..........
>قال تعالى : ( وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا جاءوها
>وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين ) .
>يالها من لحظات سعيدة ! ! إنها لحظة الفوز العظيم بعد الخلاص من هول
>الحساب ، وشدة الموقف ، وقسوة العرض ، وطول الوقوف في عرصات القيامة .
>إنها لحظات تستحق أن يقدم لها العاقل عمره عاكفا في محاريب العبادة
>قانتا لله تعالى ، قائما على قدم وساق يمجد ربه تعالى ، ويمشي حثيثا
>إلى هذه اللحظات التي تلوي الأعناق شوقا إليها . إنها لحظات فتح
>الأبواب ، وقد انتشرت ملائكة الرحمن في أبهى زينتها عليها سيماء الوقار
>والإجلال ، تتلألأ وجوههم كأنها الكواكب الدراري وقد ارتسمت على شفاههم
>ابتسامات تملأ النفس سرورا وحبورا تتلقى أهل الجنة بالسلام "سلام عليكم
>" . ما أحلاها من كلمات ! ! إنها تقشع عن النفس ملامح الخوف والفزع
>والهول وتزيل - إلى الأبد - شبح الاضطراب والقلق . "طبتم " إنها كلمة
>تلقى بكل ظلال الحبور على تلك الأنفس الكريمة التي أتعبت نفسها في
>سويعات الدنيا فأورثت طيبا وكرامة لا أمد له ولا نهاية . " فادخلوها
>خالدين " . يالها من بشرى تتطمأن إليها النفوس ! ! إنه الخلد الأبدي في
>جنة الفردوس ، دار الكرامة والنعيم المقيم . لقد بشروا من أول وهلة
>بالدخول إلى المقاعد والمنازل والخلود فيها ، فطوبى لقوم تلك بشراهم
>وهذه دارهم .
>
>وصدق القائل
>
>أجنب جيادا من التقوى مضمرة** للسبق يوم يفوز الناس بالسبق
>
>واركض إلى الغاية القصوى وخل لها** عنان صدق رمى في فتية صدق
>
>فإن خلفك أعمالا مشبطة*** ولست تنهض إلا ويك بالعنق
>
>وتأمل معي - جعلني الله وإياك من أهلها - قول الله تعالى : ( جنات عدن
>مفتحة لهم الأبواب يدعون فيها بفاكهة كثيرة وشراب). فالجنة إذا فتحت
>أبوابها ، واستقبلهم بالسرور خزنتها ، لا تغلق بعد ذلك أبدا ، وتتنزل
>عليهم بركات ربهم وفيض بره - سبحانه - في كل آن وأوان ، فشد المئزر
>واستعد لدار الكرامة علك تحظى بدخولها .
>
>ما بين مصراعي باب الجنة
>
>والان عند الباب لنلقي نظرة على سعة تلك الأبواب التي هياها الرحمن -
>سبحانه - لأ وليائه . روى مسلم وأحمد عن عتبة بن غزوان قال : "لقد ذكر
>لنا أن ما بين المصراعين في الجنة مسيرة أربعين سنة ، ولياتين عليه يوم
>وإنه لكظيظ من الزحام "(2) . وروى الطبراني في معجمه الكبيرعن عبدالله
>بن سلام : "إن ما بين المصراعين في الجنة مسيرة أربعين سنة ، يزاحم
>عليه كازدحام الإبل وردت لخمس ظما"(3) . يا لها من لحظات تستشوف النفوس
>إليها ! ! إنه الزحام على الفردوس . . ، على الخلد . . ، على النعيم
>المقيم . . ، على دار السلام . . . ، على ما لا عين رأت ولا أذن سمعت
>ولا خطر على قلب بشر . . ، إنه الزحام على الرضوان الأكبر.. . على سدرة
>المنتهى . . . على الفوز العظيم . . على السعادة الأبدية . ولله در
>القائل :
>
>واعمل لدارنعيم لانفاد لها** ولا يخاف بها موت ولا هرم
>
>مفتاح الجنة
>
>لكل دارمفتاح ، ولكل مفتاح أسنان ، ومفتاح الجنة : لا إله إلا الله .
>أخرج البخاري في صحيحه عن وهب بن منبه أنه قيل له : "أليس مفتاح الجنة
>لا إله إلا الله ؟ قال : بلى ، ولكن ليس مفتاح إلا وله أسنان ، فإن
>أتيت بمفتاح له أسنان فتح لك وإلا لم يفتح "(1). وعن معاذ رضي الله عنه
>قال : قال رسول الله صلى الله غليه وسلم : "مفتاح الجنة شهادة أن لا
>إله إلا الله""(2).
>
>فيا عاشق الجنة أكثر من ذكر "لا إله إلا الله " فإنها مفتاح سعادتك ،
>ومفتاح دارك ، وميراث كنزك ، ورفعة درجاتك ، ونضارة وجهك ، وسر سؤددك .
>عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله غليه وسلم قال : "من
>قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على
>كل شيء قدير في يوم مائة مرة كانت له عدل عشررقاب ، وكتبت له مائة حسنة
>ومحيت عنه مائة سيئة ، وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي ،
>ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا رجل عمل أكثر منه "(3) .
>
>هذا مفتاح دارك يا عبدالله فلا تغفل عن مفتاح بيتك حتى لا يظل موصدا
>دون أملك ورجا ئك .
>
>ألا ما أغفل الخلق عن تلك المفاتيح التي تحل كل المغاليق ! !
>
>ألا ما أزهد الغافلين عن مفاتيح الخير ! !
>
>ألا ما أفقر الناس وفي أيديهم - لو عقلوا - ميراث السعادة ! !
>
>ألا ما أسعد الهاتفين باسم الله الأعظم قياما وقعودا وعلى جنوبهم ! !
>
>هذا وفتح الباب ليس بممكن ***إلا بمفتاح على أسنان
>
>مفتاحه بشهادة الاخلاص *** والتوحيد تلك شهادة الإيمان
>
>أسنانه الأعمال وهي شرائع *** الإسلام والمفتاح بالأسنان
>
>لا تلغين هذا المثال فكم به *** من حل إشكال لذي الفرقان
>
>مفاتيح الخير
>
>ذكر ابن القيم - رحمه الله - في كتابه "حادى الأرواح ! مفاتيح للخير ،
>آثرت أن أذكرها فقال : "مفتاح الصلاة الطهور ، ومفتاخ الحج الإحرام ،
>ومفتاح البر الصدق ، ومفتاح الجنة التوحيد ، ومفتاح العلم حسن السؤال ،
>وحسن الإصغاء ، ومفتاح النصر والظفر الصبر ، ومفتاح المزيد الشكر ،
>ومفتاح الولاية المحبة والذكر ، ومفتاح الفلاح التقوى ، ومفتاح التوفيق
>الرغبة والرهبة ، ومفتاح الإجابة الدعاء ، ومفتاح الرغبة في الأخرة
>الزهد في الدنيا ، ومفتاح الإيمان التفكر فيما دعا الله عباده إلى
>التفكر فيه ، ومفتاح الدخول إلى الله إسلام القلب وسلامته له والإخلاص
>له في الحب والبغض والفعل والترك ، ومفتاح حياة القلب تدبر القرآن
>ؤالتضرع بالأسحار وترك الذنوب ، ومفتاح حصول الرحمة الإحسان في عبادة
>الخالق والسعي في نفع عبيده ، ومفتاح الرزق السعي مع الاستغفار والتقوى
>، ومفتاح العز طاعة الله ورسوله ، ومفتاح الاستعداد للآخرة قصر الأمل ،
>ومفتاح كل خير الرغبة في الله والدار الاخرة ، ومفتاح كل الشر حب
>الدنيا وطول الأمل "(1) . فحرى بالعاقل أن يعد لكل باب مفتاحا حتى يلج
>أبواب الخير.
>
>عند باب الجنة
>
>عند باب الجنة نهاية السباق ، وجائزة التنافس ، وتحقق الامال ومحط
>الرحال ، وبداية السعادة ، ونهاية الجهد والنصب . عند باب الجنة بداية
>النعيم ، وأول القطاف . . . عند باب الجنة كما وصف رسول الله صلى الله
>عليه وسلم : "وينتهون إلى باب الجنة فإذا حلقة من ياقوتة حمراء على
>صفائح الذهب
>
>عند باب الجنة شجرة عظيمة ينبع من أصلها عينان لشرب الداخلين والأخرى
>لاغتسالهم ، فيشربون من الأولى لتجري نضرة النعيم في وجوههم فيخرجون
>تتلألأ كأنها القمر ليلة البدر . ويشربون من الثانية فلا تشعث أشعارهم
>. قال تعالى ( تعرف في وجوههم نضرة النعيم يسقون من رحيق مختوم ختامه
>مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون * (1) . وفي الحديث : "عند باب الجنة
>شجرة ينبع من أصلها عينان فإذا شربوا من إحداها جرت في وجوههم نضرة
>النعيم ، وإذا شربوا من الأخرى لم تشعث أبشارهم أبدا" (2) . الله أكبر
>. . . هل بعد هذا التكريم تكريم ؟! هل بعد هذا النعيم نعيم ؟! هل بعد
>هذا السرور سرور عددأبواب الجنة
>
>ولنقف عند الجنة لنتأمل أبوابها : عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال :
>قال رسول الله الله صلى الله عليه وسلم: "في الجنة ثمانية أبواب ، باب
>منها يسمى الريان لا يدخله إلا الصائمون فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل
>غيرهم "(3) . وعن أبي هريرة وسهل بن سعد أن رسول الله الله صلى الله
>عليه وسلم قال : "من أنفق زوجين في سبيل الله من ماله نودي من أبواب
>الجنة يا عبدالله هذا خير ، فمن كان من باب الصلاة دعي من باب الصلاة ،
>ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد ، ومن كان من أهل الصيام دعي
>من باب الريان ، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة ، فقال أبو
>بكر رضي الله عنه : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما على من دعى من تلك
>الأبواب من ضرورة ، فهل يدعى أحد من تلك الأبواب كلها ؟ قال : نعم
>وأرجو أن تكون منهم "
>
>إنها بشرى طيبة للعابدين والقائمين بواجب العبودية للخالق صلاة . .
>وصياما .. وصلة . . وبرا . . وجهادا . ثم طوبى للباحثين عن الجنة من كل
>الطرق وجميع الدروب . سبحان الله ! ! ما أعظم الساعين الصديقين الذين
>ينقبون عن النعيم والخلد في كل عمل وصلة وعبادة وبذل ، إنهم يريدون
>الجنة من جميع الأبواب. آلا ما أعلى الهمم ! ! وما أرخص الحياة ! ! بل
>ما أجمل الصدق والإخبات لدى شباب الجنة وفرسان حلبتها ! ! وروي أحمد في
>مسنده ومسلم في صحيحه وأهل السنن عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال :
>قال رسول الله الله صلى الله عليه وسلم: "من توضأ فأحسن الوضؤ ، ثم رفع
>بصره إلى السماء فقال : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ،
>وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من
>أيها شاء"(ا). فأبواب الجنة ثمانية ، يدخل المؤمنون حسب أعمالهم من تلك
>الأبواب .
>
>فيا خاطب الحسناء إن كنت راغبا*** فهذا زمان المهر فهو المقدم
>
>قبل الدخو ل
>
>الجنة طيبة لا يدخلها إلا الطيبون ، ومن هنا لزم تنقيتهم وتهذيبهم قبل
>دخولهم دار الكرامة . روى البخاري في صحيحه عن أبي سعيد الخدري رضي
>الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
>
>: "يخلص المؤمنون من النار ، فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار ،
>فيقتص بعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا ، حتى إذا هذبوا ونقوا
>أذن لهم في دخول الجنة فوالذي نفس محمد بيده لأحدهم أهدى بمنزله في
>الجنة منه بمنزله كان في الدنيا"(1) . وصدق الله تعالى : ( ويدخلهم
>الجنة عرفها لهم ) . نعم : يعرفون دارهم -وعزهم . . وخلدهم ، ونعيمهم
>فتلك منازلهم الحقيقية ، وهم هنا في الدنيا في دار الغربة والفتنة
>والابتلاء ريثما يعودون إلى مستقر النعيم.
>
>أول من يدرك حلق الجنة
>
>عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا أول
>من يقرع باب الجنة"(1)

نصر @nsr_1
محرر في عالم حواء
هذا الموضوع مغلق.

أبو الحسن
•
بارك الله فيك

الصفحة الأخيرة