%بريق الذهب%
%بريق الذهب%
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

شرح الحديث السادس عشر من صحيح البخاري

8 - باب: حلاوة الإيمان.

16 - حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا عبد الوهاب الثقفي قال: حدثنا أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار).


الشرح :



قوله كن أي حصلن فهي تامة وفي قوله حلاوة الإيمان استعارة تخييلية شبه رغبة المؤمن في الإيمان بشيء حلو وأثبت له لازم ذلك الشيء واضافه إليه وفيه تلميح إلى قصة المريض والصحيح لأن المريض الصفراوي يجد طعم العسل مرا والصحيح يذوق حلاوته على ما هي عليه وكلما نقصت الصحة شيئا ما نقص ذوقه بقدر ذلك فكانت هذه الاستعارة من أوضح ما يقوي استدلال المصنف على الزيادة والنقص .
قال الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة إنما عبر بالحلاوة لأن الله شبة الإيمان بالشجرة في قوله تعالى مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة فالكلمة هي كلمة الإخلاص والشجرة أصل الإيمان واغصانها أتباع الأمر واجتناب النهي وورقها ما يهتم به المؤمن من الخير وثمرها عمل الطاعات وحلاوة الثمر جني الثمرة وغاية كماله تناهى نضج الثمرة وبه تظهر حلاوتها .
قوله احب اليه قال البيضاوي المراد بالحب هنا الحب العقلي الذي هو إيثار ما يقتضي العقل السليم رجحانه وإن كان على خلاف هوى النفس كالمريض يعاف الدواء بطبعه فينفر عنه ويميل إليه بمقتضى عقله فيهوى تناوله فإذا تأمل المرء أن الشارع لا يأمر ولا ينهى الا بما فيه صلاح عاجل أو خلاص آجل والعقل يقتضي رجحان جانب ذلك تمرن على الائتمار بأمره بحيث يصير هواه تبعا له ويلتذ بذلك التذاذا عقليا إذ الالتذاذ العقلي إدراك ما هو كمال وخير من حيث هو كذلك وعبر الشارع عن هذه الحالة بالحلاوة لأنها أظهر اللذائذ المحسوسة .
قال وإنما جعل هذه الأمور الثلاثة عنوانا لكمال الإيمان لأن المرء إذا تامل أن المنعم بالذات هو الله تعالى وأن لا مانح ولا مانع في الحقيقة سواه وأن ما عداه وسائط وأن الرسول هو الذي يبين له مراد ربه اقتضى ذلك أن يتوجه بكليته نحوه فلا يحب الا ما يحب ولا يحب من يحب الا من أجلة وأن يتقين أن جملة ما وعد وأوعد حق يقينا ويخيل إليه الموعود كالواقع فيحسب أن مجالس الذكر رياض الجنة وأن العود إلى الكفر إلقاء في النار انتهى ملخصا .
وشاهد الحديث من القرآن قوله تعالى:{ قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم إ}لى أن قال {أحب إليكم من الله ورسوله} ثم هدد على ذلك وتوعد بقوله {فتربصوا }
فائدة : فيه إشارة إلى التحلي بالفضائل والتخلي عن الرذائل .
وقال غيره محبة الله على قسمين فرض وندب فالفرض المحبة التي تبعث على امتثال اوامره والانتهاء عن معاصيه والرضا بما يقدره فمن وقع في معصية من فعل محرم أو ترك واجب فلتقصيره في محبة الله حيث قدم هوى نفسه
والتقصير تارة يكون مع الاسترسال في المباحات والاستكثار منها فيورث الغفلة المقتضية للتوسع في الرجاء فيقدم على المعصية أو تستمر الغفلة فيقع وهذا الثاني يسرع إلى الاقلاع مع الندم وإلى الثاني يشير حديث لا يزني الزاني وهو مؤمن
والندب أن يواظب على النوافل ويتجنب الوقوع في الشبهات والمتصف عموما بذلك نادر
قال وكذلك محبة الرسول على قسمين كما تقدم ويزاد أن لا يتلقى شيئا من المامورات والمنهيات الا من مشكاته ولا يسلك الا طريقته ويرضى بما شرعه
حتى لا يجد في نفسه حرجا بما قضاه ويتخلق باخلاقه في الجود والايثار والحلم والتواضع وغيرها فمن جاهد نفسه على ذلك وجد حلاوة الإيمان
وتتفاوت مراتب المؤمنين بحسب ذلك .
وقال الشيخ محيي الدين هذا حديث عظيم أصل من أصول الدين ومعنى حلاوة الإيمان استلذاذ الطاعات وتحمل المشاق في الدين وايثار ذلك على أعراض الدنيا.
ومحبة العبد لله تحصل بفعل طاعته وترك مخالفته وكذلك الرسول وإنما قال مما سواهما ولم يقل ممن ليعم من يعقل ومن لا يعقل قال وفيه دليل على أنه لا بأس بهذه التثنية وأما قوله للذي خطب فقال ومن يعصمهما بئس الخطيب أنت فليس من هذا لأن المراد في الخطب الإيضاح وأما هنا فالمراد الإيجاز في اللفظ ليحفظ
قوله وأن يحب المرء

قال يحيى بن معاذ حقيقة الحب في الله أن لا يزيد بالبر ولا ينقص بالجفاء .
قوله وان يكره أن يعود في الكفر زاد أبو نعيم في المستخرج بعد إذ انقذه الله منه وكذا هو في طريق أخرى للمصنف والانقاذ أعم من أن يكون بالعصمة منه ابتداء بان يولد على الإسلام ويستمر أو بالإخراج من ظلمة الكفر إلى نور الإيمان كما وقع لكثير من الصحابة .
في الرواية وحتى أن يقذف في النار أحب إليه من أن يرجع إلى الكفر بعد إذ انقذه الله منه وهي أبلغ من لفظ حديث الباب لأنه سوى فيه بين الامرين وهنا جعل الوقوع في نار الدنيا أولي من الكفر الذي انقذه الله بالخروج منه من نار الأخرى وكذا رواه مسلم والله أعلم
%بريق الذهب%
%بريق الذهب%
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

شرح الحديث السابع عشر من صحيح البخاري


9 - باب: علامة الإيمان حب الأنصار.

17 - حدثنا أبو الوليد قال: حدثنا شعبة قال: أخبرني عبد الله بن عبد الله بن جبر قال: سمعت أنسا، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(آية الإيمان حب الأنصار، وآية النفاق بغض الأنصار).




الشرح :



قوله آية الإيمان الآية العلامة كما ترجم به .
و حديث البراء بن عازب الأنصار لا يحبهم الا مؤمن
أن لا يقع حب الأنصار الا لمؤمن وليس فيه نفي الإيمان عمن لم يقع منه ذلك بل فيه أن غير المؤمن لا يحبهم فإن قيل فعلى الشق الثاني هل يكون من أبغضهم منافقا وإن صدق وأقر .
.فالجواب أن ظاهر اللفظ يقتضيه لكنه غير مراد فيحمل على تقييد البغض بالجهة فمن أبغضهم من جهة هذه الصفة وهي كونهم نصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم أثر ذلك في تصديقه فيصح أنه منافق .
ويقرب هذا الحمل زيادة أبي نعيم في المستخرج في حديث البراء بن عازب من أحب الأنصار فبحبي أحبهم ومن أبغض الأنصار فببغضي أبغضهم ويأتي مثل هذا في الحب كما سبق وقد أخرج مسلم من حديث أبي سعيد رفعه لا يبغض الأنصار رجل يؤمن بالله واليوم الآخرولأحمد من حديثه حب الأنصار إيمان وبغضهم نفاق
ويحتمل أن يقال أن اللفظ خرج من معنى التحذير فلا يراد ظاهره ومن ثم لم يقابل الإيمان بالكفر الذي هو ضده بل قابله بالنفاق إشارة إلى أن الترغيب والترهيب إنما خوطب به من يظهر الإيمان أما من يظهر الكفر فلا لأنه مرتكب ما هو أشد من ذلك .قوله الأنصار هو جمع ناصر كاصحاب وصاحب أو جمع نصير كاشراف وشريف واللام فيه للعهد أي أنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم والمراد الأوس والخزرج .
وكانوا قبل ذلك يعرفون ببني قيلة بقاف مفتوحة وياء تحتانية ساكنة وهي الأم التي تجمع القبيلتين فسماهم رسول الله صلى الله عليه وسلم الأنصارفصار ذلك علما عليهم وأطلق أيضا على أولادهم وحلفائهم ومواليهم وخصوا بهذه المنقبة العظمى لما فازوا به دون غيرهم من القبائل من ايواء النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه والقيام بأمرهم ومواساتهم بأنفسهم وأموالهم وايثارهم إياهم في كثير من الأمور على أنفسهم
فكان صنيعهم لذلك موجبا لمعاداتهم جميع الفرق الموجودين من عرب وعجم والعداوة تجر البغض ثم كان ما اختصوا به مما ذكر موجبا للحسد والحسد يجر البعض فلهذا جاء التحذير من بغضهم والترغيب في حبهم حتى جعل ذلك آية الإيمان والنفاق تنويها بعظيم فضلهم وتنبيها على كريم .
وقد ثبت في صحيح مسلم عن على أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له لا يحبك الا مؤمن ولا يبغضك الا منافق وهذا جار باطراد في أعيان الصحابة لتحقق مشترك الاكرام لما لهم من حسن الغناء في الدين.
قال صاحب المفهم وأما الحروب الواقعة بينهم فإن وقع من بعضهم بغض فذاك من غير هذه الجهة بل للأمر الطاريء الذي اقتضى المخالفة ولذلك لم يحكم بعضهم على بعض بالنفاق وإنما كان حالهم في ذاك حال المجتهدين في الأحكام للمصيب أجران وللمخطيء أجر واحد والله أعلم
الامــيــرة01
الامــيــرة01

أسال من جلت قدرته
وعلا شأنه
وعمت رحمته
وعم فضله
وتوافرت نعمه
أن لا يرد لك دعوة
ولا يحرمك فضله
وان يغدق عليك رزقه
ولا يحرمك من كرمه
وينزل في كل أمر لك بركته
ولا يستثنيك من رحمته ويجعلك من

(إن لله تعالي أهلين من الناس هم أهل القرآن أهل الله وخاصته )
ومن ( بلغوا عني ولو آية ) حديث صحيح في البخاري

أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يرزقنا وإياكي
الإخلاص في القول والعمل وأن يرزقنا الفردوس الأعلي






اسرار.
اسرار.
جزاك الله خيرا
*مى21*
*مى21*