


كنت صغيرةً.. أخطو أولى خطواتي في التعليم وأمام عينيًّ تجمعت أهم طموحاتي وأبلغها...
دخلت هذا العالم الصغير ..الذي يقال عنه بيتي الثاني ... ورسمت أجمل أحلامي عنها...
ربطت صداقةًً مع كتبي... ودفاتري... وسمحت لمعلماتي بدخول هذا القلب... أكن لهن
الاحترام... ورغبة عارمة تشع في داخلي بتحقيق ماتصبو نفسي إليه... رغم ظروفي الصعبة ذلك الوقت....
كنتُ طالبة مميزة بذكائي... وإجتهادي... والحلم مازال يكبر .. ويكبر..
حتى تخرجت ذلك العام... ولم يتوقف حلمي عند هذا الحد... بل أقسمت على نفسي أن أفعل كل ماأستطيع حتى أكسب قلوب طالباتي.. بالمعامله الطيبة.. والإخلاص في العمل... وأن أكون صديقة لهن قبل كل شيء....
وتحقيق ماكنت أرجوه وفعلا مارست عملي الحبيب... كانت من أجمل التجارب التي عشتها... أثبتُ حضوري.. وكسبت قلوب كثيرة... كان أولها قلب مديرتي التي كان لها الفضل الأول بعد الله في سعادتي ,, فقد كسبت على يديها دروس الحياة... مما زادني ثقه بنفسي... وحباً لعملي... والذي نفسي بيده كل عبارات الشكر لن توفيها حقا تلك الحانية... النادرة..وسيظل القلب يذكرها ويدعو لقلبها الطاهر.
وشعرت بذلك حتى في أعين طالباتي.. في ابتسامتهن الحلوه...ونظرتهن للحياة وحبهن الأول للمنهج الديني .. وتطبيقه ....وهذا هو أبلغ امنياتي كمعلمة.... كان أنجاز بالنسبة لي...
فليست كل معلمة قادرة على صنع ذلك... فرحت بتلك الشهادة وأنا أسمعها من زميلاتي المعلمات ومديرتي.. وحتى طالباتي....
ولأن هذا هو الأسلوب الأمثل للتعامل مع الطالبة...ورأيت نتائجة المذهلة, أحببت أن أكتب لكِ أهم نصائحي ولا يغركِ صغر سني أو بساطة حروفي.. المهم أن تصل لقلبك وتحاسبين نفسك على التقصير إن حصل !
(فعملك أمانه... وطالبتك أمانة... وسُتسألين عن كل لحظة مرت من العمر.. فلا تظلمين نفسك
بالتهاون... وتضييع أهداف رسالتك ومن استرعاكِ الله تعالى عليها !)
1/ بقدر ماتعطين أيتها المعلمة ستأخذين... أتبعى أولى نصائحي... وأجعلي الرقابة الذاتية هي دستورك...
أي: لاتخافين من توجيهات المديرة .. أو من نقد مشرفتك...الأهم رضاه تعالى... والأخلاص في العمل..
فكلنا مسؤولات أمامه تعالى عن العمل...والتقصير وارد والله .. ولكن لنسعى جاهدين في الحصول على النتيجة المرضية... فالله لم يطالبنا بالمثالية أو بما لاتطيقة نفسك.. ولكن المثابرة مطلوبه ومن مقومات نجاح المعلمة.. ومن منا لاتحب أن ينظر لها الجميع بنظرة الإحترام والإعجاب .والشهادة لها بـ ( أنها غير بتميزها.. ولطافتها.. وشخصيتها.. وتعاملها)
اللهم أجعلني منهن..ووفقني في ذلك...ولاتحرمني أجرك العظيم..
2/ أنظري لهذا العمل بحب... لاتتذمرين منه .. ولا من النصاب.. ولا من شغب الطالبات... بل قابلي كل ذلك بحب.. وبصبر.. ويقين أن كل مخلوقات الله تستغفر لك... فأنت زميلتي الحبيبة معلمة... أتدرين مامعنى ذلك..؟
لكِ الفضل العظيم في تطوير العقول .. في السير بالقافله التعليمية نحو الإزدهار ...في تنمية حب التعليم وفضلة في قلوب طالباتك....ولن تنساه مهما كبرت ...فالتعامل الطيب من الصعب تجاهله... ونسيانه حتى لو مرت الكثير والكثير من السنين....
3/ قال الله تعالى :- (( وقولوا للناس حسنا ً (( هذا بإختصار مايجب عليك صنعه هنا... والمعلمة الناجحة فعلا من تكسب القلوب ليس بشرحها فقط... بل وحتى بإسلوبها مع تلميذتها... لم يكن دورها محصوراً على التدريس بل يصل إلى أبعد من ذلك.... فدورك أيتها المربية ليس تعليمي بل وتربوي أيضا... يخدم الطالبة ويسير بها نحو ألاستقرار النفسي المطلوب.... فكم طالبه تركت الدارسه لتعامل المعلمه الجاف معها.. او ظلمها ...
أحذري أن تكوني سبباً في تعاسة الاخرين... أو تستغلين دورك في التجريح بكل أشكاله...فهذا والله من شيم الجبناء... ومن أسوء الأمور التي قد تقع فيها المعلمة ودليل على فشلها وقصور عقلها!
4/ احتوي الطالبة بقلبك ... وعززي داخلها الثقه بنفسها ماأمكن..وأفتحي معها أبواب الحوار لحل مشكلاتها إن كانت تعاني ولجأت لكِ... وليكن دورك إيجابياً.... وأحتسبي الأجر في ذلك عزيزتي....
فالطالبة في مرحلة المراهقة خصوصاً تحتاج لمن يوجهها... ويفهمها.. ويرسخ داخلها حب الحياة ..وإن كانت تملك شيئاً من المواهب فقفي معها.. وشجعيها.. وأسعي لتنميتها.. ففضلك في ذلك عظيم...لايُنسى... عام كامل عشت بالقرب من هؤلاء المراهقات
لم يكن دوري مقصوراً أبداً على التدريس.. بل وصل الى ماهو أبعد من ذلك.. وجدت ارواح حلوه.. متفائلة... تملك إبتسامة لاتحكي الا عن الطموح.. والطموح لاغير...
وصلتُ لقلوبهن.. كنتُ قريبة منهن.. شعرت بهمومهن ..كنت لهن المعلمة.. والأم .. والصديقة...
5/ إسعي في تطوير نفسك ومعرفة المزيد من العلوم التي تخدمك على الصعيد التربوي ... لاتقف طموحاتك عند حد معين..لايكون همك الوحيد أن تنهين الدرس وكأنك مبرمجة على ذلك الشيء.. وانتهى أمره بمجرد خروجك من ال***...
بل على العكس تماما... اجعلي من دروسك وسيلة في التأثير على طالباتك.. بالقصه.. بالموقف المؤثر.. بالوسيلة الشيقة التي من شأنها ترسخ في ذهن الطالبه وتحببها في المادة أكثر.....
6/ إحذري كثرة الغياب بدون داع .. وعدم حضور ال*** في وقتها المناسب.. فهذا يعطي إنطباع سيء عنكِ لدى الاخرين وأولهم تلميذتك ... فحقها عليك الحرص على تعليمها وتربيتها على المنهاج الصحيح ..ومنها إحترام مهمتك السامية وأداءها على أكمل وجه
7/ كوني قدوة لطالباتك بداية من هندامك وإهتمامك بنفسك وشكلك الخارجي..ووصولاً الى أخلاقك العالية... وصبرك.. وأحتسابك الأجر... فدرب التعليم طويل ويحتاج لمن يفهم قوانينه.. ويطبقها على نفسه.. لتنعكس صورته الحلوه في أعين تلميذاتك....
وأني أستغرب عندما تهمل المعلمة نفسها... فالشكل رتيب... واحد... لايتغير طوال العام!!
والوجه متزاحم بالتعابير الحزينة .. البائسة... المتبرمة!
أهملت نفسها كثيراً..لاتعرف الإبتسامة طريقاً لشفتيها!!
أن الله جميل يحب الجمال... لاتحرمي نفسك من هذا الجمال وتميزي به.. وليكن لكِ
طريقتك التي تختلف عن الجميع...في لباسك.. وفي حديثك..أبدعي في ذلك
8/ الكلمة الحلوة صدقة وأتخذي الرسول لكِ قدوة فلم يسمع منه قط مايجرح!.. كان ربانياً بأخلاقة... وتعاملة الصادق مع قومه...
عززي إجابات الطالبة بالكلمات المشجعة ( ياحلوة _ ياعسل_ ياإستاذة_ يادكتورة_) والعبارات كثيرة لاتقتصر على ماكتبت فقط.... وأعتمدي في التنويع بالعبارات.. حتى لايقل حماس الطالبة ستذهلك النتيجة .. فالطالبة عندما تسمع مثل تلك الكلمات .. تفرح وتحاول أن تثبت للجميع انها فعلا طالبة مجتهدة ويشتعل الحماس لحظتها..وهذا من أهم عوامل نجاح الدرس...الانصات.. الحماس.. المشاركة .. المتعة ..وكل ذلك لايحصل تماما الا بفضلة تعالى ثم بتمكن المعلمة وأسلوبها الطيب مع طالبتها.
9/ أستغرب من تلك المعلمة التي تجعل من اجتماعها بزميلاتها مرتعاً للغيبة..والحقد.. وقد صبته صباً على تلك البليدة.. أو المقصرة...
ليس هذا من أخلاق المعلمة ابداً... علمتني الحياة .. أن أتخذ طريقاً أخر وأحاول مرات ومرات حتى اساعد تلك البليدة وأجعل منها طالبة أخرى أكثر حماساً.. وحباً للدرس...وفعلا أذهلتني النتيجة التي حصلت عليها مع تلك الفئة من الطالبات.. فالله الحمد من قبل ومن بعد....
10/ الصدقة ثم الصدقة ثم الصدقة.. تجبر تقصيرك.. وأخطاؤك في العمل بل وفي جميع أمور حياتك... وستجدين اثرها العجيب فوالله لاينقص مالا من صدقة.
في الختام تلك ماجادت به نفسي.. وحاولت جاهدة أن أوضح الصورة وأذكر نفسي به ..و أنك لو عملتِ بتلك النصائح... ستكسبين أكثر مما توقعتِ.. وكسبتِ رضاه تعالى
وقمتِ بواجبك كما ينبغي... ولكِ الأجر العظيم في ذلك...
هذه نصيحتي كتبتها لكِ قد يكون لها مكاناً في قلبك.. فتبدأين بالتغيير..ويكون لي الأجر في التذكير....لاحرمني تعالى ذلك...ورحم الله تقصيري وتقصيرك وعفا عنا جميعاً
كتبتها ونصحت بها الإستاذة : هند العتيبي ( قلبٌ أدمته الجراح)
يسعدني جدا مشاركتك عزيزتي المعلمة لدعم الموضوع بتجاربك في هذا الميدان...وتقديم النصيحة إن أمكن ذلك... لنستفيد جميعاً....

وكلماته الرائعة المتميزة دائما متألقة معلمتي
دمتي بحفظ الله ورعايته