شام
شام
<FONT color="#FF8201">أيا الأحبة في الله ...</FONT>



لاحظوا النقيض القائم اليوم لما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما هاجر وعندما علّمنا الهجرة‏.‏ رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعونا إلى أن نهاجر المناخ الذي لايصلح فيه الإسلام للتطبيق إلى مناخ آخر وإن كلفنا ذلك شططاً‏.‏ يعلمنا ذلك بسلوكه وبقوله‏،‏ ويعلمنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك أيضاً بتطبيقاتهم وسيرهم وراء تعاليم رسولهم صلى الله عليه وآله وسلم‏.‏ أما نحن فنسلك طريقاً آخر‏،‏ لا‏،‏ ما ينبغي أن نغادر المناخ السيئ‏،‏ وما ينبغي أن نسعى لمقاومته أيضاً بل الحل أن نغيّر من دين الله وأن نذيب أحكام الله سبحانه وتعالى‏.‏ كما قلت لكم وكما ضربت الأمثلة وإنها لأمثلة قليلة من وقائع كثيرة‏.‏

ما المعذرة‏؟‏ ما المعذرة التي يعتذر بها أصحاب هذه الفتاوى المصطنعة المختلقَة‏؟‏ المعذرة هي الضرورة‏.‏ لا مجال لعيش كريم باذخ في تلك المجتمعات إلا بتغيير أحكام الله عز وجل‏.‏ ونظراً إلى أن العيش الباذخ ينبغي أن يبقى على حاله‏،‏ ونظراً إلى أن الهجرة في سبيل الله قد أوصدت أبوابها‏،‏ قد أوصدت أبوابها باختلاق مبْتَدَع قذر‏،‏ نظراً إلى ذلك فإن الضرورات تبيح المحظورات‏.‏ والضرورة ما هي‏؟‏ هي أن تبقى تلك الأسرة التي تعيش في رحاب الغرب تتمتع بحياة متألقة‏،‏ تتمتع بحياة آمنة فارهة‏،‏ تلك هي الضرورة‏.‏

فانظروا إلى هذا النهج الذي يسلكه هؤلاء الناس‏،‏ لا بل انظروا إلى الفتاوى التي تصدر بهذا المعنى‏،‏ وانظروا إلى عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ كان رسول الله وأصحابه أولى بالبقاء في مكة وأن لايهاجروا لأن ضرورتهم كانت أعتى من ضرورة هؤلاء الذين يتقلبون في حياة فارهة في مجتمعات أوروبا وأمريكا‏.‏هجرة المسلمين آنذاك كلفتهم أن يشردوا عن بيوتهم وأوطانهم‏،‏ كلفتهم أن يغامروا بحياتهم‏،‏ كلفتهم تمزق الأُسر‏:‏ زوجة تبقى في مكان وزوج يرحل إلى الله سبحانه وتعالى‏،‏ تلك هي الضرورة لو أننا تحدثنا عن الضرورة‏،‏ ومع ذلك هل قال قائلهم بمثل ما يفتي به الدجالون اليوم‏؟‏ أنه لامناص من البقاء في دار الكفر‏،‏ ولاحرج في التقلب في المجتمعات المظلمة البعيدة عن أوامر الله وشرعته بسبب هذه الحاجات أو الضرورات‏.‏ هل فعل رسول الله هذا‏؟‏ هل قال لهم بل ابقوا في مكانكم ذلك لأنكم مضطرون‏،‏ ولا عليكم أن تعيشوا غرباء عن دين الله سبحانه وتعالى لأنكم بحاجة إلى بيوتكم‏،‏ بحاجة إلى أوطانكم‏،‏ بحاجة إلى أُسَرِكم‏.‏ إلى وحدة الحياة الاجتماعية والاقتصادية في مناخكم‏،‏ هل قال هذا‏؟‏ بل أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخلعوا ربقة الدنيا كلها من أنفسهم‏،‏ وأن يرحلوا إلى الله سبحانه وتعالى عرايا عن المال عن الدار عن العقار وفي بعض الأحيان عن الزوجة والأولاد أيضاً‏.‏ أجل‏،‏ هذه هي الضرورة ومع ذلك فقد علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نركل هذه الضرورة بأقدامنا لنرحل إلى الله كما قد أمر الله سبحانه وتعالى‏.‏ يرحل أحدنا إلى الله وهو يقول‏:‏ ‏(‏وعجلت إليك رب لترضى‏)‏‏.‏
شام
شام
اليوم لاضرورة تُلْزِم‏،‏ بل لاحاجة تقود وتسوق وإنما هي الرغبة في التوسع‏،‏ وإنما هي الرغبة في الحياة الرغيدة ذات الرفاهية‏،‏ من أجل هذا تُصَنّع الفتاوى المختلفة التي تُسْتَبْدَل فيها أحكام الله سبحانه وتعالى‏،‏ ويتم فيها التلاعب بشرعة الله عز وجل‏.‏ قارنوا أيها الإخوة بين النقيض والنقيض‏.‏ إذا قارنتم أدركتم سبب ذُلِّ العالم الإسلامي اليوم‏،‏ أدركتم سبب المهانة التي ضربت بجرانها الأمم الإسلامية والمسلمين في مشارقهم ومغاربهم التي يعيشون فيها‏.‏

كثيرون هم الذين يقرؤون آيات في كتاب الله فيرون أنها ينبغي أن تنطبق عليهم ولكنهم يجدون أنها لاتنطبق فيتساءلون وربما دخل في أفئدتهم الريْب‏،‏ يقف أحدهم أمام قول الله عز وجل‏:

<FONT color="#006AFF">{‏إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فسَيُنْفِقُونَها ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ‏}‏ ‏</FONT>

يقول قائلهم‏:‏ هاهم الكفرة ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله لكنهم لم يُغلبوا ولم يُقهروا‏،‏ هاهم ينتصرون‏.‏ أين هو وعد الله سبحانه وتعالى‏؟‏ قولوا أيها الإخوة لهؤلاء المستشكلين الجواب في الآية التي تليها مباشرة‏:‏
<FONT color="#0233FF">{‏لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ‏}‏ ‏‏ ‏{‏لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ‏}‏ </FONT>

‏ أرني الطيب لأريك كيف ينتصر الطيب على الخبيث‏.‏ أين هو الطيب‏؟‏ أين هو الطيب في المجتمع الإسلامي الذي تحولت صلته بالإسلام إلى انتماء مجرد‏؟‏ أين هو الطيب في عالمنا العربي والإسلامي الذي يتبرم جُلّه من الإسلام قواعده أحكامه شرعته‏،‏ بل في كثير من الأحيان عقائده أيضاً‏؟‏ لاتحدثني عن القلة‏،‏ لاتحدثني عن النزر اليسير‏،‏ بل حدثني عن الجمهرة الكبرى والكثرة الكاثرة‏،‏ أجل‏.‏ ربنا عز وجل وعد أن يُغْلَب الذين ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله‏،‏ لأن أمامهم طيباً يقابل خبيثاً‏،‏ ولابد أن ينتصر الله عز وجل للطيب ضد الخبيث‏،‏ ولكن لقد تداخلت الأمور في عصرنا اليوم‏،‏ تداخل الخبيث مع الطيب ولم تعد تستطيع أن تتبين أين يكمن الخبيث وأين يكمن الطيب‏،‏ وما هو الفرق الباقي بين الخبيث والطيب اليوم‏.‏

إذا كان هنالك الذين يقودون عالمنا العربي والإسلامي من خلال العلم ومن خلال الدعوة ومن خلال الإرشاد والتوجيه‏،‏ هؤلاء الذين كنا بالأمس القريب نظن أنهم هم الذين ينتشلون هذه الأمة من الضياع‏،‏ هم الذين يعيدونها بالإرشاد والتوجيه إلى النهج القويم وإلى صراط الله المستقيم‏،‏ وإذا بهم يعكفون على اصطناع فتاوى ما أنزل الله بها من سلطان‏،‏ وإذا بهم يعكفون على اصطناع اللغو وعلى التشويه وعلى ‏(‏استبدال دين الله عز وجل‏)‏ الاستبدال بدين الله سبحانه وتعالى‏.‏


إذا كان رب البيت بالطبل ضارباً
فلا تَلُم الصبيان يوماً على الرقص


هذا هو الواقع أيها الإخوة‏.‏ وإنني لأنظر يميناً وشمالاً فأحار‏.‏ أين هو مكمن الأمل في حياة هذه الأمة‏؟‏ علماؤها‏؟‏ وهذه هي قصة نموذج من هؤلاء العلماء‏،‏ الذين لاتسقط الأقلام أقلام الفتيا من أيديهم‏،‏ والفتيا على قدر الطلب وعلى قدر الحاجة وعلى قدر ‏-‏ في بعض الأحيان ‏-‏ على قدر الفائدة التي تكمن وراءها‏.‏ أم أنتجع الأمل من الشباب المتحرق على دين الله والتائه بين الفئات والجماعات المتناقضة المتصارعة‏؟‏ أم أعقد الأمل على القادة الذين يغرقون اليوم في المشكلات السياسية‏،‏ وفي المد والجزر التائه ما بين شرق وغرب‏؟‏ المستعان هو الله‏،‏ والملجأ هو الله سبحانه وتعالى‏.‏

أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم‏.


---------------------------------
الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي
fahad
fahad
وعليكم السلام

-<FONT color="#FF0704">جزاك الله خيرا أخت عزيزة </FONT>
ورزقكي الله الاخلاص في القول والعمل .....آمين
- <FONT color="#FF0141">جزاك الله خيرا أخي الحبيب أبو الحسن</FONT>
نعم اخي كما قلت ( ولا شك أننا سنجد أنفسنا مقصرين ) والله المستعان

- <FONT color="#0201FF">جزاك الله خيرا اخت sham ومشكوره الف شكر على الاضافه القيمه وجعلها الله في موازين حسناتك وجعلنا الله ممن يستمع القول ويتبع احسنه ...آمين</FONT>
الاميره الصغيره
جزاك الله الف خير وان شاء الله ساعمل بها......
أم جمانة
أم جمانة
جزاك اللة الف خير على هذا الموضوع الرائع والنصائح القيمة