فيضٌ وعِطرْ

فيضٌ وعِطرْ @fyd_oaatr

فريق الإدارة والمحتوى

-(جَمْرَةٌ تَحْتَ الرّمادْ )- لَوْحَة

الأدب النبطي والفصيح



بقايا موقد مشتعل ..
اكتضّ بالرماد ..
غادره منذ صحوةٍ ..
صفير إبريق الشاي ..
وبخار دلة القهوة ..
وتأجج الجمر المتّقد ..
وبقيت النكهات متشربة ..
صدر الهواء الدافئ ..
وبقي الصدى يتردد في سمع المكان ..
يضرب على وترها كدقات ساعة القلب ..
وكأن ذرات الأطياف تجسّمت في رحبة الدار.


ذاكرتها الآنية تعبر بها إلى الزمن المجروح..
تسافربها و تستعيد التفاصيل ..
كل همسةٍ ونأمةٍ ونبرة..
كل عرقٍ ينبض في شريانٍ ووريد
حيث هي .. لم تبرح المكان
وحدها بقيت منحنية .. فوق الموقد المحتضر
تنبش بقاياه بملقط الحديد..
وهي تستشعر دبيب البرودة يسري في أطرافها
ويتغلغل إلى عروقها
لعلَّ جمرة تحت الرماد .. لم تزل متوهجة ..
تبعث الدفء في أناملها ..
وتلمس قلبها المستوحد المقرور..


هنيهات يقظة لاتزال تجاذب الفكر وتصارعه
ثم ما لبثت أن شرد بها قارب الذهن
موغلاً في السفر ...
وأصابعها لاتزال تجذف في بحر الرماد ..
وقد اختلط الواقع بالذكرى فصار الرماد موجاً
وعزفت الرياح وهاجت الأنواء
وارتفع الموج إلى عنان الفضاء ..
ثم هوى على صدر الشوق في شاطيء المهجة
يضرب بعنف ..!!
فإذا بجمرة تحت رماد القلب تنتفض .. وتتوقد
حيث كبا القلب ولم ينهض ..
حيث جرت البيعة بينه وبين الحلم الراقص فوق الوهم
حيث شرب الحزن ، ونزف الحزن ، واستأصلته الأحزان
حيث ألمّ به الصمت .. وتركه في كومة من الحنين
تخثرها السنين .. مختنق الصوت ..
هنالك انتفضت الجمرة لتبعث من بين الرماد ..!


ياابنة اللحظة ..!
لاتبعدي عن جرحك طويلاً .. وقلّبي رماده ..
حتى لايسرقه منك النسيان ..!
هكذا همست شرايينها
التي فارت بها الجمرة المخبوءة تحت ركام الوتين
وتابعت :
أنت وحدك ..!
رغم القلوب التي أحاطتك برهة خلت ..
قلبك لايزال لحناً مفرداً..
مقطوع الوتر ..
يتّمته منافي الصمت والحلم العصي ..
لايزال يحصي أنين العمر .. وثواني الفرح المخنوقة
ويعشق الضوء الذي كبلته العتمة ..
لاتزال الجمرة المنزوية تحت الرماد
تشهد أنه حي يرزق..
وإن غابت فيه الحياة عن الوعي
واغترب في تيه الأسى وبعثرته رياح التجلد
وإن أجفلت خيل اشتياقه فأفلتت الزمام ..
وإن انفض سامر الغناء عنه
دون أن يطلق آهاته الحبيسة من دماءه المسافرة بالوجد
وإن تسرب من بين أصابعه ماء الحياة الرائق
فبات يجري خلف أمواج الظلال
علّ موجة تحمله إلى ضفاف السكينة ..!


ياابنة الأشجان ..!
عودي من متاهة الوجدان
وانسلّي من طوفان مشاعرك الرهقة
غادري شرود السفينة التي تصارع القلوع
واطفئي دمع محاجرك الذي يمور في غور الجوى
ودثري الجمرة المتوهجة في القلب المرمد
بأضلاعك التي ينام فيها الهمّ ملتحفاً
ليبقى جزء منك ..
يشهد أنك تحفظين فيه وهجاً من الحياة
وإن تآكله بصمت من تحت الرماد
فالحياة بدون قلب ينبض ،
وإن كان بالألم
لاتساوي شيئاً..


تقوم من انحناءتها بتثاقلٍ وبطء..
وقد شاخ فيها كل عرقٍ قبل الأوان
تفرغ الموقد من بعض رماده ..
وتلملم شتات البعض الآخر للوقود الآتي..
فإذا بها تلمح انبعاث ومضة..!
ياه ..!
تهمسها دهشة رسمت ملامح وجهها
( ماهذا الذي يتوارى خلف الطلول؟!)


هي جمرة صغيرة لاذت بكهف الرماد ..
قاومت أنفاسها رياح الفناء
وتوارت لتحفظ كينونتها المتوهجة من الانطفاء
( حتى هذه الجمرة الضعيفة تجاهد إلى آخر الومض ؟!!)

ترد عليها لحاف الرماد بإشفاق
وتتلمس موقع قلبها ..
حيث ترقد جمرته ..
فتهيل فوقه الرماد ليسكن ..
وتنهض بتثاقل
لتفتح الباب الذي امتدت اليه يد الطرق
وتستقبل مايأتي بوجه مبتسم
لاينم عن شيء من ملامح المعاناة والصراع
بين الرماد والجمرة
بين القلب والعذاب

هزت رأسها أسفاً..ومطت شفتيها ..
ومن خلال زفرة وحسرة وتنهيدةٍ
كان لسان حالها يردد:
هكذا هي الحياة ..
جمرة تحت الرماد ..!
18
3K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

نعمة ام احمد
نعمة ام احمد

ياإبنة اللحظة !!
لا تبعدي عن جرحك طويلا .. وقلبي رماده ..
حتى لا يسرقه منك النسيان .

لا تعليق يافيض عطر على هذه الجواهر الفاخرة.. سوى
الوقوف طويلاً أمامها بإعجاب وزهو !!
أحسست بصقيع أجوائه بالرغم من وجود جمرةٍ تحت
الرماد...
حماك الله حبيبتي
فأنت إبداع الواحة
المحامية نون
المحامية نون
شعرت وانا أقرأ هذه الخاطرة وكأني أمام
احد فصول مسرحية تراجيدية أشاهد حركات
بطلتنا الانفعالية وتقاطيع وجهها وهي تقلب رمادا
كما تقلب سنين مضت في ذاكرتها
بكل ما تحمله من مشاعر وكأنها اسطورة حالم
يقف على الاطلال .
نعم في قلب كل منا جمرة صغيرة نحاول
أن نخمدها لكنها تأبى إلا المكوث
فنرسم مثل ابتسامة بطلتنا على شفاهنا
عندما تطرق الأبواب
سلم لنا ينبوع فكرك دافقا نرتوي منه
عذب الكلمات
حنين المصرى
حنين المصرى
فيض الحبيبة
لكلماتك اليوم بريق خاص حقا هى جواهر نادرة تنبثق منها بارقة اﻻمل
رغم الرماد والصقيع
هناك ومضة من اﻻمل ﻻ زالت تصارع من اجل الحياة
ومن جمرة صغيرة ﻻبد لكل الجمرات المنطفئة ان تتقد
سلم فكرك المبدع حبيبتي فقد استمتعت حقا بهذه اللوحة الفنية الرائعة
تغريد حائل
تغريد حائل
على مشارف جمرة يلْفحها هجير السنين
كان للرماد أنين من بقايا احتضار
وللاشتياق موعداً مصلوب النهايات..!
كلمات موجعة أختلطت بجوف لحظة
فأحرقت أصابع الوجد المخملي
وذرَّت في عين الوله حفنات من لهيب الجفاء..!
آه يافيض
سأُقبّل جبين الصمت
وألوذ في دهاليز الوجع..!
دمتِ ياشذى البنفسج
وسندس الكلم الفاتن!!
نور يتلألأ
نور يتلألأ
حزين يا فيض
كلمات حزينة إلا أنها عذبة ورقيقة في ذات الوقت
فعلا علينا أن ننثر الرماد على آلامنا
لا فائدة ترجى من تذكرها
فتذكر الذكريات الحزينة يزيدنا ألما

ولهذا علينا أن نغطيها بالرماد ونبدأ بالتفتيش عن ذكرياتنا الجميلة
لنتمكن إكمال مسيرة الحياة بابتسامة صادقة تنبع من شعورنا بالامتنان لوجود هذه الذكريات الجميلة في حياتنا

باركك المولى يا فيض لا حرمنا الله قلمك المعطاء