المغرب جنة العالم

ملتقى الأحبة المغتربات

مـراكـش

مدينة مراكش، التي يطلِقُ عليها المغاربة إسم "الحمراء"، تتكلّم بنفسها وعن نفسها من خلال المناظر الخلاّبة وأسوارها الحمراء وأشجار النخيل وساحاتها الفسيحة بكل ما توفّره من ترفيهٍ مُسلٍ ومأكولاتٍ شعبيةٍ لذيذةٍ.





رتبط إسم مراكش في الأذهان بصورة مدينةٍ عريقةٍ زاخرةٍ بالنشاط والحيوية. أسّسها البربر في موقعٍ رائعٍ داخل واحةٍ تتوسّط سهلاً خصبًا بجوار جبال الأطلس الشّاهقة.

تُعتبر مراكش التي مَنَحت المغرب اسمه القديم واحدةً من مُدُن المغرب الإمبراطورية الأربع، وهي لؤلؤة حقيقية وسط مدن شمال إفريقيا. وطالما اشتهرت مراكش بأسواقها المُزدحمة بالمتسوّقين وأكشاك الأطعمة الشعبيّة اللّذيذة، والحكواتية، والسَّحَرة، والبهلوانات والمُهرّجين الإستعراضيين والموسيقييّن وقُرّاء الكف.

من أبرز النزهات الشّاعرية في هذه المدينة هي تلك التي تتمّ في عرباتٍ تجرّها الخيول. وتتركّز المطاعم والمراكز الترفيهية بصورةٍ رئيسةٍ في المنطقة التي يطلق عليها السّكان إسم "المدينة الجديدة" حيث تنتشر عشرات المقاهي ومطاعم الوجبات الخفيفة. وتوجد المطاعم التي تقدّم الأطباق المَغربيّة التقليدية والعروض الفولكلورية التّرفيهية في المدينة القديمة، وخاصّةً في قصر الرياض القديم.


ولعلّ ما يجذبُ أنظار الزائرين لمراكش قمم جبال الأطلس المكسوة بالثلوج والمطلّة على المدينة التي يحيط بها أسوار حمراء اللّون تعطيها ذلك اللون الورديّ الجميل، والتي بدورها تحيط بها أشجار النخيل الباسقة لتعطي منظرًا فنيًا طبيعيًا رائعًا يسرّ العيون.



تُحدّد المصادر التاريخية بناء النواة الأولى لمراكش سنة 1070م من قِبَل المرابطين، وهم مجموعة قبائل أمازيغيّة رُحَّل أتت من الصحراء. وقد تطوّرت هذه المدينة تحت حكم السلطان يوسف بن تاشفين (1061– 1107م) إلى حدٍ كبيرٍ من نتائج التّوسع المرابطي في إفريقية والأندلس لتصبح المركز السّياسي والثقافي للغرب الإسلامي.


بعد استتباب الأمر للموحّدين، عقب دخولهم المدينة سنة 1147م، اتّخذوها عاصمةً لحكمهم وأنجزوا فيها عدّة معالم تاريخيةٍ مازالت تُشكّل مفخرة عصرهم، كصومعة الكتبية بمسجديها والأسوار والأبواب والحدائق إضافة إلى قنطرةٍ على وادي تانسيفت ظلّت تُستَعمَل حتّى عهدٍ قريبٍ. هكذا عَرَفَت مراكش، تحت حكم الموحّدين، إشعاعًا كبيرًا جعل منها مركزًا ثقافيًا واقتصاديًا وسياسيًا لا نظير له في الغرب الإسلامي.

أمام ضعف الموحدين، استولى المرينيون القادمون من الشرق سنة 1269م على المدينة. غير أنهم اتّخذوا فاس عاصمةً لَهُم لقرب هذه الأخيرة من موطنهم الأصلي، ممّا أدى إلى تراجع مدينة مراكش وتحولها لمركزٍ ثانويٍ. في سنة 1551م استعادت المدينة مكانتها كعاصمةٍ للسعدييّن (1589م– 1659م). فعلى عهدهم تمّ تشييد بناياتٍ ومنشآتٍ جديدةٍ، أهمّها قصر البديع ومجمع المواسين ومدرسة ابن يوسف وقبور السّعديين وعدد من السقايات.

تحت حكم العلويين، قام المولى رشيد بترميم مسجد بن صالح المريني، غير أن خلفه المولى إسماعيل أولى كل اهتمامه بعاصمة حكمه الجديدة مكناس. وقد عمل السلطان سيدي محمد على إعادة مراكش إلى مكانتها وذلك من خلال إنشاء أحياء ومعالم جديدةٍ. ويمكن القول إنّ مراكش اتّخدت شكلها النهائي ابتداءًا من فترة حكم هذا السلطان، إذ اقتصرت المراحل القادمة على ترميمٍ لم يتم إنجازه منذ العصر الوسيط.

ونظرًا لما تزخر به من إرثٍ حضاريٍ كبير، أصبحت مدينة مراكش قبلةً للسياحة العالمية ومقرًا للمؤتمرات الدولية ذات المستوى الرفيع، لتحتلّ بذلك مكانةً خاصةً في المغرب الحديث.

http://dp.mariottini.free.fr/special/maroc/marrakech/marrakech-9016.jpg





24
6K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

عاشقة الشام
عاشقة الشام
مـراكـش
عاشقة الشام
عاشقة الشام
طنجة

تتميز طنجة المغربية بكونها نقطة التقاء بين البحر الأبيض المتوسط من جهة، وبين القارة الأوروبية والقارة الإفريقية من جهة أخرى. هذه الوضعية الإستراتيجية الهامة مكّنتها من الاستئثار باهتمام الإنسان، وجعلت منها محطة اتصال وعبور وتبادل الحضارات منذ آلاف السنين، مما تشهد عليه المواقع والبقايا الأثرية الموجودة بطنجة ومنطقتها، والمنتمية إلى حضارات ما قبل التاريخ وحضارات الفينيقيين والبونيقيين التي ربطت اسم طنجة في أساطيرها العريقة باسم "تينجيس" زوجة "آنتي" ابن "بوسايدون " إله البحر و"غايا" التي ترمز للأرض. ثم الفترة الرومانية التي خلالها أصبحت طنجة تتمتع بحق المواطنة الرومانية. ومن المحتمل جداً أن تكون روما قد جعلت من طنجة عاصمة لموريتانيا الطنجية، المقاطعة الغربية لروما بشمال إفريقيا.





استعادت طنجة حيويتها مع انطلاق الفتوحات الإسلامية لغزو الأندلس على يد طارق بن زياد سنة 711م، ثم من طرف المرابطين والموحّدين الذين جعلوا منها معقلاً لتنظيم جيوشهم وحملاتهم. بعد ذلك تتالت على طنجة فترات الاحتلال الإسباني والبرتغالي والإنجليزي منذ 1471م إلى 1684م، والتي تركت بصماتها حاضرة بالمدينة العتيقة، كالأسوار والأبراج والكنائس .

لكن تبقى أهم مرحلة ثقافية وعمرانية مميزة في تاريخ طنجة الوسيط والحديث، هي فترة السلاطين العلويين خصوصاً المولى إسماعيل وسيدي محمد بن عبد الله.

فبعد استرجاعها من يد الاحتلال الإنجليزي سنة 1684م في عهد المولى إسماعيل، استعادت طنجة دورها العسكري والدبلوماسي والتجاري كبوابة على دول البحر الأبيض المتوسط، و بالتالي عرفت تدفقا عمرانياً ضخماً، فشيدت الأسوار والحصون والأبواب. وازدهرت الحياة الدينية والاجتماعية، فبنيت المساجد والقصور والحمامات والأسواق، كما بنيت الكنائس والقنصليات والمنازل الكبيرة الخاصة بالمقيمين الأجانب، حتى أصبحت طنجة عاصمة ديبلوماسية بعشر قنصليات سنة 1830م، ومدينة دولية يتوافد عليها التجار والمغامرون من كل الأنحاء نتيجة الامتيازات الضريبية التي كانت تتمتع بها.

تمتد أسوار المدينة العتيقة على طول 2200م، مسيِّجة بذلك الأحياء الخمسة للمدينة العتيقة: القصبة، دار البارود، جنان قبطان، واد أهردان، وبني إيدر.

بنيت هذه الأسوار على عدة


يتبع
عاشقة الشام
عاشقة الشام
بنيت هذه الأسوار على عدة مراحل والتي من المحتمل جداً أنها بنيت فوق أسوار المدينة الرومانية "ينجيس". تؤرخ الأسوار الحالية بالفترة البرتغالية (1471-1661م)، إلا أنها عرفت أشغال ترميم وإعادة بناء وتحصين خلال الفترة الإنكليزية (1661-1684)، ثم فترة السلاطين العلويين الذين أضافوا تحصينات عديدة في القرن الثامن عشر، حيث دعّموا الأسوار بمجموعة من الأبراج: برج النعام، برج عامر، برج دار الدباغ وبرج السلام. كما فتحوا فيها 13 باباً، منها: باب القصبة، باب مرشان، باب حاحا، باب البحر، باب العسّة، باب الراحة وباب المرسى.

تقع قصبة غيلان على الضفة اليمنى لوادي الحلق على الطريق المؤدية إلى مالاباطا شرق المدينة العتيقة. تم بناؤها حوالى 1664م، ويرتبط اسمها باسم غيلان قائد حركة الجهاد الإسلامي ضد الاستعمار الإنكليزي الذي احتل مدينة طنجة ما بين 1662م و1684 م.

وللقلعة جهاز دفاعي محكم، عبارة عن سورين رباعيّي الأضلاع محصّنين ببرجين نصف دائريين وبارزين، تتوسطهما أبواب عمرانية ضخمة.

يحتل قصر القصبة أو دار المخزن موقعاً استراتيجياً في الجهة الشرقية من القصبة. ومن المرجح جداً أنه استعمل خلال فترات أخرى من التاريخ القديم.

بُني قصر القصبة أو قصر السلطان مولاي إسماعيل، من طرف الباشا علي أحمد الريفي، على أنقاض "القلعة العليا" الإنكليزية. وهو يحتوي على مجموعة من المرافق الأساسية كالدار الكبيرة، بيت المال، الجامع، المشور، السجون ودار الماعز والرياض. في سنة 1938م تحوّل القصر إلى متحف إثنوغرافي وأركيولوجي لطنجة ومنطقتها.

يقوم الجامع الكبير على مقربة من سوق الداخل. وكان قد تم تحويله إلى كنيسة خلال فترة الاستعمار البرتغالي وأُعيد جامعاً بعد استرجاعه في سنة 1684م وعرف عدة أعمال ترميم وتوسيع خلال الفترة العلوية. وتتميز هذه المعلمة ببهائها وغنى زخارفها، حيث استعملت فيها كل فنون الزخرفة، من فسيفساء وزليج وصباغة ونقش ونحت وكتابة على الخشب والجبس. ويحتوي الجامع الكبير على بيت للصلاة مكوّن من ثلاثة أروقة متوازية مع حائط القبلة وصحن محاط من كل جانب برواقين، وبذالك يعتبر نموذجاً للمساجد العلوية المعروفة ببساطة هندستها.

يقع جامع الجديدة الذي يعرف كذلك باسم جامع عيساوة وأحياناً بمسجد النخيل، أمام الزاوية العيساوية على زنقة الشرفاء. وهو يتميز بمنارته ذات الزخارف الفسيفسائية.

يقوم جامع القصبة بزنقة بن عبو. بني على يد الباشا علي أحمد الريفي، ويعتبر من ملحقات قصر القصبة أو ما يسمى بدار المخزن.
أما الكنيسة الإسبانية فبعد أن قضت فترة في ملكية أسرتين يهوديتين، اشتراها السلطان محمد بن عبد الله حوالى 1760م، تم إهداؤها للحكومة السويدية لتؤسس فيها أول قنصلية لها سنة 1788م. وفي 1871م استغلها الحاكم الإسباني ليجعل منها إقامة للبعثة الكاثوليكية، فبنى فيها كنيسة كبيرة سماها "لابوريشيما" على السيدة مريم أم السيد المسيح. لكن منذ حوالى ثلاثين سنة، ولأن المسيحيين لم يعودوا يترددون على الكنيسة بكثرة، أصبحت المؤسسة تعنى بأنشطة اجتماعية مختلفة. أما حالياً فلم يبق من البناية سوى الجزء العلوي من السلم الرئيسي.
عاشقة الشام
عاشقة الشام
طنجة
عاشقة الشام
عاشقة الشام
أغادير

تعتبر أغادير الوجهة الرئيسة للسيّاح في منطقة جنوب المغرب، حيث أعيد بناء المدينة خصيصاً بشكل يتيح استقطاب السياح. وقد بذل المغرب جهوداً جبارة لبناء المدينة على شكل منتجع سياحي رائع، يحتوي على العديد من الفنادق الراقية على امتداد شواطئه الرملية الشاسعة.

اكتسبت أغادير، بمناخها المعتدل وأنشطتها الترفيهية التي تتراوح ما بين لعب الجولف وركوب الخيل والرياضات المائية وبين المنتجعات الصحية الفخمة والجولات السياحية الممتعة، شعبية واسعة بين السياح القادمين من مختلف أنحاء العالم.

وتحتوي المنطقة على العديد من مناطق الجذب السياحي، وعلى رأسها مدينة أغادير القديمة، التي هي عبارة عن قرية يعمل فيها حرفيون مهرة ويبيعون منتجاتهم للسُياح. وإلى الجنوب من المدينة تمتد أميال من الشواطئ النظيفة وغير المزدحمة، التي توفر فرصاً عديدة لعشاق مراقبة الطيور.. وتوفر المتاجر العديدة المنتشرة قرب الفنادق وفي مركز المدينة على فرص تسوق رائعة، وخاصة المنتجات الحرفية التقليدية المغربية. ويتركز الترفيه في الأمسيات في الفنادق التي توفر عدداً كبيراً من النوادي والمقاهي والمطاعم.
دخلت قرية أغادير الصغيرة التاريخ في عام 1505م، عندما أنشأ بها البرتغاليون قاعدة محصنة بقلعة سانطاكروس لكاب دوكي. لقد كانت بالنسبة لهم إقامة مثمرة، لكنها كانت قصيرة الأمد، حيث إنه في عام 1541م، تم إجلاؤهم من طرف مؤسس الدولة السعدية محمد الشيخ المهدي. وفي العصر الذهبي لأغادير، كانت السفن ترسو كل يوم بحمولات من قصب السكر والتمر والشمع والجلود والزيوت والتوابل والذهب.

في الستينات، أعيد بناء مدينة أغادير لتصبح تزخر بحدائق مزهرة وبنايات جميلة ومطار عصري وشواطئ خلابة، ويحلو للسياح مشاهدة سفن صيد السمك وهي تتراقص على مياه أحد أبرز موانئ الصيد المغربية، أو يتجولون في أسواق تباع فيها مختلف المتوجات التقليدية.

تعيش أغادير وسط حركة دائبة بأول ميناء لصيد السردين في العالم: صفارات الإنذار، سفن صيد السمك المعددة الألوان والأحجام ترابط بالمرفأ، مسنون يصلحون شباكهم، صيادون يفرغون بصخب سلات السمك، السردين، الغبر، القاروس، البوري، التنة، وكذلك الروبيان وسرطان البحر والجمبري.

أغادير، بوابة الجنوب المغربي... لنبدأ رحلة ممتعة: من مدينة أغادير، تبدأ الرحلة في اتجاه شلالات مدهشة تتساقط من عدة مستويات، لتجد طريقاً ظليلاً يلتوي ليعبر بك حقول الشعير، وتمر من أمامك أشجار الزيتون واللوز، لتفضي بك الرحلة إلى ملجأ اليمامات، ومنبت أشجار الأركان التي لا توجد سوى بالمغرب، يتسلقها الماعز لقضم أوراقها وثمارها.

تستمر الرحلة الاستكشافية للمنطقة على بعد 12 كيلومتراً شمال شرق المدينة، على طريق إيموزار. ندخل أولاً منطقة "إيداوتنانت" المكونة من قبائل بربرية، ثم تظهر لنا فجأة منازل بيضاء مشرِفة على حديقة نخيل فتانة في منظر مجرّد، مخطط بطيات صخور ضخمة. إنها مدينة إيموزار. ومن هنا تبدأ الرحلة في سهول منطقة سوس الخصبة، والتي تنتشر فيها بساتين البرتقال والموز والزيتون، وعلى بعد 11 كيلومتراً من أغادير، تظهر إنزكان التي تعقد سوقها الأسبوعي كل يوم ثلاثاء. وبعد وادي سوس وقرية آيت ملول مع غابة أدمين، تتشعب الطرق إلى ثلاثة اتجاهات: اتجاه تزنيت والجنوب، واتجاه مدينة تافراوت عبر بيوكرة، واتجاه تارودانت والأطلس الكبير.

إذا اخترت مدينة تارودانت، والتي تلقب في المغرب بمراكش الصغيرة، فستجد كل شيء فيها يذكرك بعروس الجنوب، من أسوارها المبنية بالتراب المكبّس إلى حدائقها العطرة التي تحتل فضاءات أوسع من تلك المخصصة للمنازل، إلى أسواقها المتعددة الألوان والظليلة بسياجاتها القصبية أزقتها الضيقة.

تارودانت مدينة محصنة بالأسوار المسننة، وجدرانها سميكة من التراب المكبس، تحيط بها أشجار الزيتون الضخمة والأوكالبتوس والنخيل، يمكن أن ترى كل ذلك خلال نزهة رائعة لن تنسى بعربة يجرها حصان تحت ضوء القمر.

أما إذا اخترت وجهة مدينة تزنيت، فستجد أن السكان هناك ما زالوا يحافظون على الزي التقليدي، حيث حافظت المدينة الموجودة داخل أسوار مسننة وردية اللون على طابعها التقليدي، مثلما حافظت على ربوع واحاتها. ولعل أحسن ما بمدينة تزنيت سوق المجوهرات والحلي، حيث يبدع الصناع التقليديون البارعون زخرفات جميلة تتميز بها الحلي البربرية من قلادات فاخرة وخيوط وأطقم من الحلي تزين الجبين إلى وأحزمة ومشابك وخواتم.