
منا من أحد إلى تمر عليه المصائب أو يطالنا حزنها إما على فقد حبيب أو مال أو غيرهم مما ينسج الهم على القلب وتدمع العين ألماً وكدرا...
لهذا اخترت لكم من كلام ابن قيم الجوزية عن ( إطفاء نار المصيبة وحزنها ) لعله تجبر به قلوب قد ملأها الحزن والأسى .
ولأن الموضوع طويل جزأته لإجزاء

في هديه صلى الله عليه وسلم في علاج حر المصيبة وحزنها
قال تعالى : { وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ،،الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ ،، أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ }
وفي المسند عنه صلى الله عليه وسلم قال : ( مامن أحدٍ تصيبه مصيبة فيقول : إنا لله وإنا إليه راجعون . اللهم أجُرْنِـي في مصيبتي ، واخلف لي خيراً منها ، إلا أجاره الله في مصيبته ، وأخلف له خيراً منها ) " رواه مسلم
عظم هذه الكلمة
وهذه الكلمة من أبلغ علاج المصاب ، وأنفعه في عاجلته وآجلته ، فإنها تتضمن أصلين عظيمين إذا تحقق العبد بمعرفتها تسلى عن مصيبته .
" أحدهما : أن العبد وأهله وماله ملك لله عز وجل حقيقة ، وقد جعله عند العبد عاريةً ، فإذا أخذه منه فهو كالمعير يأخذ متاعه من المستعير ، وأيضاً فإنه محفوف بعدمين :
عدمٍ قبله ، وعدم بعده ، وملك العبد له متعة معارة في زمن يسير ، وأيضاً فإنه ليس الذي أوجده عن عدمه ، حتى يكون ملكه حقيقة ، ولا و الذي يحفظه من الآفات بعد وجوده ، ولا يبقى عليه وجوده ، فليس له تأثير ولا ملك حقيقي ، وأيضاً متصرف فيه بالأمر تصرف العبد المأمور المنهي ، لا تصرف الملاك ولهذا لايباح له من التصرفات فيه إلا ما وافق أمر مالكه الحقيقي .
" والثاني : أن مصير العبد ومرجعه إلى الله مولاه الحق ، ولا بد أن يخلف الدنيا وراء ظهره ، ويجيء ربّه فرداً كما خلقه أول مرة بلا أهل ولا مالٍ ولا عشيرة ، ولكن بالحسنات والسيئات ، فإذا كانت بداية العبد وما خوله ونهايته فكيف يفرح بموجود أو يأسى على مفقود ؟
ففكره في مبدئة ومعاده من أعظم علاج هذا الداء

الإيمان بالقدر
ومن علاجه : أن يعلم علم اليقين أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه ، قال تعالى : {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ،، لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ } الحديد 22.23

النظر إلى ما أبقى الله عليه من النعم
ومن علاجه : أن ينظر إلى ما أصيب به ، فيجد ربه قد أبقى عليه مثله أو أفضل منه ، وادّخر له - إن صبر ورضي - ماهو أعظم من فوات تلك المصيبة بأضعاف مضاعفة وأنه لو شاء لجعلها مما هي عليه .

يتبع بإذن الله