الملتقى العام



.
.
.
كانت بغدادُ أُمَّ الدنيا..
وكانت بغدادُ قَصَبَةَ الأَرض..
وكانت بغدادُ مَثابةَ العِلم والفَن والذَّهب والجَمال.. تلتقي كلُّها فيه وتنتهي إليه، كما تنتهي مياهُ الجَداوِل إلى سِيفِ البَحر..
لم تَجمَع بَلدٌ ما جَمَعَت بَغدادُ من ثَمراتِ العقل المُفَكر واليدِ المُبدِعة وما يَصنع المالُ وتَعمل القُوةُ وتأتي به الحَضارة..
فلم تكن إلا كَرَّةً واحِدة.. فإذا عِمرانُ بَغدادَ خَرابٌ..
وأُنسُها وِحشَة..
وجَمالها تشويهٌ..
وكُتُبها التي أُودِعَت حصادَ العقولِ وثَمراتَ القرائِح.. تُلقَى في دِجلةَ حتى يُسَوِّدَ حِبرُها ماءَ دِجلة..
سقَطت بغدادُ.. وانكَسر السَّد.. فانطلق السَّيلُ.. وساحَ في كُل وادٍ.. وانبَعثت النارُ.. وامتدَّت ألسِنَتُها تضرِبها الرياحُ الأربعُ فتَسوقُها إلى كل مكان..
وخرجَ يأجوجُ ومأجُوج.. وذهبوا يُفسِدون في الأرض..
وانبَعثَت جُيوشُ هُولاكو كالجَراد يأكلُ الأخضرَ واليابِس، يأكل المُدن والأمجادَ والحَضاراتِ..
فَمَنذا يُوقِفُ السَّيلَ بَعدما اجتاحَ المَشرِقَ كُلَّه والعِراقَ والشَّام ؟
مَنذا يُطفِئ النارَ وقد أَكلَت بغدادَ أمَّ الدنيا ؟
مَنذا يَرُدُّ يأجوجَ ومأجوجَ بعدما انتَشَروا في الأرض ؟
أيُّ جَيشٍ يَقِفُ أَمامَ جُندِ هولاكو بعدما تمزَّق جيشُ الخِلافة، وهَوَت راياتُه، ودِيسَت أعلامُه ؟
لم يبقَ من دُنيا الإسلامِ إلا مِصرُ.. فهَل تقدرُ مصرُ على ما عجَزت عنه دنيا الإسلامِ كلُّها من أقصى خُراسانَ إلى أدنى الشَّام.. ؟
.
.

.
رجال من التاريخ / لعلي الطنطاوي
ص280-281

.
7
849

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

ام عبدالملك وعزام
أسأل الله أن يرد لها عزتها والأمة الإسلامية جميعا
~ كـنــوووزة ~
~ كـنــوووزة ~
:
اليوم يومان ذا امن وذا خطر..............والعيش عيشان ذا صفو وذا كدر
اما تري البحر تعلوا فوقه جيف................وتستقر بأقصي قاعه الدرر
وفي السماء نجوم لا عداد لها..............ولا يكسف لا الشمس والقمر


Les
Les
علي الطنطاوي رحمه الله له كتاب جميل عن بغداد من ذكرياته ايام عمله كمدرس هناك. مقدمة الكتاب رائعة على اقل وصف، تحلقون على بساط الريح بينما يسطر لكم الشيخ رحمه الله بناء بغداد و احوالها على مر العصور.
راقية الفكر
راقية الفكر
بوركتم
راقية الفكر
راقية الفكر
اللهم اعد للعراق العظيم مجده وسؤدده