المرأة والعفة!

ملتقى الإيمان

الأداب والأخلاق


1
سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز

ما حكم الإسلام في عمل المرأة وخروجها بزيها الذي نراه في الشارع والمدرسة والبيت هكذا وعمل المرأة الريفية مع زوجها في الحقل ؟

الجواب : لا ريب أن الإسلام جاء بإكرام المرأة والحفاظ عليها وصيانتها عن ذئاب بني الإنسان , وحفظ حقوقها , ورفع شأنها فجعلها شريكة الذكر في الميران وحرم وأدها , وأوجب استئذانها في النكاح , وجعل لها مطلق التصرف في مالها وإذا كانت رشيدة , وأوجب لها على زوجها حقوقا كثيرة , وأوجب على أبيها وقراباتها الإنفاق عليها عند حاجتها , وأوجب عليها الحجاب عن نظر الأجانب إليها لئلا تكون سلعة رخيصة يتمتع بها كل أحد قال تعالى في سورة الأحزاب : ( وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أظهر لقلوبكم وقلوبهن ) وقال سبحانه في السورة المذكورة : ( يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما ) وقال تعالى في سورة النور : ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون * وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن ) فقوله سبحانه : ( إلا ما ظهر منها ) فسره الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه بأن المراد بذلك الملابس الظاهرة , لأن ذلك لا يمكن ستره إلا بحرج كبير

وفسره ابن عباس رضي الله عنهما في المشهور عنه بالوجه والكفين

والأرجح في ذلك قول ابن مسعود لأن أية الحجاب المتقدمة تدل على أو وجوب سترهما ولكونهما من أعظم الزينة فسترهما مهم جدا

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : فإن كشفهما في أول الإسلام ثم نزلت أية الحجاب بوجوب سترهما , ولأن كشفهما لدى غير المحارم من أعظم أسباب الفتنة ومن أعظم الأسباب لكشف غيرهما , وإذا كان الوجه والكفان مزينين بالكحل والأصباغ ونحو ذلك من أنواع التجميل كان كشفهما محرما بالإجماع , والغالب على النساء اليوم تحسينها وتجميلها , فتحريم كشفهما متعين على القولين جميعا , و أما ما يفعله النساء اليوم من كشف الرأس والعنق والصدر والذراعين والساقين وبعض الفخذين فهذا منكر بإجماع المسلمين لا يرتاب فيه من له أدنى بصيرة , والفتنة في ذلك عظيمة والفساد المترتب عليه كبير جدا فنسأل الله أن يوفق قادة المسلمين لمنع ذلك والقضاء عليه والرجوع بالمرأة إلى ما أوجب الله عليها من الحجاب والعبد عن أسباب الفتنة

ومما ورد في هذا الباب قوله سبحانه : ( وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ) وقوله سبحانه : ( والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وأن يستعففن خير لهن والله سميع عليم ) فأمر سبحانه النساء في الآية الأولى بلزوم البيوت , لأن خروجهن غالبا من أسباب الفتنة , وقد دلت الأدلة الشرعية على جواز الخروج للحاجة مع الحجاب والبعد عن أسباب الزينة , ولكن الزومهن للبيوت هو الأصل وهو خير لهن وأصلح وأبعد عن الفتنة ثم نهاهن عن تبرج الجاهلية وذلك بإظهار المحاسن والمفاتن , وأباح في الآية الثانية للقواعد وهن العجائز اللاتي لا يرجون نكاحا وضع الثياب بمعنى عدم الحجاب بشرط عدم تبرجهن بزينة , وإذا كان العجائز يلزمن بالحجاب عند وجود الزينة ولا يسمح لهن بتركه إلا عند عدمها وهن لا يفتن ولا مطمع فيهن فكيف بالشابات الفاتنات , ثم أخبر سبحانه أن استعفاف القواعد بالحجاب خير لهن ولو لم يتبرجن بالزينة , وهكذا كله واضح في حث النساء على الحجاب والبعد عن السفور وأسباب الفتنة والله المستعان

وأما عمل المرأة مع زوجها في الحقل والمصنع والبيت فلا حرج في ذلك وهكذا مع محارمها إذا لم يكن معهم أجنبي منها , وهكذا مع النساء , وإنما المحرم عملها مع الرجال غير محارمها , لأن ذلك يفضي إلى فساد كبير وفتنة عظيمة كما أنه يفضي إلى الخلوة بها وإلى رؤية بعض محاسنها والشريعة الإسلامية الكاملة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها , ودرء المفاسد وتقليلها , وسد الذرائع الموصلة إلى ما حرم الله في مواضع كثيرة , ولا سبيل إلى السعادة والعزة والكرامة والنجاة في الدنيا والآخرة إلا بالتمسك بالشريعة , والتقيد بأحكامها , والحذر مما خالفها , والدعوة إلى ذلك والصبر عليه وفقنا الله وإياكم وسائر إخواننا إلى ما فيه رضاه وأعاذنا جميعا من مضلات الفتن إنه جواد كريم
0
464

هذا الموضوع مغلق.

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️