عارفتهم
عارفتهم
رائع اخواتي سلمت ايديكم وجزاكم ربي الف خيرونفع بما كتبتم
نبراس الجود
نبراس الجود
مقتطفات من كتاب لاتحزن للشيخ عائض القرني.. نقلت لكم هذه الكلمات من منتدى صناع الحياة لأحدى الأخوات.. *السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .. أخواتي و اخوتي في الله .. هذه هي مشاركتي الأولى معكم في هذا المنتدى الجميل , و أسأل الله أن يجعلها خالصة لوجهه الكريم . ولكن قبل ان أعرض محتوى موضوعي أود أولا أن أشرح لكم الأسباب التي دعتني اليه . منذ عدة سنوات و أنا تلاحقني هموم و مصائب أحمد الله عليها و لا أشتكي لكم منها , استطعت في تخطي معظمها الحمد لله بتوفيق الله و لكن الأخيرة منها و التي لا أزال أعيشها حتّى اللحظة , أرقتني كثيرا . فجعلتني كالمشلولة لا أستطيع الحراك مع صناع الحياة كما كنت أتمنى حتى قبل أن يبدأ الربنامج العام الماضي . و منذ 3 أو أربع أيام فقط وقع تحت يدي كتاب (( لا تحزن )) الرائع للدكتور عائض القرني الذي أتابعه باستمرار و أسأل الله له كل الخير و الاخلاص عن كتابه هذا الذي ما ان بدأت في أولى صفحاته , حتّى شعرت و كأن يدا خفية قد أزالت عني ما أشعر به و كأن لم يكن و استعدت ثقتي بنفسي و بقدرتي على مواجهة ظروفي بشجاعة و بحسن تصرف . و أخيرا استطعت الحراك , فأنا الأن مشتركة مع احدى فرق صناع الحياة في القاهرة و نقوم معا بأعمال جميلة حتى ييسر الله لنا العثور على مقر لنشهر مجموعتنا رسميا ان شاء الله . و لشعوري بأهمية الحالة النفسية و المعنوية لصناع الحياة - خاصة مع اقتراب المرحلة الثالثة التي تحتاج منا كل الجهد الذي لا يجب تضييعه في معالجة مشاكلنا الشخصية الا بالقدر الذي تستحقه فقط - فأردت أن أشرك الجميع معي بطريقة مسح الهموم الجماعي كما يحدث في بعض المراكز المتخصصة في العلاج النفسي و الاجتماعي في أمريكا. علّها _ مع الجرعة الايمانية الكبيرة في رمضان _ تجعلنا أناس اخرون لا يلتفتون للتوافه طالما تشغلهم الأمور العظام كصناعة الحياة ..و السلام ما مضى فات تذكر الماضي و التفاعل معه و استحضاره , و الحزن لمأسيه حمق و جنون , و قتل و تبديد للحياة الحاضرة . ان ملف الماضي عند العقلاء يطوى و لا يروى , يغلق عليه أبدا في زنزانة النسيان , بقيد بحبال قوية في سجن الاهمال , فلا يخرج أبدا , و يوصد عليه فلا يرى النور , لأنه مضى و انتهى , لا الحزن يعيده , و لا الهم يصلحه , و لا الغم يصصحه , لا الكدر يحييه , لأنه عدم , لا تعش في كابوس الماضي , و تحت مظلة الفائت , أنقذ نفسك من شبح الماضي , أتريد أن تردّ النهر الى مصبه , و الشمس الى مطلعها , و الطفل الى بطن أمه , و اللبن الى الثدي , و الدمعة الى العين . ان تفاعلك مع الماضي , و قلقك منه و احتراقك بناره , و انطراحك على أعتابه , وضع مأساوي رهيب مخيف مفزع . القراءة في دفتر الماضي ضياع للحاضر , و تمزيق للجهد , و نسف للساعة الراهنة , ذكلر الله الأمم و ما فعلت ثم قال : (( تلك أمة قد خلت )) انتهى الأمر و قضي , و لا طائل من تشريح جثة الزمان , و اعادة عجلة التارخ . ان الذي يعود للماضي , كالذي يطحن الطحين و هو مطحون أصلا , و كالذي ينشر نشارة الخشب . و قديما قالوا لمن يبكي على الماضي : لا تخرج الأموات من قبورهم , و قد ذكر من يتحدث على ألسنة البهائم أنهم قالوا للحمار : لم لا تجتر ؟ قال : أكره الكذب . ان بلاءنا أننا نعجز عن حاضرنا و نشتغل بماضينا , نهمل قصورنا الجميلة , و نندب الأطلال البالية , و لئن اجتمعت الانس و الجن على اعادة ما مضى لما استطاعوا , لأن هذا هو المحال بعينه. ان الناس لا ينظرون الى الوراء و لا يلتفتون الى الخلف , لأن الريح تتجه الى الأمام , و الماء ينحدر الى الأمام , و القافلة تسير الى الأمام , فلا تخالف سنة الحياة . يومك يومك اذا أصبحت فلا تنتظر المساء , اليوم فحسب ستعيش , فلا أمس الذي ذهب بخيره و شره , و لا الغد الذي لم يأت الى الأن . اليوم الذي أظلتك شمسه , و أدركك نهاره هو يومك فحسب , عمرك يوم واحد , فاجعل في خلدك العيش لهذا اليوم و كأنك ولدت فيه و تموت فيه, حينها لا تتعثر حياتك بين هاجس الماضي و همه و غمه , و بين توقع المستقبل و شبحه المخيف و زحفه المرعب , لليوم فقط اصرف تركيزك و اهتمامك و ابداعك و كدك و جدك , و ذكرا بحضور , و اتزانا في الأمور , و حسنا في خلق , و رضا بالمقسوم , و اهتماما بالمظهر , و اعتناءا بالجسم , و نفعا للأخرين . لليوم هذا الذي أنت فيه فتقسم ساعاته و تجعل من دقائقه سنوات , و من ثوانيه شهورا , تزرع فيه الخير , تسدي فيه الجميل , تستغفر فيه من الذنب , تذكر فيه الرب , تتهيأ فيه للرحيل , تعيش هذا اليوم فرحا و سرورا , و أمنا و سكينة , ترضى فيه برزقك , بزوجتك , بأطفالك , بوظيفتك , ببيتك , بعلمك , بمستواك (( فخذ ما أتيتك و كن من الشاكرين )) تعيش هذا اليوم بلا حزن و لا انزعاج , و لا سخط و لا حقد , و لا حسد . ان عليك أن تكتب على لوح قلبك عبارة واحدة تجعلها أيضا على مكتبك تقول : ( يومك يومك ) . اذا أكلت خبزا حارا شهيا هذا اليوم فهل يضرك خبز الأمس الجاف الرديء , أو خبز غد الغائب المنتظر . اذا شربت ماء عذبا زلالا هذا اليوم , فلماذا تحزن من ماء أمس الملح الأجاج , أو تهتم لماء غد الأسن الحار . انك لوصدقت مع نفسك بارادة فولاذية صارمة عارمة لأخضعتها لنظرية : ( لن أعيش الا هذا اليوم ) . حينها تستغل كل لحظة في هذا اليوم في بناء كيانك , و تنمية مواهبك , و تزكية عملك , فتقول : لليوم فقط أهذب ألفاظي فلا أنطق هجرا أو فحشا , أو سبا , أو غيبة . لليوم فقط سوف أرتب بيتي و كتبتي , فلا ارتباك و لا بعثرة , و انما نظام و رتابة . لليوم فقط سوف أعيش فأعتني بنظافة جسمي , و تحسين مظهري , و الاهتمام بهندامي , و الاتزان في مشيتي و كلامي و حركاتي . لليوم فقط سأعيش فأجتهد في طاعة ربي , و تأدية صلاتي على أكمل وجه , و التزود بالنوافل , و تعاهد مصحفي , و النظر في كتبي , و حفظ فائدة , و مطالعة كتاب نافع . لليوم فقط سأعيش فأغرس في قلبي فضيلة , و أجتث منه شجرة الشر بغصونها الشائكة , من كبر و عجب و رياء و حسد و حقد و غل و سوء ظن . لليوم فقط سوف أعيش فأنفع الأخرين , و أسدي الجميل الى الغير , أعود مريضا , أشيع جنازة , أدل حيران , أطعم جائعا , أفرج عن مكروب , أقف مع مظلوم , أشفع لضعيف , أواسي منكوبا , أكرم عالما , أرحم صغيرا , أجل كبيرا .
مقتطفات من كتاب لاتحزن للشيخ عائض القرني.. نقلت لكم هذه الكلمات من منتدى صناع الحياة لأحدى...
يتبع...

لليوم فقط سأعيش فياذهب و انتهى اغرب كشمسك , فلن أبكي عليك , و لن تراني أقف لحظة , لأنك تركتنا و هجرتنا و ارتحلت عنا و لن تعود الينا أبد الأبدين .
و يا مستقبل أنت في علم الغيب فلن أتعامل مع الأحلام , و لن أبيع نفسي مع الأوهام , و لن أتعجل ميلاد مفقود , لأن غدا لا شيء , لأنه لم يخلق و لأنه لم يكن شيئا مذكورا .
يومك يومك أيها الانسان أروع كلمة في قاموس السعادة لمن أراد الحياة في أبهى صورها و أجمل حللها.


(( أتى أمر الله فلا تستعجلوه )) لا تسبق الأحداث , أتريد اجهاض الحمل قبل تمامه ؟ و قطف الثمرة قبل النضج ؟ ! ان غدا مفقود لا حقيقة له , ليس له وجود , و لا طعم , و لا لون , فلماذا نشغل أنفسنا به , و نتوجس من مصائبه , و نهتم لحوادثه , و نتوقع كوارثه , و لا ندري هل يحال بيننا و بينه , أو نلقاه , فاذا هو سرور و حبور ؟! المهم أنه في علم الغيب لم يصل الى الأرض بعد , ان علينا أن لا نعبر جسرا حتى نأتيه , و من يدري ؟ لعلنا نقف قبل وصول الجسر , أو لعل الجسر ينهار قبل وصولنا , و ربما وصلنا الجسر و مررنا عليه بسلام .
ان اعطاء الذهن مساحة أوسع للتفكير في المستقبل و فتح كتاب الغيب ثم الاكتواء بالمزعجات المتوقعة ممقوت شرعا , لأنه طول أمل , وهو مذموم عقلا , لأنه مصارعة للظل . ان كثيرا من هذا العلم يتوقع في مستقبله الجوع و العري و المرض و الفقر و المصائب , و هذا كله من مقررات مدارس الشيطان , (( الشيطان يعدكم الفقر و يأمركم بالفحشاء و الله يعدكم مغفرة منه و فضلا )) .
كثير هم الذين يبكون , لأنهم سوف يجوعون غدا , و سوف يمرضون بعد سنة , و سوف ينتهي العلم بعد 100 عام . ان الذي عمره في يد غيره لا ينبغي له أن يراهن على العدم , و الذي لا يدري متى يموت لا يجوز له الاشتغال بشيء مفقود لا حقيقة له .
اترك غدا حتى يأتيك , لا تسأل عن أخباره , لا تنتظر زحفه , أنك مشغول باليوم .
و ان تعجب فعجب هؤلاء يقترضون الهم نقدا ليقضوه نسيئة في يوم لم يشرق شمسه و لم ير النور , فحذار من طول الأمل .
كيف تواجه النقد الأثم؟
الرقعاء السخفاء سبوا الخالق الرزاق جل في علاه , و شتموا الواحد الأحد لا اله الا هو , فماذا أتوقع أنا و انت و نحن أهل الحيف و الخطأ , انك سوف تواجه في حياتك حربا ضروسا لا هوادة فيهل من النقد الأثم المرو من التحطيم المدروس المقصود , و من الاهانة المتعمدة ما دام أنك تعطي و تبني و تؤثر و تسطع و تلمع , و لن يسكت هؤلاء عنك حتى تتخذ نفقا في الأرض أو سلما في السماء فتفر منهم .أما و أنت بين أظهرهم فانتظر منهم ما يسوؤك و يبكي عينيك , و يدمي مقلتك , و يقض مضجعك.
ان الجالس على الأرض لا يسقط , و الناس لا يرفسون كلبا ميتا , لكنهم يغضبون عليك لأنك فقتهم صلاحا , أو علما , أو أدبا , أو مالا , فأنت عندهم مذنب لا توبة لك حتى تترك مواهبك و نعم الله عليك , و تنخلع من كل صفات الحمد , و تنسلخ من كل معاني النبل , و تبقى بليدا غبيا, صفرا محطما , مكدودا , هذا ما يريدونه بالضبط , اذا فاصمد لكلام هؤلاء و نقدهم و تشويههم و تحقيرهم ( اثبت أحد ) و كن كالصخرة الصامتة المهيبة تتكسرعليها حبات البرد اتثبت وجودها و قدرتها على البقاء . انك ان أصغيت لكلام هؤلاء و تفاعلت به حققت أمنيتهم الغالية في تعكير حياتك و تكدير عمرك , ألا فاصفح الصفح الجميل , ألا فأعرض عنهم و لا تك في ضيق مما يمكرون . ان نقدهم السخيف ترجمة محترمة لك , و بقدر وزنك يكون النقد الأثم المفتعل .
انك لن تستطيع أن تغلق أفواه هؤلاء , و لن تستطيع أن تعتقل ألسنتهم لكنك تستطيع أن تدفن نقدهم و تجنيهم بتجافيك لهم , و اهمالك لشأنهم , و اطراحك لأقوالهم : (( قل موتوا بغيظكم )) . بل تستطيع أن تصب في أفواههم الخردل بزيادة فضائلك , و تربية محاسنك , و تقويم اعوجاجك . ان كنت تريد أن تكون مقبولا عند الجميع , محبوبا لدى الكل , سليما من العيوب عند العلم , فقد طلبت مستحيلا و أمّلت أملا بعيدا .
نبراس الجود
نبراس الجود
يتبع... لليوم فقط سأعيش فياذهب و انتهى اغرب كشمسك , فلن أبكي عليك , و لن تراني أقف لحظة , لأنك تركتنا و هجرتنا و ارتحلت عنا و لن تعود الينا أبد الأبدين . و يا مستقبل أنت في علم الغيب فلن أتعامل مع الأحلام , و لن أبيع نفسي مع الأوهام , و لن أتعجل ميلاد مفقود , لأن غدا لا شيء , لأنه لم يخلق و لأنه لم يكن شيئا مذكورا . يومك يومك أيها الانسان أروع كلمة في قاموس السعادة لمن أراد الحياة في أبهى صورها و أجمل حللها. (( أتى أمر الله فلا تستعجلوه )) لا تسبق الأحداث , أتريد اجهاض الحمل قبل تمامه ؟ و قطف الثمرة قبل النضج ؟ ! ان غدا مفقود لا حقيقة له , ليس له وجود , و لا طعم , و لا لون , فلماذا نشغل أنفسنا به , و نتوجس من مصائبه , و نهتم لحوادثه , و نتوقع كوارثه , و لا ندري هل يحال بيننا و بينه , أو نلقاه , فاذا هو سرور و حبور ؟! المهم أنه في علم الغيب لم يصل الى الأرض بعد , ان علينا أن لا نعبر جسرا حتى نأتيه , و من يدري ؟ لعلنا نقف قبل وصول الجسر , أو لعل الجسر ينهار قبل وصولنا , و ربما وصلنا الجسر و مررنا عليه بسلام . ان اعطاء الذهن مساحة أوسع للتفكير في المستقبل و فتح كتاب الغيب ثم الاكتواء بالمزعجات المتوقعة ممقوت شرعا , لأنه طول أمل , وهو مذموم عقلا , لأنه مصارعة للظل . ان كثيرا من هذا العلم يتوقع في مستقبله الجوع و العري و المرض و الفقر و المصائب , و هذا كله من مقررات مدارس الشيطان , (( الشيطان يعدكم الفقر و يأمركم بالفحشاء و الله يعدكم مغفرة منه و فضلا )) . كثير هم الذين يبكون , لأنهم سوف يجوعون غدا , و سوف يمرضون بعد سنة , و سوف ينتهي العلم بعد 100 عام . ان الذي عمره في يد غيره لا ينبغي له أن يراهن على العدم , و الذي لا يدري متى يموت لا يجوز له الاشتغال بشيء مفقود لا حقيقة له . اترك غدا حتى يأتيك , لا تسأل عن أخباره , لا تنتظر زحفه , أنك مشغول باليوم . و ان تعجب فعجب هؤلاء يقترضون الهم نقدا ليقضوه نسيئة في يوم لم يشرق شمسه و لم ير النور , فحذار من طول الأمل . كيف تواجه النقد الأثم؟ الرقعاء السخفاء سبوا الخالق الرزاق جل في علاه , و شتموا الواحد الأحد لا اله الا هو , فماذا أتوقع أنا و انت و نحن أهل الحيف و الخطأ , انك سوف تواجه في حياتك حربا ضروسا لا هوادة فيهل من النقد الأثم المرو من التحطيم المدروس المقصود , و من الاهانة المتعمدة ما دام أنك تعطي و تبني و تؤثر و تسطع و تلمع , و لن يسكت هؤلاء عنك حتى تتخذ نفقا في الأرض أو سلما في السماء فتفر منهم .أما و أنت بين أظهرهم فانتظر منهم ما يسوؤك و يبكي عينيك , و يدمي مقلتك , و يقض مضجعك. ان الجالس على الأرض لا يسقط , و الناس لا يرفسون كلبا ميتا , لكنهم يغضبون عليك لأنك فقتهم صلاحا , أو علما , أو أدبا , أو مالا , فأنت عندهم مذنب لا توبة لك حتى تترك مواهبك و نعم الله عليك , و تنخلع من كل صفات الحمد , و تنسلخ من كل معاني النبل , و تبقى بليدا غبيا, صفرا محطما , مكدودا , هذا ما يريدونه بالضبط , اذا فاصمد لكلام هؤلاء و نقدهم و تشويههم و تحقيرهم ( اثبت أحد ) و كن كالصخرة الصامتة المهيبة تتكسرعليها حبات البرد اتثبت وجودها و قدرتها على البقاء . انك ان أصغيت لكلام هؤلاء و تفاعلت به حققت أمنيتهم الغالية في تعكير حياتك و تكدير عمرك , ألا فاصفح الصفح الجميل , ألا فأعرض عنهم و لا تك في ضيق مما يمكرون . ان نقدهم السخيف ترجمة محترمة لك , و بقدر وزنك يكون النقد الأثم المفتعل . انك لن تستطيع أن تغلق أفواه هؤلاء , و لن تستطيع أن تعتقل ألسنتهم لكنك تستطيع أن تدفن نقدهم و تجنيهم بتجافيك لهم , و اهمالك لشأنهم , و اطراحك لأقوالهم : (( قل موتوا بغيظكم )) . بل تستطيع أن تصب في أفواههم الخردل بزيادة فضائلك , و تربية محاسنك , و تقويم اعوجاجك . ان كنت تريد أن تكون مقبولا عند الجميع , محبوبا لدى الكل , سليما من العيوب عند العلم , فقد طلبت مستحيلا و أمّلت أملا بعيدا .
يتبع... لليوم فقط سأعيش فياذهب و انتهى اغرب كشمسك , فلن أبكي عليك , و لن تراني أقف لحظة , لأنك...
يتبع....

لا تنتظر شكراً من أحــــد

خلق الله العباد ليذكروه ، ورزق الله الخليقة ليشكروه ، فعبد الكثيرُ غيرَه ، وشكر الغالبُ سواه ؛ لإن طبيعة الجحود والنكران

والجفاء وكفران النعم غالية على النفوس ، فلا تُصدَم إذا وجدت هؤلاء قد كفروا جميلك ، وأحرقوا إحسانك ، ونسوا معروفك

، بل ربما ناصبوك العداء ، ورموك بمنجنيق الحقد الدفين ، لا لشيء إلا لأنك أحسنت إليهم

(( وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ )) . وطالع سجل العالم المشهود ؛ فإذا في فصوله قصة أب ربى إبنه وغذاه

وكساه وأطعمه وسقاه ، وأدبه ، وعلمه ، سهر لينام ، وجاع ليشبع ، وتعب ليرتاح ، فلما طر شارب هذا الإبن وقوي ساعده

، أصبح لوالده كالكلب العقور ، إستخفافاً ، إزدراءً ، مقتاً ، عقوقاً صارخاً ، عذاباً وبيلاً .

ألا فليهدأ الذين إحترقت أوراق جميلهم عند منكوسي الفِطَــر ، ومحطمي الإردات ، وليهنئـوا بعوض المثوبة عند مَن

لا تنفذ خزائنــــه .

إن هذا الخطاب الحار لا يدعوك لترك الجميل ، وعدم الإحسان للغير ، وإنما يوطنك على إنتظار الجحود ، والتنكر لهذا الجميل

والإحسان ، فلا تبتئس بما كانوا يصنعون .

إعمل الخير لوجه الله ؛ لإنك الفائز على كل حال ، ثم لا يضرك غمط من غمطك ، ولاجحود من جحدك ، واحمد الله لأنك المحسن

واليد العليا خير من اليد السفلى (( إ ِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا )) .

وقد ذهل كثير من العقلاء من جبلة الجحود عند الغوغاء ، وكأنهم ما سمعوا الوحي الجليل وهو ينعي على الصنف عتوه وتمرده

(( مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )) لاتُفاجأ إذا أهديت بليداً قلماً فكتب به هجاءك ، أو منحت

جافياً عصأ يتوكأ عليها ويهش به على غنمه ، فشج بها رأسك ، هذا هو الأصل عند هذه البشرية المحنطة في كفن الجحود

مع باريها جل في علاه ، فكيف بها معي ومعك ؟! .


الإحسان للغير إنشراح للصدر

الجميل كإسمه ، والمعروف كرسمه ، والخير كطعمه ، أول المستفيدين من إسعاد الناس هم المتفضلون بهذا الإسعاد ، يجنون ثمرته

عاجلاً في نفوسهم ، وأخلاقهم ، وضمائرهم ، فيجدون الإنشراح والإنبساط ، والهدوء والسكينة .

فإذا طاف بك طائف من هم أو ألم بك غم فامنح غيرك معروفاً ، وأسد له جميلاً ، تجد الفرج والراحة ، أعط محروماً ، أنصر

مظلوماً ، أنقذ مكروباً ، أطعم جائعاً ، عِد مريضاً ، أعن منكوباً ، تجد السعادة تغمرك من بين يديك ومن خلفك .

إن فعل الخير كالطيب ينفع حامله وبائعه ومشتريه ، وعوائد الخير النفسيه عقاقير مباركه تصرف في صيدلية الذي عمرت قلوبهم

بالبــــــر وبالإحسان .

إن توزيع البسمات المشرقة على فقراء الأخلاق صدقة جارية في عالم القيم { ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق } وإن عبوس الوجه

إعلان حرب ضروس على الآخرين لا يعلم قيامها إلا علام الغيوب .

شربة ماء من كف بغي لكلب أثمرت دخول جنة عرضها عرض السموات والأرض ؛ لإن صاحب الثواب غفور شكور جميل ،

يحب الجميل ، غني حميد .

يا من تهددهم كوابيس الشقاء والفزع والخوف هلموا إلى بستان المعروف وتشاغلوا بالغير ، عطاءً وضيافة ومواساة وإعانة

وخدمة وستجدون السعادة طعماًَ ولوناً وذوقاً

(( وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى ( 19) إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى ( 20 ) وَلَسَوْفَ يَرْضَى ))

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

إطرد الفراغ بالعمــــــل

الفارغون في الحياة هم أهل الأراجيف والشائعات ؛ لأن أذهانهم موزعة (( رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ )) . إن أخطر حالات

الذهن يوم يفرغ صاحبه من العمل ، فيبقى كالسياره المسرعة في إنحدار بلا سائق ، تجنح ذات اليمين وذات الشمال .

يوم تجد في حياتك فراغاً فتهيأ حينها للهم والفزع ؛ لأن هذا الفراغ يسحب لك كل ملفات الماضي ، والحاضر ، والمستقبل من

أدراج الحياة فيجعلك في أمر مريج ، ونصيحتي لك ولنفسي أن تقوم بأعمال مثمرة بدلاً من هذا الإستراخ القاتل لأنه وأد خفي

، وإنتحار بكبسول مسكن .

إن الفراغ أشبه بالتعذيب البطيء الذي يمارس في سجون الصين بوضع السجين تحت أنبوب يقطر كل دقيقة قطرة ، وفي فترات

إنتظار هذه القطرات يُصاب السجين بالجنون .

الراحة غفلة ، والفراغ لص محترف ، وعقلك هو فريسة ممزقة لهذه الحروب الوهمية .

إذاً قم صل أو اقرأ ، أو سبح ، أو طالع ، أو اكتب ، أو رتب مكتبك ، أو أصلح بيتك ، أو أنفع غيرك ، حتى تقضي على الفراغ

، وإني لك من الناصحين .

إذبح الفراغ بسكين العمل ، ويضمن لك العالم 50% من السعادة مقابل هذا الإجراء الطارئ فحسب ، انظر إلى الفلاحين والخبازين

والبنائين يغردون بالأناشيد كالعصافير في سعادة وراحة وأنت على فراشك تمسح دموعك وتضطرب لأنك ملدوغ .

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

لا تكن إمعـــــة

لا تتقمص شخصية غيرك ولاتذُب في الآخرين . إن هذا هو العذاب الدائم ، وكثير هم الذين ينسون أنفسهم وأصواتهم وحركاتهم ،

وكلامهم ، ومواهبهم ، وظروفهم ، لينصهروا في شخصيات الآخرين ، فإذا التكلف والصلف ، والإحتراق ، والإعدام للكيان وللذات .

من آدم إلى آخـر الخليقة لم يتق إثنان في صورة واحدة ، فلماذا يتفقون في المواهب والأخلاق .

أنت شيء آخـر لم يسبق لك في التاريخ مثيل ولن يأتي مثلك في الدنيا شبيه .

أنت مختلف تماماً عن زيد وعمرو فلا تحشر نفسك في سرداب التقليد والمحاكاة والذوبان .

إنطلق على هيئتك وسجيتك (( قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ )) ، (( وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ )) عش كما خلقت

لا تغير صوتك ،

لا تبدل نبرتك ، ، لا تخالف مشيتك ، هذب نفسك بالوحي ، ولكن لا تلغي وجودك وتقتل إستقلالك .

أنت لك طعم خاص ، ولون خاص ، ونريدك أنت بلونك هذا وطعمك هذا ؛ لأنك خلقت هكذا ، وعرفناك هكذا

{ لا يكن أحدكـــــم إمعـــة } .

إن الناس في طبائعهم أشبه بعالم الأشجار : حلو وحامض ، وطويل وقصير ، وهكذا فليكونوا . فإن كنت كالموز لا تتحول إلى

سفرجل ؛ لأن جمالك وقيمتك أن تكون موزاً ، إن إختلاق ألواننا وألسنتنا ومواهبنا وقدراتنا آية من آيات الباري فلا تجحد آياته .

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

قضــــاء وقـــــدر

(( مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا )) ، جف القلم ، رفعت الصحف ، قضي الأمر ،

كتبت المقادير ، (( لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا )) ، ما أصابك لم يكن ليخطئك ، وما أخطأك لم يكن ليصيبك .

إن هذه العقيدة إذا رسخت في نفسك وقرت في ضميرك صارت البلية عطية ، والمحنة منحة ، وكل الوقائع جوائز وأوسمة

{ ومن يرد الله به خيراً يصب منه } فلا يصيبك قلق من مرض أو موت قريب ، أو خسارة مالية ، أو إحتراق بيت ، فإن البارئ

قد قدر ، والقضاء قد حل ، والإختبار هكذا ، والخير لله ، والأجر حصل ، والذنب كُفر ، هنيئاً لأهل المصائب صبرهم ورضاهم عن

الآخذ ، المعطي ، القابض ، الباسط ، (( لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ )) .

ولن تهدأ أعصابك ، وتسكن بلابل نفسك ، وتذهب وساوس صدرك ، حتى تؤمن بالقضاء والقدر ، جف القلم بما أنت لاق ،

فلا تذهب نفسك حسرات ، لا تظن أنه كان بوسعك إيقاف الجدار أن ينهار ، وحبس الماء أن ينسكب ، ومنع الريح أن تهب ،

وحفظ الزجاج أن ينكسر ، هذا ليس بصحيح على رغمي ورغمك ، وسوف يقع المقدور ، وينفذ القضاء ، ويحل المكتوب

(( فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ )) .
نبراس الجود
نبراس الجود
يتبع..


إن مع العسر يسراً

يا إنسان بعد الجوع شبع وبعد الظمأ ري ، وبعد السهر نوم ، وبعد المرض عافيه ، سوف يصل الغائب ، ويهتدي الضال ،

ويفك العاني ، وينقشع الظلام (( فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ )) .

بشر الليل بصبح صادق يطارد على رؤوس الجبال ، ومسارب الأوديه ، بشر المهموم بفرج مفاجئ يصل في سرعة الضوء ،

ولمح البصر ، بشر المنكوب بلطف خفي ، وكفي حانية وادعة .

إذا رأيت الصحراء تمتد وتمتد ، فاعلم أن وراءها رياضاً خضراء وارفة الظلال .

إذا رأيت الحبل يشتد ويشتد ، فاعلم أنه سوف ينقطع .

مع الدمعة بسمة ، ومع الخوف أمنُ ، ومع الفزع سكينة .

النار لا تحرق إبراهيم الخليل ، لأن الرعاية الربانية فتحت نافذة (( بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إبرَاهِيم )) .

البحر لا يغرق كليم الرحمن ، لأن الصوت القوي الصادق نطق بـ (( كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ )).

المعصوم في الغار بشر صاحبه بأنه وحده جل في علاه معنا ؛ فنزل الأمن والفتح والسكينة .

إن عبيد ساعاتهم الراهنة ، وأرقاء ظروفهم القاتمة ، لا يَرَونَ إلا النكد والضيقَ والتعاسة ، لأنهم لا ينظرون إلا إلى جدار الغرفة

، وباب الدار فحسب ، ألا فليمدوا أبصارهم وراء الحجب ، وليطلقوا أعنة أفكارهم إلى ما وراء الأسوار .

إذا فلا تضق ذرعاً فمن المحال دوام الحال ، وأفضل العبادة انتظار الفرج ، الأيام دول ، والدهر قُلب ن والليالي حبالى ، والغيب

مستور ، والحكيم كل يوم هو في شأن ، ولعل الله يحدث بعد ذلك امراً ، وإن مع العسر يسراً ، إن مع العسر يسراً.

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

اصنع من الليمون شراباً حلواً

الذكي الأريب يحول الخسائر إلى أرباح ، والجاهل الرعديد يجعل المصيبة مصيبتين .

طُرد الرسول من مكة فأقام في المدينة دولة ملأت سمع التاريخ وبصره .

سُجن أحمد بن حنبل وجلد ، فصار إمام السنة ، وحُبس إبن تيمية فأخرج من حبسه علماً جماً ، ووضع السر خسي في قعر بئر

معطلة فأخرج عشرين مجلداً في الفقه ، وأقعد إبن الأثير فصنف جامع الأصول ، والنهاية من أشهر وأنفع كتب الحديث ،

ونفي إن الجوزي من بغداد ، فجود القراءات السبع ، وأصابت حمى الموت مالك بن الريب فأرسل للعالمين قصيدته الرائعة

الذائعة التي تعدل دواوين شعراء الدولة العباسية ، ومات أبناء أبي ذؤيب الهذلي فرثاهم بإلياذه أنصت لها الدهـر ، وذهل منها

الجمهور ، وصفق لها التاريخ .

إذا داهمتك داهية فانظر في الجانب المشرِِق منها ، وإذا ناولك أحدهم كوب ليمون فأضف إليه حفنة من سُكر ، وإذا أهدي لك

ثعباناً فخذ جلده الثمين واترك باقيه ، وإذا لدغتك عقرب فاعلم أنه مصل واقِ ومناعة حصينة ضد سم الحيات .

تكيف في ظرفك القاسي ، لتخرج لنا منه زهراً وورداً وياسميناً ، (( وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ )) .

سجنت فرنسا قبل ثورتها العارمة شاعرين مجيدين متفائلاً ومتشائماً فأخرجا رأسيهما من نافذة السجن . فأما المتفائل فنظر نظرة

في النجوم فضحك . وأما المتشائم فنظر إلى الطين في الشارع المجاور فبكى . انظر إلى الوجه الآخر للمأساة ، لأن الشر المحض

ليس موجوداً ؛ بل هناك خير ومكسب وفتح وأجــــر .

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

أَمْ مَنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ

من الذي يفزع إليه المكروب ، ويستغيث به المنكوب ، وتصمد إليه الكائنات ، وتسأله المخلوقات ، وتلهج بذكره الألسن ، وتألهُهُ

القلوب إنه الله لا إله إلا هـو .

وحق علي وعليك أن ندعوه في الشد والرخاء ، والسراء والضراء ، ونفزع إليه في الملمات ، ونتوسل إليه في الكربات ، وننطرح

على عتبات بابه سائلين باكين ضارعين منيبين ، حينها يأتي مدده ، ويصل عونه ، ويسرع فرجه ، ويحل فتحه

(( أَمْ مَنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ )) فينجي الغريق ، ويرد الغائب ، ويعافي المبتلى ، وينصر المظلوم ، ويهدي الضال ، ويشفي

المريض ويفرج عن المكروب (( فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ )) .

ولن أسرد عليك هنا أدعية إزاحة الهم والغم والحزن والكرب ، ولكن أُحيلك إلى كتب السنة لتتعلم شريف الخطاب معه ؛ فتناجيــه

وتناديه وتدعوه وترجوه ، فإن وجدته وجدت كل شيء ، وإن فقدت الإيمان به فقدت كل شيء ، إن دعاءك ربك عبادة أخرى ،

وطاعة عظمى ثانية فوق حصول المطلوب ، وإن عبداً يجيد فن الدعاء حري أن لا يهتم ولا يغتم ولا يقلق ، كل الحبال تتصـــرم

إلا حبله ، كل الأبواب توصد إلا بابه ، وهو قريب سميع مجيب ، يجيب المضطر إذا دعاه . يأمرك ــ وأنت الفقير الضعيف المحتاج

، وهو الغني القوي الواحد الماجد ــ بأن تدعوه (( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ )) إذا نزلت بك النوازل ، وألمت بك الخطوب فالهج بذكره ،

واهتف بإسمه واطلب مدده واسأله فتحه ونصره ، مَرغ الجبين لتقديس اسمه ، لتحصل على تاج الحرية ، وأرغم الأنف في طين

عبوديته لتحوز وسام النجاة ، مد يديك ، ارفع كفيك ، أطلق لسانك ، أكثر من طلبه ، بالغ في سؤاله ، ألح عليه ، الـزم بابــه ،

انتظر لطفه ، ترقب فتحه ، اشدُ باسمه ، أحسن ظنك فيه ، انقطع إليه ، تبتل إليه تبتيلاً حتى تسعـد وتفلح .

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

وليسعـــــك بيتــــك

العزلة الشرعية السنية : بعد عن الشر وأهله ، والفارغين واللاهين والفوضويين ، فيجتمع عليك شملك ، ويهدأ بالك ، ويرتاح

خاطرك ، ويجود ذهنك بدرر الحكم ، ويسرح طرفك في بستان المعارف .

إن العزلة عن كل ما يشغل عن الخير والطاعة دواء عزيز جربه أطباء القلوب فنجح أيما نجاح ، وأنا أدلك عليه ، في العزلة عن

الشر واللغـو وعن الدهماء تلقيح للفكر ، وإقامة لناموس الخشية ن واحتفال بمولد الإنابة والتذكر ، وإنما كان الإجتماع المحمود

والإختلاط الممدوح في الصلوات والجمع ومجالس العلم والتعاون على الخير ، أما مجالس البطالة والعطالة فحذارِ حذارِ ، اهرب

بجلدك ، ابك على خطيئتك ، وأمسك عليك لسانك ، وليسعك بيتك ، الاختلاط الهمجي حرب شعواء على النفس ، وتهديد خطير

لدنيا الأمن والإستقرار في نفسك ، لأنك تجالس أساطين الشائعات ، وأبطال الأراجيف ، وأساتذة التبشير بالفتن والكوارث والمحن

، حتى تموت كل يوم سبع مرات قبل أن يصلك الموت (( لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا )) .

إذاً فرجائي الوحيد إقبالك على شأنك ، والا نزواء في غرفتك ، إلا من قول خير أو فعل خير ، حينها تجد قلبك عاد إليك ، فسلم

وقتُك من الضياع ، وعمرك من الإهدار ، ولسانك من الغيبة ، وقلبك من القلك ، وأذنك من الخنا ونفسك من سوء الظن ،

ومن جرب عرف ، ومن أركب نفسك مطايا الأوهام ، واسترسل مع العوام فقل عليه السلام .

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
نبراس الجود
نبراس الجود
يتبع.. إن مع العسر يسراً يا إنسان بعد الجوع شبع وبعد الظمأ ري ، وبعد السهر نوم ، وبعد المرض عافيه ، سوف يصل الغائب ، ويهتدي الضال ، ويفك العاني ، وينقشع الظلام (( فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ )) . بشر الليل بصبح صادق يطارد على رؤوس الجبال ، ومسارب الأوديه ، بشر المهموم بفرج مفاجئ يصل في سرعة الضوء ، ولمح البصر ، بشر المنكوب بلطف خفي ، وكفي حانية وادعة . إذا رأيت الصحراء تمتد وتمتد ، فاعلم أن وراءها رياضاً خضراء وارفة الظلال . إذا رأيت الحبل يشتد ويشتد ، فاعلم أنه سوف ينقطع . مع الدمعة بسمة ، ومع الخوف أمنُ ، ومع الفزع سكينة . النار لا تحرق إبراهيم الخليل ، لأن الرعاية الربانية فتحت نافذة (( بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إبرَاهِيم )) . البحر لا يغرق كليم الرحمن ، لأن الصوت القوي الصادق نطق بـ (( كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ )). المعصوم في الغار بشر صاحبه بأنه وحده جل في علاه معنا ؛ فنزل الأمن والفتح والسكينة . إن عبيد ساعاتهم الراهنة ، وأرقاء ظروفهم القاتمة ، لا يَرَونَ إلا النكد والضيقَ والتعاسة ، لأنهم لا ينظرون إلا إلى جدار الغرفة ، وباب الدار فحسب ، ألا فليمدوا أبصارهم وراء الحجب ، وليطلقوا أعنة أفكارهم إلى ما وراء الأسوار . إذا فلا تضق ذرعاً فمن المحال دوام الحال ، وأفضل العبادة انتظار الفرج ، الأيام دول ، والدهر قُلب ن والليالي حبالى ، والغيب مستور ، والحكيم كل يوم هو في شأن ، ولعل الله يحدث بعد ذلك امراً ، وإن مع العسر يسراً ، إن مع العسر يسراً. ~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~ اصنع من الليمون شراباً حلواً الذكي الأريب يحول الخسائر إلى أرباح ، والجاهل الرعديد يجعل المصيبة مصيبتين . طُرد الرسول من مكة فأقام في المدينة دولة ملأت سمع التاريخ وبصره . سُجن أحمد بن حنبل وجلد ، فصار إمام السنة ، وحُبس إبن تيمية فأخرج من حبسه علماً جماً ، ووضع السر خسي في قعر بئر معطلة فأخرج عشرين مجلداً في الفقه ، وأقعد إبن الأثير فصنف جامع الأصول ، والنهاية من أشهر وأنفع كتب الحديث ، ونفي إن الجوزي من بغداد ، فجود القراءات السبع ، وأصابت حمى الموت مالك بن الريب فأرسل للعالمين قصيدته الرائعة الذائعة التي تعدل دواوين شعراء الدولة العباسية ، ومات أبناء أبي ذؤيب الهذلي فرثاهم بإلياذه أنصت لها الدهـر ، وذهل منها الجمهور ، وصفق لها التاريخ . إذا داهمتك داهية فانظر في الجانب المشرِِق منها ، وإذا ناولك أحدهم كوب ليمون فأضف إليه حفنة من سُكر ، وإذا أهدي لك ثعباناً فخذ جلده الثمين واترك باقيه ، وإذا لدغتك عقرب فاعلم أنه مصل واقِ ومناعة حصينة ضد سم الحيات . تكيف في ظرفك القاسي ، لتخرج لنا منه زهراً وورداً وياسميناً ، (( وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ )) . سجنت فرنسا قبل ثورتها العارمة شاعرين مجيدين متفائلاً ومتشائماً فأخرجا رأسيهما من نافذة السجن . فأما المتفائل فنظر نظرة في النجوم فضحك . وأما المتشائم فنظر إلى الطين في الشارع المجاور فبكى . انظر إلى الوجه الآخر للمأساة ، لأن الشر المحض ليس موجوداً ؛ بل هناك خير ومكسب وفتح وأجــــر . ~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~ أَمْ مَنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ من الذي يفزع إليه المكروب ، ويستغيث به المنكوب ، وتصمد إليه الكائنات ، وتسأله المخلوقات ، وتلهج بذكره الألسن ، وتألهُهُ القلوب إنه الله لا إله إلا هـو . وحق علي وعليك أن ندعوه في الشد والرخاء ، والسراء والضراء ، ونفزع إليه في الملمات ، ونتوسل إليه في الكربات ، وننطرح على عتبات بابه سائلين باكين ضارعين منيبين ، حينها يأتي مدده ، ويصل عونه ، ويسرع فرجه ، ويحل فتحه (( أَمْ مَنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ )) فينجي الغريق ، ويرد الغائب ، ويعافي المبتلى ، وينصر المظلوم ، ويهدي الضال ، ويشفي المريض ويفرج عن المكروب (( فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ )) . ولن أسرد عليك هنا أدعية إزاحة الهم والغم والحزن والكرب ، ولكن أُحيلك إلى كتب السنة لتتعلم شريف الخطاب معه ؛ فتناجيــه وتناديه وتدعوه وترجوه ، فإن وجدته وجدت كل شيء ، وإن فقدت الإيمان به فقدت كل شيء ، إن دعاءك ربك عبادة أخرى ، وطاعة عظمى ثانية فوق حصول المطلوب ، وإن عبداً يجيد فن الدعاء حري أن لا يهتم ولا يغتم ولا يقلق ، كل الحبال تتصـــرم إلا حبله ، كل الأبواب توصد إلا بابه ، وهو قريب سميع مجيب ، يجيب المضطر إذا دعاه . يأمرك ــ وأنت الفقير الضعيف المحتاج ، وهو الغني القوي الواحد الماجد ــ بأن تدعوه (( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ )) إذا نزلت بك النوازل ، وألمت بك الخطوب فالهج بذكره ، واهتف بإسمه واطلب مدده واسأله فتحه ونصره ، مَرغ الجبين لتقديس اسمه ، لتحصل على تاج الحرية ، وأرغم الأنف في طين عبوديته لتحوز وسام النجاة ، مد يديك ، ارفع كفيك ، أطلق لسانك ، أكثر من طلبه ، بالغ في سؤاله ، ألح عليه ، الـزم بابــه ، انتظر لطفه ، ترقب فتحه ، اشدُ باسمه ، أحسن ظنك فيه ، انقطع إليه ، تبتل إليه تبتيلاً حتى تسعـد وتفلح . ~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~ وليسعـــــك بيتــــك العزلة الشرعية السنية : بعد عن الشر وأهله ، والفارغين واللاهين والفوضويين ، فيجتمع عليك شملك ، ويهدأ بالك ، ويرتاح خاطرك ، ويجود ذهنك بدرر الحكم ، ويسرح طرفك في بستان المعارف . إن العزلة عن كل ما يشغل عن الخير والطاعة دواء عزيز جربه أطباء القلوب فنجح أيما نجاح ، وأنا أدلك عليه ، في العزلة عن الشر واللغـو وعن الدهماء تلقيح للفكر ، وإقامة لناموس الخشية ن واحتفال بمولد الإنابة والتذكر ، وإنما كان الإجتماع المحمود والإختلاط الممدوح في الصلوات والجمع ومجالس العلم والتعاون على الخير ، أما مجالس البطالة والعطالة فحذارِ حذارِ ، اهرب بجلدك ، ابك على خطيئتك ، وأمسك عليك لسانك ، وليسعك بيتك ، الاختلاط الهمجي حرب شعواء على النفس ، وتهديد خطير لدنيا الأمن والإستقرار في نفسك ، لأنك تجالس أساطين الشائعات ، وأبطال الأراجيف ، وأساتذة التبشير بالفتن والكوارث والمحن ، حتى تموت كل يوم سبع مرات قبل أن يصلك الموت (( لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا )) . إذاً فرجائي الوحيد إقبالك على شأنك ، والا نزواء في غرفتك ، إلا من قول خير أو فعل خير ، حينها تجد قلبك عاد إليك ، فسلم وقتُك من الضياع ، وعمرك من الإهدار ، ولسانك من الغيبة ، وقلبك من القلك ، وأذنك من الخنا ونفسك من سوء الظن ، ومن جرب عرف ، ومن أركب نفسك مطايا الأوهام ، واسترسل مع العوام فقل عليه السلام . ~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
يتبع.. إن مع العسر يسراً يا إنسان بعد الجوع شبع وبعد الظمأ ري ، وبعد السهر نوم ، وبعد...
العوض من الله

لا يسلبك الله شيئاً إلا عوضك خيـــراً منه إذا صبرت واحتسبت {{ من أخذت حبيبتيه فصبر عوضته منها الجنة }} يعني عينيه

{ من سلبت صفيه من أهل الدنيا ثم أحتسب عوضته من الجنة } من فقد ابنه وصبر بُنَي له بيت الحمد في الخلد ، وقس على

هذا المنوال فإن هذا مجرد مثال .

فلا تأسف على مصيبة ، فإن الذي قدرها عنده جنة وثواب وعوض وأجــــر عظيم .

إن أولياء الله المصابين المبتلين ينوه بهم في الفردوس (( سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ )) .

وحق علينا أن ننظر في عوض المصيبة وثوابها وخلفها الخير (( أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ))

هنيئاً للمصابين ، بشرى للمنكوبين .

إن عمـر الدنيا قصير وكنزها حقير ، والآخـرة خير وأبقى فمن أُصيب هنا كوفئ هناك ، ومن تعب هنا ارتاح هناك ، أما المتعلقون

بالدُنيا ، العاشقون لها ، الراكنون إليها ، فأشد ما على قلوبهم فوت حظوظهم منها ، وتنغيص راحتهم فيها ، لأنهم يريدونها وحدها

فلذلك تعظم عليهم المصائب ، وتكبر عندهم النكبات ، لأنهم ينظرون تحت أقدامهم ، فلا يرون إلا الدُنيا الفانية الزهيدة الرخيصة .

أيها المصابون ما فات شئ وأنتم الرابحون ، فقد بعث لكم برسالة بين أسطرها لطف وعطف وثواب وحسن اختيار .

إن على المصاب الذي ضرب عليه سرداق المصيبة أن ينظر ليرى أن النتيجة (( فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ

وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ )) ، وما عند الله خير وأبقى وأهنأ وأمرأ وأجل وأعلى .

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
الإيمان هـــو الحياة

الأشقياء بكل معاني الشقاء هم المفلسون من كنوز الإيمان ، ومن رصيد اليقين ، فهم أبداً في تعاسة وغضب ومهانة وذلة

(( وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا )) .

لا يُسعد النفس ويزكيها ويطرها ويفرحها ويذهب غمها وهمها وقلقها إلا الإيمان بالله رب العالمين ، لا طعم للحياة أصلاً إلا بالإيمان .

إن الطريقة المثلى للملاحدة إن لم يؤمنوا أن ينتحروا ليريحوا أنفسهم من هذه الآصار والأغلال والظلمات والدواهي ، يا لها من

حياة تعيسة بلا إيمان ، يا لها من لعنة أبدية حاقت بالخارجين على منهج الله في الأرض (( وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا

بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ )) وقد آن الأوان للعالم أن يقتنع كل القناعة وأن يؤمن كل الإيمان بأن لا إله إلا الله بعد

تجربة طويلة شاقة عبر قرون غابرة توصل بعدها العقل إلى الصنم خرافة والكفر لعنة ، والإلحاد كذبة ، وأن الرسـل صادقـون ،

وأن الله حق له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير .

وبقدر إيمانك قوة وضعفاً ، حرارة وبرودة ، تكون سعادتك وراحتك وطمأنينتك .

(( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )) وهذه الحياة الطيبة

هي استقرار نفوسهم لحسن موعود ربهم ، وثبات قلوبهم بحب باريهم ، وطهارة ضمائرهم من أوضار الإنحراف ، وبرود

أعصابهم أمام الحوادث ، وسكينة قلوبهم عن وقع القضاء ، ورضاهم في مواطن القـدر ، لأنهم رضوا بالله رباً ، وبالإسلام

ديناً وبمحمد نبياً ورسولاً .

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
اجنِ العسل ولا تكسر الخلية

الرفق ما كان في شيء إلا زانه ، وما نُزع من شيء إلا شانه ، اللين في الخطاب ، البسمة الرائقة على المحيا ، الكلمة الطيبة

عند اللقاء ، هذا حلل منسوجة يرتديها السعداء ، وهي صفات المؤمن كالنحلة تأكل طيباً وتصنع طيباً ، وإذا وقعت على زهرة

لا تكسرها لأن الله يعطي على الرفق ما لا يعطي العنف . إن من الناس من تشرئب لقدومهم الأعناق ، وتشخص إلى طلعاتهم

الأبصــــار ، وتحييهم الأفئدة وتشيعهــم الأرواح ، لأنــهم محبوبون في كلامهم في أخــذهم وعطائهــم ، في بيعهم

وشرائهم ، في لقائهم ووداعهم .

إن إكتساب الأصدقاء فن مدروس يجيده النبلاء الابرار ، فهم محفوفون دائماً وأبداً بهالة من الناس إن حضروا فالبشر والأنس ،

وإن غابوا فالسؤال والدعـــــاء .

إن هؤلاء السعداء لهم دستور أخلاق عنوانه (( ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ )) فهم

يمتصون الأحقاد بعاطفتهم الجياشة ، وحلمهم الدافئ ، وصفحهم البريء ، يتناسون الإساءة ويحفظون الإحسان ، تمر بهم

الكلمات النابية فلا تلج آذانهم بل تذهب بعيداً هناك إلى غير رجعة . هم في راحة ، والناس منهم في أمن ، والمسلمون منهم في

سلام { المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ، والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم } ، { إن الله أمرني أن

أصل من قطعني وأن أعفو عمن ظلمني وأن أعطي من حرمني }} (( وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ )) بشر هؤلاء

بثواب عاجل من الطمأنينة والسكينة والهدوء .

وبشرهم بثواب أخروي كبير في جوار رب غفور في جنات ونهـر (( فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ )) .

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ

الصدق حبيب الله ، والصراحة صابون القلوب، والتجربة برهان ، والرائد لا يكذب أهله ، ولم يوجد عمل أشرح للصدر وأعظم

للأجر كالذكر (( فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ )) وذكره سبحانه جنته في أرضه ، من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخـرة ، وهو إنقاذ للنفس من

أوصابها وأتعابها واضطرابها ، بل هو طريق ميسر مختصر إلى كل فوز وفلاح . طالع دواوين الوحي لترى فوائد الذكر ، وجرب

مع الأيام بلسمه لتنال الشفاء .

بذكره سبحانه تنقشع سحب الخوف والفزع والهم والحزن . بذكره تزاح جبال الكرب والغم والأسى .

ولا عجب أن يرتاح الذاكرون ، فهذا هو الأصل الأصيل ، لكن العجب العجاب كيف يعيش الغافلون عن ذكــــره

(( أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ )) .

يا من شكى الارق ، وبكى من الألم ، وتفجع من الحوادث ، ورمته الخطوب ، هيا اهتف بإسمه المقدس (( هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا )) .

بقدر إكثارك من ذكره ينبسط خاطرك ، يهدأ قلبك ، تسعد نفسك ، يرتاح ضميرك ، لأن في ذكره جل في علاه معاني التوكل عليه ،

والثقة به والإعتماد عليه ، والرجوع إليه ، وحسن الظن فيه ، وإنتظار الفرج منه ، فهو قريب إذا دُعي ، سميع إذا نُودي ،

مجيب إذا سُئل ، فاضرع واخضع واخشع ، وردد إسمه الطيب المبارك على لسانك توحيداً وثناءً ومدحاً وسؤالاً وإستغفاراً ،

وسوف تجد ـ بحوله وقوته ـ السعادة والأمن والسرور والنور والحبور (( فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ )) .

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~