أبدأ كلامي بحديث خير الأنام محمد صلى الله عليه وسلم
حيث قال : «مثل القائم في حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة
فصار بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها،
وكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروراً على من فوقهم،
فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقاً ولم نؤذ من فوقنا ، فإذا تركوهم
وما أرادوا هلكوا جميعاً ، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعاً»
]
الكثير من الأحاديث تتحدث عن أهمية الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
واخترت هذا الحديث من بينها لأنه يشمل الوجوب ويبين المصير بضرب مثل مفهوم للكل ولان أغلبنا يحفظه عن ظهر قلب
وأقصد بكلمة عن ظهر قلب باننا نحفظه ونعلم ما يعنيه ولكن تقاعسنا عن العمل به
مفهوم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر :
وضح العلماء المعروف فقالوا: إنه كل ما هو من طاعة الله،
فكل ما أمر الله به وأحبه ورضيه فهو معروف.
فالمعروف هو الطاعات والحسنات والقربات، سواء كانت من الفرائض، أو من النوافل
أما المنكر فهو المعاصي والمحرمات، فكل ما حذر ونهى الله عنه وأكد في النهي عنه فهو منكر.
حكم الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
قال الله -تعالى- :
۞وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ۞
فالأمر للوجوب، أي يلزم أن يكون منكم جماعة يتولون هذا العمل،
فإن لم تفعلوا فعليكم الإثم جميعا.
۞وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بالْمَعْرُوفِ
وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِوَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيم۞
فقدم هنا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على إقام الصلاة،
مع أن الصلاة عمودالإسلام،وهي أعظم الأركان بعد الشهادتين،
فلأي معنى قدم هذا الواجب؟
لا شك أنه قدم لعظم الحاجة إليه وشدة الضرورة إلى القيام به.
والآيات كثيرة معروفة، وأما الأحاديث فمنها:
قوله -صلى الله عليه وسلم- : «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده،
فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان»
رواه مسلم].
وهو عام في كل من رأى منكر وعرف أنه منكر.
وحكمه فرض كفاية إذا قامة به مجموعة سقط عن الباقين
و يكون فرض عين إذا ظهرت المعاصي وأعلنها أهلها وكثروا وتمكنوا,فهنالك يجب الإنكار على كل فرد من المسلمين.
إذا في زمننا هذا يعتبر فرض عين على كل مسلم ومسلمة ومن تركه وقع في الاثم ,
وكل بحسب قدرته والموقف اللذي يراه أمامه
مثلا لو رأيتي امرأة بعباءة مخصرة لن تنتزعيها بيدك ولكن انصحيها بلسانك
وإذا قلتي ( أنصح مين ولا مين )
سأقول لكي انصحي من تمر بجانبك ع الأقل
او من تعرفيهن من صديقاتك وجيرانك
وأما ان رأيتي امراة تسرق فخذي منها ما سرقته بيدك.
سأتكلم في موضوعي هذا عن النهي عن المنكر فقط
بالرغم من أن الامر بالمعروف اولى لأنه المقدم في جميع الاحاديث والايات
ولكن للاسف فقد انتشرت المنكرات بشكل كبير ولانجد من يامر بالمعروف
فضلا من أن ينهى عن المنكر
لذلك أحببت أن أركز في موضوعي هذا على أهمية النهي عن المنكر
وسأذكر أهميته على شكل نقاط مع شرحها لتسهيل :
أولا :النصح لغيرنا حتى ندفع عنهم البلاء والعقاب يوم القيامة
لا يخفى على أحد منا أنه من واجب الأخوة الإسلامية والمحبة في الله
أنه علي أن أصوب أختي المسلمة إذا وقع منها خطأ، وإرشدها لطريق الصواب .
فأنصحها بأسلوب سلس لطيف محبب أليها
فقد ذكر صلى الله عليه وسلم :
إن أول مادخل النقص على بني إسرائيل , كان الرجل يلقى الرجل , فيقول : يا هذا اتق
الله ودع ما تصنع , فإنه لايحل لك ثم يلقاه من الغد , فلا يمنعه ذلك أن يكون اكيله وشريبه
وقعيده فلما فعلو ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ,
ثم قال :
﴿لعن اللذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داوود وعيسى ابن مريم
ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لايتناهون عن منكر فعلوه لبئس ماكانوا يفعلون﴾,
ثم قال : كلا والله لتأمرن بالمعروف , ولتنهون عن المنكر , ولتأخذن على يدي الظالم
ولتأطرنه على الحق أطرا , ولتقصرنه على الحق قصرا ,
أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض ثم ليلعنكم كما لعنهم
سنن أبي داود]
وفي المقابل أتقبل كل من تقوم بنصحي واشجعها واخذ بيدها,
لا أن نرضى بمن يسايرنا في جميع أمورنا صوابها وخطئها
ثانيا :حتى لاتتفشى المنكرات في أمتنا وتغرق السفينة.
فإن سكتنا عن المنكر ولم ننهى عنه سنجده قد تفشى في الشوارع واصبحنا نقول عن المنكرات ( عااااادي ما فيها اشي )
سأضرب مثالا بسيطا على شكل قصة على ذلك علها تصل الفائدة :
((في إحدى الأيام وهي تستعد لحضور حفلة نسائية أخرجت ما عندها من الثياب
ورات فستانا جميلا لكنه كان عاريا قليلا ,فقالت في نفسها :
شو رح يحكوا عني هلأ بهالفستان قليلة أدب ,
خلص بلا ما ألبسه ويصيروا الناس يحكوا علي .
وهي في الحفلة رأت إحداهن وقد لبست القصير وما يظهر مفاتنها ,
ورأت كل من حولها قد أعجب بها وأثنى على جمالها ,
ولم ترى أي من إحداهن تنكر عليها ذلك أوحتى تبدي ملامح الغضب أمامها على منكرها ,
فقالت في نفسها : هي الكل بيحكوا عنها حلوة وأواعيها بتجنن وما حد انتقدها
ولا قال عليها اشي , خلص ان شالله المرة الجاي رح ألبس هاداك الفستان
وماحد رح يحكي عني اشي )) .
هذا هو حالنا وللأسف نخشى من أن يذكرنا الناس بسوء
أكثر من خشيتنا لعقاب الله ووعيده.
لكن إن وجدت من في المثال من ينكر على صاحبة المنكر منكرها ولو سرا
لما تجرأت على تقليدها
وهذا ما قد حصل فعلا في أمتنا حيث غرقت السفينة,
ومع ذلك لانجد إلا القليل ممن ينهون عن المنكر ,
وقبل أن نقول ( كل الناس هيك أجت ع فلانة !!!)،
فلنتذكر حينما كان هذا المنكر صغيرا ومقتصرا على فئة قليلة
كيف انتشر الانوأصبح الأغلبية ,
فلنبدأ نحن أيضا بالنهي عن هذه المنكرات إلى أن ينصرنا الله بإذنه .
ثالثا : معذرة إلى الله
۞وَإِذَ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ
عَذَاباً شَدِيداً قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ۞
۞فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُوبِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِيناْ ظَلَمُواْ
بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ۞
أي حتى يعذرنا الله يوم القيامة ونكون قد عملنا بما أمرنا ,
فلو قلنا ( فلانة ما بتسمع ولا بتنتصح )
أو ( هدول ربنا رح يعاقبهم في الاخرة )
أو ( لها رب يحاسبها )
فلقد انتشرت هذه الكلمات بكثرة في أمتنا
حتى أننا أصبحنا ننصح غيرنا بالسكوت عن المنكر
فلنعلم أننا محاسبون إن تركنا النهي عن المنكر ,
فلعل كلمة واحدة أقولها تعلق في بالها وتبقى تستذكرها ,
حتى وإن لم تعمل بها فلربما تصبح في ضيق إن عاودت فعله ,
وبالعكس تماما لو سكت عن منكرها فسيحل علي غضب الله إن كنت
قادرة وسأقع في الإثم ((والعياذ بالله)) .
رابعا : حتى لا يشملنا الله بعقابه .
أغلب الأحاديث اللتي تتحدث عن الأمر بالنعروف والنهي عن المنكر , في اخرها تحذر من أنه إن سكت الناس عن المنكر سيحل عليهم عقاب شديد ووعيد ,
منها أن لايقبل منهم الدعاء, أو لاينصرهم الله , أو يسلط عليهم الذل في الدنيا والاخرة .
كثيرة جدا هي هذه الأحاديث لكن سأذكر بعضها :
في حديث حذيفة : أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال “والَّذي نفسي بيده؛ لتأمُرُنَّ بالمعروف، ولَتَنْهَوُنَّ عن المُنْكَرِ، أو ليبعثنَّ الله عليكم عقابًا منه، ثم تدعونَه، فلا يُستجابُ لكم“.
روى الإمام أحمد رحمه الله عن أم سلمة رضي الله عنها قالت:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
“ إذا ظهرت المعاصي في أمتي أعمهم الله بعقاب من عنده ,
قلت : يا رسول الله أما فيهم يومئذ أناس صالحون ؟ قال : بلى ,
قلت : كيف يصنع بهم ؟ قال يصيبهم ما أصاب الناس
“
ويقول صلى الله عليه وسلم :“ وما ترك قوم الأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر إلا لم ترفع أعمالهم ولم يسمع دعائهم
“
يقول صلى الله عليه وسلم :“ يا أيها الناس إن الله يقول لكم مروا بالمعروف وانهو عن المنكر قبل ان تدعوني فلا أجيبكم,
وتنتصروني فلا أنصركم وتسألوني فلا أعطيكم
“
فما بعد هذا الحرمان
ويقول عليه الصلاة والسلام :“ما ظهرت الفاحشة في قوم حتى يعلنوا بها
إلا فشى فيهم الطتعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم اللذين مضو
“
ومنها أيضا الحديث اللذي ذكرته في بداية موضوعي
حيث ستغرق السفينة بكل من فيها ان لم يثنوهم عن فعلتهم.
وغيرها الكثير من الأحاديث ان بحثنا أكثر
ولكن بعد هذا القدر من الأحاديث وما فيها من تهديد وتحذير ووعيد
أترك اليكم تقدير مدى أهمية الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
ومدى خطورته
في النهاية أحب أن أوضح لكن أخواتي أننا سنواجه الكثير
من المتاعب في هذا الطريق , لأن الناس استمرأت الباطل ,
وأصبحوا يصفون الناصحين من الناس بالتخلف والرجعية .
ولكن أدعوكن أخواتي في الله للثبات ,
فالرسول صلى الله عليه وسلم ثبت على أذى أكثر من ذلك ,
ولولا ثباته بأبي هو وأمي لما وصلنا هذا الدين العظيم .
والدعاء من أهم أسباب الإعانة على الثبات ان شاء الله
أتأسف للإطالة عليكم فقد حاولت كثيرا لأختصر ,
ولكن لأهمية الموضوع لم أستطع الإختصار أكثر .
وأستميحكم عذرا إن قصرت في شيئ فهي أول تجربة لي
في كتابة موضوع , ولو رأيتم نقص انصحوني
وإن كان هناك خطأ قوموني
_ الأحاديث منقولة من موقع إسلام ويب
وأنصحكم أيضا بتحميل كتاب حاجة البشر للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من موقع صيد الفوائد
رابط التحميل
وقراءة المقال التالي من نفس الموقع ايضا
العقوبات والآثار المترتبة على ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
وأسأل الله أن ينفعكم فيما كتبت وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم
اللهم صلي وسلم على سيدنا محمد
أشهد أن لاإله إلا الله استغفره وأتوب اليه