o0o والنّهَايَةُ انتِــ ؟ ـــارٌ !! o0o

الأسرة والمجتمع

قصة قصيرة,, من إبــــداع الكاتب..( الأميـــن العام)

من كتاب الساحة العربية..




فَوضَى ، فَوضَى ، كُلّ شئٍ مقلوبٌ رأساً على عَقِب ، ملابِسُهُ ، دولابُهُ ، دَفاتِرُهُ ، وما تَبَقّى ممّا كانَ يُسَمّى كُتُبَهُ الجامِعيّةِ ، لم يَبقَ في غُرفَتِهِ القَابِعَةِ في الطّابِقِ الخَامِس مُتّسعٌ لشَئ ، إلا جزءٌ مِن سَريرِهِ يُلقِي عَليهِ جَسَدهُ النّحيلَ ، حيثُ يَقضِي جُلّ سَاعَاتِ لَيْلِهِ وَنَهارِه ، وَلَمْ يَنْجُ شئٌ مِنَ هذهِ الفَوضَى سِوى عَقاربِ السّاعَةِ الحَائطيّةِ ، التي لَم تَكَد تُعلِنُ بِصَمتٍ حُلولَ السّابِعَةِ مَساءً ، حَتّى انطَلَقَ رَنينُ جِهَازِهِ الجَوّالِ بِنَغمَةٍ مُوسِيقيّةٍ فَوضَوَيّةٍ هيَ الأخرى !!

نَظَرَ في شَاشَةِ الجَوّالِ ، والكآبةُ تَعلُو مُحيّاه ، بَلْ تُحيطُ بِهِ مِن كلّ نَاحِيَةٍ ، ثمّ ردّ بِنَبرَةٍ مُتَضَجّرَةٍ :

- قُلتُ لَكَ لاَ أُرِيدُ الحُضُورَ اللّيلَةَ .

- لِمَاذَا ؟ لَقَد وَعَدتَنِي ، وَكُلّ شَئٍ جَاهِزٌ !!

- لِلمَرّةِ العَاشِرَةِ أقولُ لكَ لاَ أُريدُ الحُضُورَ ، أنَا مُتعَبٌ نَفسِيّا إلى أبعَدِ دَرَجَةٍ .

- تَعَالَ يَا " بُوحميْد " وَرَوّحْ عَنْ نَفسِكَ المُتعَبَةَ ، كَأسٌ وَاحِدَةٌ سَوفَ تُنسِيكَ كُلّ آلاَمِكَ وَمَتَاعِبِكَ !

- لاَ أُرِيدُ كَأساً وَلا قَدَحاً ، لَقَدْ سَئِمتُ الحَيَاةَ ، سَئِمتُ كُلّ شَئٍ !!

- ( يَضْحَكُ ) مِنْ كُلّ شَئٍ ؟؟ حَتّى ........؟

أَغلَقَ سَمّاعَةَ الهَاتِفِ بِقُوّةٍ ، وَصَوّبَ نَظرَةً حَادّةً نَحوَ النّافِذَةِ وَتَمتَمَ :

لَعنَةُ اللهِ عَلَيكُمْ وَعَلى الخَمرِ والشّرَابِ والمُخدّرَاتِ والـ .... ثمّ انخَرطَ فِي بُكاءٍ شَدِيدٍ !

أفَاقَ مِنْ نَوبَةِ البُكَاءِ الطّوِيلَةِ ، وَتَنَاولَ كَبسُولةً مِنْ عِلاجِهِ النّفسيّ المُهَدّئ ، ثمّ قَامَ نَحوَ النّافِذةِ ، وأطلّ مِنْهَا عَلى الشّارِعِ الرّئيسي المُزدَحِم بالسيّارَاتِ والمَارّةِ ، خُيّلَ إليهِ وَهُوَ يتَأمّلُ النّاسَ تَحتَهُ ، كأنّه حيٌ يَعيشُ جَوفَ ثَلاثَةِ قُبُورٍ ، قَبرِ حيَاتِهِ الكَئِيبَةِ المُظلِمَةِ ، وقَبرِ غُرفَتِهِ المُوحِشةِ ، وقَبرِ صَدرِهِ المُشتَمِلِ عَلى جُثّةِ قَلبِهِ المَيّت !!

قَالَ فِي نَفسِهِ : لاَ بدّ أنْ أضَعَ حدّاً لِهذَا الجَحِيمِ !

الحَيَاةُ هَكذَا لاَ قِيمَةَ لَهَا !!

لِمَاذا أعيشُ ؟؟ لمَاذا ؟؟

تَاَمّلَ طَوِيلاً ، ثُمّ عَادَ أدرَاجَهُ ، وَانتَزَعَ وَرَقَةً مِنْ أحَدِ دَفَاتِرِه المُتَنَاثِرَةِ ، بَحثَ عَن قَلَمٍ ، ثمّ كَتَبَ :

" فِي تَمامِ الثّالِثَةِ بَعدَ مُنتَصَفِ لَيْلَةَ السّابِعِ مِن يُوليُو عَامَ 2001 م كَانَتْ النّهَايةْ "

وَمَرّتِ الدّقائقُ والسّاعاتُ سِرَاعاً ، طُوفَانٌ مِنَ الحَيرَةِ ، وَزلاَزِلُ مِنَ التّرَدّدِ ، وَنَفسُهُ بَينَ إقدَامٍ وإحجَامٍ ، ومَدٍّ وجَزرٍ ، وَقَلبُهُ مَشدُوهٌ مُضطَربٌ كَمَيّتٍ بُعثَ مِنْ قَبرِهِ ، حتّى اقتَرَبَت السّاعةُ المَوعُودَةُ ، وحَانَ مَوعِدُ التّنْفِيذِ ، فَأرَادَ أنْ يَكونَ آخِرَ عَهدِهِ بالحَيَاةِ المُوحِشَةِ وَهُوَ عَلَى طَهَارةٍ ، فَرُبّمَا تَجاوَزَ اللهُ عَنهُ إذا قَدِمَ إليهِ وَهوَ طَاهِرٌ !

دَخَلَ إلى الحمّامِ وَتَوَضّأ ، ثمّ أقبَلَ يَتَهَادَى إلى النّافِذةِ ، وَقَلبُهُ يَكَادُ يَقفِزُ مِنْ بَينِ أضلاَعِهِ ، وَلَم يَبقَ فِي جِسْمِهِ شَعرَةٌ إلا وَقَفَتْ ، ولُبّهُ مَشغُولٌ كَيفَ سَتَكُونُ اللَحَظَاتُ القَادِمَةُ ؟ ومَاذا سَيَحصُلُ لهُ ؟ وَكَيفَ سَيَقدُمُ عَلى رَبّهِ بكلّ تِلكَ المُوبِقَاتِ ؟؟

تَسمّرَت قَدَماهُ عَلى بُعدِ مِترٍ واحدٍ فَقَط مِن النّافذةِ ، التي هَبّتْ عَبرَها نَسمَةُ هَواءٍ باردَةٍ ، استَعَارَ شَيْئاً مِنْهَا لِرئتَيهِ ، ثمّ ... ألقَى بِنَفسِهِ ..

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

سَاجِداً بَينَ يَدَيِ الغَفُورِ الرّحِيمِ ، وَبكَى بُكاءً أشدّ بِكَثِيرٍ مِنْ بُكَاءِهِ الأوّل ، وَلَكنّهُ يَختَلِفُ عَنْهُ تَمَامَاً ، فَذّاكَ كَانَ بُكَاءُ الضّيَاعِ أمامَ المأساةِ ، أمّا َهَذَا فبُكاءُ التّعَلّقِ بِمَن يُجيبُ دَعوةَ المُضطَرّ إذا دَعَاهُ ويَكشِفُ السّوءَ ، ثمّ قالَ :

" اللهمّ إنّي عَبدُكَ ابنُ عَبدِكَ ابنُ أمَتك ، نَاصِيَتي بِيَدِكَ ، مَاضٍ فيّ حُكمكَ ، عَدْلٌ فيّ قضاؤك ، أسألكَ بِكلّ اسمٍ هُوَ لَكَ سَمّيتَ بهِ نَفسَكَ ، أو عَلمتَهُ أحَداً مِنْ خَلقِكَ ، أوْ أنزَلتَهُ فِي كِتَابِكَ ، أوْ استَأثَرتَ بِهِ فِي عِلمِ الغَيبِ عِندَكَ ، أن تَجْعَل القرآنَ ربيعَ قَلبيْ ، وَنورَ صَدرِيْ ، وَجَلاَءَ حُزنِيْ ، وَذَهَابَ هَمِّيْ "

وَكانتِ النّهَايةُ " انتِـصَـارٌ " !!
9
760

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

Nana 87
Nana 87
ناصر بن جلوي..

بالنسبة لي.. أرى الخط مناسب جدا..

شكرا لمروركم..
wahm
wahm
ارك الله فيكي حبيبتي قصة حلوة
مثايل95
مثايل95
جزاكي الله خير على النقل
حبيبة أبوها
حبيبة أبوها
بارك الله فيك
Nana 87
Nana 87
سوبر موديل..

يــــــ,,,ـــــلموو عــ المرور .. :)