أين الفنان البارع . . . ؟
المرأة كائن حساس ذو شفافية بالغة .. وأعطاها خالقها مخزونا هائلا من المشاعر الجياشة والعواطف الصادقة ، ومنحها قدرا وافرا من الدفء والحنان .. وهذا الكيان الذي يتدفق عطاء ، كان لا بد من أن يكون مرمى للعيون ، وقطبا جاذبا لعبارات الاستلطاف والإعجاب ،ومتكأ لبث مكنونات النفس .
ولذا صارت المرأة مستهدفة في غدوها ورواحها ، في حركتها وسكونها . وتحولت إلى عنصر واقع تحت المجهر على الدوام ، ونستطيع أن نقول إنها – أحيانا - تلك المتهمة البريئة التي توجه إليها أصابع الاتهام بسذاجة وجهل .
فالمرأة وإن خالفت طبيعتها ، وأهانت أنوثتها ، فإنها تبقى في تكوينها مثل اللوحة الفنية الجذابة ، التي إن شاء الله أن تقع بين أنامل فنان مبدع يحس بها ويقدرها ، لاستطاع فعلا أن يجعلها لوحة فنية رائعة الجمال ، ولجعل مظهرها غاية في الإبداع واللطافة ، تبهرك بريقها ورونقها ، ولاستطاع كذلك توجيهها نحو الطريق الصحيح ، ولتمكن من صقلها وصياغتها بإتقان حتى تصبح قادرة على أداء وظيفتها التي وجدت من أجلها ، وبالتالي تحقق غايتها في الحياة على أكمل وجه .
أما إن قيض الله لها صاحب أيد خشنة لا تعرف كيف تشكلها ، أو إنسان لا يعرف قدرها ووظيفتها في الحياة ، ويعمد إلى إهمالها وازدرائها وتسفيه أحلامها وآمالها وتطلعاتها ، فإن اللوحة ستبقى مشوهة ، وستدفن معالم جمالها ، وستقاد حينئذ قسرا إلى بؤر الظلام ، وتنزلق إلى المستنقع الآسن الذي دفعت إليه دفعا بسبب البيئة القاسية والمناخ الجاف ، والتنشئة الخاطئة ، والتربية التي تاهت عن طريق الإيمان . . والتي رمتها في بحر الحياة حيث ستبقى تصارع الأمواج المتلاطمة ، وتتخبط لتصل إلى بر الأمان ، وتصيح وتصرخ مطالبة بحريتها وحقوقها المزعومة ، وحتى إن حصلن على ما طالبت به من حقوق ، فإنها لن تصل إلى شاطىء السلام والحب والعطاء ، ولن تحقق دورها في الحياة ، بل لن تصل إلى الاستقرار والراحة والأمان .
فإلى الذين ينادون بحرية المرأة الحقيقية نقول :
هيا معنا لنصنع موقفا دينيا وثقافيا وفكريا واجتماعيا واقتصاديا ، ونمد يدا بيضاء نقية لننتشل المرأة من كل خطر يحدق بها ، ومن كل داء يتهددها ، ولنقودها سويا إلى الساحل الآمن والمنشود .
بقلم / سهام محمد القحطاني
مجلة حياة - العدد الثالث
هذا الموضوع مغلق.

الصفحة الأخيرة
وشكرا