
غناوي نجد
•
تم بفضل الله حفظ الجزء الثاني من سورة الإنشقاق وقراءة التفسير



]
بسم الله الرحمن الرحيم
أبدأ بسم الله مستعينه راضيه به مدبرا معينا
والحمدلله الذي هدانا إلى طريق الحق واجتبانا أحمده
سبحانه وأشكره ومن مساوء عملي استغفره وأستعينه على نيل الرضا
وأستمد لطفه فيما قضى
وبعد إني باليقين أشهد شهادة الإخلاص
أن لايعبد في الكون معبود سوى الرحمن من جل عن عيبا وعن نقصان
وأن خير خلقه محمدا من جائنا بالبينات والهدى روحي ونفسي وماأملك له الفداء
عليه الصلاة والسلام
أما بعـــد
فأسأل الله جل في علاه أن يبلغ كل منكم أعظم من مناه
إن ذلك على الله يسير وأن ربي بلإجابة جدير وأنه على هذا كله لقدير
سورة العصر
قال الشافعي رحمه الله : لو تدبر الناس هذه السورة ، لوسعتهم .
{ وَٱلْعَصْرِ * إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَفِى خُسْرٍ *إِلاَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْاْ بِٱلْحَقِّ وَتَوَاصَوْاْ بِٱلصَّبْرِ }
تفسيرها :
{ والعصر } :
هو الزمان الذي يقع فيه حركات بني آدم ، من خير وشر
أقسم الله به لما يقع فيه من اختلاف الأحوال، وتقلبات الأمور،
ومداولة الأيام بين الناس وغير ذلك مما هو مشاهد في الحاضر،
ومتحدث عنه في الغائب. فالعصر هو الزمان الذي يعيشه الخلق،
وتختلف أوقاته شدة ورخاء، وحرباً وسلماً، وصحة ومرضاً، وعملاً صالحاً
وعملاً سيئاً إلى غير ذلك مما هو معلوم للجميع.
{ إن الإِنسان لفي خسر } :
أن الله أقسم قسماً على حال الإنسان أنه في خسر
أي: في خسران ونقصان في كل أحواله، في الدنيا وفي الآخرة
إلا من استثنى الله عز وجل.
{ إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر } :
استثنى الله سبحانه وتعالى هؤلاء المتصفين بهذه الصفات الأربع:
الصفة الأولى: ( إلا الذين آمنوا )
الإيمان الذي لا يخالجه شك ولا تردد بما بينه الرسول صلى الله عليه وسلّم
حين سأله جبريل عن الإيمان قال:«أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله،
واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره»
فالذين آمنوا بهذه الأصول الستة هم المؤمنون،
ولكن يجب أن يكون إيماناً لا شك معه ولا تردد.
بمعنى: أنك تؤمن بهذه الأشياء وكأنك تراها رأي العين.
الصفة الثانية : (وعملوا الصالحات )
فمعناه: أنهم قاموا بالأعمال الصالحة
من صلاة، وزكاة، وصيام، وحج، وبر للوالدين، وصلة الأرحام وغير ذلك
فلم يقتصروا على مجرد ما في القلب بل عملوا وأنتجوا
والعمل الصالح ما جمع وصفين:
الأول: الإخلاص لله عز وجل.
والثاني: المتابعة للرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم
الصفة الثالثة : (وتواصوا بالحق )
صار بعضهم يوصي بعضاً بالحق
والحق: هو الشرع.
يعني كل واحد منهم يوصي الآخر إذا رآه مفرطاً في واجب.
أوصاه وقال: يا أخي قم بالواجب، إذا رآه فاعلاً لمحرم أوصاه قال: يا أخي اجتنب الحرام،
فهم لم يقتصروا على نفع أنفسهم بل نفعوا أنفسهم وغيرهم،
الصفة الرابعة : ( وتواصوا بالصبر )
يوصي بعضهم بعضاً بالصبر،
والصبر حبس النفس عما لا ينبغي فعله
وقسمه أهل العلم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: صبر على طاعة الله :
كثير من الناس يكون فيه كسل عن الصلاة مع الجماعة
مثلاً: لا يذهب إلى المسجد يقول أصلي في البيت وأديت الواجب فيكسل
فقال له: يا أخي أصبر نفسك، احبسها كلفها على أن تصلي مع الجماعة
القسم الثاني: صبر عن محارم الله.
مثلاً :بعض الناس مثلاً تجره نفسه إلى أكساب محرمة إما بالربا، وإما بالغش، وإما بالتدليس
أو بغير ذلك من أنواع الحرام فيقال له: اصبر يا أخي أصبر نفسك لا تتعامل على وجه محرم .
القسم الثالث: صبر على أقدار الله.
مثلاً :يصاب الإنسان بمرض في بدنه،
يصاب الإنسان بفقد أحبته فيجزع ويتسخط ويتألم فيتواصون فيما بينهم،
اصبر يا أخي هذا أمر مقدر والجزع لا يفيد شيئاً، واستمرار الحزن لا يرفع الحزن،
إنسان امتحن بموت ابنه نقول: يا أخي اصبر، قدر أن هذا الابن لم يُخلق،
ثم كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام لإحدى بناته: «إن لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى، فمرها فلتصبر ولتحتسب».
الأمر كله لله،
فإذا أخذ الله تعالى ملكه كيف تعتب على ربك؟
كيف تتسخط !
آنتهى تفسير سورة العصر ..
والله أعلم .
روابط انصح احبتي بها :
الصبر على البلاء
المرأة التي استحى الله عز وجل منها !
سورة الهمزة
1- عن ابي هريرة رضي الله عنه قال الرسول صلى الله عليه وسلم
( أتدرون ما الغيبةُ ؟ قالوا : اللهُ ورسولُه أعلمُ .
قال : ذكرُكَ أخاكَ بما يكرهُ ، قيل : أفرأيتَ إن كان في أخي ما أقولُ ؟
قال : إن كان فيه ما تقولُ ، فقد اغتبتَه . وإن لم يكنْ فيه ، فقد بهتَّه )
2- خرج النبي صلى الله عليه وسلم من بعض حيطان المدينة ، فسمع صوت إنسانين يعذبان في قبورهما ،
فقال : ( يعذبان ، وما يعذبان في كبير ، وإنه لكبير ، كان أحدهما لا يستتر من البول ،
وكان الآخر يمشي بالنميمة )
ثم دعا بجريدة فكسرها بكسرتين أو ثنتين ، فجعل كسرة في قبر هذا ، وكسرة في قبر هذا ،
فقال : ( لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا ) .
3- قال تعالى: { ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه
واتقوا الله إن الله تواب رحيم}
4- وعن عائشة رضي الله عنها قالت:
قلت للنبي صلى الله عليه وسلم : حسبك من صفية أنها قصيرة ،
فقال : ((لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته)) .
5- عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم
فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟
قال : هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم)) .
{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ }
{وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ * الَّذِى جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ * يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ *
كَلاَّ لَيُنبَذَنَّ فِى الْحُطَمَةِ * وَمَآ أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ * نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ *
الَّتِى تَطَّلِعُ عَلَى الاَْفْئِدَةِ * إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ * فِى عَمَدٍ مُّمَدَّدَةِ}.
تفسيرها :
{ويل}:
وهي كلمة وعيد، أي أنها تدل على ثبوت وعيد لمن اتصف بهذه الصفات
عنِ ابنِ عباسٍ أنه سُئل عن قولِه { وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ } قال هو المشَّاءُ بالنميمةِ المُفرِّق بين الجَمعِ المُغري بينَ الإخوانِ
{لكل همزة لمزة} :
فالهمز: بالفعل , يعني أنه يسخر من الناس بفعله إما أن يلوي وجهه، أو يعبس بوجهه.
أو بالإشارة يشير إلى شخص، انظروا إليه ليعيبه أو ما أشبه ذلك .
اللمز :باللسان ,وبعض الناس ـ والعياذ بالله ـ مشغوف بعيب البشر إما بفعله وهو الهمَّاز، وإما بقوله وهو اللمَّاز .
{الذي جمع مالاً وعدده} :
هذه أيضاً من أوصافه القبيحة جماع مناع
يجمع المال، ويمنع العطاء، فهو بخيل لا يعطي يجمع المال ويعدده
وقيل: معنى التعديد يعني الإحصاء يعني لشغفه بالمال كل مرة يذهب إلى الصندوق ويعد،
يعد الدراهم في الصندوق في الصباح، وفي آخر النهار يعدها، وهو يعرف أنه لم يأخذ منه شيئاً ولم يضف إليه شيئاً
لكن لشدة شغفه بالمال يتردد عليه ويعدده، ولهذا جاءت بصيغة المبالغة {عدده}
{يحسب أن ماله أخلده} :
يظن أن جمعه المال يخلده في هذه الدار ؟
{كلا لينبذن في الحطمة}:
كلا : أي ليس الأمر كما يزعم ويظن ,
لينبذن : أي ليطرحن في الحطمة.أي النار التي تحطم كل ما يلقى فيها.
{وما أدراك ما الحطمة}:
هذه الصيغة للتعظيم والتفخيم .
{نار الله الموقدة} :
أي المسجّرة المسعرة
وأضافها الله سبحانه وتعالى إلى نفسه؛
لأنه يعذب بها من يستحق العذاب فهي عقوبة عدل وليست عقوبة ظلم.
{التي تطلع على الأفئدة} :
الأفئدة جمع فؤاد وهو القلب.
والمعنى: أنها تصل إلى القلوب ـ والعياذ بالله ـ من شدة حرارتها،
مع أن القلوب مكنونة في الصدور وبينها وبين الجلد الظاهر ما بينها من الطبقات
لكن مع ذلك تصل هذه النار إلى الأفئدة
{ إنها عليهم مؤصدة } :
أي إن النار على أولئك الهمازين اللمازين مطبقة مغلقة الأبواب لا يُرجى لهم فرج ـ والعياذ بالله ـ
{كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها}
يعني: يرفعون إلى أبوابها حتى يطمعوا في الخروج ثم بعد ذلك يركسون فيها ويعادون فيها،
كل هذا لشدة التعذيب؛
لأن الإنسان إذا طمع في الفرج وأنه سوف ينجو ويخلص يفرح،
فإذا أعيد صارت انتكاسة جديدة
فهكذا يعذبون بضمائرهم وأبدانهم
وعذاب أهل النار مذكور مفصل في القرآن الكريم والسنة النبوية.
تأمل الان لو أن إنسانًا كان في حجرة أو في سيارة اتقدت النيران فيها وليس له مهرب،
الأبواب مغلقة ماذا يكون؟
في حسرة عظيمة لا يمكن أن يماثلها حسرة.
فهم ـ والعياذ بالله ـ هكذا في النار، النار عليهم مؤصدة
{في عمد ممددة} :
أن هذه النار مؤصدة، وعليها أعمدة ممدة أي ممدودة على جميع النواحي والزوايا حتى لا يتمكن أحد من فتحها أو الخروج منها.
حكى الله سبحانه وتعالى ذلك علينا وبينه لنا في هذه السورة لا لمجرد أن نتلوه بألسنتنا،
أو نعرف معناه بأفهامنا،
لكن المراد أن نحذر من هذه الأوصاف الذميمة:
عيب الناس بالقول،
وعيب الناس بالفعل،
والحرص على المال حتى كأن الإنسان إنما خلق للمال ليخلد له،
أو يخلد المال له،
ونعلم أن من كانت هذه حاله فإن جزاءه هذه النار التي هي كما وصفها الله،
الحطمة، تطلع على الأفئدة، مؤصدة، في عمد ممدة.
نسأل الله تعالى أن يجيرنا منها، وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل والاستقامة على دينه.
آنتهى تفسير سورة الهمزة
والله أعلم .
روابط انصح احبتي فيها :
أجمل نظرة في حياتك - الحلقة 16 - الغيبة والنميمة
كفارة الغيبة
هل من الغيبة أن يذكر قصة وقعت وإن لم يذكر أسماء أصحابها؟
هل يجب التحلل ممن اغتابه الإنسان ؟
امرأة شديدة الخجل وتجلس في مكان فيه غيبة فهل عليها إثم
سورة الفيل
﴿ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾
﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ * أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِى تَضْلِيلٍ * وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ * تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِن سِجِّيلٍ * فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولِ﴾.
{ الم تر كيف فعل ربك باصحاب الفيل } :
أي ألم ينته إلى علمك فعل ربك بأصحاب الفيل.
قصة اصحاب الفيل على وجه الايجاز والتقريب :
أصحاب الفيل هم أهل اليمن الذين جاؤوا لهدم الكعبة بفيل عظيم أرسله إليهم ملك الحبشة،
وسبب ذلك أن ملك اليمن أراد أن يصد الناس عن الحج إلى الكعبة، بيت الله عز وجل فبنى بيتاً يشبه الكعبة،
ودعى الناس إلى حجه ليصدهم عن حج بيت الله فغضب لذلك العرب،
وذهب رجل منهم إلى هذا البيت الذي جعله ملك اليمن بدلاً عن الكعبة وتغوَّط فيه، ولطخ جدرانه بالقذر،
فغضب ملك اليمن غضباً شديداً،
وأخبر ملك الحبشة بذلك فأرسل إليه هذا الفيل العظيم
قيل: وكان معه ستة فيلة لتساعده فجاء ملك اليمن بجنوده ليهدم الكعبة على زعمه،
ولكن الله سبحانه حافظ بيته، فلما وصلوا إلى مكان يسمى المغمَّس وقف الفيل وحرن، وأبى أن يتجه إلى الكعبة
فزجره سايسه ولكنه أبى، فإذا وجهوه إلى اليمن انطلق يهرول،
وإن وجهوه إلى مكة وقف
وهذه آية من آيات الله عز وجل، ثم بقوا حتى أرسل الله عليهم طيراً أبابيل
ترميهم بحجارة من سجيل
{ ألم يجعل كيدهم } :
أي في هدم الكعبة.
{ في تضليل } :
أي في خسار وهلاك.
{ وأرسل عليهم طيراً أبابيل } :
جماعات متفرقة، كل طير في منقاره حجر صلب
{ ترميهم بحجارة من سجيل } :
الطين المشوي؛ لأنه يكون أصلب، وهذا الحجر ليس كبيراً،
بل هو صغير يضرب الواحد من هؤلاء مع رأسه ويخرج من دبره ـ والعياذ بالله -
{فجعلهم كعصف مأكول} :
كزرع أكلته الدواب ووطئته بأقدامها حتى تفتت.
هذا مجمل هذه السورة العظيمة التي بين الله سبحانه وتعالى فيها ما فعل بأصحاب الفيل وأن كيدهم صار في نحورهم،
وهكذا كل من أراد الحق بسوء فإن الله تعالى يجعل كيده في نحره،
وإنما حمى الله عز وجل الكعبة عن هذا الفيل
مع أنه في آخر الزمان سوف يُسلط عليها رجل من الحبشة يهدمها حجراً حجراً حتى تتساوى بالأرض(1)
لأن قصة أصحاب الفيل مقدمة لبعثة الرسول محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم التي يكون فيها تعظيم البيت.
أما في آخر الزمان فإن أهل البيت إذا أهانوه وأرادوا فيه بإلحاد بظلم، ولم يعرفوا قدره حينئذٍ يسلط الله عليهم من
يهدمه حتى لا يبقى على وجه الأرض،
ولهذا يجب على أهل مكة خاصة أن يحترزوا من المعاصي والذنوب والكبائر،
لئلا يُهينوا الكعبة فيذلهم الله عز وجل.
نسأل الله تعالى أن يحمي ديننا وبيته الحرام من كيد كل كائد، إنه على كل شيء قدير.
(1) :أخرجه البخاري كتاب الحج ، باب هدم الكعبة
آنتهى تفسير سورة الفيل .
والله اعلم
بسم الله الرحمن الرحيم
أبدأ بسم الله مستعينه راضيه به مدبرا معينا
والحمدلله الذي هدانا إلى طريق الحق واجتبانا أحمده
سبحانه وأشكره ومن مساوء عملي استغفره وأستعينه على نيل الرضا
وأستمد لطفه فيما قضى
وبعد إني باليقين أشهد شهادة الإخلاص
أن لايعبد في الكون معبود سوى الرحمن من جل عن عيبا وعن نقصان
وأن خير خلقه محمدا من جائنا بالبينات والهدى روحي ونفسي وماأملك له الفداء
عليه الصلاة والسلام
أما بعـــد
فأسأل الله جل في علاه أن يبلغ كل منكم أعظم من مناه
إن ذلك على الله يسير وأن ربي بلإجابة جدير وأنه على هذا كله لقدير
سورة العصر
قال الشافعي رحمه الله : لو تدبر الناس هذه السورة ، لوسعتهم .
{ وَٱلْعَصْرِ * إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَفِى خُسْرٍ *إِلاَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْاْ بِٱلْحَقِّ وَتَوَاصَوْاْ بِٱلصَّبْرِ }
تفسيرها :
{ والعصر } :
هو الزمان الذي يقع فيه حركات بني آدم ، من خير وشر
أقسم الله به لما يقع فيه من اختلاف الأحوال، وتقلبات الأمور،
ومداولة الأيام بين الناس وغير ذلك مما هو مشاهد في الحاضر،
ومتحدث عنه في الغائب. فالعصر هو الزمان الذي يعيشه الخلق،
وتختلف أوقاته شدة ورخاء، وحرباً وسلماً، وصحة ومرضاً، وعملاً صالحاً
وعملاً سيئاً إلى غير ذلك مما هو معلوم للجميع.
{ إن الإِنسان لفي خسر } :
أن الله أقسم قسماً على حال الإنسان أنه في خسر
أي: في خسران ونقصان في كل أحواله، في الدنيا وفي الآخرة
إلا من استثنى الله عز وجل.
{ إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر } :
استثنى الله سبحانه وتعالى هؤلاء المتصفين بهذه الصفات الأربع:
الصفة الأولى: ( إلا الذين آمنوا )
الإيمان الذي لا يخالجه شك ولا تردد بما بينه الرسول صلى الله عليه وسلّم
حين سأله جبريل عن الإيمان قال:«أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله،
واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره»
فالذين آمنوا بهذه الأصول الستة هم المؤمنون،
ولكن يجب أن يكون إيماناً لا شك معه ولا تردد.
بمعنى: أنك تؤمن بهذه الأشياء وكأنك تراها رأي العين.
الصفة الثانية : (وعملوا الصالحات )
فمعناه: أنهم قاموا بالأعمال الصالحة
من صلاة، وزكاة، وصيام، وحج، وبر للوالدين، وصلة الأرحام وغير ذلك
فلم يقتصروا على مجرد ما في القلب بل عملوا وأنتجوا
والعمل الصالح ما جمع وصفين:
الأول: الإخلاص لله عز وجل.
والثاني: المتابعة للرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم
الصفة الثالثة : (وتواصوا بالحق )
صار بعضهم يوصي بعضاً بالحق
والحق: هو الشرع.
يعني كل واحد منهم يوصي الآخر إذا رآه مفرطاً في واجب.
أوصاه وقال: يا أخي قم بالواجب، إذا رآه فاعلاً لمحرم أوصاه قال: يا أخي اجتنب الحرام،
فهم لم يقتصروا على نفع أنفسهم بل نفعوا أنفسهم وغيرهم،
الصفة الرابعة : ( وتواصوا بالصبر )
يوصي بعضهم بعضاً بالصبر،
والصبر حبس النفس عما لا ينبغي فعله
وقسمه أهل العلم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: صبر على طاعة الله :
كثير من الناس يكون فيه كسل عن الصلاة مع الجماعة
مثلاً: لا يذهب إلى المسجد يقول أصلي في البيت وأديت الواجب فيكسل
فقال له: يا أخي أصبر نفسك، احبسها كلفها على أن تصلي مع الجماعة
القسم الثاني: صبر عن محارم الله.
مثلاً :بعض الناس مثلاً تجره نفسه إلى أكساب محرمة إما بالربا، وإما بالغش، وإما بالتدليس
أو بغير ذلك من أنواع الحرام فيقال له: اصبر يا أخي أصبر نفسك لا تتعامل على وجه محرم .
القسم الثالث: صبر على أقدار الله.
مثلاً :يصاب الإنسان بمرض في بدنه،
يصاب الإنسان بفقد أحبته فيجزع ويتسخط ويتألم فيتواصون فيما بينهم،
اصبر يا أخي هذا أمر مقدر والجزع لا يفيد شيئاً، واستمرار الحزن لا يرفع الحزن،
إنسان امتحن بموت ابنه نقول: يا أخي اصبر، قدر أن هذا الابن لم يُخلق،
ثم كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام لإحدى بناته: «إن لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى، فمرها فلتصبر ولتحتسب».
الأمر كله لله،
فإذا أخذ الله تعالى ملكه كيف تعتب على ربك؟
كيف تتسخط !
آنتهى تفسير سورة العصر ..
والله أعلم .
روابط انصح احبتي بها :
الصبر على البلاء
المرأة التي استحى الله عز وجل منها !
سورة الهمزة
1- عن ابي هريرة رضي الله عنه قال الرسول صلى الله عليه وسلم
( أتدرون ما الغيبةُ ؟ قالوا : اللهُ ورسولُه أعلمُ .
قال : ذكرُكَ أخاكَ بما يكرهُ ، قيل : أفرأيتَ إن كان في أخي ما أقولُ ؟
قال : إن كان فيه ما تقولُ ، فقد اغتبتَه . وإن لم يكنْ فيه ، فقد بهتَّه )
2- خرج النبي صلى الله عليه وسلم من بعض حيطان المدينة ، فسمع صوت إنسانين يعذبان في قبورهما ،
فقال : ( يعذبان ، وما يعذبان في كبير ، وإنه لكبير ، كان أحدهما لا يستتر من البول ،
وكان الآخر يمشي بالنميمة )
ثم دعا بجريدة فكسرها بكسرتين أو ثنتين ، فجعل كسرة في قبر هذا ، وكسرة في قبر هذا ،
فقال : ( لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا ) .
3- قال تعالى: { ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه
واتقوا الله إن الله تواب رحيم}
4- وعن عائشة رضي الله عنها قالت:
قلت للنبي صلى الله عليه وسلم : حسبك من صفية أنها قصيرة ،
فقال : ((لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته)) .
5- عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم
فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟
قال : هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم)) .
{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ }
{وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ * الَّذِى جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ * يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ *
كَلاَّ لَيُنبَذَنَّ فِى الْحُطَمَةِ * وَمَآ أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ * نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ *
الَّتِى تَطَّلِعُ عَلَى الاَْفْئِدَةِ * إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ * فِى عَمَدٍ مُّمَدَّدَةِ}.
تفسيرها :
{ويل}:
وهي كلمة وعيد، أي أنها تدل على ثبوت وعيد لمن اتصف بهذه الصفات
عنِ ابنِ عباسٍ أنه سُئل عن قولِه { وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ } قال هو المشَّاءُ بالنميمةِ المُفرِّق بين الجَمعِ المُغري بينَ الإخوانِ
{لكل همزة لمزة} :
فالهمز: بالفعل , يعني أنه يسخر من الناس بفعله إما أن يلوي وجهه، أو يعبس بوجهه.
أو بالإشارة يشير إلى شخص، انظروا إليه ليعيبه أو ما أشبه ذلك .
اللمز :باللسان ,وبعض الناس ـ والعياذ بالله ـ مشغوف بعيب البشر إما بفعله وهو الهمَّاز، وإما بقوله وهو اللمَّاز .
{الذي جمع مالاً وعدده} :
هذه أيضاً من أوصافه القبيحة جماع مناع
يجمع المال، ويمنع العطاء، فهو بخيل لا يعطي يجمع المال ويعدده
وقيل: معنى التعديد يعني الإحصاء يعني لشغفه بالمال كل مرة يذهب إلى الصندوق ويعد،
يعد الدراهم في الصندوق في الصباح، وفي آخر النهار يعدها، وهو يعرف أنه لم يأخذ منه شيئاً ولم يضف إليه شيئاً
لكن لشدة شغفه بالمال يتردد عليه ويعدده، ولهذا جاءت بصيغة المبالغة {عدده}
{يحسب أن ماله أخلده} :
يظن أن جمعه المال يخلده في هذه الدار ؟
{كلا لينبذن في الحطمة}:
كلا : أي ليس الأمر كما يزعم ويظن ,
لينبذن : أي ليطرحن في الحطمة.أي النار التي تحطم كل ما يلقى فيها.
{وما أدراك ما الحطمة}:
هذه الصيغة للتعظيم والتفخيم .
{نار الله الموقدة} :
أي المسجّرة المسعرة
وأضافها الله سبحانه وتعالى إلى نفسه؛
لأنه يعذب بها من يستحق العذاب فهي عقوبة عدل وليست عقوبة ظلم.
{التي تطلع على الأفئدة} :
الأفئدة جمع فؤاد وهو القلب.
والمعنى: أنها تصل إلى القلوب ـ والعياذ بالله ـ من شدة حرارتها،
مع أن القلوب مكنونة في الصدور وبينها وبين الجلد الظاهر ما بينها من الطبقات
لكن مع ذلك تصل هذه النار إلى الأفئدة
{ إنها عليهم مؤصدة } :
أي إن النار على أولئك الهمازين اللمازين مطبقة مغلقة الأبواب لا يُرجى لهم فرج ـ والعياذ بالله ـ
{كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها}
يعني: يرفعون إلى أبوابها حتى يطمعوا في الخروج ثم بعد ذلك يركسون فيها ويعادون فيها،
كل هذا لشدة التعذيب؛
لأن الإنسان إذا طمع في الفرج وأنه سوف ينجو ويخلص يفرح،
فإذا أعيد صارت انتكاسة جديدة
فهكذا يعذبون بضمائرهم وأبدانهم
وعذاب أهل النار مذكور مفصل في القرآن الكريم والسنة النبوية.
تأمل الان لو أن إنسانًا كان في حجرة أو في سيارة اتقدت النيران فيها وليس له مهرب،
الأبواب مغلقة ماذا يكون؟
في حسرة عظيمة لا يمكن أن يماثلها حسرة.
فهم ـ والعياذ بالله ـ هكذا في النار، النار عليهم مؤصدة
{في عمد ممددة} :
أن هذه النار مؤصدة، وعليها أعمدة ممدة أي ممدودة على جميع النواحي والزوايا حتى لا يتمكن أحد من فتحها أو الخروج منها.
حكى الله سبحانه وتعالى ذلك علينا وبينه لنا في هذه السورة لا لمجرد أن نتلوه بألسنتنا،
أو نعرف معناه بأفهامنا،
لكن المراد أن نحذر من هذه الأوصاف الذميمة:
عيب الناس بالقول،
وعيب الناس بالفعل،
والحرص على المال حتى كأن الإنسان إنما خلق للمال ليخلد له،
أو يخلد المال له،
ونعلم أن من كانت هذه حاله فإن جزاءه هذه النار التي هي كما وصفها الله،
الحطمة، تطلع على الأفئدة، مؤصدة، في عمد ممدة.
نسأل الله تعالى أن يجيرنا منها، وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل والاستقامة على دينه.
آنتهى تفسير سورة الهمزة
والله أعلم .
روابط انصح احبتي فيها :
أجمل نظرة في حياتك - الحلقة 16 - الغيبة والنميمة
كفارة الغيبة
هل من الغيبة أن يذكر قصة وقعت وإن لم يذكر أسماء أصحابها؟
هل يجب التحلل ممن اغتابه الإنسان ؟
امرأة شديدة الخجل وتجلس في مكان فيه غيبة فهل عليها إثم
سورة الفيل
﴿ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾
﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ * أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِى تَضْلِيلٍ * وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ * تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِن سِجِّيلٍ * فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولِ﴾.
{ الم تر كيف فعل ربك باصحاب الفيل } :
أي ألم ينته إلى علمك فعل ربك بأصحاب الفيل.
قصة اصحاب الفيل على وجه الايجاز والتقريب :
أصحاب الفيل هم أهل اليمن الذين جاؤوا لهدم الكعبة بفيل عظيم أرسله إليهم ملك الحبشة،
وسبب ذلك أن ملك اليمن أراد أن يصد الناس عن الحج إلى الكعبة، بيت الله عز وجل فبنى بيتاً يشبه الكعبة،
ودعى الناس إلى حجه ليصدهم عن حج بيت الله فغضب لذلك العرب،
وذهب رجل منهم إلى هذا البيت الذي جعله ملك اليمن بدلاً عن الكعبة وتغوَّط فيه، ولطخ جدرانه بالقذر،
فغضب ملك اليمن غضباً شديداً،
وأخبر ملك الحبشة بذلك فأرسل إليه هذا الفيل العظيم
قيل: وكان معه ستة فيلة لتساعده فجاء ملك اليمن بجنوده ليهدم الكعبة على زعمه،
ولكن الله سبحانه حافظ بيته، فلما وصلوا إلى مكان يسمى المغمَّس وقف الفيل وحرن، وأبى أن يتجه إلى الكعبة
فزجره سايسه ولكنه أبى، فإذا وجهوه إلى اليمن انطلق يهرول،
وإن وجهوه إلى مكة وقف
وهذه آية من آيات الله عز وجل، ثم بقوا حتى أرسل الله عليهم طيراً أبابيل
ترميهم بحجارة من سجيل
{ ألم يجعل كيدهم } :
أي في هدم الكعبة.
{ في تضليل } :
أي في خسار وهلاك.
{ وأرسل عليهم طيراً أبابيل } :
جماعات متفرقة، كل طير في منقاره حجر صلب
{ ترميهم بحجارة من سجيل } :
الطين المشوي؛ لأنه يكون أصلب، وهذا الحجر ليس كبيراً،
بل هو صغير يضرب الواحد من هؤلاء مع رأسه ويخرج من دبره ـ والعياذ بالله -
{فجعلهم كعصف مأكول} :
كزرع أكلته الدواب ووطئته بأقدامها حتى تفتت.
هذا مجمل هذه السورة العظيمة التي بين الله سبحانه وتعالى فيها ما فعل بأصحاب الفيل وأن كيدهم صار في نحورهم،
وهكذا كل من أراد الحق بسوء فإن الله تعالى يجعل كيده في نحره،
وإنما حمى الله عز وجل الكعبة عن هذا الفيل
مع أنه في آخر الزمان سوف يُسلط عليها رجل من الحبشة يهدمها حجراً حجراً حتى تتساوى بالأرض(1)
لأن قصة أصحاب الفيل مقدمة لبعثة الرسول محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم التي يكون فيها تعظيم البيت.
أما في آخر الزمان فإن أهل البيت إذا أهانوه وأرادوا فيه بإلحاد بظلم، ولم يعرفوا قدره حينئذٍ يسلط الله عليهم من
يهدمه حتى لا يبقى على وجه الأرض،
ولهذا يجب على أهل مكة خاصة أن يحترزوا من المعاصي والذنوب والكبائر،
لئلا يُهينوا الكعبة فيذلهم الله عز وجل.
نسأل الله تعالى أن يحمي ديننا وبيته الحرام من كيد كل كائد، إنه على كل شيء قدير.
(1) :أخرجه البخاري كتاب الحج ، باب هدم الكعبة
آنتهى تفسير سورة الفيل .
والله اعلم

الصفحة الأخيرة