
بثت قناة «ام بي سي» حلقة من مسلسل «طاش ما طاش» قبل يومين، والحلقة كانت تهزأ برجال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في السعودية، وتقدم صورا ساخرة جداً عن المتدينين، وموقفهم من المرأة.
من المشاهد اجتماعات لأناس في منطقة محلية، يطالبون بفصل النساء عن الرجال، ويقترحون وضع النساء في جنوب البلدة، والرجال في شمالها، وفي مشهد آخر يقررون فصل النساء كليا ووضعهن كليا في منطقة عازلة ومعزولة، وعلى الرجل الذي يريد زوجته ان يقف في طابور كبير ليدخل الى الخلوة الشرعية، والمشهد ذاته مهين جدا.
في مشهد آخر يتم رسم صورة متخلفة لرجال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فهم مجرد رجال يلبسون دشاديش، ويحملون خيزرانات ويدورون في الشوارع للحث على الفضيلة، ولا يخلو الأمر من شعور كبير بالكراهية تجاه المرأة، في الوقت الذي يغمز بعضهم، الجميلات، عارضين عليهن الزواج.
سياسات محطة «ام بي سي» واخواتها، واضحة كما الشمس إذ يراد تقديم نموذج رجال الدعوة او الامر بالمعروف والنهي عن المنكر من زاوية ساخرة سلبية مهينة، وفي الوقت الذي تعاني فيه دول عربية من نتائج الاختلاط والفساد اليومي، يتم الاستهزاء بالضوابط الشرعية، والسعي لتحطيمها، عبر تقديم صورة سلبية لرجال الدين، مع اعترافنا هنا ان لهم اخطاء لكن لا يجوز سحبها لتحطيم صورة رجل الدين.
كنا سنقف عند ما تقوله مسلسلات «ام بي سي» لو كانت بقية قنواتها عفيفة، لكننا نلاحظ ان كل خط المحطة واخواتها يسعى لتجاوز الدين بخاصة في المجتمعات العربية المحافظة، والمتابع لما تبثه هذه القنوات احيانا، يكتشف ببساطة ان جرعات الجنس والتعري والمخدرات وشرعنة الزنى، وادخال الفساد الى البيوت، ارتفعت بشكل كبير جدا.
هذه الجرعات التي كانت تقدم في وقت متأخر ليلا، باتت تبث طوال النهار، صباحا وظهرا وعصرا، من اجل الوصول الى كل الفئات، وهذا نهج فاضح ومكشوف، يتم فوقه دبلجة المسلسلات التركية، التي تتحدث عن قصص غرام قذرة، للقول للمجتمع المسلم ان هذا نموذج لمجتمع مسلم، أي التركي يعيش هذه الاشياء بشكل طبيعي وعليكم ان تتأثروا بها.
لو كانت بقية قنوات الـ «أم بي سي» لا تمارس دورا مفضوحا بتحطيم الدين والبيوت ودس الخراب الأخلاقي في المجتمع العربي، لوقفنا قليلا عند فكرة مسلسل «طاش ماطاش» لكنه جهد متكامل يراد منه نزع القالب الديني عن المجتمعات العربية، وتقديم صورة هازئة بالقيمة الاخلاقية التي لا يختلف عليها حتى أي دين في هذه الدنيا، وهذه مفارقة، لأن ما يبحثون عنه ادى الى دمار مجتمعات عربية كاملة ونخرها بالفساد والانحلال والتحرر والاتصال غير المحسوب بين الجنسين، وهم يريدون نسخ ذات التجربة عبر الوصول الى مجتمعات عربية مقصودة بحد ذاتها وتحطيمها من داخل بيوتها.
والأنكى من ذلك ان هذا المستوى المنحط من الرسالة الاعلامية في الافلام والمسلسلات المترجمة والمدبلجة والعربية، يراد منه الدخول الى البيوت التي لا قنوات اجنبية فاضحة فيها، وكأن منع العربي لدخول قنوات اقمار غربية الى بيته، تم الالتفاف عليه، عبر الدخول بلسان عربي، وقنوات عربية، تؤدي ذات المهمة، وبطريقة اشد خطرا لأن لا أحد يقاومها ولا أحد يمنعها، هذا مع تذكرنا للافكار التي تبثها قناة العربية سياسيا، وما يراد عبرها من تغيير على مستويات كثيرة.
مثير جدا هذا الدس، فالأب العربي غيور وحساس، ويمنع بث القنوات الاجنبية الفاضحة في بيته، وينام طوال يومه، مطمئنا، متناسيا ان خطر معظم القنوات العربية بات ابشع، ولنا في نماذج لقنوات لبنانية قياس آخر، اذ تقدم برامج فاضحة، وبرامج للنكات الجنسية يرويها ذكور واناث، والهدف النهائي، واحد، طق عرق الحياء، وتغريب المجتمعات، بحيث يصير همها فقط شهواتها والغرام والمحرمات، وبحيث تصبح مجتمعات بلا قيم ولا أخلاق ولا شرف، وبهذه الحالة يتم اسقاط المجتمعات من الداخل، في حرب بطيئة لا يعلم نتائجها الا الله.
فضائح ومهازل تمر كالسم كل يوم الى العصب العام.
التاريخ : 09-03-2012