بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
(إلى كل أم وأب إلى كل أخت إلى كل من يشارك في صنع الخطوات الأولى)
اليوم الأول
هي خطوات في المسيرة التعليمة .. ومن بين تلك الخطوات خطوة تلونت بألوان مغايرة عن الخطوات السابقة لها .. فأضحت خطوة خجلى خائفة مترددة تكاد من ثقلها أن تتسمر في حذائها الجديد .. لعلها تجد فيه راحة وطمأنينة
وفي نفس الوقت خطوات جبارة تركل الحصى ولو زاد وزنها
وتكمل سيرها الشاق .. ولو طال وكأنه بلا منتهى
تلتهم الدرجات لتحصد الدرجات *
ثم تلوح بالشهادة في اليوم الأخير ... الذي لا ينتظر كثيرا ليبدأ اليوم الأول من جديد
ليبدأ اليوم الأصعب في كل مرحلة من عمرنا
--------
في الروضة:
لا أذكر ذلك اليوم الذي ذهبت فيه إلى الروضة .. كل ما أذكره أنني قد ابتلعت لساني من شدة الخجل مرحلة من الزمن، ولم أعد أذكر منها سوى تلك الألعاب التي أتمنى أن ألعب بها .. ويمنعني الخوف من الأولاد من مشاركتهم فيها..
فأبقى نهاري في ركن من الفناء وقد تسمرت عيناي بها وتحجرت دمعتان بمقلتي
لم يكن أحد ليسمع صوتي الطفولي .. إلا في تلاوة القرآن الجماعية أو في البكاء عندما تصفعني المديرة -وقد حضرت فصلنا- بسؤالها: ألا تستطيعين الكلام؟؟
فأستاء منها وأطرق رأسي لأضم حقيبتي ... فتنزعها وتضعها في الدرج وتقول لي ألا تعرفين مكان الحقيبة .. إنه هنا .. لا يفيد فيكم التعليم
نعم لا يفيد عندما يفقد الحنان .. وأفقده أنا .. فأبلع لساني مجددا
(ليتك يا ماما عودتني على الكلام وعلى الرد .. لا أدري إن كنت فعلت ذلك واستعصى أمري عليك .. أم أنك كنت فرحة بأدب ابنتك الجم)
000
7
مناير العز @mnayr_alaaz
عضوة شرف في عالم حواء
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
في الثانوية:
من سوء حظها أنها انتقلت إلى مدرسة بعيدة عن الحي الذي انتقل سكنهم منه أيضا
فدخلت غريبة لا تعرف أحدا .. تبحث في الممرات عن مكان يحضنها ولو لدقائق ريثما يرن جرس المدرسة
تمشي بين الطالبات وهي تحاول أن تتعرف عليهن .. أو تبحث عن وجه مألوف
ولكن للأسف .. ها هي تقف وحيدة تنتظر اسمها كالعادة في بداية كل مرحلة
لقد بدأت تملّ هذا الوضع الذي تتصبح به مع بداية كل مرحلة..
(متى يأتي اليوم الذي تدخل فيه وقد عرفت مسبقا فصلها فتذهب إليه وتضع حقيبتها وعبائتها وتطمئن إلى موقعها في هذا الصرح التعليمي؟)
اصطفت في الطابور عندما سمعت اسمها ثم سارت خلف المعلمة التي تتقدمهم .. وما إن مرت أمام المديرة حتى نادتها: أنت يا بنت .. أنت التي تلبسين ذهبا
لم تستوعب أن المديرة تنادي عليها .. إلا بعدما سحبتها إحدى المعلمات وهي تقول: كلمي المديرة
فخرجت لتشير إليها المديرة حيث الطالبات المخالفات لأنظمة المدرسة
(يا لهذا الصباح الذي يبدأ بالصراخ والمخالفات)
في غفلة من المديرة والوكيلة خلعت حلقها الذي تتزين بها أذنها وسحبت أسورة ذهبية في معصمها ثم أخفته في صدرها
وعندما جاءت المديرة سألتها: ما مخالفتك يا بنت؟؟
فهزت كتفيها !
قالت المديرة بتعجب: أنا على ماذا ناديتك؟
قالت : لا أدري ربما مريولي .. لونه أو .. ما أدري
قالت المديرة: لونه بني .. وهو عادي ليس فيه مخالفة .. لا بد أن هناك مخالفة أخفيتها
قالت: لا أعلم .. فتشيني إن أردت
أمرت المديرة الوكيلة بتفتيشها فلم تجد شيئا ثم أرسلتها إلى فصلها بعدما يئست منها
تلك الطفلة التي ابتلعت لسانها .. هي الآن فتاة ولكن ليست ككل الفتيات .. إنها تحتفظ به كثيرا حتى أنها في ذلك اليوم لم تتكلم مع أحد ورجعت إلى منزلهم صامتة مستاءة من معاملة المديرة الفظة
وفي المنزل انفجرت باكية في وجه أمها وهي تقول: انقلوني من هذه المدرسة .. لا أريد أن أبقى عند هذهـ المديرة
لم يكن في يد والدتها شيء غير تهدئتها وتثبيتها لتكمل مسيرتها التي تكللت بعد ثلاث سنين بالنجاح بتفوق
000
في المرحلة الجامعية:
لقد نضجت كثيرا .. وانطلق لسانها كثيرا .. ربما بفضل زميلاتها في الثانوية .. لقد أحبتهن وربما محبتها لهن هي التي غيرتها وأخرجتها من وحدتها وانطوائيتها
لم تهم في الكلية على وجهها كما فعلت في المراحل السابقة .. لقد تواعدت مع صديقتيها وتكاتفن في ذلك اليوم الأول
ها هن يبحثن عن المقصف .. ثم تسرع إحداهن لتخبر الباقيات أن هناك مكتبة .. فيسرعن إليها وقد نسين أمر إفطارهن
وفجأة تلتفت إحداهن وهي تشير إلى مقهى متواضع يبيع القهوة والشاي
فيذهبن لتذوق الشاي على الجوع
ثم يتذكرن الفطور فيسرعن للمقصف .. فإذا به كافتريا تضم أمامها مقاعد وطاولات وعاملات لتنظيف كل ذلك
ينظرن في عيون بعضهن ويبتسمن فيدخلن لتحجز إحداهن طاولة بثلاث كراسي وتذهب الأخرى لتشتري إفطارا والثالثة تحضر البارد .. الذي يتناقض مع أكواب الشاي التي ابتعنها قبل قليل وتقبع فوق الطاولة بملل وقد تسربت البرودة لتسرق دفئها
يجتمعن ليكملن أحاديث قطعنها في الهاتف ليلا ويتشاورن هل يبقين في الأقسام التي اخترنها أم يغيرنها
وهكذا حتى ضاع نهارهن ولم يتعرفن بعد على جداولهن أو محاضراتهن أو أي شيء آخر
انقضى ذلك اليوم بعكس (أصحابه السابقين) .. كان يوما سارا بالحرية التي منحها لها.... بالثقة التي سارت بها ... بالسعادة التي قضتها مع صديقاتها
000
7
من سوء حظها أنها انتقلت إلى مدرسة بعيدة عن الحي الذي انتقل سكنهم منه أيضا
فدخلت غريبة لا تعرف أحدا .. تبحث في الممرات عن مكان يحضنها ولو لدقائق ريثما يرن جرس المدرسة
تمشي بين الطالبات وهي تحاول أن تتعرف عليهن .. أو تبحث عن وجه مألوف
ولكن للأسف .. ها هي تقف وحيدة تنتظر اسمها كالعادة في بداية كل مرحلة
لقد بدأت تملّ هذا الوضع الذي تتصبح به مع بداية كل مرحلة..
(متى يأتي اليوم الذي تدخل فيه وقد عرفت مسبقا فصلها فتذهب إليه وتضع حقيبتها وعبائتها وتطمئن إلى موقعها في هذا الصرح التعليمي؟)
اصطفت في الطابور عندما سمعت اسمها ثم سارت خلف المعلمة التي تتقدمهم .. وما إن مرت أمام المديرة حتى نادتها: أنت يا بنت .. أنت التي تلبسين ذهبا
لم تستوعب أن المديرة تنادي عليها .. إلا بعدما سحبتها إحدى المعلمات وهي تقول: كلمي المديرة
فخرجت لتشير إليها المديرة حيث الطالبات المخالفات لأنظمة المدرسة
(يا لهذا الصباح الذي يبدأ بالصراخ والمخالفات)
في غفلة من المديرة والوكيلة خلعت حلقها الذي تتزين بها أذنها وسحبت أسورة ذهبية في معصمها ثم أخفته في صدرها
وعندما جاءت المديرة سألتها: ما مخالفتك يا بنت؟؟
فهزت كتفيها !
قالت المديرة بتعجب: أنا على ماذا ناديتك؟
قالت : لا أدري ربما مريولي .. لونه أو .. ما أدري
قالت المديرة: لونه بني .. وهو عادي ليس فيه مخالفة .. لا بد أن هناك مخالفة أخفيتها
قالت: لا أعلم .. فتشيني إن أردت
أمرت المديرة الوكيلة بتفتيشها فلم تجد شيئا ثم أرسلتها إلى فصلها بعدما يئست منها
تلك الطفلة التي ابتلعت لسانها .. هي الآن فتاة ولكن ليست ككل الفتيات .. إنها تحتفظ به كثيرا حتى أنها في ذلك اليوم لم تتكلم مع أحد ورجعت إلى منزلهم صامتة مستاءة من معاملة المديرة الفظة
وفي المنزل انفجرت باكية في وجه أمها وهي تقول: انقلوني من هذه المدرسة .. لا أريد أن أبقى عند هذهـ المديرة
لم يكن في يد والدتها شيء غير تهدئتها وتثبيتها لتكمل مسيرتها التي تكللت بعد ثلاث سنين بالنجاح بتفوق
000
في المرحلة الجامعية:
لقد نضجت كثيرا .. وانطلق لسانها كثيرا .. ربما بفضل زميلاتها في الثانوية .. لقد أحبتهن وربما محبتها لهن هي التي غيرتها وأخرجتها من وحدتها وانطوائيتها
لم تهم في الكلية على وجهها كما فعلت في المراحل السابقة .. لقد تواعدت مع صديقتيها وتكاتفن في ذلك اليوم الأول
ها هن يبحثن عن المقصف .. ثم تسرع إحداهن لتخبر الباقيات أن هناك مكتبة .. فيسرعن إليها وقد نسين أمر إفطارهن
وفجأة تلتفت إحداهن وهي تشير إلى مقهى متواضع يبيع القهوة والشاي
فيذهبن لتذوق الشاي على الجوع
ثم يتذكرن الفطور فيسرعن للمقصف .. فإذا به كافتريا تضم أمامها مقاعد وطاولات وعاملات لتنظيف كل ذلك
ينظرن في عيون بعضهن ويبتسمن فيدخلن لتحجز إحداهن طاولة بثلاث كراسي وتذهب الأخرى لتشتري إفطارا والثالثة تحضر البارد .. الذي يتناقض مع أكواب الشاي التي ابتعنها قبل قليل وتقبع فوق الطاولة بملل وقد تسربت البرودة لتسرق دفئها
يجتمعن ليكملن أحاديث قطعنها في الهاتف ليلا ويتشاورن هل يبقين في الأقسام التي اخترنها أم يغيرنها
وهكذا حتى ضاع نهارهن ولم يتعرفن بعد على جداولهن أو محاضراتهن أو أي شيء آخر
انقضى ذلك اليوم بعكس (أصحابه السابقين) .. كان يوما سارا بالحرية التي منحها لها.... بالثقة التي سارت بها ... بالسعادة التي قضتها مع صديقاتها
000
7
في الوظيفة:
لم تكن تلك الزيارة القصيرة لأقاربي لتنبئني عما ستتسبب به لي مستقبلا
ألحت علي قريبتي بأن أزور كليتهم ...ربما لغرض في نفسها لم تفصح عنه .. وفهمته أنا لاحقا
عرفت في الغد بعدما وافقت على مرافقتها للكلية أنها تريد المفاخرة بي أمام صويحباتها
لم أكن من النوع الذي يحكم على نفسه بالجمال أو الدمامة
ما كنت أعرفه أني أفوقها طولا .. وأرشق جسما
ورغم نعومة شعرها إلا أنها تحسدني على التواءات شعري
000
وافقت على مرافقتها للكلية بحجة أني أبحث عن وظيفة مناسبة عندهم بعدما أخبرتني عن استقالة أستاذة من نفس تخصصي في الأسبوع الماضي
فأخذت ملفي وفيه شهادتي وأوراقي الثبوتية
كان ذلك في الصباح الذي تعطر أجواءه رائحة المزارع المنتشرة حول البيوت الريفية الجميلة
وكنت قد لبست تنورة سوداء وقميصا أبيضا حتى لا يشك أحد أني لست طالبة
000
منذ دخولي إلى ساحة الكلية الواسعة .. وأنا أحاول تجنب الطالبات
وأتملص من لقاءات قريبتي بزميلاتها
وكلما تجذبني لتعرفني عليهن وتعرفهن علي .. أبتعد قليلا بحجة أني أريد التفرج على الكلية ومرافقها
كان ذلك بسبب إحساس قوي في داخلي أني سأبقى في هذا المكان طويلا
وسأشبع من رؤية هذهـ الوجوه كثيرا
000
ودعتني قريبتي إلى محاضرتها وهي ترشدني إلى مكتب سكرتيرة العميدة
دخلت بثقة وخطوات ثابتة .. وربما ساعدني طولي على الشموخ برأسي وغرة خفيفة على جبيني جعلتني أنظر من أعلى أنفي لمن هم حولي ... بالرغم من مناصبهم وكبر سنهم
كنت قد تعمدت ذلك المظهر ... فربما شفع لي بالقبول عندهم
000
أشارت السكرتيرة إلي أن انتظري قليلا لتستأذن لي عند العميدة
دقائق قليلة ..
ثم سمحت لي بالدخول للمكتب المترامي الأطراف
7
لم تكن تلك الزيارة القصيرة لأقاربي لتنبئني عما ستتسبب به لي مستقبلا
ألحت علي قريبتي بأن أزور كليتهم ...ربما لغرض في نفسها لم تفصح عنه .. وفهمته أنا لاحقا
عرفت في الغد بعدما وافقت على مرافقتها للكلية أنها تريد المفاخرة بي أمام صويحباتها
لم أكن من النوع الذي يحكم على نفسه بالجمال أو الدمامة
ما كنت أعرفه أني أفوقها طولا .. وأرشق جسما
ورغم نعومة شعرها إلا أنها تحسدني على التواءات شعري
000
وافقت على مرافقتها للكلية بحجة أني أبحث عن وظيفة مناسبة عندهم بعدما أخبرتني عن استقالة أستاذة من نفس تخصصي في الأسبوع الماضي
فأخذت ملفي وفيه شهادتي وأوراقي الثبوتية
كان ذلك في الصباح الذي تعطر أجواءه رائحة المزارع المنتشرة حول البيوت الريفية الجميلة
وكنت قد لبست تنورة سوداء وقميصا أبيضا حتى لا يشك أحد أني لست طالبة
000
منذ دخولي إلى ساحة الكلية الواسعة .. وأنا أحاول تجنب الطالبات
وأتملص من لقاءات قريبتي بزميلاتها
وكلما تجذبني لتعرفني عليهن وتعرفهن علي .. أبتعد قليلا بحجة أني أريد التفرج على الكلية ومرافقها
كان ذلك بسبب إحساس قوي في داخلي أني سأبقى في هذا المكان طويلا
وسأشبع من رؤية هذهـ الوجوه كثيرا
000
ودعتني قريبتي إلى محاضرتها وهي ترشدني إلى مكتب سكرتيرة العميدة
دخلت بثقة وخطوات ثابتة .. وربما ساعدني طولي على الشموخ برأسي وغرة خفيفة على جبيني جعلتني أنظر من أعلى أنفي لمن هم حولي ... بالرغم من مناصبهم وكبر سنهم
كنت قد تعمدت ذلك المظهر ... فربما شفع لي بالقبول عندهم
000
أشارت السكرتيرة إلي أن انتظري قليلا لتستأذن لي عند العميدة
دقائق قليلة ..
ثم سمحت لي بالدخول للمكتب المترامي الأطراف
7
نظرت إلي العميدة نظرة فاحصة ... من غرتي التي تغطي جبيني وحتى حذائي الأسود اللامع مرورا بزيٍ مدرسيٍ متواضع
أشارت إلى المقعد الجلدي فجلست وكانت طاولتها المستطيلة عن يميني وأمامي طاولة صغيرة تفصلني عن المقعد الذي كان توءما لمقعدي
سألتني عن دراستي وهي تتفحص بنظارتها شهادتي الجامعية ... وسألتني إن كانت لدي خبرة في المجال التعليمي
كذلك سألتني عن الوسط الأسري الذي يحضنني .. فابتسمت عندما تذكرت أمي وأبي وأخوتي
قالت لي: وكأنك حضرت في الوقت المناسب .. نحن منذ أسبوع تركتنا أستاذة من نفس تخصصك وكنا قد أعلنا عن وجود وظيفة شاغرة .. ولم يتقدم أحد إلى الآن ... سواك
ولكن..
لن أعدك بشيء قبل أن تجري معك رئيسة القسم مقابلة شخصية .. انتظري ريثما تنتهي من محاضرتها
000
لم يطل الانتظار .. فوصلت رئيسة القسم وكانت دكتورة أجنبية .. وبدأت المقابلة
ثم قالت: أتبدأين معنا اليوم ... فالطالبات منذ أسبوع لم يدرسن شيئا
قلت لها: وكيف ولم أوقع عقدا؟؟
قالت: لا عليك .. ستوقعين إن شاء الله
000
لا أخفيكم سرا أن رجفة سرت بي وأنا أتخيل نفسي أقف أمام جمع غفير من البنات وأشرح لهن مادة في غاية الصعوبة بصوتي الضعيف الذي لا يكاد يفارق حنجرتي
وكأنني بهن يرمقنني بضحك ساخر وأنا أشير لهن بيدين مرتجفتين
أحس أن أقدامي أيضا تتخلى عن حملي
وبطني .. آه .. صار يؤلمني
أين كبريائي؟
أين شموخي الذي أتشدق به منذ قليل أمام العميدة وطاقمها المكتبي
أأتباهى بنفسي أمام من تكبرني سنا وخبرة ومقاما؟ !
وأنهار أمام من يصغرنني سنا ومقاما وخبرة؟؟
يا للعجب !
ربما هي المفاجأة غير المتوقعة أضعفتني .. فلم أستعد لها
لم أتهيأ لبدء العمل وشرح الدروس اليوم
يا إلهي .. هل أطلب من رئيسة القسم أن تمهلني للغد ... أم أسكت حتى لا تحس بخوفي وضعفي؟
000
7
أشارت إلى المقعد الجلدي فجلست وكانت طاولتها المستطيلة عن يميني وأمامي طاولة صغيرة تفصلني عن المقعد الذي كان توءما لمقعدي
سألتني عن دراستي وهي تتفحص بنظارتها شهادتي الجامعية ... وسألتني إن كانت لدي خبرة في المجال التعليمي
كذلك سألتني عن الوسط الأسري الذي يحضنني .. فابتسمت عندما تذكرت أمي وأبي وأخوتي
قالت لي: وكأنك حضرت في الوقت المناسب .. نحن منذ أسبوع تركتنا أستاذة من نفس تخصصك وكنا قد أعلنا عن وجود وظيفة شاغرة .. ولم يتقدم أحد إلى الآن ... سواك
ولكن..
لن أعدك بشيء قبل أن تجري معك رئيسة القسم مقابلة شخصية .. انتظري ريثما تنتهي من محاضرتها
000
لم يطل الانتظار .. فوصلت رئيسة القسم وكانت دكتورة أجنبية .. وبدأت المقابلة
ثم قالت: أتبدأين معنا اليوم ... فالطالبات منذ أسبوع لم يدرسن شيئا
قلت لها: وكيف ولم أوقع عقدا؟؟
قالت: لا عليك .. ستوقعين إن شاء الله
000
لا أخفيكم سرا أن رجفة سرت بي وأنا أتخيل نفسي أقف أمام جمع غفير من البنات وأشرح لهن مادة في غاية الصعوبة بصوتي الضعيف الذي لا يكاد يفارق حنجرتي
وكأنني بهن يرمقنني بضحك ساخر وأنا أشير لهن بيدين مرتجفتين
أحس أن أقدامي أيضا تتخلى عن حملي
وبطني .. آه .. صار يؤلمني
أين كبريائي؟
أين شموخي الذي أتشدق به منذ قليل أمام العميدة وطاقمها المكتبي
أأتباهى بنفسي أمام من تكبرني سنا وخبرة ومقاما؟ !
وأنهار أمام من يصغرنني سنا ومقاما وخبرة؟؟
يا للعجب !
ربما هي المفاجأة غير المتوقعة أضعفتني .. فلم أستعد لها
لم أتهيأ لبدء العمل وشرح الدروس اليوم
يا إلهي .. هل أطلب من رئيسة القسم أن تمهلني للغد ... أم أسكت حتى لا تحس بخوفي وضعفي؟
000
7
كنت أتبع خطا الموظفة التي ستقودني إلى غرفة المعيدات .. والهواجس تنتاب خطاي وكأنها تعثرني
دخلت الغرفة الخالية إلا من أستاذتين .. تكاد إحداهن تلتهم كتابها والأخرى معها قلم ومسطرة على أوراق كثيرة .. وهي الأخرى غارقة في مكتبها
ذهبت الموظفة بعدما أوصلتني وودعتني بابتسامة لطيفة .. ووقفت حيرى لا أعرف أي مكتب هو مكتبي؟؟
فجلست على أقرب مكتب للباب .. ربما خوفا من اقتحام الغرفة الكبيرة .. ثم أخذت أبحث عن جدول المحاضرات لأعرف موعد محاضرتي ؟
جلت بنظري عدة مرات ولم أرَ شيئا ..
- لو سمحت ؟؟
كانت أستاذة تقف بجانبي وتنتظر وقوفي ... فانتفضت واقفة لمعرفتي أنها تريد مكانها
- هل أنت أستاذة جديدة؟
- نعم
- أهلا وسهلا بك .. وما تخصصك؟
وعندما أخبرتها صرخت : إذن أنت بدل الأستاذة أسماء .. حياك فأنتي زميلتي في نفس التخصص .. أنا أدرس السنة الثالثة والرابعة .. أما أنت فلا بد أنهم أخبروك بأنك ستدرسين السنة الأولى والثانية؟
قلت لها : نعم
أخذت تعرفني على محتويات غرفتنا وتقدمني إلى الأستاذات كما تقدمهن إلي مع تخصصاتهن
ثم قالت لي: لقد ذهب موعد محاضرتك .. لقد كانت في الساعة الأولى ..
سألتها والفرح بادٍ على محياي: وهل بقية اليوم فارغ؟
ردت منبهة لي أن لا أبقى هكذا: لا اذهبي لتستلمي كتبك واعرفي جدولك وأيضا خذي ملف أسماء الطالبات من شؤون الطالبات
أجبتها: سأفعل ولكن قصدي هل محاضراتي في هذا اليوم انتهت؟
قالت: حسب جدولك لا يوجد غير المحاضرة الأولى
جلست في مكتبي الجديد وقد سرى في داخلي ارتياح أني لن أدخل على الطالبات اليوم .. وسأستعد من البيت نفسيا وأمرن حنجرتي على الصوت العالي وسأفعل وأفعل وو...
000
وفي منتصف النهار كانت قريبتي تلوح لي بارتباك أن اخرجي ..
فعرفت أنها تريد معرفة أخباري
خرجت مبتسمة وأنا أقول لها: لقد عينوني مباشرة .. كنت وإياهم كمن كان على موعد
فابتسمت وباركت لي وقالت أنها ستنتظرني في آخر النهار عند بوابة الخروج
وطلبت منها أن لا تخبر صديقاتها بشأني (وأن لا تخبرهم أن الزائرة التي كانت معها أول النهار توظفت)
قلت لها أخبريهم أني خرجت مع أبي في منتصف النهار
وكان هذا الكلام لغرض في نفسي
عدت للمنزل محملة بالكتب التي سأدرّسها للطالبات ومعها مراجع وكشوفات لأسماء الطالبات التي قمت بقراءتها عدة مرات حتى أدرب لساني على النطق بها
000
7
دخلت الغرفة الخالية إلا من أستاذتين .. تكاد إحداهن تلتهم كتابها والأخرى معها قلم ومسطرة على أوراق كثيرة .. وهي الأخرى غارقة في مكتبها
ذهبت الموظفة بعدما أوصلتني وودعتني بابتسامة لطيفة .. ووقفت حيرى لا أعرف أي مكتب هو مكتبي؟؟
فجلست على أقرب مكتب للباب .. ربما خوفا من اقتحام الغرفة الكبيرة .. ثم أخذت أبحث عن جدول المحاضرات لأعرف موعد محاضرتي ؟
جلت بنظري عدة مرات ولم أرَ شيئا ..
- لو سمحت ؟؟
كانت أستاذة تقف بجانبي وتنتظر وقوفي ... فانتفضت واقفة لمعرفتي أنها تريد مكانها
- هل أنت أستاذة جديدة؟
- نعم
- أهلا وسهلا بك .. وما تخصصك؟
وعندما أخبرتها صرخت : إذن أنت بدل الأستاذة أسماء .. حياك فأنتي زميلتي في نفس التخصص .. أنا أدرس السنة الثالثة والرابعة .. أما أنت فلا بد أنهم أخبروك بأنك ستدرسين السنة الأولى والثانية؟
قلت لها : نعم
أخذت تعرفني على محتويات غرفتنا وتقدمني إلى الأستاذات كما تقدمهن إلي مع تخصصاتهن
ثم قالت لي: لقد ذهب موعد محاضرتك .. لقد كانت في الساعة الأولى ..
سألتها والفرح بادٍ على محياي: وهل بقية اليوم فارغ؟
ردت منبهة لي أن لا أبقى هكذا: لا اذهبي لتستلمي كتبك واعرفي جدولك وأيضا خذي ملف أسماء الطالبات من شؤون الطالبات
أجبتها: سأفعل ولكن قصدي هل محاضراتي في هذا اليوم انتهت؟
قالت: حسب جدولك لا يوجد غير المحاضرة الأولى
جلست في مكتبي الجديد وقد سرى في داخلي ارتياح أني لن أدخل على الطالبات اليوم .. وسأستعد من البيت نفسيا وأمرن حنجرتي على الصوت العالي وسأفعل وأفعل وو...
000
وفي منتصف النهار كانت قريبتي تلوح لي بارتباك أن اخرجي ..
فعرفت أنها تريد معرفة أخباري
خرجت مبتسمة وأنا أقول لها: لقد عينوني مباشرة .. كنت وإياهم كمن كان على موعد
فابتسمت وباركت لي وقالت أنها ستنتظرني في آخر النهار عند بوابة الخروج
وطلبت منها أن لا تخبر صديقاتها بشأني (وأن لا تخبرهم أن الزائرة التي كانت معها أول النهار توظفت)
قلت لها أخبريهم أني خرجت مع أبي في منتصف النهار
وكان هذا الكلام لغرض في نفسي
عدت للمنزل محملة بالكتب التي سأدرّسها للطالبات ومعها مراجع وكشوفات لأسماء الطالبات التي قمت بقراءتها عدة مرات حتى أدرب لساني على النطق بها
000
7
الصفحة الأخيرة
إن كنت أنسى فلا أنسى ذلك اليوم الذي أرسلتني أمي إلى المدرسة مع بنات جيراننا
فتمسكت بهن حيث كنت أمشي وسطا ومشاعر الفرح تغمرني أني كبرت ولبست مريولا مثلهن
أمشي بزهـــو لم يصل إلى باب المدرسة بعد فسرعان مازال عندما دخلنا ووقفنا في الفناء
وأخذت امرأة بسن أمي تنادي على أسماء الطالبات ليندرجن في طوابيرهن ومن ثم إلى فصولهن
وكان من سوء حظي أن بنات جيراننا في الصف الثالث فذهبن وتركنني أقف وحيدة في الفناء أنتظر اسمي
لم أتحمل الوقوف لوحدي فأسرعت أبحث عنهن باكية .. ولم تردني غير يد (الخالة) تمنعني من صعود الدرج
وقالت لي: عيب يا بنتي تبكين .. وأنت لابسة مريول .. أنت أتيت لتدرسين لأنك كبيرة ولست مثل أخوتك الصغار
خفتُ منها فعدت أدراجي وقد كتمت بكائي وعيناي تذرفان دموعا غزيرة ..لا أرى الأرض منها وفجأة سمعتهم ينادون: منيرة الـ******
فنظرتُ إلى المعلمة التي كانت تنادي .. فقالت: هل أنت منيرة؟
أشرتُ برأسي فتقدمت معلمة أخرى لتضعني في صفي مع بنات في طولي .. مما طمأنني قليلا
سرنا خلف معلمتنا التي بدأت بالتعرف علينا في الفصل وسؤالنا عن أسماءنا
وكانت بعض الطالبات ومنهن أنا بالطبع قد صممن على السكوت وعلى الاتصاق بالكرسي الذي أحسسن أنه ملكهن
(ربما يطمئن الانسان لما يملكه ويحس بالانتماء إليه فيمنحه ثقته وطمأنينته)
وهذا ما فعلناه مع مقاعدنا الخشبية الصغيرة
وعندما اقتربت مني قرصتني على خدي بلطف وهي تريد التقرب مني
وما كان مني إلا أن بكيت .. لا خوفا وإنما حسبتها تعاقبني ..
ففزعت ومسحت على شعري وهدأتني وأعطتني حلوى .. فسليت بها إلى أن عدت إلى المنزل
(ليتك يا ماما حضرت معي اليوم الأول .. وعندما أصل إلى بر أماني (الفصل) لك أن تتركيني بعدما تولتني معلمتي بحنانها)
(معلمتي فايزة: لو أعلم أين أنت الآن لركضت إليك لأقبل جبينك .. لقد أحببتك كثيرا وودت لو درستني في كل مراحل عمري .. يكفيني حنانك رواءا .. ويكفيني صوتك حداءا ... أسمعه وأتلذذ بسماعه)
000
في الإعدادية:
تلك الطفلة التي ابتعلت لسانها كثيرا .. كبرت وفي تلك الليلة لم تنم من فرحتها بالمريول الكحلي
كانت تفتح الدولاب وتغلقه كثيرا
وقبل أن تنام قررت أن تعلقه أمامها على الشماعة ... كما ودت لو لبسته ونامت به .. لم تكن تعرف أنها ستملّه وتكرهه من كثرة لبسه
في الصباح تدخل المدرسة وأول ما فعلته أن قامت بالبحث عن صديقاتها في الابتدائية .. ولكن لم تجدهن بسبب أن صوت الصفارة الذي يستحث الطالبات على المثول في الفناء الداخلي لسماع أسمائهن
في الفصل تلفتت بحثا عن زميلاتها فلم تجد سوى واحدة كانت تعرفها ولا تربطهما علاقة قوية .. فوقفت وقد تحيرت عيناها .. هل تسلم عليها .. أم تتجاهلها؟
ثم تذكرت زميلاتها .. لا بد أنهن تفرقن في الفصول الأخرى
آثرت الطفلة الخجولة أن تجلس على مقعدها والذي كان في الخلف .. فلم تستبقِ لها الطالبات مقعدا غيره
جلست وحيدة ورغم وحدتها كانت متعالية على تلك الزميلة فلم تسلم عليها .. وربما آثرت أن تتعرف على زميلات جدد يعوضنها عن زميلاتها القديمات
وانقضى اليوم الذي لم يكن بمستوى حماسها وتطلعاتها .. انقضى وقد حمّلها أثقالا من الكتب التي قصمت ظهرها النحيل
(متى يربط هؤلاء التعليميون بين التعليم وبين قدرات المتعلمين ؟ متى يقررون إعطاء الطلاب كتبهم بالتقسيط ويريحونهم؟)
000
7