

لقد حرص الإسلام على إقامة العلاقات الودية بين الأفراد والجماعات المسلمة.. ودعم هذه الصلات الأخوية بين القبائل والشعوب.. وجعل الأساس لذلك أخوة الإيمان.. لا نعرة الجاهلية ولا العصبيات القبلية..
ورسولنا أقام الدليل القاطع على حقيقة الأخوة الإيمانية وتقديمها على كل أمر من الأمور الأخرى.. فها هو رسول الله يؤاخي بين المهاجرين والأنصار.. وبين الأوس والخزرج.. وأخذ ينمي هذه الأخوة ويدعمها بأقوال وأفعال منه تؤكد هذه الحقيقة الغالية ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)) .
ღღღ
وقوله : ((مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)) . إلى غير ذلك من الأحاديث التي تقوي هذه الرابطة..
قال الله عز وجل :

من هنا..كان مقياس التفاضل هو التقوى ..التقوى فقط..
لا ينفعنا ان نكون من بلد معين..او منطقة معينة..
انما تنفعنا التقوى والعمل الصالح.... وهي الميزان الحقيقي للتفاضل..

قال الرسول عليه افضل الصلاة والسلام :
"الناس سواسية كأسنان المشط "..

لكننا اصبحنا وللاسف الشديد..نسمع بين الحين والآخر من يتفاخرون ويتعصبون لانسابهم أوعشائرهم ..أو بلدانهم..ونسمع من ذلك ونلمس ما يزكم الأنوف !!
وامتد الامر ليصل..ليس فقط الى تفاخر ابناء البلد الواحد ببلدهم..بل الى احتقارهم واستصغارهم لأبناء البلدان الأخرى..وكأنهم يزيدون عنهم يدا..أو قدما !!
فاصبحت العصبية القبلية..بصورة اخرى مستحدثة..لا تقل نتانة..وقتامة..وسوءا..عن صورتها في الجاهلية..بل هي الجاهلية بعينها...
اصبح لا يكاد يمر يوم دون ان نعدل ردا لهذه..لتطاولها على أبناء بلد معين..
او نحذف ردا لتلك..لوصفها البغيض لبلد آخر..!!
او نتقطع ألما..للكره الواضح بين بنات بلدين معينين..
وكأن بعض العضوات هداهن الله يعشن في صراع أزلي لاثبات من الافضل..والتقليل من شأن الآخر!!
والأغرب انه ما أن يتم ذكر بلد معين في أمر ما..حتى وان كان الموضوع بعيدا كل البعد عن التقليل من شأنها..الا ونجد ردودا يندى لها الجبين..وكأن البعض تخلى عن اسلامه..واخلاقياته..ليدخل في معمعة الجدل الممقوت..والآثام الجارية بما خطته أيديهم..!
اصبح الامرحربا لا تقبل بالخسائر..ونسوا انهم بهذه الحرب لا يقتلون الا المبادئ والاخلاقيات الاسلامية !!

والامر الأقسى والأشد..أن تعدى الامر أبناء العروبة..
فاصبح الشتم والسب او الاستصغار لشعوب كاااملة..مسلمة..موحدة..
فقط لانهم وجدوا فيها بعض النماذج التي حادت عن الطريق الصحيح..!!
أنأخذ الكل بذنب البعض ؟؟!!فهذه تشتم كل الاندونيسيات ..وتلك تستصغر الهنديات..او الفلبينيات..او او..النماذج اكبر من ان احصيها !!
فهل انت مستعدة اختي الغالية لتنالي اثم كل من شملتها عصبيتك المقيتة دون وجه حق؟؟
وما أصابني بالذهول..هو استصغار بعض الكبائر..فقط لأنها صدرت من أبناء بلد معين..طبعا في عيون اهل هذا البلد..
وكأن أبناء هذه البلد قد رُفع عنهم القلم !!
وترفع العضوة المستميتة في الدفاع شعار..أنا معهم حتى وان خالفوا الشريعة الاسلامية..!
عجبا..
أين الثورة للاسلام..؟؟
أين الحمية لتطبيق شرائع الله عزوجل..؟؟
هل أخذتنا حميتنا للبلد..وللعرق..وأنستنا انتماءنا الاكبر..انتماءنا لاسلامنا..؟؟
ღღღ
هل سنجد الرد على رب العزة يوم الحساب الاعظم..عندما نجد صحيفتنا وقد خط فيها ذودنا بكل ما أوتينا من قوة عن عمل لا يرضاه الله ولا رسوله..لمجرد انه صدر عن أبناء بلدنا الحبيب؟؟!!
ومن ثم..فلا بد من البحث عن اخطاء لابناء البلد الذي وجه هذا الاتهام..عن طريق الموضوع..حتى تتعادل الكفة!!
أهذا هو الحل..؟؟
أبهذا دافعت عن الاسلام..ورفعت شأنه..يا حفيدة خديجة وعائشة ؟؟
أستكثرت حتى انكار المنكر في قلبك..او بلسانك..ان لم تستطيعي تغييره بيدك؟!
لماذا هذه الصرخات..وهذه المهاترات؟؟
لماذا هذه التفرقة بين أبناء الاسلام..؟؟
لماذا تُثار الآن بعدما وحّدنا الإسلام ثم اجتمعنا تحت راية لا إله إلا الله محمد رسول الله ؟
هل يؤمن هؤلاء حقاً بمبدأ (إن أكرمكم عند الله أتقاكم )؟؟
الله أعلم بما في قلوبهم..
أنا أعرف أن الناس معادن خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقِهوا..

.
وعن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"تجدون الناس معادن"...
لكن أن نسلم ديننا ومبادئنا ووحدتنا واجتماع شملنا إلى أفكار غبية ارادت ان تبث الفرقة بيننا..وأن تقطع اوصالنا..لتنفذ مآربها الخبيثة الدنيئة في ارض الاسلام والعروبة على وجه الخصوص..
فهذا أمر خطير.. جد خطير.
سمع رسول الله رجلين يفتخران بالقبيلة على حساب القبيلة الأخرى فقال:
من أشد الحرام أن نربي أجيالنا على بقايا النعرات الجاهلية.. ومن أعظم المنكر أن نسعى في هدم كيان الدولة المسلمة بمعاول الهدم والتفرقة..
عيب علينا أن نفرّق الصف بالفخر بالبلد والحسب والنسب والتعريض بالبلدان الاخرى..
ღღღ
ماذا نفع أبا لهب الهاشمي القرشي نسبه؟
وماذا ضرَّ بلال بن رباح المولى الأسود الحبشي نسبه ؟
أيها الاعضاء والعضوات الكرام:
احترموا أنفسكم.. ارفعوا رؤوسكم.. طهِّروا ألسنتكم..
نحن أمة واحدة.. ربنا واحد.. ورسولنا واحد.. وديننا واحد.. وقبلتنا واحدة.. فلماذا التفرقة والعنصرية والدعوة الجاهلية وبث بذور الفرقة والفتنة؟؟
هل تعلمين أيتها الاخت الفاضلة..أن أبي وأباك إمام الحنفاء ابراهيم عليه السلام ..
والذي قد تزوج بزوجتين أمة.. وحرة ..
فكان من سلالة الحرة يعقوب عليه السلام الذي من سلالته بنو إسرائيل إخوان القردة والخنازير ..
إما سلالة الأمة فهو إسماعيل عليه السلام الذي من سلالته أفضل الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم ..
فخارنا برسول الله يكفينا ... عن كل فخر وأن الأنبياء فينا
نحن كلنا من سلالة أمة..كرمها الله تعالى بأن جعل من نسلها اسماعيل عليه السلام..جد افضل الخلق محمد صلى الله عليه وسلم..
قال النبي صلى الله عليه وسلم : " أول من فتق لسانه بالعربية المبينة إسماعيل وهو ابن أربع عشرة سنة " رواه الزبير بن بكار في النسب من حديث علي بإسناد حسن و أخرجه السيوطي في الجامع الصغير وقال الالباني عنه هو حديث صحيح..
فلماذا نتناسى ذلك..؟
إن من ينادي بهذه العصبية الجاهلية ..والتفرقة بين المسلمين..بحدود وضعها الغرب وحده..متناسيا أننا ابناء وطن كبير..أكبر بكثير من حدود جغرافية مقيتة..
لا بد انه قد شعر بالنقص والدونية ولا أدل علي ذلك من فعل إبليس حيث افتخر بالطين على الدين فقال :
"أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين"
استوقفتني كثيرا هذه القصة ..
جاء قاضي - ولاية مرو - الي جاره المجوسي يستشيره عن زواج ابنته فرد المجوسي وقال : سبحان الله تستشيرك الناس وتستشيرني فقال القاضي : لابد من الاستشارة فقال المجوسي : اما الروم فيختارون صاحب الجمال واما نحن الفرس فنختار صاحب المال واما رئيس العرب فيختار صاحب النسب واما نبيكم محمد فيختار الدين ..
التفاضل يشمل كل ما يتفاضل به بين البشر سواء بالعرق أواللون أوالنسب أوالجنسية وخلافه إلى أحقر المهاترات التي نشأت في نفوس بعض القوم ...
كلها تصب بخندق واحد ألا وهو التعصب المقيت ....
وورد في الصحيح أيضاً :
"ان خصومة وقعت بين أبي ذر الصحابي الجليل وبلال الحبشي رضي الله عنهما فقال أبو ذر لبلال : يا أبن السوداء..
فأخبر بلال النبي صلى الله عليه وسلم فاستدعى النبي صلى الله عليه وسلم : أبا ذر وقال له : أعيرته بأمه ؟ فأقر بذلك . فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : "إنك امرء فيك جاهلية"
ღღღ
وقد قيل أن أبا ذر ذهب لبلال وقال له بعد أن وضع خده على التراب قال لبلال :
ضع قدمك على خديي أراد أبو ذر أن يجتث هذه الجاهلية من جذورها فقال بلال:
ما كان لبلال أن يضع قدمه على جبين سجد لله سجدة ...
نعم هكذا كان العظماء هكذا كان الأتقيا النجباء الذين يذيبون كل نزوة وهوى في سبيل الوصول إلى الحق...
حبيبتي
ان الصحابة الكرام الذين فتحوا مشارق الأرض ومغاربها كان فيهم :
" الرومي - والحبشي- والفارسي .. الخ "
والجهابذة الأبرار والأئمة الأخيار كان فيهم :
" البخاري - ومسلم، - و النسائي - والترمذي - وابن تيمية - والشنقيطي- وابن القيم .. الخ "