بسم الله الرحمن الرحيم
* منذ أمد غير قصير لا حظ العلماء أن هذا الوجود يقوم على نوع من ( الزوجية ) التي من خلال تفاعل طرفيها تنتج الحركة ، وتدب الحياة ، ويتغير الوجود .. وصدق الله العظيم الذي يبين هذه الحقيقة الكونية في محكم تنزيله فيقول : (( ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكّرون )) الذاريات 49 .
- ففي الذرات ، وهي اللبنات التي يبنى منها كل هذا الوجود ، نجد : البروتون الموجب والإلكترون السالب .. اللذين من تجاذبهما ، وشوق أحدهما إلى الآخر تتكون الذرة ، وتأخذ صفاتها ودورها ومكانتها في هذا الوجود .
- وفي النباتات نجد : الذكر والأنثى .. اللذين من تلاحقهما تزهر الأرض ، وينتج الثمر ، وتنتشر الخضرة والنضارة ..
- وفي الحيوانات كذلك نجد : الذكر والأنثى .. اللذين من تزاوجهما تنسل الحياة فتعطينا ما نشتهي من : لبن وعسل ولحم .
- وليس البشر بدعا بين هذه المخلوقات ، فقد شاءت عناية الله عزوجل أن يكون منهم : الذكر والأنثى كذلك ، ليكون من التقائهما حفظ النوع ، واستمرار الحياة ، وعمارة الأرض ..
* وتعود الذكورة والأنوثة في البشر ( كما في سائر المخلوقات ) إلى أسباب بيولوجية عميقة أشار القرآن الكريم إليها ، في قول الحق تبارك وتعالى : (( وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى * من نطفة إذا تمنى )) النجم 45-46 فهاتان الآيتان تشيران بوضوح إلى أن جسم الإنسان يتحدد منذ مراحل نشأته الأولى ( مرحـلة النطـفة ) وهذه الحقيقة التي بينها القرآن الكريم قبل ( 14 قرناً ) من الزمان لم يتمكن العلماء من معرفتها إلا منذ وقت قريب جداً .. فقد ظل العلماء لا يعرفون شيئا عن النطفة حتى اخترع المجهر في ( القرن 17 ) وشوهدت البويضة وشوهد الحيوان المنوي .. ومضى على هذا الإكتشاف نحو (200 عام ) قبل أن يعرف العلماء أن البيضة والحيوان المنوي يشتركان معا في تكوين الجنين .
وأما كيف يتحدد جنس الإنسان بالتفصيل فلم يعرفه العلماء إلا منذ سنوات قليلة .. حيث عرفوا أن كل خلية من خلايا الإنسان تحتوي على (46 صبغياً ) هي التي تحدد جميع صفاته البيولوجية .. ومن بين هذه الصبغيات يوجد صبغيان اثنان هما اللذان يحملان الصفات الجنسية ويحددان جنس الإنسان ( ذكراً أم أنثى ؟ ) .
وقد لاحظ العلماء أن خلية الأنثى تحوي صبغيين جنسيين متشابهين كل منهما يشبه الحرف اللاتيني (X ) وأما الذكر فيوجد في كل خلية من خلاياه صبغيان جنسيان متغايران أحدهما يشبه صبغي الأنثى (X ) والآخر أصغر منه بكثير ، يشبه الحرف اللاتيني (Y ) .
وتحتوي بيضة المرأة على نصف عدد الصبغيات التي في بقية خلايا الجسم ، أي ( 23 صبغياً ) فقط ، في كل منها صبغي واحد من نوع ( X ) وأما الحيوانات المنوية في الرجل فتحتوي كل منها على ( 23 صبغياً ) لكن بعض هذه الحيوانات المنوية يضم الصبغي (X ) وبعضها الآخر يضم الصبغي ( Y ) وهذا يعني بالنتيجة ان جنس المولود يتوقف على نوع نطفة الرجل ، وليس بيضة المرأة .. فإذا لقح البويضة حيوان منوي يحمل الصبغي ( Y ) كان الجنين ( ذكرا ) بإذن الله ، وإذا لقح البيضة حيوان منوي يحمل الصبغي ( X ) كان الجنين (أنثى ) بإذن الله .
وينشأ عن اختلاف الجنس في الإنسان اختلافات أساسية في البنية الجسدية والبدنية النفسية بين الجنسين ، وهذه الإختلافات تبدأ منذ اللحظات الأولى من حياة الجنين ، ولكن تتعذر ملاحظتها في ذلك الوقت المبكر ، ويمكن الآن بواسطة التقنيات الحديثة معرفة جنس الجنين وهو داخل رحم أمه ، وأما بقية الفوارق ما بين الذكر والأنثى فإنها لا تلاحظ بوضوح إلا بعد الولادة ، ويزداد وضوح هذه الفوارق مع التقدم في النمو ، ولا سيما بعد البلوغ حيث تصل في الجسم تغيرات فيزيولوجية واسعة تنعكس آثارها على البنية النفسية و البنية الجسدية ..
ويمكن إجمال أبرز الفوارق التي نلاحظها بين الذكر والأنثى فيما يأتي :
1- زيادة نسبة ولادة الذكور عن الإناث بنحو ( 5% ) وهذا الفارق يقل تدريجياً مع مرور الوقت حتى تتقارب النسبة أو تتساوى قبيل سن البلوغ .
2- الإختلاف الظاهري في شكل الأعضاء التناسلية ، وهذا الإختلاف تلحقه تطورات أخرى بعد البلوغ ، منها الاختلاف في توزع شعر الجسم ، واحتداد نبرات الصوت عند الذكر ، وبروز الثديين عند الأنثى .. وغير ذلك من الفوارق التي تظهر نتيجة البلوغ والتغيرات الهرمونية التي تصاحبه ،
3- المولود الذكر أطول من البنت ( بحوالي 5-10 سم ) ووزنه أكبر من وزنها ( بحوالي 100-150 غ ) ويستمر الفارق في الطول والوزن بين الجنسين مدى الحياة ، فيظل الذكر على وجه العموم أطول وأوزن من الأنثى !
4- البنت تسبق الصبي بالبلوغ بنحو ( 1-2 سنة ) .
5- وتبلغ البنت أوج نموها الفيزيولوجي في عمر ( 17 سنة ) وأما الصبي فيبلغ أوج نموه الجسمي حوالي السنة ( 19 ) .
6- وتبعا لهذه الفوارق العضوية بين الجنسين فإن المرأة تنضج عاطفيا ونفسيا ابكر من الرجل بحوالي ( 2 سنة ) ثم يسبقها الرجل فيما بعد لأسباب اجتماعية وتربوية عديدة !
7- وأما من الناحية الجسدية فإن الذكر يظل متفوقاً على الأنثى جسمياً ، منذ الولادة ، وطوال الحياة ، وقد أثبتت الألعاب الرياضية هذه الحقيقة بما لا يدع مجالاً للشك ، فما زالت مسابقات النساء إلى الآن منفصلة عن ألعاب الرجال بسبب التفاوت الواضح بين الأرقام القياسية التي استطاع الرجل أن يحققها ، والأرقام القياسية التي حققتها المرأة حتى الآن .. وعلى سبيل المثال نذكر أن :
· أعلى سرعة سجلها الرجل في الألعاب الأولمبية حتى الآن بلغت 40 كلم / ساعة ( أولمبياد 1984 ) بينما بلغت أعلى سرعة سجلتها المرأة حتى الآن 36.5 كلم / ساعة ( الأولمبياد 1948 أيضاً ) .
· أما في القفز العالي فقد حقق الرجل ( 2.39 م ) بينما حققت المرأة ( 2.07 م ) ! .
· أما في رفع الأحمال فقد استطاع الرجل رفع حمل وزنه 2844 كلغ دفعة واحدة من على منصة ، بينما لم يزد أثقل حمل استطاعت امرأة أن تحمله دفعة واحدة عن 1616 كلغ فقط ، أي أقل من نصف ما حمله الرجل ! ( انظر : موسوعة جنّس ) .
وتشير هذه الحقائق إشارة واضحة إلى اختلاف طبيعة الرجل عن طبيعة المرأة ، جسدياً وعاطفياً ، وهذا ما ألمحت إليه الآية الكريمة التي وردت على لسان أم مريم عليهما السلام التي نذرت ما في بطنها لله محرراً (( فلما وضعتها قالت ربّ إني وضعتها أنثى ، والله أعلم بما وضعت ، وليس الذكر كالأنثى )) آل عمران 36 .
وليس يعني هذا أن الذكر أفضل من الأنثى ، ولا يعني أيضاً أن الذكر والأنثى مخلوقان مختلفان كل الإختلاف ، فما بين الجنسين من أواصر التشابه أكبر بكثير مما بينهما من ملامح الاختلاف ، ولهذا كانت التكاليف الشرعية واحدة لكل منهما ، ولم يفرق الشارع الحكيم بين الجنسين إلا في الكاليف التي تتعلق مباشرة بشيء من تلك الاختلافات النفسية أو العضوية !
ومن هنا فإن الأقرب إلى الصواب أن ننظر إلى هذه الاختلافات بين الجنسين على أنها اختلافات تنوع وتكامل ، تدفع كلاً من الطرفين أن يميل إلى الاخر ، وتجعلهما في شوق دائم إلى اللقاء والمساكنة ، وفي هذا دوام للنوع البشري ، واستمرار للحياة .. وصدق الله العظيم الذي يبين هذه الحقيقة في كتابه العزيز ، فيقول : (( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة ، إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون )) الروم 21 .
نقلته لكم من منتديات _/ _/_ د . أحمد محمد كنعان

ضوء المكان @doaa_almkan
عضوة شرف عالم حواء
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️