زائرة
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة، حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء) رواه مسلم.
والأحاديث كثيرة جداً عن النبي صلى الله عليه وسلم، من ذلك ما جاء عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (اتقوا الظلم).
فلابد أن نتقي الظلم، ولابد أن نعرف هذا الظلم؛ لأن الإنسان قد يقع في الظلم وهو لا يدري، فقد يظلم نفسه فيشرك بالله عز وجل، أو يرائي بعمله، وقد يظلم غيره بأن يأخذ ماله أو يغتابه في عرضه، أو يسفك دمه.
فقوله صلى الله عليه وسلم: (اتقوا الظلم)، يعني: اجعلوا وقاية بينكم وبين الظلم، وحاجزاً بينكم وبين الظلم؛ (فإن الظلم ظلمات يوم القيامة) فيوم القيامة لا يزداد إلا ظلمات.
فهو يوم فظيع شديد، وكل شيء قائم بين يدي الله سبحانه وتعالى، فهو يوم الحاقة الذي يحق الله به الحق، وهو يوم الصاخة، أي: الفزع الأكبر، وهو يوم العرض على الله تبارك وتعالى، وهو يوم الصيحة الهائلة التي تصم الآذان في يوم فظيع ورهيب.
وهو يوم يحاسب فيه الإنسان على كل ما عمل في الدنيا، يعرف طريقه أمامه، ويقال للناس: اعبروا الصراط، وهو مكان مظلم، ويكون العبور بحسب النور الذي يعطاه الإنسان، ومن أجل أن يعبر هذا الصراط لابد من أن يمر في ظلمات يوم القيامة، وهنا يأتي ظلم الإنسان فيطفئ له كل أنواره، فلا يرى شيئاً، ولا أحد ينتفع بنور صاحبه.
إن الإنسان المؤمن الذي يكون نوره أمامه عظيماً جليلاً فإنه وحده الذي ينتفع بنوره، وليس غيره من أهل الظلم.
ويقول صلى الله عليه وسلم في نهاية الحديث: (واتقوا الشح)، لأن الشح وسيلة لأن يقع المرء في الظلم، وصحيح أن الله عز وجل قال: {وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ} ، فنفس كل مخلوق فيها شح بحسبها، ولكن ربنا سبحانه وتعالى أمرنا أن نقاوم هذا الشح.
والشح: أشد البخل؛ لأن بخل الإنسان وشحه دفع الناس إلى أن سفكوا الدماء، واستحلوا المحارم، وذلك لأن كل أحد يريد الحاجة لنفسه ولا يريد غيره أن يستمتع بها، فمع شحهم سفكوا دماءهم؛ لأن كل واحد يقول: حقي، من غير نظر هل هو حقه فعلاً أو ليس حقه؟ فسفكوا الدماء، واستحلوا الحرمات.
فالظالم ليس له حميم، والحميم: القريب الذي يحبه ويشفق عليه، فلن يجد له أحداً يحبه، ولا يشفق عليه يوم القيامة، يوم تجد كل إنسان يقول: نفسي نفسي! حتى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام يقولون: (نفسي نفسي! إن الله قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله).
يقولها كل الأنبياء بلا استثناء ما عدا نبينا صلوات الله وسلامه عليه، فهو الذي يقول: يا رب! أمتي أمتي، صلوات الله وسلامه عليه، بل إذا كان الإنسان يوم القيامة يفر من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه، فكيف بالظالم؟ قال تعالى: {يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ} .
يتمنى أن يفتدي المجرم بابنه ويسلم هو من العذاب يقول: خذوا ابني إلى العذاب وأنا أفلت، فهنا الظالم يوم القيامة لا شيء ينفعه، كما قال سبحانه: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ} .
يعني: ليس لهم شفعاء، ولو فرض أن هناك شفيعاً يشفع لهذا الظالم فلن يطاع في ذلك، ولن يستجاب لهذا الشفيع في هذا الظالم، فمن يرضى لنفسه أن يكون حاله يوم القيامة أنه لا أحد يشفع له، لو شفع له أحد لقال له ربنا سبحانه وتعالى: لا تنفعه شفاعة الشافعين.
فعلى الإنسان أن ينظر ما الذي صنع هؤلاء الظلمة ويتجنبه في الدنيا قبل حساب يوم القيامة؛ لأنه: {وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ} ، وكذلك يقول لنا ربنا سبحانه: (إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً).
وقال تعالى: {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ} .
وقال تعالى: {وَلَكِنْ كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} .
-------
ص3ص4 - كتاب شرح رياض الصالحين حطيبة - الظلم ظلمات يوم القيامة،ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع - المكتبة الشاملة الحديثة
0
312
هذا الموضوع مغلق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️