شامخة الهمة
شامخة الهمة
السلام عليكم كيف احوالكم افتقدتكم كثير وحشتينى جداً استاذه تهانى كم لكى مكان فى قلوبنا الحمدلله اتممت حفظ جزئية السبت من سورة الذاريات من 1 الى 23 وايضاً النصف الحزب الاول من جزء المجادله
السلام عليكم كيف احوالكم افتقدتكم كثير وحشتينى جداً استاذه تهانى كم لكى مكان فى قلوبنا الحمدلله...
تم بحمدالله حفظ الذاريات من 24 ـ 42
زهرة الالماس
زهرة الالماس
حفظت الى ايه 51 من سورة الذاريات
اسفه ماانتبهت ان شاء الله اكمل غداً ملحوظه التوقيت مختلف عندى يعنى اسبقكم بكم ساعه
tahani-2007
tahani-2007
مسائكم مغفرة غالياتي
استمع حالياً لتأملات قرانية في الذاريات للمغامسي
درس قيم انصحكم به
اليكم التفريغ النصي ومن تود الاستماع تجده على الرابط

http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=audioinfo&audioid=218511



( سلسلة تأملات قرآنية - تأملات في سورة الذاريات ) للشيخ : ( صالح بن عواد المغامسي ) التفريغ النصي

عناصر الموضوع

1 قراءة بيان جملة أمور في التأملات القرآني 2 قراءة ذكر نسبة سورة الذاريات وموضوعها

3 قراءة تفسير قوله تعالى: (والذاريات ذرواً...)

بيان المراد بالذاريات والحاملات والجاريات والمقسمات

4 قراءة تفسير قوله تعالى: (إنما توعدون لصادق...)

5 قراءة تفسير قوله تعالى: (والسماء ذات الحبك)

6 قراءة تفسير قوله تعالى: (إنكم لفي قول مختلف يؤفك عنه من أفك)

7 قراءة تفسير قوله تعالى: (إن المتقين في جنات وعيون...)

بيان معنى قوله تعالى (آخرين)
بيان معنى قوله تعالى (كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون)
بيان معنى قوله تعالى (وبالأسحار هم يستغفرون)

8 قراءة تفسير قوله تعالى: (هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين...)
ذكر ما قيل في تعيين الذبيح
بيان بشارة الملائكة لزوج إبراهيم
بيان حصول الأنس بالمؤاكلة
بيان كرامة الملائكة

9 قراءة ذكر خبر عاد

10 قراءة تفسير قوله تعالى: (فتول عنهم فما أنت بملوم)

...

يتبع
tahani-2007
tahani-2007
سلسلة تأملات قرآنية - تأملات في سورة الذاريات



يقسم الله تعالى في سورة الذاريات بجملة من مخلوقاته على وقوع يوم القيامة، ويقسم مرة أخرى على مجيء قول جديد لم يعهده كفار قريش، هو أمر الوحي والنذارة، وذلك دعوة إلى توحيد الله تعالى وإفراده بالعبادة مبيناً في ذلك فضيلة عباده الصالحين الموحدين القائمين ليلهم المنفقين أموالهم في سبيله، وعاقبة المكذبين المخالفين بهلاكهم، داعياً نبيه إلى استمراره في الذكرى النافعة للمؤمنين.

بيان جملة أمور في التأملات القرآني


بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، خلق فسوى وقدر فهدى وأخرج المرعى فجعله غثاءً أحوى، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله نبي الأميين ورسول رب العالمين، آخر الأنبياء في الدنيا عصراً وأرفعهم وأجلهم يوم القيامة شأناً وذكراً، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وعلى سائر من اقتفى أثره واتبع منهجه بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فإن السور التي سنشرع في تفسيرها -بإذن الله تعالى- هي في الجزء السابع والعشرين من كتاب الله تبارك وتعالى، ومعلوم أن الجزء السابع والعشرين يبدأ من آخر سورة الذاريات، وسنشرع -إن شاء الله تعالى- في تفسير سورة الذاريات كاملة، وسنقف في كل درس -إن شاء الله تعالى- مع سورة من هذا الجزء، بدءاً بالذاريات ثم نثني بالطور، وهكذا بحسب ترتيب المصحف. الأمر الثاني: أننا لا نقف عند كل آية؛ لأن الله جل وعلا أخبر أن كتابه مثاني، بمعنى: أنه يثنى ويكرر، بل سنقف وقفات معينة. الأمر الثالث: أن الغاية من الدرس كله تأملات في كتاب الله، واطلاع على المسائل العلمية، وقليلاً ما يكون الوعظ؛ لأن المخاطب بالدرس أولاً طلبة العلم، وإن كان الوعظ لا يستغني عنه أحد، ولكنه لا يكون هو قوام الدرس في الغالب. الأمر الرابع: أننا لا نعذر أنفسنا في أننا لم نترك قضية إلا ونحاول قدر الإمكان الإشباع العلمي فيها، بمعنى أننا نتكلم في المقام الأول مع طلاب العلم، فما لا يحسن كتمه عنهم وينبغي أن يعرفوه سنعرج عليه ونعرض له بحول الله تبارك وتعالى وقوته، سائلين الله جل وعلا أن يجعلنا أعمالنا خالصة لوجهه الكريم؛ إنه سميع مجيب. ......


ذكر نسبة سورة الذاريات وموضوعها

ثم إن السورة هي سورة الذاريات وهي سورة مكية تعنى كغالب السور المكية -بشأن مسائل العقيدة، وذكر دعائم التوحيد، فعلى هذا أكثر سور القرآن المكية، وقد بينا في دروس سلفت الفرق بين القرآن المكي والقرآن المدني، وذكرنا الخلاف في ذلك، واخترنا أن السور المكية هي التي نزلت قبل الهجرة بصرف النظر عن موطن نزولها، وأن السور المدنية: هي التي نزلت بعد الهجرة بصرف النظر عن موطن نزولها. وقلنا: إن قول الله تبارك وتعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا نزل على النبي صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة وهو عليه الصلاة والسلام داخل الكعبة يهم بالخروج منها، ومع ذلك نقول: إن هذه الآية مدنية؛ لأنها نزلت بعد الهجرة. ......



تفسير قوله تعالى: (والذاريات ذرواً...)

قال الله جل وعلا وهو أصدق القائلين: وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا * فَالْحَامِلاتِ وِقْرًا * فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا * فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا * إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ * وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ * وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ * إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ . صدر الله جل وعلا هذه السورة بقسمين: قسم متتابع، وقسم منفرد. فالقسم المتتابع هو قوله تبارك وتعالى: وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا * فَالْحَامِلاتِ وِقْرًا * فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا * فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا ، فالفاء هنا عاطفة على ما قبلها، وجواب القسم هنا هو قوله جل وعلا: إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ * وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ . ثم أقسم تبارك وتعالى قسماً منفرداً عن الأول غير متصل به فقال جل وعلا: وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ * إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ . ......



بيان المراد بالذاريات والحاملات والجاريات والمقسمات

أما تفسير الآيات فإن العلماء رحمهم الله اختلفوا في معنى: (الذاريات)، و(الحاملات)، و(الجاريات)، و(المقسمات)، وجمهور المفسرين على أن المقصود بـ(الذاريات) الريح، ويؤيده من القرآن قول الله جل وعلا: تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ . وأن المقصود بقوله تعالى: فَالْحَامِلاتِ وِقْرًا السحب، والذي تحمله هو الماء. وأن المقصود بقوله تعالى: فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا السفن، تجري بيسر وسهولة في البحر، ويؤيده من القرآن قوله تعالى: وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالأَعْلامِ . وأن المقصود بقوله تعالى: فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا الملائكة، ولكنهم يقولون: ليس المقصود جميع الملائكة، وإنما المقصود أربعة منهم: وهم جبريل للوحي والحرب، وميكال للرحمة والغيث والرياح، وإسرافيل للنفخ في الصور، وملك الموت لقبض الأرواح، وإن قدمت ملك الموت على إسرافيل كان ذلك أليق في الخطاب، فملك الموت لقبض الأرواح، وإسرافيل للنفخ في الصور. فهؤلاء الأربعة من مخلوقات الله، وأقسم الله جل وعلا بهم، وأداة القسم هنا هي (الواو)، فمعناها القسم، وعملها جر ما بعدها ولذلك قال تعالى: وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا * فَالْحَامِلاتِ وِقْرًا * فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا * فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا * إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ * وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ ، فالجواب هنا جواب القسم، لتأكيد ما كان القرشيون ينكرونه من قبل، فالسور المكية نزلت على قوم ينكرون البعث والنشور، فأهم قضية عالجتها السور المكية هي قضية الإيمان بالله واليوم الآخر. ومن جملة الآثار التي تدل على صحة هذا التفسير -أي أن (الجاريات) هي السفن، (والحاملات) هي السحب، (والذاريات) هي الريح، (والمقسمات) هي الملائكة- ما روي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وأرضاه أنه صعد المنبر ثم قال في أول من خلافته أيها الناس! اسألوني قبل أن تفقدوني؛ فإنكم لن تسألوا بعدي من هو مثلي. فقام إليه رجل يقال له ابن الكواء ، فقال: يا أمير المؤمنين! ما (الذاريات ذرواً)؟ فقال: الريح، قال: فما (الحاملات وقراً)؟ قال: السحب. قال ما (الجاريات يسراً)؟ قال: السفن، قال فما (المقسمات أمراً)؟ قال: الملائكة. فهذا الأثر يدل على صحة قول جمهور المفسرين بما ذكرناه. وبعض العلماء يقول: إن (الذاريات ذرواً) هي المرأة عندما تحمل، وبعضهم حملو على غير ذلك، ولكننا نقف هنا عند قول جماهير العلماء؛ لأن الأثر يدل عليه، وكذلك يدل عليه كلام الرب جل وعلا كما بينا في ذكرنا لما يدل على الجاريات وعلى الذاريات.
tahani-2007
tahani-2007
تفسير قوله تعالى: (إنما توعدون لصادق...)

وقلنا: إن جواب القسم: إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ * وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ ، فقوله تعالى: (ما توعدون) أي: البعث، والدين المقصود به هنا: الجزاء والحساب. وكون الرب جل وعلا يقسم بأربعة من مخلوقاته فيه شرف لمن أقسم الله بهم، وفي نفس فيه دلالة على أهمية القضية، ولذلك جعل الله الإيمان باليوم الآخر أمراً يترتب عليه الكفر والإيمان، فمن آمن بالله بوجود الله ولم يؤمن باليوم الآخر بالبعث والنشور لا يعتبر مؤمناً، ولكن ليس كل من آمن باليوم الآخر يعتبر مؤمناً حتى يؤمن بالحساب والعقاب الذي أخبر به الرسل، فاليهود والنصارى يؤمنون باليوم الآخر، ويؤمنون بأن هناك جنة وناراً، ولكنهم يزعمون أن الجنة لهم والنار لغيرهم، قال الله جل وعلا: وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ ، وقال الله جل وعلا: وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا ، وقالوا: لن ندخل النار إلا أياماً معدودات. وهذا كله إخبار منهم بأن هناك بعثاً ونشوراً، وهم مؤمنون بالبعث والنشور، ولكنهم يؤمنون بأمور أخر، منها: أنهم يجعلون مع الله آلهة أخرى، فقد زعمت اليهود أن عزيراً ابن الله، وزعمت النصارى أن المسيح ابن الله، فأركان الإيمان المنصوص عليه في حديث جبريل عليه السلام لابد من الإتيان بها كلها، حتى يحكم على أي رجل بأنه مؤمن. ......


تفسير قوله تعالى: (والسماء ذات الحبك)


ثم قال تبارك وتعالى: وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ * إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ * يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ ، هذا قسم آخر غير متتابع جاء لوحده. وجملة ما يقال في معنى قول الرب جل وعلا: وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ أي: والسماء ذات الخلق الحسن، وأقوال المفسرين فيها تصب في نهر واحد، حيث اختلفوا -رحمهم الله- في معنى الحبك؛ لأن الكلمة تحتمل هنا أكثر من معنى في اللغة: فمنهم من قال: إن المقصود: والسماء ذات النجوم. من باب قولهم: (حبكت الشيء) بمعنى: زينته، والنجوم زينة للسماء. ومنهم من قال: إن الحبك هنا بمعنى الطرائق، وهذا يؤيده القرآن في قوله تعالى: فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ . ومنهم من قال: (ذات الحبك) أي: الشيء المحبوك، وهذا يؤيده إخبار الرب عن السماء بأنه جعلها سقفاً محفوظاً. وهذه الأقوال كلها يجمعها أن المراد: السماء ذات الخلق الحسن وهذا اختيار ابن جرير الطبري رحمه الله، وكل من قال من المفسرين قولاً غير هذا فإنه لا يبعد عنه ويصيب فيه.......


تفسير قوله تعالى: (إنكم لفي قول مختلف يؤفك عنه من أفك)


ثم قال جل وعلا: إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ * يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ . قوله تعالى: إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ قال فيه بعض العلماء: (في قول مختلف) أي: مصدق ومكذب. فإن قلنا بهذا تكون الآية قد خوطب بها جميع الناس؛ لأن الكفار منهم لا يصدقون بالبعث. وقال الأكثر (في قول مختلف) أي: اختلفتم في النبي صلى الله عليه وسلم، فمنكم من قال: إنه شاعر، ومنكم من قال: إنه كاهن، ومنكم من قال: إنه ساحر، ومنكم من قال: إنه مجنون. وعلى هذا القول يصبح عائداً على الكفار، وكفار قريش في المقام الأول. وقوله تعالى: يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ ، المعنى: يصرف عنه من يصرف، ويدفع عنه من يدفع بقدر الله. و(عن) هنا جارة، والهاء ضمير يعود على النبوة، ويعود على القرآن، ويعود على البعث والنشور، فالإيمان بذلك يصرف عنه من صرفه الله جل وعلا عن الإيمان، هذا قول علماء التفسير في هذه الآية ونقول غير متجرئين -والله تعالى أعلم-: إن هذا القول في نظرنا لا يستقيم؛ لأنه لا يمكن أن يقسم الرب على شيء لم ينكره أحد. فالله تعالى قال: وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا ، ثم قال: إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ * وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ ، أقسم الله لأنهم أنكروا البعث والنشور ولكن إذا أخذنا بقول المفسرين في قوله تعالى: إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ فمعنى الآية أن هؤلاء القرشيين اختلفوا في النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا لا يحتاج إلى قسم؛ لأنهم لم ينكروا اختلافهم في النبي صلى الله عليه وسلم. ثم إننا إذا أخذنا قوله تعالى: (يؤفك عنه)، وجئنا بالضمير؛ فإن الضمير لا يمكن أن يعود على (قول مختلف)، فيعود على القرآن، ويعود على النبوة، ويعود على البعث والنشور كما قال العلماء، وهذا تكلف في الخطاب. فالصحيح -فيما نظن والله أعلم- أن معنى قول ربنا جل وعلا: إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ أي: هذا القول الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم مختلف مغاير لما عهدتموه من الأقوال، ومغاير لما عهدتموه من الأساطير والأقوال، وهذا القول الذي هو الإيمان جملة يصرف عنه من يريد الله جل وعلا صرفه عنه. فقوله تعالى: إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ أي في نبأ جديد مختلف عما عهدتموه مما ينقل لكم من أساطير الأولين يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ أي: يقبله من يريد الله، ويصرف عنه ويدفع عنه من يريد الله تبارك وتعالى أن يصرفه ممن لم يكتب الله جل وعلا له الهداية. ولا أعلم أحداً قال بهذا القول قبل، ولكننا في مجلس علم، ولا يلزمك شيء من قبوله. ......



تفسير قوله تعالى: (إن المتقين في جنات وعيون...)

الوقفة الثانية في قول الرب تبارك وتعالى: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ * كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ . ......


بيان معنى قوله تعالى (آخرين)

قوله تعالى: (آخذين) يحتمل معنين: فإما أن يكون المقصود: (آخذين) وقت دخولهم الجنة، فيصبح المعنى: آخذين ما هم فيه من النعيم. والمعنى الآخر: أن يكون ذلك في حال كونهم في الدنيا، فالله تعالى يصف حال المحسنين عندما كانوا في الدنيا، فيقول: آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ . فإذا قلنا بهذا يصبح المعنى: كانوا راضين عن الله؛ ولأنهم رضوا عن الله أخذوا عنه الأمر بتنفيذه، والنهي باجتنابه، والمصائب بالصبر عليها، والنعماء بالشكر. وإن قلنا: إنها حال لهم في الآخرة؛ إن قوله تعالى: آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ هذه ظاهرة لا تحتاج إلى تفسير، أي: أنهم يتقلبون في نعم الرب تبارك وتعالى إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ .



بيان معنى قوله تعالى (كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون)

ثم ذكر الله جل وعلا صفتين من صفاتهم، وسنقف عندهما وقفة علمية لا وقفة وعظية. قال تعالى: كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ، فالله جل وعلا هنا يخبر عن حال أهل النعيم، فالآية في سيقال المدح، وحين تفسر لابد لك من أن تستحضر سياق الآية حتى لا تقع في حواجز اللغة. فـ(ما) في قوله تعالى: (كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون) معنيين: المعنى الأول: أن تكون نافية، والمعنى الثاني: أن تكون موصولة. فإذا قلنا: إنها نافية يصبح معنى الآية: كانوا قليلاً من الليل لا يهجعون. أي: أن قيامهم في الليل قليل بالنسبة إلى النوم. وإن قلنا: إنها موصولة يصبح المعنى: كانوا أكثر الليل قائمين بين يدي ربهم، وقليلاً ما ينامون. فمن حيث اللغة العربية تحتمل الآية معنيين؛ لأن (ما) في اللغة تأتي موصولة، وتأتي نافية، ولا يعرف المرجح إلا من السياق العام، والسياق العام في معرض المدح والثناء، وأنا كنت في معرض المدح والثناء، فإنه لا يمكن أن تكون (ما) نافية، فلا يُعقل أن الله يثني على خلق من خلقه وعدهم الجنان، وأعطاهم ما يشاءون بأنهم كانوا أكثر الليل نائمين. فحواجز اللغة هنا أخرجها السياق القرآني؛ لأنه سياق مدح وثناء على تلك الفئة.


بيان معنى قوله تعالى (وبالأسحار هم يستغفرون)


ثم قال تعالى: وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ، والسحر: آخر الليل، وهو موطن التنزل الإلهي، وهو موطن إجابة الدعاء، وقد قال العلماء رحمهم الله: إن يعقوب لما قال لبنيه (سوف أستغفر لكم ربي): إنما كان ينتظر ساعة السحر؛ لأنها أقرب إجابة وكان طاوس بن كيسان رحمه الله لا ينام السحر، فذهب إلى رجل يسأله عن مسألة وقت السحر، فلما طرق الباب ردت عليه الجارية أو الغلام فقالت: إن مولاي نائم، فقال: سبحان الله! ما ظننت أن مؤمناً ينام السحر؛ لأنه موطن وقت عظيم، فيه يتقرب الصالحون إلى ربهم جل وعلا، وقد النبي صلى الله عليه وسلم لـمعاذ في بيان بعض الأعمال الفاضلة: (وصلاة الرجل في جوف الليل الآخر، ثم تلا: تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ).


تفسير قوله تعالى: (هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين...)

الوقفة الثالثة مع قول الرب تبارك وتعالى: هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ * إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلامًا قَالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنكَرُونَ . هنا يخبر الله جل وعلا نبيه صلى الله عليه وسلم بنبأ ضيف إبراهيم المكرمين، وهم ملائكة كرام، قيل: إنهم جبريل وإسرافيل وميكال نزلوا من السماء، وأصل مهمتهم أن يعذبوا قوم لوط، ولوط عليه الصلاة والسلام ابن أخ لإبراهيم، كانا يسكنان بأرض بابل في العراق، فلما تآمر القوم على إبراهيم وأدخلوه النار هاجر لوط بزوجته وابنتيه، وكذلك إبراهيم، فتركوا أرض العراق، فنزل لوط عليه الصلاة والسلام في أرض سدوم جهة الأردن حالياً في الضفة الشرقية من الأردن، ونزل إبراهيم عليه الصلاة والسلام في بيت المقدس في أرض فلسطين، فكانا بعيدين. فلما جاءت الملائكة مرسلة لتعذب قوم لوط لأنهم أنكروا نبوة نبيهم وجاءوا بالفاحشة العظيمة مرت وهي في طريقها على إبراهيم، وكان إبراهيم آنذاك متزوجاً من سارة الحرة، ولم تكن تحته هاجر الأمة، وكان إبراهيم يفتح بيته للضيفان، فلذلك لم تستأذن الملائكة، فدخلت البيت على إبراهيم عليه الصلاة والسلام في صور رجال غير معروفين، فاستقبلهم وهو منكر لهم؛ لأنه لا يعرفهم، ولما حيوه كأنهم سلموا بطريقة غير معهودة قال تعالى: فَقَالُوا سَلامًا قَالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنكَرُونَ ، فدخلوا عليه، فبادر عليه الصلاة والسلام فعمد إلى عجل سمين فقربه إليهم وقدمه لهم على أنه طعام لضيفه، وكان عامة النعم التي يملكها البقر، ولكن الملائكة لا تأكل ولا تشرب ولا توصف بذكورة ولا بأنوثة فلم تقرب أيديهم الطعام، فازداد خوفه، قال تعالى: فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً ، فلما شعر بالخوف طمأنته الملائكة وأخبروه بأنهم رسل من الله، فلما زال عنه الخوف بشروه، قال الله تعالى: وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ ، وقال في آية أخرى: فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ ، وكان الذي يتولى خدمة الضيوف إبراهيم بنفسه ومعه زوجته سارة . فلما قالوا ذلك بدر من الزوجة ردة فعل، حيث تعجبت فأظهرت صوتاً، قال الله جل وعلا: فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ و(أقبلت) هنا ليس بمعنى (مشت)، وإنما أخذت في الفعل، فهو نظير قول الله: وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ أي: أخذا يخصفان عليهما من ورق الجنة، وقوله تعالى: (في صرة) يعني: -ظهرت صوتاً- يقال: صرير الباب، أي: صوته، فصكت وجهها تعجباً وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ ، فذكرت سببين من أسباب منع الحمل، فقالت: (عجوز عقيم)، فأخبرتها الملائكة بأن هذا أمر الله: قَالُوا كَذَلِك قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ ، فاطمأن إبراهيم وقبل البشارة، فلما ذهب عنه الروع والخوف سألهم: لماذا قدمتم؟ فأخبروه بأنهم قدموا ليعذبوا قوم لوط، فأدركته العاطفة والشفقة على ابن أخيه لوط، فقال: (( إِنَّ فِيهَا لُوطًا )) قالت الملائكة: قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ ، وأخبرته الملائكة بأنهم معهم حجارة مسومة -أي: معلمة- عقاباً لأولئك المجرمين، هذا ما تدل عليه الآية جملة. ......