بسم الله الرحمن الرحيم
5 وقفات لمن يريد النجاة
إن البلاد لا تعمر إلا بساكنيها , والدين لا يقوم إلا بأهله , ومتى قاموا به نصرهم الله مهما كان أعدائهم , قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ } وإذا كان الدين لا يقوم إلا بأهله فإن علينا - أهل الإسلام وحملة لوائه – أن نقوم بأنفسنا أولاً , لنكون أهلاً للقيادة والهداية , ومحلاً للتوفيق والسداد .
وإن الأجدر بنا أن ننطلق من البداية فنتأمل في شبابنا وما هم عليه من أفكار وأعمال, كي ننمي منها ما كان صالحاً ونصلح منها ما كان فاسداً , لأن الشباب اليوم هم رجال الغد , وهم الأصل الذي ينبني عليه مستقبل الأمة فإذا صلح الشباب وهم الأصل , وكان صلاحاً مبنياً على دعائم قوية من الدين والأخلاق , فسيكون للأمة مستقبل زاهر , ولشيوخها خلفاء صالحون إن شاء الله .
تساؤلات ؟؟؟
هل تأملت هذا الرجل الذي احدودب ظهره وابيض شعره وتثاقلت خطاه وخارت قواه وسقط حاجباه , وتناثرت أسنانه ؟
فهو يقوم بصعوبة , ويجلس بصعوبة , وينام بصعوبة , ويصلي بصعوبة , وصوم بصعوبة , ويأكل بصعوبة ويشرب بصعوبة , ويقضي حاجته بصعوبة !!
هل تأملت هذا الرجل ؟ ألم يكن شاباً مثلك ؟
يعيش حياة الشباب .. ويسير سيرهم .. ويلهوا لهوهم .. ويلعب لعبهم .. لقد ظن هذا الرجل أن أيام الشباب طويلة وأن قوة الشباب قاهرة , وأن نظرة الشباب تزهو على الليالي والأيام!!
واليوم .. وبعد أن كبرت سنه , وضعف بنيانه , وتنوعت أسقامه , يبكي على ما ضاع من عمره في اللهو واللعب , يبكي على قوة الشباب التي ولت , وعلى نضرة الحيوية التي استبدلت بالكبر والشيخوخة , ويتمنى أن يعود إليه شبابه وقوته ليصرفها في طاعة الله ومرضاته ..
ولكن ... ولكن ماذا ؟!
أظنك تعرف الجواب .. فأنت ذو عقل راجح ولسان طلق وعضلات مفتولة وقوة على التعبير بليغة , ولذلك اخترتك لتقرأ رسالتي هذه ..
إنها لك لا لغيرك , نعم أنت من أريد .. أنت .. أنت من أبحث عنه طويل السنين .. أنت من أرق عيني التفكير فيه , ومن أوجل قلبي شفقة عليه .. اخترتك لأنك حفيد العزة , وصاحب ميدان الإباء والطموح , أنت الذي في قلبك شجرة أصلها ثابت وفرعها في السماء ..
أكتب لك هذه الكلمات من قلب مفعم بالحب لك وحدك .. كلمات هي قطرات دم , وآهات نفس , ودموع عين , وزفرات قلب ... ولتعلم العلم اليقين أن ما خرج من القلب وافق القلب ينتج الشيء الكثير ...
حديث الروح للأرواح يسري *** وتدركه القلوب بلا عناء
وقفات عجلى .. وكلمات حرى ... ليس لك جامع إلا أنك قارئها ... ومن ثم ...
الأولى : بدون عنوان ؟! ..
ما الذي جعل أبو طالب – عم رسول الله صلى الله عليه وسلم – خالداً مخلداً في ضحضاحٍ من النار بعد أن كان على قاب قوسين أو أدنى من الإسلام ؟!! إن كنت تعرف الجواب فانتقل للوقفة الثانية .. حيث إنك قد فهمت المقصود وإلا فازدد علماً ..
إنه أخي المبارك – صديق السوء : أبو جهل - عليه لعنة الله – وإن الأصدقاء على قسمين : صديق مخلص , وفي إذا احتجت إليه كان نعم العون , وإن استشرته كان نعم المشير , وإن رآك على انحراف بين لك الصواب والطريق , وإن جالسك كان نعم الجليس الصالح يمدك بالمعارف , ويحافظ على وقتك بما هو نافع , مزاياه أكثر من أن تعد قال تعالى :{ الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ}
والقسم الثاني : صديق الرخاء والسوء وهو من إذا رجا منك غرضاً أو حاجة كان لك الصديق الحميم , لسانه أحلى من العسل وقلبه قلب ذئب , يموه الحقائق فيقلب الحسن قبيحاً والقبيح حسناً , ويسير بك نحو الغواية والشقاية وهو متبرأ منك لا محالة , إن في الدنيا وإن في الأخرة , قال تعالى { وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً * يَا وَيْلَتِي لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً }
فاختر لنفسك ما تشاء إما عداوة براءة أو صداقة ملازمة ..
الثانية : وبكى إبليس !!
نعم بكى إبليس لما سمعها ويحق لك أن تأنس إذا سمعتها .. لكن قبل أن تستأنس بها وتطير فرحاً معها .. لا بد أن تأخذ على نفسك العهد – وهذا ديدنك – أن تعمل بها حتى تكون سعيداً ولا تفرط بما يسعدك ويسليك ... والآن جاء الموعد لتستمع لها .. قال تعالى : {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُوْلَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ}
القضية باختصار أخي الشاب قرار جرئ وشجاع تتخذه , وبعد ذلك يتغير مجرى حياتك تلقائياً , ويهون ما بعده فهل تعجز عن اتخاذ هذا القرار ؟ لا أخالك كذلك وأنت الشاب الجريء في حياتك كلها ..
إن الوقت المناسب لاتخاذ هذا القرار هو هذه اللحظة .. إن أي تأخير في اتخاذ القرار الذي تجدد به حياتك وتصلح به أعمالك يعني بقائك على الشقاء والظلام ..
إن هذا القرار نقلة كاملة من حياة إلى حياة من الظلام إلى النور من التعاسة إلى السعادة من الضيق إلى السعة .. فبادر باتخاذ قرار التوبة وبسرعة لتبكي إبليس وحزبه ..
الثالثة : رأس المال ...
إن رأس مال المسلم في هذه الحياة هو الوقت , والوقت أنفس من المال وأغلى , وإليك الدليل: ولو أن محتضراً وضع أمواله جميعاً ليزاد في عمره يوم واحد .. هل يحصل له ذلك التمديد وتلك الزيادة ؟
ويكون تنمية رأس المال بحفظه فيما ينفع من تلاوة القرآن وقراءة الكتب النافعة وزيادة الأخوة في الله وصونه عما يضر من الملاعب والملاهي ثم مراقبة الله تعالى في جميع المجالات والأزمنة والأمكنة فإن الله يراك ويسمعك ويعلم ما يكنه ضميرك وأنت مسئول عن وقتك في أي شيء قضيته والأوقات محدودة والأنفاس معدودة فاغتنم حياتك النفيسة واحتفظ بأوقاتك العزيزة فلا تضيعها بغير عمل ولا تفرط بساعات عمرك الذاهب بغير عوض فإنك محاسب عليها ومسئول عنها ومجازى على ما عملت فيها ...
الرابعة : كن مساهماً ...
طالب الدنيا يساهم في كل فرصة مواتيه ولو بالقليل ...
ولا شك أن المساهمة في مجال الخير وفي كل أبوابه فضل عظيم وأجر كبير بالكلمة والعمل والمال فإنك لا تدري بماذا يغفر لك ؟ وماذا يقبل منك ؟.. يقول الرسول صلى الله عليه وسلم " لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقي أخاك بوجه طلق " ( رواه مسلم ) ويقول " اتقوا النار ولو بشق تمرة "( رواه البخاري ومسلم ) ويقول :" إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالاً يرتفع بها درجات "
( رواه البخاري ).
الخامسة : نهاية المطاف ..
لعل خير ما نختم بها رسالتنا آية عظيمة تحكي رحلة .. وأي رحلة .. سفر وياله من سفر .. هي قوله تعالى : { كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنْ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ } نعم أخي .. إنها رحلتك إلى الدار الآخرة ..إنه السفر الذي نسأل الله أن تكون نهايته الجنة ..
منقول
"مانون" @quotmanonquot
عضوة جديدة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
حنونة23
•
موضوع رااااااااائع ... جزاك الله خير و جعله في ميزان حسناتك
الصفحة الأخيرة