أليـــــــــنا .. قصة حقيقية .
مسحت قطرات العرق التي تناثرت على جبينها الوضاء .. وقامت بهدوء تمشي وسط مكنات الخياطة .. وأصوات العاملات في المشغل تختلط بصوت المحركات .. ليعلو الضجيج في المكان وكأنه يهمس لها بأن هيا انطلقي الآن .. فلن يشعر بك أحد ..
عند باب المشغل تنشقت هواء قريتها الرومانية العليل .. وغرقت داخل الشوارع الضيقة متجهة نحو أقرب كنيسة في المدينة تتلفت ورائها كي لا يراها مخلوق فيفضح أمرها ..
لقد كان عليها أن تصلي للرب كل يوم خفية .. فالحكم الشيوعي كان يحظر على المسيحيين التعبد في الكنائس .. والقيام بشعائرهم الدينية بشكل علني ..
( في داخل الكنيسة )
ألينا : أيها الرب.. لقد قطعت كل هذه المسافة إليك وتحملت المشاق كي أصلي لك .. فهل ترحمني من عذاباتي ..
فأنا شابة كما ترى في الثلاثين من عمري .. انفصلت عن زوجي القاسي واضطررت لترك ولدي وابنتي والرحيل عنهم وقلبي يتمزق عليهم .. لأسلك دربا جديدا قد اختارته لي حياتي ..
الدنيا تعاندي فأنا لا أملك من هذه الدنيا سوى حفنة نقود أحصل عليها من عملي في الخياطة .. لكنني راضية برزقي فهو من كدي وتعبي ..
أيها الرب .. لم آت اليوم كي أطلب مالا .. لكنني أتيت لتعينني وتوجهني ..
أنا قطرة ماء تائهة في بحور الظلام .. أبي كاثوليكي وأمي من الأرثوذكس .. وأنا لا أعرف إلى أية طائفة أنتمي .. لكن شيئا في قلبي يخبرني بأنني أنتمي إليك وحدك .. فالدين كله لك ..
أيها الرب .. أتيت للدنيا لا أعرف طريق الصواب .. فأنا أسير كما يوجهونني .. فاختر لي أنت طريق الحق ودلني عليه ..
تلقي نظرة خاطفة على الكنيسة وتتأمل صورة العذراء مريم مرسومة على أحد جدرانها ..
تساؤل فطري يحركها ..
- أيعقل أن تقربني هذه إلى الرب .. وأن تكون واسطة لي إليه !!
يا إلهي .. أين الحقيقة فأبحث عنها ؟؟ متى تنتهي صراعات نفسي ؟؟ متى تهدأ روحي ؟؟ ساعدني أيها الرب !
تخرج من الكنيسة وهي تكفكف دموعا انحدرت من عينيها
تخرج من جيبها بضعة نقود لتعطيها للمتسول الواقف قرب الكنيسة وتمضي عائدة إلى المشغل .. فإخلاصها للعمل يناديها ....
يتـــبع
92
9K
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
نــــور
•
الكل في الحي بات يعرف من هي ألينا .. الفتاة الحسناء ذات العينين الزرقاوين والوجه الطفولي البريء والملامح الطيبة .. والكل يعرف جمال الخلق الذي أسرت به قلوب الناس .. طيبتها .. وتعففها واعتزازها بنفسها ..
لقد أحبها أهل الحي وعاملات المشغل ومدرائها في العمل وشاع بينهم طيب ذكرها ..
إلا أن بقائها بينهم لم يطل .. فهاهي تحكي لنا كيف غيرت الأحداث مجرى حياتها ...
ألينا : استيقظت باكرا في يوم شتوي ماطر وارتديت ملابسي الثقيلة ورحت أعدو عدوا إلى مشغل الخياطة .. ألقيت التحية على الجميع هناك وانخرطت في عملي اليومي أشبعه فنا وإتقانا ..
أتت زميلتي روز مرتبكة وأخبرتني أن المدير يطلبني وهذا ليس من عادته .. فأسرعت إليه كي أرى ماذا يخفي لي هذا اليوم الماطر ..
طرقت الباب طرقات خفيفة .. وإذا بصوته يأمرني بالدخول ..
دخلت فإذا برجل في الأربعين من عمره .. تبدو عليه الملامح العربية ينظر إلي ويبتسم بوقار ..
حدثني المدير بلطف طالبا مني الجلوس وعرفني على الرجل قائلا : إنه السيد عامر .. من أكبر رجال الأعمال في بلاده .. وقد أتى إلينا باحثا عن سيدة تجيد الخياطة .. فقد أسس في بلاده معملا كبيرا لصناعة الملابس ويريد سيدة ذات خبرة وإخلاص كي تديره على أحسن وجه .. وقد سألنا فرشحناك لهذا العمل.. فما رأيك ؟؟
دارت الدنيا بي للحظات وأنا أفكر في مصيري ..
العرب هنا في بلادنا سمعتهم سيئة .. إنهم يخرجون مع الفتيات دون حدود أو التزام ويلعبون القمار.. أخلاقهم سيئة .. ولا يردعهم أي رادع !!
فكيف سألقي بنفسي بينهم ؟؟ من سيحميني ؟؟ ومن سيخفف عني عناء الغربة ؟؟
قطع تساؤلاتي صوت السيد عامر يحدثني وكأنه قد قرأ أفكاري ..
لا تقلقي يا ألينا .. سأؤمن لك المسكن والعمل الجيد والأمان .. ستتعرفين على صورة جديدة للعرب غير الصورة التي في مخيلتك .. ستسعدين معنا ..
جربي العمل لمدة عام وإن شعرت أن الأمر لايروق لك فأنا كفيل بإعادتك إلى هنا ..
شعرت بارتياح بالغ وأنا أستمع لكلماته .. وبرق وميض الأمل في مخيلتي ..
حياة جديدة .. وراحة بال .. منصب جيد .. استقرار وأمان .. مالذي جنيته هنا ؟؟ وما لذي يمنعني من التجربة ؟؟أنا قوية بما فيه الكفاية كي أحقق جزء من آمالي .. سأغامر .. وأنتصر .. حتما سأفعل !!
يـتـبـع
لقد أحبها أهل الحي وعاملات المشغل ومدرائها في العمل وشاع بينهم طيب ذكرها ..
إلا أن بقائها بينهم لم يطل .. فهاهي تحكي لنا كيف غيرت الأحداث مجرى حياتها ...
ألينا : استيقظت باكرا في يوم شتوي ماطر وارتديت ملابسي الثقيلة ورحت أعدو عدوا إلى مشغل الخياطة .. ألقيت التحية على الجميع هناك وانخرطت في عملي اليومي أشبعه فنا وإتقانا ..
أتت زميلتي روز مرتبكة وأخبرتني أن المدير يطلبني وهذا ليس من عادته .. فأسرعت إليه كي أرى ماذا يخفي لي هذا اليوم الماطر ..
طرقت الباب طرقات خفيفة .. وإذا بصوته يأمرني بالدخول ..
دخلت فإذا برجل في الأربعين من عمره .. تبدو عليه الملامح العربية ينظر إلي ويبتسم بوقار ..
حدثني المدير بلطف طالبا مني الجلوس وعرفني على الرجل قائلا : إنه السيد عامر .. من أكبر رجال الأعمال في بلاده .. وقد أتى إلينا باحثا عن سيدة تجيد الخياطة .. فقد أسس في بلاده معملا كبيرا لصناعة الملابس ويريد سيدة ذات خبرة وإخلاص كي تديره على أحسن وجه .. وقد سألنا فرشحناك لهذا العمل.. فما رأيك ؟؟
دارت الدنيا بي للحظات وأنا أفكر في مصيري ..
العرب هنا في بلادنا سمعتهم سيئة .. إنهم يخرجون مع الفتيات دون حدود أو التزام ويلعبون القمار.. أخلاقهم سيئة .. ولا يردعهم أي رادع !!
فكيف سألقي بنفسي بينهم ؟؟ من سيحميني ؟؟ ومن سيخفف عني عناء الغربة ؟؟
قطع تساؤلاتي صوت السيد عامر يحدثني وكأنه قد قرأ أفكاري ..
لا تقلقي يا ألينا .. سأؤمن لك المسكن والعمل الجيد والأمان .. ستتعرفين على صورة جديدة للعرب غير الصورة التي في مخيلتك .. ستسعدين معنا ..
جربي العمل لمدة عام وإن شعرت أن الأمر لايروق لك فأنا كفيل بإعادتك إلى هنا ..
شعرت بارتياح بالغ وأنا أستمع لكلماته .. وبرق وميض الأمل في مخيلتي ..
حياة جديدة .. وراحة بال .. منصب جيد .. استقرار وأمان .. مالذي جنيته هنا ؟؟ وما لذي يمنعني من التجربة ؟؟أنا قوية بما فيه الكفاية كي أحقق جزء من آمالي .. سأغامر .. وأنتصر .. حتما سأفعل !!
يـتـبـع
الصفحة الأخيرة
حياك الرحمن