اكتبي اية او حديث و اجمع لكِ اقوال المفسرين (مـــــــشروع خــــــــــــــــــــيري)

ملتقى الإيمان

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكن و رحمة و الله و بركاته
يا طيبات اليكن هذا المشروع الخيري

صدقة جارية علم ينتفع به
________________________________

اكتبي آيــــة من القرآن الكريم
__________________________


و إن شاء الله اجمع لكِ اقوال المفسرين في الآية مع ذكر سبب نزولها

و بذلك تكون صدقة جارية لك و لكل من شارك

و الكل سيستفيد ان شاء الله


اكتبي رقم الاية و اسم السورة او الاية نفسها






(او)
__________________________________


حديـــــث نبـــــــــــوي
_______________________

اكتبي اي حديث تريدي ان تفهمي معناه و فقه
و ان شاء الله اجمع لك اقوال العلماء في شرح الحديث و فقه



(او)
______________________________________________
_
كلمة من القرآن او من حديث تريدين ان تعرفي معناها

_____________________________




يمكنك بكتابة الاية او الحديث ان تتصدقي بها لأحد من اموات المسلمين و هذه تكون في نيتك
لا يشترط ان تعلني عنها
______________________


و الأجمل من ذلك ان لكل عضوة لها ان تكتب اكثر من آية او حديث في هذا المشروع
شرط ان يكون في ردود منفصلة
حتى يستفيد كل من يدخل
____________________

ما اجمل صدقة العلم النافع يا طيبات

جزاكن الله الفردوس
15
1K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

نورالجنة
نورالجنة
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا




تفسير فتح القدير
أي : لا تجعلوهم خاصة لكم ، وبطانة توالونهم من دون إخوانكم من المؤمنين ، كما فعل المنافقون من موالاتهم للكافرين : { أَتُرِيدُونَ أَن تَجْعَلُواْ للَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً


تفسير الدر المصون

قوله تعالى : { سُلْطَاناً } : السلطان يُذّكَّرُ ويؤنث ، فتذكيرُه باعتبار البرهان ، وتأنيثُه باعتبار الحجة ، إلا أن التأنيث أكثرُ عند الفصحاء ، كذا قاله الفراء ، وحكى : « قَضَتْ عليك السلطان » « وأَخَذَتْ فلاناً السلطانُ » وعلى هذا فكيف ذُكِّرت صفته فقيل : مبيناً دون : مبينة؟ والجواب أن الصفة هنا رأسُ فاصلة فلذلك عَدَلَ إلى التذكير دون التأنيث . وقال ابن عطية ما يخالف ما حكاه الفراء فإنه قال : « والتذكيرُ أشهرُ ، وهي لغة القرآن حيث وقع » . « وعليكم » يجوزُ تعلُّقه بالجَعْل « أو بمحذوف على أنه حال من » سلطانا «؛ لأنه صفة له في الأصل وقد تقدَّم نظيره


تفسير القطان

يا أيها المؤمنون لا تتتخذوا الكافرين أحبابا وانصاراً لكم من دون المؤمنين ، أتريدون ان تجعلوا لله حجةً عليكم بأنكم منافقون؟ .
إن المنافقين في سفلى طبقاتت جنهم ، لأنهم شر أهلها . . فقد جمعوا بين الكفر والنفاق ، ومخادعة الرسول والمؤمنين وغشّهم . ولن تجد لهم يا محمد نصيراً ينقذهم من العذاب . ولا ينسحب ذلك على الذين رجعوا عن النفاق ولاذوا بالله وأخلصوا لدينه ، فأولئك يعدُّون من المؤمين ، وقد أعدّ لهم جزاءً عظيماً في الدنيا والآخرة .
ما ذا ينال الله من تعذيبه إياكم ان شكرتم وآمنتم؟ إنه لا يعذّب احداً من خلقه انتقاماً منه ، ولا طلبنا لنفع ، ولا دفعاً لضرٍ وانما يعاقب المجرمين لإصلاحهم وتطهيرهم ، وهو شاكر لعباده عمل الخير ، كما يعلم حالهم من خير أو شر .
قراءات :
قرأ الكوفيون « الدرك » بسكون الراء والباقون « الدرك » بفتح الراء وهم لغتان .




تفسير السعدي

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا } .
لما ذكر أن من صفات المنافقين اتخاذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين، نهى عباده المؤمنين أن يتصفوا بهذه الحالة القبيحة، وأن يشابهوا المنافقين، فإن ذلك موجب لأن { تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُّبِينًا } أي: حجة واضحة على عقوبتكم، فإنه قد أنذرنا وحذرنا منها، وأخبرنا بما فيها من المفاسد، فسلوكها بعد هذا موجِب للعقاب.
وفي هذه الآية دليل على كمال عدل الله، وأن الله لا يُعَذِّب أحدا قبل قيام الحجة عليه، وفيه التحذير من المعاصي؛ فإن فاعلها يجعل لله عليه سلطانا مبينا.




تفسير الطبري

القول في تأويل قوله : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا (144) }
قال أبو جعفر: وهذا نهي من الله عبادَه المؤمنين أن يتخلَّقوا بأخلاق المنافقين، الذين يتخذون الكافرين أولياءَ من دون المؤمنين، فيكونوا مثلهم في ركوب ما نهاهم عنه من موالاة أعدائه.
يقول لهم جل ثناؤه: يا أيها الذين آمنوا بالله ورسوله، لا توالوا الكفَّار فتؤازروهم من دون أهل ملَّتكم ودينكم من المؤمنين، فتكونوا كمن أوجبت له النار من المنافقين. ثم قال جل ثناؤه: متوعدًا من اتخذ منهم الكافرين أولياء من دون المؤمنين، إن هو لم يرتدع عن موالاته، وينزجر عن مُخَالَّته (1) = أن يلحقه بأهل ولايتهم من المنافقين الذين أمر نبيه صلى الله عليه وسلم بتبشيرهم بأن لهم عذابًا أليمًا=:"أتريدون"، أيها المتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ممن قد آمن بي وبرسولي="أن تجعلوا لله عليكم سلطانًا مبينًا"، يقول: حجة، (2) باتخاذكم الكافرين أولياء من دون المؤمنين، فتستوجبوا منه ما استوجبه أهلُ النفاق الذين وصف لكم صفتهم، وأخبركم بمحلّهم عنده="مبينًا"، (3) يعني: يبين عن صحتها وحقيقتها. (4) يقول: لا تعرَّضوا لغضب الله، بإيجابكم الحجة على أنفسكم في تقدمكم على ما نهاكم ربكم من موالاة أعدائه وأهلِ الكفر به.
* * *
__________
(1) السياق: "ثم قال جل ثناؤه متوعدًا ... أن يلحقه ..."
(2) انظر تفسير"سلطان" فيما سلف 7 : 279.
(3) انظر تفسير"مبين" فيما سلف ص224 ، تعليق: 3 ، والمراجع هناك.
(4) في المطبوعة: "عن صحتها وحقيتها" ، والصواب من المخطوطة. وكأن الناشر كان يستنكر أن تكون"الحقيقة" بمعنى أنها حق!! ولكنها صواب بلا شك ، ومن أجل هذا كان الناشر يضع مكان"حقيقتها""حقيتها" في كثير من المواضع ، أشرت إليها فيما سلف من التعليقات. وانظر ما سيأتي ص: 360 ، تعليق: 4.


----------------------------------------------------


ايسر التفاسير


شرح الكلمات :
{ سلطانا مبينا } : حجة واضحة لتعذيبكم .معنى الآيات :
ما زال السياق في إرشاد الله تعالى المؤمنين إلى ما يعزهم ويكملهم ويسعدهم ففي هذه الآية ( 144 ) يناديهم تعالى بعنوان الإِيمان وهو الروح الذي به الحاية ونهاهم عن اتخاذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين فيقول : { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين } ومعنى اتخاذهم أولياء موادتهم ومناصرتهم والثقة فيهم والركون إليهم والتعاون معهم ، ولما كان الأمر ذا خطورة كاملة عليهم هددهم تعالى بقوله : { أتريدون أن تجعلوا لله سلطانا مبيناً } فيتخلى عنكم ويسلط عليكم أعداءه الكافرين فيستأصلوكم ، أو يقهروكم ويستذلوكم ويتحكموا فيكم . ثم حذرهم من النفاق أن يتسرب إلى قلوبهم فأسمعهم حكمه العادل في المنافقين الذين هم رؤوس الفتنة بينهم فقال : { إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار } ، فأسفل طبقة في جهنم هي مأوى المنافقين يوم القيامة ، ولن يوجد لهم ولي ولا نصير أبداً ثم رحمة بعباده تبارك وتعالى يفتح باب التوبة للمنافقين على مصراعيه ويقول لهم { إلا الذين تابوا } إلى ربهم فآمنوا به وبرسوله حق الإِيمان { وأصلحوا } أعمالهم { واعتصموا بالله } ونفضوا أيديهم من أيدي الكافرين
نورالجنة
نورالجنة

إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا145


تفسير اللباب:
الدَّرْك : قرأ الكوفيُّون - بخلاف عن عاصمٍ - بسكون الراء ، والباقون بفتحها ، وفي ذلك قولان :
أحدهما : أنَّ الدَّرْك والدَّرَكِ لغتان بمعنى واحدٍ ، كالشَّمْعِ ، والقَدْرِ والقَدَرِ .
والثاني : أن الدَّرَكَ بالفتح جمعُ « دَرَكَة » على حدِّ بَقَر وبَقَرة .
وقال أبو حاتم : جَمْع الدَّرْكِ : أدْرَاك؛ مثل حَمْل وأحْمَال ، وفَرْس وأفراس وجمع الدرك : أدْرُك؛ مثل أفْلُس وأكْلُب .
واختار أبو عُبيد الفتح ، قال : لأنه لم يَجِئْ في الآثار ذكرُ « الدَّرَك » إلا بالفتح ، وهذا غيرُ لازمٍ مجيء الأحاديثِ بإحدى اللغتين ، واختار بعضهم الفتح؛ لجمعه علَى أفعال قال الزمخشريُّ : « والوجهُ التحريكُ؛ لقولهم : أدْرَاكُ جَهَنَّمَ » ، يعني أنَّ أفْعَالاً منقاسٌ في « فَعَلٍ » بالفتحِ ، دونَ فَعْل بالسكون ، على أنه قد جاء أفعالٌ في فعْلٍ بالسكون؛ نحو : فَرْخٍ وأفراخ ، وزنْدٍ وأزنَادٍ ، وفَرْدٍ وأفْرَادٍ ، وقال أبو عبد الله الفاسيُّ في شرحِ القصيدِ : « وقال غيرُه - يعني غيرَ عاصم -؛ محتجاً لقراءة الفتحِ؛ قولهم في جمعه : » أدْرَاك « يدُلُّ على أنه » دَرَكٌ « بالفتح ، ولا يلزمُ ما قال أيضاً؛ لأن فعلاً بالتحريك قد جُمِعَ فعلٌ بالسكون على أفعالٍ نحو : فَرْخٍ وأفْرَاخٍ ، كما ذكرته لك ، وحُكِيَ عن عاصم أنه قال : » لو كان « الدَّرَكُ » بالفتح ، لكان ينبغي أن يقال السُّفْلى لا الأسفل « قال بعض النحويِّين : يعني أنَّ الدَّرَك بالفتح جمع » دَرَكَة « ؛ كبَقَرٍ جمع بقَرَةٍ ، والجمعُ يُعامَلُ معاملةَ المؤنثة ، وهذا غيرُ لازم؛ لأنَّ اسم الجنس الفارقُ بين واحده وجمعه تاءُ التأنيث يجوز تذكيرُه وتأنيثه ، إلا ما استُثني وجوبُ تذكيره أو تأنيثه ، والدَّرَكُ ليس منه ، فيجوزُ فيه الوجهان ، هذا بعد تسليم كون » الدَّرْكِ « جمع » دَرَكَةٍ « بالسكون كما تقدم ، والدَّرَكُ مأخوذٌ من المُداركة ، وهي المتابعةُ ، وسُمِّيَتْ طبقاتُ النارِ » دَرَكَاتٍ « ؛ لأنَّ بعضها مَدَارِكُ لبعض ، أي : متتابعة .
قوله : » من النَّارِ « في محلَّ نصب على الحال ، وفي صاحبها وجهان :
أحدهما : أنه » الدَّرْك « ، والعامل فيها الاستقرار .
والثاني : أنه الضميرُ المستتر في » الأسْفَل « ؛ لأنه صفةُ ، فيتحمل ضميراً .
قال الليث : الدَّرْكُ أقْصَى قعْر الشيء؛ كالبَحْر ونحوه ، فعلى هذا المُرَاد بالدَّرْكِ الأسْفَل : أقْصَى قعر جَهَنَّم ، وأصْلُ هذا من الإدْرَاكِ بمعنى اللُّحُوق ، ومنه إدراكُ الطَّعَام وإدْراكُ الغُلاَمِ ، قال الضحاك : إذا كان بَعْضُها فوقَ بَعْضٍ ، والدَّرك إذا كانَ بعضها أسْفَل مِنْ بَعْضٍ .
فصل في معنى الدرك
قال ابن مَسْعُود : الدَّرْكُ الأسْفَل من النَّارِ : توابِيت من حديدٍ مُقْفَلَة في النَّارِ ، وقال أبُو هُرَيْرَة : بَيْتٌ يُقْفَل عليهم ، تتوَقَّد فيه النَّارُ من فوقهم ومن تَحْتِهِم .
فصل
قال ابن الأنْبَارِيّ : قال - تعالى - في صِفَةِ المُنَافِقِين : إنَّهُم في الدَّرْكِ الأسْفَلِ من النَّارِ ، وقال في آلِ فِرْعَوْن : أدخلوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ العذاب } فأيُّهُمَا أشَدُّ عَذَاباً : المُنَافِقُون ، أم آل فِرْعوْن؟
وأجَابَ : بأنَّهُ يحتمل أنَّ أشَدَّ العذاب إنَّما يكُون في الدَّرْكِ الأسْفَلِ ، وقد اجْتَمَع فيه الفَريقَانِ .
فصل لماذا كان المنافقون أشد عذاباً من الكفار؟
إنَّما كان المُنَافِقُون أشَدّ عَذَاباً من الكُفَّارِ؛ لأنَّهم مِثْلهم في الكُفْر ، وضَمُّوا إليه نَوْعاً آخَرَ من الكُفْرِ ، وهو الاسْتِهْزَاء بالإسْلامِ ؛ ليَتَمَكَّنُوا من الاطِّلاعِ على أسْرَار المُسْلِمِين ثُمَّ يُخْبِرُون الكُفَّار بذلك فتتضاعف المِحْنَة .
قوله : { وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً } مانعاً من العذاب .
واحْتَجُّوا بهَذِهِ الآيَةِ على إثْبَات الشَّفَاعةِ للفُسَّاقِ من المُسْلِمِين؛ لأنه - تعالى - خَصَّ المُنَافِقِين بهذا التَّهْدِيدِ ، ولو كَانَ ذلك حَاصِلاً لِغَيْر المُنَافِقِين ، لم يَكُنْ ذلك زَجْراً عن النِّفَاقِ من حَيْثُ إنَّه نِفَاقٌ ، ولَيْس هذا اسْتِدْلاَلاً بِدَلِيلِ الخِطَابِ ، بل وجْه الاستدلالِ فيه؛ أنه - تعالى - ذَكَرَهُ في مَعْرِضِ الزَّجْرِ عن النِّفَاقِ ، فلو حَصَل ذلك مع عَدَمِهِ ، لم يَبْقَ زَجْراً عَنْه من حَيْث إنَّه نِفَاقٌ .


تفسير البيضاوي

انَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا (145)

{ إِنَّ المنافقين فِي الدرك الأسفل مِنَ النار } وهو الطبقة التي في قعر جهنم ، وإنما كان كذلك لأنهم أخبث الكفرة إذ ضموا إلى الكفر استهزاء بالإِسلام وخداعاً للمسلمين ، وأما قوله عليه الصلاة والسلام " ثلاث من كن فيه فهو منافق وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم : «من إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا ائتمن خان " ونحوه فمن باب التشبيه والتغليظ ، وإنما سميت طبقاتها السبع دركات لأنها متداركة متتابعة بعضها فوق بعض . وقرأ الكوفيون بسكون الراء وهي لغة كالسطر والسطر والتحريك أوجه لأنه يجمع على إدراك . { وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً } يخرجهم منه .


تفسير الالوسي

إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا (145)

{ إِنَّ المنافقين فِى الدرك الاسفل مِنَ النار } أي في الطبقة السفلى منها وهو قعرها ، ولها طبقات سبع تسمى الأولى كما قيل : جهنم ، والثانية : لظى ، والثالثة : الحطمة ، والرابعة : السعير ، والخامسة : سقر ، والسادسة : الجحيم ، والسابعة : الهاوية ، وقد تسمى النار جميعاً باسم الطبقة الأولى ، وبعض الطبقات باسم بعض لأن لفظ النار يجمعها؛ وتسمية تلك الطبقات دركات لكونها متداركة متتابعة بعضها تحت بعض ، والدرك كالدرج إلا أنه يقال باعتبار الهبوط ، والدرج باعتبار الصعود ، وفي كون المنافق في الدرك الأسفل إشارة إلى شدّة عذابه .
وقد أخرج ابن أبي الدنيا عن الأحوص عن ابن مسعود أن المنافق يجعل في تابوت من حديد يصمد عليه ثم يجعل في الدرك الأسفل وإنما كان أشد عذاباً من غيره من الكفار لكونه ضم إلى الكفر المشترك استهزاءاً بالإسلام وخداعاً لأهله ، وأما ما روى في «الصحيحين» من قوله صلى الله عليه وسلم : " أربع من كنّ فيه كان منافقاً خالصاً ومن كانت فيه خصلة منهن كان فيه خصلة من النفاق حتى يدعها ، إذا ائتمن خان ، وإذا حدث كذب ، وإذا وعد غدر ، وإذا خاصم فجر " فقد قال المحدثون فيه : إنه مخصوص بزمانه صلى الله عليه وسلم لاطلاعه بنور الوحي على بواطن المتصفين بهذه الخصال فأعلم عليه الصلاة والسلام أصحابه رضي الله تعالى عنهم بأماراتهم ليحترزوا عنهم ، ولم يعينهم حذراً عن الفتنة وارتدادهم ولحوقهم بالمحاربين ، وقيل : ليس بمخصوص ولكنه مؤل بمن استحل ذلك ، أو المراد من اتصف بهذه فهو شبيه بالمنافقين الخلص ، وأطلق صلى الله عليه وسلم ذلك عليه تغليظاً وتهديداً له ، وهذا في حق من اعتاد ذلك لا من ندر منه ، أو هو منافق في أمور الدين عرفاً والمنافق في العرف يطلق على كل من أبطن خلاف ما يظهر مما يتضرر به وإن لم يكن إيماناً وكفراً ، وكأنه مأخوذ من النافقاء ، وليس المراد الحصر وهذا صدر منه صلى الله عليه وسلم باقتضاء المقام ، ولذا ورد في بعض الروايات «ثلاث» وفي بعضها «أربع» .
وقرأ الكوفيون { الدرك } بسكون الراء وهو لغة كالسطر والسطر ، والفتح أكثر وأفصح لأنه ورد جمعه على أفعال ، وأفعال في فعل المحرك كثير مقيس ، ووروده في الساكن نادر كفرخ وأفراخ ، وزند وأزناد وكونه استغنى بجمع أحدهما عن الآخر جائز لكنه خلاف الظاهر ، فلا يندفع به الترجيح والكلام مخرّج مخرج الحقيقة ، وزعم أبو القاسم البلخي أن لا طبقات في النار ، وأن هذا إخبار عن بلوغ الغاية في العقاب كما يقال : إن السلطان بلغ فلاناً الحضيض وفلاناً العرش ، يريدون بذل انحطاط المنزلة وعلوها لا المسافة ، ولايخفى أنه خلاف ما جاءت به الآثار ، و { مِنَ النار } في محل النصب على الحال؛ وفي صاحبها وجهان : أحدهما : أنه { الدرك } والعامل الاستقرار ، والثاني : أنه الضمير المستتر في { الاسفل } لأنه صفة ، فيتحمل الضمير أي حال كون ذلك من النار .
{ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً } يخرجهم منه أو يخفف عنهم ما هم فيه يوم القيامة حين يكونون في الدرك الأسفل وكون المراد ولن تجد لهم نصيراً في الدنيا لتكون الآية وصفاً لهم بأنهم خسروا الدنيا والآخرة ليس بشيء كما لا يخفى ، والخطاب لكل من يصلح له .


تفسير الدر المنثور

إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا (145)

أخرج الفريابي وابن أبي شيبة وهناد وابن أبي الدنيا وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم في صفة النار عن ابن مسعود { إن المنافقين في الدرك الأسفل } قال : في توابيت من حديد مقفلة عليهم ، وفي لفظ : مبهمة عليهم ، أي مقفلة لا يهتدون لمكان فتحها .
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن أبي هريرة { إن المنافقين في الدرك الأسفل } قال : الدرك الأسفل . بيوت من حديد لها أبواب تطبق عليها ، فيوقد من تحتهم ومن فوقهم .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن أبي هريرة { إن المنافقين في الدرك } قال : في توابيت ترتج عليهم .
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس { في الدرك الأسفل } يعني في أسفل النار .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن عبد الله بن كثير قال : سمعت أن جهنم أدراك منازل ، بعضها فوق بعض .
وأخرج ابن أبي الدنيا في صفة النار عن أبي الأحوص قال : قال ابن مسعود : أي أهل النار أشد عذاباً؟ قال رجل : المنافقون . قال : صدقت ، فهل تدري كيف يعذبون؟ قال : لا . قال : يجعلون في توابيت من حديد تصمد عليهم ، ثم يجعلون في الدرك الأسفل ، في تنانير أضيق من زج ، يقال له : جب الحزن يطبق على أقوام بأعمالهم آخر الأبد .
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الإخلاص وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن معاذ بن جبل . أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين بعثه إلى اليمن : أوصني . قال : « أخلص دينك يكفك القليل من العمل » .
--------------------
تفسير هميان الزاد
إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا (145)

{ إِنَّ المُنَافِقِينَ فِى الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ } : ان الذين أتوا بالقول ، وضيعوا العمل ، سواء كان أيضا الشرك فى قلوبهم أو لم يكنم ، وقال غير أصحابنا : المنافقون هم الذين أظهروا الشرك ، وأظهروا التوحيد ، وقال أصحابنا : هم الذين ضيعوا العمل وفى ألسنتهم وقلوبهم التوحيد ، ويدل له قوله صلى لله عليه سلم : « ثلاث من كن فيه فهو منافق وان صام وصلى وزعم أنه مسلم : من اذا حدث كذب ، واذا وعد أخلف ، واذا اؤتمن خان » .
وزعم غيرهم أنه سمى من كن فيه منافقا تغليظا وتشبيها بمن أضمر الشرك ، وهو خلاف الظاهر ، نعم الذى يظهر لى أن المنافق يطلق بالوجهين ، كما رأيت الدلائل كالمنافقين فى صورة التوبة فان الظاهر أنهم مشركون ، وذكر الخازن قول أصحابنا بقوله ، وقيل : هو الذي يصف الاسلام بلسانه ، ولا يعلم بشرائعه ، أو عنى قوله حذيفة المنافق الذى يصف الاسلام ، ولا يعمل به ، وقول الحسن أبى على : النافق زمان ، وهو متروك فيه ، فأصبح قد عمم وقلد وأعطى سيفا يعنى الحجاج .
وقول ابن عمر لما قال له : ندخل على السلطان ونتكلم بكلام فذا خرجنا تكلمنا بخلاف إنا كنا نعد هذا من النفاق ، وهذه الروايات دلائل لأصحابنا .
والدرك الأسفل من النار طبقة السفلى من النبار ، سميت طبقاتها دركات لأنها تداركت آى تلاحقت واتصلت يتلوا بعض بعضا ، وبعض تحت بعض متصل به ، وانما كان المنافقون فى سفلاهن على مذهب أصحابنا فيما يظهر لى ، لأنهم علموا ما لم يعلمه المشركون وحققوا ما لم يحقق المشركون ، ودركات جنهم سبع ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : « ويل لمن علم ولم يعمل سبع مرات » فكانت لهم مجاوزة ست دركات والوقوع فى السابعة الجامعة لأنواع عذاب الست وزيادة ، ولأنهم شاركوا المشركين فى مطلق المعاصى ، وزادوا بالخدع للمسلمين وغشهم .
والاستهزاء بالايمان وان لم يكونوا بصورة الخداع ، وظهر أمرهم ففيهم الاستهزاء به وان أضمروا الشرك اذا أطلقنا اسم المشرك على مضمره ، ففيهم تلك الشرور كلها مع عظم الخدع بكونه بالشرك ، ولا سيما أن ضموا اليه نقل أسرار المسلمين للمشركين ، والدلالة على المسلمين لمن يقتلهم أو يأخذ مالهم ، وكانوا أشد تمكنا من المسلمين ، لأنهم عدو داخل ، ومن حضر منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو أشد عذابا ، لأنه شاهد المعجزات الحق أرق .
قال أبو هريرة ، وابن سعود وغيرهم : المنافقون فى الدرك الأسفل من النار فى توابيت من النار ، تقفل عليهم ، وتوقد النار من تحتهم وفوقهم ، وعبارة بعض غير أصحابنا أن المنافقين مختصون بزمان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وليس على ظاهره ، وانما أراد نفى تسمية من فسق بعد موته منافقا ، لم يرد أنه ان اتصف أحد بعده صلى الله عليه سلم بصفة المنافقين على عهده لا يسمى منافقا ، وغير أصحابنا يقولون : ان الفسقة من هذه الأمة يكونون فى الطبقة الأولى من النار ، وهى الأعلى والظاهر أنهم يقولون كذلك فى فسقه سائر الأمم ، وأنهم يقولون باخراجهم أيضا من النار ، كما يقولون فى فسقه هذه الأمة ، وقرأ الكوفيون باسكان راء الدرك والفتح أولى ، لأنه يجمع على ادراك لا أدرك ، وفسر بعضهم الدرك بالفتح والاسكان ببيت مقفل عليهم توقد النار فوقه وتحته ، وبعض بتابوت توقد فوقه وتحته . { وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً } : يخرجهم عن الدرك ، وليس رسول الله صلى الله عليه وسلم يبتغى لهم نصيرا ، ولكن المعنى لو بحثت لهم عن نصر لم تجده أو لا ترى لهم نصيرا لأنه غير موجود .



تفسير الشنقيطي

قوله تعالى : { إِنَّ المنافقين فِي الدرك الأسفل مِنَ النار } الآية .
ذكر في هذه الآية الكريمة أن المنافقين في أسفل طبقات النار عياذاً بالله تعالى .
وذكر في موضع آخر أن آل فرعون يوم القيامة يؤمر بإدخالهم أشد العذاب ، وهو قوله : { وَيَوْمَ تَقُومُ الساعة أدخلوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ العذاب } .

وذكر في موضع آخر : أنه يعذب من كفر من أصحاب المائدة عذاباً لا يعذبه أحداً من العالمين وهو قوله تعالى : { قَالَ الله إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فإني أُعَذِّبُهُ عَذَاباً لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِّنَ العالمين } فهذه الآيات تبين أن أشد أهل النار عذاباً المنافقون وآل فرعون ومن كفر من أصحاب المائدة ، كما قاله ابن عمر - رضي الله عنهما - والدرك بفتح الراء وإسكانها لغتان معروفتان وقراءتان سبعيتان .




التحرير و التنوير

قّب التعريض بالمنافقين من قوله : { لا تتّخذوا الكافرين أولياء } كما تقدّم بالتصريح بأنّ المنافقين أشدّ أهل النار عذاباً . فإنّ الانتقال من النهي عن اتّخاذ الكافرين أولياء إلى ذكر حال المنافقين يؤذن بأنّ الذين اتّخذوا الكافرين أولياء معدودن من المنافقين ، فإنّ لانتقالات جمل الكلام معاني لا يفيدها الكلام لما تدلّ عليه من ترتيب الخواطر في الفكر .
وجملة { أن المنافقين } مستأنفة استئنافاً بيانياً ، ثانياً إذ هي عود إلى أحوال المنافقين .
وتأكيد الخبر ب ( إنّ ) لإفادة أنّه لا محِيصَ لهم عنه .
والدّرك : اسم جَمع دَرَكة ، ضدّ الدُّرج اسم جمع دَرجة . والدركة المنزلة في الهبوط . فالشيء الذي يقصد أسفله تكون منازل التدليّ إليه دركات ، والشيء الذي يقصد أعلاه تكون منازل الرقيّ إليه درجات ، وقد يطلق الأسمان على المنزلة الواحدة باختلاف الاعتبار وإنّما كان المنافقون في الدرك الأسفل ، أي في أذلّ منازل العذاب ، لأنّ كفرهم أسوأ الكفر لما حفّ به من الرذائل .
وقرأ الجمهور : { في الدرَك بفتح الراء على أنّه اسم جمع دَرَكة ضدّ الدرجة . وقرأه عاصم . وحمزة ، والكسائي ، وخلف بسكون الراء وهما لغتان وفتح الراء هو الأصل ، وهو أشهر .

والخطاب في ولن تجد لهم نصيراً } لكلّ من يصحّ منه سماع الخطاب ، وهو تأكيد للوعيد ، وقطع لرجائهم ، لأنّ العرب ألفوا الشفاعات والنجدات في المضائق . فلذلك كثر في القرآن تذييل الوعيد بقطع الطمع في النصير والفداء ونحوهما .


الرازي

انَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا (145)

وفيه مسائل :
المسألة الأولى : قال الليث : الدرك أقصى قعر الشيء كالبحر ونحوه ، فعلى هذا المراد بالدرك الأسفل أقصى قعر جهنم ، وأصل هذا من الإدراك بمعنى اللحوق ، ومنه إدراك الطعام وإدراك الغلام ، فالدرك ما يلحق به من الطبقة ، وظاهره أن جهنم طبقات ، والظاهر أن أشدها أسفلها . قال الضحاك : الدرج إذا كان بعضها فوق بعض ، والدرك إذا كان بعضها أسفل من بعض .
المسألة الثانية : قرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم { فِى الدرك } بسكون الراء والباقون بفتحها ، قال الزجاج : هما لغتان مثل الشمع والشمع ، إلا أن الاختيار فتح الراء لأنه أكثر استعمالاً قال أبو حاتم : جمع الدرك أدراك كقولهم : جمل وأجمل ، وفرس وأفرس ، وجمع الدرك أدرك مثل فلس وأفلس وكلب وأكلب .
المسألة الثالاثة : قال ابن الأنباري : إنه تعالى قال في صفة المنافقين إنهم في الدرك الأسفل ، وقال في آل فرعون { ادخلوا آل فرعون أشد العذاب } فأيهما أشد عذاباً ، المنافقون أم آل فرعون؟ وأجاب بأنه يحتمل أن أشد العذاب إنما يكون في الدرك الأسفل ، وقد اجتمع فيه الفريقان .
المسألة الرابعة : لما كان المنافق أشد عذاباً من الكافر لأنه مثله في الكفر ، وضم إليه نوع آخر من الكفر ، وهو الاستهزاء بالإسلام وبأهله ، وبسبب أنهم لما كانوا يظهرون الإسلام يمكنهم الاطلاع على أسرار المسلمين ثم يخبرون الكفار بذلك فكانت تتضاعف المحنة من هؤلاء المنافقين ، فلهذه الأسباب جعل الله عذابهم أزيد من عذاب الكفار .
ثم قال تعالى : { وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً } وهذا تهديد لهم . واحتج أصحابنا بهذا على إثبات الشفاعة في حق الفساق من أهل الصلاة ، قالوا : إنه تعالى خصّ المنافقين بهذا التهديد ، ولو كان ذلك حاصلاً في حق غير المنافقين لم يكن ذلك زجراً عن النفاق من حيث أنه نفاق ، وليس هذا استدلالاً بدليل الخطاب ، بل وجه الاستدلال فيه أنه تعالى ذكره في معرض الزجر عن النفاق ، فلو حصل ذلك مع عدمه لم يبق زجراً عنه من حيث إنه نفاق .
نورالجنة
نورالجنة
إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا (146)




تفسير مقاتل

{ إِلاَّ الذين تَابُواْ } من المنافقين ، { وَأَصْلَحُواْ } العمل { واعتصموا } ، يعنى احترزوا { بالله وَأَخْلَصُواْ دِينَهُمْ } الإسلام { للَّهِ } عز وجل ولم يخلطوا بشرك ، { فأولئك مَعَ المؤمنين } فى الولاية ، { وَسَوْفَ يُؤْتِ الله المؤمنين أَجْراً عَظِيماً } ، يعنى جزاء وافراً .


تفسير الرازي

وأعلم أن هذه الآية فيها تغليظات عظيمة على المنافقين ، وذلك لأنه تعالى شرط في إزالة العقاب عنهم أموراً أربعة : أولها : التوبة ، وثانيها : إصلاح العمل ، فالتوبة عن القبيح ، وإصلاح العمل عبارة عن الإقدام على الحسن ، وثالثها : الاعتصام بالله ، وهو أن يكون غرضه من التوبة وإصلاح العمل طلب مرضاة الله تعالى لا طلب مصلحة الوقت ، لأنه لو كان مطلوبه جلب المنافع ودفع المضار لتغير عن التوبة وإصلاح العمل سريعاً ، أما إذا كان مطلوبه مرضاة الله تعالى وسعادة الآخرة والاعتصام بدين الله بقي على هذه الطريقة ولم يتغير عنها . ورابعها : الإخلاص ، والسبب فيه أنه تعالى أمرهم أولاً : بترك القبيح ، وثانياً : بفعل الحسن ، وثالثاً : أن يكون غرضهم في ذلك الترك والفعل طلب مرضاة الله تعالى ، ورابعاً : أن يكون ذلك الغرض وهو طلب مرضاة الله تعالى خالصاً وأن لا يمتزج به غرض آخر ، فإذا حصلت هذه الشرائط الأربعة فعند ذلك قال : { فَأُوْلَئِكَ مَعَ المؤمنين } ولم يقل فأولئك مؤمنون ، ثم أوقع أجر المؤمنين في التشريف لإنضمام المنافقين إليهم ، فقال : { وَسَوْفَ يُؤْتِ الله المؤمنين أَجْراً عَظِيماً } وهذه القرائن دالة على أن حال المنافق شديد عند الله تعالى




تفسير هميان الزاد

{ إِلا الَّذِينَ تَابُوا } : ندموا عن نفاقهم .
{ وَأَصْلَحُوا } : ما أفسدوا من أسرارهم وأحوالهم حال النفاق وروده ، وما استهلكوا من الأموال والأنفس ، وردوا المظالم ، فان المنافق ولو كان قد أسر الشرك لا يعافى فيما يعافى فيه من أسلم من الشرك هذا ما ظهر لى ، وذلك تغليظ عليه ، وقد أجريت عليه أحكام أهل التوحيد .
{ وَاعَصًمُوا بِاللهِ } : تمسكوا بدينه طلبا لمرضاته والنجاة من الهلاك .
{ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ } : طاعتهم { للهِ } : لم يشركوا به غيره ، ولا مزجوها بغرض دنيوى .
{ فَأُوْلَئِكَ مَعَ المُؤْمِنِينَ } : فى الجنة والولاية والرحمة ، وفى عددهم فى الدينا ، ويكفى هذا عن جعل مع بمعنى من كما قيل انها بمعنى من ، وأن المعنى من المؤمنين والاسم لا يكون بمعنى مجرد الحرف .
{ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللهُ المُؤمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً } : هو الجنة فى الآخرة فتكون لأولئك معهم الجنة ، وذلك كما يقول الملك : أنت مع خاصتى وسأكرم خاصتى .



تفسير الخازن

: { إلا الذين تابوا } يعني من النفاق { وأصلحوا } يعني أصلحوا الأعمال فعملوا بما أمر الله به وأدوا فرائضه وانتهوا عما نهاهم عنه { واعتصموا بالله } يعني وتمسكوا بعهد الله ووثقوا به { وأخلصوا دينهم لله } يعني وأخلصوا طاعتهم وأعمالهم التي عملوها لله وأرادوه بها ولم يريدوا رياء ولا سمعة فهذه الأمور الأربعة إذا حصلت فقد كمل الإيمان فلذلك قال تعالى : { فأولئك } يعني التائبين من النفاق { مع المؤمنين } يعني في الجنة وقيل مع بمعنى من أي المؤمنين { وسوف يؤت الله المؤمنين أجراً عظيماً } يعني في الآخرة .




تفسير البيضاوي

{ إِلاَّ الذين تَابُواْ } عن النفاق . { وَأَصْلَحُواْ } ما أفسدوا من أسرارهم وأحوالهم في حال النفاق . { واعتصموا بالله } وثقوا به أو تمسكوا بدينه . { وَأَخْلَصُواْ دِينَهُمْ للَّهِ } لا يريدون بطاعتهم إلا وجهه سبحانه وتعالى . { فأولئك مَعَ المؤمنين } ومن عدادهم في الدارين . { وَسَوْفَ يُؤْتِ الله المؤمنين أَجْراً عَظِيماً } فيساهمونهم فيه .



فتح القدير

{ إِلاَّ الذين تَابُواْ } استثناء من المنافقين ، أي : إلا الذين تابوا عن النفاق { وَأَصْلَحُواْ } ما أفسدوا من أحوالهم { وَأَخْلَصُواْ دِينَهُمْ للَّهِ } أي : جعلوه خالصاً له غير مشوب بطاعة غيره . والاعتصام بالله : التمسك به والوثوق بوعده ، والإشارة بقوله : { أولئك } إلى الذين تابوا ، واتصفوا بالصفات السابقة . قوله : { مَعَ المؤمنين } قال الفراء : أي : من المؤمنين يعني الذين لم يصدر منهم نفاق أصلاً . قال القتيبي : حاد عن كلامهم غضباً عليهم ، فقال : { فَأُوْلَئِكَ مَعَ المؤمنين } ولم يقل هم المؤمنون . انتهى . والظاهر أن معنى « مع » معتبر هنا ، أي : فأولئك مصاحبون للمؤمنين في أحكام الدنيا والآخرة . ثم بين ما أعدّ الله للمؤمنين الذين هؤلاء معهم ، فقال : { وَسَوْفَ يُؤْتِ الله المؤمنين أَجْراً عَظِيماً } وحذفت الياء من { يؤت } في الخط ، كما حذفت في اللفظ لسكونها وسكون اللام بعدها ، ومثله { يَوْمَ يدع الداع } و { سَنَدْعُ الزبانية } و { يَوْمَ يُنَادِ المناد } ونحوها ، فإن الحذف في الجميع لالتقاء الساكنين .






تفسير السيوطي

وأخرج ابن أبي شيبة والمروزي في زوائد الزهد وأبو الشيخ بن حبان عن مكحول قال : بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « ما أخلص عبد لله أربعين صباحاً إلا ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه » .
وأخرج أحمد والبيهقي عن أبي ذر . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « قد أفلح من أخلص قلبه للإيمان ، وجعل قلبه سليماً ، ولسانه صادقاً ، ونفسه مطمئنة ، وخليقته مستقيمة ، وأذنه مستمعة ، وعينه ناظرة ، فأما الأذن فقمع ، والعين مقرة لما يوعي القلب ، وقد أفلح من جعل قلبه واعياً » .
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن زيد بن أرقم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من قال لا إله إلا الله مخلصاً دخل الجنة ، قيل : يا رسول الله وما إخلاصها؟ قال : أن تحجزه عن المحارم » .
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد والحكيم والترمذي وابن أبي حاتم عن أبي ثمامة قال : قال الحواريون لعيسى عليه السلام : يا روح الله من المخلص لله؟ قال : الذي يعمل لله لا يحب أن يحمده الناس عليه .
وأخرج ابن عساكر عن أبي إدريس قال : لا يبلغ عبد حقيقة الإخلاص حتى لا يحب أن يحمده أحد على شيء من عمل الله عز وجل .


تفسير اللباب

فصل
معنى الآية { إِلاَّ الذين تَابُواْ } : من النِّفَاقِ وآمَنُوا ، « وأَصْلَحُوا » أعْمَالَهُم ، « واعْتَصَمُوا باللَّهِ » ووثِقُوا باللَّهِ ، { وَأَخْلَصُواْ دِينَهُمْ للَّهِ } وأراد الإخلاَصِ بالقَلْبِ؛ لأن النِّفَاقَ كُفْر القَلْبِ ، فَزَوالُهُ يكُونُ بإخلاصِ القَلْبِ ، فإذا حَصَلَت هذه الشُّروط ، فِعنْدَها قال : { فأولئك مَعَ المؤمنين } ، ولم يَقُلْ : فأولئَك مُؤمِنُون .
قال الفَرَّاء : معناه : فَأولَئِك من المُؤمِنِين .
قوله : « وَسَوْفَ يُؤْتِ الله رُسِمَتْ « يُؤتِ » دون « يَاءٍ » وهو مضارعٌ مرفوع ، فحقُّ يائه أن تثبت لفظاً وخَطَّاً ، إلا أنها حذفتْ لفظاً في الوصل؛ لالتقاء الساكنين فجاءُ الرسمُ تابعاً للفظ ، وله نظائرُ تقدَّم بعضها ، والقراءُ يقفون عليه دون ياءٍ اتِّباعاً للرسْمِ ، إلا يعقوب ، فإنه يقف بالياء؛ نظراً إلى الأصل ، ورُوي ذلك أيضاً عن الكسَائيِّ وحمزة ، وقال أبو عَمْرو : « ينبغي ألاَّ يُوقفَ عليها؛ لأنَّه إنْ وُقِفَ عليها كما في الرسْمِ دون ياء خالَفَ النحويين ، وإن وقف بالياء خالَفَ رسْم المصْحَف » ، ولا بأسَ بما قالَ؛ لأن الوقْفَ ليس ضروريًّا ، فإن اضْطُرَّ إليه واقفٌ؛ لقَطْعِ نفس ونحوه ، فينبغي أن يُتابعَ الرسمُ؛ لأنَّ الأطرافَ قد كَثُر حَذفُهَا ، ومِمَّا يشبه هذا الموضع قوله { وَمَن تَقِ السيئات يَوْمَئِذٍ } فإنه رسم « تَقِ » بقافٍ ، دون هاءِ سكت ، وعند النحويين : أنه أنه إذا حُذِفَ من الفعل شيءٌ؛ حتى لم يَبْقَ منه إلا حرفٌ واحدٌ ، ووُقِفَ عليه ، وجَبَ الإتيانُ بهاء السكت في آخره؛ جَبْراً له؛ نحو : « قِهْ » و « لَمْ يَقِهْ » و « عِهْ » و « لَمْ يَعِهْ » ، ولا يُعتَدُّ بحرف المضارعة؛ لزيادته على بنية الكلمة ، فإذا تقرَّر هذا ، فنقول : ينبغي ألاَّ يُوقَفَ عليه؛ لأنه إن وُقِفَ بغير هاءِ سكتٍ ، خالف الصناعةَ النحويةَ ، وإنْ وُقِفَ بهاء خالف رَسْمَ المُصْحف .
والمراد : « يؤتي الله المؤمنين » في الآخِرَةِ ، « أَجْراً عَظِيماً » .



تفسير الأولوسي

{ إِلاَّ الذين تَابُواْ } عن النفاق وهو استثناء من المنافقين ، أو من ضميرهم في الخبر ، ( أو ) من الضمير المجرور في لهم؛ وقيل : هو في موضع رفع بالابتداء والخبر ما بعد الفاء؛ ودخلت لما في الكلام من معنى الشرط { وَأَصْلَحُواْ } ما أفسدوا من نياتهم وأحوالهم في حال النفاق ، وقيل : ثبتوا على التوبة في المستقبل ، والأول أولى { واعتصموا بالله } أي تمسكوا بكتابه ، أو وثقوا به { وَأَخْلَصُواْ دِينَهُمْ للَّهِ } لا يريدون بطاعتهم إلا وجهه ورضاه سبحانه لا رياء الناس ، ودفع الضرر كما في النفاق ، وأخرج أحمد والترمذي وغيرهما عن أبي ثمامة قال : قال الحواريون لعيسى عليه السلام : يا روح الله من المخلص لله؟ قال : الذي يعمل لله تعالى لا يحب أن يحمده الناس عليه { فَأُوْلَئِكَ } إشارة إلى الموصول باعتبار اتصافه بما في حيز ( الصفة ) وما فيه من معنى البعد لما مر غير مرة { مَعَ المؤمنين } أي المعهودين من الذين لم يصدر منهم نفاق أصلاً منذ آمنوا ، والمراد أنهم معهم في الدرجات العالية من الجنة ، أو معدودون من جملتهم في الدنيا والآخرة .

{ وَسَوْفَ يُؤْتِ الله المؤمنين أَجْراً عَظِيماً } لا يقادر قدره فيساهمونهم فيه ويقاسمونهم / وفسر أبو حيان الأجر العظيم بالخلود ، والتعميم أولى ، والمراد بالمؤمنين ههنا ما أريد به فيما قبله ، واعتبار المساهمة جرى عليه غير واحد ، ولولا تفسير الآية بذلك لم يكن لها في ذكر أحوال من تاب من النفاق معنى ظاهر . وذهب بعضهم إلى عدم اعتبارها ، والمراد الإخبار بزيادة ثواب من لم يسبق منه نفاق أصلاً ، وعمم بعض المؤمنين ليشمل من لم يتقدم منه نفاق ومن تقدم منه وتاب عنه ، والظاهر ما ذكرناه ، ورسم { يُؤْتِ } بغير ياء ، وهو مضارع مرفوع فحق يائه أن تثبت لفظاً وخطاً إلا أنها حذفت في اللفظ لالتقاء الساكنين ، وجاء الرسم تبعاً للفظ ، والقراء يقفون عليه دونها اتباعاً للرسم إلا يعقوب فإنه يقف بالياء نظراً إلى الأصل . وروي ذلك أيضاً عن الكسائي وحمزة ونافع ،وادعى السمين أن الأولى اتباع الرسم لأن الأطراف قد كثر حذفها .
_____________________________________________________________________________________

تنبيه عن صحة حديث

من أخلص لله أربعين يوما، ظهرت ينابيع الحكمة على لسانه
هذا الحديث باطل ولايصح
وهذه نقولات حول الحديث

- كشف الخفاء - العجلوني ج 2 ص 224 :
- من أخلص لله أربعين يوما ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه . رواه أبو نعيم بسند ضعيف عن أبي أيوب . وقال في اللآلئ رواه أحمد وغيره عن مكحول مرسلا بلفظ من أخلص لله أربعين يوما تفجرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه ، وروى مسندا من حديث ابن عطية عن ثابت عن أنس بسند فيه يوسف ضعيف لا يحتج به انتهى ، ورواه القضاعي عن ابن عباس مرفوعا قال كأنه يريد بذلك من يحضر العشاء والفجر في جماعة قال ومن حضرها أربعين يوما يدرك التكبيرة الأولى كتب الله له براءتين براءة من النار وبراءة من النفاق ، ورواه أبو الشيخ في ثواب عن أنس بلفظ من أدرك التكبيرة الأولى مع الإمام أربعين صباحا كتب الله له - الحديث . وروى ابن الجوزي في الموضوعات عن أبي موسى رفعه : ما من عبد يخلص لله أربعين يوما - الحديث . والمشهور على الألسنة صباحا بدل يوما ، وأورده الصغاني بلفظ من أخلص لله أربعين صباحا نور الله تعالى قلبه وأجرى ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه . وقال أنه موضوع .
.................................................. ..........
- الموضوعات - ابن الجوزي ج 3 ص 144 :
. باب من أخلص أربعين صباحا فيه عن أبى أيوب وأبى موسى وابن عباس : فأما حديث أبى أيوب : أنبأنا محمد بن عبد الباقي بن أحمد أنبأنا حمد بن أحمد الحداد أنبأنا أبو نعيم أحمد بن عبدالله الحافظ حدثنا حبيب بن الحسن حدثنا عباس بن يوسف الشكلى حدثنا محمد بن سنان حدثنا محمد بن إسماعيل حدثنا يزيد الواسطي أنبأنا حجاج عن مكحول عن أبى أيوب الانصاري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أخلص لله أربعين يوما ظهرت ينابيع الحكمة على لسانه " . وأما حديث أبى موسى : أنبأنا أبو منصور بن خيرون أنبأنا إسماعيل بن مسعدة أنبأنا حمزة بن يوسف أنبأنا أبو أحمد بن عدى حدثنا عبدالله بن محمد بن سلم حدثنا حميد بن زنجويه حدثنا أيوب الدمشقي حدثنا عبدالملك بن مهران الرفاعي حدثنا معن بن عبدالرحمن عن الحسن عن أبى موسى الاشعري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من زهد في الدنيا أربعين يوما وأخلص فيها لله أخرج الله على لسانه ينابيع الحكمة من قلبه " . وأما حديث ابن عباس فأنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي أنبأنا أبو عبد الله محمد بن سلامة القضاعى أنبأنا أبو القاسم يحيى بن على الازدي حدثنا أبو طاهر / صفحة 145 / الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن فيل حدثنا عامر بن سيار حدثنا سوار بن مصعب ابن ثابت البيانى عن مقسم عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أخلص لله تعالى أربعين صباحا ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه " . هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . أما حديث أبى أيوب ففيه يزيد الواسطي وهو يزيد بن عبدالرحمن . قال ابن حبان : كان كثير الخطأ ، فاحش الوهم ، خالف الثقاة في الروايات ، لا يجوز الاحتجاج به ، وحجاج مجروح ، ومحمد بن إسماعيل مجهول ، ولا يصح لقاء مكحول لابي أيوب . وقد ذكر محمد بن سعد أن العلماء قدحوا في رواية مكحول وقالوا : هو ضعيف في الحديث . وأما حديث أبى موسى فقال ابن عدى : هو منكر ، وعبد الملك مجهول . وأما حديث ابن عباس فقال أحمد ويحيى والنسائي : سوار بن مصعب متروك الحديث ، وقال يحيى : ليس بثقة ولا يكتب حديثه . قال المصنف قلت : وقد عمل جماعة من المتصوفة والمتزهدين على هذا الحديث الذى لا يثبت ، وانفردوا في بيت الخلوة أربعين يوما ، وامتنعوا عن أكل الخبز ، وكان بعضهم يأكل الفواكه ويتناول الاشياء التى تتضاعف قيمتها على قيمة الخبز ، ثم يخرج بعد الاربعين فيهذى ويتخيل إليه أنه يتكلم بالحكمة . ولو كان الحديث صحيحا ، فإن الاخلاص يتعلق بقصد القلب لا بفعل البدن ، فلله در العلم .
.................................................. ............................

.................................................. ..........

وقال السيوطي في اللآلي المصنوعة في الأحاديث الموضوعة

(أبو نعيم) حدثنا حبيب بن الحسن حدثنا عباس بن يوسف الشكلي حدثنا محمد بن سيار السياري حدثنا محمد بن إسمعيل حدثنا أبو خالد ابن يزيد الواسطي أنبأنا حجاج عن مكحول عن أبي أيوب الأنصاري قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من أخلص العبادة أربعين يوماً ظهرت ينابيع الحكمة على لسانه: لا يصح زيد بن أبي يزيد عبدالحمن الواسطي كثير الخطأ وحجاج مجروح ومحمد بن إسماعيل مجهول ولا يصح سماع مكحول لأبي أيوب.‏

(ابن عدي) حدثنا عبداللّه بن محمد بن سلم حدثنا حميد بن زنجوية حدثنا أيوب الدمشقي حدثنا عبداللك بن مهران لرفاعي حدثنا معز بن عبدالرحمن عن الحسن عن أبي موسى الأشعري قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من زهد في الدنيا أربعين يوماً وأخلص فيها العبادة أجرى اللّه على لسانه ينابيع الحكمة من قلبه: قال ابن عدي حديث منكر وعبدالملك مجهول. أنبأنا أبو بكر محمد بن عبدالباقي أنبأنا أبو عبداللّه محمد ابن أبي سلامة القضاعي أنبأنا أبو القاسم يحيى بن علي الأزدي حدثنا أبو طاهر الحسن ابن إبراهيم بن فيل حدثنا عامر بن سيار حدثنا سوار بن مصعب عن ثابت البناني عن ابن عباس قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من أخلص للّه أربعين صباحاً ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه: سوار متروك.
(قلت) اقتصر العراقي في تخريج الإحياء على تضعيف الحديث وله طريق عن مكحول مرسل ليس فيه محمد بن إسماعيل ولا يزيد.
قال أبو نعيم حدثنا أبو الحسين محمد بن محمد الجرجاني حدثنا الحسن بن علوية حدثنا يحيى بن معاذ حدثنا علي بن محمد الطنافسي عن أبي معاوية عن حجاج عن مكحول قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ما من عبد يخلص العبادة للّه أربعين يوماً إلا ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه.
وقال هناد في الزهد حدثنا أبو معاوية به بلفظ من أخلص للّه العبادة أربعين يوماً ظهرت إلى آخره.وقال ابن أبي شيبة في المصنف حدثنا أبو خالد احمر عن حجاج عن مكحول قال بلغني أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال مأخلص عبد أربعين صباحاً إلا ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه عى لسانه وله شاهد أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب ذم الدنيا عن صفوان بن سليم مرسلا من زهد في الدنيا أدخل اللّه الحكمة في قلبه. وقال أبو نعيم حدثنا محمد بن عمر بن سلام حدثنا القاسم بن محمد بن جعفر بن محمد بن عبداللّه بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن جعفر بن محمد عن عن أبيه على الحسين عن أبيه عن علي رفعه من أخرجه اللّه من ذل المعاصي إلى عز التقوى أغناه اللّه بلا مال وأعزه بلا عشيرة وأمنه بلا منعه ومن لم يستحي من طلب المعيشة تم اللّه ماله ونعم عياله ومن زهد في الدنيا ثبت اللّه الحكمة في قلبه وأنطق بها لسانه وبصره داءها ودائها وعيوبها وأخرجه اللّه عز وجل سالماً إلى دار السلام.
وقال الديلمي أنبأنا احمد بن نصر أنبانا طاهر بن ماهلة أنبأنا صالح ابن أحمد إجازة ذكر عبدالرحمن بن الحسن وجدت في كتاب جدي أحمد بن محمد ابن عبيد حدثنا أبي حدثنا بشير بن زادان حدثنا عمر بن أصبح عن سعيد بن المسيب عن أبي ذر رفعه عبد في لدنيا إلا أثبت اللّه الحكمة في قلبه وأنطق بها لسانه وبصره عيب الدنيا داءها ودواءها وأخرجه منها سالماً إلى دار السلام واللّه اعلم.‏



من أخلص لله أربعين يوما، ظهرت ينابيع الحكمة على لسانه (ضعيف) الألباني السلسلة الضعيفة 38
المصونة بديني
اريد تفسير سورة البقره من 1الى3 جزاكم الله خير
نورالجنة
نورالجنة
اريد تفسير سورة البقره من 1الى3 جزاكم الله خير
اريد تفسير سورة البقره من 1الى3 جزاكم الله خير



الم


تفسير ابن عباس
الكتاب : تنوير المقباس من تفسير ابن عباس
الم (1)
وبإسناده عن عبد الله بن المبارك قال حدثنا علي بن إسحاق السمرقندي عن محمد بن مروان عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله تعالى : { الم } يقول ألف الله لام جبريل ميم محمد ويقال ألف آلاؤه لام لطفه ميم ملكه ويقال ألف ابتداء اسمه الله لام ابتداء اسمه لطيف ميم ابتداء اسمه مجيد ويقال أنا الله أعلم ويقال قسم أقسم به

_______________________________________



تفسير الفتح القدير

الشوكاني

{ الم } قال القرطبي في تفسيره : اختلف أهل التأويل في الحروف التي في أوائل السور ، فقال الشعبي ، وسفيان الثوري ، وجماعة من المحدثين : هي : سرّ الله في القرآن ، ولله في كل كتاب من كتبه سرّ ، فهي من المتشابه الذي انفرد الله بعلمه ، ولا نحبّ أن نتكلم فيها ، ولكن نؤمن بها ، وتُمَرُّ كما جاءت ، وروي هذا القول عن أبي بكر الصديق ، وعليّ ابن أبي طالب ، قال : وذكر أبو الليث السمرقندي عن عمر ، وعثمان ، وابن مسعود ، أنهم قالوا : الحروف المقطعة من المكتوم الذي لايفسر ، وقال أبو حاتم : لم نجد الحروف في القرآن إلا في أوائل السور ، ولا ندري ما أراد الله عزّ وجل .

وقال : جمع من العلماء كثير : بل نحبّ أن نتكلم فيها ، ونلتمس الفوائد التي تحتها ، والمعاني التي تتخرج عليها . واختلفوا في ذلك على أقوال عديدة ، فروي عن ابن عباس ، وعليّ أيضاً أن الحروف المقطعة في القرآن اسم الله الأعظم إلا أنا لا نعرف تأليفه منها . وقال قُطْرُب ، والفراء ، وغيرهما : هي : إشارة إلى حروف الهجاء أعلم الله بها العرب حين تحدّاهم بالقرآن أنه مؤتلف من حروف هي : التي بناء كلامهم عليها؛ ليكون عجزهم عنه أبلغ في الحجة عليهم إذ لم يخرج عن كلامهم . قال قطرب : كانوا ينفرون عند استماع القرآن ، فلما نزل { الما ، } و { المصا } استنكروا هذا اللفظ ، فلما أنصتوا له صلى الله عليه وسلم أقبل عليهم بالقرآن المؤتلف؛ ليثبته في أسماعهم ، وآذانهم ، ويقيم الحجة عليهم . وقال قوم : روي أن المشركين لما أعرضوا عن القرآن بمكة قالوا { وَقَالُواْ لاَ تَسْمَعُواْ لهذا القرءان والغوا فِيهِ } فأنزلها استغربوها ، فيفتحون أسماعهم ، فيسمعون القرآن بعدها ، فتجب عليهم الحجة . وقال جماعة : هي حروف دالة على أسماء أخذت منها ، وحذفت بقيتها ، كقول ابن عباس ، وغيره الألف من الله ، واللام من جبريل ، والميم من محمد . وذهب إلى هذا الزجاج ، فقال : وذهبوا إلى أن كل حرف منها يؤدي عن معناه! . وقد تكلمت العرب بالحروف المقطعة كقوله :


فقلت لها قفى ، فقالت قاف : أي وقفت . وفي الحديث : « من أعان على قتل مسلم بشطر كلمة » قال شقيق : هو أن يقول فقرة في اقتل : اق ، كما قال صلى الله عليه وسلم « كفى بالسيف شا » أي شافياً ، وفي نسخة شاهداً . وقال زيد بن أسلم : هي أسماء للسور . وقال الكلبي : هي أقسام أقسم الله بها لشرفها وفضلها وهي من أسمائه .


ومن أدقّ ما أبرزه المتكلمون في معاني هذه الحروف ما ذكره الزمخشري في الكشاف ، فإنه قال : وأعلم أنك إذا تأملت ما أورده الله عزّ سلطانه في الفواتح من هذه الأسماء وجدتها نصف أسامي حروف المعجم أربعة عشر سواء : وهي الألف ، واللام ، والميم ، والصاد ، والراء ، والكاف ، والهاء ، والياء ، والعين ، والطاء ، والسين ، والحاء ، والقاف ، والنون في تسع وعشرين سورة على عدد حروف المعجم ، ثم إذا نظرت في هذه الأربعة عشر ، وجدتها مشتملة على أنصاف أجناس الحروف .


بيان ذلك أن فيها من المهموسة نصفها : الصاد ، والكاف ، والهاء ، والسين ، والحاء ، ومن المجهورة نصفها الألف ، واللام ، والميم ، والراء ، والعين ، والطاء ، والقاف ، والياء ، والنون ، ومن الشديدة نصفها : الألف ، والكاف ، والطاء ، والقاف ، ومن الرخوة نصفها : اللام ، والميم ، والراء ، والصاد ، والهاء ، والعين ، والسين ، والحاء ، والياء ، والنون ، ومن المطبقة نصفها : الصاد ، والطاء ، ومن المنفتحة نصفها : الألف ، والام ، والميم ، والراء ، والكاف ، والهاء ، والعين ، والسين ، والحاء ، والقاف ، والياء ، والنون ، ومن المستعلية نصفها : القاف ، والصاد ، والطاء ، ومن المنخفضة نصفها : الألف واللام والميم ، والراء ، والكاف ، والهاء ، والتاء ، والعين ، والسين ، والحاء ، والنون ، ومن حروف القلقة نصفها : القاف ، والطاء ، ثم إذا استقريت الكلم ، وتراكيبها رأيت الحروف التي ألغى الله ذكرها من هذه الأجناس المعدودة مكنوزة بالمذكورة منها ، فسبحان الذي دقت في كل شيء حكمته ، وقد علمت أن معظم الشيء وجُلَّه ينزل منزلة كله ، وهو المطابق للطائف التنزيل ، واختصاراته ، فكأن الله عزّ اسمه عدّد على العرب الألفاظ التي منها تراكيب كلامهم إشارة إلى ما ذكرت من التبكيت لهم ، وإلزام الحجة إياهم ، وما يدل على أنه تعمد بالذكر من حروف المعجم أكثرها ، وقوعاً في تراكيب الكلم ، ان الألف ، واللام لما تكاثر ، وقوعهما فيها جاءتا في معظم هذه الفواتح مكررتين ، وهي فواتح سورة البقرة ، وآل عمران ، والروم ، والعنكبوت ، ولقمان ، والسجدة ، والأعراف ، والرعد ، ويونس ، وإبراهيم ، وهود ، ويوسف ، والحجر . انتهى .


وأقول : هذا التدقيق لا يأتي بفائدة يعتدّ بها ، وبيانه أنه إذا كان المراد منه إلزام الحجة ، والتبكيت كما قال ، فهذا متيسر بأن يقال لهم : هذا القرآن هو من الحروف التي تتكلمون بها ليس هو من حروف مغايرة لها ، فيكون هذا تبكيتاً ، وإلزاماً يفهمه كل سامع منهم من دون إلغاز ، وتعمية ، وتفريق لهذه الحروف ، في فواتح تسع وعشرين سورة ، فإن هذا مع ما فيه من التطويل الذي لا يستوفيه سامعه إلا بسماع جميع هذه الفواتح ، هو أيضاً مما لا يفهمه أحد من السامعين ، ولا يتعقل شيئاً منه فضلاً عن أن يكون تبكيتاً له وإلزاماً للحجة أياً كان ، فإن ذلك هو أمر وراء الفهم مترتب عليه ، ولم يفهم السامع هذا ، ولا ذكر أهل العلم عن فرد من أفراد الجاهلية الذين وقع التحدي لهم بالقرآن ، أنه بلغ فهمه إلى بعض هذا فضلاً عن كله . ثم كون هذه الحروف مشتملة على النصف من جميع الحروف التي تركبت لغة العرب منها ، وذلك النصف مشتمل على أنصاف تلك الأنواع من الحروف المتصفة بتلك الأوصاف هو أمر لا يتعلق به فائدة لجاهلي ، ولا إسلامي ، ولا مقرّ ، ولا منكر ، ولا مسلم ، ولا معارض ، ولا يصح أن يكون مقصداً من مقاصد الرّب سبحانه ، الذي أنزل كتابه للإرشاد إلى شرائعه ، والهداية به .


وهب أن هذه صناعة عجيبة ، ونكتة غريبة ، فليس ذلك مما يتصف بفصاحة ، ولا بلاغة حتى يكون مفيداً أنه كلام بليغ ، أو فصيح ، وذلك لأن هذه الحروف الواقعة في الفواتح ليست من جنس كلام العرب حتى يتصف بهذين الوصفين ، وغاية ما هناك أنها من جنس حروف كلامهم ، ولا مدخل لذلك فيما ذكر . وأيضاً لو فرض أنها كلمات متركبة بتقدير شيء قبلها ، أو بعدها لم يصح وصفها بذلك ، لأنها تعمية غير مفهومة للسامع إلا بأن يأتي من يريد بيانها بمثل ما يأتي به من أراد بيان الألغاز ، والتعمية ، وليس ذلك من الفصاحة ، والبلاغة في ورد ، ولا صدر بل من عكسهما ، وضد رسمهما ، وإذا عرفت هذا ، فاعلم أن من تكلم في بيان معاني هذه الحروف جازماً بأن ذلك هو ما أراده الله عزّ وجل ، فقد غلط أقبح الغلط ، وركب في فهمه ودعواه أعظم الشطط ، فإنه إن كان تفسيره لها بما فسرها به راجعاً إلى لغة العرب ، وعلومها فهو كذب بحت ، فإن العرب لم يتكلموا بشيء من ذلك ، وإذا سمعه السامع منهم كان معدوداً عنده من الرَّطَانة ، ولا ينافي ذلك أنهم قد يقتصرون على أحرف ، أو حروف من الكلمة التي يريدون النطق بها ، فإنهم لم يفعلوا ذلك إلا بعد أن تقدمه ما يدل عليه ، ويفيد معناه ، بحيث لا يلتبس على سامعه كمثل ما تقدم ذكره . ومن هذا القبيل ما يقع منهم من الترخيم ، وأين هذه الفواتح الواقعة في أوائل السور من هذا؟ وإذا تقرر لك أنه لا يمكن استفادة ما ادّعوه من لغة العرب ، وعلومها لم يبق حينئذ إلا أحد أمرين :


الأوّل التفسير بمحض الرأي الذي ورد النهي عنه ، والوعيد عليه ، وأهل العلم أحق الناس بتجنبه ، والصدّ عنه ، والتنكُّب عن طريقه ، وهم أتقى لله سبحانه من أن يجعلوا كتاب الله سبحانه ملعبةً لهم يتلاعبون به ، ويضعون حماقات أنظارهم ، وخُزَعْبَلات أفكارهم عليه .


الثاني التفسير بتوقيف عن صاحب الشرع ، وهذا هو المهيع الواضح ، والسبيل القويم ، بل الجادة التي ما سواها مردوم ، والطريقة العامرة التي ما عداها معدوم ، فمن وجد شيئاً من هذا ، فغير ملوم أن يقول بملء فيه ، ويتكلم بما وصل إليه علمه ، ومن لم يبلغه شيء من ذلك فليقل لا أدري ، أو الله أعلم بمراده ، فقد ثبت النهي عن طلب فهم المتشابه ، ومحاولة الوقوف على علمه مع كونه ألفاظاً عربية ، وتراكيب مفهومة ، وقد جعل الله تتبع ذلك صنيع الذين في قلوبهم زيغ ، فكيف بما نحن بصدده؟ فإنه ينبغي أن يقال فيه إنه متشابه المتشابه على فرض أن للفهم إليه سبيلاً ، ولكلام العرب فيه مدخلاً ، فكيف وهو خارج عن ذلك على كل تقدير .


وانظر كيف فهم اليهود عند سماع { ألم } فإنهم لما لم يجدوها على نمط لغة العرب فهموا أن الحروف المذكورة رمز إلى ما يصطلحون عليه من العدد الذي يجعلونه لها ، كما أخرج ابن إسحاق ، والبخاري في تاريخه ، وابن جرير بسند ضعيف عن ابن عباس ، عن جابر بن عبد الله قال : «مرّ أبو ياسر بن أخْطَبَ في رجالٍ من يهود برسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو يتلو فاتحة سورة البقرة { الم * ذلك الكتاب لاَ رَيْبَ } فأتى أخاه حُيَيَّ بن أخطب في رجال من اليهود فقال : تعلمون ، والله لقد سمعت محمداً يتلو فيما أنزل عليه { آلم . ذلك الكتاب } ، فقال : أنت سمعته؟ فقال نعم ، فمشى حُيَيَّ في أولئك النفر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : يا محمد ألم تذكر أنك تتلو ، فيما أنزل عليك { الم * ذلك الكتاب } قال " بلى " ، قالوا : أجاءك بهذا جبريل من عند الله؟ قال " نعم " قالوا : لقد بعث الله قبلك الأنبياء ما نعلمه بيَّن لنبي منهم ما مدّة ملكه ، وما أجَلُ أمته غيرك ، فقال حُيَيُّ بن أخطب : وأقبل على من كان معه الألف ، واحد ، واللام ثلاثون ، والميم أربعون ، فهذه إحدى ، وسبعون سنة ، أفتدخلون في دين نبيّ إنما مدّة ملكه ، وأجل أمته إحدى وسبعون سنة؟ ثم أقبل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا محمد هل مع هذا غيره؟ قال " نعم " ، قال : وما ذاك؟ قال " { المصا } " ، قال : هذه أثقل ، وأطول الألف ، واحدة ، واللام ثلاثون ، والميم أربعون ، والصاد تسعون ، فهذه إحدى وستون ومائة سنة ، هل مع هذا يا محمد غيره؟ قال " نعم " ، قال : وما ذاك؟ قال " { الر } " قال : هذه أثقل ، وأطول الألف ، واحدة ، واللام ثلاثون ، والراء مائتان ، هذه إحدى وثلاثون سنة ومائتان ، فهل مع هذا غيره؟ قال : " نعم : { المر } " قال : فهذه أثقل ، وأطول الألف ، واحدة ، واللام ثلاثون ، والميم أربعون ، والراء مائتان ، فهذه إحدى وسبعون سنة ومائتان ، ثم قال : لقد لُبِّس علينا أمرك يا مُحمدُ حتى ما ندري قليلاً أعطيت أم كثيراً ، ثم قاموا ، فقال أبو ياسر لأخيه حُييّ ، ومن معه من الأحبار : ما يدريكم لعله قد جمع هذا لمحمد كله إحدى وسبعون وإحدى وستون ومائة وإحدى وثلاثون ومائتان وإحدى وسبعون ومائتان ، فذلك سبعمائة وأربع وثلاثون سنة ، فقالوا : لقد تشابه علينا أمره ، فيزعمون أن هذه الآيات نزلت فيهم : { هُوَ الذي أَنزَلَ عَلَيْكَ الكتاب مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الكتاب وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتُ }


فانظر ما بلغت إليه أفهامهم من هذا الأمر المختص بهم من عدد الحروف ، مع كونه ليس من لغة العرب في شيء ، وتأمل أيّ موضع أحق بالبيان من رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا الموضع ، فإن هؤلاء الملاعين قد جعلوا ما فهموه عند سماع { الم * ذلك الكتاب } من ذلك العدد موجباً للتثبيط عن الإجابة له ، والدخول في شريعته ، فلو كان لذلك معنى يعقل ، ومدلولٌ يفهم ، لدفع رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ظنوه بادىء بدء حتى لا يتأثر عنه ما جاءوا به من التشكيك على من معهم .



فإن قلت : هل ثبت عن رسول الله في هذه الفواتح شيء يصلح للتمسك به؟ قلت : لا أعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تكلم في شيء من معانيها ، بل غاية ما ثبت عنه هو مجرد عدد حروفها ، فأخرج البخاري في تاريخه ، والترمذي وصححه والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة ، والحسنة بعشر أمثالها ، لا أقول ألم حرف ، ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف » وله طرق عن ابن مسعود . وأخرج ابن أبي شيبة ، والبزار بسند ضعيف عن عوف بن مالك الأشجعي نحوه مرفوعاً .


فإن قلت : هل روي عن الصحابة شيء من ذلك بإسناد متصل بقائله أم ليس إلا ما تقدم من حكاية القرطبي عن ابن عباس وعليّ؟ قلت : قد روى ابن جرير والبيهقي في كتاب الأسماء والصفات عن ابن مسعود أنه قال : { آلم } أحرف اشتقت من حروف اسم الله . وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، عن ابن عباس في قوله : { آلم } ، و { حم} ، و { ن } قال : اسم مقطع . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن حاتم ، وابن مردويه ، والبيهقي في كتاب الأسماء عن ابن عباس أيضاً في قوله : { الم } ، { والمصا } ، { وآلر } ، ، و { المر } و { كهعيصا } ، و { وطه } ، و { طسما } ، و { وطس } و { ويس } ، و { وص } ، و { وحم} ، و { تَعْمَلُونَ ق } ، و { ن } ، قال : هو قسم أقسمه الله ، وهو : من أسماء الله . وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود في قوله { آلم } قال : هي : اسم الله الأعظم . وأخرج عبد بن حميد عن الربيع بن أنس في قوله { آلم } قال : ألف مفتاح اسمه الله ، ولام مفتاح اسمه لطيف وميم مفتاح اسمه مجيد . وقد روي نحو هذه التفاسير عن جماعة من التابعين فيهم عكرمة والشعبي والسُّدِّي وقتادة ومجاهد والحسن .


فإن قلت : هل يجوز الاقتداء بأحد من الصحابة؟ قال في تفسير شيء من هذه الفواتح قولاً صح إسناده إليه . قلت : لا لما قدمنا ، إلا أن يعلم أنه قال ذلك عن علم أخذه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .

فإن قلت : هذا مما لا مجال للاجتهاد فيه ، ولا مدخل للغة العرب ، فلم لا يكون له حكم الرفع؟ قلت : تنزيل هذا منزلة المرفوع ، وإن قال به طائفة من أهل الأصول وغيرهم ، فليس مما ينشرح له صدور المنصفين ، ولا سيما إذا كان في مثل هذا المقام ، وهو : التفسير لكلام الله سبحانه ، فإنه دخول في أعظم الخطر بما لا برهان عليه صحيح إلا مجرد قولهم إنه يبعد من الصحابي كل البعد أن يقول بمحض رأيه فيما لا مجال فيه للاجتهاد ، وليس مجرد هذا الاستبعاد مسوّغاً للوقوع في خطر الوعيد الشديد .



على أنه يمكن أن يذهب بعض الصحابة إلى تفسير بعض المتشابه ، كما نجده كثيراً في تفاسيرهم المنقولة عنهم ويجعل هذه الفواتح من جملة المتشابه ،


ثم ها هنا مانع آخر ، وهو أن المروي عن الصحابة في هذا مختلف متناقض فإن عملنا بما قاله أحدهم دون الآخر كان تحكماً لا وجه له ، وإن عملنا بالجميع كان عملاً بما هو مختلف متناقض ، ولا يجوز .


ثم ها هنا مانع غير هذا المانع ، وهو أنه لو كان شيء مما قالوه مأخوذاً عن النبي صلى الله عليه وسلم لاتفقوا عليه ولم يختلفوا كسائر ما هو مأخوذعنه ، فلما اختلفوا في هذا علمنا أنه لم يكن مأخوذا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم لو كان عندهم شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا لما تركوا حكايته عنه ورفعه إليه ، لا سيما عند اختلافهم واضطراب أقوالهم في مثل هذا الكلام الذي لا مجال للغة العرب فيه ولا مدخل لها .


والذي أراه لنفسي ولكل من أحبّ السلامة واقتدى بسلف الأمة ألا يتكلم بشيء من ذلك ، مع الاعتراف بأن في إنزالها حكمة لله عزّ وجل لا تبلغها عقولنا ولا تهتدي إليها أفهامنا ، وإذا انتهيت إلى السلامة في مداك فلا تجاوزه ، وسيأتي لنا عند تفسير قوله تعالى : { مِنْهُ آيات محكمات هُنَّ أُمُّ الكتاب وَأُخَرُ متشابهات } كلام طويل الذيول ، وتحقيق تقبله صحيحات الأفهام وسليمات العقول .

____________________________________

تفسير اللباب

ابن عادل

إن قيل : إن الحروف المقطّعة في أوائل السور أسماء حروف التهجَّي ، بمعنى أن الميم اسم ل « مه » والعين ل « عَه » ، وإن فائدتها إعلامهم بأن هذا القرآن منتظمٌ من جنس ما تنتظمون من كلامهم ، ولكن عجزتم عنه ، فلا محلّ لها حينئذ من الإعراب ، وإنما جيء بها لهذه الفائدة ، فألقيت كأسماء الأعداد ونحو : « واحد اثنان » ، وهذا أصح الأقوال الثلاثة ، أعني أن في الأسماء التي لم يقصد الإخبار عنها ولا بها ثلاثة أقوال :
أحدها : ما تقدم .
والثاني : أنها معربة ، بمعنى أنها صالحة للإعراب ، وإنما فات شرطه وهو التركيب ، وإليه مال الزمخشري رحمه الله .
والثالث : أنها موقوفة أي لا معربة ولا منيبةٌ .
أو إن قيل : إنها أسماء السور المفتتحة بها ، أو إنها بعض أسماء الله -تعالى- حذف بعضها ، وبقي منها هذه الحروف دالّة عليها وهو رأي ابن عبّاس -رضي الله تعالى عنهما- كقوله : الميم من « عليهم » ، والصاد من « صادق » ، فلها حينئذ محلّ من الإعراب ويحتمل الرفع والنصب والجر : فالرفع على أحد وجهين أيضاً : إما بإضمار فعلٍ لائقٍ ، تقديره : اقرءوا : « الم » ، وإما بإسقاط حرف القسم؛ كقول الشاعر :

-
إِذا مَا الْخَبَزُ تَأْدِمُهُ بِلَحْمٍ ... فَذَاكَ أَمَانَةَ اللهِ الثَّريدُ

يريد : وأَمَانَةِ الله .

وكذلك هذه الحروف أقسم الله بها .

وقد رد الزَّمَخْشَرِيّ هذا الوجه بما معناه : أنّ القرآن في : { والقرآن ذِي الذكر } وللقلم في { ن والقلم وَمَا يَسْطُرُونَ } محلوف بهما لظهور الجرّ فيهما ، وحينئذ لا يخلو أن تُجْعَل الواو الداخلة عليها للقسم ، أو للعطف ، والأول يلزم منه محذور ، وهو الجمع بين قسمين على مقسم قال : ذلك .

والثاني ممنوع ، لظهور الجَرِّ فيما بعدها ، والفرض أنك قدرت المعطوف عليه من مَحَلّ نصب ، وهو ردّ واضح ، إلا أن يقال : في محلّ نصب إلا فيما ظهر فيه الجر كالموضعين المتقدمين؛ { حموالكتاب } ، و { ق والقرآن } ولكن القائل بذلك لم يفرق بين موضع وموضع ، فالرد لازم كله .
والجَرِّ من وجهٍ واحدٍ ، وهو أنها مقسمٌ بها ، حذف حرف القسم ، وبقي عمله كقولهم : « اللهِ لأفعلنَّ » أجاز ذلك الزمخشري ، وأبو البقاء رحمهما الله ، وهذا ضعيف؛ لأن ذلك من خصائص الجَلاَلَة المعظمة لا يشاركها فيه غيرها .
فتخلص مما تقدم أن في « الم » ونحوها ستة أوجه وهي : أنها لا محل لها من الإعراب ، أوْ لَهَا محل ، وهو الرفع بالابتداء ، أو الخبر .
والنَّصب بإضمار فعل ، أو حذف حرف القسم .
فصل في الحروف المقطعة

سئل الشعبي -رحمه الله تعالى- عن هذه الحروف فقال : سرّ الله ، فلا تطلبوه .

وروى أبو ظِبْيَانَ عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال : عجزت العلماء عن إدْرَاكِهَا ، وقال الشعبي وجماعة رحمهم الله سائر حروف التهجّي في أوائل السور من المتشابهة الذي استأثر الله بعلمه ، وهي سرّ القرآن؛ فنحن نؤمن بظاهرها ، ونَكِلُ العلمَ فيها إلى الله تعالى .


قال أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه : « في كل كتاب سِرّ » وسرُّ الله -تعالى- في القرآن أوائل السور « .

ونقل ابنُ الخَطِيِبِ رحمه الله أن المتكلمين أنكروا هذا القول ، وقالوا : لا يجوز أن يرد في كتاب الله ما لاَ يَكُونُ مفهوماً للخلق ، واحتجوا عليه بآيات منها :

قوله تبارك وتعالى : { أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القرآن أَمْ على قُلُوبٍ أَقْفَالُهَآ } بالتدَّبر في القرآن ، ولو كان غير مفهوم ، فكيف يأمر بالتدبّر فيه .

ولأن القول بأن هذه الفَوَاتح غير معلومة مروي عن أكابر الصَّحابة رضي الله عنهم فوجب أن يكون حقَّاً ، لقوله عليه الصلاة والسلام : » أَصْحَابي كالنُّجُوم بأيّهم اقْتَدَيْتُمْ اهتديتم « .
وأما المعقول فهو أنَّ الأفعال التي كلّفنا الله تعالى بها قسمان : منها ما يعرف وَجْهَ الحكمة فيه على الجُمْلَة بعقولنا كأفعال الحَجِّ في رَمْيِ الجَمَرَات ، والسَّعي بين الصفا والمروة ، والرَّمل ، والاضْطِبَاع .
ثم اتفق المحققون على أنه كما يحسن من الله -تعالى- أن يأمر عباده بالنوع الأول ، فكذا يحسن الأمر بالنوع الثاني؛ لأنّ الطَّاعة في النوع الأول ، تدلُّ على كمال الانقياد والتسليم ، لاحتمال أن المأمور إنما أتى به لما عرف بعقله من وَجْهِ المصلحة فيه .
أما الطاعة في النوع الثاني ، فإِنها تدلّ على كمال الانقياد والتسليم ، فإذا كان الأمر كذلك في الأفعال ، فلم لا يجوز أيضاً أن يكون كذلك في الأقوال؟ وهو أن يأمر الله -تعالى- تارةً أن نتكلم بما نقف على معناه ، وتارةً بما لا نقف على معناه ، ويكون المَقْصُود من ذلك ظهور الانقياد والتَّسليم .
القول الثَّاني : قول من زعم أنَّ هذه الفَوَاتح معلومة ، واختلفوا فيه ، وذكروا وجوهاً :
الأوّل : أنها أسماء السّور ، وهو قول أكثر المتكلمين ، واختيار الخليل وسيبويه رحمهما الله تعالى .
قال القفَّال -رحمه الله تعالى- وقد سّمت العرب هذه الحروف أشياء فسموا ب » لام « : والد حارثة بن لام الطَّائي ، وكقولهم للنَّخاس : » صاد « ، وللنقد : » عين « ، وللسحاب : » غين « .
وقالوا : جبل » قاف « ، وسموا الحوت : » نوناً « .
الثاني : أنها أسماء الله تَعَالى ، روي عن علي -رضي الله تَعَالى عنه- أنه كان يقول : يا حم عسق .
الثالث : أنها أبعاض أسماء الله تَعَالى .
قال سعيد بن جبير رحمه الله : قوله : » الر ، حم ، ونون « مجموعها هو اسم الرحمن ، ولكنا لا نقدر على كيفية تركيبها في البَوَاقي .
الرابع : أنها أسماء القرآن ، وهو قول الكَلْبِيّ -رحمه الله تعالى- والسّدي وقتادة رضي الله تعالى عنهم .
خامس : أن كلّ واحد كمنها دالّ على اسم من أسماء الله -تعالى- وصفة من صفاته .
قال ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- في « الم » : « الألف إشارة إلى أنه مَلِك مَجِيد مَنَّان » .
وقال في « كهيعص » : إنه ثناء من الله -تعالى- على نفسه ، « والكاف » يدل على كونه كافياً ، « والهاء » على كونه هادياً ، « والعين » على العالم ، « والصاد » على الصادق . وذكر ابن ابن جرير عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- أنه حمل « الكاف » على الكبير والكريم ، « والياء » على أن الله يجير ، « والعين » على أن الله العزيز والعدل .
والفرق بين هذين الوجهين أنه في الأول خصّص على كل واحد من هذه الحروف باسم معين ، وفي الثاني ليس كذلك .
السادس : بعضها يدلّ على أسماء الذات ، وبعضها على أسماء الصّفات . قال ابن عباس -رضي الله عنهما- في « الم » أنا الله أعلم ، وفي « المص » أنا الله أفصل ، وفي « الر » أنا الله أرى ، وهذه رواية أبي صالح ، وسعيد بن جبير عنه .
قال الزَّجَّاج : « وهذا أحسن ، فإن العرب تذكر حرفاً من كلمة تريدها كقولهم :

قُلْنَا لَهَا : قِفِي لَنَا قَالت : قَافْ ..................... . .

وأنشد سيبويه لغيلان :

نَادُوهُمْ أَنَ الْجِمُوا ، أَلاَ تَاَ ... قَالُوا جَمِعاً كُلُّهُمْ أَلاَ فَا

أي : لا تَرْكَبُوا ، قالوا : بَلَى فَارْكَبُوا .

وأنشد قُطْرب :

جَارَيَةٌ قَدْ وَعَدَتْنِي أنْ تَا ... تَدْهُنَ رَأْسي وَتُفَلِّيني وَتَا

السّابع : كلّ مها يدلّ على صفات الأفعال ، ف » الألف « آلاؤه ، و » اللاّم « لُطْفه ، و » الميم « مَجْدُه ، قاله محمد بن كَعْبٍ القُرَظي .
الثَّامن : بعضها يدلّ على أسماء الله -تعالى- وبعضها يدلّ على أسماء غير الله تعالى .
قال الضَّحاك : » الألف « من الله ، و » اللم « من جبريل ، و » الميم « من محمد عليه الصلاة والسلام .
التاسع : ما قاله المبرّد : واختاره جمعٌ عظيم من المحقَّقين -أن الله- تعالى- إنَّما ذكرها احتجاجاً على الكُفَّار ، وذلك أن الرَّسول -عليه الصلاة والسّلام- لما تحدّاهم أن يأتوا بِمِثْلِ القرآن ، أو بِعَشْرِ سُوَرٍ ، أو بسورة ، فعجزوا عنه أنزلت هذه الأحرف تنبيهاً على أن القرآن ليس إلاّ من هذه الأحرف ، وأنتم قادرون عليها ، وعارفون بقوانين الفَصَاحة ، فكان يجب أن تأتوا بِمِثل هذا القرآن ، فلما عجزتم عنه دلّ ذلك على أنه من عِندِ الله لا من البَشَرِ .

العاشر : قول أبي روق وقُطْرب : إن الكفَّار لما قالوا :


{ لاَ تَسْمَعُواْ لهذا القرآن والغوا فِيهِ } وتواصوا بالإعراض عنه أراد الله -تعالى- لما أحب صلاحهم ونفعهم أن يُورِدَ عليهم ما لا يعرفونه ، ليكون ذلك سبباً لإسْكَاتِهم ، واستماعهم لما يرد عليهم من القرآن ، فأنزل الله -تعالى- عليهم هذه الأحرف ، فكانوا إذا سمعوها قالوا كالمتعجبين : اسمعوا إلى ما يجيء به محمد عليه الصلاة والسلام ، فإذا أصغوا هجم عليهم القرآن فكان ذلك سبباً لاستماعهم ، وطريقاً إلى انتفاعهم ، فكان كالتنبيه لما يأتي بعده من الكلام كقوله الأول .

الحادي عشر : قول أبي العَالِيَةِ « إنّ كل حرف منها في مُدّة أعوام وآجال آخرين » .

قال ابن عباس رضي الله عنهما : « سُرّ أبو ياسِر بن أَخْطَب برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يَتْلُو سورة البقرة » الم ذَلِكَ الكِتَابُ « ، ثم أتى أخوه حُيَيُّ بن أَخْطَب ، وكَعْب بن الأَشْرَف ، وسألوه عن » الم « وقالوا : ننشدك الله الذي لا إله إلا هو أحقّ أنها أَتَتْكَ من السماء؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : » نعم كذلك نزلت « ، فقال حُيَيّ : إن كنت صادقاً إني لأعلم أَجَلَ هذه الأمة من السنين ، ثم قال : كيف ندخل في دين رجل دلّت هذه الحروف بحساب الجمل على أن منتهى أَجَل مُدّته إحدى وسبعون سنةً ، فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال حُيَيّ : فهل غير هذا؟ قال : » نعم المص « فقال حُيَيّ : هذا أكثر من الأولى هذه مائة وإحدى وثلاثون سنة ، فهب غير هذا؟ قال : » نعم الر « قال حُيَيّ : هذه أكثر من الأولى والثانية ، فنحن نشهد إن كنت صادقاً ما ملكت أمتك إلا مائتين وإحدى وثلاثين سنةً ، فهل غير هذا؟ قال : » نعم « قال : » المر « قال : فنحن نشهد أنا من الذين لا يؤمنون ، ولا ندري بأي أقوال نأخذ .

فقال أبو ياسر : أما أنا فأشهد على أن أنبياءنا قد أخبرونا عم مُلْكِ هذه الأمّة ، ولم يبينوا أنها كم تكون ، فإن كان محمد صادقاً فيما يقول ، إني لأراه يستجمع له هذا كله فقام اليهود ، وقالوا اشتبه علينا أمرك ، فلا ندري أَبِالْقَلِيْلِ نأخذ أم الكثير؟ فذلك قوله تعالى : { هُوَ الذي أَنزَلَ عَلَيْكَ الكتاب } الآية الكريمة .
ورُوي عن ابن عَبَّاس -رضي الله تعالى عنهما- أنا أقسام .
وقال الأخفش : أقسم الله -تعالى- لشرفها وفضلها؛ لأنها مبادئ كتله المنزلة ، ومباني أسمائه الحسنى .
وقيل فيها غير ذلك .
واعلم أن الله -تعالى- أورد في هذه الفَوَاتح نصف عدد أَسامي حروف المُعْجَم ، وهي أربعة عشر : الألف ، واللام ، والميم ، والصاد ، والراء ، والكاف ، والهاء ، والعين ، والطاء ، والسين ، والحاء ، والقاف ، والباء ، والنون في تسع وعشرين سورة .
وجاءت أيضاً مختلفة الأعداد ، فوردت » ص ق ن « على حرف .

و » طه وطس ويس وحم « على حرفين .


و « الم والر وطسم » على ثلاثة أحرف .

و « كهيعص وحم عسق » على خمية أحرف ، والسبب فيه أن أبنية كلامهم على حرف وحرفين إلى خمسة أحرف ، فكذا هاهنا .