

بسم اللـّٰ? الرحمن الرحيم
السلام عليكم. ملخص للبلاغة واشهر الكتب دعواتكم وبالتوفيق للجميع
البلاغه هي مطابقة الكلام الفصيح لمقتضى الحال
الفصاحة هي الألفاظ البينة الظاهرة المتبادرة إلى الفهم ألمًًًًاانوسه الاستعمال وهي تقع وصف للكلمة أو الكلام أو المتكلم
علم المعاني هو علم يعرف به أحوال اللفظ العربي التي يطابق بها مقتضى الحال
علم البيان هو أصول وقواعد يعرف بها إيراد المعنى الواحد بطرق متعدده وتراكيب متفاوته
علم البديع علم يعرف به وجوه تحسين الكلام
علم البيان
التشبيه – الاستعارة – الكناية – المجاز المرسل
التشبيه :
أسلوب يدل على مشاركة أمر لأمر آخر في صفته الواضحة؛ ليكتسب الطرف الأول ( المشبه) من الطرف الثاني (المشبه به) قوته وجماله.
أو هو : إحداث علاقة بين طرفين من خلال جعل أحدهما - وهو الطرف الأوّل (المشبه)- مشابهاً للطرف الآخر، في صفة مشتركة بينهما .
مثل : محمد كالأسد في الشجاعة – البنت كالقمر في الجمال .
أركان التشبيه :
(1) مُشََّبه : وهو الموضوع المقصود بالوصف ؛ لبيان قوته أو جماله ، أو قبحه .
(2) مُشَبَّه به : وهو الشيء الذي جئنا به نموذجاً للمقارنة ؛ ليعطي للمشبه القوة أو الجمال ، أو القبح ، ويجب أن تكون الصفة فيه أوضح .
(3) ووجه الشبه : وهو الوصف الذي يُستخلص في الذهن من المقارنة بين المشبه و المشبه به، أو هو الصفة المشتركة بين الطرفين المشبه و المشبه به.
(4) وأداة التشبيه : هي الرابط بين الطرفين.
أدوات التشبيه
1 - قد تكون حرفاً ، كـ (الكاف - كأنَّ) .
2 - قد تكون اسماً ، كـ (مثل - شبه - نظير ... ) .
3 - قد تكون فعلاً ، كـ (يحاكي - يشبه – يماثل ...) .
محمد كـ الأسد في الشجاعة
مشبّه أداة تشبيه مشبّه به وجه الشبه
أنواع التشبيه
مفرد مركب
مفصل مجمل بليغ تمثيلي ضمني
(أ) أولاً : التشبيه المفرد : وهو تشبيه لفظ بلفظ .
أنواع التشبيه المفرد
1 – تشبيه مُفَصَّل : عندما نذكر الأركان الأربعة .
ôمثل : العلم كـالنور يهدي كل من طلبه
مشبّهأداة تشبيهمشبّه به وجه الشبه
2 – تشبيه مُجْمَل : وهو ما حُذِف منه وجه الشبه ، أو أداة التشبيه .
ô مثل : العلم كـالنور (حُذِف وجه الشبه )
ô العلم نور يهدي كل من طلبه . (حُذِفت أداة التشبيه )
3 – تشبيه بليغ : وهو ما حُذِف منه وجه الشبه و الأداة ، وبقي الطرفان الأساسيان المشبه و المشبه به .
ôمثل : الجهل موت والعلم حياة .
ô الصور التي يأتي عليها التشبيه البليغ :
أ – المبتدأ والخبر :
ôمثل : الحياة التي نعيشها كتاب مفتوح للأذكياء .
ب- المفعول المطلق :
ôمثل: تحلق طائراتنا في الجو تحليق النسور - مشى الجندي مشى الأسد
جـ- المضاف(المشبه به) والمضاف إليه(المشبه) :
ôمثل : كتاب الحياة - ذهب الأصيل على لُجَين الماء . الأصيل (وقت الغروب ) و اللجين (الفضة)
.. أي الأصيل كالذهب والماء كاللجين.
د- الحال وصاحبهـا :
ôمثل : هجم الجندي على العدو أسداً .
هـ- اسم إن وخبرها :
ô مثل : إنك شمس .
أركان التشبيه
الركنان الأساسيان في أركان التشبيه الأربعة هما: (المشبه والمشبه به ) ، وإذا حُذِفَ أحدهما أصبحت الصورة استعارة ؛ فالاستعارة تشبيه بليغ حذف أحد طرفيه .
- أما أداة التشبيه ووجه الشبه فهما ركنان ثانويان حذفهما يعطي التشبيه جمالاً أكثر وقوة .
(ب) ثانياً : التشبيه المركب
ô أنواع التشبيه المركب :
1 – تشبيه تمثيلي :
هو تشبيه صورة بصورة ووجه الشبه فيه صورة منتزعة من أشياء متعددة .
ôمثل : قول الله تعالى :
(مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ )(البقرة: من الآية261) .
شبه الله سبحانه وتعالى هيئة الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ابتغاء مرضاته ويعطفون على الفقراء و المساكين بهيئة الحبة التي أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة ، والله سبحانه وتعالى يضاعف لمن يشاء .
ôو كقول علي الجارم في العروبة :
توحّد حتى صار قلباً تحوطه قلوب من العُرْب الكرام وأضلع
حيث شبه هيئة الشرق المتحد في الجامعة العربية يحيط به حب العرب وتأييدهم بهيئة القلب الذي تحيط به الضلوع .
ôقال تعالى في شأنِ اليهود :
(مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً ...) (الجمعة:5).
حيث شبهت الآية حالة وهيئة اليهود الذين حُمَّلوا بالتوراة ثم لم يقوموا بها ولم يعملوا بما فيها بحالة الحمار الذي يحمل فوق ظهره أسفاراً (كتباً)، فهي بالنسبة إليه لا تعدو(لا تتجاوز) كونها ثقلاً يحمله .
2 – تشبيه ضمني :
وهو تشبيه خفي لا يأتي على الصورة المعهودة ولايُصَرح فيه بالمشبه و المشبه به ، بل يُفْهم ويُلْمح فيه التشبيه من مضمون الكلام ، ولذلك سُمّي بالتشبيه الضمني ، وغالباً ما يكون المشبه قضية أو ادعاء يحتاج للدليل أو البرهان ، ويكون المشبه به هو الدليل أو البرهان على صحة المعنى .
باختصار التشبيه الضمني قضية وهي (المشبه) ، والدليل على صحتها (المشبه به) .
ôمثل : قال المتنبي في الحكمة :
من يهُن يسهُل الهوان عليه مـا لجُـرحٍ بميّت إيـلامُ
ما سبق نلمح فيه التشبيه ولكنه تشبيه على غير المتعارف ، فهو يشبه الشخص الذي يقبل الذل دائماً ، وتهون عليه كرامته ، ولا يتألم لما يمسها ، بمثل حال الميت فلو جئت بسكين ورحت تقطع أجزاء من جسده ما تألم ولا صرخ ولا شكى ولا بكى ؛ لأنه فقد أحاسيس الحياة ، وبذلك يكون الشطر الثاني تشبيهاً ضمنياً ؛ لأنه جاء برهاناً ودليلاً على صحة مقولته في الشطر الأول.
ôقال ابن الرومي :
قَدْ يَشِيب الْفَتَى وَلَيْسَ عجيباً أَنْ يُرَى النَّورُ فِى الْقَضِيبِ الرَّطيبِ (النور : الزهر الأبيض- ****** : الغصن)
يقول الشاعر : إن الشاب الصغير قد يشيب قبل أوان الشيب ، وهذا ليس بالأمر العجيب، وليدلل على صحة مقولته أتى لنا بالدليل و هو أن الغصن الغض الصغير الذي مازال ينمو قد يظهر فيه الزهر الأبيض، فهو لم يأْت بتشبيه صريح ولم يقل : إن الفتى وقد وخطه الشيب كالغصن الرطيب حين إزهاره ، ولكنه أتى بذلك ضمناً .
ملحوظة
التشبيه الضمني لا تذكر فيه أداة التشبيه أبداً ، بينما التشبيه التمثيلي غالباً تذكر فيه أداة التشبيه " مثل " .
ô سر جمال التشبيه: (التوضيح أو التشخيص أو التجسيم) .
*** الاستعارة ****
& الاستعارة : تشبيه بليغ حذف أحد طرفيه .
نفهم من الكلام السابق أن التشبيه لابد فيه من ذكر الطرفين الأساسين وهما (المشبه والمشبه به) فإذا حذف أحد الركنين لا يعد تشبيهاً بل يصبح استعارة .
لاحظ الفرق بين : محمد أسد - رأيت أسداً يتكلم - محمد يزأر وهو يفترس الأعداء .
& أنـواع الاستعـارة :
(أ) استعارة تصريحية : وهى التي حُذِفَ فيها المشبه(الركن الأول) وصرح بالمشبه به .
&مثل : نسي الطين ساعة أنه طين .. شبه الشاعر الإنسان بالطين ثم حذف المشبه (الإنسان)وذكر المشبه به (الطين)على سبيل الاستعارة التصريحية .
&مثل قوله تعالى الله وليُّ الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور ) .. شبه الكفر بالظلمات والإيمان بالنور ثم حذف المشبه (الكفر والإيمان) وذكر المشبه به
(الظلمات والنور)على سبيل الاستعارة التصريحية .
& ( في قلوبهم مرض ) ، ( واعتصموا بحبل الله ) .. بين الاستعارة بنفسك .
(ب) - استعارة مكنية : وهى التي حُذِفَ فيها المشبه به(الركن الثاني) وبقيت صفة من صفاته ترمز إليه .
&مثل : حدثني التاريخ عن أمجاد أمتي فشعرت بالفخر والاعتزاز .
المحذوف المشبه به ، فالأصل : التاريخ يتحدث كالإنسان ، ولكن الإنسان لم يذكر وإنما ذكر في الكلام ما يدل عليه وهو قوله : حدثني (فالدليل على أنها استعارة : أن التاريخ لا يتكلم).
&ومثل ماسبق : طار الخبر في المدينة .. استعارة مكنية فلقد صورنا الخبر بطائر يطير ، وحذفنا الطائر وأتينا بصفة من صفاته (طار) ، (فالدليل على أنها استعارة : أن الخبر لا يطير). .
&يهجم علينا الدهر بجيش من أيامه ولياليه - وتبنى المجد يا عمر بن ليلى - صحب الناس قبلنا ذا الزمانا- شاكٍ إلى البحر .. بين الاستعارة بنفسك .
(جـ) – الاستعارة التمثيلية : أصلها تشبيه تمثيلي حُذِفَ منه المشبه وهو (الحالة والهيئة الحاضرة) وصرح بالمشبه به وهو (الحالة والهيئة السابقة) مع المحافظة على كلماتها وشكلها وتكثر غالباً في الأمثال عندما تشبه الموقف الجديد بالموقف الذي قيلت فيه .
&مثل : لكل جواد كبوة - رجع بخفي حنين - سبق السيف العذل - فمن يزرعِ الشوك يجنِ الجراح .
& سر جمال الاستعارة : (التوضيح أو التشخيص أو التجسيم ) .
الكناية
&هي تعبير لا يقصد منه المعنى الحقيقي ، و إنما يقصد به معنى ملازم للمعنى الحقيقي .
& أو هي : تعبير استعمل في غير معناه الأصلي(الخيالي) الذي وضع له مع جواز إرادة المعنى الأصلي (الحقيقي) .
.. لتوضيح الكلام السابق بمثال يقول (أبي نظيف اليد) من الواضح أن المعنى الحقيقي هنا ليس مقصوداً وهو معنى غسل اليد و نظافتها من الأقذار ، وإنما يقصد المعنى الخيالي الملازم لذكر هذه العبارة الذي يتولد ويظهر في ذهننا من: (العفة أو الأمانة، أو النزاهة أو الترفع أو نقاء الضمير..) وما شابه ذلك من المعاني المجردة حسب سياق الحديث ، وهذه هي الكناية معنى ملازم للمعنى الحقيقي.
&مثال:قال تعالى (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ)(الفرقان: من الآية27) .
لو تأملنا الآية السابقة نجد أن المقصود من هذه الآية ليس المعنى الحقيقي وهو عضاليدين، وإنما يقصد المعنى الخيالي الملازم لذكر هذه الآية الذي يتوّلد ويظهر في ذهننا من: (الندم الشديد) حيث إن من ظلم نفسه بكفره بالله ورسوله ولم يستجب لدعوة الإيمان يرى مصيره المرعب يوم القيامة ألا وهو النار فيندم على ما كان منه في الحياة في وقت لا ينفع يه الندم ، فيعض على يديه .
& أنواع الكناية :
1 – كناية عن صفة :
وهى التي يكنى بالتركيب فيها عن صفة لازمة لمعناه (كالكرم – العزة – القوة – الكثرة ...)
&مثال : قال تعالى (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ)
كناية عن صفة البخل كناية عن صفة التبذير
&فلان ألقى سلاحه (كناية عن الاستسلام) .
&فلان نقي الثوب ( كناية عن النزاهة والطهارة ) .
2 – كناية عن موصوف : وهى التي يكنى بالتركيب فيها عن ذات أو موصوف (العرب – اللغة – السفينة) وهى تفهم من العمل أو الصفة أو اللقب الذي انفرد به الموصوف .
&مثال :(فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ ) كناية عن سيدنايونس .
&قال الشاعر : يا ابنة اليم ما أبوك بخيل كناية عن السفينة .
3– كناية عن نسبة : وهى التي يصرح فيها بالصفة ولكنها تنسب إلى شئ متصل بالموصوف (كنسبته إلى الفصاحة – البلاغة – الخير) حيث نأتي فيها بصفة لا تنسب إلى الموصوف مباشرة بل تنسب إلى شيء متصل به ويعود عليه .
&مثال : قال الشاعر : أبو نواس في مدح والي مصر :
فما جازه جود ولا حل دونه ولكن يسير الجود حيث يسير
فقد نسب الجود إلى شيء متصل بالممدوح وهو المكان الذي يوجد فيه ذلك الممدوح
&مثال : الفصاحة في بيانه والبلاغة في لسانه
كناية عن نسبة هذا الشخص إلى الفصاحة ؛لأنها في بيانه وإلى البلاغة ؛ لأنها في لسانه .
&مثال : ( الفضل يسير حيث سار فلان ) كناية عن نسبة الفضل إليه.
&سر جمال الكناية :
الإتيان بالمعنى مصحوبا بالدليل عليه في إيجاز وتجسيم.
س : كيف أفرق بين الكناية والاستعارة ؟
جـ : الفرق أن في الاستعارة هناك قرينة تمنع وجود المعنى الحقيقي، فحين أقول: رأيت أسداً يحكي بطولاته ، فـ( أسد ) هنا استعارة، والقرينة (يحكي) وهذه القرينة مانعة لإرادة المعنى الحقيقي ، فلا يوجد أسد يحكي أو يتكلم ، بينما في الكناية لا توجد قرينة تمنع وجود المعنى الحقيقي، فحين أقول : (عتريس يده طويلة) فيجوز إرادة المعنىالحقيقي وهو طول اليد ، كما يجوز إرادة المعنىالخيالي الذي يختفي خلف المعنى الحقيقي و هو أنه لص .
المجاز المرسل
& هو اللفظ المستعمل في غير ما وضع له لعلاقة غير المشابهة ، ويجب أن تكون هناك قرينة تمنع المعنى الأصلي للفظ .
&أو هو كلمة لها معنى أصلي لكنها تستعمل في معنى آخر على أن يوجد علاقة بين المعنيين دون أن تكون علاقة مشابهة ، وتعرف تلك العلاقة من المعنى الجديد المستخدمة فيه الكلمة .
& مثال لذلك : " قبضنا على عين من عيون الأعداء" فلفظ "عين " هنا ليس المقصود منها العين الحقيقية وإنما المقصود منها الجاسوس ، و القرينة التي تمنع المعنى الأصلي للفظ هنا أنه لا يمكن القبض على العين فقط دون بقية جسد الجاسوس !
س : لماذا سمي المجاز بالمجاز المرسل ؟
جـ : سمي المجاز بالمجاز المرسل ؛ لأنه غير مقيد بعلاقة واحدة ، كما هو الحال في الاستعارة المقيدة بعلاقة المشابهة فقط ، ولأن علاقاته كثيرة .
& وعلاقات المجاز المرسل كثيرة أهمها:
1 - الجزئية : عندما نعبر بالجزء ونريد الكل .
& قال تعالى: (فتحرير رقبة مؤمنة) فكلمة (رقبة ) مجاز مرسل علاقته الجزئية ؛ لأنه عبر بالجزء (الرقبة)وأراد الكل (الإنسان المؤمن) .
& قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( أصدق كلمةٍ قالها شاعر كلمة لبيد : ألا كُلُّ شيءٍ ما خلا الله باطلُ ) فــ ( كلمة) مجاز مرسل علاقته الجزئية ؛ لأنه عبر بالجزء (كلمة)
وأراد الكل (الكلام) .
2 – الكلية : عندما نعبر بالكل ونريد الجزء .
& قال تعالى: (يجعلون أصابعهم في آذانهم) فــ ( أصابعهم) مجاز مرسل علاقته الكلية ؛ لأنه عبر بالكل (أصابعهم)وأراد الجزء (أناملهم أي أطراف أصابعهم) .
& شربتُ ماء زمزم . فــ ( ماء زمزم) مجاز مرسل علاقته الكلية ؛ لأنه عبر بالكل (ماء زمزم)وأراد الجزء (زجاجة ماء مثلاً) .
3 – المحلّية : عندما نعبر بلفظ المحل ونريد الموجود فيه
& قال الشاعر : بلادي وإن جارت عليّ عزيزة وقومي وإن ضنوا عليّ كراما
فــ ( بلادي) مجاز مرسل علاقته المحلّية ؛ لأنه ذكر البلاد وأراد أهلها فالعلاقة المحلية .
& قال تعالى: (واسأل القرية) فــ ( القرية) مجاز مرسل علاقته المحلّية ؛ لأنه ذكر القرية وأراد أهلها الذين محلهم ومكانهم القرية ، فالعلاقة المحلية .
4 – الحاليّة : عندما نعبر بلفظ الحال ونريد المكان نفسه.
&مثل : (إِنَّ الْأبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ) فقد استعمل (نعيم) وهو دال على حالهم، وأراد محل ومكان النعيم وهو الجنة.
& نزلتُ بالقوم فأكرموني .المجاز المرسل في كلمة القوم ؛ لأن القوم لا يُنزل بهم ، وإنما يُنزل في المكان الذي يسكنه القوم ، فذكر الحال وهو (قوم) وأراد المحل وهو المكان .
5 – السببية :
وهي تسمية الشيء باسم سببه ، أو عندما نعبر بالسبب عن المسبَّب.
&(رعت الماشية الغيث) المجاز في كلمة : الغيث ، فهي في غير معناها الأصلي ؛ لأن الغيث لا يرعى ، وإنما الذي يرعى النبات. حيث أن الغيث سبب للنبات فعُبِّر
بالسبب عن المسبَّب .
6 – المسبَّبِيّة : وهي تسمية الشيء باسم ما تسبب عنه.
&قال تعالى : ( هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ السَّمَاء رِزْقًا ..) المجاز في كلمة : رزقًا ، فهي في غير معناها الأصلي ؛ لأن الذي ينزل من السماء المطر وليس الرزق، وعبر بالرزق عن المطر؛ لأن الأول (الرزق)متسبب عن الثاني(المطر) .
7 - اعتبار ما كان : بأن يستعمل اللفظ الذي وضع للماضي في الحال
&قال تعالى : ( وآتوا اليتامى أموالهم ..) المجاز في كلمة : اليتامى ، فهي في غير معناها الأصلي ؛ لأن اليتيم وهو : من فقد والده قبل الرشد لا يأخذ ماله ، وإنما يأخذ المال عندما يتجاوز سن اليُتْم ويبلغ سن الرشد ، فاستعملت كلمة يتامى وأريد بها الذين كانوا يتامى ، بالنظر إلى حالتهم السابقة .
8 - اعتبار ما سيكون : بأن يستعمل اللفظ الذي وضع للمستقبل في الحال .
& قال تعالى : ( إنَّكَ ميتٌ وإنهم ميتون ) المجاز في كلمة : ميتٌ ، فهي في غير معناها الأصلي ؛ لأن المخاطب بهذا هو النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد خوطب بلفظ (ميت) وهو لا يزال حيًا بالنظر إلى ما سيصير إليه أي باعتبار ما سيكون.
& قال تعالى: (إنّي أراني أعصر خمراً) أي عصيراً سيتحول إلى الخمر، إذ هو حال العصر لا يكون خمراً .
& سر جمال المجاز :
الإيجاز و الدقة في اختيار العلاقة مع المبالغة المقبولة .
البلاغه المحسنات البديعية
تعرف بالزينة اللفظية أو الزخرف اللفظي أو اللون البديعي ؛ فالمحسنات تهتم بتزيين الألفاظ أو المعاني بألوان بديعية.
ومن المحسنات :
الطباق - المقابلة - الجناس - السجع - الازدواج -
التورية - حسن التقسيم - التصريع - مراعاة النظير
أولاً: الطباق
وهو كلمتان متضادتان في المعنى (ذكر الشيء وضده)
والطباق نوعان :
أ- طباق بالإيجاب
مثل ، قال أبو تمام :
نزلت مقدمة المصيف حميدة ويد الشتاء حميدة لا تتكرر
المصيف والشتاء بينهما طباق بالإيجاب
وقال شوقي :
اختلاف النهار والليل ينسى اذكرا لى الصبا وأيام أنسى
بين الليل والنهار طباق بالإيجاب
ب- طباق بالسلب :
وهو ما اختلف فيه الضدان أيجاباً وسلباً
يقول إيليا أبو ماضي :
هشت لك الدنيا فما لك واجماً وتبسمت فعلام لا تتبسم
الطباق بالسلب فى تبسمت ولا تتبسم
ثانياً : المقابلة
وهو التضاد فى المعنى بين أكثر من لفظين (جملة ضد أخرى)
( فليضحكوا قليلاً وليبكوا كثيراً )
ثالثاً : الجناس
هو تشابه كلمتين فى الحروف مع اختلافهما فى المعنى
والجناس نوعان :
تام - ناقص
رابعاً : السجع
هو الموسيقي التى تحدثها أواخر الكلمات ،والسجع لا يأتي إلا فى النثر.
فى المقامة الحلوانية :
لما قفلت من الحج فيمن قفل ، ونزلت حلوان مع من نزل.
فى اختيار الصديق :
وألزمك ذلك من يرفع عيبك ولا ينشر عذرك .
خامساً: الازدواج
هو التوازن فى الإيقاع الصوتي .. توازن الجمل فى الطول والرنين الموسيقي .
أمثلة :
يقول الله تعالى : " ونمارق مصفوفة وزرابي مبثوثة " .
ويقول ابن العميد :
فلم أجد إلا منكرا
ولم ألق إلا مستنكرا
سادساً: التورية
لفظ لا يقصد به المعنى القريب ،ولكن يقصد به المعنى البعيد ، أو كلمة لها معنيان ، قريب غير مقصود وبعيد مقصود
يقول حافظ :
يقولون إن الشوق نار ولوعة فما بال شوقي اليوم أصبح باردا
فكلمة (شوقي) تحمل معنيين قريب غير مقصود ،وهو الشوق وبعيد مقصود ، وهو الشاعر شوقى.
ويرد شوقي على حافظ قائلاً :
أودعت إنسانا وكلبا أمانة فضيعها الإنسان والكلب حافظ
كلمة (حافظ) تورية لم يقصد المعنى القريب ، وهو حفظ الأمانة لكنه قصد المعنى البعيد ، وهو حافظ إبراهيم الشاعر.
ويقول شوقى:
وهفا بالفؤاد فى سلسبيل ظمأ للسواد من عين شمس
ويقول ابن سناء الملك فى الإشادة بجهاد صلاح الدين :
ولا برحت مصر أحق بيوسف من الشام لكن الحظوظ تقسم
سابعاً : حسن التقسيم
هو تقسيم البيت إلى مقاطع متساوية .
يقول ابن رشيق:
ما بين مضطر وبين معذب ومقتل ظلماً وآخر عان
ويقول مطران :
متفرد بصبابتي متفرد بكآبتي متفرد بعنائى
ثامناً : التصريع
وهو يأتى فى أول بيت فى القصيدة ، وهو إذا كان الشطر الأول يوافق الشطر الثاني
يقول المتنبى :
واحر قلباه ممن قلبه شبم ومن بجسمي و حالى عنده سقم
ويقول شوقى :
اختلاف النهار والليل ينسي اذكرا لي الصبا وأيام أنسي
تاسعاً: مراعاة النظير
ذكر الشىء وما يتصل به فى المعنى من غير تضاد
يقول المتنبى:
الخيل والليل والبيداء تعرفني والسيف والرمح والقرطاس والقلم
مراعاة النظير بين القرطاس والقلم
يتبع
السلام عليكم. ملخص للبلاغة واشهر الكتب دعواتكم وبالتوفيق للجميع
البلاغه هي مطابقة الكلام الفصيح لمقتضى الحال
الفصاحة هي الألفاظ البينة الظاهرة المتبادرة إلى الفهم ألمًًًًاانوسه الاستعمال وهي تقع وصف للكلمة أو الكلام أو المتكلم
علم المعاني هو علم يعرف به أحوال اللفظ العربي التي يطابق بها مقتضى الحال
علم البيان هو أصول وقواعد يعرف بها إيراد المعنى الواحد بطرق متعدده وتراكيب متفاوته
علم البديع علم يعرف به وجوه تحسين الكلام
علم البيان
التشبيه – الاستعارة – الكناية – المجاز المرسل
التشبيه :
أسلوب يدل على مشاركة أمر لأمر آخر في صفته الواضحة؛ ليكتسب الطرف الأول ( المشبه) من الطرف الثاني (المشبه به) قوته وجماله.
أو هو : إحداث علاقة بين طرفين من خلال جعل أحدهما - وهو الطرف الأوّل (المشبه)- مشابهاً للطرف الآخر، في صفة مشتركة بينهما .
مثل : محمد كالأسد في الشجاعة – البنت كالقمر في الجمال .
أركان التشبيه :
(1) مُشََّبه : وهو الموضوع المقصود بالوصف ؛ لبيان قوته أو جماله ، أو قبحه .
(2) مُشَبَّه به : وهو الشيء الذي جئنا به نموذجاً للمقارنة ؛ ليعطي للمشبه القوة أو الجمال ، أو القبح ، ويجب أن تكون الصفة فيه أوضح .
(3) ووجه الشبه : وهو الوصف الذي يُستخلص في الذهن من المقارنة بين المشبه و المشبه به، أو هو الصفة المشتركة بين الطرفين المشبه و المشبه به.
(4) وأداة التشبيه : هي الرابط بين الطرفين.
أدوات التشبيه
1 - قد تكون حرفاً ، كـ (الكاف - كأنَّ) .
2 - قد تكون اسماً ، كـ (مثل - شبه - نظير ... ) .
3 - قد تكون فعلاً ، كـ (يحاكي - يشبه – يماثل ...) .
محمد كـ الأسد في الشجاعة
مشبّه أداة تشبيه مشبّه به وجه الشبه
أنواع التشبيه
مفرد مركب
مفصل مجمل بليغ تمثيلي ضمني
(أ) أولاً : التشبيه المفرد : وهو تشبيه لفظ بلفظ .
أنواع التشبيه المفرد
1 – تشبيه مُفَصَّل : عندما نذكر الأركان الأربعة .
ôمثل : العلم كـالنور يهدي كل من طلبه
مشبّهأداة تشبيهمشبّه به وجه الشبه
2 – تشبيه مُجْمَل : وهو ما حُذِف منه وجه الشبه ، أو أداة التشبيه .
ô مثل : العلم كـالنور (حُذِف وجه الشبه )
ô العلم نور يهدي كل من طلبه . (حُذِفت أداة التشبيه )
3 – تشبيه بليغ : وهو ما حُذِف منه وجه الشبه و الأداة ، وبقي الطرفان الأساسيان المشبه و المشبه به .
ôمثل : الجهل موت والعلم حياة .
ô الصور التي يأتي عليها التشبيه البليغ :
أ – المبتدأ والخبر :
ôمثل : الحياة التي نعيشها كتاب مفتوح للأذكياء .
ب- المفعول المطلق :
ôمثل: تحلق طائراتنا في الجو تحليق النسور - مشى الجندي مشى الأسد
جـ- المضاف(المشبه به) والمضاف إليه(المشبه) :
ôمثل : كتاب الحياة - ذهب الأصيل على لُجَين الماء . الأصيل (وقت الغروب ) و اللجين (الفضة)
.. أي الأصيل كالذهب والماء كاللجين.
د- الحال وصاحبهـا :
ôمثل : هجم الجندي على العدو أسداً .
هـ- اسم إن وخبرها :
ô مثل : إنك شمس .
أركان التشبيه
الركنان الأساسيان في أركان التشبيه الأربعة هما: (المشبه والمشبه به ) ، وإذا حُذِفَ أحدهما أصبحت الصورة استعارة ؛ فالاستعارة تشبيه بليغ حذف أحد طرفيه .
- أما أداة التشبيه ووجه الشبه فهما ركنان ثانويان حذفهما يعطي التشبيه جمالاً أكثر وقوة .
(ب) ثانياً : التشبيه المركب
ô أنواع التشبيه المركب :
1 – تشبيه تمثيلي :
هو تشبيه صورة بصورة ووجه الشبه فيه صورة منتزعة من أشياء متعددة .
ôمثل : قول الله تعالى :
(مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ )(البقرة: من الآية261) .
شبه الله سبحانه وتعالى هيئة الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ابتغاء مرضاته ويعطفون على الفقراء و المساكين بهيئة الحبة التي أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة ، والله سبحانه وتعالى يضاعف لمن يشاء .
ôو كقول علي الجارم في العروبة :
توحّد حتى صار قلباً تحوطه قلوب من العُرْب الكرام وأضلع
حيث شبه هيئة الشرق المتحد في الجامعة العربية يحيط به حب العرب وتأييدهم بهيئة القلب الذي تحيط به الضلوع .
ôقال تعالى في شأنِ اليهود :
(مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً ...) (الجمعة:5).
حيث شبهت الآية حالة وهيئة اليهود الذين حُمَّلوا بالتوراة ثم لم يقوموا بها ولم يعملوا بما فيها بحالة الحمار الذي يحمل فوق ظهره أسفاراً (كتباً)، فهي بالنسبة إليه لا تعدو(لا تتجاوز) كونها ثقلاً يحمله .
2 – تشبيه ضمني :
وهو تشبيه خفي لا يأتي على الصورة المعهودة ولايُصَرح فيه بالمشبه و المشبه به ، بل يُفْهم ويُلْمح فيه التشبيه من مضمون الكلام ، ولذلك سُمّي بالتشبيه الضمني ، وغالباً ما يكون المشبه قضية أو ادعاء يحتاج للدليل أو البرهان ، ويكون المشبه به هو الدليل أو البرهان على صحة المعنى .
باختصار التشبيه الضمني قضية وهي (المشبه) ، والدليل على صحتها (المشبه به) .
ôمثل : قال المتنبي في الحكمة :
من يهُن يسهُل الهوان عليه مـا لجُـرحٍ بميّت إيـلامُ
ما سبق نلمح فيه التشبيه ولكنه تشبيه على غير المتعارف ، فهو يشبه الشخص الذي يقبل الذل دائماً ، وتهون عليه كرامته ، ولا يتألم لما يمسها ، بمثل حال الميت فلو جئت بسكين ورحت تقطع أجزاء من جسده ما تألم ولا صرخ ولا شكى ولا بكى ؛ لأنه فقد أحاسيس الحياة ، وبذلك يكون الشطر الثاني تشبيهاً ضمنياً ؛ لأنه جاء برهاناً ودليلاً على صحة مقولته في الشطر الأول.
ôقال ابن الرومي :
قَدْ يَشِيب الْفَتَى وَلَيْسَ عجيباً أَنْ يُرَى النَّورُ فِى الْقَضِيبِ الرَّطيبِ (النور : الزهر الأبيض- ****** : الغصن)
يقول الشاعر : إن الشاب الصغير قد يشيب قبل أوان الشيب ، وهذا ليس بالأمر العجيب، وليدلل على صحة مقولته أتى لنا بالدليل و هو أن الغصن الغض الصغير الذي مازال ينمو قد يظهر فيه الزهر الأبيض، فهو لم يأْت بتشبيه صريح ولم يقل : إن الفتى وقد وخطه الشيب كالغصن الرطيب حين إزهاره ، ولكنه أتى بذلك ضمناً .
ملحوظة
التشبيه الضمني لا تذكر فيه أداة التشبيه أبداً ، بينما التشبيه التمثيلي غالباً تذكر فيه أداة التشبيه " مثل " .
ô سر جمال التشبيه: (التوضيح أو التشخيص أو التجسيم) .
*** الاستعارة ****
& الاستعارة : تشبيه بليغ حذف أحد طرفيه .
نفهم من الكلام السابق أن التشبيه لابد فيه من ذكر الطرفين الأساسين وهما (المشبه والمشبه به) فإذا حذف أحد الركنين لا يعد تشبيهاً بل يصبح استعارة .
لاحظ الفرق بين : محمد أسد - رأيت أسداً يتكلم - محمد يزأر وهو يفترس الأعداء .
& أنـواع الاستعـارة :
(أ) استعارة تصريحية : وهى التي حُذِفَ فيها المشبه(الركن الأول) وصرح بالمشبه به .
&مثل : نسي الطين ساعة أنه طين .. شبه الشاعر الإنسان بالطين ثم حذف المشبه (الإنسان)وذكر المشبه به (الطين)على سبيل الاستعارة التصريحية .
&مثل قوله تعالى الله وليُّ الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور ) .. شبه الكفر بالظلمات والإيمان بالنور ثم حذف المشبه (الكفر والإيمان) وذكر المشبه به
(الظلمات والنور)على سبيل الاستعارة التصريحية .
& ( في قلوبهم مرض ) ، ( واعتصموا بحبل الله ) .. بين الاستعارة بنفسك .
(ب) - استعارة مكنية : وهى التي حُذِفَ فيها المشبه به(الركن الثاني) وبقيت صفة من صفاته ترمز إليه .
&مثل : حدثني التاريخ عن أمجاد أمتي فشعرت بالفخر والاعتزاز .
المحذوف المشبه به ، فالأصل : التاريخ يتحدث كالإنسان ، ولكن الإنسان لم يذكر وإنما ذكر في الكلام ما يدل عليه وهو قوله : حدثني (فالدليل على أنها استعارة : أن التاريخ لا يتكلم).
&ومثل ماسبق : طار الخبر في المدينة .. استعارة مكنية فلقد صورنا الخبر بطائر يطير ، وحذفنا الطائر وأتينا بصفة من صفاته (طار) ، (فالدليل على أنها استعارة : أن الخبر لا يطير). .
&يهجم علينا الدهر بجيش من أيامه ولياليه - وتبنى المجد يا عمر بن ليلى - صحب الناس قبلنا ذا الزمانا- شاكٍ إلى البحر .. بين الاستعارة بنفسك .
(جـ) – الاستعارة التمثيلية : أصلها تشبيه تمثيلي حُذِفَ منه المشبه وهو (الحالة والهيئة الحاضرة) وصرح بالمشبه به وهو (الحالة والهيئة السابقة) مع المحافظة على كلماتها وشكلها وتكثر غالباً في الأمثال عندما تشبه الموقف الجديد بالموقف الذي قيلت فيه .
&مثل : لكل جواد كبوة - رجع بخفي حنين - سبق السيف العذل - فمن يزرعِ الشوك يجنِ الجراح .
& سر جمال الاستعارة : (التوضيح أو التشخيص أو التجسيم ) .
الكناية
&هي تعبير لا يقصد منه المعنى الحقيقي ، و إنما يقصد به معنى ملازم للمعنى الحقيقي .
& أو هي : تعبير استعمل في غير معناه الأصلي(الخيالي) الذي وضع له مع جواز إرادة المعنى الأصلي (الحقيقي) .
.. لتوضيح الكلام السابق بمثال يقول (أبي نظيف اليد) من الواضح أن المعنى الحقيقي هنا ليس مقصوداً وهو معنى غسل اليد و نظافتها من الأقذار ، وإنما يقصد المعنى الخيالي الملازم لذكر هذه العبارة الذي يتولد ويظهر في ذهننا من: (العفة أو الأمانة، أو النزاهة أو الترفع أو نقاء الضمير..) وما شابه ذلك من المعاني المجردة حسب سياق الحديث ، وهذه هي الكناية معنى ملازم للمعنى الحقيقي.
&مثال:قال تعالى (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ)(الفرقان: من الآية27) .
لو تأملنا الآية السابقة نجد أن المقصود من هذه الآية ليس المعنى الحقيقي وهو عضاليدين، وإنما يقصد المعنى الخيالي الملازم لذكر هذه الآية الذي يتوّلد ويظهر في ذهننا من: (الندم الشديد) حيث إن من ظلم نفسه بكفره بالله ورسوله ولم يستجب لدعوة الإيمان يرى مصيره المرعب يوم القيامة ألا وهو النار فيندم على ما كان منه في الحياة في وقت لا ينفع يه الندم ، فيعض على يديه .
& أنواع الكناية :
1 – كناية عن صفة :
وهى التي يكنى بالتركيب فيها عن صفة لازمة لمعناه (كالكرم – العزة – القوة – الكثرة ...)
&مثال : قال تعالى (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ)
كناية عن صفة البخل كناية عن صفة التبذير
&فلان ألقى سلاحه (كناية عن الاستسلام) .
&فلان نقي الثوب ( كناية عن النزاهة والطهارة ) .
2 – كناية عن موصوف : وهى التي يكنى بالتركيب فيها عن ذات أو موصوف (العرب – اللغة – السفينة) وهى تفهم من العمل أو الصفة أو اللقب الذي انفرد به الموصوف .
&مثال :(فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ ) كناية عن سيدنايونس .
&قال الشاعر : يا ابنة اليم ما أبوك بخيل كناية عن السفينة .
3– كناية عن نسبة : وهى التي يصرح فيها بالصفة ولكنها تنسب إلى شئ متصل بالموصوف (كنسبته إلى الفصاحة – البلاغة – الخير) حيث نأتي فيها بصفة لا تنسب إلى الموصوف مباشرة بل تنسب إلى شيء متصل به ويعود عليه .
&مثال : قال الشاعر : أبو نواس في مدح والي مصر :
فما جازه جود ولا حل دونه ولكن يسير الجود حيث يسير
فقد نسب الجود إلى شيء متصل بالممدوح وهو المكان الذي يوجد فيه ذلك الممدوح
&مثال : الفصاحة في بيانه والبلاغة في لسانه
كناية عن نسبة هذا الشخص إلى الفصاحة ؛لأنها في بيانه وإلى البلاغة ؛ لأنها في لسانه .
&مثال : ( الفضل يسير حيث سار فلان ) كناية عن نسبة الفضل إليه.
&سر جمال الكناية :
الإتيان بالمعنى مصحوبا بالدليل عليه في إيجاز وتجسيم.
س : كيف أفرق بين الكناية والاستعارة ؟
جـ : الفرق أن في الاستعارة هناك قرينة تمنع وجود المعنى الحقيقي، فحين أقول: رأيت أسداً يحكي بطولاته ، فـ( أسد ) هنا استعارة، والقرينة (يحكي) وهذه القرينة مانعة لإرادة المعنى الحقيقي ، فلا يوجد أسد يحكي أو يتكلم ، بينما في الكناية لا توجد قرينة تمنع وجود المعنى الحقيقي، فحين أقول : (عتريس يده طويلة) فيجوز إرادة المعنىالحقيقي وهو طول اليد ، كما يجوز إرادة المعنىالخيالي الذي يختفي خلف المعنى الحقيقي و هو أنه لص .
المجاز المرسل
& هو اللفظ المستعمل في غير ما وضع له لعلاقة غير المشابهة ، ويجب أن تكون هناك قرينة تمنع المعنى الأصلي للفظ .
&أو هو كلمة لها معنى أصلي لكنها تستعمل في معنى آخر على أن يوجد علاقة بين المعنيين دون أن تكون علاقة مشابهة ، وتعرف تلك العلاقة من المعنى الجديد المستخدمة فيه الكلمة .
& مثال لذلك : " قبضنا على عين من عيون الأعداء" فلفظ "عين " هنا ليس المقصود منها العين الحقيقية وإنما المقصود منها الجاسوس ، و القرينة التي تمنع المعنى الأصلي للفظ هنا أنه لا يمكن القبض على العين فقط دون بقية جسد الجاسوس !
س : لماذا سمي المجاز بالمجاز المرسل ؟
جـ : سمي المجاز بالمجاز المرسل ؛ لأنه غير مقيد بعلاقة واحدة ، كما هو الحال في الاستعارة المقيدة بعلاقة المشابهة فقط ، ولأن علاقاته كثيرة .
& وعلاقات المجاز المرسل كثيرة أهمها:
1 - الجزئية : عندما نعبر بالجزء ونريد الكل .
& قال تعالى: (فتحرير رقبة مؤمنة) فكلمة (رقبة ) مجاز مرسل علاقته الجزئية ؛ لأنه عبر بالجزء (الرقبة)وأراد الكل (الإنسان المؤمن) .
& قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( أصدق كلمةٍ قالها شاعر كلمة لبيد : ألا كُلُّ شيءٍ ما خلا الله باطلُ ) فــ ( كلمة) مجاز مرسل علاقته الجزئية ؛ لأنه عبر بالجزء (كلمة)
وأراد الكل (الكلام) .
2 – الكلية : عندما نعبر بالكل ونريد الجزء .
& قال تعالى: (يجعلون أصابعهم في آذانهم) فــ ( أصابعهم) مجاز مرسل علاقته الكلية ؛ لأنه عبر بالكل (أصابعهم)وأراد الجزء (أناملهم أي أطراف أصابعهم) .
& شربتُ ماء زمزم . فــ ( ماء زمزم) مجاز مرسل علاقته الكلية ؛ لأنه عبر بالكل (ماء زمزم)وأراد الجزء (زجاجة ماء مثلاً) .
3 – المحلّية : عندما نعبر بلفظ المحل ونريد الموجود فيه
& قال الشاعر : بلادي وإن جارت عليّ عزيزة وقومي وإن ضنوا عليّ كراما
فــ ( بلادي) مجاز مرسل علاقته المحلّية ؛ لأنه ذكر البلاد وأراد أهلها فالعلاقة المحلية .
& قال تعالى: (واسأل القرية) فــ ( القرية) مجاز مرسل علاقته المحلّية ؛ لأنه ذكر القرية وأراد أهلها الذين محلهم ومكانهم القرية ، فالعلاقة المحلية .
4 – الحاليّة : عندما نعبر بلفظ الحال ونريد المكان نفسه.
&مثل : (إِنَّ الْأبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ) فقد استعمل (نعيم) وهو دال على حالهم، وأراد محل ومكان النعيم وهو الجنة.
& نزلتُ بالقوم فأكرموني .المجاز المرسل في كلمة القوم ؛ لأن القوم لا يُنزل بهم ، وإنما يُنزل في المكان الذي يسكنه القوم ، فذكر الحال وهو (قوم) وأراد المحل وهو المكان .
5 – السببية :
وهي تسمية الشيء باسم سببه ، أو عندما نعبر بالسبب عن المسبَّب.
&(رعت الماشية الغيث) المجاز في كلمة : الغيث ، فهي في غير معناها الأصلي ؛ لأن الغيث لا يرعى ، وإنما الذي يرعى النبات. حيث أن الغيث سبب للنبات فعُبِّر
بالسبب عن المسبَّب .
6 – المسبَّبِيّة : وهي تسمية الشيء باسم ما تسبب عنه.
&قال تعالى : ( هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ السَّمَاء رِزْقًا ..) المجاز في كلمة : رزقًا ، فهي في غير معناها الأصلي ؛ لأن الذي ينزل من السماء المطر وليس الرزق، وعبر بالرزق عن المطر؛ لأن الأول (الرزق)متسبب عن الثاني(المطر) .
7 - اعتبار ما كان : بأن يستعمل اللفظ الذي وضع للماضي في الحال
&قال تعالى : ( وآتوا اليتامى أموالهم ..) المجاز في كلمة : اليتامى ، فهي في غير معناها الأصلي ؛ لأن اليتيم وهو : من فقد والده قبل الرشد لا يأخذ ماله ، وإنما يأخذ المال عندما يتجاوز سن اليُتْم ويبلغ سن الرشد ، فاستعملت كلمة يتامى وأريد بها الذين كانوا يتامى ، بالنظر إلى حالتهم السابقة .
8 - اعتبار ما سيكون : بأن يستعمل اللفظ الذي وضع للمستقبل في الحال .
& قال تعالى : ( إنَّكَ ميتٌ وإنهم ميتون ) المجاز في كلمة : ميتٌ ، فهي في غير معناها الأصلي ؛ لأن المخاطب بهذا هو النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد خوطب بلفظ (ميت) وهو لا يزال حيًا بالنظر إلى ما سيصير إليه أي باعتبار ما سيكون.
& قال تعالى: (إنّي أراني أعصر خمراً) أي عصيراً سيتحول إلى الخمر، إذ هو حال العصر لا يكون خمراً .
& سر جمال المجاز :
الإيجاز و الدقة في اختيار العلاقة مع المبالغة المقبولة .
البلاغه المحسنات البديعية
تعرف بالزينة اللفظية أو الزخرف اللفظي أو اللون البديعي ؛ فالمحسنات تهتم بتزيين الألفاظ أو المعاني بألوان بديعية.
ومن المحسنات :
الطباق - المقابلة - الجناس - السجع - الازدواج -
التورية - حسن التقسيم - التصريع - مراعاة النظير
أولاً: الطباق
وهو كلمتان متضادتان في المعنى (ذكر الشيء وضده)
والطباق نوعان :
أ- طباق بالإيجاب
مثل ، قال أبو تمام :
نزلت مقدمة المصيف حميدة ويد الشتاء حميدة لا تتكرر
المصيف والشتاء بينهما طباق بالإيجاب
وقال شوقي :
اختلاف النهار والليل ينسى اذكرا لى الصبا وأيام أنسى
بين الليل والنهار طباق بالإيجاب
ب- طباق بالسلب :
وهو ما اختلف فيه الضدان أيجاباً وسلباً
يقول إيليا أبو ماضي :
هشت لك الدنيا فما لك واجماً وتبسمت فعلام لا تتبسم
الطباق بالسلب فى تبسمت ولا تتبسم
ثانياً : المقابلة
وهو التضاد فى المعنى بين أكثر من لفظين (جملة ضد أخرى)
( فليضحكوا قليلاً وليبكوا كثيراً )
ثالثاً : الجناس
هو تشابه كلمتين فى الحروف مع اختلافهما فى المعنى
والجناس نوعان :
تام - ناقص
رابعاً : السجع
هو الموسيقي التى تحدثها أواخر الكلمات ،والسجع لا يأتي إلا فى النثر.
فى المقامة الحلوانية :
لما قفلت من الحج فيمن قفل ، ونزلت حلوان مع من نزل.
فى اختيار الصديق :
وألزمك ذلك من يرفع عيبك ولا ينشر عذرك .
خامساً: الازدواج
هو التوازن فى الإيقاع الصوتي .. توازن الجمل فى الطول والرنين الموسيقي .
أمثلة :
يقول الله تعالى : " ونمارق مصفوفة وزرابي مبثوثة " .
ويقول ابن العميد :
فلم أجد إلا منكرا
ولم ألق إلا مستنكرا
سادساً: التورية
لفظ لا يقصد به المعنى القريب ،ولكن يقصد به المعنى البعيد ، أو كلمة لها معنيان ، قريب غير مقصود وبعيد مقصود
يقول حافظ :
يقولون إن الشوق نار ولوعة فما بال شوقي اليوم أصبح باردا
فكلمة (شوقي) تحمل معنيين قريب غير مقصود ،وهو الشوق وبعيد مقصود ، وهو الشاعر شوقى.
ويرد شوقي على حافظ قائلاً :
أودعت إنسانا وكلبا أمانة فضيعها الإنسان والكلب حافظ
كلمة (حافظ) تورية لم يقصد المعنى القريب ، وهو حفظ الأمانة لكنه قصد المعنى البعيد ، وهو حافظ إبراهيم الشاعر.
ويقول شوقى:
وهفا بالفؤاد فى سلسبيل ظمأ للسواد من عين شمس
ويقول ابن سناء الملك فى الإشادة بجهاد صلاح الدين :
ولا برحت مصر أحق بيوسف من الشام لكن الحظوظ تقسم
سابعاً : حسن التقسيم
هو تقسيم البيت إلى مقاطع متساوية .
يقول ابن رشيق:
ما بين مضطر وبين معذب ومقتل ظلماً وآخر عان
ويقول مطران :
متفرد بصبابتي متفرد بكآبتي متفرد بعنائى
ثامناً : التصريع
وهو يأتى فى أول بيت فى القصيدة ، وهو إذا كان الشطر الأول يوافق الشطر الثاني
يقول المتنبى :
واحر قلباه ممن قلبه شبم ومن بجسمي و حالى عنده سقم
ويقول شوقى :
اختلاف النهار والليل ينسي اذكرا لي الصبا وأيام أنسي
تاسعاً: مراعاة النظير
ذكر الشىء وما يتصل به فى المعنى من غير تضاد
يقول المتنبى:
الخيل والليل والبيداء تعرفني والسيف والرمح والقرطاس والقلم
مراعاة النظير بين القرطاس والقلم
يتبع

علم البديع
مقسم إلى 15. درس
الدرس الأول (المُسند والمُسند إليه) (دورة علم المعاني)
الدرس الأول
مقدمة عامة
يُحبُّ كل واحد منَّا أن يكون حديثه واضحًا، ومقصده جَليَّا، فيوصلُ المعنى الذي يريدهُ إلى المُخاطَب، غير أن ذلك لا يتأتَّى للمتكلم إلا إذا راعى اختلافَ الظروف التي يكونُ عليها المُخاطَب، بما يقتضيه إيرادُ الكلام بصورةٍ تنُاسِبُ حالته التي يكون عليها، وهذا ما أسماه البلاغيون(مقتضى حال المخاطب) فإنَّ ما يصلحُ لخطاب العاقل المتَّزنِ لا يصلحُ لخطاب الجاهل، وما يصلحُ لخطاب العامَّة لا يصلحُ الخاصة، وكذلك فإن ما يصلحُ تقديمه في ٌموقف يلزم تأخيره في آخر ، وما يجدُر ذكره في سياق يجدُرُ حذفه في سياق آخر.
ولقد تنبَّه علماءُ البلاغة إلى الأصول والقواعد التي يُعرفُ بها مُطابقة أحوال الكلام لمقتضى حال المُخاطَب وعدُّوها عٍلمًا من علوم البلاغة أسمًوْه (علم المعاني) ومن المعروف أن أصل هذا العلم هو نظريةُ النَّظم التي وضعها عبد القاهر الجرجاني(ت 471هـ) الأمر الذي فتح الباب للعلماء من بعده للخوض في مضمار هذا العلم والبحث فيه
كيف عرَّف العلماء علم المعاني ؟
لقد جاءت التعريفات متقاربة المعنى:
علم المعاني: هو علميعرف به أحوال اللفظ العربي التي بها يطابق مقتضى الحال) (1)
,ومن التعريفات : هو علميعرف به أحوال الكلام العربي التي تهدي العالم بها إلى اختيار ما يطابق منها مقتضىأحوال المخاطبين رجاء أن يكون ما ينشئ من كلام أدبي بليغا (2(
وعرَّفه آخرون: هوعلم نظم الألفاظ والعبارات على أسلوب معين يراعى فيه أمران هما: قواعدالنحو ومطابقة الكلام لمقتضى الحال (3)
ما الاستفادة من علم البيان؟
نستفيد من علمالمعاني أمرا مهما هو أنه (لا ترادف بين الجمل: بل لكل ترتيب دلالة خاصة، وفيه معنىليس في الآخر، وإن أي تغيير يطرأ على التركيب بتقديم أو تأخير، او حذف أو ذكر، أوتأكيد أو تركه..الخ يؤدي إلى تغيير في معناه) (4)
1- ـ الإيضاح للقزويني
2- ـ البلاغة العربية للميداني 1 / 138
3- البلاغةالعربية (علم المعاني) وليد قصاب ـ ص 15
4- ـ البلاغة العربية لقصاب 17
الإسناد
·المُسند إليه والمُسند
كلنا يعلمُ أن َّالكلماتِ منفردة لا تعطي معنى تامَّا، بل معاني لغويةُّ مجتزأة، ولكي تفيدَ معنًى تامًا لا بدَّ من ربطهما معا وضم بعضها إلى بعض، وهذا ما يُسميه البلاغيون (الإسناد) فكلمةُ (الصدق) وحدها تعني (قول الحق) وهو معنى غير تام، وكلمة (مَنجاة) تعني( الخلاص) وهو معنى غير تام أيضا، إلا أننا بضم الكلمتين إلى بعض في قولنا (الصدقُ مَنجاةٌ) نكون قد أتممنا المعنى المُراد، وذلك بحكم مُثبت أقمناه على (الصدق) بأنه (منجاة) ووجود الحكم يعني وجود محكوم عليه، ومحكوم به فهل لك أن تحددهما في جملة (الصدق منجاة)؟
والآن تعالوا بنا إلى جملة جديدة هي :
ليس الكذبُ بمنجاةٍ
إننا بضم كلمات هذه الجملةِ بعضها إلى بعض نكون قد خَلصنا إلى معنى تام، وذلك بحكم منفي أقمناه على الكذبِ بأنه ليس بمنجاةٍ، ووجود الحكم يعني وجود محكوم عليه ومحكوم به فهل لك أن تحددهما في جملة (ليس الكذب بمنجاة)؟
نتبين مما سبق أن ضم َكلمةٍ إلى أخرى على وجه يفيدُ الحكم بإحداهما على الأخرى ثبوتًا أو نفيًا هو الإسناد
(1)
تدريب:
بيَّن الإسناد فيما تحته خط بذكر المحكوم به، والمحكوم عليه، والحالة التي أتى عليها الحكم ثبوتا أو نفيا.
1- السَّيْفُ أَصْدَقُ إنْبَاءً مِنَ الكُتُبِ..ِفي حَدهِ الحَدُّ بَيْنَ الجِد واللَّعِبِ
2ش- فَشَكَكْتُ بِالرُّمْحِ الأَصَمِّ ثِيابـهُ….ليسَ الكَريمُ على القَنابِمُحَرَّمِ
3- الركنان الأساسيّان في قول الشاعر:
ومن غدا لابساً ثوب النعيمبلا شكر فإنّ الله ينزعه
أ- فإنّ الله. ..... ب- ثوب النعيم. .....جـ- لابسًا ثوب. .....د- الله ينزعه.
4- " إذا جاء نصر الله والفتح "
المسند في الآية السّابقة:
أ – نصر...... ب- إذا. ......جـ- جاء ........ د – الفتح.
5- "وبلغت القلوب الحناجر "
المسند إليه في الآية السّابقة:
أ - بلغ. ....ب- الضمير...... جـ – القلوب. .........د- الحناجر.
6- المسند في الجملة الاسميّة هو :
أ- المبتدأ ......ب- الخبر ...... جـ-الصفة. .....د- الفاعل.
7- المسند إليه في قوله تعالى: "إنّ الله خبير بما تعمل"
أ – إنّ . .....ب – الله. .....جـ – .....خبير. ......د – بما.
ثانيا: عرفنا سابقًا أنَّ الإسناد يتكون من المحكوم عليه والمحكوم به، وقد أطلق البلاغيون على الأول (المُسند إليه) وعلى الثاني(المُسند) وهما ركنا الجملة في العربية، سواءً أكانت هذه الجملة اسمية أم فعلية، أم ما يجري مجراهما " تحول البنية في ركني الجملة" وما زاد على هذين الركنين في الجملة يسمى (قَيْدًا) ولنا أن نقول زيادة في التوضيح: أن المسند إليه هو المُخْبَرُ عنه، والمُسند هو المُخبّرُ به في الجملة. ففي قول الشاعر:
مقالةُ السُّوء إلى أهلها .... أسرَعُ من مُنْحَدر سائلِ
تجد أن المسند إليه (مقالة السوء) والمسند (أسرع) أما الجار والمجرور في الشطر الأول (إلى أهلها) وفي الشطر الثاني (من منحدر سائل) فهما قيد.
نتبين مما سبق أن ركنيّ الجملة في العربية هما:
أ- المسند إليه ب- المُسند وما زاد عليهما فهو قيد
الدرس الثاني
أحوال المسند والمسند إليه
حتى نتبين أحوال المسند والمسند إليه دعونا ننظر في الأمثلة التالية:
1-قال تعالى :" اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مَّعْرِضُونَ) الأنبياء: 1
2-قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) البقرة : 183
3-قال شوقي:
العِلمُ بَنَّاءُ المَآ... ثِر والمَمالكِ مِنْ قديمِ
كَسَروا بهِ نِيرَ الهوا...نِ وحَطَّموا ذُلَّ الشَّكيمِ
4-قال عمرو بن معديكربالزبيدي
لَيْسَالجَمالُ بِمِئْزَرٍ، ... فاعْلَمْ، وإِنْ رُدِّيتَبُرْدَا
إِنَّالجَمالَ مَعادِنٌ ... ومَناقِبٌ أَوْرَثْنَ مَجْدَا
5- قال الشاعر:
هي الدنيا تقول بملء فيها... حَذارِ حذارِ من بطشي وفتكي
6- قال الشاعر:
يا قابلَ التوب غُفرانًا مآثمُ قد.... أسلَفْتُها أنا منها خائفٌ وَجِلُ
إننا نرى أنَّ المُخبر عنه وهو المسند إليه في الآية الأولى هو (حسابُهم) ووقع في الآية فاعلا، والمُخْبَر به وهو المسند (اقترب) قد وقع في الآية فعلا تامًا
كما نرى كذلك أن المسند إليه في الآية الثانية هو (الصيام) ووقع في الآية نائب فاعل، والمسند (كُتبَ) قد وقع في الآية فعلا تامًا.
أما في البيت الأول لشوقي نجد أن المسند إليه هو(العلم) وقع مبتدأ، والمسند (بنَّاء المآثر) وقع خبرا، وفي البيت الأول للزبيدي نجد أن المسند إليه هو (الجمال) وقع اسمًا لليس، وقد كان في الأصل مبتدأ قبل دخول ليس عليه، والمسند (بمئزر) وقع خبرا لليس، وكان في الأصل خبرا للمبتدأ قبل دخول ليس عليه.
ولو تاملنا المثال الخامس، لوجدنا أن المسند هو (اسم الفعل - حذار) وأن المسند إليه هو الفاعل الضمير المستتر وتقديره (أنت)
ولو دققنا النظر في المثال السادس، لوجدنا أن المسند هو المصدر النائب عن فعله (غفرانًا) وأن المسند إليه هو الفاعل الضمير المستتر وتقديره (أنت)
نلخص للقول :
من الأحوال التي يأتي عليها المسند إليه :
الفاعل ونائب الفاعل، والمبتدأ ، وما كان أصله مبتدأ.
من الأحوال التي يأتي عليها المُسند:
الفعل التام، والخبر، وما كان أصله خبرا، كخبر كان وأخواتها
واسم الفعل، والمصدر النائب عن فعل الأمر
اللهم وفقنا لما فيه الخير
الدرس الثالث (الخبر وال*****) دورة علم المعاني
الدرس الثالث
الخبرُ وال*****
الخبر
من المعروفِ لدينا أنَّ الكلامَ يتكونُ من جملةٍ مفيدةٍ أو أكثر، وهذه الجملة تقسم إلى قسمين: إسمية وفعلية، وهذا التقسيمُ جاء من وُجهةِ نحويَّة.
ولكن كيف يكونُ هذا التقسيم من وُجهة بلاغيَّة ؟
حتى نجيبَ عن هذا التَّساؤُل لننظر في قول أبي البقاء الرُّنديّ:
لكُلِّ شيءٍ إذا ما تمَّ نُقصانُ .... فلا يُغَرُّ بطيبِ العَيْشِ إنسانُ
الشاعر في الشطر الأول يُخبرنا أن الأشياءَ بعد تَمامها تَؤول إلى النقصان، ولكن ما موقفكَ أنتَ في ما أخبرنا به شاعرنا؟
أنكَ تقفُ من هذا الخبر أحدَ موقفين:
الأول: تصديق هذا الخبر وإثباته بالأدلة المستندة إلى الواقع
وهذه الحال تكون عند سماعنا الأخبار الآتية:
تزدادُ أعدادُ الطلبة عامًا بعد عامٍ
ضَربَ إعصارٌ قويٌّ جنوبَ أمريكا
في الاتحادِ قُوةٌ
فالكلام الذي يَصحُّ فيه احتمال الصدق أو الكذب، هو ما أَطلقَ عليه البلاغيون (الخَبَر)
نتبين مما سبق أنَّ:
الكلام الذي يحتمل الصدق أو الكذب هو (الخبر) وصدقه هو مطابقته للواقع، وكذبه هو عدم مطابقته للواقع
ال*****
لو دققنا النظر في الأمثلة الآتية:
لا تُؤجلْ عملَ اليومِ إلى الغَدِ
أينَ تقعُ مكَّة؟
يا بنيَّ إنَّ الخلودَ إلى الكسلِ مَضيعةٌ للوقتِ
لعلنا نلاحظ أن الكلام السابق لا يَصحُّ فيه الصدق أو الكذب، هو ما أطلق عليه البلاغيون (ال*****)
ولو أعدنا النظر في الشطر الثاني من بيت الرنديّ، لوجدنا أن الشاعر يَنْهى الناس عن الانخداعِ بطيبِ العيْشِ والرُّكون إليه دون أخذ الحِيطةِ من اختلاف الأيام وتبدُّلها، فهو لا يخبرنا عن حصول شيء أو عدم حصوله، لكي نحكم عليه بالصدق أو الكذب، وكذلك الحال لو قلنا:
قلِ الحقَّ ولو على نَفسك.
نتبين مما سبق أن
الكلام الذي لا يحتمل الصدق أو الكذب هو (ال*****) ويكون بالأمر والنهي والاستفهام والنداء والتمني
أمثلة على ال*****
(1) الأمر:
الأمر طلب الفعل بالقول على جهة الاستعلاء نعني بـــ (على جهة الاستعلاء) يخرج به طلب الفعل ممن لا يرى في نفسه علوا كالالتماس والدعاء، ومن أمثلته قوله -سبحانه-:" يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ"
وقد يأتي الأمر بصيغ أخرى، مثل صيغة(لتفعل)، فعل مضارع مسبوق بلام الأمر، ومنه قوله -سبحانه ( وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ) ومن صيغه أيضا الأمر الصريح بالأمر: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) فهذا خبر في الظاهر، لكنه في حقيقته أمر وطلب، وكذلك اسم فعل الأمر، وكذلك صيغة "عليك": يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ ومنه قوله -سبحانه-: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ
(2) النهي:
والمراد بالنهي: طلب ترك بالقول على جهة الاستعلاء. ومن أمثلته قوله -سبحانه-: وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا هذا نهي، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ
(3) الإباحة:
ومن أمثلته قوله -سبحانه-: وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا هنا للتخيير والتسوية.
(4) النداء:
يقول جميل :
ألا يا عباد الله قوموا لتسمعوا خصومة معشوقين يختصمان
(5) التعجب:
كما هو على أحد القولين في تفسير قوله تعالى: فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ
ومنه قول عمر بن أبي ربيعة :
فيالك من ليل تقاصر طوله و ما كان ليلي قبل ذلك يقصر
(6) التمني
ألا ليت الشباب يعود يومًا .... فاخبره بما فعل المشيب
(7) الاستفهام.
والاستفهام في الأصل أنه *****، لفظا ومعنى، ولكنه إذا كان استفهاما إنكاريا فإن حقيقته الخبر، مثل قوله -سبحانه-: هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا هذا ظاهره الاستفهام، والمراد به النفي، أنه ليس له -سبحانه- مماثل.
أمثلة على ال*****
(1) الأمر:
الأمر طلب الفعل بالقول على جهة الاستعلاء نعني بـــ (على جهة الاستعلاء) يخرج به طلب الفعل ممن لا يرى في نفسه علوا كالالتماس والدعاء، ومن أمثلته قوله -سبحانه-:" يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ"
وقد يأتي الأمر بصيغ أخرى، مثل صيغة(لتفعل)، فعل مضارع مسبوق بلام الأمر، ومنه قوله -سبحانه ( وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ) ومن صيغه أيضا الأمر الصريح بالأمر: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) فهذا خبر في الظاهر، لكنه في حقيقته أمر وطلب، وكذلك اسم فعل الأمر، وكذلك صيغة "عليك": يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ ومنه قوله -سبحانه-: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ
(2) النهي:
والمراد بالنهي: طلب ترك بالقول على جهة الاستعلاء. ومن أمثلته قوله -سبحانه-: وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا هذا نهي، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ
(3) الإباحة:
ومن أمثلته قوله -سبحانه-: وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا هنا للتخيير والتسوية.
(4) النداء:
يقول جميل :
ألا يا عباد الله قوموا لتسمعوا خصومة معشوقين يختصمان
(5) التعجب:
كما هو على أحد القولين في تفسير قوله تعالى: فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ
ومنه قول عمر بن
أبي ربيعة :
فيالك من ليل تقاصر طوله و ما كان ليلي قبل ذلك يقصر
(6) التمني
ألا ليت الشباب يعود يومًا .... فاخبره بما فعل المشيب
(7) الاستفهام.
والاستفهام في الأصل أنه *****، لفظا ومعنى، ولكنه إذا كان استفهاما إنكاريا فإن حقيقته الخبر، مثل قوله -سبحانه-: هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا هذا ظاهره الاستفهام، والمراد به النفي، أنه ليس له -سبحانه- مماثل.
(2) وقال أبو الطَّيّبِ :
لا أَشْرِئِبُّ إلى ما لَمْ يَفُتْ طَمَعاً....ولاَ أَبِيتُ على ما فاتَ حَسْرَاناَ"اشرأب ."
(3) وأَوْصى عبدُ الله بن ُّ عبَّاس رَجُلاً فقال :
لاَ تَتَكلَّمْ بمَا لاَ يعْنِيك , وَدَعِ الكَلاَمَ في كَثيرٍ ممَّا يَعْنيك حَتَّى تَجِدَلَهُ مَوْضِعا ً.
(4) وقال أبو العَتَاهِيَةِ
إن البخِيلَ وإنْ أَفاََد غِنىً....لَتُرَى عَلَيْهِ مَخَايلُ الْفقْرأفاد..
(5) وقال بَعْضُ الحكماء لاِبْنِهِ :
يَا بُنَيَّ تَعَلَّمْ حُسْنَ الاستماعِ كما تتَعَلَّمَ حُسْنَ الحديث ..
(6) وقال أبو الطيب :
لاَ تَلْقَ دَهْرَكَ إلا غَيْرَ مُكْتَرثٍ ما دَامَ يَصْحَبُ فِيهِ رُوحَكَ البَدَنُ"
الدرس الرابع (أغراض الخبر) دورة علم المعاني
الدرس الرابع
أغراض الخبر
ما من مُتكلم يُلقي إلى السامع خبرًا جُزافًا، فلا بدَّ أن يكون له غرضٌ من إلقاء هذا الخبر. لو نظرنا إلى معلم كيف يلقي لطلبته قاعدةً ما، ليس لهم بها عِلمٌ من قَبْل، فيفسرها، ويعرض للطالب أمثلة لتوضيحها، والطالب يعلم أن غرض معلمه من ذلك كله هو إفادته بما يجهله من تلك القاعدة، وما أشبه حال هذا المعلم بحال ابن مالك وهو يعلمنا في ألفيته الشهيرة التي مطلعها:
كلامُنا لفظٌ مفيدٌ كاستقم.... واسمٌ وفعلٌ ثمَّ حرفٌ الكَلِم
فهو يفيد المخاطبين بأشياءَ لم يكونوا على عِلم بها، إذ يبين أن الكلام يجب أن يفيد معنى، ويضرب مثالا على ذلك، وهو لفظ (استقم) ثم يعدد أنواع الكلم: الاسم والفعل والحرف. وهذا النوع من الأخبار يكون الغرض من إلقائه هو (فائدة الخبر) .
نتبين مما سبق أن الغرض من إلقاء الخبر يكون (فائدة الخبر) إذا قصد المتكلم أن يعرّف المخاطب معلومات لم يتقدم له علم بها.
لكن ماذا لو قال ابن لأبيه:
لقد أدَّبتني باللين والرِّفق لا بالقسوة والعقاب
من المؤكد أن الغرض من إلقاء الخبر هنا قد تغير ولم يعد (فائدة الخبر) كما تقدم؛ لأن الأب حتمًا أعلم الناس بالكيفية التي ربَّى بها ابنه، والخبر هنا لم يُضِفْ إلى معرفته جديدًا، والسؤال الذي يبرزُ هنا هو: ما الغرض إذن من إلقاء الخبر في عبارة الابن؟
إن غرض الابن أن يُعْلم أباه أنه (الابن) عالم بما يتضمنه الكلام، وهنا يكون الغرض من إلقاء الخبر هو (لازم الفائدة) ويعني إفادة المخاطَب أن المتكلم عالم بالحُكْم.
نتبين مما سبق أن الغرض من إلقاء الخبر يكون (لازم الفائدة) إذا قَصَدَ المتكلم أن يُظهر للمخاطب أنه يعرف المعلومات التي تضمنتها الجملة الخبريَّة .
إن الغرضين اللذين ذكرناهما من أغراض إلقاء الخبر هما الغرضان الرئيسان، لكنَّ هناك أغراضًا أُخَر من إلقاء الخبر يمكننا أن نتعرفهما بتدبر سياق الحديث.
دعونا ننظر الآن في قول المازني:
إذا ما المَوتُ رَنَّقَ في جُفونـي....وبات بِكَـفِّه يـومًا زِمامي
فما يغني خيالٌ من حبيبٍ.... يَزورُك بالتَّحيَّة والسَّلام
فهو لم يرد من الخبر(فائدة الخبر) ولم يرد كذلك (لزوم الفائدة) إنَّما أراد إظهار تحسره على عدم فائدة زيارة الحبيب إذا حلَّ به الموت.
ثم ننظر في قوله(صلى الله عليه وسلم):
" المسلمُ مَنْ سلمَ الناسُ من لسانه ويده"
فإنه لا يخفى أنَّ الرسول (صلى الله عليه وسلم) إنما أراد أن يعظنا بالكفِّ عن إيذاء الآخرين قولا وفعلا، ويرشدنا إلى الحسن من القول والعمل.
ولعلنا ندرك أن الغرض من إلقاء الخبر هو الفخر في قول أبي فراس الحمداني:
ونحنُ أُناسٌ لا تَوسُّطَ بيننا ... لنا الصدرُ دون العالمين أو القبر
وندرك أيضا أن غرض الخبر هو المدح في قول شوقي مخاطبا الرسول (صلى الله عليه وسلم) :
أخوكَ عيسى دعا ميتًا فقام له... وأنتَ أحييتَ أجيالا من الرِّمم
ويظهر الاسترحام جليِّا في قوله تعالى على لسان يونس عليه السلام، وهو في بطن الحوت يناجي ربه: " لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين"
نتبين مما سبق: أن الخبر قد يخرج إلى أغراض كثيرة منها: التَّحسر، والوعظ، والإرشاد، والفخر، والمدح، والاسترحام.
الدرس الخامس
(أَضْرُب الخبر)
من درسٍ سابقٍ تعرفنا إلى أنه لا بُدَّ للمتكلم مراعاة الحال التي يكون عليها المخاطَب، فإذا أرادَ متكلمٌ أن يلقيَ خبرًا عليه أن يتوخَّى في خبره ما يناسبُ الحال التي يكون عليها المخاطَب، ليتحققَ له ما يهدف إليه من خَبِره على أتمِّ وجه، وهذا ما يدفعنا لتحديد أمرين :
الأول: الحال التي يكون عليها المخاطَب.
الثاني: الطريقة التي يلقى بها الخبر بما يناسب تلك الحال.
وهذان الأمران يجب أن يكونا محور اهتمامنا إن هممنا بإلقاء خبر ما من الأخبار إلى مَنْ نخاطب.
فمثلا إذا عرفنا أن مَن نخاطبه (خالي الذهن) بمعنى أن يكون مهيئا لتصديق الخبر لكونه ليس لديه علم مُسبق به، فعلينا أن نلقي له الخبردون حاجة إلى توكيده. لو قلنا:
درجات الحرارة هذا اليوم فوق المعدل الطبيعي
نلحظ أن الخبر لم يَرِد فيه أيًا من المؤكدات، لأنه يقدر أن المخاطب خالي الذهن من الخبر، وليس هناك ما يدفعه لإنكاره، أو حتى التردد في تصديقه. وهذا الضرب يسمَّى (ابتدائيًا)
لكن إذا عرفنا أن المخاطَب (متردد) في تصديق الخبر، يتحتم علينا إزالة تردده بأن نُلقي عليه الخبر مؤكدًا بمؤكد واحد، انظر في قول النبي (صلى الله عليه وسلم )
" إنَّ الله لا يقدِّس أمةً لا يأخذُ الضعيف فيها حقَّه"
النبي يخبرنا بذهاب القدسية والمهابة عن أمة يضيع فيها حق الضعيف، مزيلا عن المخاطبين أي تردد قد يعتريهم في قبول الخبر بتأكيده بمؤكد واحد هو (إنَّ) ويسمَّى هذا الضرب من الخبر (طلبيًا)
ولكن لو عرفنا أنَّ من نخاطبه (منكر) للخبر، فمن البَدهيّ أن نؤكد الخبر بمؤكدين أو أكثر تدبر قول الله تعالى :
" أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ"
فالله تعالى يصف من هُمْ في صف الإيمان والهدى بالفلاح، ويؤكد ذلك بمؤكدين هما (حرف التنبيه ألا و إنَّ) ليزيل الإنكار من نفوس المنكرين، ويسمى هذا الضرب من الخبر (إنكاريًا)
نتبين مما سبق:
المخاطب بالنسبه لحكم الخبر أي مضمونه له ثلاث حالات وهي :
(1) أن يكون المخاطب (خالي الذهن) وفي هذه الحال يلقى إليه الخبر خالياً من أدوات التوكيد ويسمى الضرب من الخبر (إبتدائياً) .
(2) أن يكون المخاطب (متردداً) في الحكم شاكاً فيه ويبغي الوصول إلى اليقين في معرفته وفي هذا الحال يحسن توكيده له ليتمكن من نفسه ويحل فيها اليقين محل الشك ،ويسمى هذا الضرب من الخبر (طلبياً).
(3) أن يكون المخاطب (منكراً) لحكم الخبر وفي هذا الحال يجب أن يؤكد له الخبر بمؤكد أو أكثر على حسب درجة إنكاره من جهة القوة والضغف .ويسمى هذا الضرب من الخبر (إنكارياَ ) .
المؤكدات كثيرة منها:
إنَّ وأنَّ ولام البتداء ونونا التوكيد والقسم و (قد) التي للتحقيق وأحرف التنبيه وأحرف الزيادة وأمذَا الشرطية
هل أعجبك الموضوع ؟
يتبع
مقسم إلى 15. درس
الدرس الأول (المُسند والمُسند إليه) (دورة علم المعاني)
الدرس الأول
مقدمة عامة
يُحبُّ كل واحد منَّا أن يكون حديثه واضحًا، ومقصده جَليَّا، فيوصلُ المعنى الذي يريدهُ إلى المُخاطَب، غير أن ذلك لا يتأتَّى للمتكلم إلا إذا راعى اختلافَ الظروف التي يكونُ عليها المُخاطَب، بما يقتضيه إيرادُ الكلام بصورةٍ تنُاسِبُ حالته التي يكون عليها، وهذا ما أسماه البلاغيون(مقتضى حال المخاطب) فإنَّ ما يصلحُ لخطاب العاقل المتَّزنِ لا يصلحُ لخطاب الجاهل، وما يصلحُ لخطاب العامَّة لا يصلحُ الخاصة، وكذلك فإن ما يصلحُ تقديمه في ٌموقف يلزم تأخيره في آخر ، وما يجدُر ذكره في سياق يجدُرُ حذفه في سياق آخر.
ولقد تنبَّه علماءُ البلاغة إلى الأصول والقواعد التي يُعرفُ بها مُطابقة أحوال الكلام لمقتضى حال المُخاطَب وعدُّوها عٍلمًا من علوم البلاغة أسمًوْه (علم المعاني) ومن المعروف أن أصل هذا العلم هو نظريةُ النَّظم التي وضعها عبد القاهر الجرجاني(ت 471هـ) الأمر الذي فتح الباب للعلماء من بعده للخوض في مضمار هذا العلم والبحث فيه
كيف عرَّف العلماء علم المعاني ؟
لقد جاءت التعريفات متقاربة المعنى:
علم المعاني: هو علميعرف به أحوال اللفظ العربي التي بها يطابق مقتضى الحال) (1)
,ومن التعريفات : هو علميعرف به أحوال الكلام العربي التي تهدي العالم بها إلى اختيار ما يطابق منها مقتضىأحوال المخاطبين رجاء أن يكون ما ينشئ من كلام أدبي بليغا (2(
وعرَّفه آخرون: هوعلم نظم الألفاظ والعبارات على أسلوب معين يراعى فيه أمران هما: قواعدالنحو ومطابقة الكلام لمقتضى الحال (3)
ما الاستفادة من علم البيان؟
نستفيد من علمالمعاني أمرا مهما هو أنه (لا ترادف بين الجمل: بل لكل ترتيب دلالة خاصة، وفيه معنىليس في الآخر، وإن أي تغيير يطرأ على التركيب بتقديم أو تأخير، او حذف أو ذكر، أوتأكيد أو تركه..الخ يؤدي إلى تغيير في معناه) (4)
1- ـ الإيضاح للقزويني
2- ـ البلاغة العربية للميداني 1 / 138
3- البلاغةالعربية (علم المعاني) وليد قصاب ـ ص 15
4- ـ البلاغة العربية لقصاب 17
الإسناد
·المُسند إليه والمُسند
كلنا يعلمُ أن َّالكلماتِ منفردة لا تعطي معنى تامَّا، بل معاني لغويةُّ مجتزأة، ولكي تفيدَ معنًى تامًا لا بدَّ من ربطهما معا وضم بعضها إلى بعض، وهذا ما يُسميه البلاغيون (الإسناد) فكلمةُ (الصدق) وحدها تعني (قول الحق) وهو معنى غير تام، وكلمة (مَنجاة) تعني( الخلاص) وهو معنى غير تام أيضا، إلا أننا بضم الكلمتين إلى بعض في قولنا (الصدقُ مَنجاةٌ) نكون قد أتممنا المعنى المُراد، وذلك بحكم مُثبت أقمناه على (الصدق) بأنه (منجاة) ووجود الحكم يعني وجود محكوم عليه، ومحكوم به فهل لك أن تحددهما في جملة (الصدق منجاة)؟
والآن تعالوا بنا إلى جملة جديدة هي :
ليس الكذبُ بمنجاةٍ
إننا بضم كلمات هذه الجملةِ بعضها إلى بعض نكون قد خَلصنا إلى معنى تام، وذلك بحكم منفي أقمناه على الكذبِ بأنه ليس بمنجاةٍ، ووجود الحكم يعني وجود محكوم عليه ومحكوم به فهل لك أن تحددهما في جملة (ليس الكذب بمنجاة)؟
نتبين مما سبق أن ضم َكلمةٍ إلى أخرى على وجه يفيدُ الحكم بإحداهما على الأخرى ثبوتًا أو نفيًا هو الإسناد
(1)
تدريب:
بيَّن الإسناد فيما تحته خط بذكر المحكوم به، والمحكوم عليه، والحالة التي أتى عليها الحكم ثبوتا أو نفيا.
1- السَّيْفُ أَصْدَقُ إنْبَاءً مِنَ الكُتُبِ..ِفي حَدهِ الحَدُّ بَيْنَ الجِد واللَّعِبِ
2ش- فَشَكَكْتُ بِالرُّمْحِ الأَصَمِّ ثِيابـهُ….ليسَ الكَريمُ على القَنابِمُحَرَّمِ
3- الركنان الأساسيّان في قول الشاعر:
ومن غدا لابساً ثوب النعيمبلا شكر فإنّ الله ينزعه
أ- فإنّ الله. ..... ب- ثوب النعيم. .....جـ- لابسًا ثوب. .....د- الله ينزعه.
4- " إذا جاء نصر الله والفتح "
المسند في الآية السّابقة:
أ – نصر...... ب- إذا. ......جـ- جاء ........ د – الفتح.
5- "وبلغت القلوب الحناجر "
المسند إليه في الآية السّابقة:
أ - بلغ. ....ب- الضمير...... جـ – القلوب. .........د- الحناجر.
6- المسند في الجملة الاسميّة هو :
أ- المبتدأ ......ب- الخبر ...... جـ-الصفة. .....د- الفاعل.
7- المسند إليه في قوله تعالى: "إنّ الله خبير بما تعمل"
أ – إنّ . .....ب – الله. .....جـ – .....خبير. ......د – بما.
ثانيا: عرفنا سابقًا أنَّ الإسناد يتكون من المحكوم عليه والمحكوم به، وقد أطلق البلاغيون على الأول (المُسند إليه) وعلى الثاني(المُسند) وهما ركنا الجملة في العربية، سواءً أكانت هذه الجملة اسمية أم فعلية، أم ما يجري مجراهما " تحول البنية في ركني الجملة" وما زاد على هذين الركنين في الجملة يسمى (قَيْدًا) ولنا أن نقول زيادة في التوضيح: أن المسند إليه هو المُخْبَرُ عنه، والمُسند هو المُخبّرُ به في الجملة. ففي قول الشاعر:
مقالةُ السُّوء إلى أهلها .... أسرَعُ من مُنْحَدر سائلِ
تجد أن المسند إليه (مقالة السوء) والمسند (أسرع) أما الجار والمجرور في الشطر الأول (إلى أهلها) وفي الشطر الثاني (من منحدر سائل) فهما قيد.
نتبين مما سبق أن ركنيّ الجملة في العربية هما:
أ- المسند إليه ب- المُسند وما زاد عليهما فهو قيد
الدرس الثاني
أحوال المسند والمسند إليه
حتى نتبين أحوال المسند والمسند إليه دعونا ننظر في الأمثلة التالية:
1-قال تعالى :" اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مَّعْرِضُونَ) الأنبياء: 1
2-قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) البقرة : 183
3-قال شوقي:
العِلمُ بَنَّاءُ المَآ... ثِر والمَمالكِ مِنْ قديمِ
كَسَروا بهِ نِيرَ الهوا...نِ وحَطَّموا ذُلَّ الشَّكيمِ
4-قال عمرو بن معديكربالزبيدي
لَيْسَالجَمالُ بِمِئْزَرٍ، ... فاعْلَمْ، وإِنْ رُدِّيتَبُرْدَا
إِنَّالجَمالَ مَعادِنٌ ... ومَناقِبٌ أَوْرَثْنَ مَجْدَا
5- قال الشاعر:
هي الدنيا تقول بملء فيها... حَذارِ حذارِ من بطشي وفتكي
6- قال الشاعر:
يا قابلَ التوب غُفرانًا مآثمُ قد.... أسلَفْتُها أنا منها خائفٌ وَجِلُ
إننا نرى أنَّ المُخبر عنه وهو المسند إليه في الآية الأولى هو (حسابُهم) ووقع في الآية فاعلا، والمُخْبَر به وهو المسند (اقترب) قد وقع في الآية فعلا تامًا
كما نرى كذلك أن المسند إليه في الآية الثانية هو (الصيام) ووقع في الآية نائب فاعل، والمسند (كُتبَ) قد وقع في الآية فعلا تامًا.
أما في البيت الأول لشوقي نجد أن المسند إليه هو(العلم) وقع مبتدأ، والمسند (بنَّاء المآثر) وقع خبرا، وفي البيت الأول للزبيدي نجد أن المسند إليه هو (الجمال) وقع اسمًا لليس، وقد كان في الأصل مبتدأ قبل دخول ليس عليه، والمسند (بمئزر) وقع خبرا لليس، وكان في الأصل خبرا للمبتدأ قبل دخول ليس عليه.
ولو تاملنا المثال الخامس، لوجدنا أن المسند هو (اسم الفعل - حذار) وأن المسند إليه هو الفاعل الضمير المستتر وتقديره (أنت)
ولو دققنا النظر في المثال السادس، لوجدنا أن المسند هو المصدر النائب عن فعله (غفرانًا) وأن المسند إليه هو الفاعل الضمير المستتر وتقديره (أنت)
نلخص للقول :
من الأحوال التي يأتي عليها المسند إليه :
الفاعل ونائب الفاعل، والمبتدأ ، وما كان أصله مبتدأ.
من الأحوال التي يأتي عليها المُسند:
الفعل التام، والخبر، وما كان أصله خبرا، كخبر كان وأخواتها
واسم الفعل، والمصدر النائب عن فعل الأمر
اللهم وفقنا لما فيه الخير
الدرس الثالث (الخبر وال*****) دورة علم المعاني
الدرس الثالث
الخبرُ وال*****
الخبر
من المعروفِ لدينا أنَّ الكلامَ يتكونُ من جملةٍ مفيدةٍ أو أكثر، وهذه الجملة تقسم إلى قسمين: إسمية وفعلية، وهذا التقسيمُ جاء من وُجهةِ نحويَّة.
ولكن كيف يكونُ هذا التقسيم من وُجهة بلاغيَّة ؟
حتى نجيبَ عن هذا التَّساؤُل لننظر في قول أبي البقاء الرُّنديّ:
لكُلِّ شيءٍ إذا ما تمَّ نُقصانُ .... فلا يُغَرُّ بطيبِ العَيْشِ إنسانُ
الشاعر في الشطر الأول يُخبرنا أن الأشياءَ بعد تَمامها تَؤول إلى النقصان، ولكن ما موقفكَ أنتَ في ما أخبرنا به شاعرنا؟
أنكَ تقفُ من هذا الخبر أحدَ موقفين:
الأول: تصديق هذا الخبر وإثباته بالأدلة المستندة إلى الواقع
وهذه الحال تكون عند سماعنا الأخبار الآتية:
تزدادُ أعدادُ الطلبة عامًا بعد عامٍ
ضَربَ إعصارٌ قويٌّ جنوبَ أمريكا
في الاتحادِ قُوةٌ
فالكلام الذي يَصحُّ فيه احتمال الصدق أو الكذب، هو ما أَطلقَ عليه البلاغيون (الخَبَر)
نتبين مما سبق أنَّ:
الكلام الذي يحتمل الصدق أو الكذب هو (الخبر) وصدقه هو مطابقته للواقع، وكذبه هو عدم مطابقته للواقع
ال*****
لو دققنا النظر في الأمثلة الآتية:
لا تُؤجلْ عملَ اليومِ إلى الغَدِ
أينَ تقعُ مكَّة؟
يا بنيَّ إنَّ الخلودَ إلى الكسلِ مَضيعةٌ للوقتِ
لعلنا نلاحظ أن الكلام السابق لا يَصحُّ فيه الصدق أو الكذب، هو ما أطلق عليه البلاغيون (ال*****)
ولو أعدنا النظر في الشطر الثاني من بيت الرنديّ، لوجدنا أن الشاعر يَنْهى الناس عن الانخداعِ بطيبِ العيْشِ والرُّكون إليه دون أخذ الحِيطةِ من اختلاف الأيام وتبدُّلها، فهو لا يخبرنا عن حصول شيء أو عدم حصوله، لكي نحكم عليه بالصدق أو الكذب، وكذلك الحال لو قلنا:
قلِ الحقَّ ولو على نَفسك.
نتبين مما سبق أن
الكلام الذي لا يحتمل الصدق أو الكذب هو (ال*****) ويكون بالأمر والنهي والاستفهام والنداء والتمني
أمثلة على ال*****
(1) الأمر:
الأمر طلب الفعل بالقول على جهة الاستعلاء نعني بـــ (على جهة الاستعلاء) يخرج به طلب الفعل ممن لا يرى في نفسه علوا كالالتماس والدعاء، ومن أمثلته قوله -سبحانه-:" يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ"
وقد يأتي الأمر بصيغ أخرى، مثل صيغة(لتفعل)، فعل مضارع مسبوق بلام الأمر، ومنه قوله -سبحانه ( وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ) ومن صيغه أيضا الأمر الصريح بالأمر: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) فهذا خبر في الظاهر، لكنه في حقيقته أمر وطلب، وكذلك اسم فعل الأمر، وكذلك صيغة "عليك": يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ ومنه قوله -سبحانه-: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ
(2) النهي:
والمراد بالنهي: طلب ترك بالقول على جهة الاستعلاء. ومن أمثلته قوله -سبحانه-: وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا هذا نهي، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ
(3) الإباحة:
ومن أمثلته قوله -سبحانه-: وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا هنا للتخيير والتسوية.
(4) النداء:
يقول جميل :
ألا يا عباد الله قوموا لتسمعوا خصومة معشوقين يختصمان
(5) التعجب:
كما هو على أحد القولين في تفسير قوله تعالى: فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ
ومنه قول عمر بن أبي ربيعة :
فيالك من ليل تقاصر طوله و ما كان ليلي قبل ذلك يقصر
(6) التمني
ألا ليت الشباب يعود يومًا .... فاخبره بما فعل المشيب
(7) الاستفهام.
والاستفهام في الأصل أنه *****، لفظا ومعنى، ولكنه إذا كان استفهاما إنكاريا فإن حقيقته الخبر، مثل قوله -سبحانه-: هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا هذا ظاهره الاستفهام، والمراد به النفي، أنه ليس له -سبحانه- مماثل.
أمثلة على ال*****
(1) الأمر:
الأمر طلب الفعل بالقول على جهة الاستعلاء نعني بـــ (على جهة الاستعلاء) يخرج به طلب الفعل ممن لا يرى في نفسه علوا كالالتماس والدعاء، ومن أمثلته قوله -سبحانه-:" يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ"
وقد يأتي الأمر بصيغ أخرى، مثل صيغة(لتفعل)، فعل مضارع مسبوق بلام الأمر، ومنه قوله -سبحانه ( وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ) ومن صيغه أيضا الأمر الصريح بالأمر: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) فهذا خبر في الظاهر، لكنه في حقيقته أمر وطلب، وكذلك اسم فعل الأمر، وكذلك صيغة "عليك": يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ ومنه قوله -سبحانه-: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ
(2) النهي:
والمراد بالنهي: طلب ترك بالقول على جهة الاستعلاء. ومن أمثلته قوله -سبحانه-: وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا هذا نهي، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ
(3) الإباحة:
ومن أمثلته قوله -سبحانه-: وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا هنا للتخيير والتسوية.
(4) النداء:
يقول جميل :
ألا يا عباد الله قوموا لتسمعوا خصومة معشوقين يختصمان
(5) التعجب:
كما هو على أحد القولين في تفسير قوله تعالى: فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ
ومنه قول عمر بن
أبي ربيعة :
فيالك من ليل تقاصر طوله و ما كان ليلي قبل ذلك يقصر
(6) التمني
ألا ليت الشباب يعود يومًا .... فاخبره بما فعل المشيب
(7) الاستفهام.
والاستفهام في الأصل أنه *****، لفظا ومعنى، ولكنه إذا كان استفهاما إنكاريا فإن حقيقته الخبر، مثل قوله -سبحانه-: هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا هذا ظاهره الاستفهام، والمراد به النفي، أنه ليس له -سبحانه- مماثل.
(2) وقال أبو الطَّيّبِ :
لا أَشْرِئِبُّ إلى ما لَمْ يَفُتْ طَمَعاً....ولاَ أَبِيتُ على ما فاتَ حَسْرَاناَ"اشرأب ."
(3) وأَوْصى عبدُ الله بن ُّ عبَّاس رَجُلاً فقال :
لاَ تَتَكلَّمْ بمَا لاَ يعْنِيك , وَدَعِ الكَلاَمَ في كَثيرٍ ممَّا يَعْنيك حَتَّى تَجِدَلَهُ مَوْضِعا ً.
(4) وقال أبو العَتَاهِيَةِ
إن البخِيلَ وإنْ أَفاََد غِنىً....لَتُرَى عَلَيْهِ مَخَايلُ الْفقْرأفاد..
(5) وقال بَعْضُ الحكماء لاِبْنِهِ :
يَا بُنَيَّ تَعَلَّمْ حُسْنَ الاستماعِ كما تتَعَلَّمَ حُسْنَ الحديث ..
(6) وقال أبو الطيب :
لاَ تَلْقَ دَهْرَكَ إلا غَيْرَ مُكْتَرثٍ ما دَامَ يَصْحَبُ فِيهِ رُوحَكَ البَدَنُ"
الدرس الرابع (أغراض الخبر) دورة علم المعاني
الدرس الرابع
أغراض الخبر
ما من مُتكلم يُلقي إلى السامع خبرًا جُزافًا، فلا بدَّ أن يكون له غرضٌ من إلقاء هذا الخبر. لو نظرنا إلى معلم كيف يلقي لطلبته قاعدةً ما، ليس لهم بها عِلمٌ من قَبْل، فيفسرها، ويعرض للطالب أمثلة لتوضيحها، والطالب يعلم أن غرض معلمه من ذلك كله هو إفادته بما يجهله من تلك القاعدة، وما أشبه حال هذا المعلم بحال ابن مالك وهو يعلمنا في ألفيته الشهيرة التي مطلعها:
كلامُنا لفظٌ مفيدٌ كاستقم.... واسمٌ وفعلٌ ثمَّ حرفٌ الكَلِم
فهو يفيد المخاطبين بأشياءَ لم يكونوا على عِلم بها، إذ يبين أن الكلام يجب أن يفيد معنى، ويضرب مثالا على ذلك، وهو لفظ (استقم) ثم يعدد أنواع الكلم: الاسم والفعل والحرف. وهذا النوع من الأخبار يكون الغرض من إلقائه هو (فائدة الخبر) .
نتبين مما سبق أن الغرض من إلقاء الخبر يكون (فائدة الخبر) إذا قصد المتكلم أن يعرّف المخاطب معلومات لم يتقدم له علم بها.
لكن ماذا لو قال ابن لأبيه:
لقد أدَّبتني باللين والرِّفق لا بالقسوة والعقاب
من المؤكد أن الغرض من إلقاء الخبر هنا قد تغير ولم يعد (فائدة الخبر) كما تقدم؛ لأن الأب حتمًا أعلم الناس بالكيفية التي ربَّى بها ابنه، والخبر هنا لم يُضِفْ إلى معرفته جديدًا، والسؤال الذي يبرزُ هنا هو: ما الغرض إذن من إلقاء الخبر في عبارة الابن؟
إن غرض الابن أن يُعْلم أباه أنه (الابن) عالم بما يتضمنه الكلام، وهنا يكون الغرض من إلقاء الخبر هو (لازم الفائدة) ويعني إفادة المخاطَب أن المتكلم عالم بالحُكْم.
نتبين مما سبق أن الغرض من إلقاء الخبر يكون (لازم الفائدة) إذا قَصَدَ المتكلم أن يُظهر للمخاطب أنه يعرف المعلومات التي تضمنتها الجملة الخبريَّة .
إن الغرضين اللذين ذكرناهما من أغراض إلقاء الخبر هما الغرضان الرئيسان، لكنَّ هناك أغراضًا أُخَر من إلقاء الخبر يمكننا أن نتعرفهما بتدبر سياق الحديث.
دعونا ننظر الآن في قول المازني:
إذا ما المَوتُ رَنَّقَ في جُفونـي....وبات بِكَـفِّه يـومًا زِمامي
فما يغني خيالٌ من حبيبٍ.... يَزورُك بالتَّحيَّة والسَّلام
فهو لم يرد من الخبر(فائدة الخبر) ولم يرد كذلك (لزوم الفائدة) إنَّما أراد إظهار تحسره على عدم فائدة زيارة الحبيب إذا حلَّ به الموت.
ثم ننظر في قوله(صلى الله عليه وسلم):
" المسلمُ مَنْ سلمَ الناسُ من لسانه ويده"
فإنه لا يخفى أنَّ الرسول (صلى الله عليه وسلم) إنما أراد أن يعظنا بالكفِّ عن إيذاء الآخرين قولا وفعلا، ويرشدنا إلى الحسن من القول والعمل.
ولعلنا ندرك أن الغرض من إلقاء الخبر هو الفخر في قول أبي فراس الحمداني:
ونحنُ أُناسٌ لا تَوسُّطَ بيننا ... لنا الصدرُ دون العالمين أو القبر
وندرك أيضا أن غرض الخبر هو المدح في قول شوقي مخاطبا الرسول (صلى الله عليه وسلم) :
أخوكَ عيسى دعا ميتًا فقام له... وأنتَ أحييتَ أجيالا من الرِّمم
ويظهر الاسترحام جليِّا في قوله تعالى على لسان يونس عليه السلام، وهو في بطن الحوت يناجي ربه: " لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين"
نتبين مما سبق: أن الخبر قد يخرج إلى أغراض كثيرة منها: التَّحسر، والوعظ، والإرشاد، والفخر، والمدح، والاسترحام.
الدرس الخامس
(أَضْرُب الخبر)
من درسٍ سابقٍ تعرفنا إلى أنه لا بُدَّ للمتكلم مراعاة الحال التي يكون عليها المخاطَب، فإذا أرادَ متكلمٌ أن يلقيَ خبرًا عليه أن يتوخَّى في خبره ما يناسبُ الحال التي يكون عليها المخاطَب، ليتحققَ له ما يهدف إليه من خَبِره على أتمِّ وجه، وهذا ما يدفعنا لتحديد أمرين :
الأول: الحال التي يكون عليها المخاطَب.
الثاني: الطريقة التي يلقى بها الخبر بما يناسب تلك الحال.
وهذان الأمران يجب أن يكونا محور اهتمامنا إن هممنا بإلقاء خبر ما من الأخبار إلى مَنْ نخاطب.
فمثلا إذا عرفنا أن مَن نخاطبه (خالي الذهن) بمعنى أن يكون مهيئا لتصديق الخبر لكونه ليس لديه علم مُسبق به، فعلينا أن نلقي له الخبردون حاجة إلى توكيده. لو قلنا:
درجات الحرارة هذا اليوم فوق المعدل الطبيعي
نلحظ أن الخبر لم يَرِد فيه أيًا من المؤكدات، لأنه يقدر أن المخاطب خالي الذهن من الخبر، وليس هناك ما يدفعه لإنكاره، أو حتى التردد في تصديقه. وهذا الضرب يسمَّى (ابتدائيًا)
لكن إذا عرفنا أن المخاطَب (متردد) في تصديق الخبر، يتحتم علينا إزالة تردده بأن نُلقي عليه الخبر مؤكدًا بمؤكد واحد، انظر في قول النبي (صلى الله عليه وسلم )
" إنَّ الله لا يقدِّس أمةً لا يأخذُ الضعيف فيها حقَّه"
النبي يخبرنا بذهاب القدسية والمهابة عن أمة يضيع فيها حق الضعيف، مزيلا عن المخاطبين أي تردد قد يعتريهم في قبول الخبر بتأكيده بمؤكد واحد هو (إنَّ) ويسمَّى هذا الضرب من الخبر (طلبيًا)
ولكن لو عرفنا أنَّ من نخاطبه (منكر) للخبر، فمن البَدهيّ أن نؤكد الخبر بمؤكدين أو أكثر تدبر قول الله تعالى :
" أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ"
فالله تعالى يصف من هُمْ في صف الإيمان والهدى بالفلاح، ويؤكد ذلك بمؤكدين هما (حرف التنبيه ألا و إنَّ) ليزيل الإنكار من نفوس المنكرين، ويسمى هذا الضرب من الخبر (إنكاريًا)
نتبين مما سبق:
المخاطب بالنسبه لحكم الخبر أي مضمونه له ثلاث حالات وهي :
(1) أن يكون المخاطب (خالي الذهن) وفي هذه الحال يلقى إليه الخبر خالياً من أدوات التوكيد ويسمى الضرب من الخبر (إبتدائياً) .
(2) أن يكون المخاطب (متردداً) في الحكم شاكاً فيه ويبغي الوصول إلى اليقين في معرفته وفي هذا الحال يحسن توكيده له ليتمكن من نفسه ويحل فيها اليقين محل الشك ،ويسمى هذا الضرب من الخبر (طلبياً).
(3) أن يكون المخاطب (منكراً) لحكم الخبر وفي هذا الحال يجب أن يؤكد له الخبر بمؤكد أو أكثر على حسب درجة إنكاره من جهة القوة والضغف .ويسمى هذا الضرب من الخبر (إنكارياَ ) .
المؤكدات كثيرة منها:
إنَّ وأنَّ ولام البتداء ونونا التوكيد والقسم و (قد) التي للتحقيق وأحرف التنبيه وأحرف الزيادة وأمذَا الشرطية
هل أعجبك الموضوع ؟
يتبع

الدرس السادس (خروج الخبر عن مقتضى الظاهر)
إنَّ مجيء الخبر خاليا من المُؤكدات، أو مؤكدًا بمؤكد واحد، أو أكثر، وَفقا لحال المخاطب الذي يكون خالي الذهن، أو مترددًا، أو منكرًا، هو أمر يقتضيه ما يظهر لنا من حال المخاطب، إلا أنَّ هناك اعتباراتٍ قد تحملنا إلى مخالفة ظاهر حال المخاطَب، فقد ينزل المخاطب المنكِر منزلة غير المنكِر، كقوله تعالى مخاطبًا من ينكر ألوهيَّته:: " وَإِلَـهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ " البقرة : 163
والظاهر يقتضي أن يكون الخبر مؤكدًا بمؤكدين أو أكثر، لأن المخاطبين منكرون للوحدانية إلا أن الخبر هنا جاء خاليا من المؤكدات، باعتبار أن هناك من الدلائل ما يغني عن تأكيد الوحدانية.
وفي قوله تعالى: " ثُمَّ إِنَّكُم بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ" المؤمنون: 15
جاء الخبر مؤكدا بمؤكدين هما: (إنَّ) و (اللام) والظاهر يقتضي أن يكون الخبر خاليا من أدوات التوكيد، فما من أحد ينكر حقيقة الموت، وإنزال غير المنكِر هنا منزلة المنكِر، باعتبار أن غفلة الناس عن الموت يظهرهم كأنهم منكرون له.
وفي قوله تعالى : " يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ" الحج:
أنزل المخاطَب خالي الذهن منزلة السائل المتردد، فالظاهر 1 يقتضي أن يكون الخبر خاليا من أدوات التوكيد؛ لأن المخاطب خالي الذهن من الحكم (إن زلزلة الساعة شيء عظيم) لكن تقدم في الكلام ما يشعر بنوع الحكم (يا أيها الناس اتقوا ربكم) مما جعل المخاطَب متطلعًا إلى الحكم ظاهرا بصورة السائل المتردد؛ فجاء الخبر مؤكدا بمؤكد واحد هو (إنَّ)
نتبين مما سبق أن الخبر يجري على خلاف مقتضى الظاهر لاعتبارات هي:
1- وجود دلائل وشواهد كافية لرد المنكِر عن إنكاره فيجعل كغير المنكِر.
2- ظهور علامات الإنكار على غير المنكِر فيُجعل كغير المنكر
3- وجود ما يشير في سياق الكلام بحكم الخبر فينزل خالي الذهن منزلة السائل المتردد.
الدرس السابع
ال*****
الطلبي وغير الطلبي
باستقراء أمثلة ال***** نجد أنه يقع بين نوعين:
الأول: يستدعي مطلوبًا غير حاصل وقت الطلب كقوله تعالى (آمرًا):
(وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)البقرة(110)
ونحو قوله (صلى الله عليه وسلم) (ناهيًا)
لا تَرْجِعُوا بَعْدي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقابَ بَعْضٍ
وكما يبدو في قول طالب لمعلمه (سائلا):
كم يبلغ طول نهر النيل ؟
وفي قول أبي فراس الحمْداني وهو يخاطب سيف الدولة (متمنيًا)
فليتك تـحلو والحياةُ مريرةٌ….وليتك تـرضى والأنامُغضاب
وأخيرا في قول شوقي (مناديًا):
يا ربِّ صلِّ وسلمْ ما أردت على .... نزيلِ عرشكَ خيرِِ الرُّسل كلهمِ
وهذا النوع من ال***** في كل ما مر معنا من أمثلة هو " ال***** الطلبي"
نتبين مما سبق أنَّ:
1- ال***** الذي يستدعي مطلوبًا غير حاصل وقت الطلب يسمَّى (ال***** الطلبي)
2- الأمر والنهي والاستفهام والتمني والنداء هي اشهر طرق ال***** الطلبي
أمَّا النوع الثاني من ال***** فلا يستدعي مطلوبا كما في قوله تعالى (مادحًا )سليمان عليه السلام:
"نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ" (ص: 30)
(وذامًّا) شراب الكفار في جهنم:
"بئس الشراب وساءت مرتفقا" (الكهف: 29)
ونحو قولنا (متعجبين) :
للهِ دَرُّهُ عَالِماً
ونحوُ قولِهِ تعالى: {كَيْفَ تََكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتاًفَأَحْيَاكُمْ}
وكما يبدو في قول عبد الله بن طاهر (مقسمًا):
لعمرك ما بالعقل يكتسب الغنى .... ولا باكتساب المال يكتسب العقل
وفي قول آخر (راجيًا) قرب الفرج:
عسى أن يكون الفرج قريبًا
وهذا النوع من ال***** هو ال***** غير الطلبي
نتبين مما سبق ما يلي:
1- ال***** الذي لا يستدعي مطلوبًا، يسمى ال***** غير الطلبي
2- التعجب، والمدح، والذم، والقسم، والرجاء، من طرق ال***** غير الطلبي
الدرس الثامن (الأمر) دورة علم المعاني
ال*****ُ الطَّلبيُّ
الأمر
الأمرُ كما عرفنا طريقة من طُرقِ ال***** الطلبي، ويُطلَبُ به حصول شيء لم يكنْ حاصلاً وقتَ الطلبِ، وما يهمُّنا هنا هو أن نتوصلَ إلى الإجابة عن أسئلةٍ ثلاثةٍ، وسوف نجعلُها مِحورَ اهتمامنا، ونحنُ نغوصُ في هذا البحر وهي:
-ما صِيغُ الأمر؟
- ما المعنى الحقيقيُّ للأمر؟
-ما المعاني البلاغيَّة التي يخرجُ إليها الأمر؟
إن أكثرَ صيغِ الأمر شيوعًا هي صيغةُ (فعلُ الأمر) من مثلِ قوله تعالى:
" أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ"
إلا أنَّ هناك صيغًا أخرى، كصيغةِ (المضارع المقرون بلام الأمر) نحو قوله تعالى: " لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ"
وصيغةِ (اسم فعل الأمر) نحو قوله تعالى :
" عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إذَا اهْتَدَيْتُمْ"
وصيغةِ (المصدر النائب عن فعل الأمر) نحو قوله تعالى:
" وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا"
وبذا نكونُ قد أجبنا عن سؤالنا الأول
نتبين مما سبق أن فعل الأمر، والمضارع المقرون بلام الأمر، اسم فعل الأمر، والمصدر النائب عن فعل الأمر، هي الصيغ الأربع التي يجيء عليها الأمر.
وللدرس صلة إن شاء الله
هل أعجبك الموضوع ؟
الدرس التاسع
أخوتي الكرام
لو نظرنا مرة أخرى في الآيات القرآنية السابقة من الدرس (الثامن) سنجدها أوامر صدرت من العالي المنزلة والشأن (الله عزَّ وجل) إلى مَنْ هم دونه في المنزلة (المؤمنون) على وجه التكليف والإلزام، وهذا هو المعنى الحقيقي الذي يفيده الأمر
المعاني البلاغية للأمر
أمَّا المعاني البلاغية الأخرى التي يخرج الأمر، فإنها تُستفاد من السياق وقرائن الأحوال
ففي قول أحمد شوقي :
رُبَّ عامٍ أَنت فيه واجد....ٌفادَّخرْ فيه لعامٍ لا تجِدْ
علمِ الآباءَ، واهتف قائلاً….: أيها الشعبُ، تعاونْ واقتصد
لم يكن الأمر على وجه الإلزام وإنما من باب (النصح والإرشاد) للاقتصاد في العيش، وإرشاد الناس إلى التعاون في هذا المجال.
وفي قوله تعالى مخاطبًا الصائمين: " وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ"
كان الأمر من باب (إباحة) الأكل والشرب ليلة الصيام، بلا وجه إلزام
ونجد أنَّ الأمر في قول المتنبي مخاطبا سيف الدولة:
أزلْ حسَدَ الحُسَّاد عنِّي بكبتهم ... فأنت الذي صيَّرتهم لي حُسَّدا
قد خرج ( للدعاء) لأنه صادر ممن هو أقل منزلة (الشاعر) إلى من هو أعلى منزلة الأمير
وقد خرج الأمر( للالتماس ) في قول امريء القيس لخليليه:
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل ... بسقط اللوى بين الدخول فحومل
لأنه طلب من خليليه الوقوف للبكاء على أطلال محبوبته، والطلب جاء هنا من الشاعر إلى من هم في منزلته.
إلا أنَّ الأمر في قول الشاعر نفسه:
ألا أيها الليل الطويل ألا انجل.... بصبح وما الإصباح منك بأمثل
قد خرج إلى (التمني) ؛ لأن الشاعر يطلب ما لا يُرجى حدوثه، فالليل غير عاقل ليلبيّ طلب الشاعر.
ومن المعاني التي يخرج إليها الأمر، لننظر في قوله تعالى:
" اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ"
فالله عز وجل يخبر المعذبين في نار جهنم، أن صبرهم على النار، أو عدم صبرهم سواء، لن يغير من الأمر شيئا، وبذلك يكون الأمر قد خرج لمعنى (التسوية) .
إلا أن الأمر قد خرج (للتخيير) في قول بشار بن برد مخاطبا مَنْ لا يحتمل الزلة من الصديق:
فعشْ واحدًا أو صلء أخاكَ فإنه.... مقارف ذنب مرةً ومجانبه
فهو يخيره بين أن يبقى وحيدا خاليا من الأصدقاء أو أن يصادق الآخرين واضعا نُصْبَ عينيه احتمالية وقوع الزلل من الأصدقاء بين الحين والآخر
ولو تأملنا معًا قوله تعالى في خطابه للمشركين:
" هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ"
فالله عز وجل يريد أن يبينلهم عجزهم عن الإتيان بخلق غير الله؛ لأن كل ما في الكون من خلق الله، فالأمر خرج هنا لمعنى (التعجيز)
إلا أنَّ الأمر الذي خرج (للتهديد) يظهر جليا في قول النبي (صلى الله عليه وسلم):
" إنَّ ما أدركَ الناس من كلام النبوة، إذا لم تستح فاصنع ما شئت"
لأن الإنسان لا يحق له فعل ما يشاء، فهناك ضوابط دينية وخلقية تمنعه من ذلك، لكن عبارة الرسول عليه السلام توحي بالتهديد بالعقاب على أعماله التي تخلو من خلق الحياء.
ويبدو (التحقير) واضحا في الأمر الوارد في قول الشاعر:
فدعِ الوعيدَ فما وعيدكَ ضائري.... أطنينُ أجنحةِ الذُّبابِ يُضيرُ
فالشاعر لا يكترث لوعيد المخاطب كما لا يكترث للطنين الصادر من أجنحة الذباب.
نتبين مما سبق أن الأمر يخرج إلى معانٍ بلاغية هي :
النُّصح والإرشاد، الإباحة، الدُّعاء، الالتماس، التمني، التسوية، التخيير، التعجيز، التهديد، التحقير
الدرس العاشر
المعاني البلاغيَّة التي يخرج إليها النهي
(1)
عرفنا أنَّ النهي طريقة من طرق ال***** الطلبي، ويُطلَبُ به الكفُّ عن عمل ما، وما أشبه الحديث عن النهي بالحديث عن الأمر، إذ كما تناولنا موضوعه سنتناول موضوع النهي من خلال أسئلة رئيسة هيَ:
ما صيغة النهي؟
ما المعنى الحقيقي للنهي؟
ما المعاني البلاغيَّة الأخرى التي يخرج إليها النهي؟
إنَّ النهي يقتصر على صيغة واحدة هي (لا الناهية والفعل المضارع) نحو قوله تعالى: {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم} الإسراء: 31
فالله عز وجل ينهى الناس على وجه الإلزام، عن قتل أولادهم مخافة الفقر، وإنك لتجد أن هذا النهي قد صدر من الله عز وجل ذي المنزلة العالية، على من هم دونه في المنزلة (الناس) ويأتي النهي بمعناه الحقيقي على هذا النحو.
نتبين مما سبق أنَّ:
1-للنهي صيغة واحدة هي: لا الناهية الجازمة والفعل المضارع.
2-طلب الكف عن عمل ما على وجه الإلزام والتكليف طلبًا جازمًا أو غير جازم، من الأعلى منزلة إلى الأدنى منزلة، هو المعنى الحقيقي للنهي.
(2)
إنَّ معرفتنا بالسياق وقرائن الأحوال تُجَلِّي لنا المعاني البلاغية الأخرى، التي يخرج إليها النهي، فما من شك في أن النهي الذي ورد في الآية على لسان المؤمنين:
{ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا}: البقرة : 286
قد خرج للدعاء؛ لأنه صدر من الأقل منزلة (المؤمنين) إلى الأعلى منزلة (الله عز وجل)
غير أن النهي في قول المعرِّي مخاطبا صديقه:
لا تَطْويا السِّرَّ عنِّي يوم نائبةٍ .... فإنَّ ذلك أمْرٌ غيرُ مغتفر
قد خرج إلى الالتماس؛ لأنه صدر من الشاعر إلى من هما في منزلته.
أمَّا النهي في قول القائل:
لا تَغْرُبي أيتُها الشَّمسُ
فقد خرج للتمني؛ إذ يخاطب القائلُ الشمسَ التي لا تعقل، فيستحيل إجابة طلبه.
نتبين ما سبق أن النهي يخرج إلى معان بلاغية منها:
الدعاء
الالتماس
التمني
الدرس الحادي عشر (المعانيالبلاغية التي يخرج إليها الاستفهام) دورة علم المعاني
(1) مفهوم الاستفهام
الحديث عن الاستفهام ليس غريبا علينا، ولا سيما إذا كان الحديث عن مفهومه وأدواته، ولا بأس أن نذكر بمعنى الاستفهام .
إن إطلاق الاستفهام بأي من أدواته يعني في الأصل طلب العلم بشيء لم يتقدم للسائل معرفة به؛ إذ لو سألك أحدهم:
أين يتكوَّن اللؤلؤ الطبيعيّ؟
فإنه بسؤاله يطلب منك معرفة غير موجودة لديه، وهو يستخدم بسؤاله أداة تناسب المعرفة المطلوبة، فهو هنا أراد أن يسألك عن المكان الذي يتكون فيه اللؤلؤ الطبيعي فاستخدم (أين) ولو أراد أن يسألك عن الأحوال التي يتكون فيها، لسألك ب (كيف) قائلا:
كيف يتكون اللؤلؤ الطبيعي؟
وهكذا...............
يتبع إن شاء الله
(2) المعاني التي يخرج إليها الاستفهام
صار معروفا لدينا أن المعاني البلاغية إنما تستفاد من السياق، وقرائن الأحوال، ففي قول البحتري:
هلِ الدَّهرُ إلا غَمْرةٌ وانجِلاؤها..... وشيكًا وإلا ضِيقةٌ وانفِراجُها
لم يكن الاستفهام طلبًا من الشاعر للعلم بشيء لم تتقدم معرفة به، وإنما أراد الشاعر بالاستفهام نفي أن يكون الدهر سوى غمرة ثم تنجلي، وضيق يعقبه فرج قريب، فخرج الاستفهام عن معناه الحقيقي إلى معنى آخر هو (النفي)
وعندما قال جرير مادحا :
ألسْتُمْ خيرَ مَنْ رَكِبَ المطايا ....وأَنْدَى العَلمينَ بطونَ راحِ
لم يرد أن يستفهم عن حال ممدوحيه، فهو عالم بهم، إنما أراد القرار بأنهم خير الناس شجاعة وكرما، فكان خروج الاستفهام إلى معنى (التقرير)
أمَّا المتنبي في حديثه عن الحُمَّى التي ألمَّت به:
أبنتَ الدَهرِ عِندي كُلُّ بنتٍ..... فكيفَ وصلتِ أنتِ مِنَ الزِّحامِ
فيتعجب باستفهامه من استطاعتها النفاذ إليه، بالرغم من تزاحم المصائب عليه، فخرج استفهامه ‘لى معنى (التعجب)
غير أن الاستفهام في الآية:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ(*) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}
قد أراد به تعالى إثارة شوق المؤمنين لهذه التجارة المنجية من العذاب، فخرج الاستفهام إلى التشويق لأن المتكلم يستدرج المخاطب إلى الانتباه، ثمَّ يواصل تفاصيل الحديث دون رد فعل من المخاطب
نتبين مما سبق أن الاستفهام يخرج إلى معانٍ بلاغية منها:
1- النفي
2- التقرير
3- التعجب
4- التشويق
للموضوع بقية إن شاء الله
يتبع
إنَّ مجيء الخبر خاليا من المُؤكدات، أو مؤكدًا بمؤكد واحد، أو أكثر، وَفقا لحال المخاطب الذي يكون خالي الذهن، أو مترددًا، أو منكرًا، هو أمر يقتضيه ما يظهر لنا من حال المخاطب، إلا أنَّ هناك اعتباراتٍ قد تحملنا إلى مخالفة ظاهر حال المخاطَب، فقد ينزل المخاطب المنكِر منزلة غير المنكِر، كقوله تعالى مخاطبًا من ينكر ألوهيَّته:: " وَإِلَـهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ " البقرة : 163
والظاهر يقتضي أن يكون الخبر مؤكدًا بمؤكدين أو أكثر، لأن المخاطبين منكرون للوحدانية إلا أن الخبر هنا جاء خاليا من المؤكدات، باعتبار أن هناك من الدلائل ما يغني عن تأكيد الوحدانية.
وفي قوله تعالى: " ثُمَّ إِنَّكُم بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ" المؤمنون: 15
جاء الخبر مؤكدا بمؤكدين هما: (إنَّ) و (اللام) والظاهر يقتضي أن يكون الخبر خاليا من أدوات التوكيد، فما من أحد ينكر حقيقة الموت، وإنزال غير المنكِر هنا منزلة المنكِر، باعتبار أن غفلة الناس عن الموت يظهرهم كأنهم منكرون له.
وفي قوله تعالى : " يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ" الحج:
أنزل المخاطَب خالي الذهن منزلة السائل المتردد، فالظاهر 1 يقتضي أن يكون الخبر خاليا من أدوات التوكيد؛ لأن المخاطب خالي الذهن من الحكم (إن زلزلة الساعة شيء عظيم) لكن تقدم في الكلام ما يشعر بنوع الحكم (يا أيها الناس اتقوا ربكم) مما جعل المخاطَب متطلعًا إلى الحكم ظاهرا بصورة السائل المتردد؛ فجاء الخبر مؤكدا بمؤكد واحد هو (إنَّ)
نتبين مما سبق أن الخبر يجري على خلاف مقتضى الظاهر لاعتبارات هي:
1- وجود دلائل وشواهد كافية لرد المنكِر عن إنكاره فيجعل كغير المنكِر.
2- ظهور علامات الإنكار على غير المنكِر فيُجعل كغير المنكر
3- وجود ما يشير في سياق الكلام بحكم الخبر فينزل خالي الذهن منزلة السائل المتردد.
الدرس السابع
ال*****
الطلبي وغير الطلبي
باستقراء أمثلة ال***** نجد أنه يقع بين نوعين:
الأول: يستدعي مطلوبًا غير حاصل وقت الطلب كقوله تعالى (آمرًا):
(وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)البقرة(110)
ونحو قوله (صلى الله عليه وسلم) (ناهيًا)
لا تَرْجِعُوا بَعْدي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقابَ بَعْضٍ
وكما يبدو في قول طالب لمعلمه (سائلا):
كم يبلغ طول نهر النيل ؟
وفي قول أبي فراس الحمْداني وهو يخاطب سيف الدولة (متمنيًا)
فليتك تـحلو والحياةُ مريرةٌ….وليتك تـرضى والأنامُغضاب
وأخيرا في قول شوقي (مناديًا):
يا ربِّ صلِّ وسلمْ ما أردت على .... نزيلِ عرشكَ خيرِِ الرُّسل كلهمِ
وهذا النوع من ال***** في كل ما مر معنا من أمثلة هو " ال***** الطلبي"
نتبين مما سبق أنَّ:
1- ال***** الذي يستدعي مطلوبًا غير حاصل وقت الطلب يسمَّى (ال***** الطلبي)
2- الأمر والنهي والاستفهام والتمني والنداء هي اشهر طرق ال***** الطلبي
أمَّا النوع الثاني من ال***** فلا يستدعي مطلوبا كما في قوله تعالى (مادحًا )سليمان عليه السلام:
"نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ" (ص: 30)
(وذامًّا) شراب الكفار في جهنم:
"بئس الشراب وساءت مرتفقا" (الكهف: 29)
ونحو قولنا (متعجبين) :
للهِ دَرُّهُ عَالِماً
ونحوُ قولِهِ تعالى: {كَيْفَ تََكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتاًفَأَحْيَاكُمْ}
وكما يبدو في قول عبد الله بن طاهر (مقسمًا):
لعمرك ما بالعقل يكتسب الغنى .... ولا باكتساب المال يكتسب العقل
وفي قول آخر (راجيًا) قرب الفرج:
عسى أن يكون الفرج قريبًا
وهذا النوع من ال***** هو ال***** غير الطلبي
نتبين مما سبق ما يلي:
1- ال***** الذي لا يستدعي مطلوبًا، يسمى ال***** غير الطلبي
2- التعجب، والمدح، والذم، والقسم، والرجاء، من طرق ال***** غير الطلبي
الدرس الثامن (الأمر) دورة علم المعاني
ال*****ُ الطَّلبيُّ
الأمر
الأمرُ كما عرفنا طريقة من طُرقِ ال***** الطلبي، ويُطلَبُ به حصول شيء لم يكنْ حاصلاً وقتَ الطلبِ، وما يهمُّنا هنا هو أن نتوصلَ إلى الإجابة عن أسئلةٍ ثلاثةٍ، وسوف نجعلُها مِحورَ اهتمامنا، ونحنُ نغوصُ في هذا البحر وهي:
-ما صِيغُ الأمر؟
- ما المعنى الحقيقيُّ للأمر؟
-ما المعاني البلاغيَّة التي يخرجُ إليها الأمر؟
إن أكثرَ صيغِ الأمر شيوعًا هي صيغةُ (فعلُ الأمر) من مثلِ قوله تعالى:
" أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ"
إلا أنَّ هناك صيغًا أخرى، كصيغةِ (المضارع المقرون بلام الأمر) نحو قوله تعالى: " لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ"
وصيغةِ (اسم فعل الأمر) نحو قوله تعالى :
" عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إذَا اهْتَدَيْتُمْ"
وصيغةِ (المصدر النائب عن فعل الأمر) نحو قوله تعالى:
" وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا"
وبذا نكونُ قد أجبنا عن سؤالنا الأول
نتبين مما سبق أن فعل الأمر، والمضارع المقرون بلام الأمر، اسم فعل الأمر، والمصدر النائب عن فعل الأمر، هي الصيغ الأربع التي يجيء عليها الأمر.
وللدرس صلة إن شاء الله
هل أعجبك الموضوع ؟
الدرس التاسع
أخوتي الكرام
لو نظرنا مرة أخرى في الآيات القرآنية السابقة من الدرس (الثامن) سنجدها أوامر صدرت من العالي المنزلة والشأن (الله عزَّ وجل) إلى مَنْ هم دونه في المنزلة (المؤمنون) على وجه التكليف والإلزام، وهذا هو المعنى الحقيقي الذي يفيده الأمر
المعاني البلاغية للأمر
أمَّا المعاني البلاغية الأخرى التي يخرج الأمر، فإنها تُستفاد من السياق وقرائن الأحوال
ففي قول أحمد شوقي :
رُبَّ عامٍ أَنت فيه واجد....ٌفادَّخرْ فيه لعامٍ لا تجِدْ
علمِ الآباءَ، واهتف قائلاً….: أيها الشعبُ، تعاونْ واقتصد
لم يكن الأمر على وجه الإلزام وإنما من باب (النصح والإرشاد) للاقتصاد في العيش، وإرشاد الناس إلى التعاون في هذا المجال.
وفي قوله تعالى مخاطبًا الصائمين: " وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ"
كان الأمر من باب (إباحة) الأكل والشرب ليلة الصيام، بلا وجه إلزام
ونجد أنَّ الأمر في قول المتنبي مخاطبا سيف الدولة:
أزلْ حسَدَ الحُسَّاد عنِّي بكبتهم ... فأنت الذي صيَّرتهم لي حُسَّدا
قد خرج ( للدعاء) لأنه صادر ممن هو أقل منزلة (الشاعر) إلى من هو أعلى منزلة الأمير
وقد خرج الأمر( للالتماس ) في قول امريء القيس لخليليه:
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل ... بسقط اللوى بين الدخول فحومل
لأنه طلب من خليليه الوقوف للبكاء على أطلال محبوبته، والطلب جاء هنا من الشاعر إلى من هم في منزلته.
إلا أنَّ الأمر في قول الشاعر نفسه:
ألا أيها الليل الطويل ألا انجل.... بصبح وما الإصباح منك بأمثل
قد خرج إلى (التمني) ؛ لأن الشاعر يطلب ما لا يُرجى حدوثه، فالليل غير عاقل ليلبيّ طلب الشاعر.
ومن المعاني التي يخرج إليها الأمر، لننظر في قوله تعالى:
" اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ"
فالله عز وجل يخبر المعذبين في نار جهنم، أن صبرهم على النار، أو عدم صبرهم سواء، لن يغير من الأمر شيئا، وبذلك يكون الأمر قد خرج لمعنى (التسوية) .
إلا أن الأمر قد خرج (للتخيير) في قول بشار بن برد مخاطبا مَنْ لا يحتمل الزلة من الصديق:
فعشْ واحدًا أو صلء أخاكَ فإنه.... مقارف ذنب مرةً ومجانبه
فهو يخيره بين أن يبقى وحيدا خاليا من الأصدقاء أو أن يصادق الآخرين واضعا نُصْبَ عينيه احتمالية وقوع الزلل من الأصدقاء بين الحين والآخر
ولو تأملنا معًا قوله تعالى في خطابه للمشركين:
" هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ"
فالله عز وجل يريد أن يبينلهم عجزهم عن الإتيان بخلق غير الله؛ لأن كل ما في الكون من خلق الله، فالأمر خرج هنا لمعنى (التعجيز)
إلا أنَّ الأمر الذي خرج (للتهديد) يظهر جليا في قول النبي (صلى الله عليه وسلم):
" إنَّ ما أدركَ الناس من كلام النبوة، إذا لم تستح فاصنع ما شئت"
لأن الإنسان لا يحق له فعل ما يشاء، فهناك ضوابط دينية وخلقية تمنعه من ذلك، لكن عبارة الرسول عليه السلام توحي بالتهديد بالعقاب على أعماله التي تخلو من خلق الحياء.
ويبدو (التحقير) واضحا في الأمر الوارد في قول الشاعر:
فدعِ الوعيدَ فما وعيدكَ ضائري.... أطنينُ أجنحةِ الذُّبابِ يُضيرُ
فالشاعر لا يكترث لوعيد المخاطب كما لا يكترث للطنين الصادر من أجنحة الذباب.
نتبين مما سبق أن الأمر يخرج إلى معانٍ بلاغية هي :
النُّصح والإرشاد، الإباحة، الدُّعاء، الالتماس، التمني، التسوية، التخيير، التعجيز، التهديد، التحقير
الدرس العاشر
المعاني البلاغيَّة التي يخرج إليها النهي
(1)
عرفنا أنَّ النهي طريقة من طرق ال***** الطلبي، ويُطلَبُ به الكفُّ عن عمل ما، وما أشبه الحديث عن النهي بالحديث عن الأمر، إذ كما تناولنا موضوعه سنتناول موضوع النهي من خلال أسئلة رئيسة هيَ:
ما صيغة النهي؟
ما المعنى الحقيقي للنهي؟
ما المعاني البلاغيَّة الأخرى التي يخرج إليها النهي؟
إنَّ النهي يقتصر على صيغة واحدة هي (لا الناهية والفعل المضارع) نحو قوله تعالى: {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم} الإسراء: 31
فالله عز وجل ينهى الناس على وجه الإلزام، عن قتل أولادهم مخافة الفقر، وإنك لتجد أن هذا النهي قد صدر من الله عز وجل ذي المنزلة العالية، على من هم دونه في المنزلة (الناس) ويأتي النهي بمعناه الحقيقي على هذا النحو.
نتبين مما سبق أنَّ:
1-للنهي صيغة واحدة هي: لا الناهية الجازمة والفعل المضارع.
2-طلب الكف عن عمل ما على وجه الإلزام والتكليف طلبًا جازمًا أو غير جازم، من الأعلى منزلة إلى الأدنى منزلة، هو المعنى الحقيقي للنهي.
(2)
إنَّ معرفتنا بالسياق وقرائن الأحوال تُجَلِّي لنا المعاني البلاغية الأخرى، التي يخرج إليها النهي، فما من شك في أن النهي الذي ورد في الآية على لسان المؤمنين:
{ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا}: البقرة : 286
قد خرج للدعاء؛ لأنه صدر من الأقل منزلة (المؤمنين) إلى الأعلى منزلة (الله عز وجل)
غير أن النهي في قول المعرِّي مخاطبا صديقه:
لا تَطْويا السِّرَّ عنِّي يوم نائبةٍ .... فإنَّ ذلك أمْرٌ غيرُ مغتفر
قد خرج إلى الالتماس؛ لأنه صدر من الشاعر إلى من هما في منزلته.
أمَّا النهي في قول القائل:
لا تَغْرُبي أيتُها الشَّمسُ
فقد خرج للتمني؛ إذ يخاطب القائلُ الشمسَ التي لا تعقل، فيستحيل إجابة طلبه.
نتبين ما سبق أن النهي يخرج إلى معان بلاغية منها:
الدعاء
الالتماس
التمني
الدرس الحادي عشر (المعانيالبلاغية التي يخرج إليها الاستفهام) دورة علم المعاني
(1) مفهوم الاستفهام
الحديث عن الاستفهام ليس غريبا علينا، ولا سيما إذا كان الحديث عن مفهومه وأدواته، ولا بأس أن نذكر بمعنى الاستفهام .
إن إطلاق الاستفهام بأي من أدواته يعني في الأصل طلب العلم بشيء لم يتقدم للسائل معرفة به؛ إذ لو سألك أحدهم:
أين يتكوَّن اللؤلؤ الطبيعيّ؟
فإنه بسؤاله يطلب منك معرفة غير موجودة لديه، وهو يستخدم بسؤاله أداة تناسب المعرفة المطلوبة، فهو هنا أراد أن يسألك عن المكان الذي يتكون فيه اللؤلؤ الطبيعي فاستخدم (أين) ولو أراد أن يسألك عن الأحوال التي يتكون فيها، لسألك ب (كيف) قائلا:
كيف يتكون اللؤلؤ الطبيعي؟
وهكذا...............
يتبع إن شاء الله
(2) المعاني التي يخرج إليها الاستفهام
صار معروفا لدينا أن المعاني البلاغية إنما تستفاد من السياق، وقرائن الأحوال، ففي قول البحتري:
هلِ الدَّهرُ إلا غَمْرةٌ وانجِلاؤها..... وشيكًا وإلا ضِيقةٌ وانفِراجُها
لم يكن الاستفهام طلبًا من الشاعر للعلم بشيء لم تتقدم معرفة به، وإنما أراد الشاعر بالاستفهام نفي أن يكون الدهر سوى غمرة ثم تنجلي، وضيق يعقبه فرج قريب، فخرج الاستفهام عن معناه الحقيقي إلى معنى آخر هو (النفي)
وعندما قال جرير مادحا :
ألسْتُمْ خيرَ مَنْ رَكِبَ المطايا ....وأَنْدَى العَلمينَ بطونَ راحِ
لم يرد أن يستفهم عن حال ممدوحيه، فهو عالم بهم، إنما أراد القرار بأنهم خير الناس شجاعة وكرما، فكان خروج الاستفهام إلى معنى (التقرير)
أمَّا المتنبي في حديثه عن الحُمَّى التي ألمَّت به:
أبنتَ الدَهرِ عِندي كُلُّ بنتٍ..... فكيفَ وصلتِ أنتِ مِنَ الزِّحامِ
فيتعجب باستفهامه من استطاعتها النفاذ إليه، بالرغم من تزاحم المصائب عليه، فخرج استفهامه ‘لى معنى (التعجب)
غير أن الاستفهام في الآية:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ(*) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}
قد أراد به تعالى إثارة شوق المؤمنين لهذه التجارة المنجية من العذاب، فخرج الاستفهام إلى التشويق لأن المتكلم يستدرج المخاطب إلى الانتباه، ثمَّ يواصل تفاصيل الحديث دون رد فعل من المخاطب
نتبين مما سبق أن الاستفهام يخرج إلى معانٍ بلاغية منها:
1- النفي
2- التقرير
3- التعجب
4- التشويق
للموضوع بقية إن شاء الله
يتبع
الصفحة الأخيرة
صعب ؟؟؟
والله دخلنا الجامعه وكنا نحس البكالوريوس شئ صعب وهذا نحن الحمدلله بفضل الله حاصلين عليها
تفاااااااااااائلووووووو
تفائلو بالخير تجدي انا عند ظن عبدي بي او كما قال
احسني ظنك بربك وربي بيوفقنا
هذا رابط لكتب الثانوي جديد
http://archive.org/details/SaudiHighSchoolArabicTextBooks