تأملات في الإعجاز البياني في القــرآن الكريم..

( سورة الناس )


بسم الله الرحمن الرحيم

(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1)
مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ (3)
مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5)
مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ (6) )


كان الإعجاز في هذه السورة في عدة أمور ..
الأول : في ترتيب آياتها
حيث جاءت الاستعاذة مقترنة بالربوبية أولا ، ثم إثبات صفة الملك لله ثم صفة الأولوهية
و ترتيب السورة بهذا الشكل جاء في نهاية الكمال و الإبداع حيث أن الإنسان أول كل شيء يعلم أن له ربا ، لما يشاهده من أنواع التربية ( رب الناس ) ثم إذا تأمل عرف أن هذا الرب متصرف في خلقه ، غني عن الخلق أجمعين ، فهو الملك لهــم ( ملك الناس ) ثم إذا زاد تأمله ، عرف أنه هو وحده الذي يستحق أن يعبد ، لأنه لا عبادة إلا للغني عن كل شيء ، المفتقر إليه كل شيء ( إله الناس )
ثم ورد بعدها المُـــستعاذ منه و هو الشيطان الرجيم .

الثاني : في تكرار كلمة الناس
فقد كررها ثلاثا و لم يكتف بالضمير ، لإظهار شرفهم و تعظيمهم بإضافتهم للرب الجليل العظيم الكبير .
فالإضافة تكسبهم أعظم الشرف ،
و في التــكرار زيادة العز و الفخار .

الثالث : في ختمه بقوله ( من الجنة و الناس )
الذي يــؤكد لنا أن ( الوسواس الخناس ) يكون من شياطين الجن و الإنس
فمن الناس من تكون وسوسته في قلوب البشر يلقي فيها مايريد !




* تنبـيـــــــــه *
لا نقصد بالتعداد الحصر هنـا
ننتظر إضافة مالديكم من وجوه الإعجاز في هذه السورة
و سنتابع إن شاء الله

أحييك على هذا الموضوع الرائع..
ياكلمتنا...
وأرجو أن تسمحي لي بهذهالإضافة...



**( رب الناس) جاء معها ( ملك الناس * إله الناس)
ليفيد العموم أيضاً

؛ لأنّ إطلاق الربّ قد يشارك فيه السيد المطاع ,كما في قوله :(( اتخذوا أحبارهم
ورهبانهم أرباباً من دون الله))
وقول يوسف عليه السلام لصاحبه في السجن (( اذكرني عند ربك )) أي: الملك على أظهر الأقوال ,
وقوله :(( ارجع إلى ربك فاسأله مابال النّسوة)) الآية
فجاء بالملك والإله للدلالة على العموم ,في معنى ربّ الناس ,فهو سبحانه رب العالمين ورب كل شيء

ولكن إضافته هنا إلى خصوص الناس(1)
إشعار بمزيد اختصاص, ورعاية الرب سبحانه لعبده الذي دعاه إليه
ليستعيذ به من عدوه,(2)كما أنّ فيه تقوية رجاء العبد في ربه بأنّه سبحانه بربوبيته سيحمي عبده لعبوديته و
ويعيذه مما استعاذ به منه

** قوله تعالى ( ملك الناس )
في مجيءملك الناس بعد رب الناس ,
تدرج في التنبيه
على تلك المعاني العظام(1) ,وانتقالٌ بالعباد من مبدأ
الإيمان بالرب لما شاهدوه من آثار الربوبيةفي الخلق والرزق,وجميع تلك الكائنات كما في قوله تعالى :
(( اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون* الذي جعل لكم الأرض فراشاً والسماء بناء
وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقاً لكم))
**كل هذه الآثار التي لمسوها وأقروا بموجبها,بأن الذي أوجدها هو ربهم,ومن ثم ينتقلون إلى الدرجة
الثانية,وهي أن ربه الذي هذه أفعاله هو ملكه وهو المتصرف في تلك العوالم,وملك لأمره وجميع شئونه
ومالك لأمر الدنيا والآخرة جميعاً.
فإذا وصل بإقراره إلى هذا الإدراك ,أقرّ له ضرورة بالألوهية وهي المرتبة النهاية.إله الناس أي: مألوههم
ومعبودهم وهو ماخلقهم إليه (وماخلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)
** وفي إضافة الملك إلى الناس من إشعار الاختصاص
مع أنه سبحانه ملك كل شيء..فهو سبحانه مالك الملك
كما في قوله تعالى : (( قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاءوتعز من تشاء وتذل
من تشاء))
**كمال ملك الله تعالى ونقص ملك ماسواه,ومن المعلوم أن ملوك الدنيا ملكهم ملك سياسة ورعاية لاملك
تملك وتصرف..

*قوله(إله الناس))هذه هي المرتبة الثالثة في كمال العبودية وإفراد الله تعالى بالألوهية..
فإن العبد إذا أقرّ بأنّ الله تعالىربه وخالقه,ومنعم عليه أوجده من العدم,ورباه بالنعم,لارب له سواه
ثم تدرج بعلمه ويقينه إلى الإقرار بأنّ ربه هو مليكه والمتصرف في أمره وحده,وأنهلايملك هونفسه
مع الله شيئاً,ولايملك له أحد من الله شيئا.
وأنّ كل تصرفات العالم كله بأمره فلا يصل إليه خير إلا بإذنهولايصرف عنه ضرر إلا بأمره
وعرف في يقين: أنه عبد مملوك لمن بيده ملكوت السموات والأرض ,توصل بعلمه هذا أنّ من
كانت هذه صفاته , كان هو وحده المستحق لإفراده بالعبادة وبالألوهية ,لاإله إلا هو.

فيكون في خاتمة المصحف الشريف انتزاع الإقرار من العبد لله سبحانه بطريق الإلزام ,بالمعنى
الذي أرسل الله به رسله ,وأنزل من أجله كتبه , وهو أن يعبد الله وحده .
**اتفاق هذه السورة الخاتمة معسورة الفاتحة ,إذ تلك الصفات الثلاث في سورة الناس موجودة
في سورة الفاتحة فاتفقت الخاتمة مع الفاتحة في هذا المعنى العظيم ,إذ في الفاتحة (الحمدلله
رب العالمين ,وومالك يوم الدين ,فجاءت صفة الربوبية والملك والألوهية في لفظ الجلالة.

** ( من شر الوسواس الخنّاس)كلاهما صيغة مبالغة من الوسوسة والخنس.
فالوسواس كثير الوسوسة ,ليضل بها الناس..والخنّاس كثيرالتأخر والرجوع عن إضلال الناس
فهو يوسوس عند غفلة العبد عن ذكر ربه ,خانس عند ذكر العبد ربه تعالى
المصدر/ تفسير أضواء البيان للشنقيطي رحمه الله تعالى بتصرف يسير


كلمة..أرجو ألا أكون خرجت عن المقصود.أكتفي بهذا القدر ولي عودة...

عطائي الحبيب
إضافة ثرية جدا ..بارك الله بك ، فقد فتحت آفاقا أخرى
جعل الله ذلك في ميزان حسناتك

ريثما نعود .. نأمل بالمزيد من المشاركات .
سلمتم .
:27:

جزيتِ خيــــــــراً يا كلمتنا على موضوعك الرائع ،،
وإضافة جميلة من عطائنا ، يا رعاها الله ،،
وسيكون متألقاً بإضافات الأخوات ،،

عوفيــــت ِ 000
:26:
******************************************

اشكرك على هذا الموضوع
تمنياتي لكي بالتوفيق الدائم