- الحمدلله راجعت الفجر والبلد


مسائل
سورة الفجر الآية الأولى قوله تعالى : { والفجر } : فيها مسألتان : .
المسألة الأولى الفجر : هو أول أوقات النهار الذي هو أحد قسمي الزمان ; وهو كما قدمنا فجران : أحدهما البياض الذي يبدو أولا ثم يخفى ; وهو الذي تسميه العرب ذنب السرحان لطرآنه ثم إقلاعه . والثاني : هو البادي متماديا ; ويسمى الأول المستطيل ; لأنه يبدو كالحبل المعلق من الأفق أو الرمح القائم فيه ; ويسمى الثاني المستطير ; لأنه ينتشر عرضا في الأفق ، ويسمى الأول الكاذب ; وليس يتعلق به حكم . ويسمى الثاني الصادق لثبوته ; وبه تتعلق الأحكام كما تقدم .
ومن حديث سمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { لا يمنعكم من السحور أذان بلال ، ولا الصبح المستطيل ، ولكن المستطير بالأفق } .
المسألة الثانية فيما يترتب عليه من أحكام ; وقد تقدم . ولأجله قال مالك في رواية ابن القاسم ، وأشهب عنه : الفجر أمره بين ، وهو البياض المعترض في الأفق .
الآية الثانية قوله تعالى : { وليال عشر } : فيها أربع مسائل :
المسألة الأولى في تعيينها أربعة أقوال : الأول أنها عشر ذي الحجة ; روي عن ابن عباس ، وقاله جابر ، ورواه عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يص
الثاني : عشر المحرم ; قاله الطبري .
الثالث : أنها العشر الأواخر من رمضان .
الرابع أنها العشر التي أتمها الله لموسى عليه السلام في ميقاته معه .
المسألة الثانية أما كل مكرمة فداخلة معه في هذا اللفظ بالمعنى لا بمقتضى اللفظ ; لأنها نكرة في إثبات ، والنكرة في الإثبات لا تقتضي العموم ، ولا توجب الشمول ; وإنما تتعلق بالعموم مع النفي ; فهذا القول يوجب دخول ليال عشر فيه ، ولا يتعين المقصود منه ، فربك أعلم بما هي ; لكن تبقى هاهنا نكتة ; وهي أن تقول : فهل من سبيل إلى تعيينها وهي :
المسألة الثالثة قلنا : نحن نعينها بضرب من النظر ، وهي العشر الأواخر من رمضان ; لأنا لم نر في هذه الليالي المعتبرات أفضل منها ، لا سيما وفيها ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر ; فلا يعادلها وقت من الزمان .
المسألة الرابعة قال ابن وهب عن مالك : { وليال عشر } ; قال : الأيام مع الليالي ، والليل قبل النهار ، وهو حساب القمر الذي وقت الله عليه العبادات كما رتب على حساب الشمس الذي يتقدم فيه النهار على الليل بالعادات في المعاش والأوقات .
وقد ذكر شيخ اللغة وحبرها أبو عمرو الزاهد أن من العرب من يحسب النهار قبل الليل ، ويجعل الليلة لليوم الماضي ، وعلى هذا يخرج { قول عائشة في حديث إيلاء رسول الله صلى الله عليه وسلم من نسائه ، فلما كان صبيحة تسع وعشرين ليلة أعدهن عدا دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت : يا رسول الله ، ألم تكن آليت شهرا فقال : إن الشهر تسع وعشرون } ، ولو كانت الليلة لليوم الآتي لكان قد غاب عنهن ثمانية وعشرين يوما ، وهذا التفسير بالغ طالما سقته سؤالا للعلماء باللسان .
الثاني : أن الشفع أيام النحر ، والوتر يوم عرفة ، رواه جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم .
الثالث : أن الشفع يوم منى ، والوتر : الثالث من أيام منى ، وهو الثالث عشر من ذي الحجة .
الرابع أن الشفع عشر ذي الحجة ، والوتر أيام منى لأنها ثلاثة .
الخامس الشفع : الخلق ، والوتر الله تعالى ; قاله قتادة .
السادس أنه الخلق كله ; لأن منه شفعا ومنه وترا .
السابع أنه آدم ; وتر شفعته زوجته ، فكانت شفعا له ; قاله الحسن .
الثامن أن العدد منه شفع ، ومنه وتر .
المسألة الثانية هذه الآية خلاف التي قبلها ; لأن ذكر الشفع كان بالألف واللام المقتضية للعهد لاستغراق الجنس ، ما لم يكن هنالك عهد ; وليس بممتنع أن يكون المراد بالشفع والوتر كل شفع ووتر مما ذكر ومما لم يذكر ، وإن كان ما ذكر يستغرق ما ترك في الظاهر . والله اعلم
المسألة الثالثة لكن إن قلنا : إن الليالي العشر عشر ذي الحجة ، فيبعد أن يكون المراد بالشفع والوتر يوم النحر ; لأنه قد ذكر في القسم المتقدم ، وكذلك من قال : إنه عشر ذي الحجة لهذه العلة .
وأما القول الخامس فوجه القسم فيه وحق الخلق والخالق لهم .
وأما القول السادس فمعناه وحق الخلق .
ووجه القول السابع وحق آدم وزوجته .
ووجه القول الثامن أنه قال : وحق العدد الذي جعله الله قوام الخلق وتماما لهم ، حتى لقد غلا فيه الغالون حتى جعلوه أصل التوحيد والتكليف ، وسر العالم وتفاصيل المخلوقات التي تدور عليه ، وهو هوس كله ، وقد استوفيناه في كتاب المشكلين .
الآية الرابعة قوله تعالى : { والليل إذا يسر } .
فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى أقسم الله بالليل والنهار ، كما أقسم بسائر المخلوقات عموما وخصوصا ، وجملة وتفصيلا ، وخصه هاهنا بالسرى لنكتة هي :
المسألة الثانية أن الله تعالى قال : { هو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه } .
وقال : { وجعلنا الليل لباسا وجعلنا النهار معاشا } وأشار هاهنا إلى أن الليل قد يتصرف فيه للمعاش ، كما يتصرف في النهار ، ويتقلب في الحال فيه للحاجة إليه .
وفي الصحيح { أن جابر بن عبد الله أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بليل ، فقال له : السرى يا جابر } . وخاصة المسافر ، كما تقدم بيانه .
المسألة الثالثة كنت قد قيدت في فوائدي بالمنار أن الأخفش قال لمؤرج : ما وجه من حذف من عدا ابن كثير الياء من قوله : يسري ؟ فسكت عنها سنة ، ثم قلنا له : نختلف إليك نسألك منذ عام عن هذه .
المسألة فلا تجيبنا ؟ فقال : إنما حذفها لأن الليل يسرى فيه ولا يسري . فعجبت من هذا الجواب المقصر من غير مبصر ; فقال لي بعض أشياخي : تمامه في بيانه أن ذلك لفقه ، هو أن الحذف يدل على الحذف ، وهو مثل الأول .
والجواب الصحيح قد بيناه في الملجئة .
سورة الفجر الآية الأولى قوله تعالى : { والفجر } : فيها مسألتان : .
المسألة الأولى الفجر : هو أول أوقات النهار الذي هو أحد قسمي الزمان ; وهو كما قدمنا فجران : أحدهما البياض الذي يبدو أولا ثم يخفى ; وهو الذي تسميه العرب ذنب السرحان لطرآنه ثم إقلاعه . والثاني : هو البادي متماديا ; ويسمى الأول المستطيل ; لأنه يبدو كالحبل المعلق من الأفق أو الرمح القائم فيه ; ويسمى الثاني المستطير ; لأنه ينتشر عرضا في الأفق ، ويسمى الأول الكاذب ; وليس يتعلق به حكم . ويسمى الثاني الصادق لثبوته ; وبه تتعلق الأحكام كما تقدم .
ومن حديث سمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { لا يمنعكم من السحور أذان بلال ، ولا الصبح المستطيل ، ولكن المستطير بالأفق } .
المسألة الثانية فيما يترتب عليه من أحكام ; وقد تقدم . ولأجله قال مالك في رواية ابن القاسم ، وأشهب عنه : الفجر أمره بين ، وهو البياض المعترض في الأفق .
الآية الثانية قوله تعالى : { وليال عشر } : فيها أربع مسائل :
المسألة الأولى في تعيينها أربعة أقوال : الأول أنها عشر ذي الحجة ; روي عن ابن عباس ، وقاله جابر ، ورواه عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يص
الثاني : عشر المحرم ; قاله الطبري .
الثالث : أنها العشر الأواخر من رمضان .
الرابع أنها العشر التي أتمها الله لموسى عليه السلام في ميقاته معه .
المسألة الثانية أما كل مكرمة فداخلة معه في هذا اللفظ بالمعنى لا بمقتضى اللفظ ; لأنها نكرة في إثبات ، والنكرة في الإثبات لا تقتضي العموم ، ولا توجب الشمول ; وإنما تتعلق بالعموم مع النفي ; فهذا القول يوجب دخول ليال عشر فيه ، ولا يتعين المقصود منه ، فربك أعلم بما هي ; لكن تبقى هاهنا نكتة ; وهي أن تقول : فهل من سبيل إلى تعيينها وهي :
المسألة الثالثة قلنا : نحن نعينها بضرب من النظر ، وهي العشر الأواخر من رمضان ; لأنا لم نر في هذه الليالي المعتبرات أفضل منها ، لا سيما وفيها ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر ; فلا يعادلها وقت من الزمان .
المسألة الرابعة قال ابن وهب عن مالك : { وليال عشر } ; قال : الأيام مع الليالي ، والليل قبل النهار ، وهو حساب القمر الذي وقت الله عليه العبادات كما رتب على حساب الشمس الذي يتقدم فيه النهار على الليل بالعادات في المعاش والأوقات .
وقد ذكر شيخ اللغة وحبرها أبو عمرو الزاهد أن من العرب من يحسب النهار قبل الليل ، ويجعل الليلة لليوم الماضي ، وعلى هذا يخرج { قول عائشة في حديث إيلاء رسول الله صلى الله عليه وسلم من نسائه ، فلما كان صبيحة تسع وعشرين ليلة أعدهن عدا دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت : يا رسول الله ، ألم تكن آليت شهرا فقال : إن الشهر تسع وعشرون } ، ولو كانت الليلة لليوم الآتي لكان قد غاب عنهن ثمانية وعشرين يوما ، وهذا التفسير بالغ طالما سقته سؤالا للعلماء باللسان .
الثاني : أن الشفع أيام النحر ، والوتر يوم عرفة ، رواه جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم .
الثالث : أن الشفع يوم منى ، والوتر : الثالث من أيام منى ، وهو الثالث عشر من ذي الحجة .
الرابع أن الشفع عشر ذي الحجة ، والوتر أيام منى لأنها ثلاثة .
الخامس الشفع : الخلق ، والوتر الله تعالى ; قاله قتادة .
السادس أنه الخلق كله ; لأن منه شفعا ومنه وترا .
السابع أنه آدم ; وتر شفعته زوجته ، فكانت شفعا له ; قاله الحسن .
الثامن أن العدد منه شفع ، ومنه وتر .
المسألة الثانية هذه الآية خلاف التي قبلها ; لأن ذكر الشفع كان بالألف واللام المقتضية للعهد لاستغراق الجنس ، ما لم يكن هنالك عهد ; وليس بممتنع أن يكون المراد بالشفع والوتر كل شفع ووتر مما ذكر ومما لم يذكر ، وإن كان ما ذكر يستغرق ما ترك في الظاهر . والله اعلم
المسألة الثالثة لكن إن قلنا : إن الليالي العشر عشر ذي الحجة ، فيبعد أن يكون المراد بالشفع والوتر يوم النحر ; لأنه قد ذكر في القسم المتقدم ، وكذلك من قال : إنه عشر ذي الحجة لهذه العلة .
وأما القول الخامس فوجه القسم فيه وحق الخلق والخالق لهم .
وأما القول السادس فمعناه وحق الخلق .
ووجه القول السابع وحق آدم وزوجته .
ووجه القول الثامن أنه قال : وحق العدد الذي جعله الله قوام الخلق وتماما لهم ، حتى لقد غلا فيه الغالون حتى جعلوه أصل التوحيد والتكليف ، وسر العالم وتفاصيل المخلوقات التي تدور عليه ، وهو هوس كله ، وقد استوفيناه في كتاب المشكلين .
الآية الرابعة قوله تعالى : { والليل إذا يسر } .
فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى أقسم الله بالليل والنهار ، كما أقسم بسائر المخلوقات عموما وخصوصا ، وجملة وتفصيلا ، وخصه هاهنا بالسرى لنكتة هي :
المسألة الثانية أن الله تعالى قال : { هو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه } .
وقال : { وجعلنا الليل لباسا وجعلنا النهار معاشا } وأشار هاهنا إلى أن الليل قد يتصرف فيه للمعاش ، كما يتصرف في النهار ، ويتقلب في الحال فيه للحاجة إليه .
وفي الصحيح { أن جابر بن عبد الله أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بليل ، فقال له : السرى يا جابر } . وخاصة المسافر ، كما تقدم بيانه .
المسألة الثالثة كنت قد قيدت في فوائدي بالمنار أن الأخفش قال لمؤرج : ما وجه من حذف من عدا ابن كثير الياء من قوله : يسري ؟ فسكت عنها سنة ، ثم قلنا له : نختلف إليك نسألك منذ عام عن هذه .
المسألة فلا تجيبنا ؟ فقال : إنما حذفها لأن الليل يسرى فيه ولا يسري . فعجبت من هذا الجواب المقصر من غير مبصر ; فقال لي بعض أشياخي : تمامه في بيانه أن ذلك لفقه ، هو أن الحذف يدل على الحذف ، وهو مثل الأول .
والجواب الصحيح قد بيناه في الملجئة .

الآية الخامسة قوله تعالى : { ألم تر كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد } : فيها ست مسائل :
المسألة الأولى أما " عاد " فمعلومة قد جرى ذكرها في القرآن كثيرا ، وعظم أمرها .
المسألة الثانية قوله : إرم فيه ستة أقوال : الأول أنه اسم جد عاد ; قاله محمد بن إسحاق . الثاني : إرم : أمة من الأمم ; قاله مجاهد . الثالث : أنه اسم قبيلة من عاد ; قاله قتادة . وقيل وهو : الرابع هو إرم بن عوص بن سام بن نوح عليه السلام . الخامس أن إرم الهلاك : يقال : أرم بنو فلان أي هلكوا . السادس أنه اسم القرية .
المسألة الثالثة قال القاضي : لو أن قوله : إرم يكون مضافا إلى عاد لكان يحتمل أن يكون مضافا إلى جده أو إلى إرم . فأما قوله عاد منون فيحتمل أن يكون بدلا من جده ، ويحتمل أن يكون وصفا زائدا لعاد على القول بأنها أمة ، وكذلك إذا كان قبيلة منها ، وكذلك إذا كان اسم القرية . ويحتمل إذا كان بمعنى الهلاك أن يكون بدلا ، لولا أن المصدر فيها إرم بكسر الفاء . فالله أعلم بما تحت ذلك من الخفاء .
المسألة الرابعة قوله : { ذات العماد } : فيه أربعة أقوال : الأول أنهم كانوا أهل عمود ينتجعون القطر . الثاني : أنه الطول ، كانوا أطول أجساما وأشد قوة . وزعم قتادة أن طول الرجل منهم اثنا عشر ذراعا . وروي عن ابن عباس سبعون ذراعا ، وهو باطل ; لأن في الصحيح أن الله خلق آدم طوله ستون ذراعا في الهواء ، فلم يزل الخلق ينقص إلى الآن . الثالث : أن العماد القوة ، ويشهد له القرآن . الرابع أنه ذات البناء المحكم ، يقال : إن فيها أربعمائة ألف عمود .
المسألة الخامسة في تعيينها : وفيه قولان :
الأول أن أشهب قال عن مالك : هي دمشق ; وقال محمد بن كعب القرظي : هي الإسكندرية . وتحقيقها أنها دمشق ; لأنها ليس في البلاد مثلها وقد ذكرت صفتها وخبرها في كتاب ترتيب الرحلة للترغيب في الملة ، وإليها أوت مريم ، وبها كان آدم ، وعلى الغراب جبلها دم هابيل في الحجر جار لم تغيره الليالي ، ولا أثرت فيه الأيام ، ولا ابتلعته الأرض ، باطنها كظاهرها ، مدينة بأعلاها ، ومدينة بأسفلها ، تشقها تسعة أنهار ; للقصبة نهر ، وللجامع نهر ، وباقيها للبلد ، وتجري الأنهار من تحتها كما تجري من فوقها ، ليس فيها كظامة ولا كنيف ، ولا فيها دار ، ولا سوق ، ولا حمام ، إلا ويشقه الماء ليلا ونهارا دائما أبدا ، وفيها أرباب دور قد مكنوا أنفسهم من سعة الأحوال بالماء ، حتى إن مستوقدهم عليه ساقية ، فإذا طبخ الطعام وضع في القصعة ، وأرسل في الساقية ; فيجرف إلى المجلس فيوضع في المائدة ، ثم ترد القصعة من الناحية الأخرى إلى المستوقد فارغة ، فترسل أخرى ملأى ، وهكذا حتى يتم الطعام . وإذا كثر الغبار في الطرقات أمر صاحب الماء أن يطلق النهر على الأسواق والأرباض فيجري الماء عليها ، حتى يلجأ الناس في الأسواق والطرقات إلى الدكاكين ، فإذا كسح غبارها سكر الساقياني أنهارها ، فمشيت في الطرق على برد الهواء ونقاء الأرض ، ولها باب جيرون بن سعد بن عبادة ; وعنده القبة العظيمة والميقاتات لمعرفة الساعات ، عليها باب الفراديس ليس في الأرض مثله ، عنده كان مقري ، وإليه من الوحشة كان مفري ، وإليه كان انفرادي للدرس والتقري . وفيها الغوطة مجمع الفاكهات ، ومناط الشهوات ، عليها تجري المياه ، ومنها تجنى الثمرات ; وإن في الإسكندرية لعجائب لو لم يكن إلا المنار فإنها مبنية الظاهر والباطن على العمد ، ولكن لها أمثال ، فأما دمشق فلا مثال لها .
وقد روى معن عن مالك أن كتابا وجد بالإسكندرية فلم يدر ما هو ، فإذا فيه : أنا شداد بن عاد الذي رفع العماد ، بنيتها حين لا شيب ولا موت قال مالك : إن كان لتمر بهم مائة سنة لا يرون بها جنازة .
وذكر عن ثور بن زيد أنه قال : أنا شداد بن عاد ، أنا الذي رفعت العماد ، أنا الذي كنزت كنزا على سبعة أذرع ، لا يخرجه إلا أمة محمد صلى الله عليه وسلم .
الآية الخامسة قوله تعالى : { ألم تر كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد } : فيها ست مسائل :
المسألة الأولى أما " عاد " فمعلومة قد جرى ذكرها في القرآن كثيرا ، وعظم أمرها .
المسألة الثانية قوله : إرم فيه ستة أقوال : الأول أنه اسم جد عاد ; قاله محمد بن إسحاق . الثاني : إرم : أمة من الأمم ; قاله مجاهد . الثالث : أنه اسم قبيلة من عاد ; قاله قتادة . وقيل وهو : الرابع هو إرم بن عوص بن سام بن نوح عليه السلام . الخامس أن إرم الهلاك : يقال : أرم بنو فلان أي هلكوا . السادس أنه اسم القرية .
المسألة الثالثة قال القاضي : لو أن قوله : إرم يكون مضافا إلى عاد لكان يحتمل أن يكون مضافا إلى جده أو إلى إرم . فأما قوله عاد منون فيحتمل أن يكون بدلا من جده ، ويحتمل أن يكون وصفا زائدا لعاد على القول بأنها أمة ، وكذلك إذا كان قبيلة منها ، وكذلك إذا كان اسم القرية . ويحتمل إذا كان بمعنى الهلاك أن يكون بدلا ، لولا أن المصدر فيها إرم بكسر الفاء . فالله أعلم بما تحت ذلك من الخفاء .
المسألة الرابعة قوله : { ذات العماد } : فيه أربعة أقوال : الأول أنهم كانوا أهل عمود ينتجعون القطر . الثاني : أنه الطول ، كانوا أطول أجساما وأشد قوة . وزعم قتادة أن طول الرجل منهم اثنا عشر ذراعا . وروي عن ابن عباس سبعون ذراعا ، وهو باطل ; لأن في الصحيح أن الله خلق آدم طوله ستون ذراعا في الهواء ، فلم يزل الخلق ينقص إلى الآن . الثالث : أن العماد القوة ، ويشهد له القرآن . الرابع أنه ذات البناء المحكم ، يقال : إن فيها أربعمائة ألف عمود .
المسألة الخامسة في تعيينها : وفيه قولان :
الأول أن أشهب قال عن مالك : هي دمشق ; وقال محمد بن كعب القرظي : هي الإسكندرية . وتحقيقها أنها دمشق ; لأنها ليس في البلاد مثلها وقد ذكرت صفتها وخبرها في كتاب ترتيب الرحلة للترغيب في الملة ، وإليها أوت مريم ، وبها كان آدم ، وعلى الغراب جبلها دم هابيل في الحجر جار لم تغيره الليالي ، ولا أثرت فيه الأيام ، ولا ابتلعته الأرض ، باطنها كظاهرها ، مدينة بأعلاها ، ومدينة بأسفلها ، تشقها تسعة أنهار ; للقصبة نهر ، وللجامع نهر ، وباقيها للبلد ، وتجري الأنهار من تحتها كما تجري من فوقها ، ليس فيها كظامة ولا كنيف ، ولا فيها دار ، ولا سوق ، ولا حمام ، إلا ويشقه الماء ليلا ونهارا دائما أبدا ، وفيها أرباب دور قد مكنوا أنفسهم من سعة الأحوال بالماء ، حتى إن مستوقدهم عليه ساقية ، فإذا طبخ الطعام وضع في القصعة ، وأرسل في الساقية ; فيجرف إلى المجلس فيوضع في المائدة ، ثم ترد القصعة من الناحية الأخرى إلى المستوقد فارغة ، فترسل أخرى ملأى ، وهكذا حتى يتم الطعام . وإذا كثر الغبار في الطرقات أمر صاحب الماء أن يطلق النهر على الأسواق والأرباض فيجري الماء عليها ، حتى يلجأ الناس في الأسواق والطرقات إلى الدكاكين ، فإذا كسح غبارها سكر الساقياني أنهارها ، فمشيت في الطرق على برد الهواء ونقاء الأرض ، ولها باب جيرون بن سعد بن عبادة ; وعنده القبة العظيمة والميقاتات لمعرفة الساعات ، عليها باب الفراديس ليس في الأرض مثله ، عنده كان مقري ، وإليه من الوحشة كان مفري ، وإليه كان انفرادي للدرس والتقري . وفيها الغوطة مجمع الفاكهات ، ومناط الشهوات ، عليها تجري المياه ، ومنها تجنى الثمرات ; وإن في الإسكندرية لعجائب لو لم يكن إلا المنار فإنها مبنية الظاهر والباطن على العمد ، ولكن لها أمثال ، فأما دمشق فلا مثال لها .
وقد روى معن عن مالك أن كتابا وجد بالإسكندرية فلم يدر ما هو ، فإذا فيه : أنا شداد بن عاد الذي رفع العماد ، بنيتها حين لا شيب ولا موت قال مالك : إن كان لتمر بهم مائة سنة لا يرون بها جنازة . [
وذكر عن ثور بن زيد أنه قال : أنا شداد بن عاد ، أنا الذي رفعت العماد ، أنا الذي كنزت كنزا على سبعة أذرع ، لا يخرجه إلا أمة محمد صلى الله عليه وسلم .
المسألة الأولى أما " عاد " فمعلومة قد جرى ذكرها في القرآن كثيرا ، وعظم أمرها .
المسألة الثانية قوله : إرم فيه ستة أقوال : الأول أنه اسم جد عاد ; قاله محمد بن إسحاق . الثاني : إرم : أمة من الأمم ; قاله مجاهد . الثالث : أنه اسم قبيلة من عاد ; قاله قتادة . وقيل وهو : الرابع هو إرم بن عوص بن سام بن نوح عليه السلام . الخامس أن إرم الهلاك : يقال : أرم بنو فلان أي هلكوا . السادس أنه اسم القرية .
المسألة الثالثة قال القاضي : لو أن قوله : إرم يكون مضافا إلى عاد لكان يحتمل أن يكون مضافا إلى جده أو إلى إرم . فأما قوله عاد منون فيحتمل أن يكون بدلا من جده ، ويحتمل أن يكون وصفا زائدا لعاد على القول بأنها أمة ، وكذلك إذا كان قبيلة منها ، وكذلك إذا كان اسم القرية . ويحتمل إذا كان بمعنى الهلاك أن يكون بدلا ، لولا أن المصدر فيها إرم بكسر الفاء . فالله أعلم بما تحت ذلك من الخفاء .
المسألة الرابعة قوله : { ذات العماد } : فيه أربعة أقوال : الأول أنهم كانوا أهل عمود ينتجعون القطر . الثاني : أنه الطول ، كانوا أطول أجساما وأشد قوة . وزعم قتادة أن طول الرجل منهم اثنا عشر ذراعا . وروي عن ابن عباس سبعون ذراعا ، وهو باطل ; لأن في الصحيح أن الله خلق آدم طوله ستون ذراعا في الهواء ، فلم يزل الخلق ينقص إلى الآن . الثالث : أن العماد القوة ، ويشهد له القرآن . الرابع أنه ذات البناء المحكم ، يقال : إن فيها أربعمائة ألف عمود .
المسألة الخامسة في تعيينها : وفيه قولان :
الأول أن أشهب قال عن مالك : هي دمشق ; وقال محمد بن كعب القرظي : هي الإسكندرية . وتحقيقها أنها دمشق ; لأنها ليس في البلاد مثلها وقد ذكرت صفتها وخبرها في كتاب ترتيب الرحلة للترغيب في الملة ، وإليها أوت مريم ، وبها كان آدم ، وعلى الغراب جبلها دم هابيل في الحجر جار لم تغيره الليالي ، ولا أثرت فيه الأيام ، ولا ابتلعته الأرض ، باطنها كظاهرها ، مدينة بأعلاها ، ومدينة بأسفلها ، تشقها تسعة أنهار ; للقصبة نهر ، وللجامع نهر ، وباقيها للبلد ، وتجري الأنهار من تحتها كما تجري من فوقها ، ليس فيها كظامة ولا كنيف ، ولا فيها دار ، ولا سوق ، ولا حمام ، إلا ويشقه الماء ليلا ونهارا دائما أبدا ، وفيها أرباب دور قد مكنوا أنفسهم من سعة الأحوال بالماء ، حتى إن مستوقدهم عليه ساقية ، فإذا طبخ الطعام وضع في القصعة ، وأرسل في الساقية ; فيجرف إلى المجلس فيوضع في المائدة ، ثم ترد القصعة من الناحية الأخرى إلى المستوقد فارغة ، فترسل أخرى ملأى ، وهكذا حتى يتم الطعام . وإذا كثر الغبار في الطرقات أمر صاحب الماء أن يطلق النهر على الأسواق والأرباض فيجري الماء عليها ، حتى يلجأ الناس في الأسواق والطرقات إلى الدكاكين ، فإذا كسح غبارها سكر الساقياني أنهارها ، فمشيت في الطرق على برد الهواء ونقاء الأرض ، ولها باب جيرون بن سعد بن عبادة ; وعنده القبة العظيمة والميقاتات لمعرفة الساعات ، عليها باب الفراديس ليس في الأرض مثله ، عنده كان مقري ، وإليه من الوحشة كان مفري ، وإليه كان انفرادي للدرس والتقري . وفيها الغوطة مجمع الفاكهات ، ومناط الشهوات ، عليها تجري المياه ، ومنها تجنى الثمرات ; وإن في الإسكندرية لعجائب لو لم يكن إلا المنار فإنها مبنية الظاهر والباطن على العمد ، ولكن لها أمثال ، فأما دمشق فلا مثال لها .
وقد روى معن عن مالك أن كتابا وجد بالإسكندرية فلم يدر ما هو ، فإذا فيه : أنا شداد بن عاد الذي رفع العماد ، بنيتها حين لا شيب ولا موت قال مالك : إن كان لتمر بهم مائة سنة لا يرون بها جنازة .
وذكر عن ثور بن زيد أنه قال : أنا شداد بن عاد ، أنا الذي رفعت العماد ، أنا الذي كنزت كنزا على سبعة أذرع ، لا يخرجه إلا أمة محمد صلى الله عليه وسلم .
الآية الخامسة قوله تعالى : { ألم تر كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد } : فيها ست مسائل :
المسألة الأولى أما " عاد " فمعلومة قد جرى ذكرها في القرآن كثيرا ، وعظم أمرها .
المسألة الثانية قوله : إرم فيه ستة أقوال : الأول أنه اسم جد عاد ; قاله محمد بن إسحاق . الثاني : إرم : أمة من الأمم ; قاله مجاهد . الثالث : أنه اسم قبيلة من عاد ; قاله قتادة . وقيل وهو : الرابع هو إرم بن عوص بن سام بن نوح عليه السلام . الخامس أن إرم الهلاك : يقال : أرم بنو فلان أي هلكوا . السادس أنه اسم القرية .
المسألة الثالثة قال القاضي : لو أن قوله : إرم يكون مضافا إلى عاد لكان يحتمل أن يكون مضافا إلى جده أو إلى إرم . فأما قوله عاد منون فيحتمل أن يكون بدلا من جده ، ويحتمل أن يكون وصفا زائدا لعاد على القول بأنها أمة ، وكذلك إذا كان قبيلة منها ، وكذلك إذا كان اسم القرية . ويحتمل إذا كان بمعنى الهلاك أن يكون بدلا ، لولا أن المصدر فيها إرم بكسر الفاء . فالله أعلم بما تحت ذلك من الخفاء .
المسألة الرابعة قوله : { ذات العماد } : فيه أربعة أقوال : الأول أنهم كانوا أهل عمود ينتجعون القطر . الثاني : أنه الطول ، كانوا أطول أجساما وأشد قوة . وزعم قتادة أن طول الرجل منهم اثنا عشر ذراعا . وروي عن ابن عباس سبعون ذراعا ، وهو باطل ; لأن في الصحيح أن الله خلق آدم طوله ستون ذراعا في الهواء ، فلم يزل الخلق ينقص إلى الآن . الثالث : أن العماد القوة ، ويشهد له القرآن . الرابع أنه ذات البناء المحكم ، يقال : إن فيها أربعمائة ألف عمود .
المسألة الخامسة في تعيينها : وفيه قولان :
الأول أن أشهب قال عن مالك : هي دمشق ; وقال محمد بن كعب القرظي : هي الإسكندرية . وتحقيقها أنها دمشق ; لأنها ليس في البلاد مثلها وقد ذكرت صفتها وخبرها في كتاب ترتيب الرحلة للترغيب في الملة ، وإليها أوت مريم ، وبها كان آدم ، وعلى الغراب جبلها دم هابيل في الحجر جار لم تغيره الليالي ، ولا أثرت فيه الأيام ، ولا ابتلعته الأرض ، باطنها كظاهرها ، مدينة بأعلاها ، ومدينة بأسفلها ، تشقها تسعة أنهار ; للقصبة نهر ، وللجامع نهر ، وباقيها للبلد ، وتجري الأنهار من تحتها كما تجري من فوقها ، ليس فيها كظامة ولا كنيف ، ولا فيها دار ، ولا سوق ، ولا حمام ، إلا ويشقه الماء ليلا ونهارا دائما أبدا ، وفيها أرباب دور قد مكنوا أنفسهم من سعة الأحوال بالماء ، حتى إن مستوقدهم عليه ساقية ، فإذا طبخ الطعام وضع في القصعة ، وأرسل في الساقية ; فيجرف إلى المجلس فيوضع في المائدة ، ثم ترد القصعة من الناحية الأخرى إلى المستوقد فارغة ، فترسل أخرى ملأى ، وهكذا حتى يتم الطعام . وإذا كثر الغبار في الطرقات أمر صاحب الماء أن يطلق النهر على الأسواق والأرباض فيجري الماء عليها ، حتى يلجأ الناس في الأسواق والطرقات إلى الدكاكين ، فإذا كسح غبارها سكر الساقياني أنهارها ، فمشيت في الطرق على برد الهواء ونقاء الأرض ، ولها باب جيرون بن سعد بن عبادة ; وعنده القبة العظيمة والميقاتات لمعرفة الساعات ، عليها باب الفراديس ليس في الأرض مثله ، عنده كان مقري ، وإليه من الوحشة كان مفري ، وإليه كان انفرادي للدرس والتقري . وفيها الغوطة مجمع الفاكهات ، ومناط الشهوات ، عليها تجري المياه ، ومنها تجنى الثمرات ; وإن في الإسكندرية لعجائب لو لم يكن إلا المنار فإنها مبنية الظاهر والباطن على العمد ، ولكن لها أمثال ، فأما دمشق فلا مثال لها .
وقد روى معن عن مالك أن كتابا وجد بالإسكندرية فلم يدر ما هو ، فإذا فيه : أنا شداد بن عاد الذي رفع العماد ، بنيتها حين لا شيب ولا موت قال مالك : إن كان لتمر بهم مائة سنة لا يرون بها جنازة . [
وذكر عن ثور بن زيد أنه قال : أنا شداد بن عاد ، أنا الذي رفعت العماد ، أنا الذي كنزت كنزا على سبعة أذرع ، لا يخرجه إلا أمة محمد صلى الله عليه وسلم .

الصفحة الأخيرة
انت وبنوتك