احكام في سورة الشرح
الآية الأولى قوله تعالى : { ألم نشرح لك صدرك } : شرحه حقيقة حسية ، وذلك حين كان عند ظئره ، وحين أسري به ، وشرحه معنى حين جمع له التوحيد في صدره والقرآن ، وعلمه ما لم يكن يعلم ، وكان فضل الله عليه عظيما ، وشرحه حين خلق له القبول لكل ما ألقى إليه والعمل به ، وذلك هو تمام الشرح وزوال الترح .
الآية الثانية قوله تعالى : { ورفعنا لك ذكرك } : يعني قرناه بذكرنا في التوحيد والأذان
الآية الثالثة قوله تعالى : { فإذا فرغت فانصب } : فيها مسألتان :
المسألة الأولى اتفق الموحدون والمفسرون على أن معناه : إذا فرغت من الصلاة فانصب للأخرى بلا فتور ولا كسل ، وقد اختلفوا في تعيينهما على أربعة أقوال : الأول إذا فرغت من الفرائض فتأهب لقيام الليل .
الثاني : إذا فرغت من الصلاة فانصب للدعاء .
الثالث : إذا فرغت من الجهاد فاعبد ربك .
الرابع إذا فرغت من أمر دنياك فانصب لأمر آخرتك .
ومن المبتدعة من قرأ هذه الآية فأنصب بكسر الصاد والهمز في أوله ، وقالوا : معناه أنصب الإمام الذي يستخلف ; وهذا باطل في القراءة ، باطل في المعنى ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستخلف أحدا . وقرأها بعض الجهال فانصب بتشديد الباء معناه إذا فرغت من الغزو فجد إلى بلدك .
وهذا باطل أيضا قراءة لمخالفة الإجماع ، لكن معناه صحيح ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { السفر قطعة من العذاب ، يمنع أحدكم نومه وطعامه وشرابه ، فإذا قضى أحدكم نهمته فليعجل الرجوع إلى أهله } .
وأشد الناس عذابا وأسوأهم مآبا ومباء من أخذ معنى صحيحا ، فركب عليه من قبل نفسه قراءة أو حديثا ، فيكون كاذبا على الله ، كاذبا على رسوله ، ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا . أما أنه قد روي وهي :
المسألة الثانية عن شريح أنه مر بقوم يلعبون يوم عيد ، فقال : ما بهذا أمر الشارع .
وفيه نظر ; فإن { الحبش كانوا يلعبون بالدرق والحراب في المسجد يوم العيد ، والنبي صلى الله عليه وسلم ينظر } .
{ ودخل أبو بكر بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على عائشة وعندها جاريتان من جواري الأنصار تغنيان ، فقال أبو بكر : أمزمارة الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : دعهما يا أبا بكر ، فإنه يوم عيد } .
وليس يلزم الدءوب على العمل ، بل هو مكروه للخلق ، حسبما تقدم بيانه في غير موضع .

سورة الضحى الآية الأولى قوله تعالى : { والضحى } : فيها أربع مسائل :
المسألة الأولى قوله : { الضحى } : هو ضوء النهار حين تشرق الشمس ، وهي مؤنثة ، يقال : ارتفعت الضحى ، ومعناها هو الضوء مذكر ، وتصغيره ضحيا ، فإذا فتحت مددت ، قال الشاعر :
أعجلها أقدحي الضحاء ضحى وهي تناصي ذوائب السلم
يصف أنه نام عن إبل ، فأخذها ضحى قبل أن تبلغ الضحاء . وتبين بهذا أن الضحاء بعد الضحى ، حق إنه ليتمادى إلى نصف النهار ، ففي الحديث : { إن النبي صلى الله عليه وسلم قدم المدينة حين هاجر ، وقد اشتد الضحاء ، وكادت الشمس تزول } .
المسألة الثانية في سبب نزولها : وفيه قولان : أحدهما { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رمي بالحجر في إصبعه فدميت ; فقال النبي صلى الله عليه وسلم : هل أنت إلا إصبع دميت . وفي سبيل الله ما لقيت . قال : فمكث ليلة أو ليلتين أو ثلاثا لا يقوم ، فقالت امرأة له : يا محمد ; ما أرى شيطانك إلا قد تركك ; فنزلت السورة } .
الثاني : روى جندب بن سفيان في الصحيح قال : { اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يقم ليلتين أو ثلاثا ، فجاءت امرأة فقالت : يا محمد ، إني لأرجو أن يكون شيطانك قد تركك } . وفي رواية : ما أرى صاحبك إلا أبطأك ، فنزلت . وهذا أصح .
الآية الثانية قوله تعالى : { وأما السائل فلا تنهر } : فيها مسألتان :
المسألة الأولى ذكر المفسرون فيها قولين : الأول : وأما السائل فلا تنهر أي رده بلين ورحمة ; قاله قتادة .
الثاني : سائل الدين للبيان لا تنهره بالجفوة والغلظة . المسألة الثانية أما من قال : إنه سائل البر فقد قدمنا وجوه السؤال في غير موضع وكيفية العمل فيه ، وقول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى ، فكيف بالأذى دون الصدقة . وأما السائل عن الدين فجوابه فرض على العالم على الكفاية كإعطاء سائل البر سواء ، وقد كان أبو الدرداء ينظر إلى أصحاب الحديث ، ويبسط رداءه لهم ، ويقول : مرحبا بأحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وفي حديث أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري قال : كنا إذا أتينا أبا سعيد الخدري يقول : مرحبا بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم إن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { إن الناس لكم تبع ، وإن رجالا يأتونكم من أقطار الأرض يتفقهون ، فإذا أتوكم فاستوصوا بهم خيرا } . وفي رواية : { يأتيكم رجال من قبل المشرق } فذكره .
الآية الثالثة قوله تعالى : { وأما بنعمة ربك فحدث } : فيها مسألتان :
المسألة الأولى في قوله : ثلاثة أقوال : أحدها أنها النبوة .
الثاني : أنها القرآن .
الثالث : إذا أصبت خيرا أو عملت خيرا فحدث به الثقة من إخوانك ; قاله الحسن .
المسألة الثانية أما من قال إنها النبوة فقد روى عبد الله بن شداد بن الهاد ، قال : { جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد ، اقرأ . قال : وما أقرأ ؟ قال : { اقرأ باسم ربك الذي خلق } حتى بلغ { علم الإنسان ما لم يعلم } فقال لخديجة : يا خديجة ; ما أراني إلا قد عرض لي . فقالت خديجة : كلا والله ، ما كان ربك ليفعل ذلك بك ، وما أتيت فاحشة قط . قال : فأتت خديجة ورقة بن نوفل ، فذكرت ذلك له ; فقال ورقة : إن تكوني صادقة فزوجك نبي ، وليلقين من أمته شدة ، فاحتبس جبريل عن النبي صلى الله عليه وسلم فقالت خديجة : يا محمد ، ما أرى ربك إلا قد قلاك ، فأنزل الله تعالى : { والضحى } } يعني السورة . فهذا حديثه بالنبوة .
وأما حديثه بالقرآن فتبليغه إياه ، قالت عائشة رضي الله عنها : لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كاتما من الوحي شيئا لكتم هذه الآية : { وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك } . وقالت عائشة رضي الله عنها : من زعم أن محمدا كتم شيئا من الوحي فقد أعظم على الله الفرية ، والله يقول : { يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته } .
وأما تحدثه بعمل فإن ذلك يكون بإخلاص من النية عند أهل الثقة ، فإنه ربما خرج إلى الرياء ، وأساء الظن بسامعه . وقد روى أيوب ; قال : دخلت على أبي رجاء العطاردي ، فقال : لقد رزق الله البارحة خيرا ، صليت كذا وسبحت كذا . قال : قال : أيوب : فاحتملت ذلك لأبي رجاء .
ومن الحديث بالنعمة إظهارها بالملبس والمركب قال النبي صلى الله عليه وسلم : { إن الله إذا أنعم على عبد بنعمة أحب أن يرى أثر نعمته } ; وإظهارها بالملبس والمركب .
وإظهارها بالجديد والقوي من الثياب النقي ، وليس بالخلق الوسخ ، وفي المركب اقتناؤه للجهاد أو لسبيل الحلال ، حسبما تقدم بيانه .
المسألة الأولى قوله : { الضحى } : هو ضوء النهار حين تشرق الشمس ، وهي مؤنثة ، يقال : ارتفعت الضحى ، ومعناها هو الضوء مذكر ، وتصغيره ضحيا ، فإذا فتحت مددت ، قال الشاعر :
أعجلها أقدحي الضحاء ضحى وهي تناصي ذوائب السلم
يصف أنه نام عن إبل ، فأخذها ضحى قبل أن تبلغ الضحاء . وتبين بهذا أن الضحاء بعد الضحى ، حق إنه ليتمادى إلى نصف النهار ، ففي الحديث : { إن النبي صلى الله عليه وسلم قدم المدينة حين هاجر ، وقد اشتد الضحاء ، وكادت الشمس تزول } .
المسألة الثانية في سبب نزولها : وفيه قولان : أحدهما { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رمي بالحجر في إصبعه فدميت ; فقال النبي صلى الله عليه وسلم : هل أنت إلا إصبع دميت . وفي سبيل الله ما لقيت . قال : فمكث ليلة أو ليلتين أو ثلاثا لا يقوم ، فقالت امرأة له : يا محمد ; ما أرى شيطانك إلا قد تركك ; فنزلت السورة } .
الثاني : روى جندب بن سفيان في الصحيح قال : { اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يقم ليلتين أو ثلاثا ، فجاءت امرأة فقالت : يا محمد ، إني لأرجو أن يكون شيطانك قد تركك } . وفي رواية : ما أرى صاحبك إلا أبطأك ، فنزلت . وهذا أصح .
الآية الثانية قوله تعالى : { وأما السائل فلا تنهر } : فيها مسألتان :
المسألة الأولى ذكر المفسرون فيها قولين : الأول : وأما السائل فلا تنهر أي رده بلين ورحمة ; قاله قتادة .
الثاني : سائل الدين للبيان لا تنهره بالجفوة والغلظة . المسألة الثانية أما من قال : إنه سائل البر فقد قدمنا وجوه السؤال في غير موضع وكيفية العمل فيه ، وقول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى ، فكيف بالأذى دون الصدقة . وأما السائل عن الدين فجوابه فرض على العالم على الكفاية كإعطاء سائل البر سواء ، وقد كان أبو الدرداء ينظر إلى أصحاب الحديث ، ويبسط رداءه لهم ، ويقول : مرحبا بأحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وفي حديث أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري قال : كنا إذا أتينا أبا سعيد الخدري يقول : مرحبا بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم إن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { إن الناس لكم تبع ، وإن رجالا يأتونكم من أقطار الأرض يتفقهون ، فإذا أتوكم فاستوصوا بهم خيرا } . وفي رواية : { يأتيكم رجال من قبل المشرق } فذكره .
الآية الثالثة قوله تعالى : { وأما بنعمة ربك فحدث } : فيها مسألتان :
المسألة الأولى في قوله : ثلاثة أقوال : أحدها أنها النبوة .
الثاني : أنها القرآن .
الثالث : إذا أصبت خيرا أو عملت خيرا فحدث به الثقة من إخوانك ; قاله الحسن .
المسألة الثانية أما من قال إنها النبوة فقد روى عبد الله بن شداد بن الهاد ، قال : { جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد ، اقرأ . قال : وما أقرأ ؟ قال : { اقرأ باسم ربك الذي خلق } حتى بلغ { علم الإنسان ما لم يعلم } فقال لخديجة : يا خديجة ; ما أراني إلا قد عرض لي . فقالت خديجة : كلا والله ، ما كان ربك ليفعل ذلك بك ، وما أتيت فاحشة قط . قال : فأتت خديجة ورقة بن نوفل ، فذكرت ذلك له ; فقال ورقة : إن تكوني صادقة فزوجك نبي ، وليلقين من أمته شدة ، فاحتبس جبريل عن النبي صلى الله عليه وسلم فقالت خديجة : يا محمد ، ما أرى ربك إلا قد قلاك ، فأنزل الله تعالى : { والضحى } } يعني السورة . فهذا حديثه بالنبوة .
وأما حديثه بالقرآن فتبليغه إياه ، قالت عائشة رضي الله عنها : لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كاتما من الوحي شيئا لكتم هذه الآية : { وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك } . وقالت عائشة رضي الله عنها : من زعم أن محمدا كتم شيئا من الوحي فقد أعظم على الله الفرية ، والله يقول : { يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته } .
وأما تحدثه بعمل فإن ذلك يكون بإخلاص من النية عند أهل الثقة ، فإنه ربما خرج إلى الرياء ، وأساء الظن بسامعه . وقد روى أيوب ; قال : دخلت على أبي رجاء العطاردي ، فقال : لقد رزق الله البارحة خيرا ، صليت كذا وسبحت كذا . قال : قال : أيوب : فاحتملت ذلك لأبي رجاء .
ومن الحديث بالنعمة إظهارها بالملبس والمركب قال النبي صلى الله عليه وسلم : { إن الله إذا أنعم على عبد بنعمة أحب أن يرى أثر نعمته } ; وإظهارها بالملبس والمركب .
وإظهارها بالجديد والقوي من الثياب النقي ، وليس بالخلق الوسخ ، وفي المركب اقتناؤه للجهاد أو لسبيل الحلال ، حسبما تقدم بيانه .


الصفحة الأخيرة
السبت
الحمد لله تمت مراجعة سورتي الضحى والشرح