تالا من مكة

تالا من مكة @tala_mn_mk

محررة برونزية

؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟***

الأدب النبطي والفصيح

ورقةصغيرة كُتبت بخطٍ غير واضح ، تمكنت من قراءتها بصعوبة بالغة ... مكتوببهافضيلة الشيخ : هل لديك قصة عن أصحاب أو أخوان ؟؟؟!... أثابك الله ...

كانت صيغة السؤال غير واضحة ، والخط غير جيد...

سألت صديقي : ماذا يقصد بهذا السؤال ؟وضعتها جانباً ، بعد أن قررت عدم قراءتها على الشيخ ...

ومضى الشيخ يتحدث في محاضرته والوقت يمضي ...

أذن المؤذن لصلاةالعشاء ...

توقفت المحاضرة ، وبعد الآذان عاد الشيخ يشرح للحاضرين ، طريقةتغسيل وتكفين الميت عملياً ...

وبعدها قمنا لآداء صلاة العشاء ...

وأثناء ذلك أعطيت أوراق الأسئلة للشيخ ومنحته تلك الورقة التي قررت أناستبعدها ، ظننت أن المحاضرة قد انتهت ...

وبعد الصلاة طلب الحضور من الشيخأن يجيب على الأسئلة ...

عاد يتحدث وعاد الناس يستمعون ...

ومضىالسؤال الأول والثاني والثالث ...

هممت بالخروج ، استوقفني صوت الشيخ وهويقرأ السؤال ...

قلت : لن يجيب فالسؤال غير واضح ...

لكن الشيخ صمتلحظة ثم عاد يتحدث ...

((
جاءني في يوم من الأيام جنازة لشاب لم يبلغالأربعين ، ومع الشاب مجموعة من أقاربه ، لفت انتباهي ، شاب في مثل سن الميت يبكيبحرقة ، شاركني الغسيل ، وهو بين خنين ونشيج وبكاء رهيب يحاول كتمانه ، أما دموعهفكانت تجري بلا انقطاع ...

وبين لحظةٍ وأخرى أصبره وأذكره بعظم أجر الصبر ...

ولسانه لايتوقف عن قول : إنا لله وإنا إليه راجعون ، لاحول ولاقوة إلابالله ...

هذه الكلمات كانت تريحني قليلاً ...

بكاؤه أفقدني التركيز، هتفت به بالشاب ...

-
إن الله أرحم بأخيك منك ، وعليك بالصبر

التفت نحوي وقال : إنه ليس أخيألجمتني المفاجأة ، مستحيل ، وهذاالبكاء وهذا النحيب

-
نعم إنه ليس أخي ، لكنه أغلى وأعز أليّ من أخي ...

سكتورحت أنظر إليه بتعجب ، بينما واصل حديثه ...

-
إنه صديقالطفولة ، زميل الدراسة ، نجلس معاً في الصف وفي ساحة المدرسة ، ونلعب سوياً فيالحارة ، تجمعنا براءة الأطفال مرحهم ولهوهم ...

-
كبرنا وكبرت العلاقةبيننا ، أصبحنا لا نفترق إلا دقائق معدودة ، ثم نعود لنلتقي ، تخرجنا من المرحلةالثانوية ثم الجامعة معاً ...

التحقنا بعمل واحد ...

تزوجنا أختين ،وسكنا في شقتين متقابلتين ...

رزقني الله بابن وبنت ، وهو أيضاً رُزق ببنتوابن ...

عشنا معاً أفراحنا وأحزاننا ، يزيد الفرح عندما يجمعنا ، وتنتهيالأحزان عندما نلتقي ...

اشتركنا في الطعام والشراب والسيارة ...

نذهب سوياً ونعود سوياً ...

واليوم ... توقفت الكلمة على شفتيهوأجهش بالبكاء ...

-
يا شيخ هل يوجد في الدنيا مثلنا؟؟ ...

خنقتنيالعبرة ، تذكرت أخي البعيد عني ، لا .. لا يوجد مثلكما ..

أخذت أردد ، سبحانالله ، سبحان الله ، وأبكي رثاء لحاله ...

أنتهيت من غسله ، وأقبل ذلك الشابيقبله ...

لقد كان المشهد مؤثراً ، فقد كان ينشق من شدة البكاء ، حتى ظننتأنه سيهلك في تلك اللحظة ...

راح يقبل وجهه ورأسه ، ويبلله بدموعه ...

أمسك به الحاضرون وأخرجوه لكي نصلي عليه ...

وبعد الصلاة توجهنابالجنازة إلى المقبرة ...

أما الشاب فقد أحاط به أقاربه ...

فكانتجنازة تحمل على الأكتاف ، وهو جنازة تدب على الأرض دبيباً ...

وعند القبروقف باكياً ، يسنده بعض أقاربه ...

سكن قليلاً ، وقام يدعو ، ويدعو ...

انصرف الجميع ...

عدت إلى المنزل وبي من الحزن العظيم ما لايعلمه إلاالله، وتقف عنده الكلمات عاجزة عن التعبير ...

وفي اليوم الثانيوبعد صلاة العصر ، حضرت جنازة لشاب ، أخذت اتأملها ، الوجه ليس غريب ، شعرت بأننيأعرفه ، ولكن أين شاهدته ...

نظرت إلى الأب المكلوم ، هذا الوجه أعرفه ...

تقاطر الدمع على خديه ، وانطلق الصوت حزيناً ...

يا شيخ لقد كانبالأمس مع صديقه ...

يا شيخ بالأمس كان يناول المقص والكفن ، يقلب صديقه ،يمسك بيده ، بالأمس كان يبكي فراق صديق طفولته وشبابه ، ثم انخرط في البكاء ...

انقشع الحجاب ، تذكرته ، تذكرت بكاءه ونحيبه ...

رددت بصوت مرتفع :كيف مات ؟

-
عرضت زوجته عليه الطعام ، فلم يقدر على تناوله ، قرر أن ينام ،وعند صلاة العصر جاءت لتوقظه فوجدته ، وهنا سكت الأب ومسح دمعاً تحدر على خديه ،رحمه الله لم يتحمل الصدمة في وفاة صديقه ، وأخذ يردد : إنا لله وإنا إليه راجعون ...

-
إنا لله وإنا إليه راجعون ، اصبر واحتسب ، اسأل الله أن يجمعه معرفيقه في الجنة ، يوم أن ينادي الجبار عز وجل : أين المتحابين فيِّ اليوم أظلهم فيظلي يوم لاظل إلا ظلي ...

قمت بتغسيله ، وتكفينه ، ثم صلينا عليه ...

توجهنا بالجنازة إلى القبر ، وهناك كانت المفاجأة ...

لقد وجدناالقبر المجاور لقبر صديقه فارغاً ...

قلت في نفسي مستحيل : منذ الأمس لم تأتجنازة ، لم يحدث هذا من قبل ...

أنزلناه في قبره ، وضعت يدي على الجدار الذييفصل بينهما ، وأنا أردد ، يالها من قصة عجيبة ، اجتمعا في الحياة صغاراً وكباراً ،وجمعت القبور بينهما أمواتاً ...

خرجتمن القبر ووقفت ادعو لهما : اللهم أغفرلهما وأرحمهما ، اللهم واجمع بينهما في جنات النعيم على سرر متقابلين ، في مقعد صدقعند مليك مقتدر ، ومسحت دمعة جرت ، ثم انطلقت أعزي أقاربهما ...))

انتهىالشيخ من الحديث ، وأنا واقف قد أصابني الذهول ، وتملكتني الدهشة ، لا إله إلاالله، سبحان الله ، وحمدت الله أن الورقة وصلت للشيخ وسمعت هذه القصة المثيرة ،والتي لو حدثني بها أحد لما صدقتها ...

وأخذت ادعو لهما بالرحمةوالمغفرة


منقوووول
2
716

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

ابنت عمر
ابنت عمر
جزاك الله خير قصة مؤثره

ترى هل يوجد اخون مثلهم في هذه الدنيا؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
موجه خضراء
موجه خضراء
سبحاااااااان الله
قصه فيها الكثير من الفاتده والعبره