أساس الجراثيم هو الشيطان
تشخيص القرآن الكريم والرسول(صلى الله عليه وسلم)
د. أنور عبد الحق
لا يخفى علينا أن أغلب ما حدد من الأحياء المجهرية (الجراثيم) المرضية التي تصيب الإنسان وتسبب له أمراض مختلفة وخطرة بدرجات متفاوتة، حسب الضراوة. وهي مسجلة بأسماء علماء أجانب، ونريد أن نعرف الآن من الذي اكتشف هذه الشياطين وحذّر منها لما تسببه من خسائر في الجنس البشري وبالتالي في مادية هذا الجنس.ولو حاججنا الغرب وعلمائهم في من بدء الاكـــتشاف نكون قد وضعنا الخطوة الأولى لمعرفة المكتشفين الأصليين لهذا العامل المرضي الخطير. والدلائل الموجودة تشير إلى أن القرآن الكريم أول من وضحها بتعبير يتوافق مع العقل البشري في تلك الحقبة الزمنية من خلال الآية (41) من سورة (ص) حيث قال تعالى:
(واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه إني مسني الشيطان بنصب وعذاب) حيث قال تعالى (الشيطان) وهنا إشارة إلى كون المرض الذي أصاب نبينا أيوب (عليه السلام) مرض جرثومي خطر، فنجد التعبير عبر الأحياء المجهرية بالشيطان ولأن في تلك الفترة كان الناس يخافون الشياطين وينسبون كل سوء إليهم، لذلك استخدم الباري العزيز لفظ الشيطان تحذيراً لهم من أن يصابوا به، أي أن يصابوا بمرض بكتيري أو فيروسي أو فطري وغيرها من الأحياء المجهرية.والذي يؤكد أن القرآن خصّ الجراثيم بكلمة شيطان في الآية (11) من سورة الأنفال بقوله تعالى:
( وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان) ، فنحن نعلم أن أحسن مادة موجودة على سطح الأرض تستعمل للتنظيف هو الماء لذلك خص سبحانه وتعالى باستعمال الماء للتنظيف والحماية من الجراثيم لأنها تتكاثر في المناطق الغير نظيفة.ومن الأدلة الأخرى قول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم ) بقوله:«لا تبيتوا القمامة في بيوتكم فأخرجوها نهاراً فإنها معقد الشيطان» نجد أن الإشارة تخصُّ الجراثيم المرضية التي دائماً تنمو وخصوصاً على الأوساخ والطعام المكشوف، فمثلاً لو تركت رغيف خبز في بيتك قرب مكان رطب وسخ لفترة ثلاثة أيام أو أكثر لوجدتها قد تعفنت وأصبحت خضراء اللون أي نلاحظ عليها مستعمرات فطيرة وهي سامة عند تناولها من قبل الإنسان وتودي بحياته إلى الموت كنهاية؛ لذلك أشار الرسول (صلى الله عليه وسلم) إلى الحذر من إبقاء الأوساخ في البيت مدّة لأنها سوف تؤدي إلى استيطان جراثيم سامة للإنسان.قال العلماء«إن الشيطان مولع بالخمر» معناه أن أغلب الجراثيم تكون متواجدة بكثرة في المواد التي قابلة للتخمّر لأنها هي تخمرها وتجعلها أفضل وسط لها كي تنمو.وكذلك قال:«إنما قصوا الأظفار لأنها مقيل الشيطان» ما معناه يجب أن تغسل الأيدي قبل النوم لأن وكما نعلم إن الهواء الجوي مملوء بالجراثيم الهوائية واللاهوائية حيث تحيط نفسها بمحافظ تقيها الظروف الغير ملائمة القاسية عليها، فعندما تجد وسط ملائم لنموها من أيادي مملوءة ببقايا الطعام وخاصة الأظافر الجزء الأكثر عرضة لتواجد الجراثيم فيه عن باقي الجسم، لأنه يكون وسط ملائم لنمو تلك الجراثيم الهوائية مثل وجود الطعام والرطوبة نتيجة التعرّق وقلة الضوء الذي يصل إلى داخل الأظافر فبعد استعراض هذه الأدلة القاطعة نقول وبكل قوة أن المكتشف الأول للأحياء المجهري هو كتاب الله المنزل منه ورسولنا (صلى الله عليه وسلم) والعلماء وهذه المصادر الجبارة تعتبر أول من وضع أساس علم الأحياء المجهرية (Microbiology) وأساس علم الأمراض الذي تسببه هذه المسببات الخطرة، أما الذين صنفوا هذه الأحياء المجهرية حسب أمراضيتها وخطورتها ما توصلوا لهذا المستوى لولا ما ذكر في مصادرنا الجبارة، ولو قسنا الفترة الزمنية بين أدلتنا (القرآن الكريم والرسول(صلى الله عليه وسلم ) ومكتشفي الجراثيم من علماء الغرب لوجدنا أنه لا يوجد قياس، فهناك بعد زمن يعود لقرون عديدة، لذلك سجل هذا الاكتشاف ومن الآن باسم أدلتنا الثلاثة وهم القرآن الكريم ورسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) والعلماءولتركيز النقطة على حالة قص الأظافر نستعرض مثلاً لنا مجموعة من الأمراض التي تنتقل عن طريق الأظافر:1) الكوليرا (الهيضة): مسبب بكتيري (Vibrio Colari).2) التيفوئيد (السالمونيلا): مسبب بكتيريtyphi Salimonella.3) بيوض دودة الأسكاريس: مسبب طفيلي (Ascars).4) بيوض الدودة الدبوسية: مسبب طفيلي (Enterobias).وهناك أمراض كثيرة تنتقل عن طريق الأظافر.. ولا ننسى اليوم أن منظمة الصحة العالمية تضع أحد بنود النظافة هي قص الأظافر وغسل اليد بعدها، وتشير إلى حدوث مجموعة من الأمراض الفتاكة بالبشرية والأوبئة التي تنتشر عن طريقها، الوقاية التي أوجدها( صلى الله عليه وسلم)
عن شبكة الفجر

السؤال:
سمعت في محاضرة بأن علماء الطب والدكاترة يدعون بأن العديد من الأدوية والعلاجات تم اكتشافها والوصول إليها عن طريق استنتاج حقائق من القرآن الكريم .
وعليه , فهذا هو سؤالي : هل الموجود بين أيدينا هو جميع ما يتعلق بالطب الذي ورد ذكره في القرآن الكريم ؟ أم أن القرآن يحتوي على المزيد الذي يمكننا الاستفادة منه ؟
أسأل عن ذلك بسبب طلب جاد تقدم به أحد أصدقائي، وهو هندوسي ويدعى "فيقنيش", حيث سأل عما إذا بقي في القرآن الكريم أمور لم تكتشف بعد تتعلق بالسيطرة على الأمراض القاتلة ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
أرسل الله تعالى محمَّداً صلى الله عليه وسلم بدين شامل لكل نواحي الحياة كما قال أبو ذر رضي الله عنه : " لقد تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يحرك طائر جناحيه في السماء إلا ذكر لنا منه علما " .
رواه أحمد ( 20399 ) انظر" مجمع الزوائد " ( 8 / 263 ) . قال الهيثمي : رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ وهو ثقة .
فجاء الإسلام ليسد حاجات الناس في كل شؤون حياتهم .
ثانياً :
وما جاء في السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم فإنه مكمِّل لما جاء في القرآن ، وهذان المصدران هما المصدران الرئيسيان عند المسلمين ، وقد بيَّن لنا النبي صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى ما أنزل داءً إلا وأنزل له دواء .
عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء ".
رواه البخاري في ( 5678 ) .
ثالثاً :
وما ذكره السائل عن بعض المسلمين من كون كثير من العلاجات اكتشفت عن طريق القرآن الكريم : فنقول إن هذا من الأمور المبالغ فيها .
فالقرآن الكريم ليس كتاب طبٍّ ولا كتاب ( جغرافيا ) ولا ( جيولوجيا ) كما يحلو لبعض المسلمين أن يقول ذلك أمام الغرب ، بل هو كتاب هداية للناس ومن أعظم معجزاته : بلاغته وقوة معانيه ، وهو الأصل في إعجازه ، فقد أنزله الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم في زمان بلغت الفصاحة والبلاغة فيه مبلغاً عظيماً فجاء هذا الكتاب ليعجز أولئك القوم فيما يتقنونه ليبيِّن لهم أنه من عند الله .
وهذا الأمر ليس بالمستغرب ولا بالمبتدع في هذا الدين ، فقد جاءت آيات موسى عليه السلام – العصا واليد – من جنس ما انتشر في زمانه وهو السحر ، وكانت آيات عيسى عليه السلام – من إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص – من جنس ما أتقنه قومه وانتشر عندهم وهو الطب .
لذا نقول : إن أعظم ما في القرآن الكريم هو فصاحته وبلاغته ، ولا زال العلماء إلى هذا الوقت يتبيَّن لهم ذلك بالتدبر والتفكر في آياته .
وهذا لا يعني أنه ليس فيه غير ذلك ، بل ذكر الله تعالى فيه بعض الآيات في بيان تركيب جسم الإنسان ، وتدرج خلقه ، وبعض مظاهر الطبيعة ، وغير ذلك .
أما بالنسبة لما يتعلق بالعلاج الذي ذكره السائل ، فإن القرآن الكريم شفاء للمؤمنين ، وهذا يشمل شفاء القلوب والأبدان ، وذكر الله تعالى فيه ( العسل ) وبيَّن أنه شفاء للناس ، وذكر فيه أصل حفظ الصحة والوقاية من الأمراض ، فمن قال إن القرآن ذكر كثيراً من الأدوية بهذا المعنى فقد أصاب ، وأما غير ذلك فغير صحيح ، بل هو من مبالغات بعض المسلمين ، فالقرآن الكريم ليس كتاب طب ، وقد جاءت أمراض لم تكن في سالف الأزمان ، فكيف يأتي علاجها – باعتبار ما قاله السائل – قبل مجيئها ؟ .
رابعاً :
أ. وهذه بعض الآيات الدالة على أن القرآن شفاء .
قال تعالى : { وننزل من القرآن ما هو شفاءٌ ورحمة للمؤمنين } الإسراء / 82 .
قال ابن القيم رحمه الله :
قال الله تعالى : { وننزل مِن القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين }
والصحيح : أن { مِن } ها هنا لبيان الجنس لا للتبعيض ، وقال تعالى : { يا أيها الناس قد جاءكم موعظة مِن ربكم وشفاء لما في الصدور } .
فالقرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية ، وأدواء الدنيا والآخرة ، وما كل أحدٍ يؤهل ولا يوفَّق للاستشفاء به ، وإذا أحسن العليل التداوي به ووضعه على دائه بصدق وإيمان وقبول تام واعتقاد جازم واستيفاء شروطه : لم يقاومه الداء أبداً .
وكيف تقاوم الأدواءُ كلامَ ربِّ الأرض والسماء الذي لو نزل على الجبال لصدَّعها ؟ ، أو على الأرض لقطَّعها ؟ فما من مرض من أمراض القلوب والأبدان إلا وفي القرآن سبيل الدلالة على دوائه وسببه والحمية منه لمن رزقه فهماً في كتابه .
" زاد المعاد " ( 4 / 352 ) .
ب. والقرآن الكريم فيه علاج للنفوس والأرواح ، ومن صحَّ ذلك فيه : كان سبباً لطرد الآفات والأمراض من بدنه ، والقرآن بهذا الاعتبار شفاء وعلاج لكثير من الأمراض .
قال ابن القيم رحمه الله :
وقد جربنا نحن وغيرنا من هذا أمورا كثيرة ورأيناها تفعل ما لا تفعل الأدوية الحسية بل تصير الأدوية الحسية عندها بمنزلة أدوية الطرقية عند الأطباء وهذا جار على قانون الحكمة الإلهية ليس خارجا عنها ولكن الأسباب متنوعة فإن القلب متى اتصل برب العالمين خالق الداء والدواء ومدبر الطبيعة ومصرفها على ما يشاء كانت له أدوية أخرى غير الأدوية التي يعانيها القلب البعيد منه المعرض عنه وقد علم أن الأرواح متى قويت وقويت النفس والطبيعة تعاونا على دفع الداء وقهره فكيف ينكر لمن قويت طبيعته ونفسه وفرحت بقربها من بارئها وأنسها به وحبها له وتنعمها بذكره وانصراف قواها كلها إليه وجمعها عليه واستعانتها به وتوكلها عليه أن يكون ذلك لها من أكبر الأدوية وأن توجب لها هذه القوة دفع الألم بالكلية ولا ينكر هذا إلا أجهل الناس وأغلظهم حجابا وأكثفهم نفسا وأبعدهم عن الله وعن حقيقة الإنسانية .
" زاد المعاد " ( 4 / 12 ) .
ج. وفي القرآن سورة الفاتحة وهي رقية للأمراض .
عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : انطلق نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في سفرة سافروها حتى نزلوا على حي من أحياء العرب فاستضافوهم فأبوا أن يضيفوهم ، فلُدغ سيد ذلك الحي ، فسعوا له بكل شيء لا ينفعه شيء ، فقال بعضهم : لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا لعله أن يكون عند بعضهم شيء فأتوهم فقالوا يا أيها الرهط إن سيدنا لدغ وسعينا له بكل شيء لا ينفعه فهل عند أحد منكم من شيء ؟ فقال بعضهم : نعم والله إني لأرقي ، ولكن والله لقد استضفناكم فلم تضيفونا فما أنا براق لكم حتى تجعلوا لنا جُعلا فصالحوهم على قطيع من الغنم فانطلق يتفل عليه ويقرأ { الحمد لله رب العالمين } فكأنما نشط من عقال فانطلق يمشي وما به قلبة ، قال : فأوفوهم جُعلهم الذي صالحوهم عليه ، فقال بعضهم : اقسموا ، فقال الذي رقى : لا تفعلوا حتى نأتي النبي صلى الله عليه وسلم فنذكر له الذي كان فننظر ما يأمرنا ، فقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا له ، فقال : وما يدريك أنها رقية ؟ ثم قال : قد أصبتم ، اقسموا واضربوا لي معكم سهماً فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم .
رواه البخاري ( 2156 ) ومسلم ( 2201 ) .
قلبة : داء أو ألم يتقلب منه صاحبه .
قال ابن القيم رحمه الله عن سورة الفاتحة :
ومَن ساعده التوفيق ، وأُعين بنور البصيرة حتى وقف على أسرار هذه السورة وما اشتملت عليه من التوحيد ومعرفة الذات والأسماء والصفات والأفعال وإثبات الشرع والقدر والمعاد وتجريد توحيد الربوبية والإلهية وكمال التوكل والتفويض إلى من له الأمر كله وله الحمد كله وبيده الخير كله وإليه يرجع الأمر كله والافتقار إليه في طلب الهداية التي هي أصل سعادة الدارين وعلم ارتباط معانيها بجلب مصالحها ودفع مفاسدهما وأن العاقبة المطلقة التامة والنعمة الكاملة منوطة بها موقوفة على التحقيق بها : أغنته عن كثير من الأدوية والرقى ، واستفتح بها من الخير أبوابه ودفع بها من الشر أسبابه .
" زاد المعاد " ( 4 / 347 ) .
د. وفي القرآن ذكر أصول حفظ الصحة .
وقال ابن القيم :
وأصول الطب ثلاثة : الحمية ، وحفظ الصحة ، واستفراغ المادة المضرة .
وقد جمعها الله تعالى له ولأمته في ثلاثة مواضع من كتابه :
فحمى المريض من استعمال الماء خشية من الضرر فقال تعالى : { وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيداً طيباً } النساء / 42 والمائدة / 6 . فأباح التيمم للمريض حمية له كما أباحه للعادم .
وقال في حفظ الصحة : { فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر } البقرة / 181 .
فأباح للمسافر الفطر في رمضان حفظاً لصحته لئلا يجتمع على قوته الصوم ومشقة السفر فيضعف القوة والصحة .
وقال في الاستفراغ في حلق الرأس للمُحرم : { فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك } البقرة / 196 .
فأباح للمريض ومَن به أذى مِن رأسه وهو محرم أن يحلق رأسه ويستفرغ المواد الفاسدة والأبخرة الرديئة التي تولد عليه القمل ، كما حصل لكعب بن عجرة ، أو تولد عليه المرض .
وهذه الثلاثة هي قواعد الطب وأصوله ، فذكر من كل جنس منها شيئاً وصورة تنبيها بها على نعمته على عباده في أمثالها من حميتهم ، وحفظ صحتهم ، واستفراغ مواد أذاهم ، رحمة لعباده ولطفا بهم ورأفة بهم وهو الرؤوف الرحيم .
" زاد المعاد " ( 1 / 164 ، 165 ) .
قال ابن القيم : وذاكرت مرة بعض رؤساء الطب بمصر ، فقال : والله لو سافرت إلى الغرب في معرفة هذه الفائدة لكان سفراً قليلاً أو كما قال
إغائة اللهفان 1 / 25
هـ - ذِكر العسل في القرآن وأنه شفاء للناس .
قال الله تعالى { يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس } النحل / 69 .
قال ابن القيم رحمه الله :
وأما هدية في الشراب فمن أكمل هدي يحفظ به الصحة فإنه كان يشرب العسل الممزوج بالماء البارد ، وفي هذا من حفظ الصحة ما لا يهتدي إلى معرفته إلا أفاضل الأطباء ، فإنَّ شُربَه ولعقَه على الريق يذيب البلغم ، ويغسل خمل المعدة ، ويجلو لزوجتها ، ويدفع عنها الفضلات ، ويسخنها باعتدال ، ويفتح سددها ، ويفعل مثل ذلك بالكبد والكلى والمثانة ، وهو أنفع للمعدة من كل حلو دخلها ، وإنما يضر بالعَرَض لصاحب الصفراء لحدته وحدة الصفراء فربما هيَّجها ، ودَفْع مضرته لهم بالخلِّ فيعود حينئذ لهم نافعاً جدّاً وشربه أنفع من كثير من الأشربة المتخذة من السكر أو أكثرها ، ولا سيما لمن لم يعتد هذه الأشربة ، ولا ألفها طبعه فإنه إذا شربها لا تلائمه ملاءمة العسل ولا قريبا منه والمحكم في ذلك العادة فإنها تهدم أصولا وتبني أصولا .
وأما الشراب إذا جمع وصفي الحلاوة والبرودة فمن أنفع شيء للبدن ومن أكبر أسباب حفظ الصحة ، وللأرواح والقوى والكبد والقلب عشق شديد له واستمداد منه وإذا كان فيه الوصفان حصلت به التغذية وتنفيذ الطعام إلى الأعضاء وإيصاله إليها أتم تنفيذ الطعام إلى الأعضاء وإيصاله إليها أتم تنفيذ .
" زاد المعاد " ( 4 / 224 ، 225 ) .
وقال رحمه الله :
والعسل فيه منافع عظيمة : فإنه جلاء للأوساخ التي في العروق والأمعاء وغيرها محلل للرطوبات أكلاً وطلاء ، نافع للمشايخ وأصحاب البلغم ومن كان مزاجه بارداً رطباً ، وهو مغذٍّ ملين للطبيعة ، حافظ لقوى المعاجين ولما استودع فيه ، مُذهب لكيفيات الأدوية الكريهة ، منقٍّ للكبد والصدر ، مُدِّر للبول ، موافق للسعال الكائن عن البلغم ، وإذا شرب حارّاً بدهن الورد : نفع من نهش الهوام وشرب الأفيون ، وإن شرب وحده ممزوجاً بماء : نفع من عضه الكلْب الكلِب ، وأكل الفُطُر القتَّال ، وإذا جعل فيه اللحم الطري حفظ طراوته ثلاثة أشهر ، وكذلك إن جعل فيه القثاء والخيار والقرع والباذنجان ويحفظ كثيراً من الفاكهة ستة أشهر ، ويحفظ جثة الموتى ، ويسمى الحافظ الأمين ، وإذا لطخ به البدن المقمَّل والشَّعر : قتَل قمله وصئبانه وطوَّل الشعر وحسَّنه ونعَّمه ، وإن اكتحل به : جلا ظلمة البصر ، وإن استن به : بيض الأسنان وصقلها وحفظ صحتها وصحة اللثة ، ويفتح أفواه العروق ، ويدرُّ الطمث ، ولعقه على الريق : يُذهب البلغم ، ويغسل خمل المعدة ، ويدفع الفضلات عنها ويسخنها تسخيناً معتدلاً ويفتح سددها ، ويفعل ذلك بالكبد والكلى والمثانة وهو أقل ضرراً لسدد الكبد والطحال من كل حلو .
وهو مع هذا كله مأمون الغائلة ، قليل المضار مضر بالعَرَض للصفراويين ودفعها بالخل ونحوه فيعود حينئذ نافعاً له جدّاً .
وهو غذاء مع الأغذية ، ودواء مع الأدوية ، وشراب مع الأشربة ، وحلو مع الحلوى ، وطلاء مع الأطلية، ومفرح مع المفرحات ، فما خُلق لنا شيءٌ في معناه أفضل منه ولا مثله ولا قريبا منه ، ولم يكن معوَّل القدماء إلا عليه ، وأكثر كتب القدماء لا ذِكر فيها للسكر البتة ولا يعرفونه فإنه حديث العهد حدث قريباً ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يشربه بالماء على الريق ، وفي ذلك سر بديع في حفظ الصحة لا يدركه إلا الفطن الفاضل .
" زاد المعاد " ( 4 / 33 ، 34 ) .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
شبكة الفجر
سمعت في محاضرة بأن علماء الطب والدكاترة يدعون بأن العديد من الأدوية والعلاجات تم اكتشافها والوصول إليها عن طريق استنتاج حقائق من القرآن الكريم .
وعليه , فهذا هو سؤالي : هل الموجود بين أيدينا هو جميع ما يتعلق بالطب الذي ورد ذكره في القرآن الكريم ؟ أم أن القرآن يحتوي على المزيد الذي يمكننا الاستفادة منه ؟
أسأل عن ذلك بسبب طلب جاد تقدم به أحد أصدقائي، وهو هندوسي ويدعى "فيقنيش", حيث سأل عما إذا بقي في القرآن الكريم أمور لم تكتشف بعد تتعلق بالسيطرة على الأمراض القاتلة ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
أرسل الله تعالى محمَّداً صلى الله عليه وسلم بدين شامل لكل نواحي الحياة كما قال أبو ذر رضي الله عنه : " لقد تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يحرك طائر جناحيه في السماء إلا ذكر لنا منه علما " .
رواه أحمد ( 20399 ) انظر" مجمع الزوائد " ( 8 / 263 ) . قال الهيثمي : رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ وهو ثقة .
فجاء الإسلام ليسد حاجات الناس في كل شؤون حياتهم .
ثانياً :
وما جاء في السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم فإنه مكمِّل لما جاء في القرآن ، وهذان المصدران هما المصدران الرئيسيان عند المسلمين ، وقد بيَّن لنا النبي صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى ما أنزل داءً إلا وأنزل له دواء .
عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء ".
رواه البخاري في ( 5678 ) .
ثالثاً :
وما ذكره السائل عن بعض المسلمين من كون كثير من العلاجات اكتشفت عن طريق القرآن الكريم : فنقول إن هذا من الأمور المبالغ فيها .
فالقرآن الكريم ليس كتاب طبٍّ ولا كتاب ( جغرافيا ) ولا ( جيولوجيا ) كما يحلو لبعض المسلمين أن يقول ذلك أمام الغرب ، بل هو كتاب هداية للناس ومن أعظم معجزاته : بلاغته وقوة معانيه ، وهو الأصل في إعجازه ، فقد أنزله الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم في زمان بلغت الفصاحة والبلاغة فيه مبلغاً عظيماً فجاء هذا الكتاب ليعجز أولئك القوم فيما يتقنونه ليبيِّن لهم أنه من عند الله .
وهذا الأمر ليس بالمستغرب ولا بالمبتدع في هذا الدين ، فقد جاءت آيات موسى عليه السلام – العصا واليد – من جنس ما انتشر في زمانه وهو السحر ، وكانت آيات عيسى عليه السلام – من إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص – من جنس ما أتقنه قومه وانتشر عندهم وهو الطب .
لذا نقول : إن أعظم ما في القرآن الكريم هو فصاحته وبلاغته ، ولا زال العلماء إلى هذا الوقت يتبيَّن لهم ذلك بالتدبر والتفكر في آياته .
وهذا لا يعني أنه ليس فيه غير ذلك ، بل ذكر الله تعالى فيه بعض الآيات في بيان تركيب جسم الإنسان ، وتدرج خلقه ، وبعض مظاهر الطبيعة ، وغير ذلك .
أما بالنسبة لما يتعلق بالعلاج الذي ذكره السائل ، فإن القرآن الكريم شفاء للمؤمنين ، وهذا يشمل شفاء القلوب والأبدان ، وذكر الله تعالى فيه ( العسل ) وبيَّن أنه شفاء للناس ، وذكر فيه أصل حفظ الصحة والوقاية من الأمراض ، فمن قال إن القرآن ذكر كثيراً من الأدوية بهذا المعنى فقد أصاب ، وأما غير ذلك فغير صحيح ، بل هو من مبالغات بعض المسلمين ، فالقرآن الكريم ليس كتاب طب ، وقد جاءت أمراض لم تكن في سالف الأزمان ، فكيف يأتي علاجها – باعتبار ما قاله السائل – قبل مجيئها ؟ .
رابعاً :
أ. وهذه بعض الآيات الدالة على أن القرآن شفاء .
قال تعالى : { وننزل من القرآن ما هو شفاءٌ ورحمة للمؤمنين } الإسراء / 82 .
قال ابن القيم رحمه الله :
قال الله تعالى : { وننزل مِن القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين }
والصحيح : أن { مِن } ها هنا لبيان الجنس لا للتبعيض ، وقال تعالى : { يا أيها الناس قد جاءكم موعظة مِن ربكم وشفاء لما في الصدور } .
فالقرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية ، وأدواء الدنيا والآخرة ، وما كل أحدٍ يؤهل ولا يوفَّق للاستشفاء به ، وإذا أحسن العليل التداوي به ووضعه على دائه بصدق وإيمان وقبول تام واعتقاد جازم واستيفاء شروطه : لم يقاومه الداء أبداً .
وكيف تقاوم الأدواءُ كلامَ ربِّ الأرض والسماء الذي لو نزل على الجبال لصدَّعها ؟ ، أو على الأرض لقطَّعها ؟ فما من مرض من أمراض القلوب والأبدان إلا وفي القرآن سبيل الدلالة على دوائه وسببه والحمية منه لمن رزقه فهماً في كتابه .
" زاد المعاد " ( 4 / 352 ) .
ب. والقرآن الكريم فيه علاج للنفوس والأرواح ، ومن صحَّ ذلك فيه : كان سبباً لطرد الآفات والأمراض من بدنه ، والقرآن بهذا الاعتبار شفاء وعلاج لكثير من الأمراض .
قال ابن القيم رحمه الله :
وقد جربنا نحن وغيرنا من هذا أمورا كثيرة ورأيناها تفعل ما لا تفعل الأدوية الحسية بل تصير الأدوية الحسية عندها بمنزلة أدوية الطرقية عند الأطباء وهذا جار على قانون الحكمة الإلهية ليس خارجا عنها ولكن الأسباب متنوعة فإن القلب متى اتصل برب العالمين خالق الداء والدواء ومدبر الطبيعة ومصرفها على ما يشاء كانت له أدوية أخرى غير الأدوية التي يعانيها القلب البعيد منه المعرض عنه وقد علم أن الأرواح متى قويت وقويت النفس والطبيعة تعاونا على دفع الداء وقهره فكيف ينكر لمن قويت طبيعته ونفسه وفرحت بقربها من بارئها وأنسها به وحبها له وتنعمها بذكره وانصراف قواها كلها إليه وجمعها عليه واستعانتها به وتوكلها عليه أن يكون ذلك لها من أكبر الأدوية وأن توجب لها هذه القوة دفع الألم بالكلية ولا ينكر هذا إلا أجهل الناس وأغلظهم حجابا وأكثفهم نفسا وأبعدهم عن الله وعن حقيقة الإنسانية .
" زاد المعاد " ( 4 / 12 ) .
ج. وفي القرآن سورة الفاتحة وهي رقية للأمراض .
عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : انطلق نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في سفرة سافروها حتى نزلوا على حي من أحياء العرب فاستضافوهم فأبوا أن يضيفوهم ، فلُدغ سيد ذلك الحي ، فسعوا له بكل شيء لا ينفعه شيء ، فقال بعضهم : لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا لعله أن يكون عند بعضهم شيء فأتوهم فقالوا يا أيها الرهط إن سيدنا لدغ وسعينا له بكل شيء لا ينفعه فهل عند أحد منكم من شيء ؟ فقال بعضهم : نعم والله إني لأرقي ، ولكن والله لقد استضفناكم فلم تضيفونا فما أنا براق لكم حتى تجعلوا لنا جُعلا فصالحوهم على قطيع من الغنم فانطلق يتفل عليه ويقرأ { الحمد لله رب العالمين } فكأنما نشط من عقال فانطلق يمشي وما به قلبة ، قال : فأوفوهم جُعلهم الذي صالحوهم عليه ، فقال بعضهم : اقسموا ، فقال الذي رقى : لا تفعلوا حتى نأتي النبي صلى الله عليه وسلم فنذكر له الذي كان فننظر ما يأمرنا ، فقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا له ، فقال : وما يدريك أنها رقية ؟ ثم قال : قد أصبتم ، اقسموا واضربوا لي معكم سهماً فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم .
رواه البخاري ( 2156 ) ومسلم ( 2201 ) .
قلبة : داء أو ألم يتقلب منه صاحبه .
قال ابن القيم رحمه الله عن سورة الفاتحة :
ومَن ساعده التوفيق ، وأُعين بنور البصيرة حتى وقف على أسرار هذه السورة وما اشتملت عليه من التوحيد ومعرفة الذات والأسماء والصفات والأفعال وإثبات الشرع والقدر والمعاد وتجريد توحيد الربوبية والإلهية وكمال التوكل والتفويض إلى من له الأمر كله وله الحمد كله وبيده الخير كله وإليه يرجع الأمر كله والافتقار إليه في طلب الهداية التي هي أصل سعادة الدارين وعلم ارتباط معانيها بجلب مصالحها ودفع مفاسدهما وأن العاقبة المطلقة التامة والنعمة الكاملة منوطة بها موقوفة على التحقيق بها : أغنته عن كثير من الأدوية والرقى ، واستفتح بها من الخير أبوابه ودفع بها من الشر أسبابه .
" زاد المعاد " ( 4 / 347 ) .
د. وفي القرآن ذكر أصول حفظ الصحة .
وقال ابن القيم :
وأصول الطب ثلاثة : الحمية ، وحفظ الصحة ، واستفراغ المادة المضرة .
وقد جمعها الله تعالى له ولأمته في ثلاثة مواضع من كتابه :
فحمى المريض من استعمال الماء خشية من الضرر فقال تعالى : { وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيداً طيباً } النساء / 42 والمائدة / 6 . فأباح التيمم للمريض حمية له كما أباحه للعادم .
وقال في حفظ الصحة : { فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر } البقرة / 181 .
فأباح للمسافر الفطر في رمضان حفظاً لصحته لئلا يجتمع على قوته الصوم ومشقة السفر فيضعف القوة والصحة .
وقال في الاستفراغ في حلق الرأس للمُحرم : { فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك } البقرة / 196 .
فأباح للمريض ومَن به أذى مِن رأسه وهو محرم أن يحلق رأسه ويستفرغ المواد الفاسدة والأبخرة الرديئة التي تولد عليه القمل ، كما حصل لكعب بن عجرة ، أو تولد عليه المرض .
وهذه الثلاثة هي قواعد الطب وأصوله ، فذكر من كل جنس منها شيئاً وصورة تنبيها بها على نعمته على عباده في أمثالها من حميتهم ، وحفظ صحتهم ، واستفراغ مواد أذاهم ، رحمة لعباده ولطفا بهم ورأفة بهم وهو الرؤوف الرحيم .
" زاد المعاد " ( 1 / 164 ، 165 ) .
قال ابن القيم : وذاكرت مرة بعض رؤساء الطب بمصر ، فقال : والله لو سافرت إلى الغرب في معرفة هذه الفائدة لكان سفراً قليلاً أو كما قال
إغائة اللهفان 1 / 25
هـ - ذِكر العسل في القرآن وأنه شفاء للناس .
قال الله تعالى { يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس } النحل / 69 .
قال ابن القيم رحمه الله :
وأما هدية في الشراب فمن أكمل هدي يحفظ به الصحة فإنه كان يشرب العسل الممزوج بالماء البارد ، وفي هذا من حفظ الصحة ما لا يهتدي إلى معرفته إلا أفاضل الأطباء ، فإنَّ شُربَه ولعقَه على الريق يذيب البلغم ، ويغسل خمل المعدة ، ويجلو لزوجتها ، ويدفع عنها الفضلات ، ويسخنها باعتدال ، ويفتح سددها ، ويفعل مثل ذلك بالكبد والكلى والمثانة ، وهو أنفع للمعدة من كل حلو دخلها ، وإنما يضر بالعَرَض لصاحب الصفراء لحدته وحدة الصفراء فربما هيَّجها ، ودَفْع مضرته لهم بالخلِّ فيعود حينئذ لهم نافعاً جدّاً وشربه أنفع من كثير من الأشربة المتخذة من السكر أو أكثرها ، ولا سيما لمن لم يعتد هذه الأشربة ، ولا ألفها طبعه فإنه إذا شربها لا تلائمه ملاءمة العسل ولا قريبا منه والمحكم في ذلك العادة فإنها تهدم أصولا وتبني أصولا .
وأما الشراب إذا جمع وصفي الحلاوة والبرودة فمن أنفع شيء للبدن ومن أكبر أسباب حفظ الصحة ، وللأرواح والقوى والكبد والقلب عشق شديد له واستمداد منه وإذا كان فيه الوصفان حصلت به التغذية وتنفيذ الطعام إلى الأعضاء وإيصاله إليها أتم تنفيذ الطعام إلى الأعضاء وإيصاله إليها أتم تنفيذ .
" زاد المعاد " ( 4 / 224 ، 225 ) .
وقال رحمه الله :
والعسل فيه منافع عظيمة : فإنه جلاء للأوساخ التي في العروق والأمعاء وغيرها محلل للرطوبات أكلاً وطلاء ، نافع للمشايخ وأصحاب البلغم ومن كان مزاجه بارداً رطباً ، وهو مغذٍّ ملين للطبيعة ، حافظ لقوى المعاجين ولما استودع فيه ، مُذهب لكيفيات الأدوية الكريهة ، منقٍّ للكبد والصدر ، مُدِّر للبول ، موافق للسعال الكائن عن البلغم ، وإذا شرب حارّاً بدهن الورد : نفع من نهش الهوام وشرب الأفيون ، وإن شرب وحده ممزوجاً بماء : نفع من عضه الكلْب الكلِب ، وأكل الفُطُر القتَّال ، وإذا جعل فيه اللحم الطري حفظ طراوته ثلاثة أشهر ، وكذلك إن جعل فيه القثاء والخيار والقرع والباذنجان ويحفظ كثيراً من الفاكهة ستة أشهر ، ويحفظ جثة الموتى ، ويسمى الحافظ الأمين ، وإذا لطخ به البدن المقمَّل والشَّعر : قتَل قمله وصئبانه وطوَّل الشعر وحسَّنه ونعَّمه ، وإن اكتحل به : جلا ظلمة البصر ، وإن استن به : بيض الأسنان وصقلها وحفظ صحتها وصحة اللثة ، ويفتح أفواه العروق ، ويدرُّ الطمث ، ولعقه على الريق : يُذهب البلغم ، ويغسل خمل المعدة ، ويدفع الفضلات عنها ويسخنها تسخيناً معتدلاً ويفتح سددها ، ويفعل ذلك بالكبد والكلى والمثانة وهو أقل ضرراً لسدد الكبد والطحال من كل حلو .
وهو مع هذا كله مأمون الغائلة ، قليل المضار مضر بالعَرَض للصفراويين ودفعها بالخل ونحوه فيعود حينئذ نافعاً له جدّاً .
وهو غذاء مع الأغذية ، ودواء مع الأدوية ، وشراب مع الأشربة ، وحلو مع الحلوى ، وطلاء مع الأطلية، ومفرح مع المفرحات ، فما خُلق لنا شيءٌ في معناه أفضل منه ولا مثله ولا قريبا منه ، ولم يكن معوَّل القدماء إلا عليه ، وأكثر كتب القدماء لا ذِكر فيها للسكر البتة ولا يعرفونه فإنه حديث العهد حدث قريباً ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يشربه بالماء على الريق ، وفي ذلك سر بديع في حفظ الصحة لا يدركه إلا الفطن الفاضل .
" زاد المعاد " ( 4 / 33 ، 34 ) .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
شبكة الفجر

* أظهرت دراسة أجراها المرشد الطلابي محمد المشفي على أكثر من 2000طالب و 200معلم في محافظة بيش أن الأشخاص الذين يؤدون صلاة الفجر يذهبون إلى أعمالهم وهم أكثر نشاطاً وحيوية وأكثر هدوءاً وحباً للعمل من الذين يصحون قبل الدوام بدقائق وهم أقل نشاطاً وحيوية ويعانون من النوم في العمل وأكثر عرضة للخطأ في جوانب العمل.
الرياض
الرياض

دكتور/ محمد أحمد و السيدة/ نيخات أحمد
الهند
أن الإجهاد والتوتر من أهم أسباب المرض والاعتلالية في الحياة، بل يبدو أنها أهم مسببات داء القلب الإكليلي الذي يلعب الدور الأول في قتل البشر .
ولا يمكن لنا تجنب الإجهاد، كما تستحيل الحياة دونه، فالقلق من أهم دوافع التطور البشري ومحك الطاقات، إلا أن زيادة الإجهاد قد تؤدي بالتهلكة للجسم البشري لذا توجهت إليه اهتمامات العلاج النفسي والبدني الحديثة.
وفي هذا المقال نقدم محاولة لتحليل علمي عن مدى مساهمة التعاليم الإسلامية في حل المشاكل النفسية، ومشاركتها في ضمان حياة أكثر صحية وإيجابية نفسية. ونظراً لضيق المساحة المخصصة للمقال، لذا سنحاول الاقتصار على تلك الطرق العملية والتي تتبع عادة لتخفيف حدة التوتر، وشده الإجهاد، وينجم عنها الاسترخاء، سواء الطيعي البدني، أو النفسي، في ضوء الإسلام.
وتم انتقاء طرق الاسترخاء التالية للمناقشة:
1 ـ القيلولة
القيلولة من السنة النبوية الشريفة، وهي الإغفاءة القصيرة وسط النهار، وقد أظهرت بحوث العلماء المحدثين أهمية القيلولة في ضمان الاسترخاء الكامل للجسم.
ولا يتوقف تأثير القيلولة على كفالة الاسترخاء الكامل إبان النهار، بل يتعداها إلى أثره في انه يبعث على النوم أثناء الليل.
وكما قال كونر" أن الاسترخاء لمد ة أثناء النهار، يعتبر من أهم الدوافع في الاسترخاء الكامل ، والنوم الهادئ، عندما تزحف إلى السرير ليلا ".
ومن الجدير بالذكر أن الأرق يعتبر في حد ذاته " إجهادا قوياً أو شديداً " لذا فسنة الإغفاءة القصيرة أثناء النهار قد تتبع كعلاج لعدم القدرة على النوم.
بالإضافة إلى ذلك فإن السنة الشريفة لا تستلزم النوم أثناء النهار بل تتطلب الرقاد والاسترخاء فقط، وهذا هو المطلوب تماما للاسترخاء السليم تبعا لاحدث الوسائل العلمية.
02 الاعتقاد في الخالق والإيمان بأنه قادر ومعين
هناك من الاضطرابات النفسية والعصاب النفسي، والذهان، ما يعود إلى ضعف الأيمان بالخالق وقدرته، طبقا لبعض النظريات.
كذلك يمكن استنباط هذه النظريات من الدراية بآلية ونظام وتطور هذه الاضطرابات.
الإنسان معرض دائماً وفي ثبات واستمرار لظروف ضغط مختلفة تسبب الإجهاد، وليس من الممكن تجنب القلق، إلا أن المرء يحاول أن
يـضبط الضغوط أو يخفيها، بطرق تعلمها، أو وسائل وميول موروثة تحكم الانفعال للضغط. .
وكنتيجة لهذا التفاعل بين الضغط والإنسان ينجم " الانفعال للضغط "، وهذا بدوره يعتمد على شدة الضغوط وقوتها من جهة، كما
يتوقف على مقدرة الفرد على التكيف. فإذا ما كان الضغط متوسطا، أو كانت القدرة على التكيف جيدة فان الانفعال الناجم في الانضباط يعود بالفائدة. أما إذا زاد الضغط، أو كان الانضباط فقيرا، نتج الذهان، أو الاضطراب العقلي.
ومن يؤمن بالله وقدرته، ويوقن انه معه في حياته، ذلك الإيمان يقدم الدعم الروحي الذي يحفظ المرء حتى في أقسى ظروف الحياة.
ويذكر الحديث الشريف في أكثر من موضع أهمية ذكرا لله وتذكره، وتلاوة قرأنه الكريم، كما ورد في كلمات الله تعالى (ألا بذكر الله
تطمئن القلوب) (13/28) .
ومن المنطقي التوصل إلى الاستنتاج بأن الاعتقاد في الله الواحد، كما يعظ الإسلام، يقدم الضمانات والدعامة الروحية التي تتطلبها
الحياة، كما تمنح رضا القلب وتغدق عليه قناعته.
03 الإيمان بالحياة الأخرى وقبول القضاء والقدر (الأمر المحتوم)
وعى ضوء ما مضى من مناقشة يتضح أن من-يؤمن بأن الدنيا لا تساوي شيئا، وأنها موقوتة وفانية، وهناك حياة أخرى فيما بعدها،
سيرضى بما آتاه في دنياه. وقبول الآمر الواقع، والقضاء والقدر، أمر هام وضروري في الحماية النفسية ضد الطش والتهور.
أما أولئك الذين لا يؤمنون بالحياة الأخرى فهم محرومون تماماً من هذه الميزة، وبالتالي فهناك حرمان جزئي لدى أولئك الذين يؤمنون بحياة أخرى قصيرة، أما أولئك الذين يتوقعون مكافأتهم لاعمالهم في هذه الدنيا فقط، فمن المتوقع أن يكون لديهم بدل الراحة قلق،وعوض الطمأنينة خوف
والإيمان بالمصير الذي بشر به الإسلام، مع الاعتقاد في الحياة الأخرى، يقوم بالتأكيد بحماية المرء من الانفعال.
04 العناية بالجار.
في تلك الأماكن التي يطلق عليها اكثر الأماكن تقدما، نجد أن الجار لا يعرف حتى جيرانه المباشرين. وقد تمكن
هانز سيلي- مؤخرا-من تقرير المغزى العلمي من المحافظة على علاقات طيبة مع الجيران. وبحوث سيلي تؤهله للقلب " أبو الإجهاد "، وقد توصل إلى الاستنتاج بأن أهم العوامل التي تؤثر على سلامة العقل والجسم، هي إقامة علاقات طبية مع الجيران.
ولا مراء أن كافة المعتقدات قد تناولت حقوق الجار بصورة أو بأخرى. ألا أن تعريف معنى الجار، وتقنين طبيعة ونوع علاقاته مع جيرانه لم تناقش بمثل التوسع والإسهاب التي تناولتها بها الشريعة الإسلامية.
فمن ناحية تعريف الجار في الإسلام، فقد شمل كل الأفراد التي شاركت الفرد معيشته (40)، ساعة من ساعات حياته، في كل ا لاتجاهات.
أما عن حقوق الجار فهي عريضة جدا في الإسلام، وقد ظل (جبريل عليه السلام يوصي الرسول عليه الصلاة والسلام بالجار، حتى ظن الرسول انه سيورثه. ولنا أن نقد ر قيمة الجار وأهميته من هذا الحديث الشريف، كما نأخذ في الاعتبار انه من عقيدة المسلم الحق التأسي بتعاليم الرسول عليه الصلاة والسلام، وهي من أفضل الأفعال. ولا شك سيجد الطبيب النفسي في هذا وجهة نظر جديرة بالاحترام لو نظر بنظرة غير متحيزة أو منحازة.
ه. وضج النوم
الوضع الذي يتخذه النائم يكشف كثيرا من جوانب شخصية، أو اتجاهاته للحياة، وغيره. والنوم بالسرير يسبب ارتخاء عضلات الجسم، وتتحدد درجة الارتخاء وشدتها حسب وضع النوم.
وفي الوضع الجنيني، عندما ينام المرء على جانبه ويداه وساقاه مثنية دون أن يطابق بين أطرافه الخليفة فوق بعضهما.
ويعتبر الراحة السريرية ، يمكن في هذا الوضع التقلب من جانب إلى آخر دون تغيير وضع النوم، أو تركيبة الجسم أثناء النوم، لذا فيعتبر هذا الوضع أفضل وضع للراحة الجسدية، وبالتالي فهو أحسن وضع للاسترخاء.
ومن الأقوال المأثورة القديمة، أن الملوك يحبذون النوم على ظهورهم، والأغنياء ينامون على بطونهم، أما الحكيم فهو من ينام على جنبه.
ونود الإشارة إلى الوضع الذي اتخذه الرسول ( r ) في النوم، واتبعه بأيمان جل المسلمين المؤمنين. لقد اعتاد محمد عليه الصلاة والسلام أن ينام على جانبه الأيمن بساقيه مثنية قليلا، ويده اليمنى تحت خذه، ووجهه متجه إلى الكعبة الشريفة (في اتجاه القبلة). وهذا الوضع مطابق للوضع الشبه جنيني المذكور آنفا. ومن المعلومات العلمية المتاحة حاليا حول دراسات أوضاع النوم، نجد الوضع الجنيني هو الوضع الذي يتخذه الشخص المتزن من الناحية النفسية، وهو أيضا أفضل وضع للاسترخاء، من الناحيتين النفسية والجسدية. والمداومة على هذا الوضع تساهم في استرخاء الجسم وسلامته.
الصلاة كوسيلة للسكينة والاطمئنان: أثناء الصلا ة يركز المصلى فكره وحواسه على الله الذي لا يماثله شئ، ولكنه نور بكل خصائصه، من رحمة، فهو رحـيم، غير محدود ولا متناه، وباق إلى الأبد، وهو السيد يوم الحساب، ساعة تقرير مصير الجميع. ولا يقوم المصلي بالتركيز على الله فقط، بل ويكلمه في همهمة، معيدا بذلك كلماته، ولا يجلس أمامه ساكن الحراك بل يقف، ويركع، ويسجد، ويبتهل بكلمات افضل من أن يبتكرها عقل إنسان، وعبارات أطيب من أن ينطقها بشر، ويختتم تلك المحادثة، التي تمت بين الله سبحانه وتعالى وسيدنا محمد علي الصلاة والسلام أثناء الإسراء.
ومن الواضح الجلي انه من كافة الجوانب الجسدية، والحالات العقلية فهذه أفضل طر يقه للاسترخاء، تجنب كل الطرق المعقدة التي اخترعها العقل البشري في الآونة الأخيرة.
من المناقشة السابقة، يتضح أن البحوث العلمية أكدت بالبراهين تفوق التعاليم الإسلامية من الناحية العلمية، ومن المؤكد أن مزيدا من البحوث سيكشف عن حقائق أكثر عجبا، تشير إلى جلال الإيمان بالله وجمال الاعتقاد في الحياة الأخر ى وعظم التأسي بمنمط حياة الرسول .
فالإجهاد وعدم الاتزان النفسي، تؤثر على سلسلة من التغيرات الأيضية، التي بدورها تنجم ضرراً في أنسجة عديد ة من الجسم، مما تسميه الأمراض النفسية البدنية، وهذه الأمراض هي أهم مسببات الاعتلالية، بل الوفاة لجنس البشر اليوم.
وتعاليم الإسلام تكفل سلامة العقل، وسلام الروح، عوضا عن إيحائها للاسترخاء الجسدي، ولا شك أن ملتزميها ومتبعي تعاليم الرسول سينالوا الفائدة في الحياة الدنيا والآخرة أن شاء الله.
المحرر:
قام المؤلف بمناقشة نوعين من التصرفات التي مارسها الرسول الأولى.. تتعلق بطرق العبادة وهذه لا مراء من وجوب اتباعها لكافة المسلمين أسوة بالرسول الكريم. فالخالق- جلت عظمته- هو أفضل من يعلم طريقة العبادة والتصرف التي يربطنا معه ويوثقنا إليه.
أما النوع الثاني من التصرفات.. فهي تلك الأفعال اليومية والعادات الحياتية، والممارسات الخاصة التي فضلها الرسول وضمنها يأتي ما اختاره من طعام أو استطابه (ضمن ما حلل أو سمح به)، وطريقة النوم ( شريطه عدم تداخلها مع وقت العبادة).. وهذه لا يوجد أحجار ما على تقليد فعل لا يتعلق بالعبادة. فالرسول عليه الصلاة والسلام رفض تناول طعام من لحم معين وأوصى صحابته أن يأكلوه.
وهناك اتجاه بين علماء المسلمين سرى لتوضيح قيمة بعض أفعال الرسول من وجهة نظر عصرية، وهذه الورقة تتناوله. وأهم " تحفظاتنا
التي نوردها مبنية على أساس من وجوب التفرقة بين نوعي الأعمال وأنه يجب الانتباه إلى أن القواعد العقائدية قوانين ثابتة دائمة، بينما النظريات العلمية عرضة للتغيير والتبديل وبعدها فالتصرف الإسلامي مفتوح لكل ما هو مفيد طالما لا يعارض قاعدة قرآنية أو حديث شريفاً .
ا لمرا جع
01 القرآن الكريم
(سورة الرعد)
2. تعاليم الإسلام
(شيخ الحديث حفرة مولانا محمد زكريا)
الناشر: دار اشات- دنيات حضر ة نظام الدين عليا- نيودلهي- الهند (بالإنجليزية)
03 الإجهاد وقلبك
(فريد كرنر)
كتب هاوثورن 1961.
4. سو فينر ديفينس- المؤتمر العالمي للإنسان
بومباي- الهند- 976 1- 977 1.
ه. ريدرز دايجست- ماذا يكشف وضع نومك- عدد نوفمبر 1977.
الهند
أن الإجهاد والتوتر من أهم أسباب المرض والاعتلالية في الحياة، بل يبدو أنها أهم مسببات داء القلب الإكليلي الذي يلعب الدور الأول في قتل البشر .
ولا يمكن لنا تجنب الإجهاد، كما تستحيل الحياة دونه، فالقلق من أهم دوافع التطور البشري ومحك الطاقات، إلا أن زيادة الإجهاد قد تؤدي بالتهلكة للجسم البشري لذا توجهت إليه اهتمامات العلاج النفسي والبدني الحديثة.
وفي هذا المقال نقدم محاولة لتحليل علمي عن مدى مساهمة التعاليم الإسلامية في حل المشاكل النفسية، ومشاركتها في ضمان حياة أكثر صحية وإيجابية نفسية. ونظراً لضيق المساحة المخصصة للمقال، لذا سنحاول الاقتصار على تلك الطرق العملية والتي تتبع عادة لتخفيف حدة التوتر، وشده الإجهاد، وينجم عنها الاسترخاء، سواء الطيعي البدني، أو النفسي، في ضوء الإسلام.
وتم انتقاء طرق الاسترخاء التالية للمناقشة:
1 ـ القيلولة
القيلولة من السنة النبوية الشريفة، وهي الإغفاءة القصيرة وسط النهار، وقد أظهرت بحوث العلماء المحدثين أهمية القيلولة في ضمان الاسترخاء الكامل للجسم.
ولا يتوقف تأثير القيلولة على كفالة الاسترخاء الكامل إبان النهار، بل يتعداها إلى أثره في انه يبعث على النوم أثناء الليل.
وكما قال كونر" أن الاسترخاء لمد ة أثناء النهار، يعتبر من أهم الدوافع في الاسترخاء الكامل ، والنوم الهادئ، عندما تزحف إلى السرير ليلا ".
ومن الجدير بالذكر أن الأرق يعتبر في حد ذاته " إجهادا قوياً أو شديداً " لذا فسنة الإغفاءة القصيرة أثناء النهار قد تتبع كعلاج لعدم القدرة على النوم.
بالإضافة إلى ذلك فإن السنة الشريفة لا تستلزم النوم أثناء النهار بل تتطلب الرقاد والاسترخاء فقط، وهذا هو المطلوب تماما للاسترخاء السليم تبعا لاحدث الوسائل العلمية.
02 الاعتقاد في الخالق والإيمان بأنه قادر ومعين
هناك من الاضطرابات النفسية والعصاب النفسي، والذهان، ما يعود إلى ضعف الأيمان بالخالق وقدرته، طبقا لبعض النظريات.
كذلك يمكن استنباط هذه النظريات من الدراية بآلية ونظام وتطور هذه الاضطرابات.
الإنسان معرض دائماً وفي ثبات واستمرار لظروف ضغط مختلفة تسبب الإجهاد، وليس من الممكن تجنب القلق، إلا أن المرء يحاول أن
يـضبط الضغوط أو يخفيها، بطرق تعلمها، أو وسائل وميول موروثة تحكم الانفعال للضغط. .
وكنتيجة لهذا التفاعل بين الضغط والإنسان ينجم " الانفعال للضغط "، وهذا بدوره يعتمد على شدة الضغوط وقوتها من جهة، كما
يتوقف على مقدرة الفرد على التكيف. فإذا ما كان الضغط متوسطا، أو كانت القدرة على التكيف جيدة فان الانفعال الناجم في الانضباط يعود بالفائدة. أما إذا زاد الضغط، أو كان الانضباط فقيرا، نتج الذهان، أو الاضطراب العقلي.
ومن يؤمن بالله وقدرته، ويوقن انه معه في حياته، ذلك الإيمان يقدم الدعم الروحي الذي يحفظ المرء حتى في أقسى ظروف الحياة.
ويذكر الحديث الشريف في أكثر من موضع أهمية ذكرا لله وتذكره، وتلاوة قرأنه الكريم، كما ورد في كلمات الله تعالى (ألا بذكر الله
تطمئن القلوب) (13/28) .
ومن المنطقي التوصل إلى الاستنتاج بأن الاعتقاد في الله الواحد، كما يعظ الإسلام، يقدم الضمانات والدعامة الروحية التي تتطلبها
الحياة، كما تمنح رضا القلب وتغدق عليه قناعته.
03 الإيمان بالحياة الأخرى وقبول القضاء والقدر (الأمر المحتوم)
وعى ضوء ما مضى من مناقشة يتضح أن من-يؤمن بأن الدنيا لا تساوي شيئا، وأنها موقوتة وفانية، وهناك حياة أخرى فيما بعدها،
سيرضى بما آتاه في دنياه. وقبول الآمر الواقع، والقضاء والقدر، أمر هام وضروري في الحماية النفسية ضد الطش والتهور.
أما أولئك الذين لا يؤمنون بالحياة الأخرى فهم محرومون تماماً من هذه الميزة، وبالتالي فهناك حرمان جزئي لدى أولئك الذين يؤمنون بحياة أخرى قصيرة، أما أولئك الذين يتوقعون مكافأتهم لاعمالهم في هذه الدنيا فقط، فمن المتوقع أن يكون لديهم بدل الراحة قلق،وعوض الطمأنينة خوف
والإيمان بالمصير الذي بشر به الإسلام، مع الاعتقاد في الحياة الأخرى، يقوم بالتأكيد بحماية المرء من الانفعال.
04 العناية بالجار.
في تلك الأماكن التي يطلق عليها اكثر الأماكن تقدما، نجد أن الجار لا يعرف حتى جيرانه المباشرين. وقد تمكن
هانز سيلي- مؤخرا-من تقرير المغزى العلمي من المحافظة على علاقات طيبة مع الجيران. وبحوث سيلي تؤهله للقلب " أبو الإجهاد "، وقد توصل إلى الاستنتاج بأن أهم العوامل التي تؤثر على سلامة العقل والجسم، هي إقامة علاقات طبية مع الجيران.
ولا مراء أن كافة المعتقدات قد تناولت حقوق الجار بصورة أو بأخرى. ألا أن تعريف معنى الجار، وتقنين طبيعة ونوع علاقاته مع جيرانه لم تناقش بمثل التوسع والإسهاب التي تناولتها بها الشريعة الإسلامية.
فمن ناحية تعريف الجار في الإسلام، فقد شمل كل الأفراد التي شاركت الفرد معيشته (40)، ساعة من ساعات حياته، في كل ا لاتجاهات.
أما عن حقوق الجار فهي عريضة جدا في الإسلام، وقد ظل (جبريل عليه السلام يوصي الرسول عليه الصلاة والسلام بالجار، حتى ظن الرسول انه سيورثه. ولنا أن نقد ر قيمة الجار وأهميته من هذا الحديث الشريف، كما نأخذ في الاعتبار انه من عقيدة المسلم الحق التأسي بتعاليم الرسول عليه الصلاة والسلام، وهي من أفضل الأفعال. ولا شك سيجد الطبيب النفسي في هذا وجهة نظر جديرة بالاحترام لو نظر بنظرة غير متحيزة أو منحازة.
ه. وضج النوم
الوضع الذي يتخذه النائم يكشف كثيرا من جوانب شخصية، أو اتجاهاته للحياة، وغيره. والنوم بالسرير يسبب ارتخاء عضلات الجسم، وتتحدد درجة الارتخاء وشدتها حسب وضع النوم.
وفي الوضع الجنيني، عندما ينام المرء على جانبه ويداه وساقاه مثنية دون أن يطابق بين أطرافه الخليفة فوق بعضهما.
ويعتبر الراحة السريرية ، يمكن في هذا الوضع التقلب من جانب إلى آخر دون تغيير وضع النوم، أو تركيبة الجسم أثناء النوم، لذا فيعتبر هذا الوضع أفضل وضع للراحة الجسدية، وبالتالي فهو أحسن وضع للاسترخاء.
ومن الأقوال المأثورة القديمة، أن الملوك يحبذون النوم على ظهورهم، والأغنياء ينامون على بطونهم، أما الحكيم فهو من ينام على جنبه.
ونود الإشارة إلى الوضع الذي اتخذه الرسول ( r ) في النوم، واتبعه بأيمان جل المسلمين المؤمنين. لقد اعتاد محمد عليه الصلاة والسلام أن ينام على جانبه الأيمن بساقيه مثنية قليلا، ويده اليمنى تحت خذه، ووجهه متجه إلى الكعبة الشريفة (في اتجاه القبلة). وهذا الوضع مطابق للوضع الشبه جنيني المذكور آنفا. ومن المعلومات العلمية المتاحة حاليا حول دراسات أوضاع النوم، نجد الوضع الجنيني هو الوضع الذي يتخذه الشخص المتزن من الناحية النفسية، وهو أيضا أفضل وضع للاسترخاء، من الناحيتين النفسية والجسدية. والمداومة على هذا الوضع تساهم في استرخاء الجسم وسلامته.
الصلاة كوسيلة للسكينة والاطمئنان: أثناء الصلا ة يركز المصلى فكره وحواسه على الله الذي لا يماثله شئ، ولكنه نور بكل خصائصه، من رحمة، فهو رحـيم، غير محدود ولا متناه، وباق إلى الأبد، وهو السيد يوم الحساب، ساعة تقرير مصير الجميع. ولا يقوم المصلي بالتركيز على الله فقط، بل ويكلمه في همهمة، معيدا بذلك كلماته، ولا يجلس أمامه ساكن الحراك بل يقف، ويركع، ويسجد، ويبتهل بكلمات افضل من أن يبتكرها عقل إنسان، وعبارات أطيب من أن ينطقها بشر، ويختتم تلك المحادثة، التي تمت بين الله سبحانه وتعالى وسيدنا محمد علي الصلاة والسلام أثناء الإسراء.
ومن الواضح الجلي انه من كافة الجوانب الجسدية، والحالات العقلية فهذه أفضل طر يقه للاسترخاء، تجنب كل الطرق المعقدة التي اخترعها العقل البشري في الآونة الأخيرة.
من المناقشة السابقة، يتضح أن البحوث العلمية أكدت بالبراهين تفوق التعاليم الإسلامية من الناحية العلمية، ومن المؤكد أن مزيدا من البحوث سيكشف عن حقائق أكثر عجبا، تشير إلى جلال الإيمان بالله وجمال الاعتقاد في الحياة الأخر ى وعظم التأسي بمنمط حياة الرسول .
فالإجهاد وعدم الاتزان النفسي، تؤثر على سلسلة من التغيرات الأيضية، التي بدورها تنجم ضرراً في أنسجة عديد ة من الجسم، مما تسميه الأمراض النفسية البدنية، وهذه الأمراض هي أهم مسببات الاعتلالية، بل الوفاة لجنس البشر اليوم.
وتعاليم الإسلام تكفل سلامة العقل، وسلام الروح، عوضا عن إيحائها للاسترخاء الجسدي، ولا شك أن ملتزميها ومتبعي تعاليم الرسول سينالوا الفائدة في الحياة الدنيا والآخرة أن شاء الله.
المحرر:
قام المؤلف بمناقشة نوعين من التصرفات التي مارسها الرسول الأولى.. تتعلق بطرق العبادة وهذه لا مراء من وجوب اتباعها لكافة المسلمين أسوة بالرسول الكريم. فالخالق- جلت عظمته- هو أفضل من يعلم طريقة العبادة والتصرف التي يربطنا معه ويوثقنا إليه.
أما النوع الثاني من التصرفات.. فهي تلك الأفعال اليومية والعادات الحياتية، والممارسات الخاصة التي فضلها الرسول وضمنها يأتي ما اختاره من طعام أو استطابه (ضمن ما حلل أو سمح به)، وطريقة النوم ( شريطه عدم تداخلها مع وقت العبادة).. وهذه لا يوجد أحجار ما على تقليد فعل لا يتعلق بالعبادة. فالرسول عليه الصلاة والسلام رفض تناول طعام من لحم معين وأوصى صحابته أن يأكلوه.
وهناك اتجاه بين علماء المسلمين سرى لتوضيح قيمة بعض أفعال الرسول من وجهة نظر عصرية، وهذه الورقة تتناوله. وأهم " تحفظاتنا
التي نوردها مبنية على أساس من وجوب التفرقة بين نوعي الأعمال وأنه يجب الانتباه إلى أن القواعد العقائدية قوانين ثابتة دائمة، بينما النظريات العلمية عرضة للتغيير والتبديل وبعدها فالتصرف الإسلامي مفتوح لكل ما هو مفيد طالما لا يعارض قاعدة قرآنية أو حديث شريفاً .
ا لمرا جع
01 القرآن الكريم
(سورة الرعد)
2. تعاليم الإسلام
(شيخ الحديث حفرة مولانا محمد زكريا)
الناشر: دار اشات- دنيات حضر ة نظام الدين عليا- نيودلهي- الهند (بالإنجليزية)
03 الإجهاد وقلبك
(فريد كرنر)
كتب هاوثورن 1961.
4. سو فينر ديفينس- المؤتمر العالمي للإنسان
بومباي- الهند- 976 1- 977 1.
ه. ريدرز دايجست- ماذا يكشف وضع نومك- عدد نوفمبر 1977.
الصفحة الأخيرة
اخواني واخواتي كثيراً ما نُصاب بالحمى "وهي ارتفاع درجة حرارة الجسم فوق المعدل الطبيعي التي هي 37 درجة مئوية"، وينصح الأطباء في بعض الأحيان باستعمال الكمادات لخفض الحرارة، بالإضافة إلى أنواع العلاج المتعددة، فيما يلجأ بعض المرضى إلى غمر جسمه في الماء، أو الوقوف تحت "الدش" لمدة تزيد أو تنقص، بينما يستعمل آخرون كمادات الماء البارد أو المثلج.0
إن هذا خطأ كبير إذ تنقبض الشعيرات الدموية تحت تأثير الماء البارد وتحتفظ بالحرارة بدلاً من أن تفقدها مما يؤدي إلى ارتفاع درجة الحرارة أكثر بعد فترة من الزمن.0
غير أن الطريقة المُثلى للكمادات هي باستعمال ماء ذي حرارة عادية "أي ماء الصنبور" أو ماء الشرب غير المثلج، وتبلل الأطراف والوجه، ويعاد ذلك كلما جفت المياه عن الوجه والأطراف حتى تنخفض الحرارة.0
وإذا نظرنا إلى أحاديث رسولنا الكريم التي يحض فيها على الوضوء، واستحباب ترك المياه لتجف بعد الوضوء بدون أن نلجأ إلى المنشفة لتجفيفها، وربطنا ذلك مع الحديث النبوي القائل: "الحمى من فوح جهنم فأطفئوها بالوضوء" لوجدنا أن الوضوء وتكراره مرات عدة للمصاب بالحمى هو أفضل علاج لارتفاع درجة الحرارة؛ وذلك دون اللجوء إلى غمر الجسم بالمياه، أو النزول إلى مغطس الماء، وهي عادة مرهقة للمريض، أو اللجوء إلى الماء المثلج للكمادات، وكثيراً ما يكون ذلك غير متوافر، ناهيك عن أثره العكسي.
حقاً .. إن الوضوء طهور وشفاء.