلام فهل نحن أحرص منهم على الخير؟!!
ومعلوم أن (العبادات مبناها على التوقيف والاتباع، لا على الهوى والابتداع)
وما من أحد يخصص زماناً أو مكاناً يفعل فيه عبادة من العبادات إلا لاعتقاد في قلبه، ثم هذا الاعتقاد قد يكون لدليل ثابت في الشرع، وقد يكون من الأمور المبتدعة كما أفاده ابن تيمية ، ومسألتنا من النوع الثاني بلا ريب .
وكن على تنبه من أن البدعة المحدثة محرمة ولو لم يعتقد صاحبها أنها سنة، بل لو اعتقد ذلك وقع في تحليل المحرم بل استحبابه!!!
3- القول بأن صحائف العام تطوى في آخره، دعوى تحتاج إلى بينة وبرهان إذ هو أمر غيبي يحتاج إلى دليل وأنّى لمدعيه ذلك؟؟
4- لو ثبت أن الصحائف تطوى آخر السنة فهذا لا يجيز بحال تقصد ختمها بعمل صالح؛ إذ لو كان خيراً لسبقنا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ــ رضي الله عنهم ــ، فكيف وهو لم يثبت ولم يصح.
5- المقرر عند أهل العلم أن صحائف الأعمال إنما تطوى بالموت، وبين ذلك جمع من المفسرين عند تفسير قوله تعالى: {وإذا الصحف نشرت}
وانظر: مدارج السالكين للإمام ابن القيم 1/450، 3/121}
6- من المعلوم أن التاريخ الهجري لم يوضع إلا في عهد عمر بن الخطاب ــ رضي الله عنه ـ واتفق مع الصحابة على أن يكون أوله شهر محرم وآخره شهر ذي الحجة... فيا ترى متى كانت تطوى صحائف الأعمال قبل وضع التاريخ الهجري؟؟!!
7- أن التقدير السنوي الذي يفصل ويميز من اللوح المحفوظ إلى الكَتَبة وفيه جميع ما يكون في السنة من الآجال والأرزاق وغيرها إنما يكون في ليلة القدر كما جاء ذلك عن غير واحد من السلف، وذكره المفسرون عند تفسير قوله تعالى:{فيها يفرق كل أمر حكيم}، وانظر: .
وبهذا يتبين لنا أن تقَصُّد المسلم ختم العام الهجري بعبادة من صيام أو دعاء أو استغفار أو غير ذلك هو من الأمور المنكرة والبدع المحدثة في دين الله تعالى.
وبذلك أفتى جمع من أهل العلم المعاصرين ومنهم:
(1) فضيلة العلامة الفقيه الشيخ: محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ في بعض دروسه العلمية.
(2) فضيلة الشيخ العلامة: صالح بن فوزان الفوزان ـ حفظه الله تعالى ـ ونشرت فتواه في جريدة الجزيرة العدد بتاريخ 9/1/1424هـ .
(3) فضيلة الشيخ العلامة: صالح بن محمد اللحيدان ــ حفظه الله تعالى ـ في برنامج .
(4) فضيلة الشيخ المحقق: بكر بن عبد الله أبوزيد ـ حفظه الله تعالى ـ كما في كتابه
(5) فضيلة الشيخ المحدث: عبد المحسن بن حمد العباد ــ حفظه الله تعالى ــ .
(6) فضيلة الشيخ الفقيه: محمد بن حسن آل الشيخ ــ حفظه الله تعالى ــ .
فائدة (1):
ختم الأعمال الصالحة كالصلاة والصيام والحج بالاستغفار مشروع؛ قاله ابن تيمية وابن القيم وابن رجب وغيرهم، لورود ذلك في نصوص الكتاب والسنة. .
فائدة (2):
سئل الشيخ العلامة: صالح الفوزان فأجاب بقوله: ( لا نعرف لهذا أصلاً...)ا.هـ
** وختاماً: قال الإمام البربهاري: (واحذر صغار المحدثات من الأمور فإن صغير البدع يعود حتى يصير كبيراً، وكذلك كل بدعة أحدثت في هذه الأمة كان أولها صغيراً يشبه الحق فاغتر بذلك من دخل فيها ثم لم يستطع الخروج منها فعظمت وصارت ديناً يدان به فخالف الصراط المستقيم فخرج من الإسلام).
** وقال الإمام ابن تيمية: (فالبدع تكون في أولها شبراً ثم تكثر في الأتباع حتى تصير أذرعاً وأميالاً وفراسخ)
وقالً: (إنما يظهر من البدع أولاً ما كان أخف, وكلما ضعف من يقوم بنور النبوة قويت البدعة ...) (التدمرية ص194) ،، (الفتاوى 28/489)
** وقال الإمام ابن القيم: (البدع تستدرج بصغيرها إلى كبيرها حتى ينسلخ صاحبها من الدين كما تنسل الشعرة من العجين، فمفاسد البدع لا يقف عليها إلا أرباب البصائر، والعميان ضالون في ظلمة العمى {ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور}).
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،
حسام بن عبد الله بن أحمد الحسين
المعيد بقسم السنة بكلية أصول الدين .
____________________________________________
أولاً : حكم التهنئة بالعام الهجري
السؤال
ما حكم التهنئة بالعام الهجري الجديد؟
الجواب :
التهنئة بالعام الهجري الجديد من المباحات، وأفضل ما يقال في شأنها أن من هنأك ترد عليه بكلام طيب من جنس كلامه، ولا تبدأ أحداً بها.
وهذا بعينه ما روي عن أحمد في التهنئة بالعيد أنه من هنأه رد عليه، وإلا لم يبتدئه، ولا أعلم في التهنئة بالعيد شيئاً يثبت.
وقد قال أصحابنا من الحنابلة: لا بأس بقوله لغيره: تقبل الله منا ومنك، فالجواب: أي لا بأس بتهنئة الناس بعضهم بعضاً بما هو مستفيض بينهم، وقد يستدل لهذا من حيث العموم بمشروعية سجود الشكر، ومشروعية التعزية، وتبشير النبي –صلى الله عليه وسلم- بقدوم رمضان، انظر ما رواه النسائي (2106)، وتهنئة طلحة بن عبيد الله لكعب بن مالك، وبحضرة النبي –صلى الله عليه وسلم- ولم ينكر عليه، انظر ما رواه البخاري (4418) ومسلم (2769).
قال ابن تيمية –رحمه الله-: قد روي عن طائفة من الصحابة أنهم كانوا يفعلونه، ورخص فيه الأئمة كأحمد وغيره.
وذكر الحافظ ابن حجر مشروعيته، وثمة آثار عديدة في مثل ذلك.
قال أحمد: لا أبتدئ به، فإن ابتدأني أحد أجبته.
وذلك لأن جواب التحية واجب؛ لقوله –تعالى-:"وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها"الآية .
ولم يرد في مثل ذلك نهي، والله –تعالى- أعلم.
ولا يدخل مثل هذا في باب البدع؛ لأنه من محاسن العادات وطيب الأخلاق، ولا يقصد به محض التعبد، هذا ما يظهر لي، والله أعلم.
سلمان بن فهد العودة
السؤال :
ما حكم المباركة بمناسبة العام الهجري؟ بذكر: (كل عام وأنت بخير، كل سنة وأنتم طيبون، أو غيرها من العبارات).
أفتونا مأجورين. وجزاكم الله خيراً.
الجواب :
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد..
فلا يظهر المنع من إيراد هذه الألفاظ على سبيل الدعاء، وتكون من باب الدعاء، إذا نصب فيها لفظ "كل"، وقد ذكر الدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد في كتابه (معجم المناهى اللفظية) ص (459) أن رفع "كل" في كل عام وأنتم بخير" لحن لا يتأدَّى به المعنى المراد من ***** الدعاء للمخاطب، وإنما يتأدى به الدعاء إذا فُتحت اللام من "كل"، ولذا فعلى الداعي به عدم اللحن- والله أعلم- انتهى.
وذكر الشيخ: ابن عثيمين – رحمه الله – في المجموع الثمين (2/226): أن قول "كل عام وأنتم بخير" جائز إذا قُصِدَ به الدعاء بالخير، - وصلى الله علي نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم-.
د. رشيد بن حسن الألمعي
السؤال:
ما حكم التهنئة بالعام الهجري الجديد؟
الجواب :
الأصل في التهاني –والله أعلم- أنها من باب العادات، ولكن الأولى هنا –أعني في التهنئة بالعام الجديد- ألاّ يبدأ بها الإنسان؛ لأن هذا ليس من السنة، وليست الغبطة بكثرة السنين، بل الغبطة بما أمضاه العبد منها في طاعة مولاه، فكثرة السنين خير لمن أمضاه في طاعة ربه، شر لمن أمضاها في معصية الله والتمرد على طاعته، وشر الناس من طال عمره وساء عمله –كما يقول شيخنا ابن عثيمين –رحمه الله تعالى- في ديوان خطبه ص (702)-.
ولكن لو هُنِّئ الإنسان، فلا ينبغي له أن ينكر، بل ينبغي أن يجعل الرد بالدعاء، كأن يقول: جعل الله هذا العام عام عز ونصر للأمة الإسلامية، ونحو هذه الدعوات الطيبة والله تعالى أعلم.
عمر بن عبد الله المقبل .
السؤال:
ما حكم التهنئة بمناسبة العام الهجري الجديد بقول كل عام وأنتم بخير أو بالدعاء بالبركة وكأن يرسل رسالة يدعو فيها للمرسل إليه بالخير والبركة في عامه الجديد ؟.
الجواب:
الحمد لله
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ما حكم التهنئة بالسنة الهجرية وماذا يرد على المهنئ ؟
فأجاب رحمه الله :
إن هنّأك احد فَرُدَّ عليه ولا تبتديء أحداً بذلك هذا هو الصواب في هذه المسألة لو قال لك إنسان مثلاً نهنئك بهذا العام الجديد قل : هنئك الله بخير وجعله عام خير وبركه ، لكن لا تبتدئ الناس أنت لأنني لا أعلم أنه جاء عن السلف أنهم كانوا يهنئون بالعام الجديد بل اعلموا أن السلف لم يتخذوا المحرم أول العام الجديد إلا في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه. انتهى
المصدر إجابة السؤال رقم 835 من اسطوانة موسوعة اللقاء الشهري والباب المفتوح الإصدار الأول اللقاء الشهري لفضيلته من إصدارات مكتب الدعوة و الإرشاد بعنيزة .
وقال الشيخ عبد الكريم الخضير في التهنئة بدخول العام الهجري :
الدعاء للمسلم بدعاء مطلق لا يتعبد الشخص بلفظه في المناسبات كالأعياد لا بأس به لا سيما إذا كان المقصود من هذه التهنئة التودّد ، وإظهار السرور والبشر في وجه المسلم . قال الإمام أحمد رحمه الله : لا ابتدئ بالتهنئة فإن ابتدأني أحد أجبته لأن جواب التحية واجب وأما الابتداء بالتهنئة فليس سنة مأمورا بها ولا هو أيضا مما نهي عنه .
المصدر : الإسلام اليوم والإسلام سؤال وجواب
_ حكم التهنئة بالعام الهجري الجديد :
الشيخ علوي بن عبدالقادر السقاف
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين وبعد
فإن التهنئة تكون على أحوال:
إمَّا أن تكون بما يُسَرُّ به المسلم مما يطرأ عليه من الأمور المباحة بكل ما فيه تجدد نعمة أو دفع مصيبة، كالتهنئة بالنكاح، والتهنئة بالمولود الجديد، والتهنئة بالنجاح في عمل أو دراسة ، أوما شابه ذلك من المناسبات التي لا ارتباط لها بزمان معين، فهذا من الأمور العادية التي لا حرج فيها ، ولعل صاحبها يؤجر عليها لإدخاله السرور على أخيه المسلم فالمباح -كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ((بالنية الحسنة يكون خيراً، وبالنية السيئة يكون شراً)) فهو بين الإباحة والاستحباب.
وإمَّا أن تكون التهنئة في أزمان معينة كالأعياد والأعوام والأشهر والأيام، وهذا يحتاج إلى بيان وتفصيل ، وتفصيله كما يلي :
- أمَّا الأعياد -عيد الأضحى وعيد الفطر- فهذا واضح لا إشكال فيه وهو ثابت عن جمع من الصحابة.
- وأمَّا الأعوام فكالتهنئة بالعام الهجري الجديد أو ما يسمى رأس السنة الهجرية.
- وأمَّا الأشهر فكالتهنئة بشهر رمضان، وهذا له أصل والخلاف فيه مشهور.
- وأمَّا الأيام فكالتهنئة بيوم ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم أو بيوم الإسراء والمعراج وما شابه ذلك والحكم فيه معروف وهو من البدع لارتباطه بمناسبات دينية مبتدعة.
وكل هذه التهاني ماعدا الأول منها لم يثبت فيها شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة الكرام ولا عن أحدٍ من السلف مع أن موجبها انعقد في زمن النبي صلى الله عليه وسلم و الصحابة رضي الله عنهم ولم يوجد المانع ومع ذلك لم يُنقل عن أحدٍ منهم أنه فعل ذلك بل قصروا التهنئة على العيدين فقط.
_ وقد اختلف العلماء في حكم التهنئة بأول العام الجديد على قولين:
الأول: الإباحة وأنها من العادات، ومن هؤلاء الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله حيث قال: (( أرى أن بداية التهنئة في قدوم العام الجديد لا بأس بها ولكنها ليست مشروعة بمعنى: أننا لا نقول للناس: إنه يسن لكم أن يهنئ بعضكم بعضاً، لكن لو فعلوه فلا بأس، وإنما ينبغي له أيضاً إذا هنأه في العام الجديد أن يسأل الله له أن يكون عام خيرٍ وبركة فالإنسان يرد التهنئة. هذا الذي نراه في هذه المسألة، وهي من الأمور العادية وليست من الأمور التعبدية)) (لقاء الباب المفتوح).
وله رحمه الله كلامٌ آخر ضبط فيه المسألة فقال في ((اللقاء الشهري)): ((إن هنّأك احد فَرُدَّ عليه، ولا تبتدئ أحداً بذلك هذا هو الصواب في هذه المسألة، لو قال لك إنسان مثلاً نهنئك بهذا العام الجديد قل : هنأك الله بخير و جعله عام خير و بركة. لكن لا تبتدئ الناس أنت لأنني لا أعلم أنه جاء عن السلف أنهم كانوا يهنئون بالعام الجديد بل اعلموا أن السلف لم يتخذوا المحرم أول العام الجديد إلا في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه)) وقال في ((الضياء اللامع)) (ص702): ((ليس من السنة أن نُحدث عيداً لدخول السنة الهجرية أو نعتاد التهاني ببلوغه)).انتهى
وقد نقل بعضهم في إباحة هذا الفعل كلاماً غير محرر للقمولي والسيوطي من متأخري الشافعية، و لأبي الحسن المقدسي من الحنابلة، أعرض عن ذكره خشية الإطالة.
الثاني: القول بالمنع مطلقاً، وهو الراجح، وممن قال به الشيخ صالح الفوزان حيث سئل عن التهنئة بالعام الهجري الجديد فأجاب: ((لا نعرف لهذا أصلاً، والتأريخ الهجري ليس المقصود منه هذا أن يجعل رأس السنة مناسبة وتُحيا ويصير فيها كلام وعيد و تهاني، و إنما جعل التأريخ الهجري من أجل تمييز العقود فقط، كما فعل عمر رضي الله عنه لما توسعت الخلافة في عهده، صارت تأتيه كتب غير مؤرخة، احتاج إلى أنه يضع تأريخ تعرف به الرسائل و كتابتها، استشار الصحابة،فأشاروا عليه أن يجعل الهجرة مبدأ التأريخ الهجرة، وعدلوا عن التأريخ الميلادي، مع أنه كان موجوداً في وقتهم، و أخذوا الهجرة و جعلوها مبدأ تاريخ المسلمين لأجل معرفة الوثائق و الكتابة فقط، ليس من أجل أن تتخذ مناسبة و يتكلم فيها، هذا يتدرج إلى البدع .
سؤال: إذا قال لي شخص : كل عام و أنتم بخير، فهل هذه الكلمة مشروعة في هذه الأيام ؟
جواب: لا، ليست بمشروعة و لا يجوز هذا)) أ.هـ انظر: ((الإجابات المهمة في المشاكل الملمة)) (ص229)
_ والناظر إلى هذه المسألة يجد أن القول بالمنع يتأيد بعدة وجوه فمن ذلك:
1- أنها تهنئة بيوم معين في السنة يعود كل عام فالتهنئة به تُلحقه بالأعياد ، وقد نُهينا أن يكون لنا عيد غير الفطر والأضحى ، فتُمنع التهنئة من هذه الجهة.
2- ومنها أن فيها تشبهاً باليهود والنصارى وقد أُمرنا بمخالفتهم، أما اليهود فيهنئون بعضهم برأس السنة العبرية والتي تبدأ بشهر تشري وهو أول الشهور عند اليهود ويحرم العمل فيه كما يحرم يوم السبت، وأما النصارى فيهنئون بعضهم البعض برأس السنة الميلادية.
3- أن فيه تشبهاً بالمجوس ومشركي العرب، أما المجوس فيهنئون بعضهم في عيد النيروز وهو أول أيام السنة عندهم ومعنى (نيروز): اليوم الجديد، وأما العرب في الجاهلية فقد كانوا يهنئون ملوكهم في اليوم الأول من محرم كما ذكر ذلك القزويني في كتابه: ((عجائب المخلوقات)). وانظر لذلك كتاب: ((الأعياد وأثرها على المسلمين)) للدكتور سليمان السحيمي.
4- ومنها أن جواز التهنئة بأول العام الهجري الجديد يفتح الباب على مصراعيه للتهنئة بأول العام الدراسي وبيوم الاستقلال وباليوم الوطني وما شابه ذلك، مما لا يقول به من أجاز التهنئة بأول العام ، بل إن جواز التهنئة بهذه أولى حيث لم يكن موجبها منعقداً في زمن الصحابة رضي الله عنهم بخلاف رأس السنة.
5- ومنها أن القول بجواز التهنئة يفضي إلى التوسع فيها فتكثر رسائل الجوال وبطاقات المعايدة -وإن سموها بطاقات تهنئة- وعلى صفحات الجرائد ووسائل الإعلام، وربما صاحب ذلك زيارات للتهنئة واحتفالات وعطل رسمية كما هو حاصل في بعض الدول، وليس لمن أجاز التهنئة وعدَّها من العادات حجة في منع هذا إذا اعتاده الناس وأصبح عندهم من العادات، فسدُّ هذا الباب أولى.
6- ومنها أن التهنئة بالعام الهجري الجديد لا معنى لها أصلاً، إذ الأصل في معنى التهنئة تجدد نعمة أو دفع نقمة، فأي نعمة حصلت بانتهاء عام هجري؟ والأولى هو الاعتبار بذهاب الأعمار ونقص الآجال، ومن العجب أن يهنئ المسلمون بعضهم بعضاً بالعام المنصرم وقد احتل العدو فيه أراضيهم وقتل إخوانهم ونهب ثرواتهم فبأي شيء يهنئون أنفسهم؟!
وعليه فالقول بالمنع أولى وأحرى، وإن بدأك أحدٌ بالتهنئة فالأولى نُصحه وتعليمه لأن رد التهنئة فيه نوع إقرار له، وقياسها على التحية قياس مع الفارق!، لكن لما كانت المسألة اجتهادية فلا ينبغي أن يشتد النكير فيها، فلا إنكار في مسائل الاجتهاد.|خط|
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
بقلم المشرف على موقع الدرر السنية
الشيخ علوي بن عبدالقادر السقاف
_ البعد التاريخي للتهنئة بالعام الهجري
عمر بن عبد الله المقبل
الحمد لله، وبعد:
ففي مثل هذه الأيام من كل عام تتوارد الأسئلة على أهل العلم عن حكم التهنئة بالعام الهجري الجديد، وكالعادة - في مثل هذه المسائل التي لا نص فيها- نجد الاختلاف بين أهل العلم، والأمر إلى هذا الحد مقبول؛ لكن أن يجعل ذلك من البعد، ومن مضارعة النصارى، ففي ذلك نظر.
إن مما يلفت النظر أن بعض من منعها من أهل العلم ربما اعتمد على أمور منها: أنها عادة تسربت من النصارى، وهذا وجه قوي –عنده- للمنع.
وقد رأيت - بعد البحث - أن هذا القول (أعني تسربها من النصارى) لا يساعده البحث العلمي، بل لو قال قائل: إن العكس هو الصحيح لم يكن بعيداً من الصواب، وبرهان ذلك ما يلي:
قال السيوطي -رحمه الله تعالى - في رسالته "وصول الأماني بأصول التهاني" 1/83، والتي قال في مقدمتها: "فقد كثر السؤال عن ما - هكذا كتبت - اعتاده الناس من التهنئة بالعيد والعام والشهر والولايات ونحو ذلك... هل له أصلٌ في السنة؟ فجمعت هذا الجزء في ذلك:
(قال القمولي في "الجواهر": لم أر لأصحابنا كلاماً في التهئنة بالعيدين والأعوام والأشهر كما يفعله الناس، ورأيت - فيما نقل من فوائد الشيخ زكي الدين عبد العظيم المنذري - أن الحافظ أبا الحسن المقدسي سئل عن التهنئة في أوائل الشهور والسنين: أهو بدعة أم لا؟.
فأجاب: بأن الناس لم يزالوا مختلفين في ذلك، قال: والذي أراه أنه مباح، ليس بسنة، ولا بدعة، انتهى) أي كلام أبي الحسن المقدسي -.
ونقله الشرف الغزي في شرح المنهاج، ولم يزد عليه " انتهى كلام السيوطي.
وهذا النقل عن القمولي تتابع على نقله متأخرو الشافعية في مصنفاتهم في الفقه، كالشربيني وغيره.
مما سبق في نقل السيوطي يستفاد ما يلي:
الأول: أن السؤال عن هذه المسألة قديم، أي أن التهئنة بالعام الهجري تعود إلى القرن الخامس، فإن الحافظ أبا الحسن المقدسي (ت: 611) رحمه الله يسأل عنها، وإذا كان قد توفي عام (611) فهذا يعني أنه عاش أكثر عمره في القرن السادس الهجري.
ومثله تلميذه الحافظ عبد العظيم المنذري -رحمه الله تعالى- صاحب الترغيب والترهيب (ت: 656).
وهذا ما وقفت عليه، وربما لو تتبع باحث لوجد لذلك بعداً تاريخياَّ أقدم.
وإذا علمنا أن أوروبا كانت في تلك الفترة تعيش حقبة ما يسمى بالعصور الوسطى، والتي هي أكثر العصور انحطاطاً - في تقدير الأوربيين أنفسهم - وفي المقابل كانت الأمة الإسلامية، ما زالت قوتها مصدر هيبة للأعداء، وما زالت فتوحات الإسلام تواصل زحفها في شمال الأندلس غرباً، وأقاصي الصين شرقاً.
وقد جرت العادة أن الضعيف هو الذي يقلد القوي، وعليه.. فما المانع أن تكون التهاني بالأعوام الجديدة متلقاة عن المسلمين، أخذها النصارى عنهم؟.
وكون هذا يربط بعيد عند النصارى، لا يؤثر على حل التهنئة بالعام؛ فإن التهنئة شيء، والعيد شيء آخر.
وهذا -فيما يظهر - يضعف القول بأن التهنئة بالأعوام جاءت من قبل النصارى، والذي بنى عليه بعض الفضلاء من أهل العلم منعهم لها.
الثاني -مما يستفاد من نقل السيوطي-: أن الحافظ أبا الحسن المقدسي يرى التوسط في ذلك، وهو القول بالإباحة، فلا هي سنة ولا هي بدعة، وهذا -والله أعلم- مبني على أن التهاني من باب العادات، فلا يشدد فيها.
وهذا الفهم، هو الذي فهمه العلامة الشيخ عبد الرحمن السعدي -رحمه الله- ، ففي كتاب "الأجوبة النافعة عن المسائل الواقعة" للشيخ عبد الله بن عقيل (وهو كتاب حوى مراسلات بينه وبين شيخه العلامة عبد الرحمن بن سعدي) جاء في ص (174) أن الشيخ ابن سعدي كتب لتلميذه ابن عقيل كتاباً في 3/محرم/1367هـ، وكان في ديباجة رسالته: "... ونهئنكم بالعام الجديد، جدد الله علينا وعليكم النعم، ودفع عنا وعنكم النقم".
أقول: فلعل العلامة السعدي بنى تهنئته على هذا الأصل، وقد قرر ذلك في شرحه على منظومته في "القواعد".
وقد رأيت لجماعة من مشايخنا - حفظهم الله وبارك فيهم- توسطاً آخر، فقالوا: لا يبتدأ بها، ولا ينكر على من فعلها، وهذا رأي أشياخنا: الشيخ عبد الرحمن البراك، والشيخ عبد الكريم الخضير.
ومما يستأنس به ، أن كبار علمائنا كشيخنا ابن باز، وشيخنا ابن عثيمين كانوا يرخصون في التهئنة بدخول رمضان (كما سألتهم عن ذلك بنفسي) وهو مثبت في فتوى نشرت في الموقع سابقاً؛ فالأمر في التهئنة بالعام الهجري أسهل، لأن رمضان موسم عبادة، بخلاف تجدد الأعوام، فهو أمرٌ هو بباب العادات ألصق، كما تقدمت الإشارة إليه، وعليه فلا يحسن التشديد في هذا الأمر، والله تعالى أعلم، والحمد لله رب العالمين.
المصدر : الإسلام اليوم
_ التنبيه على بعض البدع التي تقع في نهاية العام الهجري :
_ هل يُوصَى بختم العام بالاستغفار والصيام ؟
مع اقتراب نهاية السنة الهجرية تنتشر رسائل الجوال بأن صحيفة الأعمال سوف تطوى بنهاية العام ، وتحث على ختمه بالاستغفار والصيام ؛ فما حكم هذه الرسائل ؟ وهل صيام آخر يوم من السنة ، إذا وافق الاثنين أو الخميس بدعة.
الحمد لله :
قد دلت السنة على أن أعمال العباد ترفع للعرض على الله عز وجل أولاً بأول ، في كل يوم مرتين : مرة بالليل ومرة بالنهار :
ففي صحيح مسلم (179) عَنْ أَبِي مُوسَى الأشعري رضي الله عنه قَالَ : قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ فَقَالَ : ( إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لا يَنَامُ ، وَلا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ ، يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ ، يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ، وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ )
قال النووي رحمه الله : الْمَلائِكَة الْحَفَظَة يَصْعَدُونَ بِأَعْمَالِ اللَّيْل بَعْد اِنْقِضَائِهِ فِي أَوَّل النَّهَار , وَيَصْعَدُونَ بِأَعْمَالِ النَّهَار بَعْد اِنْقِضَائِهِ فِي أَوَّل اللَّيْل .
وروى البخاري (555) ومسلم (632) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلائِكَةٌ بِالنَّهَارِ ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلاةِ الْفَجْرِ وَصَلاةِ الْعَصْرِ ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ فَيَسْأَلُهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ : كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي ؟ فَيَقُولُونَ : تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ ) .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : " فيه : أَنَّ الأَعْمَال تُرْفَع آخِرَ النَّهَار , فَمَنْ كَانَ حِينَئِذٍ فِي طَاعَة بُورِكَ فِي رِزْقه وَفِي عَمَله ، وَاَللَّه أَعْلَم ، وَيَتَرَتَّب عَلَيْهِ حِكْمَة الأَمْر بِالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهِمَا وَالاهْتِمَام بِهِمَا – يعني صلاتي الصبح والعصر - ) " انتهى .
ودلت السنة على أن أعمال كل أسبوع تعرض ـ أيضا ـ مرتين على الله عز وجل .
روى مسلم (2565 ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( تُعْرَضُ أَعْمَالُ النَّاسِ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ مَرَّتَيْنِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ إِلا عَبْدًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ فَيُقَالُ : اتْرُكُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَفِيئَا ) .
ودلت السنة أيضا على أن أعمال كل عام ترفع إلى الله عز وجل جملة واحدة في شهر شعبان :
روى النسائي (2357) عن أُسَامَة بْن زَيْدٍ رضي الله عنهما قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنْ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ ؟!!
قَالَ : ( ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ ) حسنه الألباني في صحيح الجامع .
_ فتلخص من هذه النصوص أن أعمال العباد تعرض على الله ثلاثة أنواع من العرض :
• العرض اليومي ، ويقع مرتين كل يوم .
• والعرض الأسبوعي ، ويقع مرتين أيضا : يوم الاثنين ويوم الخميس .
• العرض السنوي ، ويقع مرة واحدة في شهر شعبان .
قال ابن القيم رحمه الله : " عمل العام يرفع في شعبان ؛ كما أخبر به الصادق المصدوق ويعرض عمل الأسبوع يوم الاثنين والخميس ، وعمل اليوم يرفع في آخره قبل الليل ، وعمل الليل في آخره قبل النهار . فهذا الرفع في اليوم والليلة أخص من الرفع في العام ، وإذا انقضى الأجل رفع عمل العمر كله وطويت صحيفة العمل " انتهى باختصار من "حاشية سنن أبي داود" .
وقد دلت أحاديث عرض الأعمال على الله تعالى على الترغيب في الازدياد من الطاعات في أوقات العرض ، كما قال صلى الله عليه وسلم في صيام شعبان : ( فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم ) .
وفي سنن الترمذي (747) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( تُعْرَضُ الأَعْمَالُ يَوْمَ الاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ ؛ فَأُحِبُّ أَنْ يُعْرَضَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ ) صححه الألباني في "إرواء الغليل" (949) .
وكان بعض التابعين يبكي إلى امرأته يوم الخميس وتبكي إليه ، ويقول : اليوم تعرض أعمالنا على الله عز وجل !! .
ومما ذكرناه يتبين أنه لا مدخل لنهاية عام ينقضي ، أو بداية عام جديد ، بِطَيِّ الصُّحف ، وعرض الأعمال على الله عز وجل ، وإنما العرض بأنواعه التي أشرنا إليها ، قد حددت النصوص له أوقاتاً أخرى ، ودلت النصوص أيضا على هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الإكثار من الطاعات في هذه الأوقات .
وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله عن التذكير بنهاية العام في نهايته : " لا أصل لذلك ، وتخصيص نهايته بعبادة معينة كصيام بدعة منكرة " انتهى .
وأما صيام الاثنين أو الخميس ، إذا كان من عادة الإنسان ، أو كان يصومه لأجل ما ورد من الترغيب في صيامهما ، فلا يمنع منه موافقته لنهاية عام أو بدايته ، بشرط ألا يصومه لأجل هذه الموافقة ، أو ظنا منه أن صيامهما في هذه المناسبة له فضل خاص .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
_ هل تطوى الصحف بنهاية العام الهجري؟
السؤال:
حكم تخصيص نهاية العام بعبادة كالاستغفار والصوم؟.
حكم التهنئة ببداية العام الهجري الجديد؟ .
هل تطوى الصحف بنهاية العام الهجري ؟
يتناقل الناس عبر الجوال مثل هذه الرسالة: " ستطوى صحيفة هذا العام ولن تفتح إلا يوم القيامة، فاختم عامك بالتوبة والاستغفار والصيام، وتحلل من الآخرين.. فما حكم نشرها ؟ وما حكم التهنئة بنهاية العام الهجري ؟.
الإجابة:
لا يجوز إرسال هذه الرسالة وأمثالها، ولا العمل بما ذكر فيها؛ لأن تخصيص نهاية العام أو بدايته بعبادة: بدعة في الدين، ويسميها أهل العلم: " بدعة إضافية " ؛ لأن العمل إذا كان أصله مشروعاً وكان مطلقاً ؛ كالصوم أو الاستغفار أو الدعاء، ثم قيد بسبب أو عدد أو كيفية أو مكان أو زمان؛ كنهاية العام الهجري، أصبح هذا الوصف الزائد بدعة مضافة إلى عمل مشروع، وإضافة هذه الأوصاف إلى العبادة المطلقة غير معقول المعنى على التفصيل، فأصبح مضاهياً للطريقة الشرعية التعبدية وهذا وجه الابتداع فيها، ومثله في الحكم تخصيص نهاية العام أو بدايته بالحديث عن هجرة النبي- صلى الله عليه وسلم- في خطبة الجمعة أو المحاضرات، وقد حذر النبي- صلى الله عليه وسلم- من الإحداث في الدين؛ فعن عائشة- رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : (( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد )) متفق عليه .
وما ذكر في السؤال بأن صحف هذا العام تطوى ولا تفتح إلا يوم القيامة، فاختم عامك بالتوبة والاستغفار والصيام، وتحلل من الآخرين؟. غير صحيح ؛ فإن باب التوبة مفتوح للمسلم ما لم يحضره الموت أو تطلع الشمس من مغربها.
أما التهنئة بنهاية العام الهجري، ففيه شبهتان:
الأولى: شبهة التشبه بالنصارى في تهنئتهم برأس السنة الميلادية.
والثانية: ذريعة التوسع والمبالغة حتى تتحول التهنئة إلى الاحتفال والعيد، وقد حصل هذا في بعض المدارس وبعض البلاد الأخرى، ولذا فإن القول بتحريم التهنئة هنا متوجه، وأنصح بتركها، والحمد لله رب العالمين.
الاحتفالات الدينية والاحتفال بنهاية العام الهجري وبداية آخر
سؤال:
أرجو أن تعلمونني بالأعياد والمناسبات الدينية في الإسلام ؟
الحمد لله
نحن المسلمين ليس لنا أعياد إلا عيدين : عيد الفطر بعد رمضان ، وعيد الأضحى يوم الحجّ الأكبر ، نظهر فيهما السرور والتهنئة والتوسعة على العيال وأهمّ من هذا كله ذكر الله بالتكبير والتهليل وصلاة العيدين وليس عندنا احتفالات بأيام معينة في السنّة إلا هذين العيدين .
وهناك مناسبات سارّة جاءت الشريعة بأحكام فيها كإطعام الطعام في مثل النّكاح وعقيقة المولود ونحوها لكنهّا ليست مخصصة بأيام معيّنة في السّنة وإنّما بحسب وقوع تلك المناسبة في حياة كلّ مسلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
_ حكم تخصيص آخر السنة الهجرية بالأعمال :
السؤال:
فضيلة الشيخ: د.ناصر العمر
السلام عليكم ورخمة الله وبركاته وبعد
يكثر في نهاية العام رسائل الجوال وغيرهابالتهنة به وطلب الاستغفارقبل طي الصحائف، بل وتصل أحيانا إلى الدعوة بصيام آخر أيام السنة، أو أول أيام السنة الجديدة، وبإحياء ليلة رأس السنة الهجرية، ونحو ذلك
جزاكم الله خيرا
الإجابة:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد:
فعن عائشة _رضي الله عنها_ قالت: قال رسول الله _صلى الله عليه وسلم_: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد" رواه البخاري.
وما انتشر في هذه الأيام بمناسبة نهاية العام من تخصيص آخر العام أو أوله بالصيام واختتام آخر السنة بصلاة أو عبادة أو استغفار، فكل هذه الأمور لا أصل لها في الشرع، وقد سألت كلاً من شيخي الشيخ عبد الرحمن البراك، والشيخ عبد العزيز الراجحي _حفظهما الله_ عن ذلك، فقالا: "كل ذلك لا أصل له، وهو بدعة"، حيث إن تخصيص عبادة بزمان أو مكان أو بعدد مما لم يرد به دليل هو بدعة، كما قرر العلماء _رحمهم الله_، بعد استقراء النصوص وتتبعها.
وما يتعلق بطي الصحائف فلم يرد به دليل صحيح أنها تطوى آخر العام؛ علماً أن تحديد آخر العام وأوله كان باجتهاد من الصحابة في زمن عمر رضي الله عنهم وليس مرفوعاً إلى النبي _صلى الله عليه وسلم_ ، حيث إن الهجرة قد اختلف في زمانها على أقوال عدة، ولذلك فتقييد المحاسبة في آخر العام لا أصل له، بل يجب أن يحاسب المرء نفسه طوال العام كما قال عمر _رضي الله عنه_: "حَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا وَتَزَيَّنُوا لِلْعَرْضِ الأَكْبَرِ وَإِنَّمَا يَخِفُّ الْحِسَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى مَنْ حَاسَبَ نَفْسَهُ فِي الدُّنْيَا"، رواه الترمذي.
أما التهاني، فمن قصد بذلك التعبد فلا ينبغي ولا أصل له، ويخشى أن يكون فيه تشبه بأهل الكتاب مما يجعله عيداً، ولذلك قرر بعض العلماء أنه بدعة أيضاً، وقيل إن كان من أمور العادات فليس ببدعة ما لم يرد به تعبداً، ولذلك أرى تجنبه، والواجب هو الحرص على التزام الكتاب والسنة ومنهج سلف الأمة، والحذر من الابتداع والتوسع فيما لم يرد به دليل، ولو كان خيراً لسبقونا إليه مع قيام الداعي لمثله في زمنهم، فعدم فعلهم يدل على عدم مشروعيته.
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
الشيخ أ.د. ناصر العمر
_ بدعة صلاة الليل أول العام الهجري وليالى عشر ذي الحجة جماعة :
بعد صلاة العشاء في أول أيام السنة الهجرية وجدت صديقا يطلب من المصلين الانتظار بعد الصلاة لصلاة ركعتين بمناسبة هذه المناسبة ..وقبلها أيام العشر الأوائل من ذي الحجة كان نفس الفعل كل يوم أي صلاة ركعتين بمناسبة العشاء .. ورغم اعتراض البعض إلا أن أحداً لم يأبه لكلامنا .... فما الحكم الشرعي لذلك وأيضاً هل ذلك بدعة أم سنة حسنة .. وما حكم من فعل ذلك رغم التحذير وخاصة لو كانوا أئمة مساجد وعلماء أفاضل ؟ أرجو الإجابة بوضوح لكي يتسنى توصيل الإجابة لهم لعدم تكرار ذلك إن شاء الله ...
وجزاكم الله كل خير .
الجواب :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فتخصيص هذه الليلة بصلاة الركعتين لمذكورتين من البدع التي لا ينبغي الوقوع فيها لأنه لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أحد من أصحابه، ولا عن أحد من العلماء والأئمة المتبعين تخصيص تلك الليلة بشيء. وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. كما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وراجع الفتويين: 59497.
إما إحياء ليالي العشر من ذي الحجة فقد استحبه الكثير من أهل العلم، واحتجوا بما رواه البخاري عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام. وبقوله تعالى: وَالْفَجْرِ*وَلَيَالٍ عَشْرٍ{الفجر:1-2}.. روى الطبري عن ابن عباس وقتادة ومجاهد ومسروق وعكرمة أنها ليالي العشر الأول من ذي الحجة، ولكن إحياؤها جماعة لا أصل له في الشرع، فهو من جملة البدع والمحدثات؛ كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 2719.
وعليه؛ فالواجب عليكم عدم مشاركته في إحياء تلك الليالي مع إسداء النصح له وللمصلين، وبيان عدم مشروعيتها، وأنه لا بد أن يتمسكوا بالسنة.
ويمكنك الاستعانة بكتاب الإبداع في مضار الابتداع للشيخ علي محفوظ، والاعتصام للشاطبي. وللفائدة راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 631، 35637، 54397.
والله أعلم.
المفتي : مركز الفتوى
_ التهنئة بقدوم العام الهجري وختمه بالصيام :
فضيلة الشيخ: عبد الله الفقيه رئيس القسم الشرعي بالشبكة الإسلامية حفظه الله
الرجاء بيان حكم الأمور التالية بفتوى شرعية تصدر من فضيلتكم باسم الشبكة الإسلامية... وجزاكم الله كل خير
أولاً: انتشر في الفترة الأخيرة في أوساط الناس إرسال رسائل عبر الهواتف النقالة فحواها الحث على ختم العام الهجري بالصيام أو أي عبادة شرعية بنية طي صفحة العام الهجري بعمل صالح .
ثانياً: ما صاحب هذه الرسالة من تهنئة بالعام الهجري الجديد
ثالثاً: ما يفعله بعض المسلمين عند نزول نازلة بالمسلمين من الحض على صيام جماعي أو قيام ليلة معينة لتوحيد الدعاء عقب الصيام وعند الإفطار أو في القيام.... أفتونا مأجورين؟ وجزاكم الله خيراً، وبارك في علمكم ونفع بكم الإسلام والمسلمين.
الجواب :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فليعلم أولاً: أنه ينبغي للمسلم أن يقف من مرور الأيام والسنين موقف العظة والعبرة، فإن كل ساعة تمر تخصم من عمره وتدنيه من أجله، والمسلم مسؤول عن كل لحظة من عمره فيم قضاها وأين أمضاها، قال الله تعالى: أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءكُمُ النَّذِيرُ {فاطر:37}، وروى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس؛ الصحة والفراغ.
وأما جواب هذه الأسئلة المذكورة فنجمله في النقطتين التاليتين:
النقطة الأولى: أن التذكير بالخير، والتعبد لله تعالى بشتى أنواع العبادات من صوم وصلاة وقيام ودعاء وغيرها من الأمور المشروعة في أصلها، ولكن يبقى النظر في تخصيص وقت معين بشيء من هذه الأمور مع عدم ورود دليل شرعي على هذا التخصيص، ولعل من المناسب أن ننقل هنا ما ذكره الشاطبي في كتابه الاعتصام وهو يتحدث عن البدع الإضافية، فقد قال رحمه الله تعالى: ومنها : التزام الكيفيات والهيئات المعينة كالذكر بهيئة الاجتماع على صوت واحد.... ومنها التزام العبادة المعينة في أوقات معينة لم يوجد لها ذلك التعيين في الشريعة. انتهى
ومن هنا نقول إنه ينبغي للمسلم اجتناب تخصيص العام الهجري بشيء من العبادات، فكل خير في اتباع من سلف.
وننبه إلى أن المشروع عند حدوث النوازل القنوت أدبار الصلوات، روى أبو داود عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهراً متتابعاً في الظهر والعصر والمغرب والعشاء وصلاة الصبح في دبر كل صلاة، إذا قال سمع الله لمن حمده من الركعة الآخرة، يدعو على أحياء من بني سليم، على رعل وذكوان وعصية ويؤمن من خلفه.
النقطة الثانية: أن التهنئة بما يحدث من نعمة أو يندفع من نقمة من محاسن العادات فلا ينكر على من فعلها ولا على من تركها، والأصل في العادات الإباحة، وقد ذكر أهل العلم أن العادات يلتفت فيها إلى المعاني، ومعلوم أن المقصود بالتهنئة التودد وإظهار السرور، ولذا قد ورد عن السلف التهنئة عند حدوث ما يسر كما في تهنئة طلحة لكعب رضي الله عنهما في قصة توبته، وكان ذلك بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينكر عليه
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في جواب سؤال عن حكم التهنئة بالعيد ما نصه: قال أحمد: أنا لا أبتدئ أحداً، فإن ابتدأني أحد أجبته، وذلك لأن جواب التحية واجب، وأما الابتداء بالتهنئة فليس سنة مأموراً بها، ولا هو أيضاً مما نهي عنه، فمن فعله فله قدوة، ومن تركه فله قدوة. والله أعلم. انتهى.
وبمثل ما ورد عن الإمام أحمد كان جواب الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين على سؤال عن حكم التهنئة بالعام الهجري الجديد، فقال: إن هنأك أحد.. فرُدَّ عليه ولا تبتدئ أحداً بذلك، هذا هو الصواب في هذه المسألة، لو قال لك إنسان مثلاً: نهنئك بهذا العام الجديد قل: هنأك الله بخير وجعله عام خير وبركة......
والله أعلم.
المفتي : مركز الفتوى
صديقة القمر,,,, @sdyk_alkmr_2
عضوة نشيطة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️