
يادم الشهداء لن تضيع هباء .. قد رويت بلادي عزة وإباء .. ياشهيد النور .. يارفيق الحور .. ثورة الأحرار .. لن تعود وراء ..
ثورتي بركان .. قبضتي طوفان .. صرختي نيران ..تحرق الخبثاء ،،
لن تموت جراحي .. لن يخون سلاحي .. لن أعيش ذليلاً في يد السفهاء ..!
كان غناءاً يلهب المشاعر .. و يهز القلب ويأزه .. غناء يحرض على الوفاء .. فكان هو العهد والمواثيق والقسم بأن أيام القذافي لن تعود .. وأن الدم الليبي الذي دُفع في الثورة لن يذهب هباء في تفاوض أو تصالح مع القاتل مهما طال الزمن .. !
الحرية كالجني قد تسكنك دون أن يشعر بها من حولك إلا حين يلاحظون تصرفاتك الغريبة!
هكذا كانت تصرفاتى وتصرفات كل ليبيى مغترب طوال السنة الماضيه ..
نبكى ونصرخ ونتألم ونفرح ونضحك بنفس الوقت ..
كان نومنا قليل وبكائنا كثير ,,نشكو لبعضنا حزننا بقلوب تفطرت على رؤية الدماء وأشلاء الجثث والقتلى من بنى جلدتنا.. ونلجأ الى بارئنا بالدعاء والصيام ..ونقضى ليلنا بالقيام ..نترحم على من فقدناهم ونسأله أن يتقبلهم من الشهداء ونرجوه أن يشفى جرحانا ويحقن الدماء ..
نتنقل من خبر لأخر بين محطات الأخبار العربية والغربية بأنتظار خبر يُفرحنا ,,,
نتتبع أخبار المدن والقرى الليبيه فى موقع الفيسبوك والتى صار كل العالم يعرفها معنا ..
الكل الأن يعرف بنغازى الشراره ..ويدعو لشهداء الزاويه ويبكى بحرقه على حصار مصراته..ويتبرع لأنقاذ المحاصرون فى نالوت وبوابة ذهيبه وجبل نفوسه ومخيم الرماده..
صار كل من حولى يعرفون أصبع سيف وتهديده ووعيده ,, ويتسألون ما معنى زنقه زنقه ,,

مصراته !
آآآه يا وجعى .. ماصنعت بي مصراته !!
من الذي لم يعد يعرف مصراته الصمود وأهلها ورجالها الأشاوس الأبطال..؟ أحفاد سعدون ورمضان السويحلي ..!
أو كما نعتها العميد صفوت الزيات بستالين غراد العرب..
مصراته يصدق عليها ما قاله الإيطاليون : ليبيا حية رقطاء ،، رأسها مصراته !
كيف لا أحبها وأعشقها وقد ذهب زوجى أليها فى خضم الأحداث مرتين ,,
المره الأولى كانت فى العاشر من أبريل عام 2011 وقتها كان القتال فى شارع طرابلس على أشده وقذائف كتائب القذافى تقتل وتدمر كل شيئ
حاول زوجى وثلاث أطباء معه دخولها بحراً عن طريق جزيرة مالطا ضمن مجموعة الصليب الأحمر القطرى والذى نشيد هنا بجهود دولة قطر دولة وشعباً لكل ما قاموا به من مساعدات لأخوتهم فى الدين والعروبه ,,نعم حاول زوجى ورفاقه الأطباء الدخول لليبيا ولكن لم يُسمح لهم بمغادرة ميناء مالطا فلم تعطهم قوات التحالف الدولى أشارة التحرك فى مياه البحر المتوسط فأختاروا دخولها براً وأتجهوا من مالطا الى ألمانيا ومنها الى مصر ومن مصر دخلوا براً الى بنغازى ومن بنغازى أخذوا قارب صيد متجهين الى مصراته...
نعم قد تبدو الرحله شاقه وطويله ومحفوفه بالمخاطر لكن ما يدفعهم اقوى من حياتهم أنه حب الوطن ونصرة اخوانهم المظلومين ..

كانت تفصلهم عن مدينة مصراته قوات كتائب القذافى والتى تسيطر على المناطق من مدينة البريقه الى مصراته لأكثر من 600 كيلو متر مربع لكنهم جازفوا وتوجهوا بحراً فالجرحى ينتظرون ..
كانوا 3 أطباء ليبيين من كندا ونقلوا معهم على ظهر قارب الصيد عشرة مقاتلين من مدينة بنغازى وذخائر الأسلحه وقاموا بتغطيتها بالمئون الغذائيه للمدينه كالبصل والطماطم وزجاجات المياه العذب...

أتعلمن كيف كانت مشاعرى وأنا أتابع معه عن طريق هاتف القمر الصناعى ؟ كان يقول لى نرى سفن القذافى الحربيه فى ميناء سرت من بعيد ...وفوقنا طائرات حلف النيتو تقوم بحمايتنا ..نحن الأن فى وسط البحر بعيداً عن مرماهم لكن الظلام يحيك بنا وأنا لا أجيد العوم ..فكنت أضحك لأنه يحاول أن يخفف من توترى..
وعندما أتصفح موقع الفيس بوك أجد أخباراً بأن قوات كتائب القذافى تحاول التسلل الى مصراته عن طريق الميناء ..أى أن القارب الذى يقل زوجى فى متناولهم وربما يغرقونه أو ياسرونه بمن فيه فى أى لحظه ...والمصيبه انهم يحملون صناديق السلاح معهم...

كان كل دعائى وقتها أن لا يقع زوجى فى الآسر وكنت أقول يارب أرزقه الشهاده لا الوقوع فى أيديهم أسيراً
تخيلوا أدعو عليه بالموت بدل النجاه ...
وعند دخوله للمدينه المحاصرة تنفست الصعداء رغم أنى كنت أسمع صوت القذائف فى كل محادثه بينى وبينه..
هذه صوره لزوجى أثناء إجراء عمليه جراحيه لأحد الأطفال الذين أصابتهم القذائف وترون كيف تفتقر أمكانات الاطباء حتى لطاولة العمليات ,,ويضعون تحته صناديق حتى يتمكنوا من أنقاذ حياته ,,,,,
المهم هو المساعده وبحسب مقدرتهم ...

قبل خروجهم من مصراته قرروا أن ياخذوا معهم كل الجرحى ..كانوا حوالى 67 مصاب وتتراوح أصاباتهم بين حرجه ومتوسطه ..نقلوهم معهم الى تونس بعد أن حضرت لأنقاذهم سفينة إغاثه برعاية أطباء بدون حدود ..فقد هبت منظمات عالميه كثيره لمساعدتنا بنفس الوقت الذى جلس كثير من أخوتنا فى الدين يحرمون الخروج على ولى الأمر ويحرمون الأستعانه بالأجنبى ...(ليس هذا حديثنا الان )
هذه صورة السفينه من الداخل وجهزوها لحمل المرضى ..

وهذا أحد المصابين وحالته حرجه جداً قاموا بنقله معهم ...

وهنا تم استقبالهم فى ميناء جرجيس بتونس وكان فى أنتظارهم أطباء من منظمات عالميه وصحفيين ...لكن زوجى ومن معه لم يظهروا فى قنوات الاخبار أتعلمن لماذا ؟
لأن أهلهم كانوا محاصرون فى طرابلس ولو تم التعرف عليهم سوف يتم قتل أخوتهم أو أستباحة أعراضهم ..

هذه المره دخلها من البحر من جزيرة مالطا بعد أن تم تأمين الميناء وحراسته من قبل قوات التحالف الدولى ..
كانت قوات كتائب القذافى بعيده عن وسط المدينه أو بالأحرى تم دحرها الى أطراف المدينه.. وبدأت مصراته تتنسم عبق الحريه رغم كل جراحها وآلامها وفقدان أبنائها .!
وأطال زوجى الغياب هذه المره فكان يحدثنا أحياناً من وسط المستشفى الميدانى ..الذى تم تجهيزه بفضل الله أولاً ثم بفضل جهود الجاليات الليبيه فى الخارج مع دعم بعض الدول الصديقه ..
الحمد لله الأن بإمكانهم القيام بالعمليات الجراحيه العاجله بسهوله بعد أن أُستُهلكت كل الصناديق ..
وهنا زوجى يرقص فرحاً فى شوارع مصراته يوم خروج جميع المدن الليبيه فى الشوارع رداً على المسيره المليونيه الكاذبه التى قام بها النظام الهالك فى ذلك الوقت ليكذب على العالم من خلال قنواته ويقول أن الشعب الليبيى معه ..
لم أكن أستعجله العوده وتمنيت أن أكون معه وسط أهلنا لنساعدهم ..لم يكن زوجى بطلاً ولا الوحيد الذى قام بمساعدة أبناء بلده فكل الليبيين بالخارج تكاثفت جهودهم ومساعيهم ..أما بالتبرعات أو بالخروج فى اعتصامات ومسيرات للفت نظر العالم الى قضيتنا ,,وإجبار الدول العظمى على الأعتراف بمجلسنا الوطنى وأسقاط الشرعيه عن نظام القذافى ..
هذه بعض من أعمالنا هنا فى كندا
اضغطي هنا لمشاهدة الصورة بحجمها الأصلي
سفراء وأدباء ومؤرخين ووزراء وشعراء وممثلين ,,حتى لاعبى المنتخب الليبيى خرجوا من قبضة طرابلس ليعلنوا ألتفافهم وتأييدهم لثورة فبراير ..
نعم هذا الزخم الشعبى رعاه الله ويسر له حتى أعداء الأسلام لنصرته وكذلك أراد الله للثوره أن تكون وكانت ..
الكثير من أبناء بلادى عادوا وحملوا السلاح وأستشهدوا فى الجبهات حتى أولئك الذين لم يروا ليبيا قط ولم يعرفوها ألا فى القصص التى يرويها لهم أهلهم فى الغربه كونهم ولدوا فى الغربه بسبب نفى النظام لأهلهم خارج الوطن ..
ولعل مهند بن صادق أحد هؤلاء الأبطال.. والذى آلمنا خبر أستشهاده ونسأل الله أن يربط على قلب أمه ويعوضها خيراً منه ..ذهب الى الجبهه ورأيناه على شاشة الجزيره يدعو بالنصر ويتمنى الشهاده ثم بعدها سمعنا خبر أستشهاده فى مدينة البريقه يوم 13 مارس ..
width=480 height=385
خوفى لم يكن على زوجى فقط فكل من كان بالجبهه هو أخ لى ..
وها هو أخى الصغير (طه) والذى يدرس بالسنه الأخيره فى كلية العلوم قسم جولوجيا ويعد مشروع التخرج وننتظر تخرجه حتى نحتفل بزواجه قد نسى كل شيئ وتوجه الى الجبهه بسلاحه..
كان أخى من ضمن من خرجوا فى يوم 16 فبراير فى بنغازى وأعتصموا سلمياً مطالبين بحق أهالى مجزرة بوسليم وبحق القتلى فى فبراير 2006 والذين قتلهم نظام القذافى بدم بارد ..
كنت أحادثه بالهاتف قبل قطع الأتصالات عن بنغازى.. أرجوكم أجعلوها سلميه.. لا تقوموا بالتكسير والتدمير فكان يقسم لى ويقول اننا نقف فقط أمام مبنى المحكمه.. ونوصى بعضنا بضرورة أن تكون وقفتنا حضاريه وبدون تدمير أو أى شكل للفوضى ومطالبنا لأجل مدينتنا وبلدنا ..
سرعان ما تحول الأعتصام بفعل ذوى القبعات الصفراء.. الى جثث هنا وهناك حين أستخدم القذافى الرصاص الحى لتفريق المعتصمين.. وغضبت الجموع بعد قتل من كانوا يشيعون الجنائز ..
تسارعت الأحداث فأنضمت كتيبة الصاعقه الى المتظاهرين ومدتهم بالسلاح وتحرر سائر الشرق الليبيى أو خرج سريعاً من تحت سيطرة القذافى وكتائبه ..وقرروا الأتجاه نحو الغرب نحو طرابلس حيث يقيم القذافى وحاشيته ..
سريعاً كان أخى متواجد ضمن الثوار ويحمل بندقيه ..سبحان الله كان لا يقوى حتى على ذبح دجاجة.. وكأى شاب لا يهتم بالسياسه ولا أهلها ويحب كل ما يحبه الشباب فى الدنيا والأقبال عليها .. ومع الأحداث أكتشفنا فى داخله وطنيه وتدين لم نعهدهما من قبل ..
سبحان الله كان فى الجبهه صائم ويقول أننا مرابطون ويتمنى الشهاده ولكنه لم ينالها ...
كانت أمى ممن يحثونه بدعائها وصلاتها ..عندما كنت أحدثها كانت تقول الأن وصل شبابنا الى مرحلة اللاعوده فأما أن يقاتلوا من أجل أنفسهم وحياتهم وحريتهم ومن أجل شرفنا وأما أن يقتلهم ويأتى لأغتصابنا وطردنا من بلدنا ...
قلنا علانية : نحن لانستسلم ننتصر أو نموت ! وفي داخلنا صوت الإيمان يقول : نحن لانستسلم ننتصر أو ننتصر ! بأذن الله ,,بدأناها بالتكبير ونصرنا العلى القدير
أن تنصروا الله ينصركم ..وما النصر ألا من عند الله ..
هذه صورة له فى جبهة القتال بين مدينتى أجدابيا والبريقه مع بعض الثوار من أفراد كتيبة الشهيد صالح النص كانت فى شهر مارس ,, أخى هو الذى يرتدى النظارات ...
تستطعن كتابة كتيبة الشهيد صالح النص فى الفيس بوك وستجدن المزيد من صور هؤلاء الأبطال...
اضغطي هنا لمشاهدة الصورة بحجمها الأصلي
وهذه صوره أخرى لأخى فى شهر رمضان الماضى الموافق لشعر أغسطس أى بعد مرور خمس اشهر وهو مع المرابطين بجبهة البريقه هذه ألتقطتها له يوم عودته لتشييع جثمان صديقه ...لاحظوا مدى التغير عليه من أثر شمس الصحراء والجوع ووجود شظايا القطائف فى كل جسده تاركه حروقاً صغيره ستبقى للأبد ...وكأنه كبر 20 عاماً ..
كم احبك ايها البطل حفظك الله ولا قوة ألا بالله أفتخر اننا من بطن واحده ...