إعجاز القرآن الكريم في تأثيره بالنفوس

الأدب النبطي والفصيح

لقد بلغ القرآن الكريم في تأثيره ونجاحه مبلغآ خرق بع العادة في كل ما عرف من كتب الله والناس ، وخرج عن المعهود في سنن الله من التأثير النافع بالكلام وغير الكلام ..
فقد نفخ القرآن الكريم الإيمان في الكبار و الصغار نفخآ ، و أشغر النفوس بما جاء فيه إشعارآ ، ودفعها إلى التخلي عن موروثاتها و مقدساتها جملة ، وحملها على التحلي بهديه الكريم علمآ و عملآ ، على حين أن الذي أتى بالقرآن الكريم رجل أمي لا دولة له ولا سلطان .. إنما هو الاقتناع والرغبة و الرضا و الإذعان ( لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي )
هذا الأساس الذي وضعه القرآن الكريم هو سر نهضته ، وإن شئت فقل هو نار ثورته ، بل هو نور هدايته ، والروح الساري لإحياء العالم بدعوته ، وذلك عن طريق أسلوبه المعجز الذي له النفوس و المشاعر ، وملك القلوب و العقول ، وكان له من التأثير و السلطان ما جعل أعدائه منذ نزوله إلى اليوم ، يخشون بأسه و صولته ، ويخافون تأثيره و عمله ، أكثر مما يخافون الجيوش الفاتحة و الحروب الجائحة ، لأن سلطان الجيوش و الحروب لا يعدو هياكل الأجسام و الأشباح ، أما سلطان هذا الكتاب فقد امتد إلى حراتئر النفوس وكرائم الأرواح ، بما لم يعهد له نظير في أية نهضة من النهضات !

ولقد أشار القرآن نفسه إلى هذا الوجه من وجوه الإعجاز ، حين سمى الله تعالى كتابه روحآ من أمره بقوله : ( وكذلك أوحينا إليك روحآ من أمرنا ) وحين سماه نورآ بقوله : ( قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين ) وحين وصف بالحياة و النور من آمن به في قوله : ( أومن كان ميتآ فأحييناه وجعلنا له نورآ يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها )

هذا التأثير الخارق أو النجاح الباهر أدركه ولا يزال يدركه كل من قرأ القرآن في تمعن وتدبر ، حاذقآ لأساليبه العربية ، ملمآ بظروفه و أسباب نزوله ، لذلك فإنه قد أثر على العرب تأثيرآ أشبه بالسحر وماهو من السحر على من حالفه ومن خالفه لأنهم ذاقوا بسلامة فطرتهم العربية بلاغته ولمسوا بحاستهم البيانية إعجازه فوجد تياره الكهربائي موضعآ في نفوسهم لشرارة ناره ، أو لهطول غيثه و انبلاج أنواره !.




يتبع
21
4K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

بحور 217
بحور 217
بارك الله فيك يا نور ..

نتابعك .
صباح الضامن
صباح الضامن
(( نزل به الروح الأمين 0 على قلبك لتكون من المنذرين 0 بلسان عربي مبين ))

إنه الكتاب المعجز الذي سيظل مانحا للإنسانية كلها كل الأسرار

امنحينا يا نور ما حار به البلغاء واستنبطي الأسرار والروائع

بارك الله بك
نــــور
نــــور
تأثيـــــــــــر القرآن الكريم في أعدائه :

أما أعداؤه المشركون فقد ثبت أنه جذبهم إليه بقوته في مظاهر كثيرة نذكر بعضها على سبيل التمثيل :
المظهر الأول :
أن هؤلاء المشركون مع حربهم له ، ونفورهم مما جاء به ، كانوا يخرجون في جنح الليل البهيم يستمعون إليه والمسلمون يرتلونه في بيوتهم ، فهل ذاك إلا لأنه استولى على مشاعرهم ، ولكن أبى عليهم عنادهم وكبرهم وكراهتهم للحق أن يؤمنوا به : ( بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون )

المظهر الثاني :
أن أئمة الكفر منهم كانوا يجتهدون في صد رسول الله صلى الله عليه و سلم عن قراءته في المسجد الحرام وفي مجامع العرب و أسواقهم ، وكذلك كانوا يمنعون المسلمين من إظهاره ، حتى لقد هالهم من أبي بكر أن يصلي به في فناء داره ، وذلك لأن الأولاد و النساء كانوا يجتمعون عليه يستمتعون بلذة هذا الحديث ويتأثرون به و يهتزون له !

المظهر الثالث :
أنهم ذعروا ذعرآ شديدآ من قوة تأثيره و نفوذه إلى النفوس على رغم صدهم عنه واضطهادهم لمن أذعن له ، فتواصوا على ألا يسمعوه ، وتعاقدوا على أن يلغوا فيه إذا سمعوه : ( وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون )

المظهر الرابع :
أن بعض شجعانهم وصناديدهم ، كان الواحد منهم يحمل طغيانه وكفره وتحمسه لموروثه ، على أن يخرج من بيته شاهرآ سيفه ، معلنآ غدره ، ناويآ القضاء على دعوة القرآن ومن جاء بالقرآن ، فما يلبث حين تدركه لمحة من لمحات العناية ، وينصت إلى صوت القرآن في سورة أو آية ، أن يذل للحق ويخشع ، ويؤمن بالله و رسوله وكتابه ويخضع ، وإن أردت شاهدآ على هذا فاستعرض قصة إسلام عمر وهي مشهورة ، أو فتأمل كيف أسلم سعد بن معاذ سيد قبيلة الأوس هو وابن أخيه أسيد بن حضير حيث أرادا قتل مبعوثي رسول الله صلى الله عليه وسلم للمدينة لكنهما بعد أن سمعا القرآن من مصعب بن عمير رضي الله عنه أسلما و أخبرا قبيلتهما بذلك فأسلمت القبيلة كلها !.




يتبع ..
في تأثير القرآن في نفوس أوليائه




بحورنا
تسعدني متابعتك واهتمامك :21:

صباحنا
أرجو أن أكون عند حسن الظن وأسأل الله الأجر :13:
نــــور
نــــور
تأثيــــــــــــــر القرآن في نفوس أوليائه :

هنالك مظاهر أربعة لهذا الضرب أيضآ :
المظهر الأول:

تنافسهم في حفظه وقراءته في الصلاة وفي غير الصلاة ، حتى لقد طاب لهم أن يهجروا لذيذ منامهم من أجل تهجد به في الأسحار ، ومناجاتهم العزيز الغفار ، وما كان هذا حالآ نادرآ فيهم بل ورد أن المار على بيوت الصحابة بالليل كان يسمع لها دويآ كدوي النحل بالقرآن !. وكان التفاضل بينهم بمقدار ما يحفظ أحدهم من القرآن حتى أن المرأة كانت تغتبط بأن يكون مهرها سورة يعلمها إياها زوجها من القرآن .

المظهر الثاني :
عملهم به و تنفيذهم لتعاليمه ، في كل شأن من شؤونهم تاركين كل ماكانوا عليه مما يخالف تعاليمه و يجافي هداياته ، طيبة بذلك نفوسهم ، طيعة أجسامهم ، سخية أيديهم و أرواحهم ، حتى صهرهم القرآن في بوتقته وأخرجهم للعالم خلقآ آخر مستقيم العقيدة ، قويم العبادة ، طاهر العادة ، كريم الخلق ، نبيل المطمح !.

المظهر الثالث :
استبسالهم في نشر القرآن و الدفاع عنه وعن هدايته فأخلصوا و صدقوا ما عاهدوا الله عليه ، فمنهم من قضى نحبه وهو مدافع عنه ، ومنهم من انتظر حتى أتاه اليقين وهو مجاهد في سبيله مضح بنفسه و نفيسه .
حتى إن رسول الله كان يرد من يتطوع من الشباب للجندية لحداثة سنهم وكم كان يؤلمهم ذلك التخلف عن الجيش .


المظهر الرابع :
ذلك النجاح الباهر الذي أحرزه القرآن في هداية العالم ، فقد وجد قبل النبي صلى الله عليه وسلم أنبياء و مصلحون ، وعلماء و مشترعون ، وفلاسفة وأخلاقيون ، وحكام ومتحكمون ، فما تسنى لهم أن يحدثوا مثل هذه النهضة الرائعة التي أحدثها محمد في العقائد و الأخلاق ، وفي العبادات و المعاملات ، وفي السياسة و الإدارة ، وفي كافة نواحي الإصلاح الإنساني ، وما كان لمحمد و لا لألف رجل غير محمد أن يأتوا بمثل هذا الدستور الصالح الذي أحيا أموات الأمة العربية في أقل من عشرين سنة ، ثم نفخ فيهم روحه غهبوا بعد وفاته ينقذون العالم ففتحوا ممالك كسرى و قيصر وخفقت راياتهم على نصف المعمور في أقل من قرن ونصف قرن من الزمان .
أفسحر هذا ؟ أم هو برهان عقلي لمحه المنصفون من الباحثين فاكتفوا من محمد صلى الله عليه و سلم بهذا النجاح دليلآ على أنه رسول من رب العالمين .











يتبع
خصائص أسلوب القرآن الكريم
نــــور
نــــور
خصائص أسلوب القرآن الكريم :
إن الخصائص التي امتاز بها القرآن الكريم ، والمزايا التي توافرت فيه حتى جعلت له طابعآ معجزآ في لغته و بلاغته ، أفاض فيها العلماء بين مقل و مكثر ، ولكنهم بعد أن طال بهم المطاف ، لم يزيدوا على أن قدموا إلينا قطرة من بحر ، معترفين أنهم عجزوا عن الوفاء ، وأن ما خفي عليهم فلم يذكروه أكثر مما ظهر لهم فذكروه لذلك سنذكر بعضآ من هذه الخصائص التي لا تحصى و لا تعد :

1- مسحة القرآن اللفظية :
وهي مسحة خلابة عجيبة تتجلى في :
نظامه الصوتي :
ونقصد اتساق القرآن و ائتلافه في حركاته وسكناته و مداته و غناته ، واتصالاته وسكتاته ، اتساقآ عجيبآ ، وائتلافآ رائعآ يسترعي الأسماع ، ويستهوي النفوس ، بطريقة لايمكن أن يصل إليها أسلوب آخر من منظوم أو منثور !.

جماله اللغوي :
نريد بها تلك الخظاهرة العجيبة التي امتاز بها القرآن في رصف حروفه وترتيب كلماته ، ترتيبآ دونه كل ترتيب ، ونظاو تعاطاه الناس في كلامهم ، وبيا ذلك أنك إذا استمعت إلى حروف القرآن خارجة من مخارجها الصحيحة ، تشعر بلذة شديدة في رصف الحروف بعضها إلى جانب بعض في الكلمات و الآيات ، هذا ينقر وذاك يصفر ، وهذا يخفى وذاك يظهر ، وهذا يهمس و ذاك يجهر، ومن عجيب أمر هذا الجمال اللغوي والنظام الصوتي أنهما كانا دليل إعجاز من ناحية وسورآ منيعآ لحفظ القرآن من ناحية أخرى فهو يحرك داعية الإقبال لدى كل إنسان إلى هذا القرآن الكريم وبذلك يبقى أبد الدهر سائدآ على ألسنة الخلق و في آذانهم ، ويعرف بذاته ومزاياه بينهم ، فلا يجرؤ أحد على تغييره وتبديله مصداقآ لقوله سبحانه : ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون )

2 - إرضاؤه العامة و الخاصة :
ومعنى هذا أن القرآن الكريم إذا قرىء على العامة أحسوا جلاله وذاقوا حلاوته ، وفهموا منه على قدر استعدادهم ما يرضي عقولهم وعواطفهم ، وكذلك الخاصة فإذا قرىء عليهم أحسوا جلاله وذاقوا حلاوته ، وفهموا منه أكثر مما يفهم العامة ، ورأوا أنهم بين يدي كلام ليس كمثله كلام لا في إشراق ديباجته ولا في امتلائه و ثروته .




نتابع الجزء الأخير وهو بقية الخصائص بإذنه تعالى