بدايـــــــــة في نهـــــــــــــاية
بدايـــــــــة في نهــــــــاية
كالشمس .. تغلف نفسها بشعاع منير .. فتزدهي بهاء على صفحة السماء الزرقاء .. فتزيدها رونقا وجمالا .. وتطل على الأرض الباردة ، فتملؤها دفئا وحبورا ..
كانت هي تتلفع بخمارها الذي يلف جسدها ، وتنطلق بعنفوانها .. بحبها للحياة ..
جميلة حسنــــــاء .. صغيرة على الحيـــــاة .. صغيرة على تمييز بريقها النوراني .. من ذاك الزائف الذي يعم المكان .. ذاك الزيف الذي لا ينفك ينصب شباكه الملونة في كل مكان .. ليغري به فراشات جميلات – في عمرها – وما أن يقتربن .. حتى يقعن في شفير الهاوية .
برعم صغير بدأ يشق طريقه من بين أوراق كثيرة تغلفها الأشواك .. فيمضي ليكبر على طبيعته .. على فطرته .. سقياه ماء السماء ..
وتربته .. هي ذاتها التربة التي تغذي حشائش الطرقات ..
وهاهو ينمو يوما بعد يوم .. فيزداد جمالا وتألقا .. ويتجه بحبه الفطري نحو السماء .. يسبح الخالق في كل لمحة وسكنة .. لا لأن أحدا ما قد علمه التسبيح .. لا ولكن .. هكذا شأن المخلوقات تتجه بالفطرة نحو بارئها وبالفطرة تتجه نحو السلوك القويم ..
لكن لتلوث البيئة أثر واضح على المخلوقات ..
فتارة ترغم البراعم أمثالها من أن تتنشق من غبار الطرقات .. أو أن تتعكر بدخان السيارات ..
أو تستقي بماء ملوث .. فتنحني وتذبل ..
وينكسر عودها .. وهي في أوج حيويتها وشبابها وعنفوانها ............
**************************
أجالت بصرها فيمن حولها في أقرب من يكونون لكل إنسان ..
الأصدقاء ....
فرأتهن قد ارتدين زي السعادة الزائف .. وتألقن به من خلال بريق خادع كن ينثرنه في البريئات أمثالها ..
فأحكمن نسج خيوطهن حولها .. وأتت كل فتاة منهن وبيدها سلاح يختلف عن الأخرى .. كل واحدة تطمع في إغوائها كل واحدة تريد أن تظفر بها صيدا ثمينا لتتباهى به أمام شياطينها ..فيباركن لها تحقيق الرذيلة وليزين في قلبها الغرور .. فتتجه جذلى .. نحو مزيد من العصيان ........
فأتت إحداهن وقد لونت خصلات شعرها بألوان من الطيف فتبدت لمن يراها وكأنها قد انتزعت من الطاووس ريشه فشبكته بشعرها وتزينت به .. وما أظنها إلا وقد انتزعت من الطاووس غروره فتجسد داخل روحها الإنسانية .. ليزداد خبثا وسوءا ..
وجاءت الأخرى وقد اشترت من مساحيق الجمال أشكالا و ألوانا .. فدهنت بها على وجهها المعتم .. لعله يبرق حسنا ويلفت التائه ..
ويناديه بأن تعال إلى هنا .. فهذا قمر لم تر شبيها له من قبل ولا نظيرا ..
وبالغت في ذلك .. فظنت نفسها – أو هكذا زين لها شيطانها – بأنها أجمل الجميلات ...فراحت تتبختر في مشيتها تتفقد أصباغها التي طلت بها وجهها عبر مرآة صغيرة تحملها .. لتطمئن على جمالها المصطنع .. فيظن كل من رآها بأنها إحدى العاملات في السيرك ..
وثالثة قد تحلق الجميع حولها .. ليسمعن عبارات الغرام الزائفة .. والتي كانت تكيلها لأحد المفتونين بها فيصفق الجميع لها ويهنئوها بنجاحها وتفوقها ......
يتبع
.....
14
854
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
بحور 217
•
ونحن نتابع يا نورنا الباهي :27:
نــــور
•
بحورنا
شاكرة لك اهتمامك ومتابعتك
لاعدمتك
*********
وتكالبت عليها الدنيا كأبهج ما يمكنها أن تكون في عيني يافعة مثلها .. بمفاتنها بمغرياتها .. بسحرها .. فما لبثت و أن احتلت ذلك الحيز الفارغ من قلبها ....
تأملت وجهها في المرآة .. فإذا هي تسمع المرآة تناديها .. تقول لها .. ما أجملك !!
لولا هذا الحجاب الذي تحيطين به وجهك .. وتغطين فيه أحلى مفاتنك ..
انظري إلى خصلات شعرك الفاحم .. كم تضفي من جمال على وجهك الأبيض النقي .. فتزيده روعة وبهاء ..
لولا أزحته قليلا لكنت الأجمل .. ولسلبت عقول الناس فتهافتوا على خطبتك .. ولشاع بين الناس بأنك الأجمل .. فتغلبين صديقاتك اللواتي يحسبن أنفسهن جميلات وما هن من الجمال في شيء ..
وكانت جميلتنا تصغي بشوق وحماس .. كمن يصغي إلى لحن عذب أو إلى تغريد بلبل صداح .. فتتمايل طربا لما تسمع ..وتحاول ترديد العبارات ذاتها .. كمن يريد أن يحفظ درسا فلا ينساه ..
وما كان إلا و أن انساقت إلى هواها .. وانتزعت عنها حجابها انتزاعا .. و أرادت أن تعيش جمال التجربة .. و أن تخطو أول خطواتها نحو الشباك المنصوبة بعناية فوجدت أن شرفة المنزل هي الخطوة الأولى لتحقيق الحلم المنشود .. فتقدمت حذرة إلىالشرفة و كانت أكثر من تخشاه أن يقف في طريقها .. هي أمها ...تلك التي حرصت عليها أن تحتجب ..ليشاع بين الناس .. أن فلانة أحسنت التربية ..و أن ابنتها على خلق ودين .. فقد كانت تحسبها برقابتها عليها ذلك النفق المظلم الذي إن نجحت وعبرته ستصل سريعا إلى الحرية .. إلى النور المنشود ..
وما إن خرجت .. حتى صاحت بها أمها ..
أين حجابك يا بنت ؟؟
********************
خفق قلبها بشدة حتى كادت تسمع وجيبه وأجابت بصوت متهدج ..
ومن يراني و أنا هنا ؟؟ .. كل الرجال في أعمالهم والشارع يخلو من المارة .. دعيني يا أماه أتنشق الهواء العليل لمرة واحدة .. دون أن أخنق نفسي بدثار أسود يكتم أنفاسي ..
أرجوك يا أمي ..
أشفقت الأم على ابنتها المسكينة التي حرمتها من السعادة التي تنعم بها رفيقاتها وبنات جيلها ..فأجابتها بكل الحنان :
لا بأس يا حبيبتي .. لاأظن أن أحدا هنا قد يراك .. ثم أنك مازلت صغيرة .. في العام الماضي فقط كنت ترتدين زي المدرسة .. فلتخرجي يا عزيزتي بدونه ..
دعيه جانبا و لتنعمي ببعض الهواء الطلق ..
ابتسمت فتاتنا ابتسامة عريضة .. وحسبت نفسها عصفورا قد أطلق سراحه فرفرف بجناحيه يحلق عاليا خارج القفص ..
ألقت نظرة وداع إلى عالمها القديم .. ونظرة تحية للمستقبل السعيد .. ورأت الحياة بمنظارها الجديد وهمست لنفسها بفرح ..
أجل .. هذه هي السعادة .. هذه هي الحرية !!!
يتبع
شاكرة لك اهتمامك ومتابعتك
لاعدمتك
*********
وتكالبت عليها الدنيا كأبهج ما يمكنها أن تكون في عيني يافعة مثلها .. بمفاتنها بمغرياتها .. بسحرها .. فما لبثت و أن احتلت ذلك الحيز الفارغ من قلبها ....
تأملت وجهها في المرآة .. فإذا هي تسمع المرآة تناديها .. تقول لها .. ما أجملك !!
لولا هذا الحجاب الذي تحيطين به وجهك .. وتغطين فيه أحلى مفاتنك ..
انظري إلى خصلات شعرك الفاحم .. كم تضفي من جمال على وجهك الأبيض النقي .. فتزيده روعة وبهاء ..
لولا أزحته قليلا لكنت الأجمل .. ولسلبت عقول الناس فتهافتوا على خطبتك .. ولشاع بين الناس بأنك الأجمل .. فتغلبين صديقاتك اللواتي يحسبن أنفسهن جميلات وما هن من الجمال في شيء ..
وكانت جميلتنا تصغي بشوق وحماس .. كمن يصغي إلى لحن عذب أو إلى تغريد بلبل صداح .. فتتمايل طربا لما تسمع ..وتحاول ترديد العبارات ذاتها .. كمن يريد أن يحفظ درسا فلا ينساه ..
وما كان إلا و أن انساقت إلى هواها .. وانتزعت عنها حجابها انتزاعا .. و أرادت أن تعيش جمال التجربة .. و أن تخطو أول خطواتها نحو الشباك المنصوبة بعناية فوجدت أن شرفة المنزل هي الخطوة الأولى لتحقيق الحلم المنشود .. فتقدمت حذرة إلىالشرفة و كانت أكثر من تخشاه أن يقف في طريقها .. هي أمها ...تلك التي حرصت عليها أن تحتجب ..ليشاع بين الناس .. أن فلانة أحسنت التربية ..و أن ابنتها على خلق ودين .. فقد كانت تحسبها برقابتها عليها ذلك النفق المظلم الذي إن نجحت وعبرته ستصل سريعا إلى الحرية .. إلى النور المنشود ..
وما إن خرجت .. حتى صاحت بها أمها ..
أين حجابك يا بنت ؟؟
********************
خفق قلبها بشدة حتى كادت تسمع وجيبه وأجابت بصوت متهدج ..
ومن يراني و أنا هنا ؟؟ .. كل الرجال في أعمالهم والشارع يخلو من المارة .. دعيني يا أماه أتنشق الهواء العليل لمرة واحدة .. دون أن أخنق نفسي بدثار أسود يكتم أنفاسي ..
أرجوك يا أمي ..
أشفقت الأم على ابنتها المسكينة التي حرمتها من السعادة التي تنعم بها رفيقاتها وبنات جيلها ..فأجابتها بكل الحنان :
لا بأس يا حبيبتي .. لاأظن أن أحدا هنا قد يراك .. ثم أنك مازلت صغيرة .. في العام الماضي فقط كنت ترتدين زي المدرسة .. فلتخرجي يا عزيزتي بدونه ..
دعيه جانبا و لتنعمي ببعض الهواء الطلق ..
ابتسمت فتاتنا ابتسامة عريضة .. وحسبت نفسها عصفورا قد أطلق سراحه فرفرف بجناحيه يحلق عاليا خارج القفص ..
ألقت نظرة وداع إلى عالمها القديم .. ونظرة تحية للمستقبل السعيد .. ورأت الحياة بمنظارها الجديد وهمست لنفسها بفرح ..
أجل .. هذه هي السعادة .. هذه هي الحرية !!!
يتبع
نــــور
•
اليوم .. هو يوم تحليق فراشتنا نحو النور الذي أرادته والذي بعينيها رأته مشعا براقا .. ولم تدر بأنها رحلة قصيرة جدا نحو النار .. تلك التي ستحرق أجنحتها الزاهية وتمنعها من التحليق ثانية في فضاء الإيمان ..
لبست أجمل ما لديها من ملابس .. وزينت شعرها بورود حمراء .. ووقفت تتباهى بنفسها أمام المرآة
تتخيل نفسها حورية قد خرجت من البحر أو قمر تبدى باكتمال رائع وسط السماء
أخذت تدور حول نفسها .. فراشة تتعلم الطيران ..
حتى توقفت فجأة ...
لقد وقعت عيناها على تلك المعلقة على الشماعة فبدت كإنسان يحدق إليها بغضب
إنها تلك العباءة التي أهملتها وتنازلت عنها بكل سهولة
لقاء رغبات رخيصة لا توزن بجناح بعوضة أمام نعيم الجنة وبهجتها
وكأنها شعرت أن العباءة تخاطبها
فهدأت قليلا و أخذت تصغي إلى صوتها الهادئ الرزين..
العباءة بحنان شديد : صديقتي .. لم تركتني هكذا ..
أو هان عليك اجتماعنا على الخير .. أو بددت صحبتنا ببساطة هكذا ..
أولم أكن لك عونا في حياتك .. وكنت سببا في سعادتك وجمالك
أجابت بغضب : عن أي جمال بالله عليك تكلمينني
أهو جمال مغلف بقشرة لا لون لها ولاطعم
أجل .. هو الجمال الباهت الأصفر الذي تحدثينني عنه
العباءة : بل جمال النفس والروح معا
جمال النور الذي يسطع من كل خلاياك
جمال يسحر كل عاقل وكل مؤمن بحكمة الله على الأرض
أجابت : ومن سيُسحر في هذا الجمال
ومن ذا الذي سيُعجب به ؟؟
قضيت سنوات لم أسمع عبارة غرام واحدة
سنوات لم ألق إعجابا من صديقة واحدة
لقد جعلتني مشلولة تماما
لا أملك الذي يملكونه و لا أشعر بالسعادة التي يشعرونها
العباءة : لا ولكن .. لا تنسي أني قد أعطيتك الكثير
الفتاة : عن أي كثير تتحدثين
العباءة : انظري جيدا إلى وجهك
لقد خفت ذلك النور البهي الذي كان يعتليه منذ أن حطمت الجدار الأول في طريق حريتك التي تزعمين ، فبت كالسراج المطفأ لا معنى له ولا قيمة ..
لقد كنت أعطيك هيبة كبيرة يحترمك الناس من خلالها ويقدرونها ..
لقد كنت أجمل رمز للصفاء وللنقاء
كنت وردة جميلة متألقة .. محفوظة في حوض جميل ميزك عن ورود الشارع التي قد علاها الغبار
كنت رمزا جميلا لفتاة الإسلام وكان الأمل منوط بك أن تحملي الرسالة وتنطلقي لتأخذي بيد صديقاتك نحو الخير
ولكنني أجد وجهك قد علاه من الغبار ما علاهن و أنت في طريقك إلى المزيد
وما دمت قد تخليت عني فأنا أيضا لا يشرفني أن أكون لفتاة مثلك
فدعيني عند مقعد الحديقة قرب المنزل
فسأجد حتما من تستحقني وتقدرني
الفتاة بغضب جنوني : ما دمت قد بدأت التجربة
فسأعيشها بأبعادها
ومن اليوم أنا الأجمل بدونك .. سأعيش سعادتي التي سعيت لأجلها
فاذهبي كما أردت
فلا حاجة لي بك
يتبع
الصفحة الأخيرة